أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
6718 102069

العودة   {منتديات كل السلفيين} > ركن الإمام المحدث الألباني -رحمه الله- > فوائد و نوادر الإمام الألباني -رحمه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-16-2011, 09:03 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
Lightbulb القطف الداني من شرح كتاب : ( الأدب المفرد ) لشيخنا الألباني



منقول من هذا الرابط :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=239164

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

سنعرض عليكم في هذه الصفحات - إن شاء الله تعالى - ما يسره الله لنا
من تفريغ (1) لأشرطة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى -
شرح لبعض أبواب من كتاب : (( الأدب المفرد )) للإمام البخاري .

علما بأن : الشيخ - رحمه الله - بريء من أية تجاوزات في اللفظ أو الرسم
أو المعنى قد حدثت خطأً أو نسيانًا أثناء التفريغ .

ونحن الذين قمنا بهذا التفريغ - بعض طلبة العلم المهتمين بمثل هذه الدراسات النافعة -
نبرأ إلى الله - عز وجل - من أيِّة تجاوزات قد حدثت دون قصد منا ..


توطئة لا بد منها بين يدي عرض التفريغ


- أولا : قد تم تفريغ هذه الأشرطة منذ ما يقرب من خمس عشرة سنة تقريبا

-ثانيا : كانت الأشرطة المتاحة آنذاك - مع ندرتها الشديدة - والتي قمنا بتفريغها تتصف بما يلي :

1- إنها غير مسلسلة أي أنه قد حدث -أحيانا - فقد شريط أو أكثر من التسلسل
؛ مما تسبب في حدوث سقط لشرح بعض أبواب الكتاب .

2- كذلك غلب على تلكم الأشرطة : إما رداءة الصوت لكامل الشريط ،
أوانخفاضه في بعض أجزاء من الشريط بشكل شق معه -بشدة - تحقيق الاستماع
الواضح لكلام شيخنا -رحمه الله تعالى- ، مما اضطرنا لكتابة ما غلب على ظننا أنه قاله.

3- كذلك تكرر حدوث فراغ صوتي - انقطاع - لمدة دقائق قد تطول أو تقصر
في بعض الأشرطة مما تسبب في بتر الكلام ، وعدم تمام المعلومة التي كان الشيخ بصدد
الحديث عنها ؛ مما نتج عنه تفكك في الكلام و الشعور بعدم ترابطه في السياق أحيانا.

4- كذا حدث - أحيانا- أن ينتهي الشريط ولما ينتهي الشيخ من شرح الباب أو الحديث
بعدُ ، ثم نجد - قدرا - تتمة لشرح هذا الباب أو الحديث بعد عدة أشرطة
في التسلسل ؛ مما اضطرنا إلى استكمال شرح الباب من الشريط المتأخر
و إلحاق ذلك الشرح بالشريط الذي تقدم فيه شرح هذا الباب أو
الحديث ؛ لتكتمل المعلومة و يمكن الاستفاد منها ، وهذا - كما لا يخفى -
أحدث خللا متعمدا في تسلسل التفريغ الحرفي للأشرطة .

5- كما أنه وبطريقة ما أحتوت الأشرطة الأخيرة على شرح
بعض أبواب من كتاب : ( الترغيب والترهيب ) للمنذري .


** وبسبب كل ما سبق بسطه نتج ما يمكن أن نطلق عليه - و بأمانة -
شبه تفريغ أو تفريغ بتصرف لا نستطيع وسمه باليسير، إلا أننا - يعلم الله -
لم نضع على لسان الشيخ ما لم يقل ، ولا نسبنا له ما لم ينسبه لنفسه
فقد حاولنا قدر الطوق ومع كل تلكم الظروف المحيطة أن يكون

هذا التفريغ محض نسخ لكلام الشيخ - رحمه الله تعالى- .



وفي الأخير :

هذه الصفحات ستحوي تسجيلا لكلمات قالها الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى-
في شرح بعض أبواب متفرقة من كتاب جبل الحفظ وإمام الدنيا الإمام البخاري
- رحمه الله تعالى - ( الأدب المفرد ) علما بأن هذا الشرح قد خصّ به الشيخ
الألباني - رحمه الله - مجلس خاص بالنساء ...

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم :
- أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم و أن يتقبله و ينفع به آمــــــــــــين .
- كما نسأله تعالى :
أن يغفر لكاتبه وكل من شارك بجهد أو نصح أو توجيه أو حتى أتاح مكانا
لعرضه إنه جواد كريم .




--------------------------------------

(1)- نطلق عليه تفريغا تجاوزا ؛ للأسباب المبسوطة في التوطئة
والتي منعتنا من الترجمة للموضوع بـ ( تفريغ أشرطة الأدب المفرد للألباني ).
علما بأن عدد الأشرطة يقرب من الثلاثين شريطا .

===========================





الشــريط الأول


قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - :


75- باب : مَنْ ختم على خادمه مخافة سوء الظن

روى المصنف[1] بسنده الصحيح عن أبى العالية قال:

"كنانُؤمر أن نختم على الخادم, ونكيل,ونعدّها,كراهية أن يتعودوا خُلٌق سوء أو يَظنَ أحَدُنا ظنَّ سوء"


يقول أبو العالية:

كان أصحاب النبى-صلى الله عليه وآله وسلم- أو بعضهم يأمرونا أن نختم على الخادم,

والظاهر والله أعلم أن المقصود من هذا الختم : هو أنه كان السيدفى ذلك الزمن إذا أعطى

كيسا فيه فلوس للخادم ختم لكى لايطمع الخادم بفتحه أو أخذ شىء مما فيه.

ويٌؤكد هذا المعنى قوله:"ونكيل" يعنى : إذا أعطيناه قمحاً وقلنا له انزل إلى السوق وبعْه ؛

فنُعطيه بالكيل لانعتمد عليه.

وكذلك قوله:"ونعدها"الضمير يعود-والله أعلم- للفلوس.

فهذه ثلاث أشياء كان أصحاب الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم- يأمرون الأسياد

أن يحتاطوا فيها مع خوادمهم.

لمـــــــــاذا أمِرُوابمثل هذه الأمور الثلاثة ؟

قال:"كراهية أن يتعودوا خُلق سوء, أو يظن أحدنا ظن سوء".

فبطريقة العدّ والكيل والختم سدَّ السيد على نفسه الطريق بأن يسئ الظن بخادمه .

هذا من الآداب المُتعلقة بالأسياد مع العبيد,ولكن يمكن نقل هذا الأدب إلى مجال الوالد مع الولد

,أو الأم مع ولدها إذا كان يُخشى على الولد أن يتخلق بخلق سوء ؛ فينبغى أن يُسلّم له المالَ مُعدَّاً.

هذا مما نستفيده نحن اليوم وإلا فالعبيد انقرض أمرهم والخدم من الأحرار الذين يخدمون فى البيوت

وهم قلة و لأن العبيد يومئذ كان لهم حُكم المخالطة من أهل البيت كما لو كان ولداً من

أولاد أهل البيت؛ ومن أجل ذلك اقتضت حكمة التشريع ويسره أن يكون العبد مع سيدته

كالولد مع أمه ؛ بمعنى يجوز للعبد أن يَطلع على شعر سيدته وعنقها وذراعيها كما لو كان

ولداً من بطنها لكثرة المخالطة .

هذا بالنسبة للعبيد أما بالنسبة للخدم؛ فلا, فهو أجنبى.

--------------------------------------
(1)- الإمام البخاري رحمه الله تعالى .



--------------------------------------------------------------------------------
بـــاب : (( من عدّ على خادمه مخافة سوء الظن ))


** يقول الشيخ الألباني :

روى المصنف - أي البخاري - بسند صحيح عن سلمان قال :

[ إني لأعد العُرّاق على خادمي مخافة الظن ّ] و في رواية : [ خشية الظنّ ]

نفس الحكمة السابقة لكنه ما ذكر الكيل ولا الفلوس ولكنه ذكر العُرّاق وهو جمع عرق
وهي العظمة التي أخذ منها اللحم وما بقي فيها شيء له قيمة من اللحم

يظهر أن هذه العظام كان لها قيمة يومئذ فتباع. وكان سلمان عنده خادم يسلمه
هذه العظام يعدها عليه مخافة الظن أيضا .

وسلمان هنا هو: سلمان الفارسى وهو أحد أصحاب الرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-
الذين آمنوا به حينما هاجر –عليه الصلاة والسلام-إلى المدينة وأصله من فارس,فهو آمن بالرسول-صلى الله عليه وآله وسلم-
وكان عبداً مملوكاً ثم جرت له قصة طويلة فيها عبرة بالغة:
ذلك أن سلمان كما ذكرنا كان من فارس وكان أبوه من رجال الدين يوقد النار
لعُبَّادِ النار في فارس، وبحكم كونه ابن هذا الوالد الذي يخدم النار لعبادها
كان يتردد مع أبيه على مكان النار لإشعالها وإيقادها في الأوقات المقدسة عندهم ,
ثم أراد الله-عزوجل- هداية سلمان فمرَّ ذات يوم فى طريقه برجل راهب نصراني ،
فمال إليه وسمع إليه فدخل كلامُه إلى قلبه

والحقيقة أن النصرانية ولو أنها كانت قد طرأ عليها التغيير والتبديل ولكنها
مع ذلك بقى فيها بقايا من شريعة عيسى -عليه السلام الأولى - فكانت بسبب هذه البقايا
الصادقة الصالحة كانت مُتميزة فى صلاحها وفي قربها من قلوب المخلصين أكثر من دين المجوس
والوثنية ، فحينما سمع سلمان كلام ذلك الراهب ومواعظه تبيَّن له أن دين أبيه دينٌ باطلٌ
ولذلك آمن بالنصرانية دين عيسى - عليه السلام- وكفر بدين أبيه ومنذ ذلك اليوم
بدأ النزاع بينه وبين أبيه شأن كل حق وباطل فى كل زمانٍ ومكان ،
لابد أن يظهر الخلاف بين أهل الحق والباطل ولذلك اضطر سلمان أن يهجربلاد أبيه
ومجوسيته ويُهاجر إلى بلاد أخرى لكي يتفقه فى الدين الذي تبناه من جديد ألا وهو دين النصارى.


-فجاء إلى العراق واتصل برجل من كبار أحبار النصارى كان ذلك الراهب الذى
أسلم على يديه, أقول أسلم لأن الدين عند الله الإسلام سواء الدين الإسلامى اليوم
أو دين عيسى أو دين موسى؛ فكلها إسلام ولكن بشرط قبل أن يُصاب بشىء من الانحراف
، فذلك الراهب الذى أسلم سلمان على يديه دله على حبر من أحبار النصارى
وعلمائهم فى العراق فذهب إليه وجلس عنده أياماً طويلة يتفقه ويتعلم من دين
النصارى ثم دله هذا العالم النصرانى على عالم آخر ، فانتقل إليه فلم يزل
ينتقل من مكان إلى مكان حتى دُلَّ على عالم - هنا- فى الشام فهاجر إلى الشام
ثم جلس إليه والذي اكتشفه أن هذا العالم النصراني الشامي يختلف كل الاختلاف
عن ما كان اطلع عليه من هؤلاء القسيسين الذين تعلم على يديهم ،
فقد وجد منهم الزهد والإخلاص لدينهم وربهم بخلاف هذا العالم النصراني الشامي
فقد تكشف له أنه يجمع المال من أتباعه باسم توزيعه على الفقراء ومع ذلك فهو
يدخره فى جرارٍ من فخار لديه وهو يتظاهر بأنه زاهد وهو يجمع المال ،ثم كتب الله
الموت على هذا الراهب المزعوم الموت ، فمات فكشف سلمان حقيقة أمره للناس.
فقال هذا الرجل كان يُدَجِّل عليكم وهذه أموالكم التي خلفها فخذوا هذه الأموال .

–ثم إنه هاجر وكان قد أُخْبِر من كل علماء النصارى هؤلاء من واحد إلى آخر
بأن هذا الزمن يا سلمان الذي تعيش أنت فيه هو زمن بِعْثَة آخر نبي من الأنبياء
وهو محمد أو أحمد-عليه الصلاة والسلام-جاء عندهم فى كتبهم أو زبرهم أنَّه
سيُهاجر إلى أرضٍ ذات نخيل ، فحضوه على أن يتتبع هذه البلدة التي تتحقق فيها
الصفات التي ذُكرت للبلد مهجر الرسول صلى الله عليه وسلم وهي :
"ذات نخيلٍ وبين حرتين":يعنى بين ساحتين كبيرتين لا زرع فيها ولا نبات،
وإنما فيها الحصباء والحجارة السوداء.
وفى سبيل هذا هاجر سلمان من دمشق فى طريقه إلى الحجاز بحثاً عن المكان الذي
سيخرج الرسول صلى الله عليه وسلم أو يُهاجر إليه ، وفي الطريق استعبده
بعض القبائل العربية ، يعني فرضوا عليه الأسر والاسترقاق ، وهو رجل حر
ما عرف الرق في حياته كلها ، هذه القبيلة التي استعبدته جاءت به إلى المدينة
فباعوه لرجل هناك صاحب نخيل ..

**وهذه القصة في الواقع مثال تفسيري لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم ،
مثال من أمثلة كثيرة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم "إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة بالسلاسل".

فسلمان هذا حرٌ اُستُرِق ووُضِعَت الأغلال فى يده - رغما عنه - وبيعَ بيعة العبيد
لسيدٍ فى المدينة . ماذا فعل هذا السيد؟ ألقاه فى حقله في نخيله
وأمره أن يعمل هناك ليلا نهاراً في حقل ذلك السيد عبد,وانتهى الأمر.

لكنَّ الله –عزوجل- أراد له الهداية ، فبينما هوذات يومٍ على نخلةٍ يعمل فيها إذا به
يسمع سيده وهو على الأرض وسلمان فوق ، فوق الشجرة، يتحدث مع بعض أصحابه
عن الرجل الذى هاجر إلى المدينة وهو يدعو إلى دينٍ جديدٍ وإلى عبادة الله وحده ..
فما كاد سلمان يسمع مثل هذا الخبر حتى لهث قلبه وقذف نفسه من النخلة إلى الأرض
وقال:أصحيحٌ أنه جاء هذا؟

فضربه سيده ؛ لأنه شعر من لهفته بأنهُ يُحبه بالغيب ...
وهذا الذى كان سلمان يسعى إليه قد يسَّرَهُ اللهُ له دون أن يُفكِّر
ولكن من طريق الاسترقاق والاستعباد, ثم أخذ يترقب الفرصة المناسبة
حتى يتمكن من زيارة الرسول-عليه الصلاة والسلام- والتعرف عليه
وعنده مما أخبره علماء النصارى الذين كان اتصل بهم من علاماتِ
ذلك المبعوث فى آخر الزمان أشياء منها:

1- أنَّ بين كتفيه خاتم النبوة,

2- وأنَّ منها أنه يقبلُ الهدية ولايأكل الصدقة .

فلما سمع سلمان ذلك الخبر تهيأ للذهاب إلى الرسول-عليه الصلاة والسلام-
فذهب ومعه تمرات فلما رأى الرسول-عليه الصلاة والسلام-أُلقِى فى نفسه أنه هو النبي
صلى الله عليه وسلم ؛ فقدَمَ إليه التمرات وقال له: هذه صدقة فوزّعها النبي صلى الله عليه وسلم
على بعض مَنْ حوله فأسرها سلمان فى نفسه وقال: هذه هى الأولى .
وسَمِعَهُ يعظ الناس وهو يأمرهم بأن يقوموا فى الليل والناس نيام ؛
المواعظ التى تدل على أن دعوة الرسول-عليه الصلاة والسلام-دعوةٌ صالحة
فرجع إلى سيده يعمل حتى توفر لديه شىء من التمر فعاد إليه مرة أخرى
فقال للنبى-عليه الصلاة والسلام- هذه هدية فأخذ منها-عليه الصلاة والسلام-
فأكل ووزّع على مَنْ حوله, قال: هذه الثانية
,ثم قام سلمان لايتمالك نفسه وقام خلف الرسول-عليه الصلاة والسلام-
وشعر الرسول -صلى الله عليه وسلم - ماذا يُريد فكان الثوب هكذا فعمله هكذا
كشف له عن الخاتم فرآه فقال:
أشهدُ أن لاإله إلا الله وأنَّ محمداً رسول الله,أسلَمَ من ذلك اليوم.

فكانت القصة والعبرة في هذه الحادثة العجيبة أن سلمان كاتب سيده
ومعنى المُكاتبة فى لغة الإسلام: هو أن يكون للسيد عبد فيتفق هذا العبدُ مع سيده
على أن يفك أسره ورِقِّه من سيده بمالٍ يُقدمه إلى سيده .
فيتفق مع السيد فيُقدم هذا المال لمدة طالت أو قصُرت وعندما يُقدم آخر قرش منه
ويسلمه إلى سيده يُصبح السيد مُضطراً إلى اعتاقه من عبوديته .
- وكان سلمان قد كاتب سيده على مالٍ معين يعطيه لسيده حتى يعتق رقبته منه
، فجاءَ إلى الرسول -عليه الصلاة والسلام-وذكر له أمر المكاتبة فساعده الرسول
-عليه الصلاة والسلام- على زرع نخيلٍ من الفسيل ,والفسيل: هو الشتل الخاص
فيُرَبَّى فى أراضٍ معينة ثم يُنقل إلى الأرض التى يُراد زرعها إلى الأبد.
فأخذ سلمان ما شاء من هذا الفسيل وزرعه وكان الرسول-عليه الصلاة والسلام-
قد ساعده على زرع قسم من هذا الفسيل فكان هذا الفسيل الذى غرسه الرسول
-عليه الصلاة والسلام- بيده يطرح فى السنة مرتين من بركة وضع الرسول وغرسه إياه.

هذا سلمان الذى رفع الله شأنه بالإسلام ،
وأعتقه من الرق صار بعد ذلك بفضل الإسلام سيداً ، وصار عنده خادم يعدّ
عليه ما يسلمه من العظام التي يريد أن يأكلها أو يبعها ؛ حتى يحفظ نفسه من أن
يسيء الظن بخادمه ، هذا هو فضل الإسلام في توجيه الأسياد وتعليمهم كيف يعاملون خدامهم أو عبيدهم .




--------------------------------------------------------------------------------
77- بــاب : أدب الخــادم

يقول الشيخ الألباني :

بمعنى: تأديب الخادم .
يروي المصنف - البخاري - بإسناده الحسن عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيط قال:
" أرسل عبد الله بن عمر غلاما له بذهب أو بِوَرِق فصرفه فأَنْظِر بالصرف فرجع إليه
فجلده جلدا وَجِعًا ، فقال : اذهب فخذ الذي لي ولا تصرفه."

أرسل عبد الله بن عمر غلاما له بذهب أو بوَرِق - يعني فضة - فصرفه
فَأَنْظَرَ بالصرف أى صرفه إلى أجل وهذا حرام , يُشير فى ذلك إلى قول الرسول
-عليه الصلاة والسلام-: (الذهب بالذهب يداً بيد, ها بها) مِثْلاً بمِثْل ,
يعني : واحد يصرف ذهب بذهب يساوي الأول ما يصير فيه مفاضلة
كذلك الفضة ما يكون فيها مفاضلة يعني مثلا :
- ما بيجوز عشر ليرات فضة على عشرة شهور كل شهر ليرة ما يجوز (1)
كذا ما بيجوز تأخذ عليهم زيادة من "الصرافة ". (2)
أنا مثلا بحاجة إلى صرافة فأعطيت عشرة ليرات فضة فأعطيتني عشرة إلا ربع ليرة
صرافة هذا ما بيجوز شرعا هذا ربا .أين الربا هنا ؟
يستفيد أحد الطرفين من الصرافة حتى يسلمها، صار فيه ربا
- فعبد الله بن عمر بن الخطاب أرسل خادمه يصرف له ذهب أو ورِق
أي : فضة فصرفه فانظر بالصرف يعني أجّل لما صرف
فرجع الغلام إلى سيده عبد الله بن عمر فجلده جلداً وجيعاً,
يعني فضربه ضربا موجعا وقال: اذهب فخذ الذى لي ولاتصرفه".
يعني : الذي تسلمته على أساس أنك ستستلم فيما بعد ، هذا ما يجوز
الشاهد: أن ابن عمر ضرب خادمه هنا ، فنستفيد من هذا الأثر -
وابن عمر من أصحاب الرسول-عليه الصلاة والسلام-المشهورين-
بأنه يجوز للسيد أن يضرب خادمه أو عبده بحق ،
مثل ما فعل هنا عبد الله بن عمر مع خادمه عندما ارتكب مُخالفة للشريعة
وهو أنه أنظر بالصرف.
فاستفدنا منه أنه يجوزللسيد أن يضرب عبده أو خادمه إذا ارتكب مُخالفة في الشريعة.
وعلى العكس من ذلك الحديث الآتى يدل على أنه لايجوز للسيد أن يضرب عبده بغير حق.


** وروى المصنف بإسناده الصحيح عن أبي مسعود - رضي الله عنه - :
( كنت أضرب غلاما لي فسمعت من خلفي صوتا : اعلم أبا مسعود :
لله أقدر عليك منك عليه فالتفتُّ ، فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
قلت : يا رسول الله : هو حر لوجه الله ، فقال : " أما لو لم تفعل لمستك النار " أو (للفحتك النار) .

*- وأبو مسعود هذا هو البدرى واسمه عقبة بن عامر من أصحاب الرسول
-عليه الصلاة والسلام- ومن الذين شَهِدُوا معه وقعة بدر الكبرى ، هذا هو الذى
يروى لنا القصة الآتية. قال: (كُنتُ أضربُ غلاماً لى فسَمِعتُ من خلفى صوتاً:
ماذا يقول هذا الصوت ؟ "اعلم أبا مسعود للهُ أقدرُ عليك منك عليه"
يسمع صوتا من خلفه بأن الله عز وجل أقدر على تعذيب أبي مسعود من
تعذيب أبي مسعود لغلامه ، فالتفتُّ فإذا هو رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -
قلتُ يارسول الله فهو حرٌ لوجه الله...). هذه طبيعة الإنسان الكامل, فليس الإنسان الكامل
هو الذى لايُخطئ؛ لكن هو الذى يُخطئ ثم يتراجع عن خطئه ولا يُسَوِّف ولا يُماطل
فيفسح المجال للشيطان أن يَحوُل بينه وبين أوبته وتوبته إلى ربه.
هذا أبو مسعود رجلٌ مؤمنٌ فما كاد ينتبه إلى أنه أخطأ مع ربه حينما ضرب غُلامه
ضربا ظالما له فناداه الرسول-عليه الصلاة والسلام- فذكره أنك تضربه والله أقدر
على تعذيبك له ينبهّه بأنك تظلمه ،....إذا هو حر لوجه الله ،
هذه التوبة النصوح على الإنسان أن يُعجّل بها لأنه ما يدري ما يُصيبه إذا
ما ماطل وسَوَّف بالتوبة.قال : (هو حر لوجه الله ) ، فقال-عليه الصلاة والسلام-:
"أما إن لو لم تفعل لمَسَتكَ النارُ"(ص85).
لو ما بادرتَ إلى إطلاقه وجعله حراً لوجه الله-عزوجل- لمسَكَ اللهُ بعذاب من عنده
لقاء أنك بغيت واعتديت عليه. أما لو لم تفعل لمستك النار أو للفحتك النار والمعنى واحد.

ففى هذا شيئان:
- أنه لايجوز للسيد أن يظلم عبده
-وأنه إن وقع فى شىء من مثل هذا الظلم ، فتبرئة ذمته أن يخلي سبيله
ويجعله حرا لوجه الله عز وجل.

والإنسان حينما يقرأ مثل هذه الأحاديث والتوجيهات النبوية للأسياد مع عبيدهم ؛
يتذكر أن الاسترقاق فى الإسلام كما كنت شرحت هو نعمة للمسترقِّين ،
واتخذت ذلك وسيلة للتنبيه على خطأ بعض الكتاب الإسلاميين اليوم الذين
يتجاوبون مع الأمم المتحدة ومجالسها التى قررت -بزعمها - تحريم الاسترقاق ،
فيتجاوب كثير من الكتّاب الإسلاميين مع هذا الاتجاه فيُعلِن أن الإسلام
لايُمانع فى تحريم الاسترقاق, فقلتُ إن هؤلاء الكتّاب لايتنبهون إلى الفرق
بين استرقاق المسلمين لأعدائهم واسترقاق أعدائهم للمسلمين ،
فاسترقاق المسلمين لأعدائهم إنما هي نِعمة يقدمونها إلى هؤلاء الأعداء
كما ذكرتُ آنفًا قول الرسول-عليه الصلاة والسلام-:
"إن ربك يعجبُ من أقوام يُجرون إلى الجنة بالسلاسل".
فهؤلاء الأسرى الذين يقعون عند المسلمين يرون الإسلام عن قرب
فيتعرفون على الحقيقة التي يدعو إليها الإسلام فيُؤمنون ويُسلمون
ويكون أسرهم نعمة عليهم .

فالذين يدعون اليوم إلى تحريم الاسترقاق معنى هذا أنهم لايُفرقون بين
استرقاق المسلم للكافر والكافر للمسلم ..
وهذه نماذج نقرأها في كتاب : ( الأدب المفرد )للبخاري
حيث يعود هذا المسلم مع الزمن أو على الأقل أولاده فيصبحون
وثنيين وكفاراً و مشركين ، بينما إن لم يُسلم ذلك الأسير الكافر
بنفسه كما وقع فى أوَّل الإسلام ، فعلى الأقل النسل الذى سيتناسل منه
سيعيش فى جو إسلامى وسيخرج مسلماً هذا لا شك فيه .

فهذه آداب من آداب الإسلام في توجيه الأسياد إلى حسن معاملتهم
للعبيد ومنها هذا الأدب الآتي ...


-----------------------------------------

(1)- ربا النسيئة = الإنظار بالصرف ، ويعارض الأمر الوارد شرعا : ( يدا بيد )
2)- ربا الفضل = اختلاف الكم ، ويعارض الأمر الوارد في الحديث :
( الذهب بالذهب والفضة بالفضة .... )



( يتبع )
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:37 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.