أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
67804 85137

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > استراحة المنتدى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-26-2014, 07:42 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي علامات العالم الحق



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه، أما بعد:

فإننا في زمان قد قلَّ فيه العلم، وكثر فيه الجهل، واختلط الحق بالباطل، ولم يعد الكثير من الناس يُدرك حقائق الأمور.

ومن بين كل تلك الأوابد، مصيبة كبرى – وكل ما مضى مصيبة -؛ ألا وهي كثرة المتكلمين في دين الله بدون معيار صحيح؛ لتمييز العالم من الجاهل. ومع كثرة وسائل الاتصال؛ بداية من الفضائيات، وانتهاء بالشبكة العنكبوتية، دخل هؤلاء المتكلمون بغثهم وسمينهم إلى بيوت الناس، فأضرموا نيران الجهل، وأطفئوا نور العلم، وكل ذلك في ظلمة من الأرض لقلة العلماء، والله يحكم لا معقب لحكمه.

وقد استغل البعضُ عبارةً مشهورةً، سارت بها الركبان، وهي في نفسها تحمل حقًّا، ولكنها أوردت في سبل الضلال؛ لتكون دليلا للهلاك؛ فقالوا: " ليس عندنا رجال كهنوت ". وذلك إذا واجههم أحد بأنهم ليسوا من أهل العلم حتى يتكلموا في دين الله. ويريدون بتلك العبارة أن يصبح دين الله مشاعًا للجميع، كلٌّ يدلي بدلوه – ولو كان دلوًا غير طاهر – في دين الله، فيتكلم بما شاء، زاعمًا أن الدين ليس حكرًا على أحد. وهذا فهم مغلوطٌ غير سديد؛ لأن الحق الذي تحمله العبارة أن الإسلام لا يوجد فيه حصر العلم على فئة خاصة كما عند النصارى وغيرهم، فلا يطلب العلم ولا يتكلم فيه سواهم، وعلى باقي الناس التقليد الأعمى، والانصياع البهيمي، دون تفكير أو تعقيب

وهذا بحق لا يوجد في دين، وإنما العلم مكفول للجميع، ولكل مسلم الجق في طلب علم الكتاب والسنة، ولكل مسلم حصل أدوات الاجتهاد والعلم الصحيح الحق في أن يتكلم في الدين. إذن فإن فهم العبارة على أن الكلام لكل أحد خطأ، ولكن الصحيح أن الكلام لكل أحد مؤهل للكلام، ولا يحصر التعلم في أحد أو فئة. والله الموفق.
ولذلك كان من المهم ان نعرف ما هي صفات العالم الذي تتلقى منه دين الله، وهذا ما تكلم به العلامة الشاطبي رحمه الله فقال:


"وللعالم المتحقق بالعلم أمارات وعلامات تتفق على ما تقدم، وإن خالفتها في النظر، وهي ثلاث:

إحداها: العمل بما علم؛ حتى يكون قوله مطابقا لفعله، فإن كان مخالفا له؛ فليس بأهل لأن يؤخذ عنه، ولا أن يقتدى به في علم، وهذا المعنى مبين على الكمال في كتاب الاجتهاد، والحمد لله.

والثانية: أن يكون ممن رباه الشيوخ في ذلك العلم؛ لأخذه عنهم، وملازمته لهم؛ فهو الجدير بأن يتصف بما اتصفوا به من ذلك، وهكذا كان شأن السلف الصالح.
فأول ذلك ملازمة الصحابة -رضي الله عنهم- لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأخذهم بأقواله وأفعاله، واعتمادهم على ما يرد منه، كائنا ما كان، وعلى أي وجه صدر؛ فهم فهموا مغزى ما أراد به أولًا، حتى علموا وتيقنوا أنه الحق الذي لا يعارض، والحكمة التي لا ينكسر قانونها، ولا يحوم النقص حول حمى كمالها، وإنما ذلك بكثرة الملازمة، وشدة المثابرة.
وتأمل قصة عمر بن الخطاب في صلح الحديبية؛ حيث قال: يا رسول الله! ألسنا على حق، وهم على باطل؟
قال: "بلى ".
قال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟
قال: "بلى ".
قال: ففيم نعطي الدنية في ديننا، ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟
قال: "يابن الخطاب! إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدا ".
فانطلق عمر ولم يصبر، متغيظا، فأتى أبا بكر؛ فقال له مثل ذلك.
فقال أبو بكر: إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا.
قال: فنزل القرآن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه؛ فقال: يا رسول الله! أوفتح هو؟ قال: "نعم ". فطابت نفسه ورجع.

فهذا من فوائد الملازمة، والانقياد للعلماء، والصبر عليهم في مواطن الإشكال؛ حتى لاح البرهان للعيان.

وفيه قال سهل بن حنيف يوم صفين: "أيها الناس! اتهموا رأيكم، والله؛ لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أنى أستطيع أن أرد أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرددته"، وإنما قال ذلك لما عرض لهم فيه من الإشكال، وإنما نزلت سورة الفتح بعد ما خالطهم الحزن والكآبة؛ لشدة الإشكال عليهم، والتباس الأمر، ولكنهم سلموا وتركوا رأيهم حتى نزل القرآن فزال الإشكال والالتباس.
وصار مثل ذلك أصلا لمن بعدهم؛ فالتزم التابعون في الصحابة سيرتهم مع النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى فقهوا، ونالوا ذروة الكمال في العلوم الشرعية، وحسبك من صحة هذه القاعدة أنك لا تجد عالما اشتهر في الناس الأخذ عنه إلا وله قدوة واشتهر في قرنه بمثل ذلك، وقلما وجدت فرقة زائغة، ولا أحد مخالف للسنة إلا وهو مفارق لهذا الوصف، وبهذا الوجه وقع التشنيع على ابن حزم الظاهري، وأنه لم يلازم الأخذ عن الشيوخ، ولا تأدب بآدابهم، وبضد ذلك كان العلماء الراسخون كالأئمة الأربعة وأشباههم.

والثالثة: الاقتداء بمن أخذ عنه، والتأدب بأدبه، كما علمت من اقتداء الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم واقتداء التابعين بالصحابة، وهكذا في كل قرن، وبهذا الوصف امتاز مالك عن أضرابه -أعني: بشدة الاتصاف به- وإلا؛ فالجميع ممن يهتدى به في الدين، كذلك كانوا، ولكن مالكًا اشتهر بالمبالغة في هذا المعنى، فلما ترك هذا الوصف؛ رفعت البدع رءوسها لأن ترك الاقتداء دليل على أمر حدث عند التارك، أصله اتباع الهوى، ولهذا المعنى تقرير في كتاب الاجتهاد بحول الله تعالى"[1].
فهذه أهم أوصاف أولائكم النفر الكرام، فانظر عمن تأخذ دينك
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


[1] الموافقات (1/141-145)


الإعداد العلمي لموقع الجمعية العلمية السعودية للسنة وعلومها
http://sunnah.org.sa/ar/sunnah-scien...04-25-19-12-25
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:44 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.