أنقذوا دمّاج من عدوان الحوثيين / للشيخ عبد الرحمن بن ندى العتيبي -حفظه الله-

[خالد بن إبراهيم آل كاملة]

انقذوا دمّاج من عدوان الحوثيين

عبدالرحمن بن ندى العتيبي

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان الا على الظالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وعلى من اتبعهم باحسان الى يوم الدين:
سمعنا الأخبار بقيام الحوثيين في «صعدة» باليمن بمحاصرة قرية دمّاج السُّنية وقذفها بالمدافع ومنع المساعدات من الوصول اليها، وقد قاموا بقتل أفراد من دمّاج، والحوثيون لا يتورعون عن هدم المساجد

وقتل المصلين فيها، وفعلهم ذلك بغي وعدوان على أهل السُّنَّة، فالحوثيون كما قال الله جل وعلا {لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلًّا وَلَا ذِمَّةً} [التوبة: 10].

دمّاج قرية سُّنِّية مسالمة

دمّاج قرية بالقرب من محافظة صعدة باليمن، وتبعد عن صعدة سبعة كيلومترات تقريباً، وقد زرتُ هذه القرية قبل عشر سنوات والتقينا فيها علامة اليمن الشيخ مقبل بن هادي الوادعي- رحمه الله-

ورأينا فيه سمت العلماء من تواضع في الملبس والمسكن والمطعم وحسن معاملة، وزهد في الدنيا منقطع النظير في الأزمنة المتأخرة، وقد دعانا للعشاء فجلسنا في مجلسه وكان فراشاً بسيطاً والمائدة خبز

وجبن ومربى، وأُخْبِرنا بأن الشيخ ما يأتيه من مال لا يدخره لنفسه وانما يصرفه على طلاب العلم ومصالح القرية. فهو مثالٌ للعالم العامل بعلمه وعنده سعة اطلاع وغزارة علم، وكان الشيخ يقضي الليل

في التأليف وفي النهار يلقي الدروس ويتابع طلابه، وقد وجدنا القرية كأنها خلية نحل فالجميع منشغل بالعبادة والعلم الشرعي، فالقوم صباح مساء يتدارسون علوم الشرع كالتفسير والحديث والفقه وعلوم

العربية، وقيل لنا ان طلاب الشيخ عددهم ألف وثلاثمائة فلما صلينا في المسجد الجامع وجدنا العدد قريباً من ذلك. وقد خرجنا مع الشيخ بعد العصر في نزهة في الوادي وكان الشيخ متقلداً سلاحه

المسدس، وقد أخبرنا أحد حرسه وهو الأخ أحمد عربس بأن الشيخ مستهدف من أهل الباطل، وكانوا يكيدون للشيخ لأجل قيامه بالدعوة وألّبوا عليه السلطة وعندما قيل لرئيس اليمن علي عبدالله

صالح ان الشيخ مقبل يثير الفتن، بعث الرئيس بمندوبين الى دمّاج ليتحققوا من صحة الأمر، فلما جاؤوا للشيخ قال لهم: قولوا للرئيس ان كان وجودي في اليمن يثير فتنة فأنا مستعد للرحيل، فأنا لا

أملك الا مكتبتي فسأنقلها معي وأرحل، وبعد تحقق الرئيس من حال القرية وما هي عليه، قال الرئيس: قولوا للشيخ مقبل يمكث في دمّاج ويفعل ما يشاء فانه رجل صالح وعمله خير للأمة.
الشيخ مقبل من أهل اليمن وارتحل الى مكة وطلب العلم فقد درس في معهد الحرم المكي وأخذ عن بعض المشايخ في مكة، ثم ارتحل الى المدينة- على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى التسليم- ودرس في

الجامعة الاسلامية، وللشيخ مؤلفات كثيرة في الحديث وغيره، فله تحقيق لتفسير ابن كثير، وله الصحيح المسند من أسباب النزول، وبعد طلبه للعلم في بلد الحرمين رجع الى بلده اليمن، وجلس

للتدريس فهو صاحب همة عالية، ونشاط لا يعرف الملل والفتور، فالرجل جادٌ في دعوته، وهذا ما لمسته أثناء زيارتي له.فقد حدثني أنا شخصيا- عبدالرحمن بن ندى ومن معي- بأنه عندما رجع الى اليمن

لم يكن معه أحد في دعوته ثم بدأ بعدد قليل وأخذ يزداد وما ترونه اليوم فضل من الله، فلم أكن أتوقع ان نصل الى ما وصلنا اليه فقد كثر العدد وأصبح لنا دعاة في نواحي اليمن، وأخذ الناس وطلبة

العلم خاصة يتوافدون عليهم من دول عربية وأخرى أجنبية، واشتهر أمر دعوتهم، وقد أخبرنا الشيخ بأن السفيرة الأمريكية في اليمن قد زارت دمّاج وكان هدفها ان تستطلع شأن الدعوة في القرية وهل

من فيها من ضمن الجماعات المسلحة التي تتخذ العنف وسيلة للتغيير، ولكن تقرير السفيرة نفى ان تكون دعوتهم مسلحة واستمر الشيخ في دعوته صابراً محتسباً حتى توفاه الله، وقد أوصى قبل موته

بأن يستمر أمر الدعوة في دمّاج على ما هو عليه وأن يُسند الأمر الى الشيخ يحيى الحجوري ومازالت الدعوة قائمة من بعده على نفس النهج.

عقيدة أهل دمّاج ودعوتهم

قرية دمّاج قرية مسالمة أهلها على مذهب أهل السُّنَّة والجماعة ومعتقدهم، ودعوتهم تشمل ما يلى:
-1 الدعوة الى عبادة الله وحده ونبذ الشرك ومحاربة البدع والخرافات.
-2 دعوة الأمة الى الرجوع الى الكتاب والسُّنَّة والعمل بهما.
-3 تعظيم شأن العلم الشرعي وحثّ الناس على الاهتمام به فهو الوسيلة الصحيحة لعبادة الله على بصيرة.
-4 عمل مراكز دعوية لنشر مذهب أهل السُّنَّة ومنطلقها المساجد.

-5 الجد في تربية النشء وتعليمهم تحمل المسؤولية.
-6 بذل المجهود لرفع الجهل عن الأمة.
-7 نبذ الحزبية والانكار على من يعمل خلايا سرية ويجعل على الحزب أميراً يُبايع دون علم من المسلمين.

الحوثيون صنيعة فارسية

أهل اليمن كثيرٌ منهم على المذهب الزيدي، وهو قريب من مذهب أهل السُّنَّة ولا يخالفون أهل السُّنَّة في الأصول، ودولة ايران الفارسية لها أطماع في المنطقة وتسعى لإثارة القلاقل وجعل المنطقة على

صفيح ساخن، فبين العرب والفرس مشاحنات قديمة، فسعت ايران الى نشر منهجها ومعتقدها لتصل الى مآربها، فقامت بشراء أفراد من الزيدية منهم بدر الحوثي، ودعتهم الى اعتناق منهج الحوثيين

ومنهجها الذي تموّله ايران في كثير من الدول لكي تستطيع التدخل في شؤون تلك الدول، فموّلت ما يُسمى بحزب الله في لبنان، وموّلت الحوثيين في اليمن، عندما اعتدوا على دمّاج، فمتى ما حانت لهم

الفرصة آذوا المسلمين فهم كما قال الله تبارك وتعالى: {انْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا الَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (2)} [الحشر]، فلما وجد الحوثيون ان السلطة الحاكمة في

اليمن ضعيفة وقل الأمن هجموا على دمّاج، نسأل الله ان يرد كيدهم في نحورهم، وهكذا اظهروا انهم مسالمين تجاه الآخرين فان ذلك لا يصدر منهم الا في حالة الضعف، فينبغي الحذر منهم وألا يؤمن

جانبهم، وعلى المسلمين ان يهبوا لنصرة اخوانهم في دمّاج فندعو قبائل اليمن الشريفة ان تقوم بنصرة المظلوم وأن تقف في وجه المعتدي، فدمّاج لن تكون آخر ضحاياهم، فهم لم يتركوا الناس في حالهم،

وانما يريدون ارغام الآخرين على الأخذ بمعتقداتهم، نسأل ان يحمي المسلمين منهم ، وندعو كل من يقدر على النصرة ألا يتوانى وبأي وسيلة كانت بالنفس والمال والاعلام فهو وسيلة ضاغطة وبالدعاء

نسأل الله القوي الجبار القهار ان يقهر أعداء الاسلام وأن يجعل تدميرهم في تدبيرهم، وأن يكشف الغمة عن أهل دمّاج وينصرهم وجميع المسلمين في جميع أنحاء العالم انه قريب سميع مجيب

عبد الرحمن بن ندى العتيبي
جريدة الوطن الكويتية
11-12-2011

[خالد بن إبراهيم آل كاملة]

للتذكيير
........