أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
67766 89305

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-11-2013, 12:27 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي الدعاء داعي الفطرة عند اﻻضطرار

( الدعـــــــــــــــــــاء )
داعي الفطرة عند الاضطرار

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد:

فإن من المعلوم من الدين بالضرورة أن الله – تعالى – قد فطر العباد محتاجين مضطرين لما فيه مصلحتهم من جلب المنافع لهم، ودفع المضار عنهم، ولا يسد حاجتهم، ولا يرفع ضرورتهم إلا ربهم الذي خلقهم ، كما قال – سبحانه - : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر : 15] .

قال العلامة المفسر السعدي – رحمه الله -: " يخاطب - تعالى - جميع الناس، ويخبرهم بحالهم، ووصفهم، وأنهم (فقراء إلى اللّه) من جميع الوجوه:

فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.

فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.

فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.

فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.

فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.

فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.

فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.

فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها " (التفسير:ص/687) .

وهنا حقيقة لا بد من معرفتها وهي أن العباد لو اجتمعوا جميعاً – أولهم وآخرهم – وتعاونوا - وهم على قلب رجل واحد - على تحقيق مصلحتهم، أو مصلحة أحدهم، ولم يتوان أيُّ واحدٍ منهم في بذل كل ما في وسعه لتحقيق غرضهم فلن ينفعوا أنفسهم بأي شيء، ولن يدفعوا عن أنفسهم أي شيء، وذلك لأنهم فقراء محتاجون لا يملك بعضهم لبعض شيئاً، وهذا الوصف ملازم لهم لا ينفك عنهم { وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ }، فحاجتهم ضرورة، وفاقتهم تامة، ويصدقه قوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح :" وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ " (صحيح الجامع،برقم:7957) .

والمقصود: أن العبد إذا وقع في كرب أو بلاء، فلا بد له – ضرورة – من ملجأ يركن إليه في تفريج كربه، وكشف بلائه، وليس له إلا ربه الذي خلقه، فلجوؤه إلى الله – تعالى – أمر مركوز في الفطرة الإنسانية، كما قال – تعالى - :{وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً} [يونس:12]، وقوله:{وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ}[سورة الزمر:8]، وقوله:{فَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا}[سورة الزمر:49]. إلى غيرها من الآيات .

فهذه الآيات تدل على أن الفطرة السليمة هي التي تقصد ربها عند الشدة والكرب، فكم نحن بحاجة إلى أن نرفع أكف الدعاء إلى الله – ليلاً ونهاراً – مخلصين له .

رباه أنت المنادى به في كل نازلة *** وأنت ملجأ من ضاقت به الحيل

فكل الخليقة تدعوا الله عند شدتها المؤمن والكافر والبر والفاجر، وهذا فقر لربوبية الله – تعالى – والله يكشف عن كل العباد ضرورتهم، ويفرج كربهم؛ لأنه لا رب لهم غيره، فكما أنه لم يخلقهم إلا الله، ولم يرزقهم إلا الله، فكذلك لا يستجيب دعاءهم إلا الله، كما قال – سبحانه -:{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل:62].

وهذا الاضطرار لا يوجب مدحاً ولا ذماً ؛ لأنه فقر إلى ربوبية الله، فكما أن رزق الله يشمل المؤمن والكافر ولا يوجب محبة من يرزقه، فكذلك استجابة دعاء المضطر لا تدل على محبة الله له؛ لأنه فقر إلى الربوبية التي يدخل فيها كل الخلق،{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }[النّحل : 53] وغاية ما يطلبه المضطرون من الكفار عند دعائهم (أن يُرفع اضطرارهم)، ولهذا إذا زال عنهم اضطرارهم كفروا بالله – تعالى – وأشركوا، كما قال – سبحانه - : {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [29/65] .

وأما (المؤمن)، (الموحد) فهو يضطر إلى ربه لكشف كربته – اضطراراً – وإلى محبته رغبة ورهبة – اختياراً – فيدعو ربه؛ ليكشف كربه، ولأنه (عبده): يحبه، ويرجوه، ويخافه . وهذا الفقر فيه السعادة الدنيوية والأخروية. كما مدح الله أنبياءه فقال:{ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ } [الأنبياء : 90].

قال ابن القيم – رحمه الله - : " فتأمل قوله - تعالى - في الآية:{ أنتم الفقراء إلى الله } باسم (الله) دون اسم الربوبية؛ ليؤذن بنوعي الفقر - فإنه كما تقدم نوعان - فقر إلى (ربوبيته) وهو فقر المخلوقات بأسرها، وفقر إلى (إلوهيته) وهو فقر أنبيائه ورسله وعباده الصالحين، وهذا هو (الفقر النافع) " (طريق الهجرتين:27) .

والمطلوب منا ونحن نعيش حال شدة، وكرب، ومحنة، وفتنة أن نفزع إلى الله – تعالى – بالتضرع، والدعاء لجوء من لا حيلة له إلا بربه - عبادة، وتوكلاً -: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].

وتأمل: " لما كان الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الأمة بالله ورسوله وأفقههم في دينه كانوا أقوم بهذا السبب، وشروطه، وآدابه من غيرهم . وكان عمر - رضي الله عنه - يستنصر به على عدوه، وكان (أعظم جنده)، وكان يقول لأصحابه: " لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء " . وكان يقول: " إني لا أحمل هَمَّ الإجابة، ولكن هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهمتم الدعاء فإن الإجابة معه " .

وأخذ الشاعر هذا المعنى فنظمه، فقال :

لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفيك ما عودتنى الطلبا

فمن ألهم الدعاء؛ فقد أريد به الإجابة، فإن الله - سبحانه – يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة:186] ." (الداء والواء:ص/28) .

أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** وما تدري بما صنعَ الدعاءُ
سهامُ الليل لا تُخطِي ولكن *** لها أمدٌ وللأمد انقضاءُ
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-11-2013, 02:22 PM
ابو يعقوب الكويتي ابو يعقوب الكويتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2013
المشاركات: 216
افتراضي

جزاك الله خيرا وسمحلي باعادة الموضوع بترتيب أفضل

( الدعـــــــــــــــــــاء )
داعي الفطرة عند الاضطرار

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد:

فإن من المعلوم من الدين بالضرورة أن الله – تعالى – قد فطر العباد محتاجين مضطرين لما فيه مصلحتهم من جلب المنافع لهم، ودفع المضار عنهم، ولا يسد حاجتهم، ولا يرفع ضرورتهم إلا ربهم الذي خلقهم ، كما قال – سبحانه - : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر : 15] .

قال العلامة المفسر السعدي – رحمه الله -: " يخاطب - تعالى - جميع الناس، ويخبرهم بحالهم، ووصفهم، وأنهم (فقراء إلى اللّه) من جميع الوجوه:

فقراء في إيجادهم، فلولا إيجاده إياهم، لم يوجدوا.

فقراء في إعدادهم بالقوى والأعضاء والجوارح، التي لولا إعداده إياهم [بها]، لما استعدوا لأي عمل كان.

فقراء في إمدادهم بالأقوات والأرزاق والنعم الظاهرة والباطنة، فلولا فضله وإحسانه وتيسيره الأمور، لما حصل [لهم] من الرزق والنعم شيء.

فقراء في صرف النقم عنهم، ودفع المكاره، وإزالة الكروب والشدائد. فلولا دفعه عنهم، وتفريجه لكرباتهم، وإزالته لعسرهم، لاستمرت عليهم المكاره والشدائد.

فقراء إليه في تربيتهم بأنواع التربية، وأجناس التدبير.

فقراء إليه، في تألههم له، وحبهم له، وتعبدهم، وإخلاص العبادة له تعالى، فلو لم يوفقهم لذلك، لهلكوا، وفسدت أرواحهم، وقلوبهم وأحوالهم.

فقراء إليه، في تعليمهم ما لا يعلمون، وعملهم بما يصلحهم، فلولا تعليمه، لم يتعلموا، ولولا توفيقه، لم يصلحوا.

فهم فقراء بالذات إليه، بكل معنى، وبكل اعتبار، سواء شعروا ببعض أنواع الفقر أم لم يشعروا، ولكن الموفق منهم، الذي لا يزال يشاهد فقره في كل حال من أمور دينه ودنياه، ويتضرع له، ويسأله أن لا يكله إلى نفسه طرفة عين، وأن يعينه على جميع أموره، ويستصحب هذا المعنى في كل وقت، فهذا أحرى بالإعانة التامة من ربه وإلهه، الذي هو أرحم به من الوالدة بولدها " (التفسير:ص/687) .

وهنا حقيقة لا بد من معرفتها وهي أن العباد لو اجتمعوا جميعاً – أولهم وآخرهم – وتعاونوا - وهم على قلب رجل واحد - على تحقيق مصلحتهم، أو مصلحة أحدهم، ولم يتوان أيُّ واحدٍ منهم في بذل كل ما في وسعه لتحقيق غرضهم فلن ينفعوا أنفسهم بأي شيء، ولن يدفعوا عن أنفسهم أي شيء، وذلك لأنهم فقراء محتاجون لا يملك بعضهم لبعض شيئاً، وهذا الوصف ملازم لهم لا ينفك عنهم { وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ }، فحاجتهم ضرورة، وفاقتهم تامة، ويصدقه قوله – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح :" وَاعْلَمْ : أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ ، وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلاَّ بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ " (صحيح الجامع،برقم:7957) .

والمقصود: أن العبد إذا وقع في كرب أو بلاء، فلا بد له – ضرورة – من ملجأ يركن إليه في تفريج كربه، وكشف بلائه، وليس له إلا ربه الذي خلقه، فلجوؤه إلى الله – تعالى – أمر مركوز في الفطرة الإنسانية، كما قال – تعالى - :{وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَائِماً} [يونس:12]، وقوله:{وَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ}[سورة الزمر:8]، وقوله:{فَإِذَا مَسَّ الإنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا}[سورة الزمر:49]. إلى غيرها من الآيات .

فهذه الآيات تدل على أن الفطرة السليمة هي التي تقصد ربها عند الشدة والكرب، فكم نحن بحاجة إلى أن نرفع أكف الدعاء إلى الله – ليلاً ونهاراً – مخلصين له .

رباه أنت المنادى به في كل نازلة *** وأنت ملجأ من ضاقت به الحيل

فكل الخليقة تدعوا الله عند شدتها المؤمن والكافر والبر والفاجر، وهذا فقر لربوبية الله – تعالى – والله يكشف عن كل العباد ضرورتهم، ويفرج كربهم؛ لأنه لا رب لهم غيره، فكما أنه لم يخلقهم إلا الله، ولم يرزقهم إلا الله، فكذلك لا يستجيب دعاءهم إلا الله، كما قال – سبحانه -:{أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ}[النمل:62].

وهذا الاضطرار لا يوجب مدحاً ولا ذماً ؛ لأنه فقر إلى ربوبية الله، فكما أن رزق الله يشمل المؤمن والكافر ولا يوجب محبة من يرزقه، فكذلك استجابة دعاء المضطر لا تدل على محبة الله له؛ لأنه فقر إلى الربوبية التي يدخل فيها كل الخلق،{ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ }[النّحل : 53] وغاية ما يطلبه المضطرون من الكفار عند دعائهم (أن يُرفع اضطرارهم)، ولهذا إذا زال عنهم اضطرارهم كفروا بالله – تعالى – وأشركوا، كما قال – سبحانه - : {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ } [29/65] .

وأما (المؤمن)، (الموحد) فهو يضطر إلى ربه لكشف كربته – اضطراراً – وإلى محبته رغبة ورهبة – اختياراً – فيدعو ربه؛ ليكشف كربه، ولأنه (عبده): يحبه، ويرجوه، ويخافه . وهذا الفقر فيه السعادة الدنيوية والأخروية. كما مدح الله أنبياءه فقال:{ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ } [الأنبياء : 90].

قال ابن القيم – رحمه الله - : " فتأمل قوله - تعالى - في الآية:{ أنتم الفقراء إلى الله } باسم (الله) دون اسم الربوبية؛ ليؤذن بنوعي الفقر - فإنه كما تقدم نوعان - فقر إلى (ربوبيته) وهو فقر المخلوقات بأسرها، وفقر إلى (إلوهيته) وهو فقر أنبيائه ورسله وعباده الصالحين، وهذا هو (الفقر النافع) " (طريق الهجرتين:27) .

والمطلوب منا ونحن نعيش حال شدة، وكرب، ومحنة، وفتنة أن نفزع إلى الله – تعالى – بالتضرع، والدعاء لجوء من لا حيلة له إلا بربه - عبادة، وتوكلاً -: { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].

وتأمل: " لما كان الصحابة - رضي الله عنهم - أعلم الأمة بالله ورسوله وأفقههم في دينه كانوا أقوم بهذا السبب، وشروطه، وآدابه من غيرهم . وكان عمر - رضي الله عنه - يستنصر به على عدوه، وكان (أعظم جنده)، وكان يقول لأصحابه: " لستم تنصرون بكثرة، وإنما تنصرون من السماء " . وكان يقول: " إني لا أحمل هَمَّ الإجابة، ولكن هَمَّ الدعاء، فإذا أُلهمتم الدعاء فإن الإجابة معه " .

وأخذ الشاعر هذا المعنى فنظمه، فقال :

لو لم ترد نيل ما أرجو وأطلبه ... من جود كفيك ما عودتنى الطلبا

فمن ألهم الدعاء؛ فقد أريد به الإجابة، فإن الله - سبحانه – يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر:60]، وقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ}[البقرة:186] ." (الداء والواء:ص/28) .

أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** وما تدري بما صنعَ الدعاءُ
سهامُ الليل لا تُخطِي ولكن *** لها أمدٌ وللأمد انقضاءُ

وأكررر جزاك الله يا أبا زيد كل خير وزد زادك الله علما
__________________
قال ابن قتيبة:«مسألة لم يجعلها الله –تعالى- أصلاً في الدين، ولا فرعاً! في جهلها سَعَةٌ ، وفي العلم بها فضيلةٌ؛ فنَمَى شرُّها، وعَظُم شأنُها ؛ حتى فرَّقت جماعتَهم ، وشتَّتت كلمتَهم ، ووهَّنَت أمرَهم ، وأشمَتَت حاسديهم ، وَكَفَتْ عدوَّهم مُؤْنَتَهُم -بألسنتهم ، وعلى أيديهم-»-
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-11-2013, 03:28 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي الفاضل أبا يعقوب
واشكرك على جهدك الطيب
واسأل الله أن يرفع قدرك في الدارين
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-21-2013, 11:00 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

للرفع . . .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-21-2013, 04:59 PM
ابو العبدين البصري ابو العبدين البصري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 2,253
افتراضي

جزاك الله خيرا.
__________________
قال الشاطبي _رحمه الله تعالى_ :" قال الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهّال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدْلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها".
الاعتصام للشاطبي (1_494).

قلت:رحم الله الشاطبي والغزالي لو رأى حالنا اليوم كم نفرنا اناسا عن الحق وسددنا الطريق على العلماء الناصحين الربانيين؟!
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-21-2013, 07:55 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

وجزاك الله خيراً
أخي الحبيب أبا العبدين
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-21-2013, 10:57 PM
أنمارالسلفي أنمارالسلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
الدولة: الأردن - إربد
المشاركات: 229
افتراضي

جزاك الله خيرا يا أبا زيد
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-22-2013, 09:16 PM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي

وجزاك الله مثله
أخي الحبيب
أنمار السلفي
زادك الله الهدى والتقى
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10-21-2016, 11:20 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


الرجوع إلى الله مقصد شرعي
ﻷجله بعث الله الرسل
وطريقه الصراط المستقيم
فمن لم تحثه اﻵيات الشرعيه على سلوكه
ساقته السياط القدرية إليه بالبلاء والفتن .

***

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10-21-2016, 12:58 PM
ابو عبد الله المالكي ابو عبد الله المالكي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2012
المشاركات: 733
افتراضي

شكرًا لك أبا زيد-زادك الله تقًى-
و هنا مسائل:
الإنسان أعطاه الله جلّ و علا القدرة على الإختيار ، فهو يختار ما بين الخير و الشّرّ في دينه و دنياه
1-إذا احتار المسلم بين أمرين ، فهل إذا دعا يكون قد عطّل سنّة الإختيار؟
2-إذا اختار المسلم بين أمرين في ذهنه و علم أيّ الإختيارين أصحّ ، ولكن عجز عن العمل لمانع (شرعي أو غير شرعي) فهل إذا دعا يكون قد عطّل سنّة الإختيار ؟ لأنّه لم يعمل بلازم اختياره.

و أقول : لقد علم المسلمون أنّ الدّعاء أقوى سلاح يملكونه بحمد الله و منّه علينا ، و لكن كيف الجمع بين الدّعاء و بين سنّة الإختيار.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.