أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
20841 91194

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-29-2015, 07:04 PM
أبو العباس أبو العباس غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 790
افتراضي مقابلة (مجلة الفرقان) مع شيخنا (فتحي بن عبد الله الموصلي) .

لقد ابتليت الأمة الإسلامية بنكسات وأزمات كثـيرة على طول تاريخها، مرورًا بأزمة الردة الطاحنة، والهجمات التترية الغاشمة، والحـروب الصليبية الباغية، لكن الأمة مع كل هذه الأزمـات والمآزق كانت تمتلك مقومات النصر من إيمان صادق، وثقة مطلقة في الله، واعتزاز بهذا الدين، فكتب الله جل وعلا لها النصرة والعزة والتمكين، لكن واقع الأمة المعاصر واقـع مر أليم ولا سيما بعد ما جرى من أحداث ما يسمى بالربيع العربي المزعوم , الذي أظهر لنا بوضوح الواقع المرير الذي تعيشه أمتنا، لذا كان سؤالي الأول لضيف الفرقان فضيلة الشيخ فتحي الموصلي -حفظه الله- عن توصيفه لهذا الواقع وتقييمه لتطور الأحداث في منطقتنا العربية والإسلامية، وكيف نضبط التعامل مع هذه الأحداث بضوابط أهل السنة والجماعة فقال مشكورًا:

- الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، ابتداءً لابد من دراسة سياسية شرعية منهجية تأصيلية للأسباب التي أدت إلى وقوع هذه الأحداث في بلاد الإسلام -ولاسيما أنها بهذا الحجم من التأثير -، والواقع الذي أوجب أن تقع هذه الأمور؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، وبالتالي يجب ألا ننشغل كثيرًا بنقل الحدث وتفسيره وتحليله، بقدر ما نبحث عن الأسباب الجالبة لمثل هذه الأحداث، هذا جانب.
والجانب الآخر فيما يتعلق بهذه الأحداث ينبغي أن ننطلق في التعامل معها من منطلقات شرعية واقعية تدور على تحصيل المصالح ودفع المفاسد، وعلى قضية الحفاظ على رأس المال؛ لأن القاعدة الشرعية وهي أيضًا قاعدة السياسية الشرعية أن (حفظ الموجود أولى من تحصيل المفقود)، وبالتالي فإذا سقطت دولة ينبغي ألا نكثر من التباكي والنقد والتحليل بقدر ما نفكر كيف نحفظ الدولة الأخرى التي قد تكون مرشحة للسقوط.
كذلك فيما يتعلق بهذه الأحداث ينبغي أن نؤصل أصولا سليمة للحكم على ما يقع، كما أننا ينبغي أن نجزئ الوقائع وأن نتكلم كلاما يفضي بنا إلى الخروج بمخرجات ونتائج إيجابية.
علينا أيضًا أن نركز على تفعيل التعاون الشرعي بين الأدوات والوسائل والمؤسسات في هذا الإطار؛ لأن مثل هذه الفتنة لا ترفع إلا بتعاون شرعي وتماسك ديني صحيح يستند إلى مصالح شرعية ورؤية دينية دقيقة.
- الأمر الثاني: هو أننا يجب أن نقدم حلولاً للواقع، ولا نكتفي بإصدار الأحكام، بل يجب أن نقدم حلولاً عملية، ونعين الناس والمؤسسات على إيجاد مثل هذه الحلول.
- الأمر الثالث: فيما يتعلق بقضية الأحداث ينبغي أن نستظهر الطرائق الصحيحة في البحث العلمي للوصول إلى أجوبة شرعية في معالجة الواقع، وهذه الأجوبة ينبغي ألا تكون عمومات وأحكاماً عامة بقدر ما هي فتاوى دقيقة تساعد في الحل، تساهم في تقليل الشر، تساهم في الحفاظ على الموجود، وتساهم في تفعيل الطاقات؛ لأنه كما يقول العلماء: إن الفتنة لا تزول إلا إذا كان الدين كله لله، فلابد من منطلقات علمية ربانية شرعية مدروسة، ومن ثَمَّ علينا أن نُفعِّل دور أهل الاختصاص للعلم في هذا الميدان، ميدان البحث، ميدان الطرح، ميدان المعالجة، وميدان تقديم الحلول.
هناك إشكالية لابد من الانتباه لها، وهذه الإشكالية حذَّر منها السلف، وهي أننا نكثر من الجدل، ونقل من العمل، والحديث النبوي واضح: «بادروا بالأعمال قطعا كقطع الليل المظلم»، فقدم صلى الله عليه وسلم الأمر بالعمل والمبادرة إليه عند حلول الفتن، وهذا هو الأصل؛ لأننا في مثل هذه الظروف نحتاج إلى مشروع، ومقترحات، وأفكار، ونحتاج إلى تقديم حلول عملية، أما أن نبقى متفرجين، منتقدين في حالة من اللوم، وألا يصل بنا الأمر إلى حالة من الإحباط والخضوع بأنها قضية قدرية لا سبيل لدفعها ولا حتى لرفعها.
وفي الحقيقة هذه الأمة فيها خير كثير، ولكنه يحتاج إلى أن يفعل وأن ينسق؛ بحيث تخرج أنت بمخرجات تساهم في التطوير وتساهم في البناء والتخفيف من المآسي التي حلت بأمتنا.
- انطلاقا من الحديث عن وجود مشروع ينهض بالأمة ويقدم حلولاً عملية، هل فشل مشروع الإخوان في مصر أثَّر سلبًا على الـمشروع السلفي أو الـمشروع الإسلامي عموما؟
- في الحقيقة أي مشروع له مراحل في الوجود ومراحل في الظهور ومراحل في الولادة، ومشكلة العمل الإسلامي أنه لا يأخذ بسنن التدرج، والقاعدة التي نزلت فيه وأسقطت عليه (من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه)، وأنا أقول: إن الأمة تحتاج إلى مشروع، يُهضم ويدرس من أهل الاختصاص، تراعى فيه المصلحة الكلية، يوجه إلى النخب، يخط بخطوط واضحة بينة، يكتب بأقلام أمينة، يعالج قضايا واقعية، يسلك منهج التدرج، ينطلق من منطلقات وأصول شرعية، ويراعي التحديات العالمية، هذه عشر أوصاف لأي مشروع حتى يحقق نجاحًا في واقع الأمة، أي مشروع يبدأ بوجود فكرة تدرس وتُهضم بالمواصفات العشرة التي ذكرتها لك، ثم ننتقل إلى عملية إظهار الفكرة، ثم ولادتها في واقع الأمة.
ومع الأسف الشديد فإن عملنا يقع بين (الإجهاض والإفساد)، إما أننا نستعجل الولادة وهذا هو الإجهاض، وإما أننا نتأخر ولا نقبل بظهور الفكرة، أو أننا نلزم غيرنا بأنها لابد أن تظهر بأسمائنا ورموزنا وبصماتنا ولا نتجرد عن ذاتنا، وبالتالي تأخر ظهور الفكرة يفسدها حتى لو ظهرت في وقت آخر فسدت مصلحتها.
سُئل أحد العلماء عن الفرقة الناجية ما هي؟ فأجاب جوابًا علميًا دقيقًا قال: (هي التي تفزع إليها الأمة عند النوازل)، لذلك فإن الدعوة السلفية لا تكون دعوة سلفية خالصة ربانية ما لم تفزع إليها الأمة عند الضرورة، لذلك فالأمة بحاجة اليوم إلى المشروع السلفي المدروس، أو بمعنى آخر، الأمة بحاجة إلى التوجيهات السلفية الصحيحة، أكثر من حاجتها أن يشارك السلفيون بأنفسهم وأشخاصهم في أي مشروع؛ لأن الأزمة ليست في عدد الرجال، والأزمة ليست في الأموال، إنما الأزمة في أمرين: في الأفكار وفي النخب التي تطبق هذه الأفكار، أزمتنا أزمة نخب، ولذلك أصعب آثار الفتنة هو أن العقلاء الفضلاء يكونون في عجز، والأحداث والسفهاء يكونون في تمكين.
من هنا فإننا بحاجة إلى هذا المشروع، لكن لابد أن يكون مدروسًا، وأن يكون منهجيًا، ويتصف بالصفات التي تؤهله ليكون مؤثرًا في واقع الأمة.
وأنا أقول من خلال التجربة ومن خلال رؤيتي المتواضعة: إن مشروع الأمة اليوم إذا لم يقدمه السلفيون لن تستطيع أي جهة أن تقدم هذا المشروع، وإذا تأخر السلفيون فإنهم قد تحملوا الوزر الأكبر في قيامهم بواجبهم؛ لأن الله -تبارك وتعالى- لما هداهم إلى الكتاب الناطق والسنة الماضية، والمنهج الهادي، لم يهدهم ليتفاخروا بالانتساب إلى السلفية وإلى هذه الأسماء وتلك المسميات، بل ليترجموا ذلك إلى منهج هداية رباني، يؤثر في الأفراد والمجتمعات وهذا هو الأصل؛ لهذا فإن العبء الأكبر يقع على النخب السلفية -وهذا مهم جدًا- أن يتجاوز السلفيون العقد النفسية، والمهاترات الشخصية، والاختلافات الجانبية، والانفعالات البشرية، ويعملوا برؤية واضحة، وقلوب ونيات خالصة، وبإرادات صادقة، وبأطروحات فاعلة تؤثر في المجتمع قبل فوات الأوان.
وأنا -حقيقة- سررت كثيرًا عندما علمت بإنشاء مركز ابن خلدون للدراسات الذي نطمع أن يكون مركز الحل، بمعنى أن يكون المركز الذي يقدم مشروعاً للأمة ولو على ورق أو فكرة، ولكن هذه الفكرة يمكن أن تجد طريقها إلى النخب، ثم تجد طريقها للظهور ثم الولادة، والأمر الآخر أن هذا المركز ينبغي أن يكون مصنعا لنتائج الأفكار والحلول، وليس مجرد أطروحات ورقية نظرية أكثر مما هي عملية.
كذلك فإن المشروع السلفي يحتاج إلى الاستعلاء عن الجزئيات، والتعامل مع الآخرين ومع الأخطاء الموجودة بضوابط شرعية، ولاسيما في الكلام عن الأخطاء التي وقعت من بعض الاتجاهات الأخرى، ينبغي أن تكون بضوابط يراعى فيها المصالح، وبقواعد محكمة في التعامل مع تلك الأخطاء؛ لأن الهم كبير، والقضية كبيرة، والتحديات كما تراها كثيرة ولا حصر لها.
- هل الواقع السلفي مهيأ للقيام بمثل هذا الـمشروع؟
- هل تقصد المشروع بصفته طرحا وفكرةً أم تطبيقا؟
- الاثنان معًا.
- دعنا بداية نسمي هذا المشروع بمشروع الطوارئ لإنقاذ الأمة في ظل هذه التحديات، حتى لا نبقى في دائرة الإجمال في التعبير عن المشروع، فإذا كان المشروع هو مشروع اضطراري لإنقاذ الأمة والخروج بها من هذه الأزمات، فأقول: دور السلفيين في هذا المرحلة - وأعني النخب منهم - هو تقديم المشروع بصفته رؤية وفكرة وطريقاً إلى أن يفعل في الأمة.
أي مشروع اليوم إذا ما تم القيام به من قبل أمَّة - وأعني بالأمة ليس المجموع -، وإنما النخب القادرة على صناعة القرار والتأثير في الواقع، إذا لم يكن المشروع الذي تنهض به الأمة بهذا المعنى، لن يتمكن السلفيون بالنهوض به، فعلى السلفيين - وهذا واجب تاريخي وشرعي اليوم - أن يقوموا بمهمة عظيمة، أن يطرحوا الحل والمشروع والرؤية، ويطرحوا السبل والوسائل التي تعين الأمة بقياداتها ونخبها وأولياء أمورها وعلماءها على القيام بهذا المشروع، وهذا هو منهج الإصلاح الرباني الذي فيه نوع من التخصص ومراعاة القدرة، وليس بالضرورة أن يكون السلفيون جزءاً من هذا المشروع، بمعنى أي مشروع له ابتداء وله وسائل للنهوض وله انتهاء، الأصلح للسلفيين ألا يبحثوا عن النهايات وأن يبحثوا في البدايات، والنهايات، وإن كانت فيها غنائم إلا أن السلفي المخلص أكبر غنيمة له أن يرى الباطل قد زال عن أمته، هذه أكبر غنيمة، وبالتالي فإن هذه من أخطاء الجماعات؛ لأن كل اتجاه يعمل في مشروع يضع في اعتباره المستحقات القادمة فيخسر البدايات والنهايات، هذا هو المنطلق السلفي والمعنى الشرعي؛ ولهذا نحن نحتاج إلى المشروع وإلى لوازمه، وإلى طرائق النهوض، وإلى آليات تفعيله، وإلى موقف السلفيين من بداياته ونهاياته.
- هل ترى أن هوية الأمة مهددة في الوقت الحالي في ظل غياب هذا الـمشروع، ولاسيما أن العلمانية والنصرانية وجدت بيئة خصبة في الانتشار والنمو في حالة الفوضى التي تعيشها الأمة حاليًا؟
- لا أكون مبالغًا إن قلت: إن أكثر تاريخ هُددت فيه هوية الأمة الإسلامية والدعوة الإسلامية هي هذه المرحلة؛ لكن تهديد الهوية لا يأتي من أعدائنا فقط وإنما يأتي من سوء فهم أبنائنا، وأعيد العبارة مرة أخرى: إن تهديد الهوية الإسلامية لا يكون بسبب ظهور أعدائنا، وإنما بسبب ضعف وسوء فهم أبنائنا، وبالتالي إذا أردنا أن نحافظ على الهوية فلابد من التصحيح الداخلي، وإعادة الفهم الصحيح للإسلام عمومًا، وللسلفية خصوصًا، فإذا فهم الإسلام بأحكامه ومقاصده وضوابطه، وفهمت السلفية بعدلها ورحمتها وسماحتها كما عبر عنها شيخ الإسلام -رحمه الله- حين قال عن وصفهم: (يتحرون الحق ويرحمون الخلق) هذه هي الدعوة السلفية، وأقول: بهذا المعنى حقيقة نحن نستطيع أن نحافظ على هويتنا.
ولهذا نحن اليوم لسنا بحاجة أن نحذر من أعدائنا بقدر ما نحن بحاجة إلى أن نصحح من واقعنا، وهذه هي الأولوية التي ابتدأت ولاسيما مع ظهور الإرهاب وظهور الغلو وظهور أجندات كثيرة في هذا الاتجاه، فنحتاج إلى إعادة النظر لإعطاء أولويات لتصحيح المفاهيم الإسلامية، والقيام أيضًا بمشروع تصحيحي لفهم معنى الإسلام السلفي، فأزمتنا هي أزمة فهم تحولت إلى أزمة تطبيق، ثم تحولت إلى أزمة تعامل مع الآخرين، لذلك فإننا نعيش ثلاث أزمات، أزمة متعلقة بفهم المذهب السلفي، وأزمة متعلقة بالعمل والتطبيق، وأزمة ثالثة متعلقة بتعاملنا مع الآخرين، فنشأ عن هذه الأزمات اضطرابات وانتكاسات، بل حتى مظاهر نفسية وسلوكية أثرت على الدعوة وأهلها.
- بماذا تفسرون ظهور تيارات التكفير وعلو نجمها مرة أخرى بالأمة بعد أن كادت تندثر في الفترة الماضية؟
- في الحقيقة الفكر التكفيري هو مما يجب الاعتناء به ولاسيما من المؤسسات البحثية؛ حيث نحتاج إلى دراسات عميقة في أسباب ظهور هذا الفكر وغيره من الأفكار؛ لأنه من غير الوقوف على سبب الخطأ ومنشأ الخطأ لا نوفق إلى الحل، والحقيقة أن الفكر التكفيري إنما يظهر في حالتين، في حالة انتقاص القدوة وهم العلماء، وفي حالة انتقاص القدوة الثانية وهم الأمراء، وإلا فمع كمال العلماء والأمراء، ومع كمال الحجة والقدرة، ومع كمال العلم والسيف المنضبط، لن يكون للخوارج ولا للفكر التكفيري ولا حتى للأفكار الأخرى أي وجود في واقعنا.
قبل عشر سنوات لما انتقص العلماء وهم القدوة والقوة العلمية، ظهر الفكر التكفيري باسم القاعدة؛ ثم لما ظهر ما يسمى بالربيع العربي انتقصت الإمارة، وهنا دخل الفكر الداعشي من جديد؛ لهذا أنا أفرق بين مراحل التكفير التي ظهرت قبل سنوات، عن مراحل التكفير التي ظهرت في وقتنا الحالي، فتلك كانت لانتقاص العلم، وهذه كانت لانتقاص السياسة والقدرة والإمارة، هذا التشخيص ينفعنا في المعالجة.
وغياب الفكر التكفيري فترة لما كانت هناك صحوة علمية وقوة علمية ورجوع الأمة إلى علمائها؛ لأن الفتوى العلمية والسلطة العلمية والمرجعية العلمية بدأت تثبت وجودها، لكن لما وقع ما يسمى بالربيع العربي هنا انتقصت الإمارة، وصار التغيير لوجود الأمة؛ لأن وجود الحاكم في الأمة ضروري، وطاعته ضرورية، وصفاته كمالية وهنا لما حاكموا الضروري بالكمال، أوجدوا مسوغًا للخروج بطريقة فوضوية وبشعار (الشعب يريد) وهو في الحقيقة ليس هو الشعب، وإنما هم الرعاع والعوام يريدون تغيير النظام، فلما انتقصت هيبة الإمارة في كثير من البلدان ظهر شيطان الخوارج السياسي بعد أن مات شيطانهم العلمي بظهور علماء أهل السنة.
وهذه هي الرسالة التي أريد إيصالها للجميع، وهي أن نفرق بين ظهور القاعدة وظهور داعش وأسباب ذلك، لنستطيع المعالجة، وأرجو أن تصل هذه الرسالة؛ لأنه من غير هذا التصور لا نستطيع أن نصل إلى الجوانب العلمية الصحيحة في معالجة هذا الواقع.
- كيف نحمي شبابنا من الانجراف في هذا التيار وهذا المستنقع؟ وكيف نوازن بين حالة الإحباط التي يعيشها هؤلاء الشباب وبين محاولتهم تغيير هذا الواقع من خلال الارتباط بمثل هذه التيارات؟
- فيما يخص تحصين الشباب هناك إجراءات وقائية سريعة، وهناك حلول جذرية، والنخب التي تقوم بالحلول الجذرية هي غير النخب التي تقوم بالحلول الوقائية السريعة - هذا التصور مهم جدًا -؛ لأن معالجة فكر داعش هي معالجة لحالة مرضية تستدعي وجود متخصصين، ولا تطلق لكل واعظ ومتكلم وباحث، فقبل سنوات كان يمكن معالجة الفكر التكفيري لكل ناطق بالحق، أما اليوم فلا تصلح المعالجة إلا من قبل أناس متخصصين عندهم فهم وإدراك وتجارب لمثل هذه الأمور، هذه قضية في غاية الأهمية.
يبقى الجانب الآخر فيما يتعلق بقضية داعش تحديدًا وهي أننا نحتاج إلى ثلاثة أمور:
- بداية نحتاج إلى عودة ظهور الحجة العلمية، بمعنى الطرح العلمي الدقيق، ولا نحتاج كثيرًا إلى رموز إسلامية بقدر ما نحتاج إلى إظهار حجج علمية، أرجو التفريق!
- كذلك نحتاج إلى إعادة النظر في الإعلام؛ لأن قوة داعش تبدو في إعلامها وفي توظيف الإعلام الغربي المعادي لحوادثهم التي تسيء إلى الإسلام، وتثير الفتنة والقلاقل في البلاد الإسلامية.
- وأخيرًا نحتاج أن نقوي وجود أولياء الأمور، ونحافظ على الموجود منهم، ونسترجع المفقود منهم في نطاق المصالح الشرعية؛ لأنه من غير هيبة الأمراء، وحجة العلماء، وإعلام متزن، لن نتمكن من مواجهة ليس فقط داعش بل كل ساقطة جديدة وفكرة جديدة في واقعنا.
- هل ترى أن لليهود خصوصًا وللغرب عموما دوراً في هذه الأحداث؟
- أقول لك: إنه لن يكون لليهود وجود إلا بظهور بدعة، وهناك كلمة قالها العلماء وقالها ابن القيم وشيخ الإسلام رحمهما الله تعالى، وهي: إن أصعب مرحلة تمر بالأمة حينما يقع التزاوج بين الحقيقة الكافرة، والبدعة الفاجرة، وقد وقع هذا التزاوج، ويندرج تحت الحقيقة الكافرة اليهود ومن شابههم، ويندرج تحت البدعة الفاجرة ممن نعلمهم اليوم ممن يكيدون للسنة وأهلها، تارة بالتكفير، وتارة بالطعن في الصحابة رضوان الله عليهم، وقس على ذلك، هذا التزاوج هو أخطر ما يهدد أهل السنة، ولهذا نتساءل ما الخروج من هذا المأزق؟
الخروج من هذا لا يكون إلا بالحقيقة الإيمانية الصادقة، والسنة الظاهرة، لابد أن يكون هناك تزاوج مماثل بين حقيقة شرعية إيمانية صادقة وبين السنة الظاهرة القائمة على السماحة والعدل، هذا هو المطلوب منا، لا نكثر كثيرًا من التحليلات السياسية، علينا أن نقف عند الحلول الشرعية والمنطلقات؛ لأنها تختصر لنا زمنًا طويلا من الجهد والبحث.
- كيف تقيمون ما حدث من الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم وردود الأفعال التي واكبت هذا الحدث؟
- لا شك أن هذه القضية مؤلمة، ولكن هي إشارات لاستهانة غيرنا بنا واستخفافهم بنا، ولربما نحن جزء من المشكلة وبالتالي علينا أن نتعامل في رفعها ودفعها بضوابط شرعية وحكمة دينية، لا بانفعالات نفسية ومواقف عاطفية.
- ما رؤيتكم لمستقبل القضية السورية ولا سيما مع طول أمد الصراع الذي لا يظهر له نهاية واضحة؟
- القضية السورية كما أشعر هي نصر معلق بشرط، هذا الشرط هو اجتماع الكلمة والانقياد مع المصلحة، فمن غير اجتماع الكلمة، ومن غير الدوران مع المصلحة سيبقى هذا النصر معلقًا.
- أخيرًا ما دور العلماء في الوقت الراهن؟
- في الحقيقة دور العلماء واضح، عليهم أن يجتمعوا على الخير وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى تقليل الشر والمفسدة، هذا هو الأصل؛ أما دورهم وواجبهم في هذه المرحلة ففي الحقيقة أنا أجد أن ليس للعالم أن يؤدي دوره ما لم يعان من الأمة، من مؤسساتها ونخبها على أداء هذا الدور، بل انفراد العالم على أداء هذا الدور من غير إعانة هو ربما شيء من التعجل أو العمل على تضييع المصالح والخروج على قاعدة الحفاظ على رأس المال، فيجب أن نحسن الظن بأن العلماء اليوم قائمون بواجبهم، لكن لكل زمان رجال، وفي كل وقت واجب، فمن غير إحسان الظن بعلمائنا وأمرائنا على ما هم عليه لن نبدأ بالحل.
- حتى وإن سكت العلماء عن قضايا شديدة الخطورة في واقع الأمة، والناس في أمس الحاجة لآرائهم؟
- العالم إن تكلم في موطن لا يجد طريقًا لإنفاذ الكلام فيه، فسكوته أولى.



__________________

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الرد على البكري (2\705) :
"فغير الرسول -صلى الله وعليه وسلم- إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام .
وأيضا : فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم؛ بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق
".
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-29-2015, 07:13 PM
عبد الحميد العربي عبد الحميد العربي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 421
افتراضي

بارك الله في الشيخ والصديق القديم فتحي الموصلي.
وقد أحسن حين قال مجيبا عن السؤال:

بماذا تفسرون ظهور تيارات التكفير وعلو نجمها مرة أخرى بالأمة بعد أن كادت تندثر في الفترة الماضية؟
(في الحقيقة الفكر التكفيري هو مما يجب الاعتناء به ولاسيما من المؤسسات البحثية؛ حيث نحتاج إلى دراسات عميقة في أسباب ظهور هذا الفكر وغيره من الأفكار؛ لأنه من غير الوقوف على سبب الخطأ ومنشأ الخطأ لا نوفق إلى الحل، والحقيقة أن الفكر التكفيري إنما يظهر في حالتين، في حالة انتقاص القدوة وهم العلماء، وفي حالة انتقاص القدوة الثانية وهم الأمراء، وإلا فمع كمال العلماء والأمراء، ومع كمال الحجة والقدرة، ومع كمال العلم والسيف المنضبط، لن يكون للخوارج ولا للفكر التكفيري ولا حتى للأفكار الأخرى أي وجود في واقعنا.
قبل عشر سنوات لما انتقص العلماء وهم القدوة والقوة العلمية، ظهر الفكر التكفيري باسم القاعدة؛ ثم لما ظهر ما يسمى بالربيع العربي انتقصت الإمارة، وهنا دخل الفكر الداعشي من جديد؛ لهذا أنا أفرق بين مراحل التكفير التي ظهرت قبل سنوات، عن مراحل التكفير التي ظهرت في وقتنا الحالي، فتلك كانت لانتقاص العلم، وهذه كانت لانتقاص السياسة والقدرة والإمارة، هذا التشخيص ينفعنا في المعالجة.
وغياب الفكر التكفيري فترة لما كانت هناك صحوة علمية وقوة علمية ورجوع الأمة إلى علمائها؛ لأن الفتوى العلمية والسلطة العلمية والمرجعية العلمية بدأت تثبت وجودها، لكن لما وقع ما يسمى بالربيع العربي هنا انتقصت الإمارة، وصار التغيير لوجود الأمة؛ لأن وجود الحاكم في الأمة ضروري، وطاعته ضرورية، وصفاته كمالية وهنا لما حاكموا الضروري بالكمال، أوجدوا مسوغًا للخروج بطريقة فوضوية وبشعار (الشعب يريد) وهو في الحقيقة ليس هو الشعب، وإنما هم الرعاع والعوام يريدون تغيير النظام، فلما انتقصت هيبة الإمارة في كثير من البلدان ظهر شيطان الخوارج السياسي بعد أن مات شيطانهم العلمي بظهور علماء أهل السنة.
وهذه هي الرسالة التي أريد إيصالها للجميع، وهي أن نفرق بين ظهور القاعدة وظهور داعش وأسباب ذلك، لنستطيع المعالجة، وأرجو أن تصل هذه الرسالة؛ لأنه من غير هذا التصور لا نستطيع أن نصل إلى الجوانب العلمية الصحيحة في معالجة هذا الواقع).
قلت :
كلام هام ودقيق لابد أن يقف عنده الباحثون.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 07-29-2015, 07:21 PM
عمربن محمد بدير عمربن محمد بدير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 12,045
افتراضي

إجابات مفيدة نافعة جزاه الله خيرا
__________________
قال ابن تيمية:"و أما قول القائل ؛إنه يجب على [العامة] تقليد فلان أو فلان'فهذا لا يقوله [مسلم]#الفتاوى22_/249
قال شيخ الإسلام في أمراض القلوب وشفاؤها (ص: 21) :
(وَالْمَقْصُود أَن الْحَسَد مرض من أمراض النَّفس وَهُوَ مرض غَالب فَلَا يخلص مِنْهُ إِلَّا الْقَلِيل من النَّاس وَلِهَذَا يُقَال مَا خلا جَسَد من حسد لَكِن اللَّئِيم يبديه والكريم يخفيه).
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 07-30-2015, 01:10 AM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي

نفع الله بالشيخ الفاضل فتحي الموصلي وبارك الله في جهوده
إجابات نافعة ودقيقة جزاه الله خيراً.
__________________
قال معالي الشيخ صالح آل الشيخ-حفظه الله-: " فإن الواجب أن يكون المرءُ معتنيا بأنواع التعاملات حتى يكون إذا تعامل مع الخلق يتعامل معهم على وفق الشرع، وأن لا يكون متعاملا على وفق هواه وعلى وفق ما يريد ، فالتعامل مع الناس بأصنافهم يحتاج إلى علم شرعي"
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:50 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.