أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
12066 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-21-2009, 02:53 AM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي بين منهجين (4) : التوبة إلى الله لا إلى الشيخ , وعلى شرط الله لا شرط الشيخ .

بين منهجين (4) : التوبة إلى الله لا إلى الشيخ , وعلى شرط الله لا شرط الشيخ
.


فضل التوبة والترغيب فيها وتيسير أمرها
التوبة عبادة جليلة من أعظم العبادات فهي كما يقول ابن القيم في مدارج السالكين (1\178) : "أول المنازل وأوسطها وآخرها فلا يفارقه العبد السالك ولا يزال فيه إلى الممات وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل به واستصحبه معه ونزل به فالتوبة هي بداية العبد ونهايته وحاجته إليها في النهاية ضرورية كما أن حاجته إليها في البداية كذلك وقد قال الله تعالى {وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون} , وهذه الآية في سورة مدنية خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وهجرتهم وجهادهم ثم علق الفلاح بالتوبة تعليق المسبب بسببه وأتى بأداة لعل المشعرة بالترجي إيذانا بأنكم إذا تبتم كنتم على رجاء الفلاح فلا يرجو الفلاح إلا التائبون جعلنا الله منهم" .
وقد رغب الله تعالى عباده بالتوبة ويسرها عليهم ترعيبا لهم في إقبالهم إلى ربهم فلم يجعل حائلا بين العبد بين قبول الله تعالى لتوبته , كما دل على هذا حديث أبي سعيد الخدري في الصحيحين عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال [كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم فقال إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ فقال نعم ومن يحول بينه وبين التوبة] .
فمن شدد على عباد الله توباتهم كان حاله كحال متعالم بني إسرائيل الذي كان تشدده سببا في هلاكه , وكاد أن يكون سببا في إهلاك غيره .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (18\185-186) : "وأما قوله : [يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا] ,وفي رواية [وأنا أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم] ؛ فالمغفرة العامة لجميع الذنوب نوعان :
أحدهما : المغفرة لمن تاب كما في قوله تعالى {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} إلى قوله : {ثم لا تنصرون} فهذا السياق مع سبب نزول الآية يبين أن المعنى لا ييأس مذنب من مغفرة الله ولو كانت ذنوبه ما كانت ؛ فإن الله سبحانه لا يتعاظمه ذنب أن يغفره لعبده التائب , وقد دخل في هذا العموم الشرك وغيره من الذنوب فإن الله تعالى يغفر ذلك لمن تاب منه قال تعالى : {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين} إلى قوله {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم} وقال في الآية الأخرى {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} وقال : {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } إلى قوله {أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم} .
وهذا القول الجامع بالمغفرة لكل ذنب للتائب منه - كما دل عليه القرآن والحديث - هو الصواب عند جماهير أهل العلم , وإن كان من الناس من يستثني بعض الذنوب كقول بعضهم : أن توبة الداعية إلى البدع لا تقبل باطنا للحديث الإسرائيلي الذي فيه : [ فكيف من أضللت] , وهذا غلط ؛ فإن الله قد بين في كتابه وسنة رسوله أنه يتوب على أئمة الكفر الذين هم أعظم من أئمة البدع . وقد قال تعالى : {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق} قال الحسن البصري : (انظروا إلى هذا الكرم عذبوا أولياءه وفتنوهم ثم هو يدعوهم إلى التوبة)" .

شروط التوبة الشرعية

ولكن للتوبة شروطا عدة ؛ أهمها:
الشرط الأول: الإخلاص لله، لقوله تعالى [وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ] ؛ أي: توبوا إلى الله لا إلى غيره , بأن يخلص العبد في توبته ، فيقلع عن الذنب لأنه ذنب ومعصية لله ؛ لا لأن الخلق يرونه أو لإرضائهم بل طمعا بما عند الله , لا بما عند المخلوقين من مدح وثناء , وخوفا من عقاب الله فيما لو أصر على المعصية لا خوفا من ذم المخلوقين له .

الشرط الثاني: الندم على ما بدر من العبد من ذنوب وتقصير , ولا تتحقق التوبة إلا بالندم , كما قال ابن القيم في مدارج السالكين (1\182) : "إذ من لم يندم على القبيح فذلك دليل على رضاه به وإصراره عليه وفي المسند [الندم توبة] " .
والندم من الأمور القلبية المخفية كما قال أبو الهلال العسكري في الفروق اللغوية (ص\111) : "والندم جنس من أفعال القلوب لا يتعلق إلا بواقع من فعل النادم دون غيره" .
وهو يكون بين العبد وربه , مع أن هذا لا يمنع من ظهور أثره على الجوارح –ولو ظهر من غير تصنع كان ذلك علامة على صدق الندم- , قال ابن القيم في مدارج السالكين (1\285) : "وكيف يصح أن تسلب التوبة عنه مع شدة ندمه ندمه على الذنب ولومه نفسه عليه ولا سيما ما يتبع ذلك من بكائه وحزنه وخوفه وعزمه الجازم ونيته أنه لو كان صحيحا والفعل مقدورا له لما فعله" .

الشرط الثالث: الإقلاع عن الذنب في الحال إذ تستحيل التوبة مع مباشرة الذنب ؛ فإن كان معصية تركها , وإن كان طاعة فاتته فليبادر إلى فعلها ؛ وإن كان معصية فليبتعد عنها، إن كان إخلالاً بطاعة فليقم بها .
ومن الإقلع عن الذنب رد الحقوق إلى أصحابها –إن أمكن- , أو استحلالهم منها , أو التصدق عنهم والإكثار من الدعاء لهم –إن تعذر الإرجاع والاستحلال- .

الشرط الرابع: العزم على عدم مواقعة الذنب مجداا , والعزم –كما في الفروق اللغوية (ص\365) : " هو تصميم القلب على الشئ، والنفاذ فيه بقصد ثابت" وهو "إرادة يقطع بها المريد رويته في الاقدام على الفعل أو الاحجام عنه ويختص بإرادة المريد لفعل نفسه لانه لا يجوز أن يعزم على فعل غيره" , فهو من أعمال القلوب .
والعزم في التوبة معناه تصميم القلب وإصراره على عدم العودة للذنب ، ويجعل بينه وبين نفسه عهداً قائماً ألا يعود إلى هذا الذنب , وليس من شرط العزم العصمة عن معاودة الذنب ؛ فقد يذنب العبد ثم يتوب فيتوب الله عليه , ثم يعود فيذنب نفس الذنب ويتوب فيتوب الله عليه , كما في حديث أبي هريرة في مسلم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال فيما يحكي عن ربه عز و جل قال [أذنب عبد ذنبا فقال اللهم اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ثم عاد فأذنب فقال أي رب اغفر لي ذنبي فقال تبارك وتعالى أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك] .

الشرط الخامس : أن تكون التوبة في الوقت الذي تقبل فيه التوبة ؛ فالتوبة في غير وقتها لا تقبل , وهذا الوقت على نوعين :
الأول : وقت خاص بكل إنسان , وهو أن تكون قبل حضور الموت الإنسان ؛ فإذا حضر الإنسان الموت فإنها لا تقبل توبته؛ لقول الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ} , ولهذا لما أدرك فرعون الغرق في البحر قال: {آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ} [يونس:90] فآمن، فقيل له: {آلْآنَ} ،تؤمن {وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} أي: لا يقبل منك، ولهذا قال الله فيه: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} .
النوع الثاني : الوقت العام , وهو الذي يشترك فيه الناس كافة , ويكون يوم تطلع الشمس من مغربها ؛ فإذا طلعت الشمس من مغربها لا تنفع توبة أحدا كما في حديث أبي هريرة في صحيح مسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه] .
وصح من حديث معاوية في سنن أبي داود أنه قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: [لا تنقطعُ الهجرةُ حتى تنقطعَ التَوبةُ، ولا تنقطع التوبةُ حتى تطلعَ الشمسُ من مغربها] .

توبة أهل الأهواء والبدع

الشرط السادس : إظهار التوبة من فعل المعاصي المجاهر بها ومنها البدع , فما فعل في السر فالتوبة منه في السر , وما فعل في العلن وجُوهِرَ به من البدع والمعاصي , فتمام التوبة منه أن يظهر العبد توبته منه ورجوعه عنه , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (15\302-303) : "فمن أذنب سرا فليتب سرا وليس عليه أن يظهر ذنبه كما في الحديث : [من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله] , وفي الصحيح : [كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يبيت الرجل على الذنب قد ستره الله عليه فيكشف ستر الله عنه] .
فإذا ظهر من العبد الذنب فلا بد من ظهور التوبة , ومع الجحود لا تظهر التوبة فإن الجاحد يزعم أنه غير مذنب ؛ ولهذا كان السلف يستعملون ذلك فيمن أظهر بدعة أو فجورا ؛ فإن هذا أظهر حال الضالين وهذا أظهر حال المغضوب عليهم" .
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1\362-363) : "وفسق الإعتقاد كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر ويحرمون ما حرم الله ويوجبون ما أوجب الله ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك .
وهؤلاء كالخوارج المارقة وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم , وأما غالية الجهمية فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب , ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة وقالوا هم مباينون للملة
وليس مقصودنا الكلام في أحكام هؤلاء وإنما المقصود تحقيق التوبة من هذه الأجناس العشرة .
فالتوبة من هذا الفسوق بإثبات ما أثبته الله لنفسه ورسوله من غير تشبيه ولا تمثيل وتنزيهه عما نزه نفسه عنه ونزهه عنه رسوله من غير تحريف ولا تعطيل وتلقى النفي والإثبات من مشكاة الواحي لا من آراء الرجال ونتائج أفكارهم التي هي منشأ البدعة والضلالة" .
وقال الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- : في اللقاء الشهري (ش\37) : "ومن شروط التوبة [من البدعة] أن يبين أنه رجع عن بدعته إلى الطريق الصحيح" .

بم تعرف توبة أهل الأهواء والبدع
ولا يشترط في بيان التراجع عن البدعة أن يكون مكتوبا , أو بصيغة مقننة , فتوبة المبتدع من بدعته تعرف بجملة أمور منها :
الأول : أن يصرح بلسانه او قلمه أنه تائب مما كان قد وقع فيه من أخطاء وبدع , ومن ذلك إعلام كعب بن مالك بتوبته مما كان قد بدر منه من التخلف عن الجهاد مع الرسول (صلى الله عليه وسلم) فقال فيما رواه البخاري عنه : (قلت : يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسول الله , قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك]) .
ومن ذلك فعل أبي الحسن الأشعري عندما تاب من مذهب الاعتزال , صعد منبر البصرة وأعلن توبته عن معتقد المعتزلة , كما قال الذهبي في سير أعلام النبلاء (10\89) : "وبلغنا أن أبا الحسن تاب وصعد منبر البصرة، وقال: إني كنت أقول: بخلق القرآن، وأن الله لا يرى [بالابصار] ، وأن الشر فعلي ليس بقدر، وإني تائب معتقد الرد على المعتزلة" .
وقال ابن خلكان في وفيات الاعيان (3/284) : "هو صاحب الاصول والقائم بنصرة مذهب السنه... وكان ابو الحسن اولاً معتزلياً ثم تاب من القول بالعدل وخلق القرآن في المسجد الجامع بالبصره يوم الجمعة".
الثاني : أن يستتاب فيعلن توبته , ومن هذا القبيل استتابة الفارق عمر (رضي الله عنه) لصبيغ العراقي فعن نافع مولى عبد الله : (ان صبيغ العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر فبعث به عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه فقال أين الرجل فقال في الرحل قال عمر أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني به العقوبة الموجعة فأتاه به فقال عمر تسأل محدثة فأرسل إلى رطائب من جريد فضربه بها حتى ترك ظهره وبرة ثم تركه حتى برأ ثم عادله ثم تركه حتى برأ فدعا به ليعود له قال فقال صبيغ ان كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا وان كنت تريد ان تداويني فقد والله برئت فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري ان لا يجالسه أحد من المسلمين فاشتد ذلك على الرجل فكتب أبو موسى إلى عمر ان قد حسنت توبته فكتب عمر ان يأذن للناس بمجالسته) .
فيكفي للمبتدع الذي يستتاب أن يقر بأنه كان على خلاف السنة وأنه راجع إليها , بل هذا الذي ارتد عن الإسلام ثم تاب فإنه يقبل إسلامه من غير حاجة منه إلى بيانه لباطل ما كان عليه , بل يكفيه إقراره بأنه كان على الباطل وإعلانه الرجوع إلى الحق والسنة , كما قال شيخ الإسلام في الصارم المسلول (ص\360-361) : "روى أبو إدريس قال: أتى على رضي الله عنه بناس من الزنادقة ارتدوا عن الإسلام فسألهم فجحدوا فقامت عليهم البينة العدول قال: فقتلهم ولم يستتبهم وقال: وأتى برجل كان نصرانيا وأسلم ثم رجع عن الإسلام قال: فسأله فأقر بما كان منه فاستتابه فتركه فقيل له: كيف تستتيب هذا ولم تستتب أولئك؟ قال: إن هذا أقر بما كان منه وإن أولئك لم يقروا وجحدوا حتى قامت عليهم البينة فلذلك لم أستتبهم رواه الإمام أحمد.
وروى عن أبي إدريس قال: أتى علي برجل قد تنصر فاستتابه فأبى أن يتوب فقتله وأتى برهط يصلون القبلة وهم زنادقة وقد قامت عليهم بذلك الشهود العدول فجحدوا وقالوا: ليس لنا دين إلا الإسلام فقتلهم ولم يستتبهم ثم قال: "أتدرون لم استتبت هذا النصراني؟ استتبته لأنه أظهر دينه وأما الزنادقة الذين قامت عليهم البينة وجحدوني فإنما قتلتهم لأنهم جحدوا وقامت عليهم البينة".
فهذا من أمير المؤمنين على رضي الله عنه بيان أن كل زنديق كتم زندقته وجحدها حتى قامت عليه البينة قتل ولم يستتب وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يقتل من جحد زندقته من المنافقين لعدم قيام البينة.
ويدل على ذلك قوله تعالى {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} إلى قوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً} فعلم أن من لم يعترف بذنبه كان من المنافقين ولهذا الحديث قال الإمام أحمد في الرجل يشهد عليه بالبدعة فيجحد: (ليست له توبة إنما التوبة لمن اعترف فأما من جحد فلا توبة له).
قال القاضي أبو يعلي وغيره: وإذا اعترف بالزندقة ثم تاب قبلت توبته لأنه باعترافه يخرج عن حد الزندقة ؛ لأن الزنديق هو الذي يستبطن الكفر ولا يظهره ؛ فإذا اعترف به ثم تاب خرج عن حده فلهذا قبلنا توبته , ولهذا لم يقبل علي رضي الله عنه توبة الزنادقة لما جحدوا" .
الثالث : أن يقرر خلاف ما كان يتبناه سابقا , ولو لم يصرح بتوبته ورجوعه , فذات تقريره لخلاف ما كان يقرره سابقا هو خير دليل على رجوعه , ومن ذلك صنيع أبي الحسن الأشعري عندما تراجع عن معتقده السابق الذي تأرجح فيه بين الاعتزال ومقالات أهل السنة والجماعة إلى معتقد أهل السنة والجماعة بتقريره لما يقولون من غير تصريح منه بتراجع ولا توبة عن مرحلته المتوسطة , لكن كانت تقريراته من أعظم الأدلة على توبته .
وهذا الغزالي يختار شيخ الإسلام أنه رجع في آخر أمره إلى الحديث والسنة وترك الفلسلفة , كما قال في جامع الرسائل (1\169) : "وهذه الكتب المضافة إلى أبي حامد مثل الكتابين المضنون بهما على غير أهلهما وأمثالهما ما زال أئمة الدين ينكرون ما فيهما من الباطل المخالف للكتاب والسنة ثم من الناس من يكذب نسبة هذه الكتب إليه ومنهم من يقول وهو أشبه رجع عن ذلك كما ذكر في كتب أخرى ذم الفلاسفة وتكفيرهم وذكر عبد الغافر الفارسي في تاريخ نيسابور أنه استقر أمره على مطالعة البخاري ومسلم فكان آخر أمره الرجوع إلى الحديث والسنة" , مع أن الغزالي لم يصرح بتراجعه ولا بتوبته .
وقد جرت العادة عند اهل العلم على اعتبار آخر قولي العلماء كدليل على تراجعهم عن القول المتقدم , ومن ذلك أن الشافعي –رحمه الله- كانت تقريراته بمصر المخالفة لتقريراته واختياراته في العراق بمثابة الرجوع عن مذهبه القديم في القديم –مع أنه لم يصرح بالتراجع- .
ومن ذلك –أيضا- إذا تعارض قولان من عالم واحد -كما وقع من ابن معين وابن حبان-فالعمل على آخر القولين إن علم ذلك .
ومن هذا القبيل اعتبار الغلاة أن من قرر خلاف ما كان يتبناه سابقا من طروحات الغلاة ولو لم يصرح بالتراجع والتوبة ؛ فهو يعد عندهم –وصدقوا- متراجعا .

شرط توبة الداعي إلى البدعة
رابعا : وأما من كان داعية إلى البدعة فهذا من شرط توبته ان يبين أن ما كان يدعو اليه بدعة وضلالة –لا أنه كان مبتدعا ضالا- وأن الهدى في ضده , كما قال ابن القيم في عدة الصابرين (ص\55) : "إن كان المتولد متعلقا بالغير فتوبته مع ذلك برفعه عن الغير بحسب الإمكان ولهذا كان من توبة الداعى إلى البدعة ان يبين أن ما كان يدعو اليه بدعة وضلالة وان الهدى في ضده كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ماأنزل الله من البينات والهدى ليضلوا الناس بذلك أن يصلحوا العمل في نفوسهم ويبينوا للناس ما كانوا يكتمونهم اياه فقال {ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون الا الذين تابوا واصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} .
وهذا كما شرط في توبة المنافقين الذين كان ذنبهم افساد قلوب ضعفاء المؤمنين وتحيزهم واعتصامهم باليهود والمشركين أعداء الرسول وإظهارهم الإسلام رياء وسمعة أن يصلحوا بدل افسادهم وأن يعتصموا بالله بدل اعتصامهم بالكفار من أهل الكتاب والمشركين وأن يخلصوا دينهم لله بدل إظهارهم رياء وسمعة فهكذا تفهم شرائط التوبة وحقيقتها" .
وعلى هذا يحمل كلامه –رحمه الله- في مدارج السالكين (1\363) : "فتوبة هؤلاء الفساق من جهة الإعتقادات الفاسدة بمحض اتباع السنة , ولا يكتفى منهم بذلك أيضا حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة إذ التوبة من ذنب هي بفعل ضده ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البينات والهدى البيان لأن ذنبهم لما كان بالكتمان كانت توبتهم منه بالبيان قال الله تعالى {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم} وذنب المبتدع فوق ذنب الكاتم لأن ذاك كتم الحق وهذا كتمه ودعا إلى خلافه فكل مبتدع كاتم ولا ينعكس" .

مفاهيم خاطئة في التوبة
فالتوبة إلى الله من أعظم العبادات , وهي بهذه الشروط ميسورة لكل أحد من العاصين المذنبين , إلا أننا قد ابتلينا بأناس شددوا على الناس في باب التوبة, فجعلوا لها مقاصد بعيدة عن إرضاء الواحد الديان , وشرطوا عليهم شروطا ما أنزل الله بها من سلطان , فوقع هؤلاء –بجهلهم واتباعهم لأهوائهم- في جملة مخالفات متضمنة للدعوة إلى الشرك من جهة , وإلى الابتداع في دين الله من جهة أخرى وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا, ومن أمثلة ذلك :

التوبة ابتغاء مرضاة الشيخ , والامتناع عنها خوفا من الشيخ
أولا : الترغيب بالتوبة من مخالفة الشيخ طمعا برضاه وثنائه , والترهيب من البقاء على مخالفة الشيخ خوفا من قدحه الشيخ وذمه ومعاقبته ؛ فيكون مقصود التائب إرضاء الشيخ لا إرضاء الله سبحانه , والخوف من الشيخ لا الخوف من الله سبحانه , وهذا من صور الشرك –عياذا بالله- .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10\318) : "وقد يظن الظان أنه تائب ولا يكون تائبا بل يكون تاركا والتارك غير التائب فإنه قد يعرض عن الذنب لعدم خطوره بباله أو المقتضي لعجزه عنه أو تنتفي إرادته له بسبب غير ديني ، وهذا ليس بتوبة بل لا بد من أن يعتقد أنه سيئة ويكره فعله لنهي الله عنه ويدعه لله تعالى ؛ لا لرغبة مخلوق ولا لرهبة مخلوق ؛ فإن التوبة من أعظم الحسنات ؛ والحسنات كلها يشترط فيها الإخلاص لله وموافقة أمره كما قال الفضيل بن عياض في قوله : {ليبلوكم أيكم أحسن عملا} قال : (أخلصه وأصوبه قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ؛ حتى يكون خالصا صوابا . والخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على السنة) . وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول في دعائه : (اللهم اجعل عملي كله صالحا واجعله لوجهك خالصا ولا تجعل لأحد فيه شيئا)" .
وعلى الضد من ذلك الترهيب من مخالفة الشيخ والرجوع عن قوله الذي ترجح خطؤه تخويفا بان يناله الشيخ بنوع قدح أو ذم , فيبقى متكلما بالقول المرجوح الخاطيء لا خوفا من الله ولكن خوفا من الشيخ [أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ] .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (1\72) : "ويدخل في العبادة الخشية والإنابة والإسلام والتوبة كما قال تعالى : {الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله}".
فمن أعرض عن تبليغ ما يدين الله تعالى به خشية من شيخه كان له نصيب من الشرك بحسب خوفه , كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه اله- في مجموع الفتاوى (1\94) : "إن كمل خوف العبد من ربه لم يخف شيئا سواه قال الله تعالى { الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله } وإذا نقص خوفه خاف من المخلوق وعلى قدر نقص الخوف وزيادته يكون الخوف كما ذكرنا في المحبة وكذا الرجاء وغيره . فهذا هو الشرك الخفي الذي لا يكاد أحد أن يسلم منه إلا من عصمه الله تعالى" .
وتقبح هذه التوبة ويعظم خطرها إن كانت توبة من الحق إلى الباطل , ومن الصواب إلى الخطأ خوفا من الشيخ أو إرضاء له –عياذا بالله- .

التوبة بين يدي الشيخ أو من يعتمده الشيخ
ثانيا : ومن بدع التوبة اشتراط البعض لاعتبارها عنده أن تكون بين يدي شيخه , أو بين يدي من هو معتمد عند شيخه أو مصادقة من قبل الشيخ , وهذا من بدع المتصوفة الذين يشترطون لقبول توبة العاصين أن تكون بين يدي الشيوخ .
وبين الشيخ ابن باز –رحمه الله- في مجموع فتاواه (6\299) أن التوبة من أعظم المعاصي والذنوب إنما تكون بين العبد وربه لا بين العبد وربه بشهادة الشيخ فقال : "أما الشهادة على مسمع عالم فليس ذلك بشرط ، وإنما التوبة تكون بالإقرار بما جحدته ، وبعملك ما تركت ، فإذا كان الكفر بترك الصلاة فإن التوبة تكون بفعل الصلاة مستقبلا والندم على ما سلف والعزيمة على عدم العودة وليس عليك قضاء ما تركته من الصلوات ؛ لأن التوبة تهدم ما كان قبلها ؛ أما إن كنت تركت الشهادتين أو شككت فيهما فإن التوبة من ذلك تكون بالإتيان بهما ولو وحدك فتقول : (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله) عن إيمان وصدق بأن الله معبودك الحق لا شريك له وأن محمدا (صلى الله عليه وسلم) هو عبد الله ورسوله إلى جميع الثقلين من أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار" .
وللأسف فهذه البدعة الصوفية قد تسربت اليوم إلى أوساط بعض الشباب المنتسبين إلى الدعوة السلفية بذريعة حماية السنة من أهل البدع والأهواء الذين يخدعون الشباب بإعلان التوبات وهم في باطنهم على باطلهم مقيمون , ولهذا تراهم لا يعتبرون لمن يظهر توبته إلا بأن يعتبرها ويصادق عليها الشيخ –ولا حول ولا قوة إلا بالله- .

كتابة التوبات وتوثيقها
ثالثا : ومن البدع في هذا الباب : اشتراط كتابة التوبات وإعلان البراءات , فلا تقبل التوبة عند بعض أهل الغلو والتنطع إلا أن تكون مكتوبة أو مسجلة صوتيا ومعلنة عبر الأنترنيت ؛ وهذا من جنس بدع الخوارج الذين كانوا يشترطون لقبول العبد في أوساطهم أن يعلن براءته مما يرونه هم معصية , وممن يرونه هم كافرا أو خارجا عن طريقتهم , وإلا فإظهار التراجع له وسائل عديدة أشرنا إلى بعضها أعلاه , وأما اشتراط كتابة التوبة وإعلانها فهذا من قبيل الشروط البدعية التي ما أنزل الله بها من سلطان .
وهذه البدعة الخارجية قد دخلت إلى عقول بعض الشباب المنتسبين إلى الدعوة السلفية ؛ فأصبحنا نسمع بين الفينة والأخرى , أن فلانا نشر توبته في الموقع الفلاني , وفلان سجلت توبته ونشرت في الموقع العلاني , وأن مجموعة من الفلانيين قد نشرت براءتها من (كيت وكيت) في موقع آخر .
وقال الشيخ ابراهيم الرحيلي في في رسالته (النصيحة) (ص\34-35) : "ومن الأخطاء الشائعة -عندما يصدر رد من عالم على مخالف، أو فتوى بالتحذير من خطأ-: مطالبة كثير من الطلبة المنتسبين للسنة، والعلماء، وطلبة العلم: بيان موقفهم من ذلك الرد! أوتلك الفتوى!!
بل وصل الأمر إلى أن يطالب طلبة العلم الصغار -بل العوام!- بتحديد موقفهم من الراد، والمردود عليه!
ثم يعقدون -على ضوء ذلك- الولاء والبراء، ويتهاجر الناس بسبب ذلك؛ حتى لربما هجر بعض الطلبة بعض شيوخهم الذين استفادوا منهم العلم والعقيدة الصحيحة -سنين طويلة- بسبب ذلك!
ولربما عمت الفتنة البيوت؛ فتجد الأخ يهجر أخاه، والابن يجفو والديه، وربما طلقت الزوجة، وفرق الأطفال بسبب ذلك!
وأما إذا ما نظرت إلى المجتمع؛ فتجد أنه انقسم إلى طائفتين -أو أكثر-؛ كل طائفة تكيل للأخرى التهم، وتوجب الهجر لها!
وكل هذا بين المنتسبين للسنة؛ ممن لا تستطيع طائفة أن تقدح في عقيدة الطائفة الأخرى -وفي سلامة منهجها- قبل أن ينشأ هذا الخلاف!
وهذا مرجعه: إما إلى الجهل المفرط بالسنة، وقواعد الإنكار عند أهل السنة، أو إلى الهوى-نسأل الله السلامة-" .
قلت : بل أن من أقبح الأمثلة المتعلقة بهذه المخالفة اشتراط بعض المشايخ المحسوبين على الدعوة السلفية لقبول توبة (زيد من الناس) أن يكون هو من يكتب صيغة التوبة ويقوم التائب بالتوقيع عليها .
ومن أقبح صيغ التوبات التي كتبها بعض المشايخ على لسان غيرهم مطالبين إياهم بالتوقيع عليها ما اشتمل إقرار التائبين على أنفسهم أنهم كانوا ضالين مضلين ... إلخ , واعتبار من يرفض التوقيع على مثل هكذا توبات معاندا مستكبرا .

الهجر المطلق لمن واقع البدعة ولم يتب منها

رابعا : الأمر بهجران أهل البدع والأهواء –الذين لم يتوبوا- هجرا مطلقا غير مبني على ضوابط الهجر المقررة في المنهجية السلفية هو من جنس صنيع الخوارج في هجر مخالفيهم من المسلمين هجرا عاما مطلقا كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموعة الرسائل والمسائل (5\203) : "وإن كان في هجره لمظهر البدعة والفجور مصلحة راجحة هجره، كما هجر النبي (صلى الله عليه وسلم) الثلاثة الذين خلفوا حتى تاب الله عليهم" .
فإن لم يحقق الهجر مقصوده , وحقق ضد ذلك من جهة استزادة الشر كان المنع منه هو المتعين , كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (28\206-207) : "وهذا الهجر يختلف باختلاف الهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم فإن المقصود به زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله .
فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعا , وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر ؛ بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر .
والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف ؛ ولهذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يتألف قوما ويهجر آخرين ؛ كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيرا من أكثر المؤلفة قلوبهم لما كان أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم وهؤلاء كانوا مؤمنين والمؤمنون سواهم كثير فكان في هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم وهذا كما أن المشروع في العدو القتال تارة والمهادنة تارة وأخذ الجزية تارة كل ذلك بحسب الأحوال والمصالح .
وجواب الأئمة كأحمد وغيره في هذا الباب مبني على هذا الأصل ولهذا كان يفرق بين الأماكن التي كثرت فيها البدع كما كثر القدر في البصرة والتنجيم بخراسان والتشيع بالكوفة وبين ما ليس كذلك ويفرق بين الأئمة المطاعين وغيرهم , وإذا عرف مقصود الشريعة سلك في حصوله أوصل الطرق إليه" .
وأوضح –رحمه الله- أن كثيرا من أجوبة السلف في الهجر خرج على على سؤال سائل قد علم المسئول حاله أو خرج خطابا لمعين قد علم حاله , وبالتالي لا يمكن تعميمها إلا في نضائرها , ويبقى الحكم العام مضبوطا بضوابط الشرع المعروفة بالنصوص الشرعية أو القواعد الكلية , فقال في مجموع الفتاوى (28\210-213) –مختصرا-: "وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد علم المسئول حاله أو خرج خطابا لمعين قد علم حاله فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما يثبت حكمها في نظيرها
وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة خرج على سؤال سائل قد علم المسئول حاله أو خرج خطابا لمعين قد علم حاله فيكون بمنزلة قضايا الأعيان الصادرة عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) إنما يثبت حكمها في نظيرها .
فإن أقواما جعلوا ذلك عاما فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به فلا يجب ولا يستحب وربما تركوا به واجبات أو مستحبات وفعلوا به محرمات . وآخرون أعرضوا عن ذلك بالكلية فلم يهجروا ما أمروا بهجره من السيئات البدعية ؛ بل تركوها ترك المعرض ؛ لا ترك المنتهي الكاره أو وقعوا فيها وقد يتركونها ترك المنتهي الكاره ولا ينهون عنها غيرهم ولا يعاقبون بالهجرة ونحوها من يستحق العقوبة عليها فيكونون قد ضيعوا من النهي عن المنكر ما أمروا به إيجابا أو استحبابا فهم بين فعل المنكر أو ترك النهي عنه وذلك فعل ما نهوا عنه وترك ما أمروا به . فهذا هذا . ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي عنه . والله سبحانه أعلم" .
مع التنبيه إلى أن القول بالهجر المطلق لأهل البدع هو من جنس صنيع الخوارج في هجر ومقاطعة أهل الكبائر من الملة , كما قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28\209) : "وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة : استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعادات والعقاب بحسب ما فيه من الشر فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته . هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه فلم يجعلوا الناس لا مستحقا للثواب فقط ولا مستحقا للعقاب فقط".
ومن أقبح صور تعالم بعض المنتسبين إلى السلفية زعمهم أن شيخ الإسلام الذي بين أن لهجر المبتدع شروطا وضوابط ونسب هذا الاختيار إلى الإمام أحمد وغيره من أئمة المسلمين قد اشترط مالم يشترطه السلف (!) , وبالتالي لا اعتبار للشروط التي بينها ولا للضوابط التي قررها , لأنه قد قال بما لم يقل به السلف (!!!) .

شهادة التائب على نفسه بالضلال حال مواقعته المخالفة
خامسا : رفض بعض الغلاة المنتسبين إلى الدعوة السلفية التعاطي مع التائب من البدعة الكاتب لتوبته المعلن لها من غير رد منه على ما كان منه في السابق وشهادته على نفسه بالضلال , ولا يكتفى بمجرد كتابته للتوبة وإعلانه لها (؟؟!!) , ورحم الله العلامة الشوكاني حيث قرر كما في الفتح الرباني (ص\1291) : "أن التوبة في لسان أهل الشرع واصطلاحهم ؛ هي أن يجمع المذنب بين ندمه على الذنب وعزمه على أن لا يعود ؛ فمن جمع بين الأمرين فهو تائب ؛ ومن تاب , تاب الله عليه , والقاذف إذا ندم على قذفه , وعزم على أن لا يعود إلى شيء من ذلك فهو تائب ؛ ومن أوجب عليه أن يكذب نفسه ؛ فقد أخذ في حد التوبة قيدا لم يعتبره الله في كتابه , ولا رسوله في سنته , ولا أهل اللغة العربية في لغتهم , ولا أهل الشرع في اصطلاحهم" .
فهذا الاشتراط من قبيل الغلو والتنطع الذي يتنافى مع الأمر برحمة الخلق وقبول أعذارهم , فهذا الفاروق عمر عاقب صبيغا العراقي حتى أظهر توبته , ثم أمسك عن عقوبته وضربه مع الأمر بهجره حتى يظهر أثر حسن توبته , ولم يطالبه بأن يكتب تقريرا يوضح فيه أنه كان ضالا مضلا , ولا يرد فيه على نفسه ؛ بل مجرد إعلانه لتوبته كان كافيا في قبولها منه , ويبقى التوقي في التثبت من صلاحه وحسن توبته أمرا لا يمكن إغفاله .
ومما يدلك على ازدواجية معايير الغلاة أنهم يعتبرون المسلم راجعا عن منهجهم متخاذلا عنه بل ومرتكسا بمجرد تقريره لخلاف ما يدندنون به –ولو في جزئيات معينة- ولو لم يعلن أنه متراجع صراحة , بينما لا يرضون تراجعه الصريح عما يرونه خاطئا إلا أن يعلن توبته المفصلة جهارا نهارا .
بل وقد بلغ الغلو مداه –عند البعض- في مسألة اعتبار توبة المبتدع المعين من عدمها فجعلوها من مسائل أصول المنهج السلفي ؛ فعدوا أن من قال باعتبار توبة المعين الواقع في بدعة (ممن لا يزال عندهم مبتدعا) أنه مبتدع مثله ؛ وهذا من أعظم الجناية على أصول الدعوة السلفية العلمية النقية القائمة على العلم بالحق ورحمة الخلق , فهذه المسألة في حقيقتها لا تعدوا أن تكون من مسائل الاجتهاد السائغ التي لا إنكار فيها فكيف بالتبديع (؟!) , كما قال شيخ شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في مجموع الفتاوى (28\214-215) : "لا ريب أن من تاب إلى الله توبة نصوحا تاب الله عليه كما قال تعالى : {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون}, وقال تعالى : {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا} أي لمن تاب .
وإذا كان كذلك وتاب الرجل فإن عمل عملا صالحا سنة من الزمان ولم ينقض التوبة فإنه يقبل منه ذلك ويجالس ويكلم .
وأما إذا تاب ولم تمض عليه سنة فللعلماء فيه قولان مشهوران ؛ منهم من يقول : في الحال يجالس وتقبل شهادته , ومنهم من يقول : لا بد من مضي سنة كما فعل عمر بن الخطاب بصبيغ بن عسل .
وهذه من مسائل الاجتهاد ؛ فمن رأى أن تقبل توبة هذا التائب ويجالس في الحال قبل اختباره :
فقد أخذ بقول سائغ , ومن رأى أنه يؤخر مدة حتى يعمل صالحا ويظهر صدق توبته فقد أخذ بقول سائغ , وكلا القولين ليس من المنكرات" .

التوبة مما لا يجب التوبة منه شرعا
سادسا : المطالبة بالتوبة من القول بما كان من قبيل الاجتهاد السائغ , وهذا من التنطع والغلو الذي بدأ يدب في أوساط بعض الشباب السلفي , ومنشؤه عدم التفريق بين أنواع المسائل : المتفق عليها (نصا أو إجماعا) , والمختلف فيها (المعارضة للنص أو الإجماع , أو المعارضة للاجتهاد) , فلا إنكار في المسائل الاجتهادية التي لا تعارض نصا ولا إجماعا وبالتالي لا وجه لمطالبة المخالف في هذا النوع من المسائل أن يعلن توبته , بل هذا النوع منها لا يسوغ الإنكار فيه أصلا , وعلى هذا جرى صنيع السلف –رحمهم الله- وتقريراتهم , ومن ذلك :
روى ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (2\80) : قال يحيى بن سعيد الأنصاري : (ما برح أولو الفتوى يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرم أن المحل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه) .
وقال سفيان الثوري كما في الفقيه والمتفقه (2\69) : (ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً من إخواني أن يأخذ به) .
وقال الإمام أحمد بن حنبل كما في حاية الأولياء (9\69) : (من أفتى الناس ليس ينبغي أن يحمل الناس على مذهبه ويشدد عليهم) .
وقال –أيضا- فيما حكاه عنه ابن مفلح في الآداب الشرعية (1\186) : (لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحاق بن راهويه، وإن كان يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً) .
وقال ابن قدامة المقدسي كما في نفس المصدر السابق : (لا ينبغي لأحد أن ينكر على غيره العمل بمذهبه، فإنه لا إنكار على المجتهدات) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (20\207) جوابا عن السؤال التالي : "عمن يقلد بعض العلماء في مسائل الاجتهاد : فهل ينكر عليه أم يهجر ؟ وكذلك من يعمل بأحد القولين ؟
فأجاب :الحمد لله ، مسائل الاجتهاد من عمل فيها بقول بعض العلماء لم ينكر عليه ولم يهجر ومن عمل بأحد القولين لم ينكر عليه وإذا كان في المسألة قولان : فإن كان الإنسان يظهر له رجحان أحد القولين عمل به وإلا قلد بعض العلماء الذين يعتمد عليهم في بيان أرجح القولين".
فكيف الحال بمن يطالب غيره بإعلان التوبة من القول باجتهاد سائغ يتبناه , وتشديد النكير عليه وإعلان البراءة منه والأمر بمقاطعته وهجره إن لم يتب من هذا الاجتهاد (؟؟!!) .

رفض اعتبار التوبة بسبب اصرار التائب على مخالفة أخرى
سابعا : رفض بعض الغلاة المنتسبين إلى السلفية قبول توبة من وقع في جملة أخطاء حتى يتوب منها جميعا ؛ فعلقوا اعتبارهم لتوبته من بعض الأخطاء على توبته من سائرها ؛ فلا تقبل له توبة من بعضها فزعم بعضهم (أن التوبة تصح من الذنب الواحد، ولا تصح من ذنب مع الأصرار على آخر).
وهذا من بدع التوبة الحادثة وهو من جنس بدع الخوارج الذين لا يقبلون توبة العبد من بعض ذنبه حتى يتوب من سائر ذنبه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10\322-323) : "تنازع الناس في قوله : {إنما يتقبل الله من المتقين} فعلى قول الخوارج والمعتزلة لا تقبل حسنة إلا ممن اتقاه مطلقا فلم يأت كبيرة ، وعند المرجئة إنما يتقبل ممن اتقى الشرك فجعلوا أهل الكبائر داخلين في اسم المتقين ، وعند أهل السنة والجماعة يتقبل العمل ممن اتقى الله فيه فعمله خالصا لله موافقا لأمر الله فمن اتقاه في عمل تقبله منه وإن كان عاصيا في غيره . ومن لم يتقه فيه لم يتقبله منه وإن كان مطيعا في غيره . والتوبة من بعض الذنوب دون بعض كفعل بعض الحسنات المأمور بها دون بعض إذا لم يكن المتروك شرطا في صحة المفعول كالإيمان المشروط في غيره من الأعمال كما قال الله تعالى : {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا} وقال تعالى : {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة} وقال : {ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} .
الأصل الثاني : أن من له ذنوب فتاب من بعضها دون بعض فإن التوبة إنما تقتضي مغفرة ما تاب منه أما ما لم يتب منه فهو باق فيه على حكم من لم يتب لا على حكم من تاب وما علمت في هذا نزاعا" .
وقال –أيضا- في مجموع الفتاوى (10\330) : "أي ذنب تاب منه ارتفع موجبه وما لم يتب منه فله حكم الذنوب التي لم يتب منها فالشدة إذا حصلت بذنوب وتاب من بعضها خفف منه بقدر ما تاب منه بخلاف ما لم يتب منه ؛ بخلاف صاحب التوبة العامة . والناس في غالب أحوالهم لا يتوبون توبة عامة مع حاجتهم إلى ذلك فإن التوبة واجبة على كل عبد في كل حال ؛ لأنه دائما يظهر له ما فرط فيه من ترك مأمور أو ما اعتدى فيه من فعل محظور فعليه أن يتوب دائما" .
وقال ابن القيم في مدارج السالكين (1\275) : "وأما التوبة من ذنب مع مباشرة آخر لاتعلق له به، ولا هو من نوعه فتصح، كما إذا تاب من الربا، ولم يتب من شرب الخمر مثلاً، فإن توبته من الربا صحيحة وأما إذا تاب من ربا الفضل، ولم يتب من ربا النسيئة، وأصر عليه، أو العكس، أو تاب من تناول الحشيشة، وأصر على شرب الخمر، أو بالعكس فهذا لا تصح توبته... ومن تاب من قتل النفس وسرقة المعصومين... ولم يتب من شرب الخمر والفاحشة صحت توبته مما تاب منه، ولم يؤاخذ به، ويبقى مؤاخذاً بما هو مصر عليه" .

رفض اعتبار التوبة بدعوى أنها سياسية
ثامنا : رفض اعتبار توبة من عرف بتكراره للوقوع في نفس المخالفة بدعوى : (التلاعب , والتوبة السياسية) , وهذا الرفض يشبه مذهب الخوارج المكفرين بالذنب والمعتزلة المخلدين في النار بالكبيرة كما قال ابن القيم في مدارج السالكين (1\280-281) : "ولا يشترط في صحة التوبة العصمة إلى الممات بل إذا ندم وأقلع وعزم على الترك : محي عنه إثم الذنب بمجرد ذلك فإذا استأنفه استأنف إثمه قالوا : فليس هذا كالكفر الذي يحبط الأعمال فإن الكفر له شأن آخر ولهذا يحبط جميع الحسنات ومعاودة الذنب لا تحبط ما تقدمه من الحسنات قالوا : والتوبة من أكبر الحسنات فلو أبطلتها معاودة الذنب لأبطلت غيرها من الحسنات وهذا باطل قطعا وهو يشبه مذهب الخوارج المكفرين بالذنب والمعتزلة المخلدين في النار بالكبيرة التى تقدمها الألوف من الحسنات فإن الفريقين متفقان على خلود أرباب الكبائر في النار ولكن الخوارج كفروهم والمعتزلة فسقوهم وكلا المذهبين باطل في دين الإسلام مخالف للمنقول والمعقول وموجب العدل : {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما} .
قالوا [جماهير العلماء] : وقد ذكر الإمام أحمد في مسنده مرفوعا إلى النبي : [إن الله يحب العبد المفتن التواب] , قلت : وهو الذي كلما فتن بالذنب تاب منه فلو كانت معاودته تبطل توبته لما كان محبوبا للرب ولكان ذلك أدعى إلى مقته .
قالوا : وقد علق الله سبحانه قبول التوبة بالاستغفار وعدم الإصرار دون المعاودة فقال تعالى : {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} والإصرار : عقد القلب على ارتكاب الذنب متى ظفر به فهذا الذي يمنع مغفرته .
قالوا : وأما استمرار التوبة : فشرط في صحة كمالها ونفعها لا شرط في صحة ما مضى منها وليس كذلك العبادات كصيام اليوم وعدد ركعات الصلاة فإن تلك عبادة واحدة لا تكون مقبولة إلا بالإتيان بجميع أركانها وأجزائها وأما التوبة : فهي عبادات متعددة بتعدد الذنوب فكل ذنب له توبة تخصه فإذا أتى بعبادة وترك أخرى لم يكن ما ترك موجبا لبطلان ما فعل" .
وقال الشوكاني –رحمه الله- في لفتح الرباني (ص\1299) : "فإن قلت : فإذا ظهر لنا عند صدور التوبة منه ما يدل على الإصلاح من الأعمال والأقوال ؛ ثم أعرض عن ذلك و وعاد إلى الأعمال التي هي مجانبة للصلاح؟.
قلت : قد فعل ما شرط الله –سبحانه- من التوبة والإصلاح ؛ فذهب عنه اسم الفسق , وزال عنه المانع من قبول الشهادة , وهذه الأعمال التي عملها من بعد وهي مخالفة للصلاح يلزمه حكمها ؛ فإن كانت موجبة للفسق ومانعة من قبول الشهادة , كان هذا سببا من أسباب الفسق آخر , ومانعا من الموانع لقبول الشهادة غير المانع الأول , وإن كان غير موجبة لذلك , ولكنها من جملة ما يصدق عليه اسم المعصية فهو عاص بها , وهو غير فاسق , وشهادته مقبولة".
فالعبد المتلاعب في توبته إنما يحاسبه الله على قصده في التوبة , ونحن نقبل توبته في الظاهر , ونحاسبه على ما يظهر من بدع ومخالفات الان وفي المستقبل .

اشتراط مدة وأحوال لم يشترطها الشارع لاعتبار التوبة
تاسعا : رفض بعض الغلاة في قبول توبة المظهر لتراجعه بذريعة أنه (لم تنقض عليه سنة , ولم يظهر الندم على ما فعل، ولم يظهر العزم الأكيد على أن لا يعود) , وردها في حق البعض الآخر بدعوى أنها جاءت (في وقت يُشَكُّ فيه في صدق تراجعه، الذي لم يبيِّن سببه، ولم يُظْهِرْ فيه ندمه على مخالفته وعناده) , وهذا تقول على معنى التوبة ومعنى الإصلاح , فالأمر كما قال الشوكاني –رحمه الله- في الفتح الرباني (ص\1298-1299) : "معنى الإصلاح الذي ضمه الله –سبحانه- إلى التوبة ؛ فقد قال جماعة من أصحاب الشافعي وغيرهم : أنه لا بد من مضي مدة بعد التوبة ؛ يتبين فيها صدق توبته , وحسن رجوعه بما يعمله من الأعمال الصالحة التي تطابق العدالة وتوافق التقوى , وقدروا هذه المدة بسنة لاشتمالها على الفصول الأربعة التي تؤثر في الطباع –كما قالوا في العنين أنه يؤجل سنة لهذه العلة- , ولا يخفى أن هذا التأجيل والتقدير بالمدة رأي محض , لم يدل عليه دليل [قلت –أبو العباس- : ومن استدل بقصة عمر مع صبيغ بن عسل فقد افترى على عمر (رضي الله عنه) فليس في القصة أنه أجله لمدة محدودة لا عام ولا اقل ولا أكثر] ... .
فالحق أن الإصلاح المدلول عليه بقوله تعالى {وأصلحوا} : هو صدور ما يسمى إصلاحا من أعمال الخير الصادرة عن التائبين , لأنه يتبين بذلك أن توبته صادرة عن عزم صحيح وندم تطابق عليه الظاهر والباطن" .
فهذا الاشتراط من تمام التنطع ؛ فالندم والعزم هما من أعمال القلوب التي لا يمكن العلم بها إلا بأن يخبر صاحبها عنها أو يستدل عليها بظهور أثرها من أعمال الخير المنافية لما كان موجبا للتوبة , ونحن –عند التحقيق- ليس لنا أكثر من الظاهر فمن أظهر لنا التوبة قبلناها منه كما قبلها النبي (صلى الله عليه وسلم) ممن تخلف عن غزوة تبوك مع علمه بكذب كثير منهم , ولهذا قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في صحيح البخاري- : (إن أناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإن الوحي قد انقطع وإنما نأخذكم الآن بما ظهر لنا من أعمالكم ؛ فمن أظهر لنا خيرا أمناه وقربناه وليس إلينا من سريرته شيء الله يحاسبه في سريرته ؛ ومن أظهر لنا سوءا لم نأمنه ولم نصدقه وإن قال إن سريرته حسنة) .
وعجبي من بعض الغلاة الذين يأخذون الناس بظواهرهم الموجبة للطعن من غير التفات إلى حسن مقاصدهم فإن طالبتهم باعتبار مفصل الحال قالوا : (لم نؤمر أن ننقب عما في القلوب) , ثم هم في باب قبول توبة الراجع الآيب لا يعتبرون لمجرد الظاهر بل يتكلفون البحث عما في القلوب , فالقوم حقيقة –متعنتون في إثبات التعديل , ومتساهلون تمام التساهل في تجريح الخلق- ؛ ونحمد الله أن التوبة إنما تكون إليه لا إلى العباد , والله تعالى هو الذي يتوب على العباد لا المخلوقين ؛ وإن كانت توبة العبد مقبولة عند ربه ما ضره رفض العباد لقبولها .

الأنفة عن التوبة

عاشرا : قال العلامة الشوكاني في كتابه أدب الطلب (ص\88-90) : " ومن آفات التعصب الماحقة لبركة العلم أن يكون طالب العلم قد قال بقول في مسألة كما يصدر ممن يفتي أو يصنف أو يناظر غيره ويشتهر ذلك القول عنه فإنه قد يصعب عليه الرجوع عنه إلى ما يخالفه وإن علم أنه الحق وتبين له فساد ما قاله ولا سبب لهذا الاستصعاب إلا تأثير الدنيا على الدين فإنه قد يسول له الشيطان أو النفس الأمارة أن ذلك ينقصه ويحط من رتبته ويخدش في تحقيقه ويغض من رئاسته وهذا تخيل مختل وتسويل باطل فإن الرجوع إلى الحق يوجب له من الجلالة والنبالة وحسن الثناء ما لا يكون في تصميمه على الباطل بل ليس في التصميم على الباطل إلا محض النقص له والإزراء عليه والاستصغار لشأنه فإن منهج الحق واضح المنار يفهمه أهل العلم ويعرفون براهينه ولا سيما عند المناظرة فإذا زاغ عنه زائغ تعصبا لقول قد قاله أو رأي رآه فإنه لا محالة بكون عند من يطلع على ذلك من أهل العلم أحد رجلين : إما متعصب مجادل مكابر إن كان له من الفهم والعلم ما يدرك به الحق ويتميز به الصواب أو جاهل فاسد الفهم باطل التصور إن لم يكن له من العلم ما يتوصل به إلى معرفة بطلان ما صمم عليه وجادل عنه وكلا هذين المطعنين فيه غاية الشين .
وكثيرا ما تجد الرجلين المنصفين من أهل العلم قد تباريا في مسألة وتعارضا في بحث فبحث كل واحد منهما عن أدلة ما ذهب إليه فجاءا بالمتردية والنطيحة على علم منه بأن الحق في الجانب الآخر وأن ما جاء به لا يسمن ولا يغني من جوع وهذا نوع من التعصب دقيق جدا يقع فيه كثير من أهل الإنصاف ولا سيما إذا كان بمحضر من الناس وأنه لا يرجع المبطل إلى الحق إلا في أندر الأحوال وغالب وقوع هذا في مجالس الدرس ومجامع أهل العلم أن يكون المنافس المتكلم بالحق صغير السن أو الشأن ومن الآفات المانعة عن الرجوع إلى الحق أن يكون المتكلم بالحق حدث السن بالنسبة إلى من يناظره أو قليل العلم أم الشهرة في الناس والآخر بعكس ذلك فإنه قد تحمله حمية الجاهلية والعصبية الشيطانية على التمسك بالباطل أنفة من الرجوع إلى قول من هو أصغر منه سنا أو أقل منه علما أو أخفى شهرة ظنا منه أن في ذلك عليه ما يحط منه وينقص ما هو فيه وهذا الظن فاسد فإن الحط والنقص إنما هو في التصميم على الباطل والعلو والشرف في الرجوع إلى الحق بيد من كان وعلى أي وجه حصل" .
قلت : وكذلك قد يكون قصد المطالِبين بإعلان غيرهم التوبة محض التنقص للتائب والازدراء عليه والاستصغار لشأنه في مقابل إثبات العلو والشرف والرفعة للمطالِبينَ على حساب إذلال التائب ؛ بما يكون حائلا دون تحقيق المقصود انتصارا للنفس ؛ فالمقصود إن كان مجرد رجوع العبد عن الخطأ لم يكن من داع إلى مثل هكذا ممارسات وسلوكيات التي يفهم منها الإصرار على إذلال وقهر التائب المتراجع أو المتبرأ منه , بدلا من الفرح به والستر عليه وتحريضه على الرجوع بالحسنى .
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-21-2009, 11:05 AM
ابو الفداء السلفى المصرى ابو الفداء السلفى المصرى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 361
افتراضي


بارك الله فيك اخى ابا العباس
بحث جيد و مسدد
اسال الله ان يجعله فى ميزان حسناتك و ان يهدي بها اخواننا الذين بغوا علينا
__________________
أبو الفداء عاطف بن محمدعدس بن محمد عبدالله البحراوي
المصري المولد و الجنسية - السلفي عقيدة و منهجا
الغارق فى خطاياه - الفقير الى عفو ربه
غفر الله له و لوالديه

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم"" لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الدِّينُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ ، وَلا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلا وَبَرٍ إِلا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ، عِزٌّ يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الإِسْلامَ ، أَوْ ذُلٌّ يُذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ ". صححه الالباني
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-21-2009, 11:41 AM
مصطفى بن صالح مصطفى بن صالح غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 48
افتراضي

موفق ماشاء الله،بارك الله في سعيك
__________________
قال شيخ الإسلام بن تيمية: والعين تعرف من عَيْنَيْ محدِّثها إن كان من حزبها أو من أعاديها.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-21-2009, 11:50 AM
جاسم العنزي جاسم العنزي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: العراق الجريح
المشاركات: 193
افتراضي

جزيت الجنة يا أبا العباس واسأل الله أن يجعل ما تكتب خالصا لوجه الله .
إن المضحك المبكي يا أخي فقد أصبحت ألان تعقد الجلسات للعوام ومن ينسبون إلى طلبة العلم فيتصلون بالشيخ فلان الذي له موقف مع الشيخ الفلاني رغم إن المشايخ السلفيين يملأون البلاد ولله الحمد وكثرت الاتصال بهم والإكثار من الاستئناس برأيهم سبب في وحدة الصف لكن لان هؤلاء المشايخ موقفهم من هذه الفتن معروف فلا يتصل بهم ولا يسألون !!!! بل يسأل مثلا عالم واحد موقفه معروف سلفا من الشيخ الفلاني ، وما يزيد الجرح اتساعا ان هذا الشيخ ما قرأ كتاب ذاك المسئول عنه وأفتى بذم الكتاب ومؤلفه !!!!!.
ثم تفبرك الأسئلة من أقوام معروفون قديما ببغضهم للشيخ الفلاني ، وان اظهروا عكس ذلك لكن طلبة العلم ولله الحمد يعرفون ذلك منهم ، أقول فيضعون أسئلة مفبركة تخدم ما يريدون ليخرجوا من هذا العالم بكلام يطبلون به ويزمرون ليلبسوا على العوام أمرهم .
فشغلوا الشباب السلفي البسيط بهذه الفتن ، فأصبح الشاب حريصا على أن يعرف ما قال العالم الفلاني في الشيخ الفلاني ، بينما لما كانت الساحة ساحة علم كان الطالب حريصا على حفظ المتون والدراسة الشرعية التأصيلية. فسن هؤلاء الملبسون على إخوانهم وسنوا سنة سيئة بحقدهم الدفين الذي يظهره الله على فلتات ألسنتهم ، وشغلوهم بما لا طائل منه .
يدللك ما يفعل هؤلاء على خوائهم العلمي - وقد لمسنا ذلك من بعضهم – وان اغتر بهم بعض العوام ، فمجالسهم أصبحت مجالس غيبة واكل لحوم العلماء ، وطعن في أعراض إخوانهم السلفية ، وهذا أمر أصبح ولله الحمد يعرفه عن هؤلاء حتى النساء في خدورهن .
كان لهذه الفرقة أثرها الواضح على حال الدعوة فتوجه هؤلاء الشباب إلى تسقيط إخوانهم ، والتحذير منهم ، والطعن في أعراضهم ،رغم ما تمر به الدعوة من ضعف وتفرق وتسيد أهل البدع ، كالإخوان " الحزب الإسلامي " والمتصوفة وما فعله الخوارج بالسلفية من تكفير وتقتيل ، فأين عقول هؤلاء القوم ؟؟
ومن المضحك ان طالبا كاد يرسبه أستاذه لان الطالب لا يبدع الشيخ الفلاني ؟؟!! أهذه هي سلفية القوم التي تناحر أتباعها وتقاطع أهلها ، فأصبحوا في أوحال الحزبية النتنة يغرقون وهم لا يشعرون .
لكن انظر في الجهة الأخرى المشرقة إلى أقوال أهل العلم وقواعدهم وأصولهم ،التي ولله الحمد يتقوت عليها أهل الحق ، ورحم الله علمائنا أهل الرسوخ في العلم ، كيف كانوا يعاملون حتى أهل البدع ؟؟ فضلا عن أهل العقيدة والمنهج الحق .
وأخيرا نقول لهؤلاء الإخوة الذين جمعوا حولهم المتردية والنطيحة لا لشئ إلا لتكثير سواد الباطل !!!! اتقوا الله في الدعوة السلفية ..اتقوا الله في الدعوة السلفية .


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 07-21-2009, 01:40 PM
أبو اليسَعِ الأَثريّ أبو اليسَعِ الأَثريّ غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: تـــونس حرسها الله
المشاركات: 117
افتراضي

بحثٌ رائق و جمعٌ طيّب حماكَ الله أخانا أبا العبّاس حفظَكَ الله و سدّدَ خُطاكَ .


و عجيب امر من يشترط لبعض المشايخ ان ينشرَ صحيفة توبته و ينصّ فيها نقاطا معلومة و الأعجَبُ منهُ أن يقومَ الشيخُ بذلك فيُقَابَلَ فالرّفض و كأنّه طالب رسب و لم ينجح فتردّ ورَقتُه !!!


الله المستعان .
__________________
" وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوّاً مُّبِيناً "

(الإسراء : 53 )

مِنهَــاجُ القَاصِدِيــن

To view links or images in signatures your post count must be 10 or greater. You currently have 0 posts.

مِرْقَاةُ الطّالبِ لنَيلِ المَآرِب

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 07-21-2009, 01:56 PM
بن حسين حسين بن حسين حسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 230
افتراضي

جزاك الله خيرا أسأل الله أن ينفع الغلاة بهذا التأصيل المتين
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 07-21-2009, 04:07 PM
أبوالأشبال الجنيدي الأثري أبوالأشبال الجنيدي الأثري غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 3,472
افتراضي

جزاك الله خيرا أستاذنا الحبيب أبا العباس على ما قدمت وبينت ؛
فقد أجدت وأفدت , فمثل هذا التأصيل للتوبة وشروطها
يزيح كثيرا من الغبش عن تصرفات غلاة التجريح !
جعل الله ما تكتب في ميزان حسناتك .
__________________

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أَدِلَّةٍ وَنُصُوصٍ وليْسَت دَعْوَةَ أسْمَاءٍ وَشُخُوصٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ ثَوَابِتٍ وَأصَالَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حَمَاسَةٍ بجَهَالِةٍ .

دَعْوَتُنَا دَعْوَةُ أُخُوَّةٍ صَادِقَةٍ وليْسَت دَعْوَةَ حِزْبٍيَّة مَاحِقَة ٍ .

وَالحَقُّ مَقْبُولٌ مِنْ كُلِّ أحَدٍ والبَاطِلُ مَردُودٌ على كُلِّ أحَدٍ .
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-21-2009, 08:48 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

مـــــــــــا شاء الله ،بحث رائق محقق للفرق بين التوبة لله والتوبة للشيخ وهي احدى المسائل التي يرددها الغلاة ..
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 08-11-2015, 07:00 AM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي

يرفع بمناسبة رفع أبي الفضل الليبي لتوبتة الى الشيخين الجابربي والبخاري واعلانهما قبولهما لهذه التوبة واعتبارهما لها.
__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 08-11-2015, 08:17 AM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العباس مشاهدة المشاركة
يرفع بمناسبة رفع أبي الفضل الليبي لتوبتة الى الشيخين الجابربي والبخاري واعلانهما قبولهما لهذه التوبة واعتبارهما لها.
و الله اقشعر بدني لما رأيت ذلك الصك المختوم بختم الشيخ عبيد، و يقول فيه "صحّت توبته''!!
من فعل مثل هذا من سلفنا الصالح، أو حتى من علمائنا المتأخرين؟
أما آن لإخواننا أن يفيقوا من هذه الحزبية النتنة؟!
وهل سنرى صكوك توبة أخرى للعتيبي و البازمول في المستقبل القريب؟
نسأل الله السلامة و العافية.
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.