أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
74736 50017

العودة   {منتديات كل السلفيين} > ركن الإمام المحدث الألباني -رحمه الله- > الدفاع والذب عن الإمام الألباني -رحمه الله-

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-28-2009, 11:10 AM
بو سعيد بو سعيد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 17
افتراضي من سلسة الدفاع عن الامام الالباني رحمه الله تعالى

تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 3
المواضيع: 1
مشاركات: 2

من سلسلة الدفاع عن الإمام الألباني

--------------------------------------------------------------------------------

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صدر أخيراً من ضمن سلسلة الدفاع عن الإمام محمد ناصر الدين الألباني كتابين :
1- الطبعة الثانية من كتاب ما هكذا الحقيقة ياأبارحيم نقض لكتاب حقيقة الإيمان عند الشيخ الألباني وفيها مقدمة حافلة بمناقشة أقوالٍ وأفهامٍ للدكتور سفر الحوالي وأبي بصير وبو النيت المراكشي قام بالنقض والنقاش الشيخ أبو عبود عبدالله بن عبود باحمران وسوف نضع هذه المقدمة ان شاء الله على شكل حلقات .
2- تعريف أولي النهى والأحلام بما في تعريف محمود سعيد ممدوح من الأخطاء والأوهام أيضاً للشيخ عبدالله بن عبود باحمران
والكتابين من أصدارات مكتبة الإمام الألباني (صنعاء )

الحلقة الأولى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمَّا بعد:
فقد قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : «المسلم أخو المسلم، لا يظْلِمُه ولا يُسْلِمُه... » الحديث.
«ولا يُسْلِمُه» أي: المسلم لا يترك أخاه المسلم في مصيبة نزلت به أو أذى لحق به، بل ينصره ويدفع عنه ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
فتصديقًا لقول نبيِّنا صلى الله عليه وآله وسلم هذا، وتحقيقًا له؛ كتبتُ (ما هكذا الحقيقة يا أبا رحيم) لرفع ودفع الأذى الذي أوذي به الإمام ناصر الدين الألباني – رحمه الله – في مفهوم الإيمان والكفر عنده.
فاسأل الله عزَّ وجلَّ أن يتقبَّلَ ما كتبته، وأن يجعله لوجهه خالصًا.
وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يحقِّق – بما كتبت – رفع الأذى عن عبده الألباني، ويدفع عنه به؛ فيحفظ قلوبًا صادقة طاهرة أن تتقبَّل قول من آذى عبده الألباني. اللهم آمين.
ولنصل إلى الحقيقة فيما أوذي به الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله– من أقصر وأصوب طريق – غير خائف أن أكون أخطأت في شيء كتبته، والله المسئول وحده أن يوفقني لقبول صواب غيري، والرجوع عن خطإٍ عندي-، فقد قمتُ بإرسال الكتاب إلى الدكتور محمد أبي رحيِّم –هداني الله وإيَّاه– ليفيدني بما أصبتُ فيه ويبيِّن لي ما أخطأت فيه.
وإلى هذه اللحظة لم يكتب لي شيئًا، ولم يبلغني عنه شيء.
وكذا أرسلتُ الكتاب إلى الشيخ الفاضل محمد إبراهيم شقرة –حفظه الله-؛ ليكتب لي بما أخطأت فيه، وإلى هذه اللحظة لم يصلني منه شيء.
وكذا أرسلتُ الكتاب إلى بعض تلاميذ الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- القدامى منهم: الشيخ الفاضل محمد بن عيد عباسي –حفظه الله- بوساطة أحد الإخوة، وإلى هذه اللحظة لا أعلم هل وصلَه أم لا؟.
وكذا أرسلتُ الكتاب إلى بعض تلاميذ الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- بالأردن منهم: الشيخ الفاضل الدكتور باسم بن فيصل الجوابرة –حفظه الله-،والشيخ الفاضل علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي –حفظه الله-، والشيخ الفاضل مشهور بن حسن آل سلمان –حفظه الله-، وإلى هذه اللحظة لم يرسلوا إليّ شيئًا.
فهل أعذرت إلى ربِّي عزَّ وجلَّ ثمَّ لمن يقرأ كتابي بحيث إذا علم أحد هؤلاء الأفاضل خطأ عندي فلم يبيّنه لي فهو مسؤول أمام الله عزَّ وجلَّ.
في مقدمة الطبعة الجديدة الثانية لكتابي: (ما هكذا الحقيقة يا أبا رحيم) أقف –إن شاء الله- بقدر مع أربعة هم السبب الرئيس –مع تفاوت في القبول والانتشار- في الجرأة على الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- ورميه حسب فهمهم بما ليس فيه.
وهؤلاء الأربعة هم: سفر بن عبد الرحمن الحوالي، وأبو بصير مصطفى عبد المنعم حليمة، ومحمد أبو النِّيت المراكشي، ومحمد بن محمود أبو رحيّم –هداني الله وإيَّاهم-، وإن شاء الله لن أنزل وأهبط إلى مستوى رمي الآخر بما ليس فيه، إنَّما أقف عند أفهامهم، وأمَّا رميهم الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- على تفاوت بينهم بما ليس فيه؛ فيوم القيامة يوم الحساب يوم لا ينفع مال ولا بنون يفصل الله عزَّ وجلَّ بين عبده الألباني وبينهم، وأنا من شهود الإمام ناصر الدين الألباني – رحمه الله- عليهم.
وهذه الوقفات –على قدر- ترسِّخ وتوضِّح ما قلتُه في الكتاب، وتثبِّت بُعْدَ هؤلاء الأربعة عن فهم أقوال الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله-.
أولًا: الدكتور الحوالي:
في هذه المقدمة أبيِّن –إن شاء الله- على ماذا اعتمدتُ حين قلت في كتابي: «إنَّ الدكتور عندي ليس من الراسخين في العلم»؟.
قولي هذا قبل ما جاء في (ظاهرة الإرجاء) وحواشيه، واقتراحات ووصايا الدكتور فيها للإمام ناصر الدين، والتي أظهر الدكتورُ الإمامَ ناصر الدين فيها: تلميذًا مبتدئًا حمل قلمه، فكتب فيما لا يعلم؛ فحاد عن الطريق؛ فاقترَحَ عليه أستاذُه الدكتور ما اقترح ليعيده إلى جادَّة الطريق بحيث لو اقترح أمثالي وأوصى الدكتور بنحو هذا لرأيت موقف الذين رُبُّوا على الزهد في أئمتنا المعاصرين كابن باز والألباني مغايرًا ومخالفًا ومناقضًا لموقفهم من اقتراحات ووصايا الدكتور للإمام ناصر الدين.
فقولي هذا من وقت دخول صدام حسين إلى مصيدة الكويت، وفتوى هيئة كبار العلماء، وردَّة فعل الدكتور سفر التي أفرغها في شرائط منها شريط: (ففروا إلى الله)، حيث رفع نفسه ومن يدور في فلكه كسلمان العودة، وناصر العمر، وعوض القرني، وعائض القرني، وعبد الوهاب الطريري وآخرين، فوق منزلة علماء أهل بلده الكبار ووصفهم بأوصاف ليست فيهم، ووضع نفسه والآخرين في مقام لا يملكون مقوِّمات الأهليَّة فيه، لا عمق اجتماعي، ولا جذور تاريخية، ولا فهم عميق لنفسيات جمهورهم، ولا فقه واقع في أنَّ جمهور المتدينين في بلدهم مع علمائهم الكبار، والآخرين مع حكومتهم ودولتهم.
وفوق هذا كله لا خبرة لهم بالتعامل في هذا الظرف، وتلك الأجواء، مما يتيح للآخرين التأثير عليهم بحجة إنَّما المؤمنون إخوة، والواقع إنَّما الفرصة حانت لضرب أبناء المملكة بعلمائها.
قال الدكتور الحوالي في شريط (ففروا إلى الله):
((لماذا نضع اللوم دائمًا على جهة معينة؟. وخاصة الذي يعيش معترك معين وظروف معيّنة تُحتِّم عليه مجاملات وأوضاع صعبة، نحن الذين في بُحْبُوْحَةٍ أن نقول الحقَّ في بيوتنا، في مساجدنا.
علماؤنا يا إخوان كفاهم كفاهم لا نبرِّر لهم كل شيء، لا نقول: هم معصومون، نحن نقول: نعم، عندهم تقصير في معرفة الواقع، عندهم أشياء نحن نستكملهم ليس من فضلنا عليهم، لكن عشنا أحداث وهم ما عاشوها بحكم الزمن الذي عاشوا أو بأحكام أوضاع أخرى.
ومع ذلك أقول: المسئولية الأساس علينا نحن طلبة العلم بالدرجة الأولى، وبعض هؤلاء العلماء قد بدأ يسلِّم الأمر؛ لأنه يعني: انتهوا في السن أو إلى مرحلة..)) اهـ.
ما الهدف والغاية من هذا الكلام غير المنضبط؟.
هل هذا حكم من الدكتور سفر بإنهاء مرجعيّة علماء بلده الكبار، وتحمله المسئولية ومن معه، فهم أهل فقه الواقع، وهم الذين عاشوا وعايشوا هذه الأحداث؟.
أمَّا علماء بلده الكبار فهم في مجاملة أمراء بلدهم غارقون، وبالتقصير في معرفة الواقع معروفون، وبعضهم سلَّم الأمر للكِبر في السن، وقد يكون للخَرَف.
لذلك هؤلاء العلماء أفتوا في واقعة إخراج صدام حسين من الكويت بغير رأي الدكتور سفر والآخرين –داخل المملكة وخارجها-.
بعد هذا القول –وغيره- في حقِّ علمائنا الكبار، هل قدَّر الدكتور سفر والآخرون ودرسوا كيف تكون قيمة علمائنا الكبار عند جمهورهم الذي يحضر عندهم ويستمع إليهم داخل المملكة وخارجها؟.
هل قدَّر الدكتور سفر والآخرون ودرسوا ما هي الثمرة التي ستعود على المملكة من الإعلان والجهر بمخالفة فتوى كبار العلماء، لو كان لهم عمق وثقل حقيقي في المملكة؟.
هل قدَّر الدكتور سفر والآخرون، ودرسوا ماذا ستكون ثمرة الإعلان والجهر بالمخالفة عليهم أنفسهم؟.
هل قدَّر الدكتور سفر والآخرون ودرسوا مَنْ المستفيد الحقيقي والمستثمر الحقيق لما في شرائط هذه الأحداث؟.
هل سنَّ الدكتور سفر والآخرون سُنَّة سيئة بتفلُّت طلبة العلم الصغار من الانقياد لفتوى أهل العلم الكبار في أمور مصيريّة تتعلَّق بحال البلاد والعباد؟.
وللحقيقة كنتُ أقول: إذا لم يتدخَّل الإمام ابن باز –رحمه الله- وإخوانه في إسكات الدكتور سفر والآخرين؛ فسيدفع بلاد الحرمين ونجد ثمن هذا غاليًا عاجلًا أو آجلًا، فليس الأمر اجتهادًا فقهيًّا، إنَّما الأمر عبادٌ وبلاد ومرجعيّةٌ لأهل السنة بدأ ذبحها من أبنائها.
هل شريط (ففروا إلى الله) –وغيره- حقَّق لتيارات إسلاميّة وغير إسلاميِّة ما فشلوا في تحقيقه سنين وسنين؟.
ألم تسعَ هذه التيَّارات –سعيًا حثيثًا دائمًا- إلى تشويه صورة هؤلاء العلماء لأسباب عقديّة وبعضهم أيضًا لأسباب سياسية وتاريخية؟.
ومُنِع الدكتور سفر والآخرون -وقد حَمِيَ الوَطِيْسُ- من النشاط؛ فجمهور مَنْ يستمع إليهم داخل المملكة وخارجها قد أ سقطوا إلاَّ مَنْ رحم الله وقليل ما هم مرجعيَّة هيئة كبار العلماء، ولا بدَّ لهم من مرجعيَّة يرجعون إليها، فمَنْ ستكون مرجعيتهم بل مراجعهم؟. وهذه المرجعيّة أو المراجع هل دفعت سفرًا وسلمان والآخرين ليكونوا كاسحات ألغام أم هم مستثمرون فقط؟.
فقد ضُربت مرجعيّة هيئة كبار العلماء في مقتل من أقوال سفر وسلمان وناصر وغيرهم، فاستثمر هذا-داخل البلاد وخارجها- مَنْ لا يريد خيرًا بسفر ولا بسلمان ولا بناصر ولا ببلاد نجد والحرمين.
هل اكتفى المستثمرون بهذا؟. لا، فهناك مرجعيَّة أخرى لشباب أهل السنة من جمهور سفر وسلمان، لن تجعل المستثمرين يهنئون ويفرحون بما تحقَّق لهم.
مَنْ هذه المرجعيَّة الأخرى؟.
هذه المرجعيّة هي الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله-، فالمستثمرون لن يستطيعوا استثمار هذه الأحداث لضربه وإسقاطه وإلحاقه بإخوانه من هيئة كبار العلماء، لماذا؟. لأنَّ له رأيًا في واقعة إخراج صدام حسين من الكويت غير رأي هيئة كبار العلماء.
فما العمل؟.
العمل كتاب: (ظاهرة الإرجاء) يطبع في ربيع الأول (1417هـ) في مكتبة الطيِّب بالقاهرة، وزيد في حواشيه على ما كان متداولًا بين الطلبة من مُصوَّرة الكتاب قبل طبعه، وهذه الحواشي كفيلة بإسقاط هذه المرجعيّة وإلحاقها بإخوانها، فكانت هذه الحواشي هي الأصل لكثير في رمي الإمام ناصر الدين بالإرجاء، وبمخالفة السلف الصالح في مفهوم الإيمان والكفر، ثمَّ انتشر الرمي واتَّسع حسب فكر وغرض الرامي.
وما ذنب أئمتنا ابن باز والألباني عند هؤلاء المستفيدين والمستثمرين؟.
ذنبهم هو: دَنْدَنَتُهُمْ بالتوحيد الخالص وتعليمه والدعوة إليه بخلاف المستفيدين والمستثمرين، فالأهم والمهم هو شرك القصور وليس شرك القبور، فهو شرك بدائي.
ذنبهم هو: محاربتهم القويَّة للغلوِّ في التكفير للحكَّام والمحكومين والدولة والمجتمع بخلاف المستفيدين والمستثمرين فهذا هو التوحيد عندهم، على تفاوت بينهم.
ذنبهم هو: محاربتهم -وبلا هوادة- للترويج لفكر الخروج على الحكَّام، وهذا هو الجهاد والإصلاح السياسي عند المستفيدين والمستثمرين.
وفضلٌ من الله عزَّ وجلَّ ورحمةٌ أن قبض أرواح علمائنا الكبار قبل يوم الثلاثاء الدامي، أو قبل غزوتي واشنطن ونيويورك!!
واليوم أين جمهور سفر والآخرين مِنْ شباب أهل السنة داخل المملكة وخارجها؟.
واليوم ما هي مرجعيَّة جمهور سفر والآخرين مِنْ شباب أهل السنة داخل المملكة وخارجها؟.
واليوم هل مرجعيّة جمهور سفر والآخرين هم سفر والآخرون؟.
واليوم هل مرجعيَّة جمهور سفر والآخرين هم: أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وأبو قتادة، وأبو بصير، والمقدسي، والزرقاوي وغيرهم من المتخالفين المتنافرين؟.
واليوم مَنِ استفاد من شريط (ففروا إلى الله) أَسَفَرٌ أم آخرون؟.
واليوم هل هذا عمل الراسخين في العلم أم هو عمل الذين يغترون بالجمهور من حولهم، ولا يدركون عاقبة القول، ولا يعرفون واقعهم الحقيقي ولا يفقهونه؟.
وهل المستثمرون وقفوا عند هذا أم رغبوا وسعوا في تحقيق هدفهم كاملًا غير منقوص؟.
فقد رُفِع سؤالٌ إلى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء –التي أسقطت- في كتاب: (إحكام التقرير في أحكام التكفير) لمراد شكري، ونصه:
((يا سماحة الشيخ نحن في هذه البلاد المملكة العربية السعودية في نِعَم عظيمة، ومن أعظمها نعمة التوحيد، وفي مسألة التكفير نرفض مذهب الخوارج ومذهب المرجئة.
وقد وقع في يدي هذه الأيام كتاب اسم: (إحكام التقرير في أحكام التكفير) بقلم مراد شكري الأردني الجنسية، وقد علمتُ أنه ليس من العلماء، وليست دراسته في علوم الشريعة، وقد نشر فيه مذهب غلاة المرجئة الباطل، وهو أنه لا كفر إلا كفر التكذيب فقط، وهو –فيما نعلم- خلاف الصواب، وخلاف الدليل الذي عليه أهل السنة والجماعة، والذي نشره أئمة الدعوة في هذه البلاد المباركة، وكما قرر أهل العلم: في أن الكفر يكون بالقول وبالفعل وبالاعتقاد وبالشك.
نأمل إيضاح الحق حتى لا يغتر أحدٌ بهذا الكتاب، الذي أصبح ينادي بمضمونه الجماعة المنتسبون للسلفية في الأردن، والله يتولاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته)). اهـ نصَّ السؤال بحروفه ضمن الفتوى رقم (20212) بتاريخ 7/2/1419هـ.
لن أقف عند تحليل هذا السؤال، وإنما أشير إلى:
أ) المملكة السعودية من أعظم النعم فيها نعمة التوحيد.
ب) الأردني الجنسية.
ج) نشر فيه مذهب غلاة المرجئة الباطل.
د) هذا الكتاب أصبح ينادي بمضمونه –أي: مذهب غلاة المرجئة الباطل- الجماعة المنتسبون إلى السلفية في الأردن.
وفي هذه الفقرة الأخيرة وُضع اللغم الذي أُريد به تفجير الجميع، إذا سأل أحدنا نفسه مَنْ رأس السلفيين وليس المنتسبون للسلفية في الأردن؟.
الجواب: الإمام ناصر الدين الألباني رحمه الله.
هل المستفيدون والمستثمرون أرادوا تحقيق الهدف كاملًا بإزاحة مرجعيَّة أهل السنة في بلاد الحرمين ونجد، ومرجعيَّة أهل السنة في بلاد الشام، واللتان هما المرجعيتان لأهل السنة غير الحزبيين في العالم أجمع؟.

كيف يتم للمستفيدين والمستثمرين إزاحة مرجعيَّتَيْ أهل السنة غير الحزبيين في العالم؟.
بضرب هاتين المرجعيَّتين إحداهما بالأخرى، تفكَّر في السؤال والإجابة التي يحلم بها ويريدها المستفيدون والمستثمرون.
هـ - اللجنة الدائمة هم علماء كبار أجلَّاء، أهل سُنة ودين وخلق، وأصحاب خبرة ودراية وفقه واقع؛ لهذا كانت إجابتهم ضربة قويَّة للمستفيدين والمستثمرين حين ذكروا في الفتوى الكاتب والناشر فقط، فقالوا: ((وعلى كاتبه وناشره إعلان))، فلِلَّه دَرُّهم حين بيَّنوا الخطأ والمُخْطِئَ وببيانهم خاب المستفيدون والمستثمرون، وجنوا الحسرة والحنق والغضب، أليس هذا هو فقه الواقع؟.
و- لذلك خرج أحدهم عندنا عن شعوره فقال: ((الفتوى لم تجامل، وإن كان لم يذكروا اسم الشيخ ناصر الدين الألباني تأدُّبًا)).
تأمَّل قوله: ((لم تجامل)) لتعرف أنَّ الأصل في اللجنة وهيئة كبار العلماء هو المجاملة.
وهل يجتمع: ((.. لم تجامل)) و ((.. تأدُّبًا))؟. يجتمع عند مَنْ لم يتأدَّب ولم يتحقَّق هدفه وغرضه.
ليس تأدُّبًا يا هذا بل الإمام ناصر الدين الألباني رحمه الله لا يقول بمضمون هذا الكتاب.
واللجنة الدائمة على يقين من ذلك، فذكروا الكاتب والناشر فقط، فموتوا بغيظكم حيث لم يتحقَّق هدفكم وهو (صِدام الكبار) ليتحقَّق منه هدف الصغار الصغار حقًّا.
واليوم اللَّهم ارحم واغفر لعبادك ابن باز والألباني وابن عثيمين والوادعي بما علَّمونا ونصحونا وصبروا علينا، واجعل اللهم فتاواهم ونصائحهم السبب في حفظنا وثباتنا من أن نزيغ.
واليوم بعد أن رحل الكبار –حقًّا- عن دنيانا يكتب المستفيدون والمستثمرون في وجوب إيجاد مرجعيَّة لأهل السنة لما يستجد من قضايا وأحداث.

قطعًا علمتم وأدركتم أيِّ مرجعيَّة يعنون وفي أيِّ واد سحيق سَيُلْقُوْنَ بنا؟.
إمَّا وادي الاستجابة للضغوط، وإمَّا وادي الصدام والصدام، ورحم الله علمائنا الكبار الذين رحلوا عنَّا، فهم لم يسلكوا الوادِيَيْن وحذَّرُونا من سلوكهما.
فإعلان الدكتور الحوالي المخالفة لأهل بلده الكبار في مصير العباد والبلاد يدلُّ على عدم الرسوخ ومعرفة الواقع الحقيقي وليس واقع أخبار ومعلومات الصحف والمجلات.
ويؤكِّد هذا كُلَّه ما يلي:
1- قال الدكتور الحوالي في (الوجه الثاني) من الشريط رقم (186) من (شرح الطحاوية عام 1410):
((سيد قطب –رحمه الله- ما كتب أحدُ أكثر مما كتبت في هذا العصر في بيان حقيقة لا إله إلا الله، انظر إلى مئات الصفحات من الظلال تتحدث عن الموضوع..)) اهـ.
فالدكتور الحوالي يخبر ويقطع بأن سيد قطب –رحمه الله- لم يكتب في هذا العصر أحدٌ أكثر ما كتب في بيان حقيقة لا إله إلا الله في مئات الصفحات من الظلال.
فالحوالي يوافق بحرارة وَيُقِرُّ بحماسة بيان سيد قطب –رحمه الله- لحقيقة لا إله إلا الله في مئات الصفحات من الظلال.
وهنا لن أناقش الدكتور الحوالي على ماذا اعتمد حين وصف سيّدًا بهذا دون غيره من أئمة أهل السنة في هذا العصر؟.
وإنما أقف –إن شاء الله- من أقوال سَيِّد نفسه ومن (الظلال) فقط، عند: هل سيِّد –رحمه الله- فهم حقيقة الألوهيَّة، وحقيقة لا إله إلا الله كما جاء بها رُسُل الله عزَّ وجلَّ؟.
أ- قال سيِّد في (الظلال) (3/1763):
((إن قضية الألوهية لم تكن محل إنكار جَدِّيٍّ من المشركين، فقد كانوا يعرفون أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق البارئ الرازق المحيي المميت المدبر المتصرف القادر على كل شيء، ولكن هذا الاعتراف لم تكن تتبعه مقتضياته، فلقد كان من مقتضى هذا الاعتراف بالألوهية على هذا المستوى أن تكون الربوبية له وحده في حياتهم..))اهـ
أهذا قول في بيان لحقيقة لا إله إلا الله أم هو قول به يتبيَّن أنَّ سيِّدًا لم يعرف حقيقة الألوهيَّة والربوبيَّة، بل ولم يعرف شرك العرب؟.
ب) قال سيِّد في (الظلال) (4/1846):
((قضية الإلهية لم تكن محل خلاف إنما قضية الربوبية هي التي كانت تواجهها الرسالات، وهي التي كانت تواجهها الرسالة الأخيرة..))اهـ
أليس هذا القول يبيِّن أنَّ سيَّدًا لم يتصوَّر تصوّرًا صحيحًا للألوهيَّة التي دعت إليها الرسل، وخاصّة خاتمهم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ؟.
مَنْ لم يتصوَّر الألوهيَّة تصوّرًا صحيحًا؛ أيعقل أَنْ يبيِّن بيانًا صحيحًا سليمًا لحقيقة لا إله إلا الله؟. أم أنَّ الدكتور الحوالي له مفهوم لحقيقة لا إله إلا الله غير مفهوم علماء أهل بلده؟.
ج) قال سيِّد في (الظلال) (4/1852):
((وما كان الخلاف على مدار التاريخ بين الجاهلية والإسلام ولا كانت المعركة بين الحق والطاغوت على ألوهية الله سبحانه وتعالى للكون وتصريف أموره في عالم الأسباب والنواميس الكونية، إنما كان الخلاف وكانت المعركة على من يكون هو رب العالمين..))اهـ.
أليس هذا القول يثبِّت ويرسِّخ ما سبق مِنْ أنَّ سيَّدًا لم يتصوّر تصوّرًا صحيحًا الألوهيَّة؟.
فهذا قول مَنْ لا يعرف أنَّ الألوهيَّة هي موضع الخلاف على مدار التاريخ.
وهذا قول مَنْ لا يعرف أنَّ الطاغوت نقضٌ للألوهيَّة.
وهذا قول مَنْ لا يعرف أنَّ الأمم –إلاَّ قليلًا من أفرادها- تعرف وتقر أنَّ الله سبحانه هو ربُّ النَّاس وحده.
فهل ننتظر مِنْ مَنْ هذا حاله أنْ يبيِّن لنا حقيقة لا إله إلا الله بيانًا صحيحًا سليمًا؟.
د- قال سيِّد في (الظلال) (4/2111):
((فالألوهية قلما كانت موضع جدال في معظم الجاهليات وبخاصة في الجاهلية العربية، إنما الذي كان دائمًا موضع جدل هو قضية الربوبية...))اهـ
أليس هذا القول يؤكِّد أنَّ تصوُّر سيِّد للألوهيَّة والربوبيَّة هو ماكرَّرَه؟.
هـ- قال سيِّد في (الظلال) (5/2707) -في قوله تعالى-: ﴿وَهُوَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾[القصص:70] أي: فلا شريك له في الخلق والاختيار...)) اهـ.
أليس هذا القول إلغاءً حقيقيًا للألوهيَّة؟.
و- عند قوله تعالى: ﴿إِلَهِ النَّاسِ﴾[الناس:3]، قال سيِّد في (الظلال) (6/4010): ((والإله هو المستعلي المستولي المتسلط...))اهـ.
أليس هذا القول هو إبدال (الإله) بِمَعَانٍ للربِّ؟.
وما فسَّر به سيِّد (الإله) فسَّره به الشيخ أحمد زيني دحلان في (الدرر السنية في الرد على الوهابية) وغيره مِمَّنْ هو على درب دحلان مشى.
فمِمَّا نقلتُه عن سيِّد من (الظلال) ومن صحائف معدودة فقط؛ يظهر بجلاء ووضوح عدم التصوَّر الصحيح عند سيَّد قطب –رحمه الله- لمعنى (الإله) و(الربّ) و(الألوهيّة) و(الربوبيّة) و(شرك العرب) و(شرك الأمم قبلنا).
وعليه فالدكتور الحوالي بين أمرَيْن:
الأوَّل: أن يكون وقف على هذه النقولات ومع هذا قال ما قال.
الآخر: أن يكون لم يقف على هذه النقولات.
ومن الأمرَيْن: هل قول الدكتور الحوالي – في بيان سيِّد لحقيقة لا إله إلا الله- هو قول العالم الراسخ؟.
2) ثمَّ كيف إذا عرفنا أنَّ كتاب (ظاهرة الإرجاء) مليء بالنقل عن سيَّد قطب –رحمه الله-؟.
والدكتور قد وقف على قول سيَّد في (الظلال) (2/798): ((إنَّ الإيمان وحدة لا تتجزأ...))اهـ..
مَنْ يقول بهذه المقولة: ((الإيمان وحدة لا تتجزأ))؟.
أجاب الدكتور الحوالي في الباب الثالث: (أصول مذاهب المرجئة نظريًّا)، من (ظاهرة الإرجاء) (2/401-421):
((إن منطلق الشبهات كلها في الإيمان، وأساس ضلال الفرق جميعها هو أصل واحد اتفقت عليه الأطراف المتناقضة جميعها، ثم تضاربت عقائدها المؤسسة عليه؛ وذلك أن الخوارج والمعتزلة والمرجئة –الجهمية منهم والفقهاء والكرامية- اتفقوا على أصل واحد انطلقوا منه هو: أن الإيمان شيء واحد...)) اهـ ملخصًا.
فلِمَ لم يذكر الدكتور مقولة سيَّد هذه في (ظاهرة الإرجاء) وينبِّه على ما فيها ولو حتَّى بالتأويل لها؟.
بدلًا من هذا جعل حواشي على الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- وصفه فيها بما هو بريء منه، فهل الإمام الألباني يُعاقَب ويدفع ثمن آراء ومواقف لم تَرُق لكثير؟.
وللعلم أَنَّ المشرف على (ظاهرة الإرجاء) هو الأستاذ محمد قطب.
قال الدكتور الحوالي في (ظاهرة الإرجاء) (1/18):
((هذا ولا يفوتني أن أتقدم بخالص الشكر وعظيم التقدير إلى أستاذي الكريم الأستاذ محمد قطب، الذي بذل من الوقت الثمين والرأي الصائب ما كان له أثره البالغ في إنجاز هذه الرسالة وتقويمها....))اهـ.
فهل مِنَ الرأي الصائب ذكر قول سيِّد قطب: ((الإيمان وحدة لا تتجزأ)) والتنبيه عليه بأنَّ هذا هو أصل مذهب المرجئة بأنواعها؟. ليس هذا من الرأي الصائب.
قال سيَّد في (الظلال) (6/3761):
((﴿قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾[المدثر:43]: وهي كناية عن الإيمان كله تشير إلى أهمية الصلاة في كيان هذه العقيدة تجعلها رمز الإيمان ودليله يدل إنكارها على الكفر ويعزل صاحبها على المؤمنين...) اهـ.
فسيِّد –رحمه الله- في قوله هذا علَّق الكفر بالإنكار للصلاة وليس بالترك لها.
فهل عند الدكتور الحوالي الشجاعة الأدبيّة، فيُدْخِلَ سيَّدًا مع أئمة وعلماء أهل السنة فيما رماهم به بقوله: ((ولم يقل: أن تاركها غير كافر إلّا من: تأثر بالإرجاء شعر أو لم يشعر...))، أم أنَّ هذه الشجاعة ليست صائبة أيضًا؟.
3) أمَّا ما في (ظاهرة الإرجاء) وحواشيه ممَّا يؤكِّد عدم الرسوخ ويثبِّت الحماس غير المنضبط فشيء غير قليل وهو خطير الأثر علميًّا وواقعيًّا وموقفًا:
أ) نسبة مذاهب لأهل السُنَّة حسب فهمه وحده:
1- تكفير تارك أحد مباني الإسلام العملية:
قال الدكتور في (2/670): ((وهكذا فإطلاق القول بتكفير تارك الصلاة أو الزكاة أو الصوم أو الحج صحيح موافق لقاعدة أهل السنة في الإيمان كل الموافقة...)) اهـ.
تأمَّل قوله: ((صحيح موافق لقاعدة أهل السنة)).
قال الإمام ابن تيمية في (الفتاوى) (7/302): ((وقد اتفق المسلمون على أنه من لم يأت بالشهادتين فهو كافر، وأما الأعمال الأربعة فاختلفوا في تكفير تاركها، ونحن إذا قلنا: أهل السنة متفقون على أنه لا يكفر بالذنب، فإنما نريد به المعاصي كالزنا والشرب، وأما هذه المباني ففي تكفير تاركها نزاع مشهور. وعن أحمد: في ذلك نزاع...، وهذه أقوال معروفة للسلف)).اهـ
أ) أهل السنة متفقون على أنَّه لا يكفر بالذنب أي: المعاصي كالزنا وشرب الخمر.
ب) أمَّا الأعمال الأربعة ففي تكفير تاركها نزاع مشهور، وهي أقوال معروفة للسلف.
ج) فهؤلاء من أهل السنة ومن السلف، فهل هم لا يفقهون قاعدة أهل السنة في الإيمان أم أنَّ الدكتور الحوالي لم يفرِّق بين مفهوم الإيمان من جهة ومفردات الإيمان التطبيقية من جهة أخرى؟.
د) فهل الدكتور الحوالي ينزع صفة الاعتبار عن الرأي المخالف له في التكفير بترك أحد الأعمال الأربعة لأنَّه ((خطأ مخالف لقاعدة أهل السنة في الإيمان كل المخالفة))؟.
2) أهل السنة وتعاطي السحر.
قال الدكتور في (2/723): ((أن أهل السنة والجماعة متبعون لنصوص الشرع في كل شئ فما جعله الشرع كفرًا فهو عندهم كفر بإطلاق كمن ترك الصلاة أو تعاطى السحر، أو حكم بشرع غير الله وسموا فاعله كافرًا بإطلاق)) اهـ.
هل الدكتور ينقل إجماع أهل السنة في تسمية متعاطي السحر كافرًا بإطلاق؟.
مَنْ سبق الدكتور إلى هذا؟.
قال الإمام ابن تيمية في (الفتاوى) (29/384): ((بل أكثر العلماء على أن الساحر كافر، يجب قتله)) اهـ.
وممن خالفهم الدكتور في هذا وأظهر رأيهم خارجًا على أهل السنة:
أ) قال الإمام الشافعي في (الأم) (1/293):
((والسحر اسم جامع لمعان مختلفة فيقال للساحر صف السحر الذي تسحر به فإن كان ما يسحر به كلام كفر صريح استتيب منه، فإن تاب وإلا قتل وأخذ ماله فيئًا، وإن كان ما يسحر به كلامًا لا يكون كفرًا، وكان غير معروف ولم يضر به أحدًا نهي عنه فإن عاد عزر...))اهـ.. وينظر (المجموع) (19/245).
ب) قال ابن قدامة في (المغني) (8/151): ((قال أصحابنا: ويكفر الساحر بتعلمه وفعله سواء اعتقد تحريمه أو إباحته وروي عن أحمد ما يدل على أنه لا يكفر...))اهـ.
ج) قال محمد الأمين الشنقيطي في («أضواء البيان» سورة طه الآية: 69): ((اختلف العلماء فيمن يتعلّم السحر ويستعمله...، والتحقيق في هذه المسألة هو التفصيل...، هذا هو التحقيق إن شاء الله في هذه المسألة التي اختلف فيها العلماء...))اهـ.
د) قال محمد بن صالح العثيمين في (القول المفيد) (2/5-6): ((فالسحر قسمان:
أ- شرك...، ب- عدوان...، وبهذا التقسيم الذي ذكرناه نتوصل إلى مسألة مهمة، وهي: هل يكفر الساحر أو لا يكفر؟. اختلف في هذا أهل العلم...، ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبيَّن به حكم هذه المسألة...))اهـ.
فتعاطي السحر لم يتفق أهل السنة على تسمية فاعله كافرًا بإطلاق، وللدكتور أَنْ يأخذ بما يراه صوابًا ولكن لا يجعله القول الوحيد لأهل السنة.
3) أهل السنة والحكم بشرع غير الله تعالى:
قال الدكتور في (2/723): ((أن أهل السنة والجماعة متبعون لنصوص الشرع في كل شئ فما جعله الشرع كفرًا بإطلاق فهو عندهم كفر بإطلاق –كمن ترك الصلاة أو تعاطى السحر أو حكم بشرع غير الله- وسموا فاعله كافرًا بإطلاق) اهـ.
هل الدكتور ينقل إجماع أهل السنة في تسمية من حكم بشرع غير الله كافرًا بإطلاق؟.
مَنْ سبق الدكتور إلى هذا؟.
4) قاعدة أهل السنة في معرفة الكفر الأكبر:
قال الدكتور في (2/723 -حاشية2-):
((ما جاء في الكفر بصيغة المعرف بالألف واللام، أو بصيغة الفعل الماضي كفر فهو كفر بإطلاق وسموا فاعله كافرًا بإطلاق))اهـ.
أ) فالدكتور الحوالي نسب إلى أهل السنة قاعدة في معرفة الكفر الأكبر وهي: ((ما جاء في الكفر بصيغة المعرف بالألف واللام فهو كفر بإطلاق وسموا فاعله كافرًا بإطلاق)).
مَنْ سبق الدكتور إلى هذا؟.
أخرج عبد الرزاق في مصنفه (11/442 / رقم 20953)، والنسائي في (السنن الكبرى) (8/197/رقم8955)، وابن بطة العُكْبَرِي في (الإبانة) (2/738/رقم1015) من طريق طاوس بن كيسان اليماني قال: «سُئِل ابن عباس عن الذي يأتي امرأته في دُبُرِهَا، فقال: هذا يسألني عن الكفر»، وعند النسائي قال: ((ذلك الكفر)).
قال الحافظ في (التلخيص الحبير) (3/181/رقم1542): ((إسناده قوي)) اهـ.
وقال الشيخ ناصر الدين الألباني في (آداب الزفاف) (ص106): ((وسنده صحيح))اهـ.
ماذا يقول الدكتور الحوالي في إتيان المرأة في دُبُرها؟. قطعًا ليس هو من الكفر الأكبر.
فابن عباس –رضي الله عنهما- أطلق على ما ليس كفرًا أكبر: ((الكفر)) بصيغة المعرف بالألف واللام.
لذلك أئمَّةٌ من أهل السنة –وليس مرجئة- فهموا قوله ﷺ: «بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة» ليس على قاعدة الدكتور هذه، بل هو نظير الأحاديث التي جاءت في الإكفار بسائر الذنوب نحو قوله ﷺ: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر»، وانظر لهذا: (تعظيم قدر الصلاة) للإمام محمد بن نصر المروزي (ص936وما بعدها).
الإمام ابن تيمية حين ذكر الفرق بين الكفر المعرف بالألف واللام وبين غيره من الألفاظ في (اقتضاء الصراط المستقيم) (1/211-212، العقل)، وفي (شرح العمدة) (2/82، المشيقح) لم ينسبه قاعدة إلى أهل السنة، بل في (شرح العمدة) (2/80) –في لفظ الكفر- قال: ((..ثم لو صح هذا في بعض المواضع فهنا إنما أراد به الكفر المخالف للإيمان...))اهـ
فالكفر المعرف بالألف واللام دلالته –عند الإمام ابن تيمية- على الكفر الأكبر؛ لأنَّ إطلاقه لم يُصْرَف بقرينة في مسألة ترك الصلاة.
ب) وكذلك الدكتور نسب إلى أهل السنة قاعدة في (كَفَرَ) بصيغة الفعل الماضي:
قال الدكتور: ((ما جاء في الكفر بصيغة المعرف بالألف واللام، أو بصيغة الفعل الماضي كفر فهو كفر بإطلاق وسموا فاعله كافرًا بإطلاق))اهـ.
مَنْ قبل الدكتور الحوالي قال: ((كفر بصيغة الفعل الماضي جعله الشارع كفرًا بإطلاق ويسمى فاعله كافرًا بإطلاق)). فضلًا عن أن يكون هذا القول قاعدة لأهل السنة؟.
أخرج البخاري (3508)، ومسلم (112/61) من حديث أبي ذَرٍّ؛ أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: «ليس من رجل ادَّعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر... » الحديث.
ماذا يقول الدكتور الحوالي في مَنْ رغب عن أبيه وهو يعلمه؟. قطعًا ليس كافرًا كفرًا أكبر.
وهنا في الحديث المتفق على صحته جاء وصف مَنْ رغب عن أبيه وهو يعلمه بـ«كفر» أي: بصيغة الفعل الماضي «كفر».
فعلى قاعدة الدكتور – والتي نسبها إلى أهل السنة- ((كفر بصيغة الفعل الماضي جعله الشارع كفرًا بإطلاق ويسمى فاعله كافرًا بإطلاق))؛ مَنْ رغب عن أبيه وهو يعلمه فهو كافر.
وبسبب هذه القاعدة اقترح الدكتور الحوالي على الإمام العَلَم –في فنِّه- ناصر الدين الألباني –رحمه الله- وأوصاه قائلًا في (2/760حاشية):
((ثامنًا: التزام قاعدة مطردة في تقوية الحديث بشواهده أو تضعيفه مهما تعددت طرقه، فمثلًا إذا كانت رواية: ((فمن تركها فقد خرج من الملة)) لا تتقوى برواية: «فمن تركها فقد كفر» بل نضعف الأولى ونؤول الأخرى فما هو التحكم إذن؟)) اهـ.
التحكُّم أيُّها الحواليُّ هو أن تضع قاعدة –حسب فهمك-: ((كفر بصيغة الفعل الماضي...))، ثمَّ تجعلها قاعدة عند أهل السنة؛ فتحكم على قول مَنْ لم يقل بها من أئمَّة أهل السنة بالتحكُّم.
أ) لفظ: «فمن تركها فقد خرج من الملة» لفظ صريح في تكفير تارك الصلاة عند الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- والدكتور الحوالي.
ب) لفظ: «فمن تركها فقد كفر» لفظ على قاعدة الحوالي في «كفر» يلتقي مع لفظ: «فقد خرج من الملة».
وعند الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله- لفظ: ((كفر بصيغة الفعل الماضي)) غير صريح في الدلالة على الكفر المخرج من الملة، لماذا؟.
لأنَّه ثبت مجيء لفظ: ((كفر)) بصيغة الفعل الماضي فيما هو كفر غير مخرج من الملة.
فتكون هذه الرواية غير صريحة في تكفير تارك الصلاة.
بعد هذا هل سيقوِّي الإمام العَلَم ناصر الدين الألباني –رحمه الله- الرواية الضعيفة الصريحة في الخروج من الملة بالرواية الصحيحة غير الصريحة في الخروج من الملة؟.
هذه التقوية لا تصلح حتى على طريقة الفقهاء، بل ولا حتى على طريقة محمود سعيد ممدوح في كتابه (التعريف).
كيف وقد حكم الإمام ناصر الدين –رحمه الله- على: «فقد خرج من الملة» بالنَّكارة والمحفوظ هو: «فقد برئت ذمة الله منه»؟.، فانظر حكمه في (الضعيفة) (5991).
والمنكر لا يقوِّي ولا يتقوَّى؛ لأنَّه خطأ كما تجده مفصَّلًا –إن شاء الله- في التعريف الرابع من كتابي (تعريف أُولي النُّهَى والأحلام بما في تعريف محمود سعيد ممدوح من الأخطاء والأوهام).
ولفظ: «فقد برئت ذمة الله منه» غير صريح ومُتَعيِّن في الكفر المخرج من الملة، لماذا؟. لأنَّه ثبت مجيء لفظ: «برئت ذمة الله منه»، فيما هو غير كفر مخرج من الملة؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه (123/69) من حديث جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : «أيُّما عبدٍ أبَقَ فقد بَرِئَتْ منه الذِّمَّة».
فعلى الدكتور الحوالي أن يثبت صحة قاعدته هذه أولًا، ثمَّ صحة نسبتها إلى أهل السنة قبل أن يرمي الإمام ناصر الدين –رحمه الله- بالتحكُّم، ويتلقَّى رميه قومٌ بالقبول بدون بحث ولا مراجعة، ثم هم يقولون: لا نقلِّد.
5) جزم الدكتور بإجماع الصحابة – رضي الله عنهم- في تكفير تارك الزكاة.
قال في (2/657): ((أنه من خالف في تكفير تارك أحد المباني الأربعة –ولا سيما الصلاة- لا ينبغي الاعتداد بخلافه بعد ثبوت الإجماع من الصحابة رضي الله عنهم في تكفير تارك الصلاة والزكاة، وما أشرنا إليه بالنسبة للصيام والحج فمع كثرة المخالفين من المتأخرين لم يستطع أحد منهم الإتيان بنقل ثابت صريح عن صحابي أو تابعي يخالف ذلك؛ وذلك أن أول من قال به هم المرجئة، ثم تبعهم من تبعهم، ومتى عرف المرء ذلك تبين له أن هذا القول خارج عن أقوال أهل الاجتهاد إلى أهل البدع، وإن لم يكن كل من قال به من أهل البدع..))اهـ.
تَفكَّر في هذه الجُمل غير المنضبطة والمليئة بالحماس والاندفاع، وتفكَّر في أقوال سفر هذه الأيام في أهل البدع حقًّا من الروافض وغيرهم مما نُشر في جريدة المدينة ملحق الرسالة يوم الجمعة 28/شعبان/1424هـ الموافق 24/أكتوبر/2003، وفي غيرها.
أ) على ماذا اعتمد الدكتور الحوالي في جزمه بثبوت إجماع الصحابة رضي الله عنهم في تكفير تارك الزكاة؟.
ب) إذا كان اعتمد على مقاتلة الصِّدِّيق والصحابة للممتنعين عن أداء الزكاة فهؤلاء الممتنعون جماعة ومقاتلة، والبحث في مانع الزكاة الفرد.
ج) وإذا اعتمد على ما جاء في الحديث من الوعيد في منع الزكاة كما في (2/664-666)؛ فمع أنَّ استدلال الدكتور بالحديث فيه نظرٌ قويٌّ، إلاَّ أنَّ الحديث ليس فيه إجماع الصحابة على تكفير مانع الزكاة.
د) ذكر الدكتور الحوالي في (2/650-651حاشية(2)) أنَّ من أدلة إجماع الصحابة رضي الله عنهم على تكفير تارك الصلاة ما حسَّنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، عن جابر رضي الله عنه، وكذلك جاء النقل عن أبي هريرة.
وأنقل- إن شاء الله- قول جابر وأبي هريرة لنتفقَّه فيهما:
1) قال مجاهد بن جبر لجابر بن عبد الله رضي الله عنه: ((ما كان يفرق بين الكفر والإيمان عندكم من الأعمال في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟. قال: الصلاة)).
2) قال أبو هريرة رضي الله عنه: ((ما كان أصحاب محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم يرون شيئًا من الأعمال تركه كفرٌ؛ غير الصلاة)).
مِنْ هذَيْن النقلَيْن هل أجمع الصحابة على تكفير مانع الزكاة؟.
إذا كان الصحابة أجمعوا على تكفير مانع الزكاة، فلم جابر بن عبد الله وأبو هريرة رضي الله عنهما اقتصرا على ذكر الصلاة فقط؟.
6) أمَّا فهم الدكتور الحوالي لأحاديث ذكرها فالبحث فيه يطول، وأكتفي هنا بحديث

حذيفة في دروس الإسلام حيث جعل أهل زمانه داخلين في حديث الجهنَّميين في غالب ظنِّه.
قال الدكتور في (2/765): ((فهؤلاء الذين يكونون حينئذ –نسأل الله العافية- نقول كما قال حذيفة: إنَّ (لا إله إلا الله) تنجيهم من النار؛ إذ لا يعلمون غيرها في ذلك الزمان الذي هو أسوأ زمان.
لكن ليس في مقدور أحد أن يجزم بأنهم لن يدخلوا النار بمرة، أو أنهم من الجهنميين الذين لا يعرفهم المؤمنون، وإنما يعلمهم الله ويرحمهم فينجيهم من النار بعد دخولها، أو هم بين ذلك؛ إذ المرجع في هذا التوقيف، وإن كان غالب الظن أنهم –أو جلهم- إلى الجهنميين أقرب، من جهة أن أهل ذلك الزمان هم من شرار الخلق، ومن جهة أنهم ليسوا من أهل الصلاة، فلا علامة لسجودهم، ومن هنا لا يعرفهم المؤمنون في النار، ومن جهة أنهم عتقاء الله يُدْخِلُهُمُ الجنة بغير عمل ولا خير... والله أعلم))اهـ.
لن أناقش كلام الدكتور هذا جملة جملة، وإنَّما أكتفي بأنَّ الدكتور يعلم أنَّ الذين قال فيهم حذيفة رضي الله عنه: ((يا صِلَةُ، تنجيهم من النار)) جاء وصفهم في الحديث: «حتى لا يُدْرَى ما صيام...».
فهم يعلمون: «لا إله إلا الله» فقالوها، ولم يعلموا أركان الإسلام الأربعة العملية: الصلاة، الزكاة، الصيام والحج؛ فلم يعملوا بشيء منها.
ومن هذا حاله ألا يكون معذورًا فلا يستحق العذاب؟.
الدكتور محمد أبو رحيم بيَّن حال هؤلاء:
أ) فقال في (حقيقة الخلاف) (ص:70): ((إن علماءنا رحمهم الله قد بينوا حكم من غابت عليه الشريعة ولم يعمل بما عليه أهل زمانه من عبادة غير الله عزَّ وجلَّ، فحكموا عليه بأنه داخل في قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء:15] ...)) اهـ.
ب) وجزم الدكتور أبو رحيم وقطع بعذرهم في (ص71) من (حقيقة الخلاف) حين نقل قول العلاَّمة ابن عثيمين –رحمه الله- محتجًّا به: ((فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمة من النار كانوا معذورين بترك شرائع الإسلام؛ لأنهم لا يدرون عنها، فما قاموا به هو غاية ما يقدرون عليه..))اهـ.
فإذا كانوا معذورين داخلين في قوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾[الإسراء:15].
فكيف نفهم قول حذيفة: ((تنجيهم من النار)) أنجاة بعدم الخلود فيها أم نجاة بعدم الدخول فيها ابتداءً؟.
إذا فهمنا نجاة بعدم الخلود فيها؛ فهل هذا الفهم يصطدم بقوله تعالى: ﴿ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾[الاسراء: 15]؟.
وإذا فهمنا نجاة بعدم الدخول فيها ابتداء؛ فهل يصح قول الدكتور الحوالي: ((ليس في مقدور أحد أن يجزم بأنهم لن يدخلوا النار بمرة...؟.)).
فهل لي أن أقول: إنَّ الدكتور الحوالي لا يعذر بالجهل؟.
إنِّي أسمع في أذنيَّ أزيز الاعتراض والرفض لقولي هذا؛ أما رَمْيُ الإمام الألباني بما ليس فيه فلا رفض ولا اعتراض.
وقد شكَّك الدكتور في لفظة: «ولا صلاة» من حديث حذيفة، حيث قال في (2/758-حاشية-): ((وهي ليست في المستدرك... وردت زيادة: «ولا صلاة» عند ابن ماجه في أول الحديث، لكن ليس عنده سؤال صلة الذي هو موضع الشاهد...))اهـ.
أ) لفظة: «ولا صلاة» أخرجها الحاكم في (المستدرك) (4/55) من طريق محمد بن فُضَيل، ثنا أبو مالك الأشجعي، عن رِبْعِيِّ بن حِرَاشٍ، عن حذيفة رضي الله عنه قال: يندرس الإسلام كما يندرس الثوب الخَلِقُ حتى يصير ما يدرون ما صلاة ولا صيام ولا نسك غير أن الرجل والعجوز يقولون:... الحديث.
وهو موقوف في حكم المرفوع فهو لا ينافي المرفوع، ولم تذكر: «ولا صلاة» في الحديث المرفوع في (المستدرك) (4/473، 545) الظاهر لخطإٍ من الناسخ أو الطابع، أو قصَّر فيه أحد الرواة، فإنَّ مَخْرَجَ الحديث المرفوع والموقوف واحد هو أبو مالك الأشجعي، عن ربعي، عن حذيفة.
ويقوِّي هذا إخراج ابن ماجة لها مرفوعة.
ب) سؤال صلة هو عند ا بن ماجة، فانظره في (السنن) رقم (4049).
ج) اللبيب يفهم لم الدكتور الحوالي يُشكِّك في: «ولا صلاة» وكذا في أحاديث أخر لا تلتقي مع (ظاهرة الإرجاء)؟. منقول
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-29-2009, 10:00 AM
بو سعيد بو سعيد غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 17
افتراضي الحلقة الثانية:

الحلقة الثانية :
ثانيًا: والآن أعرِّج على عبد المنعم مصطفى حليمة أبي بصير الطرطوسي لذكر نماذج من فهمه:
1) فهمه لحديث: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر».
قال في (ملاحظات وردود على شريط ((الكفر كفران))) (ص90): ((من ساب المسلم وقاتله لدينه فهو كافر والحديث يحمل على ظاهره من غير تأويل.
قال ابن حزم في (الملل) (3/237): ((فهو على عمومه؛ لأن قوله عليه السلام هاهنا عموم للجنس ولا خلاف في أن من نابذ جميع المسلمين وقاتلهم لإسلامهم فهو كافر...))اهـ.
أ) الحديث فرَّق بين سِباب المسلمِ المسلمَ وقتاله في الاسم:
ب) فسبابه فسوق، وقتاله كفر.
ج) وأبو بصير يقول معي –إن شاء الله-: إذا قُرِن الفسق بالكفر، فالفسق يكون غير الكفر.
د) وعليه فهل سِباب المسلمِ المسلمَ وقتاله سواء في الاسم والحكم؟.
هـ) أبو بصير حمل الحديث على ظاهره فقال: ((من ساب المسلم وقاتله لدينه وإسلامه فهو كافر)).
و) كيف يكون ذلك كذلك والحديث فرَّق بين السباب والقتال في الاسم؟.
ز) فإذا أراد أبو بصير أن يحمله على ما يريد؛ فسيكون الحديث كما يلي:
1) إذا سابَّ المسلمُ المسلمَ لدينه وإسلامه؛ فهو فاسق غير كافر.
2) وإذا قاتل المسلمُ المسلمَ لدينه وإسلامه؛ فهو كافر.
ح) وقول الإمام ابن حزم هو في قتالِ المسلمِ المسلمَ. فهل انتبه أبو بصير لهذا؟.
2) فهم أبي بصير لمقر الكفر:
قال في (ملاحظاته) (ص78): ((والشاهد من جميع ما تقدم أن الكفر عمل بدني كما هو عمل قلبي، وقد يكون مقره القلب والبدن معًا، أو أحدهما دون الآخر، ومنه يعلم بطلان قول الشيخ: أن الكفر عمل قلبي وليس عمل بدني!!!))اهـ.
أ) قول الإمام ناصر الدين هو في الفرق بين الكفر القلبي المخرج من الملة، والكفر العملي غير المخرج.
ب) وقد بيَّنتُ –بفضل الله عزَّ وجلَّ- أنَّ الكفر القلبيَّ المخرج من الملة –عند الإمام- يطلقه أيضًا على الكفر العمليِّ المخرج من الملة لارتباطهما معًا، فانظره داخل الكتاب.
ج) كما بيَّنت –بفضل الله عزَّ وجلَّ- أنَّ الكفر العمليَّ غير المخرج من الملة –عند الإمام- لا ارتباط له بالكفر القلبيِّ؛ فيكون عملًا بدنيًا لا ارتباط له بعمل القلب الكفري. فانظره داخل الكتاب.
د) وكذلك بيَّنتُ –بفضل الله عزَّ وجلَّ- أنَّ الكفر العمليَّ يطلقه الإمام ناصر الدين على الذنوب والمعاصي التي هي دون الكفر المخرج؛ وأبو بصير يفهم الكفر المخرج.
هـ) قول أبي بصير: ((وقد يكون مقره القلب والبدن، أو أحدهما دون الآخر)).
هل لي أَنْ أفهم من «أو أحدهما دون الآخر» أي: يكون الكفر المخرج مقره القلب دون البدن، ويكون الكفر المخرج مقره البدن دون القلب؟.
إذا كان لي أَنْ أفهم هذا؛ لأنَّه فهم صحيح، فهل أبو بصير يعتقد ويقول: بوجود الكفر البواح في البدن ويبقى القلب مطمئنًا بالإيمان؟.
فإذا صح هذا كلُّه؛ فهل أبو بصير على مذهب جهم؟.
3) فهم أبي بصير لحديث قتل أسامة الرجل المشرك المقاتل له بعد قوله الشهادة:
قال في (ملاحظاته) (ص35): ((وهذا الحديث فيه تقرير لمبدأ اعتبار الظاهر في الكفر والإيمان سواء...))اهـ.
أ) الأصح أن يقول: ((الإسلام)) بدلًا من قوله ((الإيمان)) لأنَّ المنافق يقول القول الذي يدخله الإسلام ولكن لا يدخله الإيمان، والأحاديث الصحيحة التي جعلت الأعمال الظاهرة من الإيمان لا يدخل فيها المنافق؛ لأنَّ المراد هو أنَّ هذه الأعمال الظاهرة لا تكون إيمانًا إلا مع إيمان القلب والمنافق ليس معه إيمان القلب.
ب) والصحيح في حديث أسامة هو ثبوت وصف الإسلام للمُعيَّن بمجرد إقراره بالنطق بالشهادتين.
ج) والصحيح في حديث أسامة هو ثبوت وصف الإسلام للمعيَّن، وإن لم يتحقَّق أنَّ إقراره بالنطق بالشهادتين لأجل الإسلام، وذلك من حال المشرك المقاتل فهو نطق بالشهادة، وسيف أسامة مُسلَّط على رقبته.
د) وأمَّا أنَّ حديث أسامة هذا فيه تقرير لمبدأ اعتبار الظاهر في الكفر ففيه نظر.
فالعمل الظاهر من قول أو فعل يحكم عليه بالكفر حسب حكم الشرع، وأمَّا المعيَّن العامل فهذا يتوقف الحكم على عينه بثبوت الشروط وانتفاء الموانع.
وفي حديث أسامة نقل أبو بصير في (ملاحظاته) (ص36) قول الإمام ناصر الدين الألباني –رحمه الله-: ((الظاهر أنه ما قالها إلا تَقِيَّةً)).
وردَّه بقوله: ((وما أدراك وقد أظهر شهادة التوحيد، والنبي ﷺ لم يُشِرْ إليه بما أشرت إليه أنت؟.! أم أنك تريد ضرب قاعدة اعتبار الظاهر...))اهـ.
وقد نقض أبو بصير نفسه اعتراضه هذا حين قال في (قواعد التكفير) (ص65):
((وكذلك عندما قَتل أسامةُ الرجلَ الذي قال: «لا إله إلا الله» ظنًّا منه أنه قالها؛ تعوذًا من السيف...)) اهـ.
ما الفرق بين قول الإمام ناصر الدين: ((تقيَّة)) أي: اتقاء من ضربه بالسيف، وقول أبي بصير: ((تعوذًا من السيف))؟.
وتأمَّل قول الإمام ناصر الدين: ((الظاهر)) وقول أبي بصير: (ظنًّا منه...))، ثمَّ الأهم المهم أنَّ الإمام ناصر الدين اعتبر هذا الظاهر، فكيف يكون بقوله هذا أراد ضرب قاعدة اعتبار الظاهر؟.
4) فهم أبي بصير لحديث الرجل الذي لم يعمل خيرًا قط وأمره أبناءه بحرقه بعد موته في (ص48-52) من (ملاحظاته)، وردَّه فقه الإمام ناصر الدين لهذا الحديث:
أ) ممَّا قاله الإمام ناصر الدين وسمعه أبو بصير ونقله:
((وهنا الشاهد: ألا إن قدر الله عليَّ ليعذبني عذابًا شديدًا، وهذا هو الكفر، شك في قدرة الله عزَّ وجلَّ...، لما ظهر منه هذا، هذا كفر، إذًا ما جوابنا عن قوله تعالى: ﴿وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ﴾[النساء:48] هذا كفره ومع ذلك قد غفره؟.!
الجواب: إنه كفر لم يكن مقصودًا في القلب!!، لم يكن معقودًا في القلب!! ، وإنما من خوفه من ربه تبارك وتعالى على ماجنت يداه من المعاصي والآثام؛ أوصى بمثل هذه الوصية الجائرة التي ربما لم تقع مثلها في تاريخ الدنيا كلها؛ إذًا قد غفر الله له معصيته، بل وكفره لأنه لم يكن كفرًا معقودًا؛ لأن هذا الرجل حينما قال هذه الكلمة وحينما أوصى بتلك الوصية أنها كفر وأنها ضلال، لكننا نقول ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه. هذه حقيقة يجب أن نستحضرها حتى ما نكون من الخوارج الذين يبالغون في تكفير المسلمين بسبب ارتكابهم لبعض الذنوب والمعاصي، وإن كان بحثنا ليس في الذنب والمعصية وإنما هو في الكفر))اهـ.
1) الإمام ناصر الدين وصف قول: ((لئن قدر الله عليَّ)) بـ((وهذا هو الكفر، هذا كفر، إنه كفر، بل وكفره، وإنما هو في الكفر)). فعلى هذا يكون الكفر -عند الإمام ناصر الدين- بالقول كما بيَّنتُ ذلك –بفضل الله تعالى- داخل الكتاب.
2) هذا الرجل الذي كفر غفر الله له، لماذا؟. لأنَّ كفره لم يكن مقصودًا في القلب، وإنَّما بسبب خوفه مِنْ ربِّه تبارك وتعالى أعمى عليه عقيدته الصحيحة فقال كلمة الكفر.
3) هذا الحديث من الأدلة عند –الإمام ناصر الدين- على حقيقة: ((ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفرُ عليه)).
4) في الحكم بالكفر على المعيَّن –مثل حال هذا الرجل- يفرِّق الإمام ناصر الدين بين الكفر المقصود قلبًا والكفر الذي لم يقصد قلبًا، وإنَّما قالبًا وفعلًا وذلك مراعاة لوجود المانع من تكفيره.
ب) ماذا قال أبو بصير في كلام الإمام ناصر الدين هذا؟.
أنقل قوله وأتعقَّبه -إنْ شاء الله- وجهًا وجهًا:
قال أبو بصير –هداني الله وإيَّاه- في (ص49-51): ((التعليل أن الرجل قد غفر له لأن كفره لم يكن معقودًا أو مقصودًا في القلب، هو من غرائب جهمية العصر وشذوذاتهم التي تفردوا بها دون سائر علماء الأمة، وهو كلام باطل وذلك من أوجه:
منها، أن الرجل كان قاصدًا ومريدًا لما حصل له، وقد بلغ به الأمر أن استوثق من أولاده وأخذ عليهم عهدًا على أن يفعلوا به ما وصاهم به، وإذا لم يكن هذا هو عين القصد فماذا يكون...؟!)) اهـ.
1) الإمام ناصر الدين ذكر أنَّ سبب المغفرة هو الخوف من الله تعالى، ثمَّ علل أنَّ وجود الخوف جعل كفره غير مقصود بقلبه؛ لأنَّ الخشية والخوف هما من عمل القلب ويتبعان قول القلب، ووجود قول القلب وعمله ينتفي بهما كفر القلب، أي: كفر الباطن، وتكفير المعيَّن– كما في بحثنا- ليس حكمًا على ظاهره فقط، وإنَّما هو حكم على ظاهره وباطنه، بحيث لا يصح لنا أن نحكم عليه بالكفر مع احتمال أن يكون غير كافر على الحقيقة، وليس هذا من جهة أنَّنا قد نخطئ في اجتهادنا في تكفيره، وإنَّما من جهة احتمال إمكان أن يكون مؤمنًا في الباطن مع الحكم عليه بالكفر في الظاهر كما سيأتي –إن شاء الله- من قول أبي بصير نفسه في الفقرة (5) من الفقرة (د).
ووجود الخشية والخوف من الله تبارك وتعالى سبب في دفع أن يكون قوله الكفري عقد عليه قلبه، بل أراد به وقصد به الهروب من عذاب الله عزَّ وجلَّ، وذلك من قوله: ((ليعذبني عذابًا شديدًا)).
2) وحالة هذا الرجل تدخل في فقه حديث الحجاج بن علاط رضي الله عنه:
قال الإمام ابن القيم في (إعلام الموقعين) (4/322دار الفكر): ((وسأله ﷺ الحجاجُ بن علاط، فقال: إن لي بمكة مالًا، وإن لي بها أهلًا، وإني أريد أن آتيهم، أنا في حِلٍّ إن أنا نِلتُ منك أو قلت شيئًا؟. فأذِنَ له رسول الله ﷺ أن يقول ما شاء، ذكره أحمد.
وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائله معناه؛ إما لعدم قصده له، أو لعدم علمه به، أو أنه أراد به غير معناه؛ لم يلزمه ما لم يرده بكلامه، وهذا هو دين الله عزَّ وجلَّ الذي أرسل به رسوله، ولهذا لم يلزم المكرَه على التكلم بالكفر الكفر، ولم يلزم زائل العقل بجنون أو نوم أو سكر ما تكلم به، ولم يلزم الحجاج بن عِلاط حكم ما تكلم به؛ لأنه أراد به غير معناه، ولم يعقد قلبه عليه، وقد قال تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ﴾[المائدة:89]، وفي الآية الأخرى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾[البقرة:225]، فالأحكام في الدنيا والآخرة مُرتبة على ما كسبه القلب، وعقد عليه، وأراده من معنى كلامه))اهـ.
وهذا الرجل لم يُرِدْ معنى قوله: ((لئن قدر الله عليَّ) ولم يعقد قلبه على معنى قوله؛ فلم يؤاخذه الله عزَّ وجلَّ على كفره؛ لأنَّ الأحكام في الدنيا والآخرة مرتبة على ما كسبه القلب، وعقد عليه.
قال الإمام ابن تيمية في (الإيمان) (ص143): ((لا ريب أن الشارع لا يقضي بكفر من معه الإيمان بقلبه))اهـ.
فليتأمَّل أبو بصير: ((... بكفر من معه الإيمان بقلبه)).
قول الإمام ناصر الدين: ((إنه كفرٌ لم يكن مقصودًا في القلب لم يكن معقودًا في القلب)) هو ردٌّ على المرجئة بأنواعها في ارتباط الظاهر بالباطن، وفي حقيقة الإيمان، وفي حقيقة الكفر، فالقول كفريٌّ ظاهر يلزم منه كفر الباطن بخلاف المرجئة فضلًا عن الجهمية ولم يقل بكفره هنا لمانع يُعْذَر به، وبه ثبت عدم قصده الكفر وليس لجواز أن يكون كفرًا بواحًا في الظاهر وصاحبه مؤمن في الباطن.
3) قول أبي بصير: ((أن الرجل كان قاصدًا ومريدًا لما حصل له...)).
ما صنعه الرجل على قسمَيْن: قسم قوله الكفري: ((لئن قدر الله عليَّ)) والقسم الآخر طلبه من أولاده وأخذه منهم مَوْثِقًا أن يحرقوه ويذروه بعد موته.
والذي فهمتُه من قول أبي بصير: ((... لما حصل...)) هو في القسم الآخر.
والإمام ناصر الدين يُفرِّق بين القسمَيْن في الاسم في قوله الذي سمعه أبو بصير ونقلهِ: ((لأن هذا الرجل حينما قال هذه الكلمة وحينما أوصى بتلك الوصية إنها كفر وإنها ضلال)).
فقوله: ((حينما قال هذه الكلمة)) أي: قوله: ((لئن قدر الله عليَّ)).
وقوله: ((وحينما أوصى بتلك الوصية)) أي: طلبه من أولاده وأخذه منهم مَوْثِقًا أن يحرقوه ويذروه بعد موته.
فسمَّى (الكلمة) بـ: ((إنها كفر))، والوصية بـ: ((إنها ضلال)).
والإمام ناصر الدين حصر عدم القصد في الكلمة وليس في الوصية.
ج) قال أبو بصير في (ص50): ((ومنها، أن العلماء قد نصوا أن الرجل عذر لجهله بما يستحقه الله سبحانه من الصفات، وليس بسبب عدم قصده الكفر!))اهـ.
أبو بصير عَلَّل مغفرة الله تعالى للرجل بعذر الجهل بما يستحقه الله سبحانه من الصفات متبعًا من ذكر من العلماء، وقول أبي بصير هنا في القسم الأول أي: الكلمة.
فالجهل عند أبي بصير مانع من القول بكفر هذا الرجل.
وهنا أسأل هل عذر الجهل مرتبط بقصد القلب؟.
إذا أجاب أبو بصير بـ: ((الجهل غير مرتبط بقصد القلب))؛ فيكون هذا الرجل –عند أبي بصير- مع جهله بما يستحقه الله سبحانه من الصفات، فقد كان بقوله: ((لئن قدر الله عليَّ)) يقصد الكفر بقلبه.
وإذا وافق أبو بصير على هذا؛ فكيف لم يؤاخِذ الله تعالى من قصد الكفر بقلبه؟.
ثمَّ إنَّ تعليل مغفرة الله عزَّ وجلَّ للرجل لجهله فيه نظر:
1) ففي حديث أبي هريرة عند البخاري (3481): ((قال الله تعالى: ما حَمَلَك على ما صنَعتَ؟. قال: يا رب، خشيتك؛ فغفر له)).
2) وفي حديث حذيفة عند البخاري (3479): ((فَجَمعه الله فقال: لم فعلتَ؟. قال: خشيتك، فغفر له)) بدون: ((فو الله لئن قدَرَ الله عليَّ)).
3) وفي حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (3478): ((فجمعه الله عزَّ وجلَّ فقال: ما حملَكَ؟. قال: مخافتُك، فتلقَّاه برحمته)) بدون: ((فو الله لئن قدر الله عليَّ...)).
4) وقد حكم الإمام ابن تيمية في (الفتاوى) (12/491) لهذا الحديث بالتواتر.
فالحديث علَّق المغفرة بقوله: ((خشيتك، مخافتك)) ولم يأت في شيء من طرقه: ((لم فعلتَ؟. لجهلي. فغفر له)).
5) قال الإمام ابن تيمية في (الاستقامة) (2/183): ((... فغفر الله بتلك الخشية))اهـ.
والخشية والخوف من عمل القلب ينفيان قصد الكفر بالقلب، لذلك قال الإمام ناصر –وأبو بصير سمعه ونقله-: ((إنه كفرٌ لم يكن مقصودًا في القلب، لم يكن معقودًا في القلب، وإنما من خوفه من ربه تبارك وتعالى...)).
فالرجل قصد القول وما حصل له أي: وجدت الإرادة الجازمة التي يتحقَّق بها الفعل، ولكنَّ الباعث على قوله وما حصل له أي: نِيَّتُه، أي: قصدُ قلبه الذي هو مناط المدح والذم والثواب والعقاب، هل نوى بقوله وما حصل له الكفر أم الخوف والخشية من الله عزَّ وجلَّ إذا بعثه بعد موته –وهو لم يعمل خيرًا قط- أن يعاقبه على ذنوبه؟.
فهل أبو بصير يفرّق –في مثل قول هذا الرجل- بين القصد الذي هو مجرد القصد إلى الفعل أو القول والذي هو الإرادة الجازمة التي يتحقَّق معها الفعل أو القول ولا بُدَّ، إذا اقترنت بها القدرة التامَّة، والقصد بالفعل أو القول وهو الباعث على الفعل أو القول والنيَّة به؟.
إذا كان يفرِّق فليعد فهمه لكلام الإمام ناصر الدين، وإذا كان لا يفرِّق بين القصد إلى القول أو الفعل والقصد بالقول أو بالفعل؛ فيلزم أبو بصير بالقول بالتلازم المطلق بين الظاهر والباطن أي: أنَّ الظاهر حاكم على الباطن حيث لا فرق بين القصد إلى القول أو الفعل وهذا ظاهر، والقصد بالقول أو بالفعل وهذا باطن، وعلى هذا إذا تلبَّس المعيَّن بأيِّ عمل من أعمال الكفر محتمل وغير محتمل؛ فلا بدَّ أن يكون –عند أبي بصير- كافرًا في الباطن دون نظر إلى تحقٌّق شروط أو انتفاء موانع، وذلك لأنَّ الموانع من جهل، أو خطإٍ، أو تأويل خطإٍ، أو إكراه يعذر بها لأنَّها تنفي عن فاعل الكفر أو قائله قصد الكفر بقلبه؛ وذلك لأنَّ التكفير ليس حكمًا على الظاهر فقط، وإنَّما هو حكم على الظاهر والباطن كما سبق.
لذلك إذا تلبَّس المعيَّن بقول أو فعل مُكَفِّر، ولم يمنع من إلحاق الكفر به مانع شرعي؛ فيكون قصد الكفر بقلبه وانشرح به صدره.
د) قال أبو بصير في (ص50): ((ومنها أن انتفاء اعتقاد الكفر في القلب، لا يعتبر مانعًا من موانع التكفير إلا عند جهم ومن تابعه على اعتقاده، الذي حصر الإيمان في الاعتقاد القلبي فكان لازمًا له أن يحصر الكفر في الاعتقاد القلبي!!))اهـ.
1) الإمام ناصر الدين –رحمه الله- لم يحصر الإيمان في الاعتقاد القلبي كما بيَّنتُه –بفضل الله عزَّ وجلَّ- داخل الكتاب؛ فيكون لازمًا عنده ألاَّ يحصر الكفر في الكفر الاعتقادي.
2) الإمام ناصر الدين –رحمه الله- لم يشترط في شروط الحكم بالتكفير قصد الكفر بالقلب وانشراح الصدر به، وإنَّما هو يحكم بما يظهر له بعد ثبوت الشروط وانتفاء الموانع.
3) الإمام ناصر الدين –رحمه الله- حين يقول بقصد الكفر إنَّما لنتحقَّق من ثبوت شروط التكفير وانتفاء الموانع في حقِّ المُعَيَّن –كما في بحثنا هنا- فالرجل عند الإمام ناصر الدين قال قولًا كفريًّا ولم يؤاخذه الله سبحانه وتعالى به، فلا بدَّ أن يكون قام في الرجل مانع منع مِنْ وقوع حكم الكفر عليه، هذا المانع-مهما كان- به يكون الرجل لم يقصد الكفر بقلبه؛ لأنَّ الشارع لا يقضي بكفر مَنْ معه إيمان في قلبه، ومَنْ قصد الكفر بقلبه لم يبق في قلبه إيمان.
4) ولذلك قال الإمام ناصر الدين –وسمعه أبو بصير ونقله-: ((لكننا نقول ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه))اهـ.
وهذه قاعدة سلفية أطلقت لاحتمال وجود مانع يمنع مِنْ تكفير المعيَّن، أي: إذا عمل المعيَّن عملًا كفريًّا ولكن وُجد المانع الشرعي من الحكم عليه بالكفر؛ فإنَّه لا يكفُر إلا إذا صاحبه قصد الكفر، - وفي بحثنا- الرجل وقع في الكفر ولم يقع الكفر عليه فلا بُدَّ أن يكون لم يقصد الكفر بقلبه ولم يعقد عليه.
5) قال أبو بصير في (قواعد في التكفير) (ص94): ((تنبيه: قولنا بتطابق الظاهر للباطن ليس على إطلاقه، لاحتمال وجود موانع التكفير، وانتفاء شروطه عند من يأتي بالكفر، ومثل هذا لا يجوز تكفيره أو الإشارة إلى باطنه بأنه كافر. أما عند انتفاء الموانع وتوفر الشروط فمن يكفر ظاهرًا فهو كافرٌ باطنًا، وفي هذه الحالة الظاهر والباطن لا يكذبان بعضهما البعض..))اهـ.
من قول أبي بصير هذا أفهم:
أ) لا يجوز تكفير المعيَّن أو الإشارة إلى باطنه بأنَّه كافر، لماذا؟.
ب) لاحتمال وجود موانع التكفير وانتفاء شروطه.
ج) أمَّا عند انتفاء الموانع وتوفُّر الشروط؛ فمَنْ يكفر ظاهرًا فهو كافر باطنًا.
د) وفي بحثنا: الرجل أتى بالكفر، فماذا يكون حاله؟.
هـ) لا يجوز تكفيره أو الإشارة إلى باطنه بأنَّه كافر، لماذا؟.
و) لاحتمال وجود موانع التكفير وانتفاء شروطه.
ز) والرجل –قطعًا- لا يجوز تكفيره أو الإشارة إلى باطنه بأنَّه كافر.
ح) فما الذي منع من الحكم على باطنه بالكفر؟.
ط) منع من الحكم على باطنه بالكفر وجود المانع.
ي) فهل يكون هذا الرجل قصد الكفر بقلبه وعقد عليه؟.
ك) لا بُدَّ أن يقول أبو بصير: هذا الرجل لم يقصد الكفر بقلبه ويعقد عليه، وإلاَّ سينقض كُلَّ قوله هذا، كيف؟.
ل) الرجل أتى بالكفر الظاهر وقصد هذا الكفر بقلبه وعقد عليه؛ فتكون هذه الحالة تطابق الظاهر للباطن، ولا يكذِّب أحدهما الآخر، ومع هذا أبو بصير يقول: ((لا يجوز تكفيره أو الإشارة إلى باطنه بأنه كافر)).
م) وإذا عاد أبو بصير وقال: ((منع من الحكم على باطنه بالكفر وجود المانع))؛ فيكون باطن هذا الرجل مؤمنًا غير كافر؛ لأنَّ الإيمان والكفر لا يجتمعان في القلب، وقلبه لم يحكم عليه بوجود الكفر فيه فيكون فيه الإيمان.
وبما أنَّ قلبه غير كافر فهو لم يقصد الكفر بقلبه ولم يعقد عليه.
ن) إذا سلَّم أبو بصير بهذا كلِّه فهل سيعود عليه قوله: ((إن انتفاء الكفر في القلب... إلا عند جهم ومن تابعه على اعتقاده...))؟.
هـ) قال أبو بصير في (ص50): ((ومنها؛ أن رغم إصرار هذا الرجل على ما فعل، وتصريحه بلسانه عما يعتقد في الله من جحود لصفاته، فإن ذلك كله لا يعتبر دليلًا –عند الشيخ- على قصد الكفر في القلب...))اهـ.
1) أبو بصير قبلُ قال: ((أن الرجل عُذِرَ لجهله بما يستحقه الله سبحانه من الصفات)) وهنا يقول: ((وتصريحه بلسانه عما يعتقد في الله من جحود لصفاته)).
2) إذا وافق أبو بصير على أنَّ الجهل هو نقيض العلم، وأنَّ الجحد هو الإنكار مع العلم؛ فهل يصح وصفه هذا الرجل بـ: ((لجهله بما يستحق الله سبحانه من الصفات)) وبـ: ((عما يعتقد في الله من جحود صفاته))؟.
فهل جهل الشيء وجحده يجتمعان في وقت واحد في شخص واحد؟.
3) أبو بصير ذكر أكثر من مرة: ((... الصفات... لصفات الله... لصفاته)).
أ) هل الرجل ذكر صفات الله عزَّ وجلَّ أم هو ذكر صفة القدرة فقط؟. فقد قال: ((فو الله لئن قدر الله عليَّ...)).
ب) وعند التأمُّل يظهر –والله أعلم- وعلى رأي مَنْ يقول بجهله أنَّ الرجل يعتقد صفة القدرة لله عزَّ وجلَّ، وإنَّما يجهل قدرة الله عزَّ وجلَّ في إعادة ابن آدم بعد ما أحرق وذري فقط.
ج) من قول أبي بصير: ((... على قصد الكفر في القلب)) يكون نقض قوله السابق: ((وفي هذه الحالة الظاهر والباطن لا يكذبان بعضهما البعض)).
فهذا الرجل أتى بالكفر القوليِّ الظاهر وهو قاصد هذا الكفر بقلبه؛ فتطابق الظاهر بالباطن في الكفر المخرج، ومع هذا أبو بصير لا يكفِّر هذا الرجل.
د) على أبي بصير أن يراجع فهمه ولا يخلط، -وملاحظاته مليئة جدًّا بهذا الخلط- بين كلام جهم في الإيمان وحقيقته عنده، وكلام الإمام ناصر الدين في تكفير المسلم المعيَّن الذي وقع في قول أو فعل كفريِّ مخرج من الملة، وأنَّه لا يجوز تكفيره أو الإشارة إلى باطنه بأنَّه كافر إلا بعد ثبوت شروط التكفير وانتفاء موانعه، وهذه الموانع ترجع إلى عدم قصد الكفر بالقلب وليس قصد الكفر بالقلب من شروط التكفير، وإنَّما هو حكم وليس قيدًا للحكم، قد جاء في (الوجه الثاني) من الشريط الثاني من شرائط (رحلة النور): ((إذا كان ظاهر العمل الكفري هو برهان على معتقده، لا يُسْأَل تعتقد هذا أو لا تعتقد؟. إنَّما نفهمه أنَّ هذا كفر؛ فيستتاب بعد ذلك، فإن تاب، وإلَّا قتل كفرًا، ولا يدفن في مقابر المسلمين))اهـ. مجملًا من الإمام.
فالمعيَّن الذي أتى بالكفر المخرج بدون عذر شرعي هو كافر لا يتوقَّف الإمام ناصر الدين في تكفيره حتى يعرف ما في صدره أمعتقد هو أم لا؟. وإنَّما يفهمه أنَّ ما أتى به هو الكفر المخرج، فانشراح الصدر بالكفر ليس قيدًا أو شرطًا في التكفير.
قال الإمام ناصر الدين في (الوجه الثاني) من الشريط رقم (671) من سلسلة الهدى والنور: ((فنحن يجب أن نلاحظ هذا الذي نريد أن نصدر الحكم بالكفر عليه لعلَّه معذور فنحاول إذن قبل إصدار هذا الحكم أن نلتمس لكفره عذرًا لا لنقره على كفره وإنَّما ننقذ أنفسنا من تكفيره أظنُّ فيه فرق بين الأمرين)) اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-15-2010, 01:19 AM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
افتراضي

للرفع رفع الله قدركم
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:29 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.