أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
28207 84309

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-13-2014, 02:11 AM
عبدالملك الحسني عبدالملك الحسني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 395
Post بيان و توضيح هام من الشيخ بن حنفيةحول الاحداث التي تجري في العراق وفي العالم الاسلامي

بيان و توضيح هام من الشيخ حول الاحداث التي تجري في العراق وفي العالم الاسلامي .
السؤال :
ما الموقف السلفي فيما يجري في العراق من فتن و ما يسمى بقيام الدولة الاسلامية و من قتال للرافضة ، بحيث ان بعض العلماء قد قال انهم خوارج و بعضهم لا ؟ و جزاكم الله خيرا .

الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد ، فإن هذا السؤال من الأهمية بموضع، وليس من المناسب الإجابة عنه بكلام مختصر في شكل بيان للحكم الشرعي عما يجري في العراق، أو في بلاد المسلمين العرب عموما، منذ ظهور هذا الذي سماه الجهلة والماكرون الربيع العربي، وما هو إلا وسيلة تدمير لمصالح الأمة المادية وإفقارها وتحويلها إلى سوق تنتفع به الدول الغربية وشركاتها بعد التدمير الذي أصابها في التزام دينها، إذ نجح الكفار في صد الكثير من أفرادها عنه، وأعانهم على مرادهم قوم آخرون جهلة ومنافقون وحزبيون، فرقوا الأمة وجعلوها شيعا، وسار في فلكهم بعض المنسوبين للعلم ممن همهم التمكين لجماعاتهم، ونصرة برامجها وتوجهاتها أكثر مما يهمهم التمكين لدين الله، فزينوا للدهماء ما هم فيه من المظاهرات والاعتصامات، ثم ما أفضى إليه من حمل السلاح والاقتتال، وما ترتب على ذلك من المآسي التي يكابدها الناس، ومما كان سلفنا يحذرون منه فتنة العالم الفاجر والعابد الجاهل فإن فتنتهما فتنة لكل مفتون، وعماد صلاح الأمة حكامها وعلماؤها، بهما تجمع بين المصحف والسيف، أعني بين العدل والقوة، كما قال الله تعالى: "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس" .
لقد نبه إلى هذه المخاطر في بدايتها أهلُُُ العلم الربانيون، وحذروا من عواقبها وهي ما تزال في مهدها، فكيلت لهم الاتهامات، ورموا بالتواطؤ وإقرار الباطل ممن لا يعلمون، وقد توارى اليوم عن الساحة أولئك الذين تزعموا هذا المسار المظلم، بعد أن ظنوا أن وقت الحصاد قد أزف، وتبرؤوا بسكوتهم من كل ما جنته أيديهم، فصدق عليهم المثل العربي "رمتني بدائها وانسلت"، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون .
لهذا فضلت الجواب عن السؤال بأكثر مما طلب صاحبه، فإن الأمر لا يتعلق بالذي يجري في العراق وحده، بل يشارك العراق غيره من البلدان كسوريا ومصر واليمن وليبيا والصومال وتونس وما جرى في غزة لا يشذ عن هذا المسار وإن بدا مختلفا، وقد سلم الله تعالى الجزائر والمغرب وغيرهما، مع التفاوت في الشر الذي لحق الدول التي مسها الضر، ولا ندري البلد الذي سيلتحق بالركب من بعد، فالفتنة عظيمة، والخطر جسيم .
إن الأمة مهددة في أعظم ما يجمعها وهو رابطة الولاء للمسلمين والبراء من المشركين، هذه الرابطة التي ما رأيت التشويش عليها ولبس الحق بالباطل فيها كما رأيته في هذا العصر، وقد قال الله تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض"، وقال تعالى: "والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، وقال تعالى: "لا يتخذ المؤمنون الكفرين أولياء من دون المؤمنين"، وقال رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وترحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، وقال أيضا: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، والوصف الذي نيطت به هذه الفضائل التي يقتضيها الولاء؛ هو وصف الإيمان، فيبقى الولاء ما بقي الإيمان .
وقد تهيأ للكفار أفضل الظروف لإفساد هذه الرابطة الإيمانية في نفوس المسلمين، بعد أن اجتازوا مراحل مهدت لها في مسلسل الهبوط الحضاري الذي تسير الأمة فيه منذ قرون، ومن أبرز محطات هذا الهبوط؛ القضاء على الخلافة، ونشوء الدويلات بحدودها الموروثة عن الاستعمار، أو التي أنشئت بعده، وقد سبق ذلك بوقت طويل استبدال الحكم الوضعي بالحكم بما أنزل الله، ومن العجب أن ذلك ابتدأ يوم فشا في الناس التعصب المذهبي، الذي ظنه بعض الناس خدمة للدين، ثم ما فعله الغزو الثقافي عن طريق وسائل الإعلام، فأورث ذلك زرع الهزيمة النفسية في كثير من أفراد الأمة المفتونين بقيم الغرب وثقافته ولغته، والهزيمة النفسية أعظم من غيرها من أنواع الهزائم، ثم جاء ما يسمى بالعولمة، التي من أبرز لوازمها ردم الهوة بين أهل الإيمان وأهل الكفر على مهل، وبوسائل يصعب التفطن لها، والاقتناع بأنها ترمي إلى ذلك الهدف الخطير، مع أن الداعين إليها ومتقبليها جدوا في نشر ما يناقضها، وهو سعيهم في تحريك النعرات الطائفية، والقومية، والجهوية، وما قد ينجر عنها من استعداء الكفار على المسلمين من المسلمين، فظهر أن هذا الذي يجري في العراق وهو موضع السؤال؛ هو جزء يسير من كل، مما يستوجب التنبيه إلى هذه الأخطار والأضرار البالغة السوء، إنها أخطار لم يعرف لها نظير في تأريخ الأمة فيما أعلم .
فإن رمت ذكر شيء مما نعلمه من أحكام الله في هذا الذي ابتلينا به؛ فلنذكر منه أن الخروج على الحاكم المسلم لا يجوز، من غير فرق بين بر وفاجر، وعدل وجائر، ولا بين شيعي مبتدع، وسني متبع، ما لم تصل البدعة إلى التكفير بإنكار المعلوم من الدين بالضرورة، والمتواتر من الشرع، ولا يعتمد هنا تكفير الطوائف بعضها لبعض، وإلا لكفرت الأمة كلها كما بينه أهل العلم بالحديث في كلامهم على قبول رواية المبتدع وردها، فإذا كان الحاكم كافرا؛ كان الخروج جائزا، فإن علم أنه يؤدي إلى مفسدة أعظم من المفاسد القائمة امتنع، إذ لا تدفع المفسدة بما هو أعظم منها، والذي يقدر المصلحة والمفسدة ليس الدهماء والغوغاء والرويبضات من الناس الذين صاروا هم المقدمين المرموقين بما توفر لهم من وسائل الاتصال وتشجيع المنظمات الدولية لهم بإضفاء أوصاف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين والمدونين وغيرها .
لكن حكم الله هذا لم يراعه الناس اليوم في الذي يجري في بلدان المسلمين، ولا يفوتني أن أسجل لبلدي موقفا رائدا في خصوص هذه المسألة، فإنها ربأت بنفسها أن تقف إلى جانب أي جماعة خرجت على حكامها، ثم تعاملت مع الأنظمة التي قامت في تلك الدول، أو سعت في الإصلاح بين المتخاصمين والمقتتلين، وأنصح حكام بلدي بأن يرجعوا في هذه الأمور وغيرها إلى أهل العلم الشرعي كما يرجعون إلى خبراء السياسة والقانون وغيرهم ليؤجروا على مواقفهم ويزداد استقلالهم حصانة وصيانة .
لقد خالف حكم الله هذا كثير من المنسوبين للعلم فاضطربوا بل تناقضوا، وخالفته معظم الحكومات والأنظمة، فتراهم يجيزون الخروج على هذا الحاكم، بل ويفتيهم المفتون بلزوم الجهاد مع الخارجين عليه، ويجدون سندا في الفتاوى التي تكفره، بعد أن سكت أصحابها عن كفره سنين عددا بل عقودا، حتى إذا خرج الناس عليه زكوا صنعهم بهذه الفتاوى كما حصل مع حاكمي سوريا وليبيا، فصيروا حروب الفتنة جهادا، واعتبروا القتلى شهداء بالجملة، وليس هذا مني قبولا بما ارتكبه الحكام والخارجون عليهم من مظالم ومآثم، فهذا أمر آخر، ومن عجب أنه حين بدا للمجوزين والداعين إلى النفير العام والمعتبرين هذا الجهاد فرض عين كما كانوا يأفكون، حين بدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون من وراء هذه الجماعات التي تقاتل الحكام ومن شايعهم، ثم صارت تتقاتل فيما بينها، وخافوا من انتقال العدوى إلى بلدانهم عن طريق العائدين من الجهاد؛ عادوا فيما كانوا يقولون، واعتبروا كل من يشارك في القتال إرهابيا، وإن استمر دعمهم بالمال والسلاح من وراء وراء، ثم ابتدعوا وصف المعارضة المعتدلة فقالوا بدعمها، وتركوا المعارضة المتطرفة حينا من الزمن، ثم تحالفوا مع الكفار لقتالها، وتغيرت معهم فتوى المفتين أيضا، وهم لا يجدون غضاضة أن يجيزوا الخروج في بلد ويعينون الخارجين، ويمنعونه في بلد آخر أو يسكتون كما حصل في موقف بعضهم مما يجري في العراق في وقت، فلما ظهرت الجماعة المسماة بالدولة الإسلامية في العراق والشام على ساحة القتال؛ تغيرت المواقف، وهذا التغير وإن كان حقا؛ فإنه لا يعتبر طاعة لله، بل هو اتباع للأهواء، ووقوف مع المصالح، ومما قاله علماؤنا في تعريف الحرام أنه ما يعاقب على فعله، ويثاب على تركه امتثالا، وقد بايع الصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه "بايعنا رسول الله صلى الله عيه وآله وسلم على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقول الحق حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم" .
ما كان هذا الاضطراب في المواقف ليحصل إلا لأن بعض الأنظمة ومعها بعض المنسوبين للعلم إنما يحكمون أهواءهم وما يرونه من المصالح المزعومة فيما يقدمون عليه من هذا الموقف أو ذاك، ولأنهم كثيرا ما يراعون فيما يقولونه ويفعلونه في صلاتهم بالدول والجماعات ما تمليه عليهم الدول العظمى الكافرة، فيجارونها فيما توحيه إليهم وما تتخذه من مواقف تحفظ عليها مصالحها، وهي دول لا مبادئ تحكمها، بل المصالح هي التي تقودها، والغاية عندها تبرر الوسيلة إليها، والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين، أما المصالح عند المسلمين فقد ضمنتها نصوص الكتاب والسنة، فإن أوامر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم عناوين على المصالح، ونواهيهما عناوين على المفاسد .
إن الخروج على الحاكم المسلم وإن كان غير مشروع إلا أنه إذا حصل، واستقر الوضع واستتب لحاكم آخر أو نظام آخر بأن أيدته مؤسسات الدولة القائمة، أو قامت إلى جانبه القوة العسكرية، كالجيش أو غيره من الجهات المسلحة، أو كانت لديه الشوكة والقوة الذاتية؛ كان المطلوب شرعا اعتبار الحاكم متغلبا فيطاع في طاعة الله لاجتناب الشر أو اجتناب المزيد منه، فكما أن من مقاصد الشرع درء المفاسد؛ فإن تقليلها من مقاصده أيضا، والمؤمن البصير الواعي هو الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين .
وهذا ما ترى الناس مضطربين فيه اليوم أيضا علماء ودهماء وحكومات، فيرى بعضهم هذا انقلابا في بلد، ويعتبره حكما شرعيا في بلد آخر، بحسب قرب النظام من هذه الدولة أو بعده عنها، أو كونه سنيا أو شيعيا أو من الجماعة الفلانية كما تراه في مواقف بعض الدول في الذي يجرى في سوريا والبحرين ومصر واليمن وغزة، ومن وافق حكم الله لمجرد كونه يرى فيه مصلحته؛ فهو ليس مطيعا لله بل هو متبع لهواه، وقد قيل:
إن الهوى لهو الهوان بعينه 0 فإذا هويت فقد لقيت هوانا
إن الواجب على المسلمين متى ما حصلت فتنة في بلد مسلم أن يقوموا بالصلح بين المتخاصمين والمقتتلين، فإن لم تنصع إحدى الطائفتين للصلح وعمدت إلى البغي؛ كان اللازم قتالها كما أمر بذلك ربنا سبحانه وتعالى حيث قال: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم وتقوا الله لعلكم ترحمون" .
ألا ترى أن الله تعالى أمر المؤمنين أنفسهم بالإصلاح بين المقتتلين، وأمرهم بقتال البغاة الذين يأبون الصلح، فانظر كيف صار الكفار هم الذين يتولون مهمة الإصلاح بين المسلمين إلا في القليل، وربما تولاها المسلمون لكن بإشراف الهيآت الدولية فتفرض عليهم شروطا يأباها عليهم دينهم، وصار الكفار هم الذين يقاتلون البغاة والخارجين بالطريقة التي يرونها، وينشئون التحالفات لقتالهم، مع أنه لا يصح أن يستعان بالكفار على المسلمين، فكيف بتفويض قتالهم لهم برمته بطائراتهم وصواريخهم وحصارهم الاقتصادي والسياسي وغير ذلك كما جرى في أفغانستان والصومال، وكما يجري في العراق وسوريا اليوم، وهذا لا يمنعنا أن ننكر ما تقوم هذه الجماعة أو تلك من المخالفات، بل الجرائم التي تسيء إلى الإسلام في نظر من لم يعرفه، كتهجير الأقليات العرقية والدينية وقتل الأسرى وسبي النساء وقتل الصحفيين مع تصوير ذلك ونشره في العالمين، ومعظم هذا هو مما أباحه الله أو خير فيه الحاكم المسلم - وأين الحاكم هنا - يتصرف فيه وفق مصلحة المسلمين، كما هو الشأن في التخيير في أسرى الكفار، أما الصحفيون فإن عادة الناس جرت بأن لا يتعرض لهم فيعمل بهذا ما لم يكونوا ردءا للمقاتلين، وكذا جنود الأمم المتحدة كما يقال لهم، لأنهم ليسوا مقاتلين، لكني أقول مع هذا إنه لا يسوغ الاستعانة بالكفار على المسلمين
إن عواقب وخيمة ستترتب على استعداء الكفار على المسلمين لا أرى الفاعلين يقدرونها حق قدرها، وقد قال نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: "إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين"، وقال لمن طلب منه أن يصحبه ليقاتل معه: "ارجع، فلن أستعين بمشرك"، ووجه المنع أن الذي يقاتل عليه المشرك هو شركه أو ما يترتب على شركه من الظلم والعدوان، فكيف يستعان على قتاله بمن كان مثله في الوصف؟، هذا مطعن في الولاء الظاهر اللازم بين المسلمين، فالصواب في الاستعانة بالمشركين على المشركين المنع، فكيف بالاستعانة بالمشركين على المسلمين، وكيف بتركهم يقاتلونهم وحدهم؟ .
وقد حدث خرق عظيم في الأمة بعد ذلك التحالف الذي قام ضد العراق فكان من ثمراته المرة معظم هذه المفاسد التي تعاني منها المنطقة وما حولها اليوم، ومن التبريرات التي قدمت يومئذ قولهم إن نظام البعث كافر، وهذا باطل فإن كفر الأنظمة لا يعني كفر الناس الذين هم تحتها، بل ولا كفر الحاكمين أيضا، وقد سجدت سجود الشكر يوم رأيت رئيس العراق يرفع صوته بالشهادة لله بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة قبيل شنقه بثوان فيختم بذلك حياته، وكأنه مؤذن لا مجرد متكلم، فلما رأيت الفتن التي عمت وطمت بعد سقوط ذلك الحكم تذكرت قول بعض السلف: سلطان غشوم خير من فتنة تدوم .
فإن قلت إن جيوش المسلمين النظامية لا يمكنها أن تسد هذا المسد لضعفها؛ فالجواب هو؛ كيف يعقل أن تكون الجماعات الخارجة عن النظام مع قلة مصادر التمويل لديها ومحدودية قدرتها؛ أقوى من الجيوش النظامية التي تنفق عليها الملايير منذ نشوء هذه الدول وبعضها قارب إنشاؤه القرن، وهي ترصد للتسليح مبالغ مالية كبيرة، مع أننا نرى هذه الجيوش تقاتل إذا هوجمت حدود بلدانها من دول أخرى، وتقاتل الخارجين في بلدها، ثم أين معاهدة الدفاع المشترك المبرمة بين الدول العربية الأعضاء في جامعة الدول العربية؟، وأين درع الجزيرة الذي لم يظهر له أثر إلا في دولة البحرين، ونعم الظهور؟، ثم إن تمويل الحملات العسكرية التي يقوم بها الكفار في بلدان المسلمين كثيرا ما يعتمد فيه على أموال المسلمين في خفاء وسر، فهل هذا إلا سلوك لطريق جم المخاطر على وحدة الأمة يسكت عنه أهل العلم وكأنه أمر هين، مع حرب الكفار في بلدان المسلمين بالنيابة عنهم هي والله وسيلة أخرى للقضاء على رابطة الولاء بينهم، فإن الاستعانة بالكفار على المسلمين من نواقض الولاء الظاهر، ثم هي من الذرائع إلى نقض الولاء الباطن، وأنا أعني ما سميته بالولاء الظاهر والباطن .
وإذا أردت أن تعرف ما ذكرته من هذا الخطر الذي يهدد الأمة في الموالاة التي تجمع أفرادها، وتميز جماعتهم عن غيرهم؛ فأنا أعرج بك على هذا الذي حصل في قطاع غزة، فلنقف عنده قليلا لنتبين أمره متجردين إن شاء الله من غير الحق كما نراه وستتبين به هذه المواقف المحيرة من بعض المسلمين دولا وجماعات وأفرادا .
لقد نالت جماعة حماس أغلبية البرلمان منذ سنين، فكان لها حق تشكيل الحكومة، فقاطعتها دول الغرب، وصنفها بعض هذه الدول حركة إرهابية، وبعد حصول تلك الفتنة بينها وبين السلطة القائمة تحت الاحتلال؛ تغلبت هذه الجماعة على قطاع غزة، واستقلت بالحكم فيه، فاعتبرها بعض الناس جماعة خارجة على الحاكم، وصنفها بعضهم مع الجماعات التكفيرية، وسلكتها أخيرا دولة مصر ضمن الجماعات الإرهابية، والمهم أن ما حكمت به دول الغرب على هذه الجماعة ورأته منذ أعوام قد سيقت إليه دول المسلمين بالتدريج طوعا أو كرها، حتى كادت هذه الدول تتفق اليوم على ذلك الوصف وما يترتب عليه من الخلط والخبط من غير دليل ولا برهان: قليل من هذه الدول بالتصريح، ومعظمها بما دونه من التلميح والتلويح .
أفلا يحق لك أن تتساءل عن المانع من أن يعتبر المفتون والحاكمون هذه الجماعة متغلبة ويعاملوها على هذا الأساس كما قالوا عن الذي جرى في مصر، وقاله بعضهم عن الذي جري في ليبيا من بعض قادتها العسكريين، فاعتبره بعضهم متغلبا بمجرد شروعه في القتال ضد جماعات معينة؟، ثم لك أن تتساءل عن المانع لهؤلاء وأولئك من الاستناد إلى اتفاق هذه الجماعة مع السلطة بعد سنين من محاولات إصلاح ذات البين شكر الله للحكام الذين سعوا فيها، وقد أعلن الفريقان المبادئ التي اعتمدت في المصالحة، وشكلت حكومة وفاق كما يقولون، فزال عن تلك الجماعة ذلك الوصف حسب تخريج المناوئين، مع أن النزاع قائم في وجود حاكم في فلسطين لازم الطاعة، إذ كيف يستقيم هذا والبلاد كلها محتلة من الكافر، والحاكم محجور عليه في أمور كثيرة لا يسع المقام ذكرها، وملزم أن ينسق مع المحتل في جانب الأمن، وخروج رعيته من بلادهم منوط بمواقفة هذا الكافر المحتل، فليس القول باعتباره حاكما لازم الطاعة إلا تنازلا، وإن كنا نرى لزومه من باب تقليل الشر، أقول مع هذا الاتفاق فإن سلوك معظم الدول تجاه تلك الحركة لم يتغير عما كان عليه من قبل .
ولما قامت الحرب التي ابتدأها اليهود كما هو معلوم وجاء الرد بقصف مدنهم بهذه الصواريخ التي وإن لم تحدث خسائر ذات شأن قياسا إلى ما أصيب به المسلمون، وإن كانت مجدية في فرض حصار من الرعب والخوف عليهم لم يعرفوه قط منذ أن أقاموا دولتهم على أرض فلسطين، بل وفرض عليهم بعض الحصار الاقتصادي أيضا، إذ أغلق مطارهم الدولي الوحيد عدة أيام، وحصل في المقابل هذا الدمار والقتل والتهجير للمسلمين في غزة، دمار لا نظير له في الحروب السابقة، فكان أحسن مواقف معظم الدول العربية الإسلامية السكوت على ما يجري، وكان كثير منها يؤيد صراحة أو ضمنا حرب اليهود على أهل غزة، بل لا أشك أن بعضهم كان يتمنى أن تكون تلك الحرب هي القاضية على تلك الجماعة، فهل من المقبول أن يتمنى مسلم هلاك المسلمين على أيدي الكفار؟، ومما يتألم منه أن حاكم اليهود قد أعلن غير مرة أن دول العرب المسلمين معهم في حربهم، فما كذبتهم فيما قالوا دولة واحدة، وإن كان الاستثناء موجودا والحمد لله، أفلا يحق لكل مسلم أن يتساءل عما إذا كانت مخالفة المسلم لأخيه في شيء أو في جملة أشياء داخل جماعة المسلمين ومراتبهم الثلاثة التي ذكرها ربنا سبحانه في قوله: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله"؛ يسوغ له أن يسوي بين الكافر اليهودي المعتدي المحتل لبلاد المسلمين، وبين المسلم مبتدعا كان أو سنيا؟، بحيث صار بعضهم لا يرى جائزا أن يدعو أحد لإخوانه بتفريج الكرب ورفع الغبن، فكيف بما فوق ذلك من العون والنصرة؟، وأعجز الناس من عجز عن الدعاء، إنه موقف محير حقا .
قد تكون هذه الجهة أو تلك أخطأت فيما أقدمت عليه من الرد بهذه الصواريخ على اليهود لكونها جلبت على المسلمين هذا الدمار الواسع، وحصلت فيهم هذه المقتلة العظيمة، وقد قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "فرض الجهاد لسفك دماء المشركين والرباط لحقن دماء المسلمين وحقن دماء المسلمين أحب إلي من سفك دماء المشركين"، فهو رضي الله عنه يفضل الرباط على القتال، إلا إذا كان القتال لا بد منه، وليس غرضه أن الجهاد مقصود بالقصد الأول منه قتل المشركين، ومن غير شك فإن تلك الجهة قد أخطأت في أمور أخرى بحكم ارتباطاتها العالمية، لكن هذا لا يبرر أن يقف الناس متفرجين على الآلاف من إخوانهم من غير مأوى ولا طعام ولا شراب ولا دواء، وكأن الأمر لا يعنيهم لأنهم مختلفون مع تلك الحركة في بعض توجهاتها، أحسب أن الأمر لو تعلق بغير المسلمين لكان المطلوب عونهم وإغاثتهم، فإن في كل ذي كبد رطب صدقة كما جاء عن نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
لقد كنت من الذين انتقدوا ما جرى في غرة قبل سنوات وكتبت عن ذلك ما يراه الناظر في كتابي العجالة في باب الجهاد في طوايا كلامي على الترجمة، ومع ذلك دعوت في كلمة لي إلى نصرة أهل غزة في الحرب التي سبقت هذه، ولكل مقام مقال، وقد شن علي بعضهم غارة من غير أن يتعرض للكلمة نفسها، حين أعيد وضعها في الصفحة الخاصة بي في هذه المواقع، لأنه لا قدرة له على أن ينكر علي ما قلت مباشرة، ففتش في طوايا بعض كتبي عما تعلق به ليقول إنني تكفيري، وإني أكفر الدول ما عدا دولة واحدة، وما إلى ذلك مما جاد به خياله السقيم وقلبه المريض لجهله العريض .
مما قلته عن تلك الحركة وما في ميثاقها من البنود التي لا تجيز لها ما قد يراه غيرها طريقا مجديا، وذلك في أثناء الحرب التي سبقت هذه: "وما لنا نجعل رائدنا في علاقتنا بعدونا غير هدي الشرع، من هذه المواثيق والالتزامات التي ألزمنا بها أنفسنا، مع أن علاقة المسلم بعدوه تختلف من حين لآخر، بحسب قوته وضعفه، وليست ضربة لازب، يبت فيها في وقت، فتصلح لكل وقت، ولئن كنا نعجب لما أظهره المؤمنون ويظهرونه من الصبر والجلد، وتحمل الحصار والإغلاق، ولئن كنا نكبر من شأن إخواننا الذين أثبتوا ما كنا نعلمه من نصوص الكتاب والسنة، ومن تاريخ أسلافنا، وهو أن قوة المسلم بإيمانه عظيمة، وأن القوة المادية مهما كانت فإن الغلبة ليست حليفها دائما، لكننا نرى أن المطلوب التزام أحكام ربنا في تعاملنا مع عدونا، فإن الله تعالى لم يكلفنا مقاتلته حيث لا قدرة لنا، ولا جعل علة مقاتلته إثباتَ شجاعتنا، كيف نقاتله لمجرد إثبات أننا قادرون على الصمود، فنتسبب في تدمير بلدنا، حتى إذا فرغ العدو من تخريبه انعقد مؤتمر سموه مؤتمر الدول المانحة يلتقي فيه الذي شارك بالقتل أو بالتدمير بالفعل أو بالتأييد العلني أو الخفي على بناء ما دمر، وقد كان قادرا على إيقاف ذلك التدمير بكلمة واحدة، ثم نسمع الذي قاتل بالأمس يطالب تلك القوة الكافرة العدوة أن تبني البلد المدمر،،،، إلى أن قلت: ما ذا لو هادنا عدونا من أول مرة، وسكتنا عنه فترة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، فاتهموا الرأي أيها المؤمنون، كما قال سلفكم المرحومون"، وإنما سقت كلامي هذا لأبين أن مخالفتك لأخيك المسلم لا يصح أن تكون ذريعة للتنصل من واجبك إزاءه حين يتعلق الأمر بنصرته في مواجهة عدوك وعدوه، ولذلك فإني أكبر من موقف أصحاب السلطة في فلسطين أثناء العدوان، وإن كان الخلاف بينهم وبين تلك الحركة عظيما وأسأل الله تعالى أن يجمعهم على الحق .
في هذه الموازنة بين موقف المسلم من مخالفة أخيه للحق داخل جماعة المسلمين وموقفه منه في غير هذا يقول الشيخ عبد الحميد بن باديس رحمه الله في نهاية ما ترجم له بـ"دعوة العلماء المسلمين الجزائريين وأصولها"، قال: "عند المصلحة العامة من مصالح الأمة يجب تناسي كل خلاف يفرق الكلمة، ويصدع الوحدة، ويوجد للشر الثغرة، ويتحتم التآزر والتكاتف، حتى تنفرج الأزمة، وتزول الشدة بإذن الله، ثم بقوة الحق، وادراع الصبر، وسلاح العلم والعمل والحكمة" .
لقد قامت عندي قرائن كثيرة على أن من الدول وبعض المنسوبين للعلم كان يغيظهم أن يموت الجنود اليهود بهذه الأعداد التي لم تقتل في أي حرب من الحروب التي قامت بين المسلمين واليهود، ذلك أن قتل أولئك اليهود يكذب دعاوى الغلاة في كراهية المسلمين، إذ زعموا أن تلك الحرب مؤامرة دبرتها الجماعة الفلانية بالاتفاق مع أمريكا ودولة اليهود، واعتمدوا على أقوال لمسؤولين سابقين أو جواسيس من بلاد الكفر فصدقوهم في تلك الدعاوى، فتأمل رعاك الله هذا الحد الذي بلغه الغلو في كراهة المسلم لإخوانه المسلمين، حتى نسب بعضهم إليهم كل شرور العالم، مع أن المطلوب هو أن يحب المسلم أخاه بقدر ما هو عليه من الخير، وأن يكرهه بمقدار ما هو عليه من المخالفة للحق، فإن الحب في الله والبغض في الله من الإيمان، وكثيرا ما يكون بخس الناس حقوقهم مدعاة إلى لجاههم في الباطل .
إن العبر التي ينبغي أن تستقى من هذه الحرب كثيرة، ومن أبرزها أن المسلمين قادرون على اكتساب القوة التي أمرهم الله بإعدادها في قوله: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل"، وقد فسر النبي صلى الله عليه وآله وسلم القوة بالرمي يوم كان مداه مئات الأمتار، حتى صار اليوم آلاف الكيلومترات، فإنه إذا كان الناس في غزة رغم الحصار والتضييق وانعدام الموارد المالية وتحت المراقبة الشديدة بالجواسيس وبالوسائل التكنولوجية المتطورة؛ قد استطاعوا تطوير هذه الأسلحة التي أدخلت على العدو الرعب وفرضت عليه شيئا من الحصار، فكيف تعجز الدول ذات السيادة - كما يقولون - عن تحقيق شيء من ذلك لتحمي بلدانها وتقوم بما يلزم من قتال البغاة وفرض الصلح على المتخاصمين في بلدان المسلمين على أن تصل يوما ما إلى ما هو أكثر من ذلك؟، إن هذا للمكن بل قريب، ولا يجوز أن يكون المسلم أسير الواقع والحس، فعلى الأمة أن تتجه إلى البحث العلمي وتخصص له حصة في ميزانياتها لتخرج من بعض ما هي فيه، وهو حلقة مفرغة: إنفاق على التسلح ثم حاجة إلى قطع الغيار ثم إلى المدربين من الكفار، يصحب ذلك شروط ترافق عملية البيع، ثم رمي ذلك كله بعد مدة لانتهاء صلاحيته، وللكلام على هذا الأمر موضع آخر .
إنني لست إخوانيا، ولا أقر الإخوان وغيرهم من الجماعات التي تخرج على الحكام على ما هم عليه من المخالفات العقدية والمنهجية والسلوكية، وقد ذكرت هذا في غير هذا الموضع، لكني أعتبر هذا خلافا داخل جماعة المسلمين، لا يصح أن يكون تعلة إلى هذا السلوك الذي عليه بعض الناس، فإنك أيها المسلم ما عاقبت أحدا عصى الله فيك بشيء أعظم من أن تطيع الله فيه، ومن المخالفة للشرع أن تنكر ما مع المخالف من الصواب، أو أن تبخسه حقه المقرر له بمقتضى إيمانه، أو أن تغلو في كراهته بحيث يهدم رابط الولاء والنصرة بينك وبينه كما نرى عليه بعض الناس هداهم الله، وتأمل كيف أن ربنا سبحانه وتعالى أمر بالتعاون على البر والتقوى ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان في سياق النهي عن الاعتداء على الكفار من غير سبب مشروع، قال الله تعالى: "ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم ولعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب" .
إن الذي حصلت عليه جماعة الإخوان المسلمين طيلة ثمانين سنة من التجارب والخبرات والقدرة على الحشد والتنظيم والعمل الميداني يمكن أن يكون نافعا لهم وللمسلمين عموما بشرط أن يشتغل أهل العلم وأولو البصيرة فيهم بتصحيح المسار، وتلافي الأخطاء والمخالفات، وإني من منطلق النصح الذي هو واجب على المسلم لأخيه أدعوهم وغيرهم من الجماعات إلى هذا الذي رأيت نصحهم به كل فيما يخصه مما ذكرته.
وأول هذه الأمور أن يطووا هذه الصفحة من تاريخهم ويتوبوا إلى الله جميعا مما بدر منهم من مخالفات، فإنهم إن فعلوا ذلك بدل الله سيآتهم حسنات كما وعد ووعده الحق .
وأن يعنوا بتصحيح العقائد وصرف الجهد في بيان أعظم ما خلق الله الخلق له وهو توحيده وإفراده بالعبادة وطاعته بحيث لا يطاع غيره سبحانه فيما فيه معصية له، فإن هذه هي البداية الصحيحة لكل إصلاح .
وأن يعولوا في ذلك على خير من يرجع إليهم في فهم هذه الأمور من أعلام الهدى كأئمة المذاهب السنية وسائر العلماء، وقبلهم السلف الصالح الذين هم خير القرون .
وأن يقلعوا عما دأبوا عليه من جعل تكثير أعداد الناس هو الغرض، مما أدى بهم إلى سكوتهم على الباطل في العقائد والمناهج، بل وإلى تعاونهم مع المبتدعة الضالين كالروافض وغيرهم، فكيف بتعاونهم مع غير المسلمين، كما عليه بعض مقدميهم من المنسوبين للعلم في مسعاهم إلى ما سموه بالتقريب وحوار الأديان .
وأن يربأوا بأنفسهم عن تقديس الأشخاص ورفعهم فوق منازلهم، واعتبار مقولاتهم ومبادئهم بمثابة النصوص الشرعية يعكفون على حفظها والموالاة عليها، فإنه كيفما كان علم الناس وصلاحهم لا يصح أن ينظر إليهم هكذا .
وأن لا يقتصروا في أخذهم العلم ومعرفة الأحكام على من هم على منهجهم، فيغلقون دون أنفسهم بابا عظيما من الخير وإمكان الصلاح، وقد قال الله تعالى: "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون".
وأنصح المشتغلين منهم بالعلم أن يبتعدوا عن لي أعناق النصوص وتأويلها بما لا يتفق مع الشرع ركونا منهم إلى المصالح المزعومة كما يتوهمونها، كقول بعضهم بجواز مصافحة النساء وسفرهن من غير محرم ومشروعية الغناء والموسيقى وجواز المظاهرات وحرص بعض دعاتهم على أزياء الكفار ونحو ذلك .
وأن يتركوا العمل السري الذي جعل بقية المسلمين في أنظار بعضهم مختلفين عنهم في المحبة والولاء، وما هذا إلا بسبب تلك البدعة التي هم عليها، وهي البيعة لمرشدهم العام فإنها من البدع المركبة لما ينتج عنها من مخالفات كثيرة، والمساوئ التي ترتبت عليها في تاريخ الجماعة لا تخفى، وما هذه النكبة التي حصلت لهم في مصر ببعيدة .
وأن يبتعدوا عن مناهضة الحكام وإثارة القلاقل والاضطرابات بالمظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات، فتصفو علاقتهم بحكامهم، وتفتح أمامهم سبل خير وإصلاح كثيرة إن شاء الله .
وخير لهم أن يبتعدوا عن الأعمال الحزبية فإن مضارها لا تخفى، فضلا عن كونها لم يتحقق بها إلى الآن شيء من المنافع في بلدان المسلمين، بل الذي شاهدناه وعلمناه هو تفريق الأمة وتشتيتها كما هو باد للعيان .
وهذا لا يمنعهم من النشاط العلمي والعملي، فعلى كل جماعة أن تعمل في البلد الذي هي فيه، في نطاق ما يدعى بالمجتمع المدني في المجالات العلمية والعملية والنفعية الخيرية تحت إمرة الحكام ومن غير افتيات عليهم، وبعد استشارة أهل العلم الناصحين بحيث لا يخدم بهذه الجمعيات إلا ما كان مقبولا شرعا، ومن غير ارتباط بالجماعات التي في البلدان الأخرى إلا فيما يجمع المسلمين من الروابط المشروعة، أو ما تتيحه قوانين البلد الذي هم فيه من التنسيق والتعاون .
هذه نصيحتي لإخواني المسلمين عموما، ولجماعة الإخوان المسلمين خصوصا، أسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يجبر كسرهم، بردهم إلى الحق ردا جميلا، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد له رب العالمين .

معسكر في
17شهر ذي القعدة 1435هـ وكتب
الموافق لـ 12/09/2014م بن حنفية العابدين
__________________
« إذا نفرت النفوس : عميت القلوب ، وخمدت الخواطر ، وانسدت أبواب الفوائد »
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-13-2014, 03:56 AM
كمال الابراهيمي الجزائري كمال الابراهيمي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: الجزائر
المشاركات: 251
افتراضي

الله أكبر كلام من عالم جليل يدل على فقه وعلم ورزانة ،كأنك تقرأ للألباني ، هكذا فلتكن البيانات والفتاوى والتوضيحات موافقة لمقاصد الشريعة وإلا فلتكسر الأقلام .
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 09-13-2014, 11:13 AM
ايلاني عبد الله ايلاني عبد الله غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
المشاركات: 105
افتراضي

بارك الله فيك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 09-13-2014, 01:03 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

كلام لا يصدر إلا من فقيه , حفظ الله الشيخ وبارك في علمه , لكن عندي ملاحظة حول قل الشيخ الفاضل ( إن الخروج على الحاكم المسلم وإن كان غير مشروع إلا أنه إذا حصل، واستقر الوضع واستتب لحاكم آخر أو نظام آخر بأن أيدته مؤسسات الدولة القائمة، أو قامت إلى جانبه القوة العسكرية، كالجيش أو غيره من الجهات المسلحة، أو كانت لديه الشوكة والقوة الذاتية؛ كان المطلوب شرعا اعتبار الحاكم متغلبا فيطاع في طاعة الله لاجتناب الشر أو اجتناب المزيد منه، فكما أن من مقاصد الشرع درء المفاسد؛ فإن تقليلها من مقاصده أيضا، والمؤمن البصير الواعي هو الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين ) فهذا الكلام كأنه زبدة كلام الشيخ وخلاصة موقفه من تنظيم الدولة وهو أمر موافق للقواعد السلفية وتقريرات الراسخين في العلم تنظيرا لكنّ الشيخ حفظه الله وكأنه اطمأنّ إلى استقرار واستتباب الأمور لداعش فهو يرشد لبيعتها لتحققها بوصف المتغلّب وهذا أمر يحتاج إلى رويّة ومزيد بحث والله أعلم

تنبيه : أرجو ألا يفهم أحد من كلامي أني ممن يطعن في الشيخ أو يتفذلك للنيل منه فما مثلي ومثله إلا كمثل الثرى والثريا ولا يبلغ مستوى علمي نقطة في بحر من علم الشيخ لكنه أمر عرض لي من قراءة البيان فأحببت عرضه
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-13-2014, 02:06 PM
السلفي الإدريسي السلفي الإدريسي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
المشاركات: 3
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجيب بن منصور المهاجر مشاهدة المشاركة
كلام لا يصدر إلا من فقيه , حفظ الله الشيخ وبارك في علمه , لكن عندي ملاحظة حول قل الشيخ الفاضل ( إن الخروج على الحاكم المسلم وإن كان غير مشروع إلا أنه إذا حصل، واستقر الوضع واستتب لحاكم آخر أو نظام آخر بأن أيدته مؤسسات الدولة القائمة، أو قامت إلى جانبه القوة العسكرية، كالجيش أو غيره من الجهات المسلحة، أو كانت لديه الشوكة والقوة الذاتية؛ كان المطلوب شرعا اعتبار الحاكم متغلبا فيطاع في طاعة الله لاجتناب الشر أو اجتناب المزيد منه، فكما أن من مقاصد الشرع درء المفاسد؛ فإن تقليلها من مقاصده أيضا، والمؤمن البصير الواعي هو الذي يعرف خير الخيرين وشر الشرين ) فهذا الكلام كأنه زبدة كلام الشيخ وخلاصة موقفه من تنظيم الدولة وهو أمر موافق للقواعد السلفية وتقريرات الراسخين في العلم تنظيرا لكنّ الشيخ حفظه الله وكأنه اطمأنّ إلى استقرار واستتباب الأمور لداعش فهو يرشد لبيعتها لتحققها بوصف المتغلّب وهذا أمر يحتاج إلى رويّة ومزيد بحث والله أعلم

تنبيه : أرجو ألا يفهم أحد من كلامي أني ممن يطعن في الشيخ أو يتفذلك للنيل منه فما مثلي ومثله إلا كمثل الثرى والثريا ولا يبلغ مستوى علمي نقطة في بحر من علم الشيخ لكنه أمر عرض لي من قراءة البيان فأحببت عرضه
أحسن الله إليك أخي ، هذا فهمك أنت و هو خاطئ تحقيقا ، فالشيخ يتكلم على العموم و لم يشر لما ذكرت .
فلا تحملوا الكلام ما لا يحتمل . و الله المستعان
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-13-2014, 07:31 PM
رضوان بن غلاب أبوسارية رضوان بن غلاب أبوسارية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر.العاصمة.الأبيار
المشاركات: 2,896
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله


حفظ الله العلامة الحكيم الزاهد الشيخ بن حنفية العابدين ورزقه الصحة والعافية وأطال في عمره ..
مقال ماتع رائع ممن يحق له الكلام في أمور المسلمين والحمد لله رب العالمين .
أخوكم أبوسارية
__________________
((وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ))
عن إبراهيم النخعي قوله هذه الأهواء المختلفة والتباغض فهو الإِغراء ..
قال قتادة إن القوم لما تركوا كتاب الله وعصوا رسله وضيّعوا فرائضه وعطّلوا حدوده ألقى بينهم العدواة والبغضاء إلى يوم القيامة بأعمالهم أعمال السوء ولو أخذ القوم كتاب الله وأمره ما افترقوا.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 09-14-2014, 06:16 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة السلفي الإدريسي مشاهدة المشاركة
أحسن الله إليك أخي ، هذا فهمك أنت و هو خاطئ تحقيقا ، فالشيخ يتكلم على العموم و لم يشر لما ذكرت .
فلا تحملوا الكلام ما لا يحتمل . و الله المستعان
جزاك الله خيرا ، لو كان الشيخ أمامي لسألته مباشرة ، فلعلك تحمد الله على هذه النعمة ، والشيخ ممن يطمع في كرمه وهذا ما شجعني على الإفضاء ليكم بما جاش في صدري وهي فرصة لننهل من علم الشيخ في الجزئية المشار إليها .
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 09-14-2014, 05:04 PM
يوسف ابو محمد يوسف ابو محمد غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 90
افتراضي

كما يقال..
كلام مليان..

جزى الله الشيخ خيرا على المقال الماتع الرائع..


همسة:مايسمى استعانة بالكافر اليوم ليس بالضرورة أن يكون استعانة بل قد يكون أمر مفروض
على بعض الدول الاسلامية لسبب أو لآخر وفرق بين استعانة بالإختيار واستعانة بالإضطرار والله أعلم..
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.