أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
67168 85137

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-22-2009, 09:25 AM
محمد أبو عبدالله السلفي محمد أبو عبدالله السلفي غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 49
افتراضي ما جاء في فضل سورة الإخلاص

ما جاء في فضل سورة الإخلاص
إن الحمد لله ذي العز المجيد، والبطش الشديد، المبدئ المعيد، الفعال لما يريد، المنتقم ممن عصاه بالنار بعد الإنذار بها والوعيد، المكرم لمن خافه واتقاه بدار لهم فيها كل خير مزيد، فسبحان من قسم عباده قسمين وجعلهم فريقين قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يوم يـت لا تكلم نفس إلا بإذنه فمنهم شقي وسعيد) هو: 105، وقال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فهليها وما ربك بظلم للعبيد) فصلت: 46
أحمده حمد الشاكرين وهو أهل للحمد والثناء والتمجيد، وأشكره على نعمه الظاهره والباطنه، فبالشكر تدوم النعم وتزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله الداعي إلى التوحيد عليه الصلاة والسلام.
إن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ويخشوه ويخافوه. ونصب لهم الأدلة الدالة على عظمتة وكبريائة ليهابوه ويخافوه خوف الإجلال، ووصف لهم شدة عذابه ودار عقابه التي أعدها لمن عصاه ليتقوه بصالح الأعمال.
ولهذا كرر سبحانه وتعالى في كتابه النار وما أعده فيها لأعدائة من العذاب والنكال، وما احتوت عليه من الزقوم والضريع والحميم والسلاسل والأغلال، ودعا عبادهبذلك إلى خشيته وتقواه والمسارعة إلى امتثال مكا يأمر به ويحبه ويرضاه، واجتناب ما ينهى عنه ويكرهه ويأباه. قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق: 37.وقد ضمن الله سبحانه الجنة لمن خافه من أهل الإيمان، قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ولمن خاف مقام ربه جنتان) الرحمن: 46، قال مجاهد: وفي هذه الآيه الله قائم على كل تفس بما كسبت، فمن أراد أن يعمل شيئاً فخاف مقام ربه فله جنتان. وعنه أنه قال: هو الرجل يذنب فيذكر مقام الله فيدعه، وعنه قال: هو الرجل يهم بالمعصيه فيذكر الله فيتركها.
وقال الفضيل بن عياض: الخوف أفضل من الرجاء ما كان صحيحاً، فإذا نزل الموت فالرجاء أفضل.
فإن النفوس ولا سيما هذه الأيام وفي هذا الزمان غلب عليعا الهوى وإتباع الشهوات، بل لقد استرسلت في شهواتها وأهوائها فما عادت تعرف حقاً وصارت إلى اباطل أقرب، وغلبت الكسل والتواني والتراخي في طباعها وتمنت على الله الأماني قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً كل ُ حزب بما لديهم فرحون) الروم:32، فصاروا إلى الضلالة أقرب وهذه الشهوات لا ينزعها من النفس إما خوف مزعج محرق، أو شوق مبهج مقلق. قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) التحريم: 6، و قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( واتقوا النار التي أعدت للكافرين، وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) أل عمران 131-132.
أما بعد، فالسبب لكتابتي لهذه المقاله وهي مما قاله وألفه أهل السنة والجماعة أهل (السلف الصالح)فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثميين وفضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي وغيرهم من العلماء المشهود لهم بالصلاح والتقوى والعلم، حيث بعث لي أحد الزملاء رسالة بالبريد الإلكتروني عن سورة الإخلاص وقرائتها، فأحببت أن أذكر ما جاء في فضل هذه السورة الكريمة راجيا من الله العلي القدير القبول والغفران. وأحب أن أُكد أنه ليس لي فضل في التأليف أو الكتابة، ولكن عملت جاهداً في جمع ما كتبه علمائنا الأفاضل المشهود لهم بعلمهم والخير إن شاء الله، راجيا من العلي القدير أن لا أكون قصرت في هذا، والله من وراء القصد.
سورة الإخلاص: (السورة): هي عبارة عن آيات من كتاب الله مسورة؛ أي منفصلة عما قبلها وعما بعدها؛ كالبناء الذي أحاط به السور، التي نقيت ولم يشيها شئ، وسميت بذلك؛ قيل: لأنها تتضمن الإخلاص لله عز وجل، وأن من آمن بها؛ فهو مُخلص، فتكون بمعنى مُخِلَصِهَ لقارئها؛ أي أن الإنسان إذا قرأها مؤمناً بها؛ فقد أخلص لله عز وجل.
وقيل: لأنها مُخِلَصه – بفتح اللام – لأن الله تعالى أخلصها لنفسه، فسورة الإخلاص أخبارها خاصه بالله تعالى. وهي تعدل ثلث القرآن؛ والدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام لأصحابه رضى الله عنهم: (( أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليله؟ قالوا : كيف يا رسول الله؟ قال: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( قل هو الله أحد، الله الصمد) الإخلاص 1-2، تعدل ثلث القرآن)).
فهذه السورة تعدل ثلث القرآن في الجزاء لا في الإجزاء، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن: (( من قال: لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شئ قدير؛ عشر مرات؛ فكأنما أعتق أربعة أنفس من بني إسماعيل)) فهل يجزئ ذلك عن إعتاق أربع رقاب ممن وجب عليه ذلك، وقال هذا الذكر عشر مرات؟
فنقول لا يجزئ. أما في الجزاء فاعدل هذا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام؛ فلا يلزم من المعادلة في الجزاء المعادلة في الإجزاء. ولهذا؛ فلو أن احداص ما قرأ سورة الإخلاص في الصلاة ثلاث مرات؛ لم تجزئه عن قراءة الفاتحة.
قال العلماء: ووجه كونها تعدل ثلث القرآن: أن مباحث القرآن خبر عن الله، وخبر عن المخلوقات، وأحكام؛ فهذه ثلاثة:
1- خبر عن الله: قالوا: إن سورة قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( قل هو الله أحد) الإخلاص 1،: تتضمنه؟
2- خبر عن المخلوقات؛ كالإخبار عن الأمم السبقة، والإخبار عن الحوادث الحاضرة؛ وعن الحوادث المستقبلة.
3- والثالث: أحكام؛ مثل أقيموا، آتوا، لا تشركوا....... وما أشبه ذلك؟
وهذا هو أحسن ما قيل في كونها تعدل ثلث القرآن، قوله: ( حيث يقول: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( قل هو الله أحد) الإخلاص 1، (قل): الخطاب لكل من يصح خطابه.
وسبب نزول هذه السورة: أن المشركين قالوا للرسول عليه الصلاة والسلام: صف لنا ربك؟ فأنزل الله هذه السورة.
وقيل بل هم اليهود الذين زعموا أن الله خُلقَ من كذا ومن كذا مما يقولون من المواد؛ فأنزل الله هذه السورة.

وسواء صح السبب أم لم يصح؛ فعلينا إذا سئلنا أي سؤال عن الله عز وجل أن نقول ( الله أحد، الله الصمد).
قوله (قل هو الله أحد): (هو) ضمير، واين مرجعه؟ قيل إن مرجعه المسؤول عنه؛ كأنه يقول: الذي سألتم عنه الله.
وقيل: هو ضمير الشأن، و (الله) : مبتدأ ثان، و ( أحد) خبر المبتدأ الثاني، وعلى الوجه الأول تكون (هو) :مبتدأ، (الله) خبر المبتدأ، (أحد) خبر ثان. (الله) : هو العلم عن ذات الله، المختص بالله عز وجل، لا يتسمى به غيره، وكل ما يأتي بعده من أسماء الله؛ فهو تابع له؛ إلا ومعنى (الله) : الإله، وإله بمعنى مألوه؛ أي: معبود، لكن حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال؛ كما في (الناس)، وأصلها: الأناس، وكما في هذا خير من هذا، وأصله: أخير من هذا، لكن لكثرة الاستعمال حُذفت الهمزة؛ فالله عز وجل (أحد).
(أحد)0 : لا تأتي إلا في النفي غالياً؛ أو في الاثبات في أيام الأسبوع، لكن تأتي في الاثبات موصوفاً بها الرب عز وجل، لأنه سبحانه وتعالى أحد؛ أي متوحد فيما يختص به ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، (أحد) ؛ لا ثاني له؛ ولا نظير له، ولا ند له.
قوله: (الله الصمد) ، هذه جملة مستأنفه؛ بعد أن ذكر الأحديه، ذكر الصمدية، وأتى بها بجملة معرفة في طرفيها، لإقادة الحصر، أي: الله وحده الصمد.
فما معنى الصمد؟.
قيل: إن (الصمد) : هو الكامل؛ في علمه، وفي قدرته، في حكمته، في عزنه، في سؤدده، في كل صفاته.
وقيل (الصمد) : الذي لا جوف له؛ يعني: لا أمعاء ولا بطن، ولهذا قيل: الملائكة صمد؛ لأنهم ليس لهم أجواف؛ لا يأكلون ولا يشربون، وهذا المعنى روى عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولا ينافي المعنى الأول، لأنه يدل على غناه بنفسه عن جميع خلقه.
وقيل: (الصمد) : بمعنى: المفعول؛ أي: المصمود إليه؛ اي الذي تصمد إليه؛ الخلائق في حوائجها؛ بمعنى: تميل إليه وتنتهي إليه وترفع إليه حوائجها؛ فهو بمعنى الذي يحتاج إليه كل أحد.
وكل هذه المعاني ثابتة، لعدم المنافاة فيما بينها.
وتفسره بتفسير جامع، فنقول (الصمد) : هو الكامل في صفاته، الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته؛ فهي صامدة إليه.
ويتبين لنا المعنى العظيم في كلمة (الصمد) : أنه مستغن عن كل ما سواه، كامل في كل ما يوصف به؛ وأن جميع ما سواه مفتقر إليه.
فلو قال لك قائل: إن الله استوى على العرش؛ هل استواؤة على العرش بمعنى أنه مفتقر إلى العرش بحيث لو أزيل لسقط.فالجواب: لا، كلا؛ لأن الله صمد كامل غير محتاج إلى العرش بل العرش والسماوات والكرسي والمخلوقات كلها محتاجة إلى الله، والله عو زجل في غنى عنها، فنأخذه من كلمة ( الصمد) .
وأعلم أخي يا يرحمك الله، أننا إذا عرفنا أن المعطلة والمحرفه والمشبه والمرجئة والمؤوله والمعتزله والأشاعرة والجهميه وغيرهم ممن ردوا سبع آيات من كتاب الله عز وجل وهذه الآيات هي:-1- قال تعالى: أعوذ بالله من اشيطان الرجيم ( إن ربكم اله الذي خلق السماوات والأرض في ستة ايامن ثم استوى علىالعرش يغشي اليل النهار يطلبه حثيثاً والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله ربُ العالمين) الأعراف :54
2- قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون) يونس: 3
3- قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ثم استوى على العرش، وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون) الرعد: 2
4- قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فسئل به خبيرا) الفرقان : 59
5- قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( الله الذي خلق السماوت والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش ما لكم من ولي ولا شفيع أفلا تتذكرون) السجدة: 4
6- قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( الرحمن على العرش استوى، له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى) طه: 5-6
7- قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( هو الذي خلق السماوات في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم اين ما كنتم والله بما تعملون بصير) الحديد: 4

قال سفيان بن عينية: سأل رجل مالكاً، فقال ( الرحمن على العرش استوى) طه:5 ، كيف استوى يا أبا عبدالله!؟
فسكت مالك مليّاً حتى علاه الرمضاء، وما رأينا مالكاً وجد من شئ وجده من مقالته، وجعل الناس ينظرون ما يأمر به، ثم سرى عنه فقال:
(الاستواء منه معلوم، والكيف منه غير معقول، والسؤال عن هذا بدعه، والإيمان به واجب، وإني لأظنك ضالاّ، أخرجوه).
فناداه الرجل: يا أبا عبدالله! والله الذي لا إله إلا هو، لقد سألتعن هذه المسألة أهل البصرة والكوفة والعراق، فلم أجد أحداً وفق لما وفقت له.
وقال الإمام موفق الدين أبو محمد بن قدامه رحمه الله: وقولهم ((الاستواء غير مجهول)) أي غير مجهول الوجود، لأن الله تعالى أخبر به، وخبره صدق يقيناً لا يجوز الشك فيه، ولا الارتياب فيه، فكان غير مجهول لحصول العلم به، وقد روي في بعض الألفاظ ((الاستواء معلوم)) وقولهم (( الكيف غير معقول)9 لأنه لم يرد به توقيف، ولا سبيل إلى معرفته بغير توقيف.
((والجحود به كفر)) لأنه رد لخبر الله، وكفر بكلام الله، ومن كفر بحرف متفق عليه فهو كافر، فكيف بمن كفر بسبع آيات وردَّ خبر الله تعالى من كتابه الكريم.
ولا تجالس اصحابِ الخصومات؛ فإنهم يخوضون في آيات الله، وإياك والمراء والجدال في الدين؛ فإن ذلك يورثُ الغِلَّ، ويخرج صاحبهُ – وإن كان سُّنياً – إلى البدعةِ؛ لأن أولَ ما يدخل على السُّنِّي من النقص في دينه – إذا خاصم المبتدع- مجالسته للمبتدع، ومناظرته إياهُ، ثم لا يأمن أن يُدخلَ عليه من دقيق الكلام، وخبيث القول ما يَفتنهُ: أو لا يفتنه: فيحتاج أن يتكلف لهُ من رأيه ما يردُ عليهِ قولهُ ما ليسِ له أصل في التأويل، ولا بيان في التنزيل، ولا أثر من أخبار الرسول – صلى الله عليه وسلم -.
ولا تشاور أحداً من أهل البدع في دينك، ولا ترافقه في سفرك، وإن أمكنك أن لا تقاربهُ في جواركَ.
ومن السنّةِ: مجانبة كل من اعتقد شيئاً مما ذكرناه، وهجرانهُ، والمقت لهُ، وهجران من والاخُ ونصرهُ.
ولهذه المقالات والمذاهب رؤساء من أئمة الضلال ومتقدمون في الكفر وسوء المقال، يقولون على الله ما لا يعلمون، ويعيبون أهل الحق فيما يأتون ويتهمون الثقات في النقل، ولا يتهمون آراءهم في اتأويل، قد عقدوا ألوية البدع، وأقاموا سوق الفتنه، وفتحوا باب البليهِ، يفترون على الله البهتان، ويتقولون في كتابه بالكذب والعدوان.
قال السبكي: (( التكفير حكم شرعي سببه جحد الربوبية، أو الوحدانية، أو الرسالة، أو قول أو فعل، حكم الشارع بأنه كفر وإن لم يكن جحداً)

فنرجع ونقول لو قال قائل: هل الله بأكل أو يشرب؟
أقول: كلا، لأن الله صمد.
وبهذا نعرف أن (الصمد) كلمة جامعة لجميع صفات الكمال لله عز وجل، وجامعة لجميع صفات النقص في المخلوقات، وأنها محتاجه إلى الله عز وجل.
ثم قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كُفُواً أحد) الإخلاص: 3-4: هذا تأكيد للصمدية والوحدانية، وقلنا: توكيد؛ لأننا نفهم هذا مما سبق، فيكون ذكره توكيداً لمعنى ما سبق، وتقريراً له: فهو لأحديته وصمدتيه لم يلد: لأن الولد يكون على مثل الوالد في الخِلقَة، في الصفة، وحتى الشبه.
وهذا ما قاله النصارى واليهود؛ فقالت النصارى والعياذ بالله، قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم قل فمن يملك من اهلي شيئاً إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعاً ولهه ملك السماوات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء واها على كل شئ قدير) المائدة: 17
قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك باللهﭨ فقد حرم الله عليه الجنة ومأوه النار وما للظالمين من أنصار) المائدة: 72
قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( يآ أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروحٌ منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون لهُ ولدٌ لهُ ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا) النساء: 171
قال تعالى: أعوذ الله من الشيطان الرجيم ( وقالت النصارى المسيح ابن الله) التوبة: 30

وزعمت اليهود:
قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( وقالت اليهود عزير ابن الله) التوبة: 30
والله عز وجل يقول في محكم تنزيله ( ذلك قولهم بأفواهم يضائهون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون) التوبة: 30

وينقسم الكفر باعتبار كونه أصلياً أو طارئاً إلى نوعين:-
وما يهمنا هنا هو الكفر الأصلي:
وهو: كفر من لم يدخل في دين الأسلام ولم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا ككفر المشركين وأهل الكتاب من يهود ونصارى، وككفر المجوس، وعبدة الأوثان والدهريين والفلاسفة، والصابئة وغيرهم من أصناف الكفار المتحيزين عن دين الأسلام.
والكفار الأصليون ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:-
1- القسم الأول: اهل الكتاب؛ وهم اليهود والنصارى من بني إسرائيل، أهل التوراة والأنجيل، من غير اختلاف بين العلماء في أنهم هم أهل الكتاب الذين عناهم الله بقوله: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌ لكم وطعامكم حلٌ لهم)
وقوله عز وجل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا ءاتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الأخرة من الخاسرين) المائدة: 5

قولهم في حق الله عز وجل :كانت اليهود تصف الله تعالى بالنقائص، فتلحقه بالمخلوق وكانت النصارى تلحق المخلوق الناقص بالرب الكامل.
- في حق الأنبياء: كذبت اليهود عيسى ابن مريم، وكفرت به، وغلت النصارى فيه، حتى جعلته إلهاً.
- في العبادات: النصارى يدينون لله عز وجل بعدم الطهارة؛ بمعنى أنهم لا يتطهرون من الخبث؛ يبول الواحد منهم، ويصيب البول ثيابه، ويقوم ويصلي في الكنيسة!!!!! واليهود بالعكس؛ إذا أصابتهم النجاسة؛ فإنهم يقرضونها من الثوب؛ فلا يطهرها الماء عندهم؛ حتى إنهم يبتعدون عن الحائض لا يؤاكلونها ولا يجتمعون بها.
- في باب المحرَّمات: من المآكل والمشارب؛ النصارى استحلوا الخبائث وجميع المحرَّمات ، واليهود حرَّم عليهم كل ذي ظفر من غلوهم.
والحق ما قاله الله سبحانه وتعالى: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون) يونس: 32

ونكمل حديثنا:-
لما جاء مجزز المدلجي إلى زيد بن حارثه وابنه أسامه، وهما ملتحفان برداء، قد بدت أقدامها؛ نظر إلى القدمين، فقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض. فعرف ذلك بالشبه.
فلكمال أحديته وكمال صمديته ( لم يلد) ، والوالد محتاج إلى الولد بالخدمة والنفقة ويعينه عند العجز؛ ويبقي نسله.
( ولم يولد) ؛ لأنه لو ولد؛ كما زعم الكافرين؛ لكان مسبوقاً بوالد، مع أنه جل وعلا هو الأول الذي ليس قبله شئ، وهو الخالق، وما سواه مخلوق، فكيف يولد؟
ويقول الشيخ محمد بن عبدالوهاب في حديثه عن نواقص الاسلام:( فممن لم يكفر المشركين، أو شك في كفرهم، أو صحح مذهبهم كفر) فجعل شريكاً لله هذا كفر.
والحاصل أن الكفر بأنواعه وهي:-
الأول: الإنكار والتكذيب
الثاني: الجحود
الثالث: العناد والاستكبار
الرابع: النفاق
الخامس: الإعراض
السادس: الشك
فهذه أنواع الكفر التي أشرك بها النصارى واليهود وغيرهم كثير، [COLOR="Blue"]ويقول القاضي عياض[/COLOR]:( اعلم أن من استخف بالقرآن، أو المصحف أو بشئ منه، أو سبهما، أو جحده، أو حرفِ منه أو آيه، أو كذب به، أو بشئ منه، أو كذب بشئ مما صرح فيه من حكم وخبر، أو أثبت ما نفاه، أو نفى ما أثبته، على علم منه بذلك، أو شك في شئ من ذلك، فهو كافر عند أهل العلم بإجماع)).
وإنكار أنه ولدَ أبلغ في العقول من إنكار أنه والد، ولهذا لم يدعِ أحداً أن لله والداً، وادعى المفترون الضالون والمغضوب عليهم أن له ولداً.
وقد نفى الله هذا وهذا، وبدأ بنفي الولد؛ لأهمية الرد على مدعيه، بل قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ما اتخذ الله من ولد) المؤمنون: 91، حتى ولو بالتسمي؛ فهو لم يلد ولم يتخذ ولداً.
بنو آدم قد يتخذ الإنسان منهم ولداً وهو لم يلده بالتبني أو بالولاية أو بغير ذلك، وإن كان التبني غير مشروع، أما الله عز وجل؛ فلم يلد ولم يولد، ولما يرد الذهن فرض أن يكون الشئ لا والداً ولا مولداً، لكنه متولد؛ نفى هذا الوهم الذي قد يرد، قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( ولم يكن لهُ كُفُواً أحد) الإخلاص: 4 ، وإذا انتفى أن يكون له كفُوُا أحداً، لزم أن لا يكون متولداً، ( ولم يكن لهُ كُفُواً أحد) ، أي لا يكافئه أحد في جميع صفاته.
وهذه السورة فيها: صفات ثبوتية، وصفات سلبية:الصفات الثبوتية:
(الله) التي تتضمن الألوهيه (أحد) تتضمن الأحدية، (الصمد) تتضمن الصمدية.
والصفات السلبية: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( لم يلد ولم يولد، ولم يكن لهُ كُفُواً أحد) الإخلاص: 3-4.
ثلاث إثبات، وثلاث نفي، وهذا النفي يتضمن من الاثبات كمال الأحدية والصمدية.
وقوله : ( ولم يكن له كفُوُاً أحد) ، كما تقدم الكلام عنها، أي: ليس يكافئه أحدٌ، وهو نكره في سياق النفي فتعم و (كُفُواً) فيها ثلاث قراءات:
(كُفُواً) ، وكُفْئاً، وكُفُؤاً؛ فهي بالهمزة ساكنة الفاء ومضمومتها، وبالواو مضمومة ألفاء لا غير، وبهذا نعرف الذين يقرؤون بتسكين الفاء مع الواو (كُفْواً).
والأصح هو (كُفُواً).
فالهدايه هدايتان: 1-
1- هداية دلالة وإرشاد
2- هداية توفيق
والمثبتة هداية الدلالة والإرشاد، والمنفيه هداية التوفيق. قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون) الأنعام: 125
كعباد القبور والشرك فالتلفظ بالشهادة مع عدم العلم بمعناها ولا عمل بمقتضاها فإن ذلك لا ينفع أحداً أبداً قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون) الزخرف: 86
فعقيدة أهل السنة والجماعة: لا يكفرون إلا من اعتقد أو فعل ما يوجب الكفر، ولا يلعنون مُعيناً لأنهم لا يعلمون بم يختم له.
اللهم إلا من عًلمَ يقيناً أنهم ماتوا على الكفر كصنانيد قريش، وكذلك لا يقطعون لأحد بجنة ولا نار إلا من دلَّ القرآن أو السُّنة أنهم من أهل الجنة أو النار.
وموقف الناس كلهم من أهل السنة والجماعة أهل السلف الصالح كما قال الشاعر:
حســدوا الفتى إذ لم ينالوا ســعيه
فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحســــــناء قلن لوجهها
حســــداً وبـغياً إنه لـذميـم
اللهم اجعلنا ممن قلت فيهم: قال تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ءابآءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضى الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب اللهِ هم المفلحون) المجادلة: 22هذا هو الحق الذي يجب أن ندين الله به. والله أعلم
جمعه وكتبه محمد أبو عبدالله السلفي
24 ربيع الثاني 1430هـ
الموافق 20 نيسان 2009م









قائمة المراجع:
1-شرح العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية، شرحه فضيلة الشيخ محمد بن صالح العُثيمين، ضبطه وصححه عبدالله محمود محمد عمر، مكتبة الحكم الدينية 1428هـ -2007م
2-مسائل العقيدة التي قررها الأئمة المالكية، تأليف أبي عبدالله محمد عبدالله الحمادي، قرأهُ وقدم له فضيلة الشيخ أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، الطبعة الأولى 1429هـ -2008م، الدار الأثرية.
3-التكفير وضوابطة، تأليف فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بم عامر الرحيلي. 1429هـ -2008م، الطبعة الثانية، دار الكتب المصرية.
4-أوضح الإشارة في الرد على من أجاز الممنوع من الزيارة، تأليف فضيلة الشيخ أحمد بن يحي النجمي. طبع الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد – الرياض 1405هـ، الطبعة الأولى.
5-التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار، للحافظ ابي الفرج زين الدين عبدالرحمن بن أحمد ابن رجب الحنبلي البغدادي الدمشقي. نشر وتوزيع رئاسة ادارات البحوث العلمية والافتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية.
6-المنِحُ الصحيحة في أصول (النقد) و (النصحية)، أعدهن وضبط نصهن وقدم له فضيلة الشيخ علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الحلبي الأثري 1429هـ - 2008م.
7-الشرح والأبانة على أصول السُّنة والديانة، ومجانبة المخالفين، ومباينة أهل الأهواء والمارقين، وهو المشهور بـِ ((الأبانة الصغرى)) - ، للامامأبي عبدالله ابن بطة العكبري، ضبط نصه، واعتنى به فضيلة الشيخ علي بن حسن بن علي بن عبدالحميد الحلبي الأثري، 1428هـ - 2007م، الطبعة الأولى، الدار الأثرية.
__________________
إن أول مراتب العلم حسن السؤال، ثم حسن الاستماع ثم حسن الفهم

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً ، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم ) [الأحزاب: 70 ،71] .

"محمد أبـو عبدالـلـه الســـــــــلفـي"
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:36 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.