أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
45435 151323

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر اللغة والأدب و الشعر - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 12-26-2011, 11:31 AM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

وقال من كتاب : المرجانة في مخاطبة الملوك
باب :اتخاذ الإخوان وما يجب لهم
أخَاكَ أَخَاكَ إنّ مَن لا أخاً له ... كَساعٍ إلى الهَيْجَا بغَيْر سِلاح
وإنّ ابن عَمّ المَرْء فاعْلَم جَناحُه ... وهل يًنْهض البازِي بغَيْر جَنَاح
ومما يَجب للصدًيق على الصَّديق النصيحةُ جَهْده. فقد قالوا: صدِيق الرجل مِرْآته تُريه حَسناتِه وسيّآته.
وقالوا الصَّدِيق من صَدَقك وُدّه، وبَذَل لك رِفْدَه.

" وقالوا: أربعة لا تعرَف إلاّ عِنْد أربعة: لا يُعرف الشجاع إلا عند الحَرْب، ولا الحَلِيم إلا عند الغَضب، ولا الأمين إلا عند الأخذ والعَطاء،
ولا الإخوانُ إلا عَند النَّوائب " .
وقالوا:
خير الإخوان مَن أقبل عليك إذا أدبر الزمان عنك.

أنشد محمدُ بن يزيد المبرِّد لعبد الصَّمد بن المُعذَّل في الحَسْن بن إبراهيم.
يا من فَدَت نَفْسَه نَفْسي ومن جُعُلت ... له وِقَاءً لِمَا يخشى وأَخْشاهُ
أبْلِغ أخاكَ وان شَط المَزَار به ... أنِّي وإنْ كُنتُ لا ألقاه ألقاه
وأنّ طَرْفيَ مَوْصول برؤيته ... وإنْ تَباعد عن مَثْواي مَثْواه
اللّه يعْلَم أنّي لستُ أذْكُره ... وكيف يَذكره مَن ليس يَنْساه
جدوًا فهل حَسَنٌ لم يَحْوِه حَسَن ... وهَلْ فتَى عَدَلت جَدْواه جَدْوَاه
فالدهر يَفْنى ولا تَفْنى مَكارمه ... والقَطْر يُحْمىَ ولا تُحْصىَ عَطَايَاه


__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 01-02-2012, 08:11 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

(( روى أبو بكر الأنصاري في «مشيخته الكُبرى» (164) , وابنُ قُتيبة في «عُيون الأخبار» (3/4) , والنَّهْروَانيُّ في «الجليس الصالح» ( 2/283-284) مِن طُرُقٍ عن سفيان بن عُيَيْنةَ , عن عبدالملك بن أبْجَر, قال:
قال علقمةُ بن لَبيد لابنهِ:
«يا بُنَيّ ؛ إن نازَعَتْكَ نفسُك إلى صُحْبةِ ( الرجال) ؛ فاصْحَبْ مَن:

1- إذا صَحِبْتَهُ زانَك.
2- وإن خَدَمْتَه صانك.
3- وإن مرَّت بك بليّةٌ مانك [أَيْ : قام بكفايتك].
4- اِصْحَبْ مَن إنْ قلتَ صدَّق قولَك .
5- وإن أصَبْتَ سدَّد صوابَك.
6- اِصْحَبْ مَن إن رأى منك ثُلْمَةً سدَّها.
7- وإن بَدَت منك نعمةٌ عَدَّها .
8- وإن مُدَّت يَدٌ إليك بفضلٍ مَدَّها .
9- اِصْحَب من لا تختلفُ عليك منه الطرائقُ».

قال عبد الملك بنُ أَبجَرُ:
ما أرى أراد هذا الرجلُ من ابنهِ إلاّ أن لا يصحبَ أحداً –أبداً-!
فقال سفيان- المتوفى سنة (198هـ) - : لا ؛ ولكنه أدرك الناسَ معهم هذه الأخلاقُ, ولم يَدْر ما تُحْدِثون من (
النذالة)!! )) من هنـا
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 01-07-2012, 09:41 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

قال أبو المتيَّم الرَّقي: قلتُ لابن المولَّه: مَن أُخلصُ إليه، وأشتملُ بِسرِّي وعلانيتي عليه؟
قال: مَن إذا لم يكنْ لنفسك كان لكَ، وإذا كنتَ لنفسك؛ كان معك، يجلو صدأ جهلِك بعِلمِه، ويحسمُ مادَّة غيِّكَ برُشده، ويَنفي عنك غِشَّ صدركَ بنُصحِه، اصحَبْ مَن إن قلتَ صدقك، وإن سكتَّ عذرك، وإن بذلتَ شكرك، وإن منعتَ سلم لك.
قلتُ: يا سيدي! مَن لي بِمَن هذا نعتُه؟
قال: كُن أنتَ ذاك؛ تجدك على ذاك، ويجدكَ مثلك على ذاك، كأنَّك إنما تحب أن يكون غيرُك لك، ولا تحبُّ أن تكون أنت لغيرك.

وقيل لبُرهان الصُّوفي: مَن الصَّديق؟
قال: يا هذا؛ مَن بِضعُ نصفِه معدومٌ عليكَ؛ فاطلبْ مَن يسعك بخُلُقه، ويؤنسكَ بنفسه، ويُواسيكَ مِن قليله، إن رضيَ عنكَ لم يُغلظكَ، وإن سخطَ عليكَ لم يمقتكَ، يُبدي لك خيرَه لتقتديَ به، ويُواري عنكَ شرَّه لئلا تستوحشَ منه، فأمَّا مَن تكونُ مثالَ نفسِه في كل حالٍ تلوَّن به الدَّهر، وهمَّ صدره في كلِّ أمر، يُقلِّب به الليل والنَّهار، يقدِّم حظَّك على حظِّه، ولا يسارق النَّظر بلحظه، ولا يُغلظ القولَ بلفظِه، ولا يتغيَّر لكَ في غَيبِه، ولا يَحولُ عمَّا عهدتَه في شهادتِه، يُعانقُ مصلحتَك بالاهتِمام، ويُثبت قدمَك عند الإقدام والإحجام، فذاك شيءٌ قد سدَّ النَّاسُ دونه كلَّ بابٍ، وقصَّر الطمعُ فيه عن كلِّ قاب، فليس له شبحٌ إلا الوهم، ولا خيال إلا التمنِّي! والسلام.

الصداقة والصديق (232-233).
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 02-21-2012, 04:51 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

ومن الوفاء : أن لا يتغير حاله في التواصل مع أخيه وإن ارتفع شأنه واتسعت ولايته وعظم جاهه ، والترفع على الإخوان بما يتجدد من الأحوال لؤم ، قال الشاعر :
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا ... من كان يألفهم بالمنزل الخشن
واعلم أنه ليس من الوفاء موافقة الأخ فيما يخالف الحق في أمر يتعلق بالدين بل من الوفاء له المخالفة والنصح لله .
ومن آثار الصدق والإخلاص وتمام الوفاء أن تكون شديد الجزع من المفارقة ، نفور الطبع عن أسبابها كما قيل :
وجدت مصيبات الزمان جميعها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وأنشد «ابن عيينة» هذا البيت وقال : «
لقد عهدت أقواما فارقتهم منذ ثلاثين سنة ما يخيل إلي أن حسرتهم ذهبت من قلبي» .

موعظة المؤمنين
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 02-21-2012, 05:54 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

في اتخاذِ صديقٍ حميمٍ لذةٌ روحية جليلة ...يدركها من يَسَّر الله له مودةً مع عبد من ذوي الأخلاق النبيلة، ومن ذوي الآداب العالية ومشاكلة بينهما متدانية ... ولا منشأ لهذه اللذة الروحية إلا الشعور بما بينه وبين ذلك العبد النبيل الخلوق التقي ..من صداقة ومشاكلة وحب نقي .

وصديق الفضيلة هو الذي يجد في لقاء صديقه ارتياحاً وابتهاجاً، ويعد الوقت الذي يقضيه في الأنس به من أطيب الأوقات التي لا تسمح بها الأيام إلا قليلاً.

كنت إذا الشدائد أرهقتني ... يقوم لها وأقعد أو أقوم
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 03-17-2012, 11:28 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

كتب البهاء زهير إلى الصاحب كمال الدين ابن العديم:
ويا رُب داعٍ قد دعاني لحاجةٍ /// فعلتُ له فوق الذي كان أمَّلا
سبقتُ صداهُ باهتمامي بكلِّ ما /// أراد ولم أحوِجهُ أن يتمهَّـلا
وأوسعتُـه لما أتاني بشاشـةً /// ولُطفًا وترحيبًا وخُلقًا ومنـزلا
بسطتُ له وجهًا حبيبًا ومَنطِقًا /// وفِيًّا ومعروفًا هنيًّـا مُعجَّـلا
وراح يرانـي مُنعِمًا مُتفضِّـلًا /// ورُحتُ أراهُ المنعـمَ المتفضِّلا
"تذكرة ابن العديم" (31).
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 03-24-2012, 04:28 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي



الذب عن الإخوان


ومنها القيام بأعذارهم، والذب عنهم، والانتصاب له، كما قال الجنيد رحمه الله، وقيل له: (ما بال أصحابك أكلهم كثير؟ قال: لأنهم لا يشربون الخمر، فيكون جوعهم أكثر؛ وقيل له: ما بالهم لهم قوة شهوةٍ؟ قال: لأنهم لا يزنون، ولا يدخلون تحت محظورٍ؛ قيل: فما بالهم لا يطربون إذا سمعوا القرآن؟ قال: لأنه كلام الحق، ما فيه ما يوجب الطرب، نزل بأمر ونهيٍ، ووعدٍ ووعيدٍ، فهو يقهر؛ قيل: فما بالهم يطربون عند القصائد؟ قال: لأنها مما عملت أيديهم؛ قيل: فما بالهم يطربون عند الرباعيات؟ قال: لأنها كلام المحبين ؛ قيل: فما بالهم محرومين من الناس؟ قال: قد قال أستاذنا القصار، إذ سئل عن ذلك: لخلال ثلاث، أحدها: أن الله لا يرضى ما لهم لهم، والثانية: أنه تعالى لم يرض حسناتهم بصحائف الناس، والثالثة: أنهم قومٌ لم يسيروا إلا إلى الله، فمنحهم كل ما سواه، وأفردهم له).

آداب العِشرة
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 03-24-2012, 04:47 PM
أم الحارث التونسية أم الحارث التونسية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 253
افتراضي

يقول بن حزم في طوق الحمامة:

ومن الأسباب المتمناة في الحب أن يهب الله عز وجل للإنسان صديقاً مخلصاً، لطيف القول، بسيط الطول. حسن المآخذ دقيق المنفذ. متمكن البيان، مرهف اللسان، جليل الحلم، واسع العلم، قليل المخالفة، عظيم المساعفة شديد الاحتمال صابراً على الإدلال، جم الموافقة، جميل المخالفة، مستوى المطابقة، محمود الخلائق، مكفوف البوائق، محتوم المساعدة، كارهاً للمباعدة، نبيل المدخل، مصروف الغوائل، غامض المعاني عارفاً لا لأماني، طيب الأخلاق، سري الأعراق، مكتوم السر، كثير البر، صحيح الأمانة، مأمون الخيانة، كريم النفس، نافذ الحس، صحيح الحدس، مضمون العون، كامل الصون، مشهورالوفاء، ظاهر الغناء، ثابت القريحة، مبذول النصيحة، مستيقن الوداد، سهل الانقياد، حسن الاعتقاد، صادق اللهجة، خفيف المهجة، عفيف الطباع، رحب الذراع، واسع الصدر، متخلقاً بالصبر، يألف الإمحاض، ولا يعرف الإعراض، يستريح إليه بلابله، ويشاركه في خلوة فقره، ويفاوضه في مكتوماته، وإن فيه للحب لأعظم الراحات، وأين هذا، فإن ظفرت به يداك فشدهما عليه شد الضنين، وأمسك بهما إمساك البخيل، وصنه بطارفك وتالدك، فمعه يكمل الأنس، وتنجلي الأحزان، ويقصر الزمان، وتطيب الأحوال.

قلت إن كان بن حزم خص هذه الصفات لامر معين وهي إعانة المحبين على الوصال فاننا نستطيع أن نعممها وأن نتخذها معيارا للاخ والصديق في كل مجال وفي أي حال .
__________________
أم الحارث
[COLOR="Blue"][SIZE="5"](( اعلم -بارك الله فيك- أن الذي يُسقط والذي يَرفع ويَخفض: هو الله )) [الشيخ محمد الإمام][/SIZE][/COLOR]
[SIZE="5"][B]
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: من الآداب العالية والخصال الحميدة أنه عندما تجد الإنسان منكسر القلب إما لفوات محبوب أو غير ذلك فينبغي أن تدخل عليه الفرح والسرور وتهون عليه المصيبة بتذكيره بما هو أعظم ، فإذا تلف له مال تقول إن من الناس من تلفت لهم أموالهم كلها ، وإذا أصيب بمرض في عينه تقول إن بعض الناس قد يصاب بالعمى حتى تخفف عليه الأمور ومن ذلك تعزية المصاب.(التعليق على القواعد الحسان - ص161)[/B][/SIZE]
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 03-25-2012, 12:45 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

[قصة أنقلها استئناسًا، وفيها عبرة -والعهدة على الراوي-]

في إحدى المحاضرات وصلت ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح
تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة ... مكتوب بها:
فضيلة الشيخ: هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان .. أثابك الله ؟؟
كانت صيغة السؤال غير واضحة، والخط غير جيد...
سألت صديقي: ماذا يقصد بهذا السؤال؟
وضعتها جانباً، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ...
ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي ...
أذن المؤذن لصلاة العشاء ...
توقفت المحاضرة، وبعد الأذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين
طريقة تغسيل وتكفين الميت عملياً .....
وبعدها قمنا لأداء صلاة العشاء ....
وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ
ومنحته تلك الورقة التي قررت أن أستبعدها
ظننت أن المحاضرة قد انتهت ....
وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة ....
عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون ....
ومضى السؤال الأول والثاني والثالث ..
هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال ....
قلت: لن يجيب فالسؤال غير واضح ....
لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث:
جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين
ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ،
شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه
أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع .....
وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر ...
ولسانه لا يتوقف عن قول: إنا لله وإنا إليه راجعون ، لا حول ولا قوة إلا بالله ...
هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً ....
بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب ..
إن الله أرحم بأخيك منك، وعليك بالصبر
التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي
ألجمتني المفاجأة، مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب
نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز عليّ من أخي ...
سكت ورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه ..
إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة
المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم
كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم
نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً ....
التحقنا بعمل واحد ...
تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين ..
رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن ...
عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا
وتنتهي الأحزان عندما نلتقي ...
اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة ...
نذهب سوياً ونعود سوياً ...
واليوم ...
توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء ...
يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا ؟؟ .....
خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا . لا يوجد مثلكما ...
أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله ...
انتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله ....
لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء
حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة ...
راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه ...
أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه ...
وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة ...
أما الشاب فقد أحاط به أقاربه ...
فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً ...
وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه ..
سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو ...
انصرف الجميع ..
عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلا الله
وتقف عندهالكلمات عاجزة عن التعبير ...
وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت أتأملها ،
الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته ...
نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه ...
تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً ..
يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه ....
يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده ،
بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء ....
انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه ..
رددت بصوت مرتفع : كيف مات ؟
عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام
وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته
وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه
رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ،
وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون ...إنا لله وإنا إليه راجعون ،
اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ،
يوم أن ينادي الجبار عز وجل :
أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ...
قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه ...
توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة ...
لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً ..
قلت في نفسي: مستحيل .. منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل...
أنزلناه في القبر الفارغ ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد،
يا لها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً
وجمعت القبور بينهما أمواتاً ...
خرجت من القبر ووقفت أدعو لهما:
اللهم اغفر لهما وأرحمهما
اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين
في مقعد صدق عند مليك مقتدر
ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما ..
انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول
وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله ، سبحان الله
وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة
والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها ..
وأخذت أدعو لهما بالرحمة والمغفرة

قصة ذكرها الشيخ عباس بتاوي ( مغسّل الأموات )

نقلًا من هنـا

البعض يتساءل: هل يُوجَد مثل هذا الصديق؟!
فأقول: فليفتش كلٌّ منا في نفسه قبل غيره!
فإن عرف الجواب؛ وإلا: فليسعَ ليكون هو!
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 03-25-2012, 12:08 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

هذا مثال حيٌّ للأخوة الصادقة
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:15 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.