تحذير للمؤمنين من الاغترار بفتنة الإخوان المسلمين

[أحمد كزلك]

نصيحة للصادقين
و تحذير للمؤمنين
من الانجرار وراءالإخوان المسلمين
والاغترار بتلبيسهم في إنكار المنكر المبين

أقولها - لله - تحذيرا و نكيرا - شديدا - على جمعهم الغوغائي لما أسموه بمسيرة الزحف المقدس

مع علمي بحقيقة نفسي، و عدم امتلاكي أهلية الكتابة و الرد، و لكن لَعَلِّي – بعون الله – أساهم – و لو بالقليل – بمنع فتنة – وقانا الله و إياكم شرورها -

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين، و بعد:

فإن مما بلغ إلى أسماعنا جميعا ما يعتزم الإخوان المسلمون القيام به الجمعة القادمة من مسيرة لإنقاذ الوطن – بزعمهم - !

والشرع و الواقع – و للأسف – يشهدان بكل وضوح - عند كل ذي عقل سديد ، و رأي رشيد - أن الأقرب للصواب أنها مسيرة إغراق الوطن!!

ولقد تكلم أهل العلم الصادقون في بيان حكم الشرع في هذه المسيرة المنكرة، و بينوا ذلك بالأدلة الشرعية ، و من هؤلاء الفضلاء و أهل العلم النبلاء فضيلة الشيخ علي بن حسن الحلبي – حفظه الله - ، فلقد أفتى بكل وضوح بتحريم المظاهرات على وجه العموم و تلك المسيرة المرتقبة على وجه الخصوص، و فصل ذلك أوضح تفصيل، و بين – جزاه الله خيرا – منطلقه الذي لا يشك به أصحاب القلوب النظيفة، ودافعه الذي يشكك به – كما هو معهود – أصحاب القلوب المريضة و الظنون الخبيثة!

فكان مما قاله – حفظه الله –: " وإنَّني إذ أكتب – ها هنا – محذِّراً - بكل شفقة ، وحرص -؛ إنما أكتب من واقع المسؤولية الشرعية -أولاً-، ومن باب المواطَنة الصالحة –فيما أرجو-ثانياً-؛ معبِّراً-فيما كتبتُ- عما يجول في خواطر ، وقلوب- وعقول- أكثر الناس –ممن جالستُ ، وسمعتُ-وكثيرٌ ما هم-؛ لا أكتب من منطلقات جهوية ، أو فئوية –شعبية أو حكومية-؛ فلم أَعْرِف -يوماً-ولله الحمد-عبوديةً لغير الله –جل في علاه ، وعظم في عالي سماه-من حزب يُسيّرني ، أو وظيفة تُغيّرني-..

و كلامه هذا – حفظه الله – لعلمه أن مثل هذه الفتاوى لا تروق لأهل الأهواء و الحزبيات، و لمن يستقي أفكاره من هدي أراء البشر لا من هدي الوحيين، و كما هو معتاد و غير مستغرب فقد وُصِفَ هؤلاء العلماء بأنهم مثبطون و سلبيون، و أخطر من ذلك أنهم علماء سلاطين ، و هذا كله لا يضرهم، فلهم في رسول الله أسوة حسنة فهو الذي أوذي في ذات الله ما لم يؤذ أحد ومع ذلك ما ضره ذلك شيئا.

ومما استوقفني أثناء تصفحي اعتراض كتبه حزبي إخواني على كلام فضيلة الشيخ علي - حفظه الله -، و الحقيقة أن رده لم يستوقفني لأن فيه ما يستسمن أو ما يقارب الحق، و لكن استوقفني لأنه رد خاوٍ على عروشه، و لأنه مليء بعدم العلم - ولا أريد أن أقول الجهل- !! ، و فيه من التقول على الأئمة بدون إدراك لحقائق الأمور - هذا مع إحسان الظن بسلامة النية - !

و قد تضمن اعتراضه نقاطا أساسية أسوقها لكم لبيان سطحية منهج الإخوان - من جهة -، و لبيان بطلانها و الرد عليها - من جهة أخرى -، فكان مما اعترض به:

1- سؤاله للشيخ علي – معترضا و متهكما - : ماذا يريدنا أن نفعل؟ نقعد في بيوتنا وننتظر المسيح لينزل ويصلح الارض؟!
2- زعمه أن دول الربيع العربي تغرق الآن في البركات و الخيرات التي لم نكن نحلم بها
3- وصفه لدعاة الحق الذين يحذرون من منهجهم المنكر بأنهم رضوا بالذل وأذناب البقر و أنهم ينبغي لهم أن يبقوا جالسين في بيوتهم
4- تجويزه الخروج على الحكام الظالمين بافتراء افتراه على الإمام أحمد بن حنبل و شيخ الإسلام ابن تيمية بأنهما خرجا على الحكام الظلمة

و بيانا للحق و نصحا للخلق فإني أقول - بعون الله - ردا على باطله:

أما سؤالك للشيخ: ماذا يريدنا أن نفعل؟

فأقول : إن كانت الـ (نا) عائدة عليكم أنتم الإخوان المسلمون فالمراد منكم كبير جدا و أكبر من أن يسعه مقام كهذا!
و لكن باختصار: يراد منكم أن تعيدوا النظر بأصول منهجكم الذي لم يجلب للأمة إلا الفتن و المحن!
و يراد منكم أن تعظموا منهج السلف الصالح و أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة بدلا من التدين بمنهج من وضع البشر، و كثير من هؤلاء البشر تحركهم المصالح الشخصية و الأهواء الحزبية لا الأصول العقائدية و المنهجية المبنية على الكتاب و السنة و منهج السلف الصالح.

و أما إن كانت الـ (نا) عائدة على عموم الأمة فالمراد منها هو الرجوع إلى الله و الاعتصام بحبل الله المتين و إقامة شرع الله في نفوسنا و بيوتنا و أهلينا، حتى يتحقق لنا موعود ربنا الذي لا يخلف الميعاد، و هو القائل:

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ

و كذلك يقول - جل و علا - :
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ

وكذلك:
وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ

فلو يتكرم الأخ المعترض و يخبرنا أيهما أعظم و أهم و أَوْلَى: مقارعة الحكام بحجة الفساد السياسي و المالي و الإداري أم إصلاح العقائد و تصفية الدين من الخرافات؟!!

أي ذلك كان وظيفة الأنبياء و شغلهم الشاغل و الأساس الذي قامت عليه دعواتهم؟

إن كان يرى الأُولى فلا فائدة من الكلام لأن المسافة بعيدة جدا بيننا و بينه!

و إن كان يتفق معي أن الثانية هي الأَوْلَى و الأهم - و هذا ما أظنه في كل صادق محب للدين معظم للعقيدة لم تلوثه الحزبية - فأقول:

ما بال الإخوان المسلمين أقاموا الدنيا و لم يقعدوها في محاربة الفساد السياسي بينما هم لا يحركون ساكنا في محاربة الفساد الديني و العقائدي؟!!

بل إنهم يحاربون من يقوم بذلك و ينكر هذه المنكرات!

أليس التصوف - على سبيل المثال - مليئا بالشرك و الفساد الديني؟! فأين هي الأصوات العالية التي تنكر هذا المنكر الموجود داخل كثير من أعضاء الحزب أنفسهم!

إن من قمة تناقض الإخوان المسلمين أنهم يرون الذب عن العقيدة و تصفيتها من الخزعبلات و ما علق بها من تصوف و اعتزال و أشعرية و ..... إلخ يرون ذلك مفرقا لوحدة الأمة، ثم هم في المقابل - لأهوائهم - يرون إشعال الفتن في الأمة - ولا أقول تفريق كلمتها؛ بل تمزيقها - بحجة الفساد السياسي يرون ذلك جهادا!!

و ما ذلك إلا لأنهم ينطلقون من محض أرائهم لا مما يأمرنا به الشرع الحكيم، فالنبي - صلى الله عليه و سلم - قال بلسان عربي مبين: أدوا الذي عليكم - أي من السمع و الطاعة في المعروف - و سلوا الله الذي لكم - أي من الحقوق المسلوبة و الأموال المنهوبة و غير ذلك...

لكن هذا في دين الإخوان جبن و تخاذل - و العياذ بالله - ، فهذا لسان حالهم إن لم يكن لسان مقالهم، فهم يرمون هذه النصوص و غيرها الكثير وراء ظهورهم، ثم يتعلقون بالمتشابه! ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله!!

ثم إن من أعظم الفتنة – أيها الأخ المعترض - و من أسوأ الفكر و من أعجب القول وصف الفتن - التي تعصف ببلدان المسلمين عصفا و تنتهك حرماتهم و أعراضهم و تروع أمنهم و أمانهم وترمل نساءهم و تيتم أطفالهم - بأنها من أعظم البركات!!

أي انقلاب في الأفكار و المفاهيم يغذي به الإخوان المسلمون أتباعهم حتى يصير الواحد منهم كالتائه الذي لا يدري إلى أين يذهب ولا ماذا يقول!

والله ما أرى هذا التبدل في المفاهيم و الانقلاب في الموازين إلا مصداقا لقول النبي - صلى الله عليه و سلم - القائل:
" سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ , وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ , وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ "

ثم إن الإخوان المسلمين في أفعالهم هذه و مظاهراتهم و حشدهم للناس - مؤمنهم و كافرهم، طائعهم و فاسقهم، برهم و فاجرهم - كأنهم يبرؤون الناس من ضلالاتهم و انحرافاتهم و يحصرون اللوم فقط في الحكام، مع أن تقصير المسلمين في الاستقامة على دينهم هو السبب الأساس لما نحن فيه من فساد، و هو سبب وجود الحكام الظلمة، فالله - تبارك و تعالى - يقول:

" وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ"

و في معناه ما يذكر عن ابن عباس - رضي الله عنه - أنه قال:(( إذا رضي الله عن قوم ولى أمرهم خيارهم، وإذا سخط الله على قوم ولى أمرهم شرارهم ))

فيخرج في المظاهرة المرابي و السارق و العاق لوالديه وقاطع الرحم و تارك الصلاة و مانع الزكاة و المفطر في رمضان وشارب الخمر و ........ إلخ، و كلهم يرى نفسه أنه مظلوم مهضوم الحقوق و أنه مضطهد و أنه مجني عليه و هو في حقيقة أمره واقع في الكبائر و مرتكب للموبقات و ظالم لنفسه قبل أن يظلمه غيره!!

ومن أجمل البيان لهذا الحال ما قاله العلامة ابن باديس - رحمه الله -:

" فإنّ ممَّا نعلمه ولا يخفى على غيرنا أنّ القائد الذي يقول للأمَّة: إنَّك مظلومة في حقوقك وإنَّني أريد إيصالك إليها؛ يجد منها ما لا يجده من يقول لها: إنَّك ضالَّة عن أصول دِينك وإنَّني أريد هدايتك، فذلك تلبِّيه كلُّها، وهذا يقاومه معظمُها أو شطرُها، وهذا كلُّه نعلمه؛ ولكنَّنا اخترنا ما اخترنا لِما ذكرنا وبيَّنَّا، وإنَّنا – فيما اخترناه – بإذن الله لماضون وعليه متوكلون"

ثم أيها الأخ المعترض إعلم أن الإمام أحمد لم يخرج على الحكام، و هذه من بدهيات المعلومات التي يعرفها من عنده أدنى ثقافة!!
فهو الذي عذب أشد التعذيب في ذات الله و في سبيل إنكار البدع - هذا السبيل الذي لا يقيم له الإخوان وزنا - ثم كان الناس من حوله يريدون الخروج وهو ينهاهم أشد النهي عن ذلك، فالأفضل ترك هذه الفرية حتى لا يضحك منها المثقفون - و لا أقول المتعلمون -، و كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، أنى له ذلك و هو من أعظم من نافح عن منهج السلف و عقيدة أهل السنة و الجماعة!

أسأل الله أن يجعل الحق ضالتنا جميعا

و أن يفقهنا في ديننا

و أن يهدينا رشدنا

و أن يعيذنا من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و من أهوائنا و حظوظ أنفسنا

و أن يكفينا شر الحزبية المقيتة

و أن يوحد على الحق كلمتنا

و أن يردنا إلى دينه ردا جميلا...

[محمد عميرة]

جزاك الله خيرا أخي الشيخ احمد على هذا البيان والرد الموفق ...
وياليتهم يتكلمون بلغة العلم والحجة ..!!
وياليتهم على منهج احمد و احمد .. !!
لكنها عبارات يستغفلون بها اتباعهم ويستميلون بها عقولهم كذبا وتلبيسا .

[مراد مهدي السرطاوي]

جزاك الله خير أخوي أحمد

وشكرا على هذا الكلام الجميل

[بلال]

جزاك الله خيرا رساله واضحة وجلية نسأل الله أن يسمع قلوبهم وأن يثبتنا على الحق

[أحمد كزلك]

بوركت أخي الفاضل
نعم؛ لا علم و لا حجة - للأسف -

و لو حذفت كلمة شيخ من ردك أخي الفاضل أكون لك من الشاكرين

[ابومحمد السني]

جزاك الله خيرأخي الحبيب

[أحمد كزلك]

و أنتم كذلك أيها الأحبة

بارك الله فيكم جميعا

[عبدالكريم ابوسرحان]

سلمت يداك . سلامي لك وللجميع

[أحمد الحاج مسعود]

بوركتم -أبا محمودٍ- على هذا الردِّ الموفَّقِ ، واللهَ أسألُ أن ينفع بما كتبتَ وأن يرزقَنا وإياك الإخلاصَ في القولِ والعملِ ، إنه وليُّ ذلك والقادرُ عليه .

[أحمد كزلك]

بوركت يا أبا أسيد

وجزيت خيرا أخي أحمد

وفقنا الله و إياكم لما يحب و يرضى