أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
64419 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-04-2017, 11:21 PM
ابو همام محمد السلفي ابو همام محمد السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2013
المشاركات: 193
افتراضي نشر العشر من طلائع البِشر من وفاة شيخا أبي أنس محمد بن نصر

نشر العشر من طلائع البِشر

من وفاة شيخا أبي أنس محمد بن نصر

قدس الله روحه ونور ضريحه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حق حمده، والصلاة والسلام على عبده وصحبه، ومن استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد:
فقد فجع العالم الإسلامي بنبأ وفاة شيخنا الوالد أبي أنس محمد بن موسى نصر -رحمه الله رحمةً واسعة- ، وكان له أثراً مؤلماً في النفوس, لاسيما؛ نفوس أهله وصحبه في مشارق الأرض ومغاربها، وليس يسع أحداً من ذاك إلا الصبر والدعاء له بالمغفرة والرحمة والترجيع, فإن لله وإنا إليه راجعون، وله ما أخذ وما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى, إن العين لتدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا, وإنا بفراقك يا شيخنا لمحزونون، ونسأل الله أن يعظم لنا أجرنا ويحسن فيك عزاءنا.
وشيء من الوفاء؛ فقد ألفينا شيخنا -رحمه الله- أباً رحيماً, ووالداً رفيقاً، وعالماً جليلاً, نحسبه كذلك والله حسيبه, ولا نزكي على الله أحداً.
فلقد أوتي حظه من الرفق والحلم والرحمة والأناة، كما كان في الوقت نفسه صادعاً بالحق يغضب عند انتهاك حرمات الله؛ فينصح وينكر, ويأمر وينهى، لا يخشى في الله لومة لائم.
وقد كان ثابت الجأش حاضر الذهن قوي البنية قريباً من الناس، فقد ألقى الله محبته بينهم, سهلاً غير متكلف عزيز النفس طيب القلب, ذا تواضع مع دعابة، وتعلوه مهابة مع طلاقة وجه, وسمت ووقار وسكون.
وكان منفقاً غير قابض ليده، كريماً غير بخيل, لاسيما؛ في رمضان، فكان كالريح المرسلة، ويذكر ذلك عن النبيصلى الله عليه وسلم.
وغير ذلك من أخلاقه وسجاياه, وأما صبره وعفوه وامتحانه, وابتلاؤه؛ فقد أصاب حظه منه؛ كغيره من أهل الإيمان والعلم.
وكان للشيخ مواقف وأحداث ووقائع ونوادر، تارة مع أهل الأهواء والبدع، وتارة مع غيرهم؛ حتى مع الجن والشياطين حال الرقية, وكان ممتلأً بها صدره، يقص منها ما شاء في المناسبات والدروس وغيرها.
وأحسب أنه كان مستجاب الدعوة؛ فقد دعا على بعض أهل الباطل أمامنا، فما هي إلا أشهر معدودة وقد افتضح، ومن ساحة الدعوة طرح!
وقد كان بالجملة-كما هو معلوم-؛ مترسماً لمنهج السلف، سالكا سبيلهم تعلما وتعليما وعملا وسلوكا وأخلاقا وهديا، وكان في التعليم مهتما بشأن التوحيد والاعتقاد بادئا به غير غافل عنه، محذرا من البدع صغيرها وكبيرها، ناهيا عن جميعها، زاجرا عن الجلوس إلى أصحابها، كل ذلك برفق ورحمة، وعلم وحكمة.
ثم إني لست في هذا المقام منتصبا لسرد مناقبه وخصاله, وما ينبغي له, ولا العبد الضعيف أولى بتعداد ذلك وهناك من هم أقرب وأحب وأعلم به مني-فما ينبغي له-! إذ ليس من عاش معه برهة من العمر عدداً ، كما عايشه دهراً طويلا أمداً!
ولكن؛ قد منَّ الله تعالى على العبد الضعيف باتصال به قبل وفاته بأسبوع أو زيادة يوم أو يومين, معزياً له وفاة فضيلة الشيخ أبي إسلام رحمه الله، وكانت متأخرة عن موعدها -قليلاً !-؛ لظروف مرت بي، فحادثته مليا، سأل فيها عن أحوالي وإخواني كعادته, وتكلمت معه بأريحية لم أعهدها من نفسي؛ إذ كان يغلبني عادة جانب المهابة، وكان مما أخبرني أنه زوَّج ابنَه أخانا (صلاحاً) قبل أسبوع, وأنه بعد أسبوع سيخرج كتابه في مصحف القراءات العشر, وأوصاني كعادته في نفسي وفي أهلي أباً نصوحاً ووالداً صدوقاً شفوقاً.
ولم يكن يعلم ولا أعلم أنه بعد الأسبوع سيكون قضاؤه ولقاؤه, كما لم يكن يعلم بعد رثائه فضيلة الشيخ أبي إسلام أن يكون بعد شهرٍ رحيله وإفضاؤه, حكمة من ربك ذلك تقدير العزيز العليم.
إني معزيكَ لا أنيِّ على ثقةٍ ** مِنَ الخُلودِ ، وَلكنْ سُنَّةُ الدِّينِ

فما المُعَزِّي بباقٍ بعدَ صاحِبِهِ ** ولا المُعَزَّى وإنْ عاشَا إلى حَينِ
أما كتابه الذي خبرني به غير مرة فقد أسماه "طلائع البشر في القراءات العشر"، وأنه سيصدر عن الأوقاف الأردنية, ولعله صدر وكحل ناظريه به, وإلا فالتكحيل الحق يوم لقاء الحق جل وعلا, ويوم يسرُّ المرء بعمله وما قدمت يداه.
نعم؛ قد خبرني الشيخ رحمه الله عن خروج هذا الكتاب بعد أسبوع, ولكن أبى الله تعالى غير ذلك! بأن أظهر الله جل وعلا حسن طلائع أخرى عند ختامه له عمله، هي بشائر له مما سيجده إن شاء الله تعالى عند لقائه من السعد والأنس, والنضر والبشر.
ثم إني تأملتها فوجدتها طلائع بشر عشرة كنحو عدة "القراءات العشر" وأنها من موافقات اسم كتابه لختامه، وهي إن شاء الله تعالى بشرٌ له على بشر في آخرته, آمين.
ولذلك كان عنوان مقالي ( نشر العشر من طلائع البشر من وفاة شيخنا أبي أنس محمد بن موسى آل نصر).
وها هي ذا؛ مع شيء من البيان، والله الموفق والهادي إلى سبل السلام.
فأول طليعة أو علامة هي: كتابه "طلائع البشر" فقد كان الشيخ رحمه الله مقرئاً للقرآن متخلقاً بأخلاق أهله،خادماً له -تعليماً وتصنيفاً-، عاملاً بحروفه ومعانيه.
فكان لقضائه أكثر عمره كذلك أن وفق لختم عمله بمصحف محشى بالقراءات العشر التي أنزل بها القرآن؛ مما يدل على خيريته وأنه من أهل القرآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" رواه البخاري، وكان أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله الراوي عن عثمان رضي الله عنه يقول: "ذاك الذي أقعدني مقعدي هذا"، وعلم القرآن من زمن عثمان رضي الله عنه حتى بلغ زمن الحجاج بن يوسف, يعني أكثر من أربعين سنة، وقد كان الشيخ يحدث بهذا ومترسماً له, حتى ختم له به، فأي حسن أعظم من هذا أو منقبة أجل منها, وهل في ذلك من شك؟
وإذا كان العلم النافع أفضل أعمال العبد, فكيف إذا كان هذا العلم كلام الله تبارك وتعالى-حروفه ومعانيه-.
أما طليعة البشر الثانية؛ فهي: خروجه إلى العمرة مقبلاً على ربه وإلى بيت حبه جلا وعلا؛ وهذا كان دأبه في حياته محبا لبيت الله تعالى, مكثراً من الاعتمار والحج, ولو قلت بأنه قد اعتمر أكثر من خمسين مرة؛ فلقد قصرت! ولو قلت بأنه حج نحواً من عشرين حجة فما بالغت! والمرء يختم له بما كان يعمل, "فإنما الأعمال بالخواتيم" وهو وإن كان حبسه حابس الموت عنها, ولكن: "إنما الأعمال بالنيات"، وقال صلى الله عليه وسلم: "من قال :لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ،ومن صام يوما ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة ،ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنة" أخرجه أحمد.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا أراد الله بعبد خيرا عَسَلَهُ ، قِيلَ: وَمَا عَسَلُهُ ؟ قال : يفتح له عملا صالحابين يدي موته حتى يرضى عنه من حوله " وهو مخرج في "الصحيحة"( 1114).
وهذا يدخل فيه الختم بالاعتمار والختم بخدمة القرآن، وبتعليم العلم والدعوة، والصلاة، ونصرة السنة، وغير ذلك من الأعمال الصالحة التي توفي عليها شيخنا رحمه الله.
ومن ذلك الجهاد بالقرآن، وتحديث النفس بجهاد السيف والسنان، ولذلك كانت:
طليعة البشر الثالثة: الشهادة؛ فقد توفي رحمه الله على إثر حادث مؤلم, وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عد صاحب الهدم شهيداً؛ فمن باب أولى أن يكون صاحب الحادث شهيداً, ومن يشك؟
والشيخ رحمه الله كان يتألم بألآم الأمة، مجروحاً بجراحها, وكثيراً ما ينطرح فراشاً لأجل ذلك, وليس من حادث يمر على الأمة إلا وله فيه كلمة أو خطبة أو مقالة أو موقف ويعلم ذلك كل من كان قريباً منه ومتابعاً له.
والشيخ كان قلبه معلقاً بالجهاد ويؤسفه جداً عدم انفتاحه الشرعي المنضبط.
ولم يكن ذلك منه حماسة خطيب أو عاطفة حزبي جبان؛ بل إنه لما كان باب الجهاد مفتوحاً في بلاد الأفغان حاول المشاركة فيه والوصول له/ ولكن أصيب في الطريق إليه وحيل بينه لأجل ذلك.
ولم يكن الشيخ يحب ذكر ذلك, وكان يميل إلى الخمول ويدفع عن نفسه العجب والرياء والمباهاة والتسميع.
فمن أجل هذا؛ تداركه توفيق الله تعالى؛ بأن ألحقه بالشهداء، فنسأل الله تعالى أن يتم عليه تمام نعمتهم وكمال حياتهم, آمين.
طليعة البشر الرابعة: وهي الصلاة: و"الصلاة خير موضوع" كما قال الني صلى الله عليه وسلم.
وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين, ومن خير ما يختم للعبد به, ونحسبه أنه قد صلى صلاته قصراً بل جمعاً كما هي السنة؛ إذ كانت وفاته قريباً من العصر.
وهذا ظننا بربنا له, ولعه في الأخبار القادمة عنه ما فيه يقين ذلك, وإنا لمنتظرون.
طليعة البشر الخامسة: الصلاة عليه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم قريباً منه, ومن كان ينتظر؛ وهو الغريب عن البلاد، وهذا لا شك في فضله وكرامته على ربه جلا وعلا, وقد صلي عليه بعد فجر يوم الثلاثاء بعد أن صلى الناس صلاة الصبح, وصلى عليه كوكبة من العلماء وطلاب العلم وغيرهم من عامة المسلمين.
وإذا كانت صلاة الرجل في المسجد النبوي بألف صلاة مما سواه، فلا أدري إن كان يتعدى ذلك إلى المصلى عليه جنازة أم لا؟!
ولما كان شيخنا طالبا للخمول وطيِّ الذكر؛ فإنه أسدل عليه ذلك حتى في جنازته؛ فكانت عند هدأة الرجل، وكانت في هدوء وسكون، وهذا هو حال السحر أو الفجر، ومن صلى عليه الفجر كان في ذمة الله، فقد صلى عليه من كان في ذمة الله تعالى، وكذلك؛ فصلاة الفجر لا يحافظ عليها إلا مؤمن بريء من النفاق، فهذا دليل صلاة أهل الصلاح عليه .
طليعة البشر السادسة: الدفن بالبقيع: بجوار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وذريته, وقد قيل بأنه قد دفن بها عشرة آلاف صحابي، وهذا الجوار لا يتأتى لأي أحد.
وهو إن دل على شيء؛ فإنما يدل على مدى حب شيخنا للصحابة رضي الله عنهم وتعظيمه لهم،وقد جاء في الحديث: "أن المرء يدفن في الطينة التي خلق منها" كما هو في "السلسة الصحيحة" (1858) بإسناد حسن لغيره. ويدخل في هذا المعنى الحديث الآخر " الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ" وقد بوب عليه المنذري بقوله:( الترغيب في الحب في الله تعالى والترهيب من حب الأشرار وأهل البدع لأن المرء مع من أحب ).
وقد كان السلف يستدلون بحديث (الطينة) على فضيلة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، و ردا على الروافض؛ لأنهما والنبي صلى الله عليه وسلم من تربة واحدة، وكان حماد بن أسامة أبو أسامة يقول: تدرون يا أهل الكوفة لم حدثتكم بهذا الحديث؟ لأن أبا بكر وعمر خلقا من تربة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولذلك دفنا معه، وأي منقبة أعظم من هذه ؟!
وهذا يدل على أن شيخنا رحمه الله قد خلق من تربة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وتربتهم رضي الله عنهم من تربته صلى الله عليه وسلم، وهذا مما يشهد لصدق وصحة نسب شيخنا رحمه الله، فهو ينتهي إلى الصحابي الجليل مالك بن عوف النصري رضي الله عنه، وهذه منقبة عظيمة، فقد كان خير خلف لخير سلف.
فكأنه بهذا الاعتبار: صحابي-تأخر به الزمان- هاجر إلى الأرض المباركة ( الشام) فكان فيها جهاده ودعوته وإصلاحه ثم عادت عظامه إلى مأرزها وعنصرها، فرحمه الله رحمة واسعة.
وهذه الطليعة والتي قبلها داخلتان في عموم قوله صلى الله عليه وسلم :" من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليمت، فإنه من مات بها كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة" وهو صحيح مشهور أخرجه الطبراني وغيره.
وفي رواية عنده في "الكبير"( 824 ) بمثل السابق إلا أنه قال:" فإنه يمت شهيدا ويشفع له" وإسنادها صحيح.
وإذا كان هذا حال من يمت في المدينة عموما؛ فكيف بمن يصلى عليه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص، بل وكيف بمن يدفن في مقبرة الأصحاب رضي الله عنهم على وجه أخص، فهنيئاً لشيخنا هذه البشارات المتواليات.
ثم كأني به؛ أنه كان يدعو بدعاء الفاروق عمر رضي الله عنه؛ اللهم شهادة في سبيلك، وميتة في مدينة نبيك، وكان له رضي الله عنه ذلك، وكان لشيخنا كذلك.
طليعة البشر السابعة: الوصاية بالسنة والنهي عن البدع حتى بعد الموت، وقد أوصى رحمه الله بعدم فتح بيت للعزاء عند وفاته؛ وذلك لأنه من النياحة المنهي عنها، كما في خبر جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، وهذا يدل على استقامة على السنة في الحياة، وعمل بها حتى بعد الممات، وابتعاد عن البدع والمحدثات، وتحذيره منها وحطه على أصحابها، وقد كان منه ذلك حتى آخر مجلس له ؛ حذر فيه من الصوفية والشيعة والجهمية والأشاعرة وغيرهم؛ مما قاده ذلك إلى التيقظ لأمر البدعة بعد مماته، فكان حاله كحال شيخه الإمام الألباني رحمه الله توصية بالسنة عند الدفن وتحذيرا من البدعة.
طليعة البشر الثامنة: وهي حضور الجموع الكثيرة جنازته من أهل السنة؛ من أعيان العلماء وطلبة العلم وعوام أهل السنة، فكان الحضور بالآلاف، وقد قال إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بنِ حنبل رحمه الله لأهل البدع: بيننا وبينكم يوم الجنائز، وذلك أن الله جل وعلا يكثر سواد الناس على أهل السنة؛ لصلاحهم واستقامتهم وحسن دعوتهم، ويقلل الناس على جنائز أهل البدع؛ لضلالهم وانحرافهم وسوء طويتهم ودعوتهم-إذلالا و تصغيرا لهم-، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " وجعلت الذلة والصغَار على من خالف أمري".
فلقد عاش شيخنا رحمه الله محبا للسنة معظما لأهلها، عاملا بها منتصرا لها، لم يبدل ولم يغير، وكان له رحمه الله جولات مع أهل الأهواء والبدع ومناظرات ومقامات محمودة في النصح؛ كجماعات التبليغ، والإخوان المسلمين، وحزب التحرير، والشيعة و الصوفية والتكفيريين وغيرهم، حتى إنه كان لا يقرئ من كان يقرأ عند أهل البدع ويشترط ذلك، ويعرف ذلك كله وغيره من كان قريبا منه.
والمقصود؛ أن اجتماع الألوف على جنازته من أهل السنة زيادة على كونه في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفي مقبرة الأصحاب رضي الله عنهم وبما فيه من اعتراف لفضله واقرار بقدره هو في حد ذاته ارغام وإذلال لأهل البدع وتصغير وتحقير لهم، ودفع لشبهاتهم وطعوناتهم في الشيخ خصوصا وفي أهل السنة عموما، وهذا من تمام نصرة الرب لأوليائه في الدنيا.
وهذا وهو في غير بلده! فكيف لو كان في بلده؟ فظننا أن العدد سيكون أكثر! وهو القريب من الناس؛ خطابة وتعليما وإقراءً في مساجد كثيرة، فضلا عن تطبيبه ورقيته لهم في فترة مضت من عمره، فرحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جنته.
طليعة البشر التاسعة : وهي نضرة الوجه بعد الموت، وهي علامة من علامات حسن الخاتمة، وبشارة لصاحبها، كما قال الله جل وعلا :" يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ"[ آل عمران: 106 – 107 ] وهذا أمر متفق عليه.
ثم وقفت على ما نمي من كلام مغسله حفظه الله قوله: في حياتي ما مر علي شخص مثله، سبحان الله! من رأى وجهه يقول : كأنه شهيد" ولا أزيد.!
طليعة البشر العاشرة :وهي صالح رؤيا المؤمن، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم قوله: إنه لم يبق من مبشراتالنبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ... " أخرجه مسلم وغيره.
وهذا ما نحن في انتظاره وأملا من الله جل وعلا وما نرجوه منه.
وبهذه المناسبة؛ كنت قد رأيت لفضيلة الشيخ أبي إسلام رؤيا بعد وفاته بأيام قليلة، فرأيت فيما يرى النائم كأني زرته رحمه الله في مكتبته التي في المسجد، واستقبلني بسرور تام وتعانقنا، وكان في أحسن حال –ضاحكا مستبشرا- كما كنت عهدته وتركته يوم خرجت من الأردن عام (2007 م) وأخبرني أنه لا يذكرني! وذلك لبعد العهد ولعدم الاحتكاك به كثيرا، فلا جرم في نسيانه لي، ولكن هذه علامة صدق هذه الرؤيا.
ثم قدم لي كتابا مصورا عن رسالة ماجستير لأحد طلابه طبعت حديثا هكذا في المنام، لا أذكرها، و وقع في قلبي أن أطلب منه أن يصور لي من مكتبته كتاب شيخنا أبي عبيدة حفظه الله حول منهج الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه؛ لأني في الواقع بحاجة إليه؛ إذ كان لي على الصحيح عمل، ولكن استيقظ بي المنام.
وأظنها أول رؤية لي لفضيلة الشيخ أبي إسلام رحمه الله، فنسأل الله جل وعلا أن يرحم شيخانا، ويغفر لهما، ويتقبلهم في الصالحين، وأن يسكنهم الفردوس الأعلى بجوار رب العالمين، آمين.
ثم بعد كتابة هذا؛ وقفت على بعض الرؤى لشيخنا أبي أنس قبل وفاته وبعدها، تنظر في صفحته الرسمية.
وأعظم من الرؤيا؛ ثناءات أهل الصلاح من أهل العلم وطلبته وغيرهم، وهي متواترة لشيخينا، والحمد لله، وما كثرة الحشود على جنازتها إلا أكبر دليل، وقد قال الشيخ الألباني رحمه الله في "أحكام الجنائز": والثناء بالخير على الميت من جمع من المسلمين الصادقين، أقلهم اثنان، من جيرانه العارفين به من ذوي الصلاح والعلم موجب له الجنة، وفيه أحاديث، منها عن أنس رضي الله عنه قال: " مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة، فأثنى عليها خيرا، (وتتابعت الالسن بالخير)، فقالوا:
كان - ما علمنا - يجب الله ورسوله)، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبتوجبت، ومر بجنازة فأثني عليها شرا، (وتتابعت الالسن لها بالشر)، (فقالوا: بئس المرء كان في دين الله)، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: وجبت وجبتوجبت، فقال عمر: فدى لك أبي وإمي، مر بجنازة فأثني عليها شرا، فقلت: وجبت وجبتوجبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة، ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، (الملائكة شهداء الله في السماء، و) أنتم شهداء الله في الارض، أنتم شهداء الله في الارض، أنتم شهداء الله في الارض، (وفي رواية: والمؤمنون شهداء الله في الارض)، (إن الله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر) ".
فهذا بالجملة؛ ما بدا لي من طوالع البشر التي تنبئ عن حسن خاتمة شيخنا الموافقة لاسم كتابه في القراءات، وكانت عشراً بعشر بحمد الله وحده.
وليست هذه المقالة من الترجمة له! وإلا؛ فترجمته تحتاج إلى سفر بل أسفار.
ثم إنه من تمام الموافقات؛ أن شيخنا رحمه الله توفي في ربيع الأول عن ثلاث وستين سنة كما هي سن النبي صلى الله عليه وسلم وشهر وفاته، والله أعلم.
وكتب: أبو همام محمد ابن شعاعة السلفي
__________________
(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ )
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:45 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.