أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
3674 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 12-31-2015, 10:41 PM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي

قال الشيخ فيصل الجاسم في كتابه حقيقة الخوارج:
" يتبين من كلام أهل العلم هنا بأن الخوارج يجمعهم الخروج على الولاة ، ومنه اشتق اسم الخوارج ، وقيل سموا بذلك لخروجهم عن الدين بمخالفة السنة والتكفير بالمعصية ، والصواب في هذا أن يقال بأن الخوارج على نوعين :
النوع الأول : هم الذين يخرجون على الأئمة بسبب اعتقاد فاسد كالتكفير بالمعصية ، وهم الخوارج المارقة من الدين كما في الحديث : ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) ، أو يخرجون ببدعة أخرى مخالفة للسنة كحال عامة أهل الأهواء .
وهؤلاء هم الذين ورد ذمهم في الأحاديث ، والترغيب في قتلهم ، ووصفهم بأنهم كلاب النار ، وأنهم شر الخلق والخليقة .
والثاني : هم الذين يخرجون على الأئمة طلباً للملك من غير اعتقاد فاسد ، وهؤلاء هم البغاة وهم قسمان :
الأول : من خرجوا غضباً للدين ، ورغبة في إزالة منكر
والثاني : من خرجوا طلباً للملك فقط

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(لكن قد يخطئون من وجهين – أي من يخرجون على الأئمة بغرض إنكار المنكر -:
أحدهما أن يكون ما رأوه ديناً ليس بدين ، كرأي الخوارج وغيرهم من أهل الأهواء ، فإنهم يعتقدون رأياً هو خطأ وبدعة ويقاتلون الناس عليه ، بل يكفرون من خالفهم فيصيرون مخطئين في رأيهم وفي قتال من خالفهم أو تكفيرهم ولعنهم ، وهذه حال عامة أهل الأهواء كالجهمية ... –إلى قوله - والخوارج المارقون أئمة هؤلاء في تكفير أهل السنة والجماعة وفي قتالهم
الوجه الثاني من يقاتل لا على اعتقاد رأي يدعو إليه مخالف للسنة والجماعة ، كأهل الجمل وصفين والحرة[1] والجماجم[2] وغيرهم ، لكن يظن أنه بالقتال تحصل المصلحة المطلوبة فلا يحصل بالقتال ذلك بل تعظم المفسدة أكثر مما كانت فيتبين لهم في آخر الأمر ما كان الشارع دل عليه من أول الأمر ، وفيهم من لم تبلغه نصوص الشارع أو لم تثبت عنده ، وفيهم من يظنها منسوخة كابن حزم ، وفيهم من يتأولها كما يجري لكثير من المجتهدين )[3]
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( فإنهم – أي الخوارج - على قسمين :
أحدهما : من تقدم ذكره – أي الذين خرجوا على علي رضي الله عنه ومن أتى بعدهم كالأزارقة وغيرهم –
والثاني : من خرج في طلب الملك ، لا للدعاء إلى معتقده وهم على قسمين أيضا :
قسم خرجوا غضباً للدين من أجل جور الولاة وترك عملهم بالسنة النبوية ، فهؤلاء أهل حق[4] ومنهم الحسن بن علي وأهل المدينة في الحرة والقراء الذين خرجوا على الحجاج
وقسم خرجوا لطلب الملك فقط سواء كانت فيهم شبهة أم لا وهم البغاة ) الفتح 12/298

وهذا النوع من الخارجين يطلق عليهم الخوارج بجامع الخروج على الولاة ، وإن كانوا ليسوا في الذم كالنوع الأول ، إلا إنهم ممن خالف الأحاديث النبوية الكثيرة الآمرة بالصبر على جور الولاة ، وعدم نزع اليد من طاعتهم ما داموا مسلمين لم يظهر منهم الكفر البواح البين الذى لا تأويل فيه ولا إشكال ، وقد أطلق بعض السلف عليهم البدعة باستحلالهم الخروج بالمعصية وإن لم يُكَفِّروا بها.
قال الإمام أحمد رحمه الله :
( ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس قد اجتمعوا عليه ، وأقروا له بالخلافة ، بأي وجه كان ، بالرضا أو بالغلبة ، فقد شق عصا المسلمين ، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن مات الخارج عليه مات ميتة جاهلية .
ولا يحل قتال السلطان ، ولا الخروج عليه لأحد من الناس ، فمن فعل ذلك فهو مبتدع على غير السنة والطريق ) شرح أصول الإعتقاد للالكائي (اعتقاد أحمد بن حنبل 281)

.. ولما كان فساد الاعتقاد مع الخروج مستلزماً للذم الشديد ، بخلاف الخروج على الولاة من غير اعتقاد فاسد ، اختلفت أحكامهم وعقوباتهم في الدنيا .
فالخوارج المارقة قد اختلف العلماء في كفرهم ، وإن كان المعروف عن الصحابة عدم تكفيرهم ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام في غير ما موضع من كتبه ، بخلاف البغاة .
وكذلك اختلف الداعي لقتالهم ، فإن الخوارج المارقة يُقاتَلون لخروجهم عن الدين أولاً ، ولبغيهم على المسلمين ثانياً ، بخلاف البغاة الذين يُقاتلون لخروجهم عن طاعة إمام معين ، ولأجل ذلك اختلفت أحكام توابع القتال من الإجهاز على جريحهم ، واتباع مدبرهم ونحو ذلك مما هو مذكور في كتب أهل العلم ، في باب قتال أهل البغي
قال ابن تيمية رحمه الله :
( ولا يجوز أن يكون أمر بقتلهم – أي الخوارج المارقة - لمجرد قتالهم الناس كما يُقاتل الصائل من قاطع الطريق ونحوه وكما يُقاتل البغاة ، لأن أولئك أنما يشرع قتالهم حتى تنكسر شوكتهم ويكفُّوا عن الفساد ويدخلوا في الطاعة ، ولا يُقتلون أينما لقوا ، ولا يُقتلون قتل عاد ، وليسوا شر قتلى تحت أديم السماء ، ولا يُؤمر بقتلهم ، وإنما يُؤمر في آخر الأمر بقتالهم ، فعُلِم أن هؤلاء أوجب قتلهم مروقهم من الدين ، لمَّا غَلَوْا فيه حتى مرقوا منه كما دل عليه قوله في حديث علي "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فأينما لقيتموهم فاقتلوهم" فرتب الأمر بالقتل على مروقهم ، فعُلم أنه الموجب له ..... فثبت أن قتلهم لخصوص صفتهم ، لا لعموم كونهم بغاة أو محاربين ، وهذا القدر موجود في الواحد منهم كوجوده في العدد منهم ، وإنما لم يقتلهم علي رضي الله عنه أول ما ظهروا لأنه لم يتبين له أنهم الطائفة المنعوتة ، حتى سفكوا دم ابن خباب وأغاروا على سرح الناس ، فظهر فيهم قوله "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان" فعلم أنهم المارقون ، ولأنه لو قتلهم قبل المحاربة له لربما غضبت لهم قبائلهم وتفرقوا على علي رضي الله عنه ..... ) الصارم المسلول 2/347
وقال أيضاً في حثه لقتال التتار :
(وهؤلاء – أي التتار - عند المحققين من العلماء ليسوا بمنزلة البغاة الخارجين على الإمام ، أو الخارجين عن طاعته ، كأهل الشام مع أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه ، فإن أولئك خارجون عن طاعة إمام معين ، أو خارجون عليه لإزالة ولايته ، وأما المذكورون فهم خارجون عن الإسلام ، بمنزلة مانعي الزكاة ، وبمنزلة الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبى طالب رضي الله عنه ، ولهذا افترقت سيرة علي رضي الله عنه في قتاله لأهل البصرة والشام ، وفي قتاله لأهل النهروان ، فكانت سيرته مع أهل البصرة والشاميين سيرة الأخ مع أخيه ، ومع الخوارج بخلاف ذلك ، وثبتت النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم بما استقر عليه إجماع الصحابة من قتال الصديق ، وقتال الخوارج ، بخلاف الفتنة الواقعة مع أهل الشام والبصرة فإن النصوص دلت فيها بما دلت والصحابة والتابعون اختلفوا فيها ) مجموع الفتاوى 28/503"


[1] وهم أهل المدينة الذين خرجوا على يزيد بن معاوية بعدما نقضوا بيعته وبايعوا لعبد الله بن حنظلة الغسيل سنة 63هـ

[2] وهم أهل العراق الذين خرجوا في فتنة ابن الأشعث على الحجاج وعبد الملك بن مروان سنة81هـ ، والجماجم اسم للمكان الذي وقعت به المعركة الأخيرة التي هزم فيها الحجاج جيش ابن الأشعث ، وتعرف بمعركة دير الجماجم.

[3]منهاج السنة 4/536

[4] ومراده بذلك أنهم يطلبون إزالة منكر وفعل معروف ، وهذا حق ، لا أن خروجهم لأجله حق ، بدليل أنه نقل إجماع العلماء على عدم جواز الخروج على الولاة بالظلم والمعاصي .


__________________
قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله-: " فإن الواجب أن يكون المرءُ معتنيا بأنواع التعاملات حتى يكون إذا تعامل مع الخلق يتعامل معهم على وفق الشرع، وأن لا يكون متعاملا على وفق هواه وعلى وفق ما يريد ، فالتعامل مع الناس بأصنافهم يحتاج إلى علم شرعي"
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 01-02-2016, 04:46 PM
أبوعبدالرحمن الأعظمي أبوعبدالرحمن الأعظمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: سورية
المشاركات: 290
افتراضي

[quote=أبي مالك أحمد الأزهري;352590]


-------------------------------------------
أما بالنسبة لمن خرج لأجل حظ النفس وهو يرى الطاعة .. فلا يتصور !
[/quot

ولماذا لايتصور!!!.
مثلهُ مثل أيِّ عاصٍ، يعرف حرمة الفعل ويفعله.!
__________________
قال الإمام الألباني _رحمه الله_:

طالب العلم يكفيه دليل .
وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل .
الجاهل يتعلم .
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .

وقال شيخنا علي الحلبي_حفظه الله_تعالى_ورعاه_:
سلامة المنهج أهمّ بكثير من العلم.
ولأن يعيش المرء جاهلاً خير له من أن علمه على خلاف السنة والعقيدة الصحيحة
.
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 01-02-2016, 05:42 PM
أبوعبدالرحمن الأعظمي أبوعبدالرحمن الأعظمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: سورية
المشاركات: 290
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجيب بن منصور المهاجر مشاهدة المشاركة
أخي عبد الرحمن : لعلّك تنتبه أن جوامع الكلم من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا فمهما إجتهد غيره في ضبط الكلام فستجد له مأخذا وإن كنت لا أوافقك في هذه الجزئية وأزعم أن الشيخ أبو رقية حفظه الله قد إنتبه لهذا فقيّده بقوله ( أو حمل السلاح عليهم ((بغير حق شرعي)) ) وبهذا خرج أهل البغي من التوصيف والله أعلم
بارك الله فيك أخي النجيب نجيب.
أيضاً هذه العبارة غير صحيحة!، لأنَّه قد يقال: الذي حمل السلاح (بحق شرعي)! هذا ليس باغياً فضلاً على أن يكون خارجياً.!

وإنما لو قال: بدون تأويل !!!. لكان الكلام أولى. والله أعلم.
__________________
قال الإمام الألباني _رحمه الله_:

طالب العلم يكفيه دليل .
وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل .
الجاهل يتعلم .
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .

وقال شيخنا علي الحلبي_حفظه الله_تعالى_ورعاه_:
سلامة المنهج أهمّ بكثير من العلم.
ولأن يعيش المرء جاهلاً خير له من أن علمه على خلاف السنة والعقيدة الصحيحة
.
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 01-02-2016, 11:31 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

بناء على طلب الأخ أبو مالك حفظه الله قمت بنقل ما استشكلتموه من كلام الشيخ له وأنا في إنتظار جوابه فمتى ما نشره نقلته إليكم
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 01-03-2016, 01:19 AM
أبوعبدالرحمن الأعظمي أبوعبدالرحمن الأعظمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: سورية
المشاركات: 290
افتراضي

[quote=نجيب بن منصور المهاجر;352750]بناء على طلب الأخ أبو مالك حفظه الله قمت بنقل ما استشكلتموه من كلام الشيخ له وأنا في إنتظار جوابه فمتى ما نشره نقلته إليكم

جزاك اللهُ خيراً أخي نجيب...
وبارك اللهُ في الشيخ أبي رقية.
ونحن معكم على الخط، نقرر ما قرره السلفُ، ونقول مايقولون_ولا يسعنا إلا ذلك_.!
__________________
قال الإمام الألباني _رحمه الله_:

طالب العلم يكفيه دليل .
وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل .
الجاهل يتعلم .
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .

وقال شيخنا علي الحلبي_حفظه الله_تعالى_ورعاه_:
سلامة المنهج أهمّ بكثير من العلم.
ولأن يعيش المرء جاهلاً خير له من أن علمه على خلاف السنة والعقيدة الصحيحة
.
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 01-03-2016, 01:17 PM
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: مصر
المشاركات: 314
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نجيب بن منصور المهاجر مشاهدة المشاركة
بناء على طلب الأخ أبو مالك حفظه الله قمت بنقل ما استشكلتموه من كلام الشيخ له وأنا في إنتظار جوابه فمتى ما نشره نقلته إليكم

جزيت خيرا على علو أدبك - بورك فيك -.. علمنا الله وإياكم إخوتنا الأحباء .
__________________
قال الإمام أحمد ( رحمه الله ) :
" لو تدبر إنسان القرءان ، كان فيه : ما ( يرد !) على كل مبتدع وبدعته "
[ السنة للخلال ( ٩١٢) ]
قال ابن قدامة المقدسي ( رحمه الله ) :
" وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم ، ونحن الآن - في الغالب - أبغض الناس إلينا من يعرف عيوبنا "
[ مختصر منهاج القاصدين ص196 ]

من هنا القناة على تيليجرام

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 01-25-2016, 12:32 PM
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: مصر
المشاركات: 314
افتراضي

للرفع ..............
__________________
قال الإمام أحمد ( رحمه الله ) :
" لو تدبر إنسان القرءان ، كان فيه : ما ( يرد !) على كل مبتدع وبدعته "
[ السنة للخلال ( ٩١٢) ]
قال ابن قدامة المقدسي ( رحمه الله ) :
" وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم ، ونحن الآن - في الغالب - أبغض الناس إلينا من يعرف عيوبنا "
[ مختصر منهاج القاصدين ص196 ]

من هنا القناة على تيليجرام

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 03-11-2016, 06:04 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أَبُو صَفِيّ أَحمَد رَاغِب البَرمَشتِي مشاهدة المشاركة
للرفع ..............

راسلت الشيخ فاعتذر عن تأخر الجواب بظروف قاهرة مرّ بها وهو يسأل إخوانه الدعاء وقد وعد خيرا بقوله (أبشر)
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 03-13-2016, 12:47 AM
رياض القسنطيني رياض القسنطيني غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 16
افتراضي

قال الموفق ابن قدامة رحمه الله في المغني (12/242): «قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ، يَخْرُجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَيَرُومُونَ خَلْعَهُ لَتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، وَفِيهِمْ مَنَعَةٌ يَحْتَاجُ فِي كَفِّهِمْ إلى جَمْعِ الْجَيْشِ، فَهَؤُلَاءِ الْبُغَاةُ».
وأما الخوارج فقد دار كلام كثير من العلماء بأنهم هم من اتصف بوصفين هما:
• تكفير مرتكب الكبيرة.
• الخروج بالسلاح على أئمة المسلمين وعامتهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (12/283): «أما الخوارج فهم جمع خارجة أي طائفة، وهم قوم مبتدعون سُمُّوا بذلك؛ لخروجهم عن الدِّين، وخروجهم على خيار المسلمين».
ولا شك بأن الخوارج يجتمعون مع البغاة في وصف البغي؛ لأنهم بخروجهم ذلك على ولاة المسلمين بغاة معتدون.
ويجتمعون معهم أيضاً في وصف الخروج، وحمل السلاح في وجوه الأئمة وعامة المسلمين.
أما ما يختصُّ به البغاة عن الخوارج فهو في عدة أمور منها:
• أنهم من أهل الحق.
• أنهم يخرجون عن الإمام بتأويل سائغ.
• أنهم أصحاب منعة؛ ويحتاج لكفهم إلى قوة ومغالبة ومقاتلة.
• أن البغاة لا يلزم تفسيقهم إن لم يكونوا من أهل الأهواء، فتقبل شهادتهم إن كانوا عدولاً.
• الاتفاق حاصل في عدم تكفيرهم.
وأما ما يختصُّ به الخوارج فعدة أمور منها:
• أن خروجهم بسبب تكفير أئمة المسلمين وعامتهم.
• أنهم فساق لا تقبل لهم شهادة.
• وقوع الخلاف في تكفيرهم.
قال الشيخ الموفق ابن قدامة رحمه الله في تعداد أصناف الخارجين عن الإمام في المغني (12/238): «وَالْخَارِجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، أَصْنَافٌ أَرْبَعَةٌ:
أَحَدُهَا: قَوْمٌ امْتَنَعُوا مِنْ طَاعَتِهِ، وَخَرَجُوا عَنْ قَبْضَتِهِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، فَهَؤُلَاءِ قُطَّاعُ طَرِيقٍ، سَاعُونَ فِي الْأَرْضِ بِالْفَسَادِ…
الثَّانِي: قَوْمٌ لَهُمْ تَأْوِيلٌ، إلَّا أَنَّهُمْ نَفَرٌ يَسِيرٌ، لَا مَنَعَةَ لَهُمْ، كَالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ وَنَحْوِهِمْ، فَهَؤُلَاءِ قُطَّاعُ طَرِيقٍ، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أصحابنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ…
الثَّالِثُ: الْخَوَارِجُ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالذَّنْبِ، وَيُكَفِّرُونَ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَكَثِيرًا مِنْ الصَّحَابَةِ، وَيَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمْوَالَهُمْ، إلَّا مَنْ خَرَجَ مَعَهُمْ، فَظَاهِرُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ مِنْ أصحابنَا الْمُتَأَخِّرِينَ، أَنَّهُمْ بُغَاةٌ، حُكْمُهُمْ حُكْمُهُمْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَكَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَمَالِكٌ يَرَى اسْتِتَابَتَهُمْ، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا قُتِلُوا عَلَى إفْسَادِهِمْ، لَا عَلَى كُفْرِهِمْ.
وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ إلى أَنَّهُمْ كُفَّارٌ مُرْتَدُّونَ، حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ، وَتُبَاحُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ، فَإِنْ تَحَيَّزُوا فِي مَكَان، وَكَانَتْ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ، صَارُوا أَهْلَ حَرْبٍ كَسَائِرِ الْكُفَّارِ، وَإِنْ كَانُوا فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ، اسْتَتَابَهُمْ، كَاسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ، فَإِنْ تَابُوا، وَإِلَّا، ضُرِبَتْ أَعْنَاقُهُمْ، وَكَانَتْ أَمْوَالُهُمْ فَيْئًا، لَا يَرِثُهُمْ وَرَثَتُهُمْ الْمُسْلِمُونَ…
الصِّنْفُ الرَّابِعُ: قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ، يَخْرُجُونَ عَنْ قَبْضَةِ الْإِمَامِ، وَيَرُومُونَ خَلْعَهُ لَتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، وَفِيهِمْ مَنَعَةٌ يَحْتَاجُ فِي كَفِّهِمْ إلى جَمْعِ الْجَيْشِ، فَهَؤُلَاءِ الْبُغَاةُ، … وَوَاجِبٌ عَلَى النَّاسِ مَعُونَةُ إمَامِهِمْ، فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ؛ … وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوا مَعُونَتَهُ، لَقَهَرَهُ أَهْلُ الْبَغْيِ، وَظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْأَرْضِ».
ولبيان الفرق بين الباعث على قتال البغاة وقتال الخوارج؛ يقول ابن حزم في المحلى (11/97): «فالبغاة قسمان لا ثالث لهما: إما قسم خرجوا على تأويل في الدِّين فأخطئوا فيه, كالخوارج وما جرى مجراهم من سائر الأهواء المخالفة للحق. وإما قسم أرادوا لأنفسهم دنيا فخرجوا على إمام حق، أو على من هو في السيرة مثلهم».
وبمثله قال ابن تيمية رحمه الله أيضاً في منهاج السنة النبوية (5/152): «العادة المعروفة أن الخروج على ولاة الأمور يكون لطلب ما في أيديهم من المال والإمارة وهذا قتال على الدنيا،… وأما أهل البدع كالخوارج فهم يريدون إفساد دين الناس فقتالهم قتال على الدِّين».
ونختم بهذه الفتوى من شيخ الإسلام والذي أتت على كثير مما سبق في تأصيل فريد كعادته رحمه الله؛ حيث سُئل في مجموع الفتاوى (35/53): عَنْ «الْبُغَاةِ وَالْخَوَارِجِ»: هَلْ هِيَ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ؟ أَمْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ؟ وَهَلْ فَرَّقَتْ الشَّرِيعَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْأَحْكَامِ الْجَارِيَةِ عَلَيْهِمَا أَمْ لَا؟ وَإِذَا ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّ الْأَئِمَّةَ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمْ إلَّا فِي الِاسْمِ؛ وَخَالَفَهُ مُخَالِفٌ مُسْتَدِلًّا بِأَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَرَّقَ بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ النهروان: فَهَلْ الْحَقُّ مَعَ الْمُدَّعِي؟ أو مَعَ مُخَالِفِهِ؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لله، أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: إنْ الْأَئِمَّةَ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي الِاسْمِ. فَدَعْوَى بَاطِلَةٌ وَمُدَّعِيهَا مُجَازِفٌ فَإِنَّ نَفْيَ الْفَرْقِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أصحاب أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمْ: مِثْلُ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فِي «قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ» فَإِنَّهُمْ قَدْ يَجْعَلُونَ قِتَالَ أَبِي بَكْرٍ لِمَانِعِي الزَّكَاةِ وَقِتَالَ عَلِيٍّ الْخَوَارِجَ وَقِتَالَهُ لِأَهْلِ الْجَمَلِ وصفين إلى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قِتَالِ الْمُنْتَسِبِينَ إلى الْإِسْلَامِ. مِنْ بَابِ «قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ» ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ فَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ مِثْلَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ وَنَحْوَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ؛ لَا يَجُوزُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِمْ بِكُفْرِ وَلَا فِسْقٍ؛ بَلْ مُجْتَهِدُونَ: إمَّا مُصِيبُونَ وَإِمَّا مُخْطِئُونَ. وَذُنُوبُهُمْ مَغْفُورَةٌ لَهُمْ. وَيُطْلِقُونَ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْبُغَاةَ لَيْسُوا فُسَّاقًا فَإِذَا جُعِلَ هَؤُلَاءِ وَأُولَئِكَ سَوَاءً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ الْخَوَارِجُ وَسَائِرُ مَنْ يُقَاتِلُهُمْ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ الْبَاقِينَ عَلَى الْعَدَالَةِ سَوَاءً؛ وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ بِفِسْقِ الْبُغَاةِ وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مُتَّفِقُونَ عَلَى عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ. وَأَمَّا جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ فَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ «الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ» وَبَيْنَ «أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين» وَغَيْرِ أَهْلِ الْجَمَلِ وصفين. مِمَّنْ يُعَدُّ مِنْ الْبُغَاةِ الْمُتَأَوِّلِينَ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ عَنْ الصَّحَابَةِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِين وَعَلَيْهِ نُصُوصُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ: مِنْ أصحاب مَالِكٍ وَأَحْمَد وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَقْتُلُهُمْ أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ» وَهَذَا الْحَدِيث يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ وَيُبَيِّنُ أَنَّ الْمَارِقِينَ نَوْعٌ ثَالِثٌ لَيْسُوا مِنْ جِنْسِ أُولَئِكَ؛ فَإِنَّ طَائِفَةَ عَلِيٍّ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْ طَائِفَةِ مُعَاوِيَةَ. وَقَالَ فِي حَقِّ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ: «يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الإسلام كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ؛ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وَفِي لَفْظٍ: «لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ مَا لَهُمْ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِمْ لَنَكَلُوا عَنْ الْعَمَلِ». وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ أَحَادِيثَهُمْ فِي الصَّحِيحِ مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ وَرَوَى هَذَا الْبُخَارِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ؛ وَهِيَ مُسْتَفِيضَةٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَلَقَّاةٌ بِالْقَبُولِ أَجْمَعَ عَلَيْهَا عُلَمَاءُ الأمة مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ وَاتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِ هَؤُلَاءِ الْخَوَارِجِ. وَأَمَّا «أَهْلُ الْجَمَلِ وصفين» فَكَانَتْ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ قَاتَلَتْ مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَأَكْثَرُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ لَمْ يُقَاتِلُوا لَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَلَا مِنْ هَذَا الْجَانِبِ وَاسْتَدَلَّ التَّارِكُونَ لِلْقِتَالِ بِالنُّصُوصِ الْكَثِيرَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَرْكِ الْقِتَالِ فِي الْفِتْنَةِ وَبَيَّنُوا أَنَّ هَذَا قِتَالُ فِتْنَةٍ. وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ الله عَنْهُ مَسْرُورًا لِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَيَرْوِي الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمْرِ بِقِتَالِهِمْ؛ وَأَمَّا قِتَالُ «صَفِّينَ» فَذَكَرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ فِيهِ نَصٌّ؛ وَإِنَّمَا هُوَ رَأْيٌ رَآهُ وَكَانَ أَحْيَانًا يَحْمَدُ مَنْ لَمْ يَرَ الْقِتَالَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ «عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ فِي الْحَسَنِ إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَسَيُصْلِحُ الله بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ» فَقَدْ مَدَحَ الْحَسَنَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِإِصْلَاحِ الله بِهِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ: أصحاب عَلِيٍّ وَأصحاب مُعَاوِيَةَ وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ تَرْكَ الْقِتَالِ كَانَ أَحْسَنَ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَحَبًّا. «وَقِتَالُ الْخَوَارِجِ» قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ بِهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُسَوِّي بَيْنَ مَا أَمَرَ بِهِ وَحَضَّ عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَا مَدَحَ تَارِكَهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. فَمَنْ سَوَّى بَيْنَ قِتَالِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ اقْتَتَلُوا بِالْجَمَلِ وصفين وَبَيْنَ قِتَالِ ذِي الخويصرة التَّمِيمِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ والحرورية الْمُعْتَدِينَ: كَانَ قَوْلُهُمْ مِنْ جِنْسِ أَقْوَالِ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ الْمُبِينِ. وَلَزِمَ صَاحِبَ هَذَا الْقَوْلِ أَنْ يَصِيرَ مِنْ جِنْسِ الرَّافِضَةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ أو يُفَسِّقُونَ الْمُتَقَاتِلَيْنِ بِالْجَمَلِ وصفين كَمَا يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْخَوَارِجِ الْمَارِقِينَ؛ فَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي كُفْرِهِمْ عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى الثَّنَاءِ عَلَى الصَّحَابَةِ الْمُقْتَتِلِينَ بِالْجَمَلِ وصفين وَالْإِمْسَاكِ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَهُمْ. فَكَيْفَ نِسْبَةُ هَذَا بِهَذَا وَأَيْضًا «فَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلُوا». وَأَمَّا «أَهْلُ الْبَغْيِ» فَإِنَّ الله تَعَالَى قَالَ فِيهِمْ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلى أَمْرِ الله فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} فَلَمْ يَأْمُرْ بِقِتَالِ الْبَاغِيَةِ ابْتِدَاءً. فَالِاقْتِتَالُ ابْتِدَاءً لَيْسَ مَأْمُورًا بِهِ؛ وَلَكِنْ إذَا اقْتَتَلُوا أَمَرَ بِالإصلاح بَيْنَهُمْ؛ ثُمَّ إنْ بَغَتْ الْوَاحِدَةُ قُوتِلَتْ؛ وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْفُقَهَاءِ: إنَّ الْبُغَاةَ لَا يُبْتَدَءُونَ بِقِتَالِهِمْ حَتَّى يُقَاتِلُوا. وَأَمَّا الْخَوَارِجُ فَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِمْ: «أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وَقَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتهمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ». وَكَذَلِكَ مَانِعُو الزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الصِّدِّيقَ وَالصَّحَابَةَ ابْتَدَءُوا قِتَالَهُمْ.قَالَ الصِّدِّيقُ: وَالله لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا كَانُوا يُؤَدُّونَهَا إلى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتهمْ عَلَيْهِ. وَهُمْ يُقَاتَلُونَ إذَا امْتَنَعُوا مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبَاتِ وَإِنْ أَقَرُّوا بِالْوُجُوبِ. ثُمَّ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي كُفْرِ مَنْ مَنَعَهُمَا وَقَاتَلَ الْإِمَامُ عَلَيْهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِالْوُجُوبِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَد كَالرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ فِي تَكْفِيرِ الْخَوَارِجِ وَأَمَّا أَهْلُ الْبَغْيِ الْمُجَرِّدِ فَلَا يَكْفُرُونَ بِاتِّفَاقِ أَئِمَّةِ الدِّينِ؛ فَإِنَّ الْقُرْآنَ قَدْ نَصَّ عَلَى إيمَانِهِمْ وَإِخْوَتِهِمْ مَعَ وُجُودِ الِاقْتِتَالِ وَالْبَغْيِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:50 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.