أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
52045 97777

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-19-2016, 06:16 PM
ابوخزيمة الفضلي ابوخزيمة الفضلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
المشاركات: 1,952
افتراضي الحججُ النَّواعش في الرَّدِّ على بعضِ شُبَه الدَّواعش للشيخ علي أبو هنية المقدسي

راسلني بعض الإخوة الطلبة يسألون عن إجابات علمية لبعض الشبهات العصرية التي يلقيها بعض الشباب المتأثرين بفكر التكفير عامة، وبفكر عصابة داعش! خاصة، وهي شبهات واهية واهنة كطفل معاق، لا تقوم على قدم ولا تثبت على ساق، وجهها كاستها، وقبحها بلا انتها، فألفيتها شبهاً -عند أهل العقل والبصيرة- تغني حكايتها عن صدها، ويكفي إيرادها عن ردها، لا تنطلي إلا على أحمق، ولا يسلِّم لها إلا أخرق، ولولا وجود من تأثر بها وتحمس لها -بسبب فشو الجهل وقلة العلم- لما التفتنا إليها، ولا طفنا حواليها، ولا تكلفنا الرد عليها.

فأقول وبالله أصول وأجول:

⛔الشبهة الأولى:

أنتم تسمون داعش وجماعات التكفير خوارج؛ ألا ينطبق مفهوم الخوارج -أيضاً- على الجيوش العربية؟
فهؤلاء الجنود: حدثاء الأسنان سفهاء الاحلام...محلِّقي الرؤوس بل واللحى.. يقتلون أهل الإسلام ويذرون أهل الأوثان... وكلها تنطبق على الجيوش العربية، فقادة الجيوش تحسن القول وتسيء الفعل، وغيرها كثير من الأوصاف التي تنطبق عليهم.

✅الجواب:
هذا الكلام يدل على جهل كبير عند قائله بمفهوم الخوارج أصلاً، إذ إن مصطلح الخوارج يطلق على جماعة من أهل البدع والأهواء تخالف القرآن والسنة والسلف الصالحين بفهمها للدين، معدودةً من الفرق الاثنتين والسبعين الهالكة، وتدين بفهم خاص خرجت به على جماعة المسلمين وإمامهم، وتعتقد اعتقاداً جازماً بأن المسلمين جميعاً مرتدون إلا من انضوى تحت رايتهم وبايع إمامهم، وأن الناس قد فسدوا فساداً لا يصلحهم إلا القتل جملة، ويكفرون مرتكب الكبيرة، ولا يرون لأي حاكم مسلم بيعة ولا سمع ولا طاعة، ويحملون السيف على المسلمين برهم وفاجرهم، ويعيثون في الأرض فساداً، ويهلكون الحرث والنسل، ويرون قتال المرتدين أولى من قتال الكافر الأصلي كاليهود والنصارى؛ لذلك نجدهم يحاربون الدول الإسلامية عامة وأهل السنة خاصة بحجة أنهم مرتدون!!
فالعبرة بالاعتقاد الذي يحمله هؤلاء الخوارج قبل أي اعتبار آخر يتعلق بالأوصاف التي يتصفون بها مما ذكر في السنة، والتي قد يشاركهم بها غيرهم.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "أَمَّا الْخَوَارِجُ فَهُمْ جَمْعُ خَارِجَةٍ أَيْ: طَائِفَةٍ، وَهُمْ قَوْمٌ مُبْتَدِعُونَ سُمُّوا بِذَلِكَ لِخُرُوجِهِمْ عَنِ الدِّينِ وَخُرُوجِهِمْ عَلَى خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ". "فتح الباري" (12/ 283).
ولذلك يقول العلماء: الحكم على الشيء فرع عن تصوره، ويقولون: أثبت العرش ثم انقش.
فكيف يكون جيش من جيوش الدول العربية والإسلامية؛ ممن يحمي بلده، ويضحي بنفسه، ويطيع ولي أمره، وينقاد لقائده ممن ارتضاه هذا الشعب لصون بيضته، وحماية حدوده معدوداً من الخوارج؟!
على ذلك سيكون كلُّ جيش عُرف في تاريخ الإسلام من جيوش المسلمين خوارج! حتى في عصر الخلفاء الراشدين!
وحتى جيش علي بن أبي طالب الذي حارب الخوارج سيكونون أيضاً خوارج!!
قضلا عن جيوش بني أمية، وبني العباس، والأيوبيين، والسلاجقة، والمماليك، والعثمانيين، والأندلسيين، وغير ذلك؛ لوجود كثير من الصفات التي يشاركون الخوارج بها في شكلهم أو هيأتهم أو أعمارهم!!
أو على هذا الكلام لن يكون هنالك خوارج أصلاً طالما أن هذه الأوصاف لا يمكن حصرها في جماعة معينة!
فعاد الأمر لزاماً إلى مسألة الاعتقاد الذي تحمله فرقة الخوارج، وهو ما يمتازون -أو لنقل: يشذُّون- به عن جماعة المسلمين! فبه يعرفون وبه يوصفون!!
ومن المعضلات توضيح الواضحات!
وكيف يصحُّ في الأذهان شيء *** إذا احتاج النهار إلى دليل

⛔الشبهة الثانية:
جاء في كتب التاريخ والسير والتراجم أن عدداً من علماء المسلمين الجهابذة أفتوا بمشروعية القتال تحت راية أبي يزيد الخارجي ضد الاسماعليين في المغرب، رغم أنه خارجي يكفر بالكبيرة.
فما المانع من القتال تحت رايات جماعات التكفير كداعش وغيرها؟!

✅الجواب:
الجواب عن هذه الشبهة من عدة أوجه:
أولاً:
لا شك أن العلماء ينظرون في النوازل إلى المصالح والمفاسد في مثل هذه المسائل، ويعلمون أن الشريعة جاءت لتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، ويقدرون خير الخيرين وشر الشرين، فيدفعون الشر الأكبر بالشر الأصغر؛ وفرقة الإسماعيلية من شر الفرق والطوائف في الدنيا، وهي فرقة باطنية كافرة أكفر من اليهود والنصارى، ولا تدين بدين لرب العالمين، تنتسب -زوراً- إلى إسماعيل بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين! ويقولون بإلهية الحاكم بأمر الله العبيدي.
قال عنهم شيخ الإسلام رحمه الله: "وَهَؤُلَاءِ -بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ- كَانُوا مَلَاحِدَةً، وَنَسَبُهُمْ بَاطِلٌ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ بِالرَّسُولِ اتِّصَالُ نَسَبٍ فِي الْبَاطِنِ وَلَا دِينٌ، وَإِنَّمَا أَظْهَرُوا النَّسَبَ الْكَاذِبَ وَأَظْهَرُوا التَّشَيُّعَ، لِيَتَوَسَّلُوا بِذَلِكَ إِلَى مُتَابَعَةِ الشِّيعَةِ، إِذْ كَانَتْ أَقَلَّ الطَّوَائِفِ عَقْلًا وَدِينًا، وَأَكْثَرَهَا جَهْلًا، وَإِلَّا فَأَمْرُ هَؤُلَاءِ الْعُبَيْدِيَّةِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى عَلَى مُسْلِمٍ. وَلِهَذَا جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ - الَّذِينَ هُمْ مُؤْمِنُونَ - فِي طَوَائِفِ الشِّيعَةِ يَتَبَرَّأُونَ مِنْهُمْ، فَالزَّيْدِيَّةُ وَالْإِمَامِيَّةُ تُكَفِّرُهُمْ وَتَتَبَرَّأُ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا يَنْتَسِبُ إِلَيْهِمُ الْإِسْمَاعِيلِيَّةُ الْمَلَاحِدَةُ، الَّذِينَ فِيهِمْ مِنَ الْكُفْرِ مَا لَيْسَ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى". "منهاج السنة النبوية" (6/ 342).
وقال رحمه الله: "...إلحاد ملاحدة الإسماعيلية ونحوهم من المنتسبين إلى التشيع مع اتفاق الشيعة المسلمين على أنهم كفار، وهؤلاء الطوائف براء من الحنيفية ملة إبراهيم، بل من أتباع المرسلين كلهم". "الصفدية" (2/ 241).
وقال رحمه الله -مبيِّناً أن الإسماعيلية شر فرق الرافضة الباطنية وأنهم أصل الدروز الذين هم أكفر من اليهود والنصارى-: "وَأَمَّا " الدُّرْزِيَّةُ " فَأَتْبَاعُ هشتكين الدُّرْزِيُّ؛ وَكَانَ مِنْ مَوَالِي الْحَاكِمِ أَرْسَلَهُ إلَى أَهْلِ وَادِي تَيْمِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فَدَعَاهُمْ إلَى إلَهِيَّةِ الْحَاكِمِ وَيُسَمُّونَهُ "الْبَارِي الْعَلَّامُ" وَيَحْلِفُونَ بِهِ، وَهُمْ مِنْ الْإِسْمَاعِيلِيَّة الْقَائِلِينَ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ نَسَخَ شَرِيعَةَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَهُمْ أَعْظَمُ كُفْرًا مِنْ الْغَالِيَةِ، يَقُولُونَ: بِقِدَمِ الْعَالَمِ، وَإِنْكَارِ الْمَعَادِ، وَإِنْكَارِ وَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ وَمُحَرَّمَاتِهِ، وَهُمْ مِنْ الْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ الَّذِينَ هُمْ أَكْفَرُ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ، وَغَايَتُهُمْ أَنْ يَكُونُوا "فَلَاسِفَةً" عَلَى مَذْهَبِ أَرِسْطُو وَأَمْثَالِهِ أَوْ "مَجُوسًا" وَقَوْلُهُمْ مُرَكَّبٌ مِنْ قَوْلِ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمَجُوسِ، وَيُظْهِرُونَ التَّشَيُّعَ نِفَاقًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ". "مجموع الفتاوى" (35/ 161).
فمن كان هذا كفره فكيف يستبعد من علماء المسلمين الإفتاء بقتاله بما تطاله اليد من راية أو قوة ؟!
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "وَقَدْ أَجمع عُلَمَاء المَغْرِب عَلَى محَاربَة آل عبيد لمَا شَهْروهُ مِنَ الكُفْر الصرَاح الَّذِي لاَ حِيْلَة فِيْهِ، وَقَدْ رَأَيْت فِي ذَلِكَ توَاريخ عِدَّة يصدق بَعْضهَا بَعْضاً". "سير أعلام النبلاء" (15/ 152).
فيأتي السؤال هنا الآن: أين قياس هؤلاء الباطنية على من يقاتلهم الدواعش وجماعات التكفير اليوم؟! إلا أن يكون المقصود هو حكام المسلمين وجيوش الإسلام والسنة!!
فهل هذا إلا قياس خارق من ضال غارق وليس فقط مع الفارق؟!
ثانياً:
جواز القتال قتال دفع ضد الكافرين مشروع إذا توفرت شروطه، ووجد الإعداد الصحيح له، ولو لم تتضح الراية؛ تغليباً لمصلحة الإسلام والمسلمين، وقد سئل شيخنا ابن عثيمين رحمه الله عن القتال في جهاد الدفع مع بعض الفرق الضالة ضد الكفار الأصليين. وإليكم نص الفتوى:
السؤال: فضيلة الشيخ! إذا حضر المسلم صف القتال بين أهل الكفر -يعني: اليهود والنصارى والمشركين- وبين من يمثل الإسلام، ولكن الذين يمثلون الإسلام من الفرقة الضالة. فما موقف هذا الرجل المسلم من هذا القتال؟
الجواب: "إذا حضر الصف لا بد أن يقاتل. ولو كان من الفرقة الضالة. لأنه يقاتل للإسلام، وليس للفرقة الضالة، فيجب عليه أن يثبت، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45] . ويقول عز وجل يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال:15-16]. وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن التولي يوم الزحف من موبقات الذنوب". من فتاوى "سلسلة لقاءات الباب المفتوح".
ومع ذلك فإن فتوى الشيخ هذه يمكن تقييدها بأمن الغدر من الفتك بالمسلمين من أهل البدع هؤلاء. وأن لا يتولد مفسدة من غلبتهم أعلى من المفسدة الحاصلة.
ويوضحه:
ثالثاً:
كان خروج بعض العلماء مع أبي يزيد الخارجي اجتهاداً منهم نظراً لما تقدم من كفر بني عبيد والاسماعيليين الذي لا يحتمل مع عدم إقرارهم لمعتقد أبي يزيد ولا لولايته، ومع ذلك لم يكن اجتهاداً صائباً منهم لغدر الخوارج بهم، وقد ندم كثير منهم على ما كان منه.
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: "وَعُوتِبَ بَعْض العُلَمَاء فِي الخُرُوْجِ مَعَ أَبِي يَزِيْد الخَارِجِيّ فَقَالَ:
وَكَيْفَ لاَ أَخرج وَقَدْ، سَمِعْتُ الكُفْر بِأُذُنَي حضرت عقداً فِيْهِ جمع مِنْ سنَة وَمشَارقَة وَفيهُم أَبُو قضَاعَة الدَّاعِي فَجَاءَ رَئِيْس فَقَالَ:
كَبِيْر مِنْهُم إِلَى هُنَا يَا سيدِي ارْتَفَع إِلَى جَانب رَسُوْل اللهِ يَعْنِي: أَبَا قضَاعَة فَمَا نطق أَحَد، وَوجد بِخَط فَقِيْه قَالَ: فِي رَجَبٍ، سَنَةَ 331 قَامَ المكوكب يقذف الصَّحَابَة وَيطعن عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعلقت رُؤُوْس حمِير وَكباش عَلَى الحوَانيت كتب عَلَيْهَا أَنَّهَا رُؤُوْس صَحَابَةٍ.
وَخَرَجَ أَبُو إِسْحَاقَ الفَقِيْه مَعَ أَبِي يَزِيْد، وَقَالَ: هُم أَهْل القِبْلَة وَأَولئك ليسُوا أَهْل قبلَة، وَهُم بَنو عَدُوّ الله، فَإِن ظفرنَا بِهِم لَمْ ندْخل تَحْتَ طَاعَة أَبِي يَزِيْد لأَنَّه خَارِجِيّ.
قَالَ أَبُو مَيْسَرَة الضَّرِيْر :أَدخلنِي الله فِي شَفَاعَة أَسود رمَى هَؤُلاَءِ القَوْم بِحجر.
وَقَالَ السبَائِي: أَي وَاللهِ نجد فِي قتل الْمُبدل لِلدين.
وَتسَارع الفُقَهَاء وَالعبَاد فِي أَهبَة كَامِلَة بِالطبول وَالبنود وَخطبهُم فِي الجمعَة أَحْمَد بن أَبِي الوَلِيْد وَحرضهُم وَقَالَ:
جَاهدُوا مِنْ كفر بِاللهِ وَزعم أَنَّهُ ربّ مِنْ دُوْنَ الله وَغَيّر أَحْكَام الله وَسب نَبِيّه وَأَصْحَاب نَبِيّه فَبَكَى النَّاس بكَاء شَدِيْداً وَقَالَ:
اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا القرمطِي الكَافِر المَعْرُوْف بِابْنِ عُبَيْدِ اللهِ المدعِي الرُّبُوبِيَّة جَاحد لِنِعْمَتِك كَافِر بِرُبُوبِيَّتِك طَاعن عَلَى رسلك مُكَذب بِمُحَمَّد نَبِيّك سَافك لِلدمَاء فَالعنه لعناً وَبيلاً وَاخزه خزيّاً طَوِيْلاً وَاغضب عَلَيْهِ بكرَة وَأَصيلاً ثُمَّ نزل فَصَلَّى بِهِم الجمعَة". "سير أعلام النبلاء" (15/ 152-157).
ومع ذلك فالخوارج قوم غدارون لا يؤتمنون على دم، ولا يقرون أحداً من المسلمين على معتقد غير معتقدهم.
يقول الحافظ الذهبي في ترجمة (المَمْسِيُّ أَبُو الفَضْلِ العَبَّاسُ بنُ عِيْسَى): "لَمَّا قَامَ أَبُو يَزِيْدَ مَخْلَد بنَ كِنْدَاد الأَعْرَج رَأْسُ الخَوَارِج عَلَى بنِي عُبَيْد.
خَرَجَ هَذَا الممسِيُّ مَعَهُ فِي عددٍ مِنْ عُلَمَاء القَيْرَوَان لفرْط مَا عَمَّهُم مِنَ البلاَء، فَإِنَّ العُبَيْدِي كَشَفَ أَمرَه، وَأَظْهَرَ مَا يُبْطنُهُ، حَتَّى نصبُوا حَسَنَ الضَّرِيْر السَبَّاب فِي الطُرُق بِأَسجَاع لقَّنوهُ، يَقُوْلُ:
العنُوا الغَار وَمَا حوَى، وَالكِسَاء وَمَا وَعَىَ، وَغَيْر ذَلِكَ، فَمَنْ أَنكر ضُربت عُنُقُه.
وَذَلِكَ فِي أَوَّلِ دَوْلَةِ الثَّالِث إِسْمَاعِيْل، فَخَرَجَ مَخْلَد الزَّنَاتِي المَذْكُوْر صَاحِبُ الِحمَارَة، وَكَانَ زَاهِداً، فتحرَّك لقيَامِهِ كُلُّ أَحَد فَفَتَحَ البِلادَ، وَأَخَذَ مَدِيْنَة القَيْرَوَان. لَكِنْ عَمِلَت الخَوَارِجُ كُلّ قبيحٍ، حَتَّى أَتَى العُلَمَاء أَبَا يَزِيْدَ يَعيبُوْنَ عَلَيْهِ.
فَقَال: نهبُكُم حلاَلٌ لَنَا، فلاَطفُوهُ حَتَّى أَمرَهُم بِالكَفّ، وَتَحَصَّنَ العُبَيْديُّ بِالمهديَّةِ.
وَقِيْلَ: إِنَّ أَبَا يَزِيْدَ لَمَّا أَيقن بِالظُّهور، غَلَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسه الخَارجيَّة، وَقَالَ لأَمرَائِه: إِذَا لقِيتُم العُبَيْدِيَّة، فَانهزمُوا عَنِ القَيْرَوَانيين، حَتَّى ينَالَ مِنْهُم عدوُّهُم، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، فَاسْتُشْهِدَ خَلْق، وَذَلِكَ سنَة نَيِّفٍ وَثَلاَثِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
فَالخَوَارِجُ أَعدَاءُ المُسْلِمِيْنَ، وَأَمَّا العُبَيْدِيَّة البَاطنيَة، فَأَعدَاءُ الله وَرَسُوِله"."سير أعلام النبلاء" (15/ 372 -373).
وفي هذا درس كبير وتحذير خطير لأهل السنة أن يأتمنوا أهل البدع على أنفسهم أو يأمنوا جانبهم فإنهم لا أمان لهم ولا عهد ولا ذمة، فهؤلاء العلماء الذين استأمنوا أبا يزيد وانضووا تحت رايته لم يلبث أن انقلب عليهم وغدر بهم وجعلهم فريسة لعدوهم.
فأنى الاحتجاج بفعلهم وقد علمنا النتيجة المريرة والنهاية الخطيرة؟!
يقول الشيخ طاهر الزاوي عن أبي يزيد: "دخل القيروان بعد أن خرب البلاد، وقتل الرجال، وسبى النساء، وشق فروجهنّ، وبقر بطون الحوامل، والتجأ الناس إلى القيروان حُفاة عراة، ومات كثير منهم عطشاً وجوعاً". انظر "الدولة العبيدية" للصلابي (ص 61- 62).
وفي المحصلة هذا فيما يتعلق بقتال الكفرة والملاحدة والباطنية من فرق الضلال، وليس قتال حكام المسلمين وجيوش السنة وملوكها!! فأي قياس هذا؟! فتنبه.
ثم أنت ترى كيف أن العلماء ندموا على ذلك وعُدَّ من زلاتهم وأخطائهم فكيف يكون حجةً أصلاً ليتكرر في أزمنة لاحقة مثله؟!
ثم على فرض أن من هؤلاء الحكام من يصدق عليه أنه كالعبيديين الباطنيين اعتقاداً وهو النظام النصيري وقائده بشار الأسد فإننا لم نر داعش حاربته يوماً فضلاً عن محاربتهم لرافضة إيران وحزب الشيطان! بل كل حربهم على السنة وأهلها. بل بينهم وبين إيران مواثيق ومعاهدات! فتأمل.

⛔الشبهة الثالثة:
يقول ابن القيم رحمه الله أثناء ذكره لفوائد قصة حاطب رضي الله عنه: "وَفِيهَا: أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا نَسَبَ الْمُسْلِمَ إِلَى النِّفَاقِ وَالْكُفْرِ مُتَأَوِّلًا وَغَضَبًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَدِينِهِ لَا لِهَوَاهُ وَحَظِّهِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ، بَلْ لَا يَأْثَمُ بِهِ، بَلْ يُثَابُ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَصْدِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، فَإِنَّهُمْ يُكَفِّرُونَ وَيُبَدِّعُونَ لِمُخَالَفَةِ أَهْوَائِهِمْ وَنِحَلِهِمْ، وَهُمْ أَوْلَى بِذَلِكَ مِمَّنْ كَفَّرُوهُ وَبَدَّعُوهُ". "زاد المعاد" (3/ 372).
فجماعة داعش إنما تنسب المسلمين إلى الكفر غضباً لله ورسوله ودينه لا للحظ والهوى؛ فعلى هذا يكون حالهم كحال عمر رضي الله عنه حينما قال حمية لدين الله: "دعني أضرب عنق هذا المنافق"!

✅الجواب:
وهذا أمر أشد وضوحاً من أن يوضَّح، فجماعات التكفير الخوارج كداعش ومن لف لفها إنما تكفر المسلمين اتباعاً لأهوائهم ونحلهم لأنهم أهل بدع وأهواء، لا غيرة على دين الله، فمشابهتهم لأعداء الصحابة أولى من مشابهتهم للصحابة.
وإلا لعذرنا ذا الخويصرة الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "اعدل فإنك لم تعدل" لأنه قالها غضباً لله وغيرة على دينه!!
ولعذرنا أيضاً الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه وسائر الصحابة لأنهم إنما خرجوا غضباً لله وغيرة على دينه وحكمه!!
ولكن عليًّا رضي الله عنه قال عنهم: "كلمة حق أريد بها باطل" أي: أن نياتهم فاسدة وليست أعمالهم فقط.
ولعذرنا أيضاً كل فرقة تخرج على المسلمين وإمامهم؛ تشق صفهم، وتفرق جماعتهم، وتستبيح دماءهم، وتستحل أموالهم، وتنتتهك أعراضهم؛ بحجة الغضب لله ودينه.
ولما عدنا ننكر منكراً ولا نحذر من بدعة ولا صاحبها إحساناً الظن! بهم وبنواياهم!!
وكم من مريد للخير لن يصيبه..
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقرَّ عمر على كلمته حتى لو قالها غضباً، نعم عذره بها، ولكنه لم يوافقه عليها.
ثم أقول -متعجباً من حال هؤلاء-: كيف تحتجون بكلام إمام من أئمة السنة كابن القيم على مذاهبكم وأهوائكم؟!
ولا تأخذون بكلامه وكلام شيخه في هلاك فرقتكم، وضلال نحلتكم، وسوء اعتقادكم، وكأن هذا العالم ينتمي إليكم، أو يجادل عنكم ؟!
وعجب آخر:
وهو كيف تأتون بشبهة تارة أن داعش ليسوا بخوارج، ثم تردفونها بشبهة أخرى تقرون فيها بخارجيتهم وتبررون نصرتكم لهم ؟!!

فاللهم ثبت علينا ديننا وعقولنا..

����وأختم بكلمة للإمام التابعي وهب بن منبه رحمه الله حيث يقول: "إِنِّي قَدْ أَدْرَكْتُ صَدْرَ الإِسْلاَمِ، فَوَاللهِ مَا كَانَتِ الخَوَارِجُ جَمَاعَةً قَطُّ، إِلاَّ فَرَّقَهَا اللهُ عَلَى شَرِّ حَالاَتِهِم، وَمَا أَظْهَرَ أَحَدٌ مِنْهُم قَوْلَهُ، إِلاَّ ضَرَبَ اللهُ عُنُقَهُ، وَمَا اجْتَمَعتْ الأُمَّةُ عَلى رَجُلٍ قَطُّ مِن الخَوارِجِ، وَلَوْ مَكَّنَ اللهُ لَهُم مِنْ رَأْيِهِم، لَفَسَدَتِ الأَرْضُ، وَقُطِعَتِ السُّبُلُ وَقُطِعَ الحَجُّ مِن بَيتِ اللهِ الحَرامِ، وَلَعَادَ أَمْرُ الإِسْلاَمِ جَاهِلِيَّةً حَتَّى يَعودَ النَّاسُ يَستَغيثونَ بِرُؤوسِ الجبالِ كَما كَانوا فِي الجاهليَّة، وَإِذاً لَقَامَ جَمَاعَةٌ كُلٌّ مِنْهُم يَدْعُو إِلَى نَفْسِهِ الخِلاَفَةَ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُم أَكْثَرُ مِنْ عَشْرَةِ آلاَفٍ، يُقَاتِلُ بَعْضُهُم بَعْضاً، وَيَشْهَدُ بَعْضُهُم عَلَى بَعْضٍ بِالكُفْرِ، حَتَّى يُصْبِحَ المُؤْمِنُ خَائِفاً عَلَى نَفْسِهِ وَدِيْنِهِ وَدَمِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، لاَ يَدْرِي اين يسلك أو مَعَ مَنْ يَكُوْنُ". انظر "تاريخ دمشق" (63/ 383) لابن عساكر، "تهذيب الكمال في أسماء الرجال" (31/ 154) للمزي، و"سير أعلام النبلاء" (4/ 555) للذهبي.

والحمد لله رب العالمين

��بقلم: علي أبو هنية المقدسي
عناتا-القدس/فلسطين
الأحد: 4/جمادى الآخر/1437
منقول من مجموعة أهل الأثر
الموافق: 13/3/2016
__________________
قال سفيان بن عيينة رحمه الله : ( من جهل قدر الرّجال فهو بنفسه أجهل ).


قال شيخُ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله- كما في «مجموع الفتاوى»:

«.من لم يقبل الحقَّ: ابتلاه الله بقَبول الباطل».

وهذا من الشواهد الشعرية التي إستشهد بها الشيخ عبد المحسن العباد في كتابه
رفقا أهل السنة ص (16)
كتبتُ وقد أيقنتُ يوم كتابتِي ... بأنَّ يدي تفنَى ويبقى كتابُها
فإن عملَت خيراً ستُجزى بمثله ... وإن عملت شرًّا عليَّ حسابُها
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-19-2016, 07:52 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

جزى الله الشيخ خير الجزاء ونطمع أن يزيدنا مما فتح الله عليه فقد يقول أحد أنصار التنظيم الخارجي المسمى (داعش) المتابعين لهذه المواضيع وأمثالها أنّ هذه ليست أقوى (أدلتهم) وهذا يشعرهم بضعف المخالف ويعطيهم شعورا زائفا في أنّ الدليل معهم
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-21-2016, 12:15 AM
عدنانزروق عدنانزروق غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 363
افتراضي شكر وطلب

بارك الله فيكم
هل يمكن تحويله الى صيغة pdf
وجزاكم الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:52 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.