موعظة بمناسبة ذهاب اكثرشهر رمضان /العلامة المعلمي
قال العلامة المعلمي
اغتنِموا ساعاتِكم قبل الفَوات، وأعمارَكم قبل الوفات، وبادِروا بالتوبة قبلَ الممات، قبل هجومِ هاذمِ اللَّذات، ومفرِّق الجماعات، ومبدِّلِ الجمع بالشَّتات، مُلْحِق الأحياء بالأموات، الناقل عن دار العمل إلى دار المُجازات
ناجِزُوا أنفسَكم مناجزةَ ذوي العداوات، فنزِّهوها عن جميع السيئات، وباعِدُوها عن موارد الخطيئات، وتُوبوا إلى الله من جميع الموبِقات؛ فإنَّ التوبة تبدِّل السيئاتِ حسناتٍ.
واعلموا أنَّ شهرَكم الكريم هذا قد ذهب أكثرُه، ولم تُودِعوه من العمل ما يُوجِبُ النجات؛ فإن صمتم لم تصونوا جوارحَكم عن المهلكات، ولم تتحرَّزوا عن المحرَّمات والشبهات، في المأكولات والمشروبات والملبوسات، والمرئيَّات والمسموعات والمنطوقات وجميع المصنوعات
وإن صلَّيتم لم تحافظوا على الشروط والأركان الواجبات، والسنن المندوبات، والخشوع الذي هو روح الصلات
وإن قرأتم القرآن لم تتدبروا معاني الآيات، ولم تعملوا بما فيه من الهدى والبينات
وإن تصَّدقتم لم تُطيِّبوا الصدقات، ولم تخلِّصوها عن النهر والمَنِّ والمراءات
فأفيقوا - عباد الله - من سكرات الغفلات، واعلموا أنَّ الجنةَ محفوفةٌ بالمكاره، والنارَ محفوفةٌ بالشهوات. فقلَّما بلغ الجنَّةَ من لم يصبر على مقاساة المشقَّات، وقلما بلغ النار من لم يتفيَّأ ظلال اللذات
يا طالبَ الجنة أين ما قدَّمتَ من الأعمال الصالحات؟
هل حافظت على المندوبات؟
هل تمَّمت المفروضات؟
هل احتميتَ عن المحرَّمات؟
يا هاربَ النار، أيُّ جُنَّةٍ نصبتَها دونها من الواقيات؟
وأي بابٍ من أبوابها سددتَه بالمجاهدات؟
فاستمعوا - وفَّقني الله وإياكم - الموعظةَ، واعملوا بها. فشرُّكم من لم تنفعه الموعظةُ
وإنْ أجرى لها العبرات، وصعَّد الزَّفرات
وقد بقيت من شهركم هذا بقيةُ ليالي صالحات، فيها ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ لمن أدركتْه ملازمًا للطاعات، ولعلها شرٌّ من ألفِ شهرٍ على من صادفَتْه منهمكًا في الخطيئات
فأكرِهوا أنفسَكم على مشاقِّ الخيرات، وافطموها عن مراضع الهلكات ، لتفوزوا برضوان ربِّ الأرض والسَّماوات.
الحديث: في "الصحيحين" عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إنَّ رجالًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا ليلةَ القدر في المنام في السبع الأواخر،فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ رؤياكم قد تواطأتْ في السبع الأواخر، فمن كان متحرِّيها فليتحرَّها في السبعِ الأواخر".
وأمَّا فضلها، فحسبكم فيه أنَّ الله تعالى أنزل فيها سورةً كاملةً
قال سبحانه وتعالى: {بسم الله الرحمن الرحيم إنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}.
تغمدني الله وإياكم برحمته وغفرانه، وكتب لنا خلودَ جِنانه، بفضله ورضوانه، وجوده وإحسانه.
هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.
اثار المعلمي 22 /38
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا
قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"
قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"
السير6 /369
قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"
الفتاوى السعدية 461
https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
|