أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
10078 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر الفقه وأصوله > منبر الحج

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 04-13-2009, 05:06 PM
الكلم الطيب الكلم الطيب غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 67
Post أخطاء المرأة في "الحج والعمرة"

بسم الله الرحمن الرحيم

المقـــدمة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

لقد كثرت أخطاء الحجاج والحاجات إلى بيت الله العظيم بسبب بُعد كثير من المسلمين عن تعلّم دينهم وبسبب ضعف إيمانهم عن تطبيق شريعة ربهم، "فدفعني هذا إلى كتابة رسالة أخاطب فيها الأخت المسلمة وأنبهها على مواطن الخطأ في حجها وأحذرها من الاستمرار عليه وأدعوها إلى التمسك بشرع الله وتصحيح السير إليه وإدامة الإنابة والتوبة إليه.

وقد تضمنت الرسالة بعض الأحكام المتعلقة بحج المرأة. فالله أسال أن ينفع بها الإسلام والمسلمين إنه ولي ذلك والقادر عليه،وقد حرصت أني لا أذكر فيها إلا حديثاً ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم"[1].

حجاب المرأة في الحج

اعلمي أختي المسلمة أن خطورة التبرج، والأدلة على وجوب ملازمة الحجاب الشرعي وفضائله وشروطه هو الدليل على وجوب الحجاب الشرعي عموما في الحج وغيره، إذ أن الفتنة حاصلة بتبرج المرأة في الحج وغيره، والحاجة ماسة إلى التوبة والصلاح والعفة والحشمة. والأصل في التشريع العموم لكل مكان وزمان وحال ومآل، فلا يخرج حال أو زمان أو مكان عن هذه القاعدة العظيمة إلا بدليل شرعي يدل على ذلك.

فقضية وجوب الحجاب الشرعي من القضايا الثابتة لأنه من أعظم أنواع الأخلاق والعفة والحشمة، وقضية التبرج من القضايا الثابتة حرمتها لأنها مؤدية إلى الفساد والإفساد في الأمة، وعلى هذا فلا يجوز أن يقال الحجاب الشرعي موكول إلى الناس على حسب عاداتهم وتقاليدهم وأحوالهم، بل هو أمر شرعي ثابت إلى قيام الساعة، لا يغيره زمان أو مكان أو حال أو قانون أو عادة من العادات.

قال القرطبي: فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تبدي زينتها إلا لمن تحل له، أو لمن هي محرمة عليه على التأبيد، فهو آمن أن يتحرك طبعه إليها لوقوع اليأس له منها. تفسير القرطبي (12 / 227).

وإلى جانب الأدلة الدالة على وجوب ملازمة الحجاب الشرعي في كل وقت، جاءت أدلة خاصة بالحج ومنها:

أ – ما روى مالك في "الموطأ" والحاكم في "المستدرك" وغيرهما عن فاطمة بنت المنذر قالت: «كنا نُخمّرُ وُجُوهنا ونحنُ مُحْرماتٌ مع أسماء بنتِ أبي بكر»[2] هذا لفظ مالك، وعند الحاكم عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «كنا نغطي وجوهنا من الرجال وكنّا نمشط قبل ذلك في الإحرام»[3]، وله شاهد من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا إِلَى وَجْهِهَا فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاه»[4].

ب - ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كذلك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «...لا تَنْتقِبُ المرأةُ المحرمُ، ولا تلبسُ القفَّازَيْن». ورواه مالك في الموطأ عن ابن عمر رضي الله عنه موقوفا عليه.

ويستفاد مما سبق مجموعة أحكام:

- المنع من النقاب للمرأة وعلى ذلك جمهورُ علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أجمعين لم يختلفوا في كراهية الانتقاب والتبرقع للمرأة المحرمة إلا ما سبق ذكره عن أسماء بنت أبي بكر و عائشة رضي الله عنهما لكنه محمول على التغطية بغير النقاب.

- وأما القفازان فاختلفوا فيهما فروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما أنه كان يُلبس بناته وهن محرمات القفازين ورخصت فيهما عائشة رضي الله عنها أيضا وهو أحد قولي الشافعي وقد يشبه أن يكون مذهبَ ابن عمر رضي الله عنه لأنه كان يقول "إحرام المرأة في وجهها"، وقال مالك: إن لبست المرأة القفازين افتدت. وللشافعي قولان في ذلك أحدهما: تفتدي، والآخر: لا شيء عليها. قال أبو عمر ابن عبد البر المالكي: الصواب عندي قول من نهى المرأة عن القفازين وأوجب عليها الفدية لثبوته عن النبي صلى الله عليه و سلم. انظر التمهيد - «15 / 107»

قال الألباني: يجوز للمرأة أن تستر وجهها بشيء كالخمار أو الجلباب تلقيه على رأسها وتسدله على وجهها، وإن كان يمس الوجه على الصحيح، ولكنها لا تشده عليها، كما قال ابن تيمية رحمه الله تعالى.[5]

ومن قال من الفقهاء بأن وجه المرأة عورة أكّد على تغطيته في الحج: قال القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي في "عارضة الأحوذي 2/45": قوله في حديث ابن عمر «ولا تنتقب المرأة» وذلك لأن سترها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج فإنها ترخي شيئا من خمارها على وجهها غير لاصق به وتعرض عن الرجال ويعرضون عنها.

- وكذا يجب على المرأة المحرمة تغطية قدميها للأدلة الدالة على وجوب الحجاب عموما، وهي كثيرة ومنها, قوله تعالى: ﴿وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ﴾[النور: 31].

- فائدة: يجوز للمرأة لبس الخفاف والجوارب في حالة الإحرام. وقد صحت الفتوى بجواز هذا عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.

وجوب غض المرأة لبصرها

يجب على المرأة أن تغض بصرها عن الرجال الأجانب قال تعالى: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنّ﴾[النور: 31].

وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقال: «اصرف بصرك»[6].

فما أكثر النساء الغافلات عن الالتزام بهذه الأوامر الشرعية فالمطلوب من المرأة أن تحافظ على قلبها.

قال القرطبي: وبدأ بالغض قبل الفرج لأن البصر رائد للقلب، كما أن الحمّى رائد الموت. وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال:

ألم تر أن العين للقلب رائد *** فما تألف العينان فالقلب آلف.

والبصر هو الباب الأكبر إلى القلب، وأعمر طرق الحواس إليه، وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته، ووجب التحذير منه. وغضه واجب عن جميع المحرمات، وكل ما يخشى الفتنة من أجله، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم والجلوس على الطرقات» فقالوا: يا رسول الله، ما لنا من مجالسنا بدّ نتحدث فيها. فقال: «فإذا أبيتم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه» قالوا: وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال: «غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر»[7]. [تفسير القرطبي 12 / 227».]

تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية

والخلوة أن ينفرد الرجل بالمرأة الأجنبية في مكان خاص دون محرم لها، والخلوة محرمة والأدلة على تحريمها كثيرة منها حديث عقبة بن عامر مرفوعاً إلى رسول الله r: «إياكم والدخول على النساء فقال رجل من الأنصار: أفرأيت الحمو يا رسول الله؟ قال: الحمو الموت»[8] قال الليث بن سعد: الحمو أخو الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج: ابن العم ونحوه. (المنتقى شرح الموطأ 4 / 347)

وذلك كما قال المهلب بن أبي صفرة المالكي [ت 435ﻫ]: "خوفَ الظنون ونزغات الشيطان؛ لأن الحمو قد يكون من غير ذي المحارم، وإنما أباح عليه السلام أن يخلو مع المرأة من كان ذا محرم منها." [شرح ابن بطال على صحيح البخاري «13 / 359»] وعن ابن عباس رضي الله عنه مرفوعاً: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها محرم»[9].

ولا يخفاك أن الخلوة محرمة تحريماً عاماً في الحج وفي غيره.

ونقل علي ابن بطال المالكي [ت 444ﻫ] في (شرحه على صحيح البخاري 13 / 360) قول الطبري: لا يجوز أن يخلو رجل بامرأة ليس لها بمحرم في سفر ولا في حضر...

اشتراط المحرم للمرأة التي تريد الحج أو العمرة

دلت الأدلة المتكاثرة على اشتراط وجود المحرم للمرأة في كل سفر فعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم»[10]. وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهالمتفق عليه مرفوعاً: «.... ولا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم» فلم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم سفراً من الأسفار لا سفر الحج ولا غيره فدل على أن وجود المحرم شرط لا بد منه.

ويشترط في المحرَم أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً عفيفاً.

تنبيه: لا يجوز العقد الصوري على المرأة التي تريد الحج والذي ينتهي بانتهاء أداء الحج، لأن هذا العقد ليس صحيحا أصلا إذ ليس له صلة بالشرع.

حكم مصافحة المرأة الأجنبية

لا يجوز للمرأة أن تصافح غير المحارم من الرجال والأدلة على هذا متكاثرة من أصرحها: لأن يطعن في رأس

ويقول بعض النساء وكذا بعض الرجال ليست نيّتنا خبيثة أثناء المصافحة، فيجابون: ومن أطهر من رسول الله r سريرة؟ ومع ذلك امتنع منها في كل أحواله:

فقد قالت عائشة رضي الله عنها: والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط ما بايعهن إلا بقوله: «قد بايعتك على ذلك»[11].

وفي حديث أميمة بنت رقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني لا أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة»[12]

فيـه -كما قال ابن عبد البر-: دليلٌ على أنه لا يجوز لرجل أن يباشر امرأة لا تحل له ولا يمسها بيده ولا يصافحها... «التمهيد 12 / 243»

مع "أن من حُكم مبايعة الرجال المصافحة فمنع من ذلك في مبايعة النساء لما فيه من مباشرتهن، وليس ذلك بشرط في صحة المبايعة ; لأنها عقد فإنما ينعقد بالقول كسائر العقود ولذلك صحت مبايعة عبد الله بن عمر رضي الله عنه لعبد الملك بن مروان بالمكاتبة دون المصافحة. وقوله صلى الله عليه وسلم «إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة» يريد - والله أعلم - في المعاقدة وإلزام ذلك والتزامه، والله أعلم وأحكم." قاله أبو الوليد الباجي المالكي في المنتقى 7/309]

حكم خروج المرأة متطيبة

لا يجوز للمرأة أن تخرج بين الرجال وهي متطيبة أو متبخرة ولو كان خروجها لأداء العبادة فقد روى مسلم من حديث أبي هريرة مرفوعاً: «أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة».

ويقول صلى الله عليه وسلم: «أيما امرأة تعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية»[13].

قال أبو العباس القرطبي [ت 656 ﻫ] في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: وأما اتخاذها المسك: فمباح لها في بيتها، ويلحق بالمندوب إذا قصدت به حسن التبتل للزوج. وأما إذا خرجت: فإن قصدت أن يجد الرِّجال ريحها ؛ فهي زانية؛ كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعناه: أنها بمنزلة الزانية في الإثم. وأما إذا لم تقصد ذلك: فلا تسلم من الإثم؛ كيف لا وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلاَ تَمَسَّ طِيبًا»[14]، وقال: «ليخرجن وهنَّ تفلات»[15]؛ أي: غير متطيِّبات. وكل ذلك هو شرعنا.]

تنبيه: بعض النساء تخرج من بيتها وقد وضعت على وجهها أنواعاً من المساحيق كالمكياج وغيره، وأعظم من هذا أن ترى بعضهن في المشاعر المقدسة وعليها المكياج وكأنها في غرفة النوم فإنا لله وإنا إليه راجعون، وكذا بعض النساء ربما طَلَت الأظافرَ بطلاء يمنع وصول الماء إلى البشرة فيبطل وضوؤها.

تعاون الرجل مع امرأته لأداء الحج مطلب شرعي

روى البخاري ومسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله: إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج فقال صلى الله عليه وسلم ارجع فحج مع امرأتك».

قال الحطاب المالكي[16] في «مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل 7 / 170»: فيه وجوب الحج على النساء، وإلزام أزواجهن تركهن، وندبهم إلى الخروج معهن وإن ذلك أفضل من خروجه إلى الغزو لأن المعونة على أداء الفريضة مؤكدة وقد تكون فريضة في بعض الوجوه. انتهى.

فلا يجوز للرجل أن يمنع امرأته من أداء حج الفريضة لأن الفريضة مقدمةٌ على حق الزوج، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق»[17] وهذا إذا استطاعت أن تحج ووجد معها محرَم, وأما حج النافلة فللزوج أن يمنع امرأته منه إذا كان الداعي لذلك القيام بحقه.



حج المرأة المعتدة

يشترط ألا تكون المرأة معتدّة عن طلاق أو وفاة مدّة إمكان السّير للحجّ، وهو شرط متّفق عليه بين العلماء على تفاصيل فيه.

والدّليل على ذلك أنّ اللّه تعالى نهى المعتدّات عن الخروج من بيوتهنّ بقوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَة﴾ [الطلاق: 1]، والحجّ يمكن أداؤه في وقت آخر، فلا تلزم بأدائه وهي في العدّة.

وقد عمّم الحنفيّة هذا الشّرط لكلّ معتدّة سواء كانت عدّتها من طلاق بائن أو رجعيّ، أو وفاة، أو فسخ نكاح. ونحو ذلك عند المالكيّة.

وفصّل الحنابلة فقالوا: لا تخرج المرأة إلى الحجّ في عدّة الوفاة، ولها أن تخرج إليه في عدّة الطّلاق المبتوت، وذلك لأنّ لزوم البيت فيه واجب في عدّة الوفاة، وقدّم على الحجّ لأنّه يفوت، والطّلاق المبتوت لا يجب فيه ذلك. وأمّا عدّة الرّجعيّة فالمرأة فيه بمنزلتها في طلب النّكاح، لأنّها زوجة.

ونحو ذلك عند الشّافعيّة، فقد صرّحوا بأنّ للزّوج أن يمنع المطلّقة الرّجعيّة للعدّة، وذلك لأنّه يحقّ للزّوج عندهم منعها عن حجّة الفرض في مذهبهم. «الموسوعة الفقهية الكويتية- 2 / 5822»

قال سعيد بن المسيب: رد عمر نسوة المتوفى عنهن أزواجهن من البيداء فمنعهن من الحج. رواه ابن أبي شيبة في المصنف بإسناد صحيح.

وروى أيضا بإسناد صحيح: أن عائشة رضي الله عنها أحجت أم كلثوم في عدتها.



هل تحج المرأة عن قريبتها وقريبها؟

- يدل على جواز حج المرأة عن المرأة ما رواه مسلم عن يزيد قال بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إن أمي لم تحج قط أفأحج عنها قال: «حجي عنها».

وقد حكى الإجماع على ذلك ابنُ تيمية رحمة الله فقال: "يجوز للمرأة أن تحج عن امرأة أخرى باتفاق العلماء سواء كانت بنتها أو غير بنتها..." «مجموع الفتاوى 26/13»

- أما حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل فيدل على جوازه ما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ». قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: «فَاقْضِ اللَّهَ، فَهْوَ أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ».

فإن "النبي صلى الله عليه وسلم خاطب المرأة بخطاب دخل فيه الرجال والنساء، وهو قوله: «اقضوا الله»، وهذا يصح للمذكر والمؤنث، ولا خلاف في حج الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل، إلا الحسن ابن صالح..." «شرح صحيح البخاري لابن بطال 8 /118»

ويؤيد جواز حج المرأة عن الرجل ما في صحيحي البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع فقالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده أدركت أبي شيخاً كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نعم وذلك في حجة الوداع».

قال ابن بطال في «شرحه لصحيح البخاري 8 / 120»: في حديث الخثعمية جواز حج المرأة عن الرجل، وأجازه جماعة الفقهاء إلا الحسن بن صالح؛ فإنه قال: لا يجوز. واعتل بأن المرأة تلبس الثياب في الإحرام والرجل لا يلبسها. قال ابن المنذر: وهذه غفلة وخروج عن ظاهر السنة؛ لأن النبي عليه السلام أمر المرأة أن تحج عن أبيها، وعلى هذا يعتمد من أجاز الحج عن غيره. اﻫ

وإنما تحج عنه "لمشاركتها له في وجوب الحج وإن خالفته في محرمات الإحرام والرمل في الطواف والسعي." منح الجليل شرح مختصر خليل 2/219.

وحكى ابن تيمية رحمة الله الجوازَ: عن الأئمة الأربعة وجمهور العلماء. كما في " مجموع الفتاوى " «26/13»

* ويشترط في الذي يحج عن غيره أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً قد حج عن نفسه، ويشترط في المحجوج عنه أن يكون عاجزاً أو ميتاً.

استحباب غسل المرأة قبل الإحرام

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: من السنة أن يغتسل الرجل إذا أراد أن يحرم[18].

غسل الرجل والمرأة والكبير والصغير والحائض والنفساء سنة لكل إحرام بحج، أو عمرة، أو بهما أو مطلق. انظر شرح مختصر خليل للخرشي 2 /323 والمغني لابن قدامة.

جواز اغتسال المرأة وهي محرمة

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كنا نغتسل وعلينا الضِّمادُ، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مُحِلاَّت ومُحْرِمات»[19].

وعن عبد الله بن حنين أن أبا أيوب رضي الله عنه وصف لهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم، وفيه أنه قال لإنسان: " اُصبب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبِل بهما وأدبر وقال هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل.[20]

وجمهور العلماء على جواز اغتسال المرأة في حال إحرامها.

تحريم الطِّيب للمحرمة

في حديث ابن عمر رضي الله عنهما المرفوع: «... ولا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران أو ورس»[21].

قال النووي الشافعي: نبه صلى الله عليه وسلم بالورس[22] والزعفران على ما في معناهما وهو الطيب، فيحرم على الرجل والمرأة جميعا في الإحرام جميع أنواع الطيب. «شرح صحيح مسلم 4 / 213»

وجمهور العلماء على أن من تطيّب متعمدا وهو محرم أن عليه فدية. فخرج بهذا الجاهل والناسي فلا فدية عليهما، ويجب أن يغسلا الطيب.

فائدة: يستحب للمرأة أن تتطيب قبل إحرامها إن أمنت مخالطة الرجال، لحديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة فنضمِّد جباهنا بالسُكّ المطيّب[23] عند الإحرام فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها فيراه النبي صلى الله عليه و سلم فلا ينهاها. قال النووي: هذا حديث حسن رواه أبو داود بإسناد حسن. [المجموع شرح المهذب 7/230] وصححه الألباني.

قال النووي الشافعي: يستحب أن يتطيب في بدنه عند إرادة الإحرام سواء الطيب الذي يبقى له جرم بعد الإحرام والذي لا يبقى , وسواء الرجل والمرأة. [المجموع شرح المهذب7/228 وانظر 7/233].

وقال ابن قدامة الحنبلي:...والشابة والكبيرة في هذا سواء ; فإن عائشة كانت تفعله في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وهي شابة. فإن قيل: أليس قد كُره ذلك في الجمعة؟ قلنا: لأنها في الجمعة تقرُب من الرجال , فيخاف الافتتان بها , بخلاف مسألتنا. ولهذا يلزم الحج النساء , ولا تلزمهن الجمعة. وكذلك يستحب لها قلة الكلام فيما لا ينفع , والإكثار من التلبية , وذكر الله تعالى. [المغني 3/156]

وعليه فإن أحرمت في الطائرة أو ما فيه معناها فإنها تتركه للنهي العام عن ذلك، فإن هذه الرخصة المخصِّصة لعموم النهي عن التطيب للنساء لا تقوى على معارضة دلالة العموم في حالة تخلف المقصود منه وهو حصول الفتنة، لأنها إنما ثبتت بالإقرار النبوي في واقعة خاصة يمكن بيسر حملها على حالة أمن الفتنة جمعا بين النصوص وبعدا عن إهدارها أو تعطيل مقاصدها، والله أعلم.

حكم رفع صوت المرأة بالتلبية

الأصل رفع الصوت بالتلبية للرجال والنساء إلا أن المرأة إذا كانت بحضرة الأجانب فلا ترفع صوتها بالتلبية خشية الفتنة بل تلبي بصوت تُسمع نفسها، ويشرع لها التلبية سواء كانت طاهرة من الحيض والنفاس أم لا لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت»[24].

أما الإجماع الذي نقله الترمذي في سننه: "على أن المرأة لا يلبي عنها غيرها وهي تلبي عن نفسها ويكره لها رفع الصوت بالتلبية"، وذكره أيضا ابن عبد البر فقال: "أجمع العلماء على أن السنة في المرأة أن لا ترفع صوتها وإنما عليها أن تسمع نفسها"[25]..

فإن الكراهة التي دل عليها محمولة على حالة الفتنة كأن تكون بين النساء فلا حرج إن شاء الله:

قال الألباني في «مناسك الحج والعمرة - 1 / 16»: والنساء في التلبية كالرجال لعموم الحديثين السابقين فيرفعن أصواتهن ما لم يخش الفتنة، ولأن عائشة كانت ترفع صوتها حتى يسمعها الرجال فقال أبو عطية: سمعت عائشة تقول: إني لأَعْلَمُ كَيْفَ كَانَ النبي صلى الله عليه وسلم يُلَبِّي لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ،...إلخ رواه البخاري (6 / 108). وقال القاسم بن محمد: خرج معاوية ليلة النفر فسمع صوت تلبية فقال: من هذا؟ قيل: عائشة أم المؤمنين اعتمرت من التنعيم. فذُكِر ذلك لعائشة فقالت: لو سألني لأخبرته. رواه ابن أبي شيبة[26]... وسنده صحيح، وقال شيخ الإسلام في "منسكه": "والمرأة ترفع صوتها بحيث تُسمع رفيقاتها ويستحب الإكثار منها عند اختلاف الأحوال..." اﻫ

قال ابن حزم: "قال بعضهم: لا ترفع المرأة. قال أبو محمد [أي ابن حزم]: هذا خطأ وتخصيص بلا دليل , وقد كان الناس يسمعون كلام أمهات المؤمنين ولا حرج في ذلك , وقد روي عنهن وهن في حدود العشرين سنة وفويق ذلك... فإن قيل: قد روي عن ابن عباس: "لا ترفع المرأة صوتها بالتلبية"، وعن ابن عمر: "ليس على النساء أن يرفعن أصواتهن بالتلبية"! قلنا: رواية ابن عمر هي من طريق عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو ضعيف[27] , ورواية ابن عباس هي من طريق إبراهيم بن أبي حبيبة وهو ضعيف[28] ولو صحا لكانت رواية عائشة موافقة للنص." [المحلى 5/83]

لكن القول باشتراط أمن الفتنة أحسن من إطلاق ابن حزم رحمه الله: "ويرفع الرجل والمرأة صوتهما بها ولا بد..." والله أعلم.

لباس السراويلات للمحرمة

ولما حصر الرسول صلى الله عليه وسلم منع المحرمة من [النقاب والقفاز] فاستنبط العلماء أن ما عدا ذلك من الثياب جائز لبسه للمحرمة بدون كراهة وقد تكاثرت أقوال العلماء في جواز لبس السراويلات للنساء في الإحرام بل نقل الإجماع على ذلك:

قال أبو عمر ابن عبد البر في الاستذكار «4 / 14»:...المخيط كله.. لا يجوز لباس شيء [منه] للمحرم عند جميع أهل العلم إلا من شذ عنه ممن لا يجد خلافا عنهم بل هو محجوج بهم، وأجمعوا أن المراد بهذا الخطاب في اللباس المذكور الرجال دون النساء، وأنه لا بأس للمرأة بلباس القميص والدِّرع والسراويل والخمر والخفاف.

لبس الثياب المعصفرة والموردة

قد صحت مجموعة من الآثار عن السلف رضوان الله عليهم بجواز ذلك، ولم يعتبروا مادة المعصفرة والموردة من الطيب، بشرط: أن لا تكون مادة الصباغ من نوع الطيب كالورس والزعفران.

فائدة: يجوز للمرأة المحرمة أن تلبس الحلي من ذهب وفضة مع ملازمة الحجاب الشرعي، فعَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ إِذْ جَاءَتْهَا امْرَأَةٌ مِنْ نِسَاءِ بَنِى عَبْدِ الدَّارِ يُقَالُ لَهَا تَمْلِكُ فَقَالَتْ لَهَا : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ ابْنَتِي فُلاَنَةُ حَلَفَتْ أَنْ لاَ تَلْبَسَ حُلِيَّهَا فِي الْمَوْسِمِ فَقَالَتْ عَائِشَةُ قَوْلِي لَهَا: إِنَّ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ تُقْسِمُ عَلَيْكِ إِلاَّ لَبِسْتِ حُلِيَّكِ كُلَّهِ. [رواه البيهقي من طريق الشافعي 5/52 وإسناده صحيح]

- أما الاكتحال بغير المطيّب فينبغي للمرأة أن تتركه لغير حاجة فإنه لما «َقَدِمَ عَلِىٌّ مِنَ الْيَمَنِ بِبُدْنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَوَجَدَ فَاطِمَةَ - رضى الله عنها - مِمَّنْ حَلَّ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا صَبِيغًا وَاكْتَحَلَتْ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ إِنَّ أَبِى أَمَرَنِى بِهَذَا.» [صحيح مسلم]

قال ابن قدامة: (وهذا يدل على أنها كانت ممنوعة من ذلك .

وروي عن عائشة [رضي الله عنها] أنها قالت لامرأة : "اكتحلي بأي كحل شئت، غير الإثمد أو الأسود ." إذا ثبت هذا فإن الكحل بالإثمد مكروه، ولا فدية فيه .

ولا أعلم فيه خلافا، وروت شميسة، عن عائشة، قالت : اشتكيت عيني وأنا محرمة، فسألت عائشة، فقالت : اكتحلي بأي كحل شئت غير الإثمد، أما إنه ليس بحرام، ولكنه زينة، فنحن نكرهه .

قال الشافعي : إن فعلا فلا أعلم عليهما فيه فدية بشيء.) (المغني - 3 /327)

- وأما الاختضاب بالحناء فيجوز لها وهو مذهب الشافعي، لعدم ورود ما يمنع منه، فإن قيل هو زينة أجيب بأن الحلي زينة وهو جائز، وكذلك لبس الساعة والنظارة جائز.

أقسام الطواف

أقسام الطواف الواجب على المرأة ثلاثة:

طواف العمرة للقارنة أو المتمتعة، وهذا الطواف ركن من أركان العمرة.

طواف الحج وهو المسمى بطواف الإفاضة والزيارة وهو ركن من أركان الحج.

طواف الوداع وهو واجب على الصحيح على الرجال والنساء إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن الحائض والنفساء»[29].

طواف المرأة مع الرجال

الأصل أن المرأة تطوف غير مختلطة بالرجال فقد روى البخاري ومسلم عن أم سلمة قالت: شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال: «طوفي من وراء الناس وأنت راكبة فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جانب البيت وهو يقرأ ﴿وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ﴾[الطور: 1، 2]».

قال الحافظ ابن حجر: "وإنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تطوف من وراء الناس ليكون أستر لها ولا تقطع صفوفهم أيضاً...". «الفتح 3/481»

قال المهلب: استنبط بعض العلماء من هذا الحديث طواف النساء بالبيت من وراء الرجال لعلة التزاحم والتناطح. قال غيره: طواف النساء من وراء الرجال هي السنة؛ لأن الطواف صلاة ومن سنة النساء في الصلاة أن يكن خلف الرجال، فكذلك الطواف. «شرح ابن بطال على البخاري- 3 / 138» وانظر لكونها السنة «المنتقى - شرح الموطأ - 2 / 372»

وفي صحيح البخاري «قال عَطَاءٌ -إِذْ مَنَعَ ابْنُ هِشَامٍ النِّسَاءَ الطَّوَافَ مَعَ الرِّجَالِ- قَالَ: كَيْفَ يَمْنَعُهُنَّ وَقَدْ طَافَ نِسَاءُ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- مَعَ الرِّجَالِ؟ قُلْتُ [أي ابن جريج]: أَبَعْدَ الْحِجَابِ أَوْ قَبْلُ؟ قَالَ: إي لعَمري لَقَدْ أَدْرَكْتُهُ بَعْدَ الْحِجَابِ. قُلْتُ: كَيْفَ يُخَالِطْنَ الرِّجَالَ؟ قَالَ: لَمْ يَكُنَّ يُخَالِطْنَ كَانَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها - تَطُوفُ حَجْرَةً [أي مُعتزِلةً] مِنَ الرِّجَالِ لاَ تُخَالِطُهُمْ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: اِنطلقي نَسْتَلِمْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ [عائشة]: {انطلقي عَنْكِ} وَأَبَتْ. وَكُنَّ يَخْرُجْنَ مُتَنَكِّرَاتٍ بِاللَّيْلِ، فَيَطُفْنَ مَعَ الرِّجَالِ، وَلَكِنَّهُنَّ كُنَّ إِذَا دَخَلْنَ الْبَيْتَ قُمْنَ حَتَّى يدْخُلْنَ وَأُخْرِجَ الرِّجَالُ، وَكُنْتُ آتِي عَائِشَةَ أَنَا وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ وَهِي مُجَاوِرَةٌ في جَوْفِ ثَبِيرٍ. قُلْتُ: وَمَا حِجَابُهَا؟ قَالَ: هي في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ لَهَا غِشَاءٌ، وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَرَأَيْتُ عَلَيْهَا دِرْعًا مُوَرَّدًا.»اﻫ

فإذا لم يتيسر للمرأة أن تطوف غير مختلطة بالرجال فتطوف مع محرمها على حسب الحال التي تستطاع مع التحري لعدم المزاحمة للرجال الأجانب قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾[التغابن: 16].

ويتأكد المنع في طواف النافلة لأن ترك المحرمات أولى من فعل المستحبات.

حكم صلاة النساء المختلطات بالرجال

اعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تختلط بالرجال حال أداء الصلاة لا في الحرم ولا في غيره لما في ذلك من المخالفة العظيمة للشرع لأن المرأة تصلي منعزلة عن الرجال ولو كان من محارمها وفي صف خاص بها فعن أنس بن مالك قال: «صليت أنا واليتيم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والعجوز من ورائنا»[30].

وإنك لتأسف إذا رأيت ما تتعمده بعض النساء من الصلاة في الحرم بجانب الرجال فترى الرجال عن يمينها ويسارها وخلفها فإلى الله المشتكى من غربة الدين.

تنبيه: أحياناً تقام الصلاة في الحرم ولا تزال المرأة في حال الطواف أو السعي ففي هذه الحالة تصلى المرأة مع من استطاعت من بنات جنسها متحرية عدم الالتصاق بالرجال، قال تعالى: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16].

هل على المرأة رمل؟

من أحرم من الرجال من الميقات بحج أو عمرة يسن في حقه الرمَل في الأشواط الثلاثة من طواف القدوم، أو من طواف العمرة الركني... والرمَل أن يَثِب في مشيه وثْبا خفيفا يهزُّ مِنكبيه، وليس بالوثب الشديد، ولا رمل على النساء في طوافهن، ولا هرولة في سعيهن. «شرح مختصر خليل للخرشي 7 / 448»

فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «ليس على النساء رمل ولا بين الصفا والمروة»[31]. وعنده أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «ليس على النساء رمل» وهو يتقوى بالذي قبله.

وقال ابن المنذر: أجمع أهل العلم أنه لا رمل على النساء حول البيت ولا بين الصفا والمروة. اﻫ

الذكر عند الطواف

لا شك أن الذكر حال الطواف أمر مرَغَّب فيه فقد قالت عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «يذكر الله على كل أحيانه»[32]، فما بالك بالذكر عند الطواف وقد رُوي عن عائشة رضي الله عنها بإسناد ضعيف أنها قالت: «إنما جعل الطواف والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله»[33]

قال ابن المنذر: أولى ما شغل المرء به نفسه في الطواف ذكر الله وقراءة القرآن، ولا يشتغل فيه بما لا يجدي عليه منفعة في الآخرة، مع أنا لا نحرم الكلام المباح فيه، غير أن الذكر فيه أسلم؛ لأن من تخطى الذكر إلى غيره لم يأمن أن يخرجه ذلك إلى ما لا تحمد عاقبته، وقد قال ابن عباس: «الطواف صلاة، ولكن قد أذن الله لكم فيه بالكلام، فمن نطق فلا ينطق إلا بخير»[34]. وقال عطاء: كانوا يطوفون ويتحدثون. وقال مالك: لا بأس بالكلام فيه، فأما الحديث فأكره. «شرح ابن بطال 7 / 347»

قال الألباني: وليس للطواف ذكر خاص فله أن يقرأ من القرآن أو الذكر ما شاء. [وذكر الحديث السابق][35]

تنبيه: قال الباجي: وقوله (يخفض بها صوته) [أي عروة بن الزبير] هذا حكم الذكر في الطواف والسعي وعلى الصفا والمروة وفي كل موضع مجمع ينفرد كل أحد بالذكر والدعاء، ولو رفع كل إنسان صوته لآذى بعضُهم بعضا، وليس كذلك التلبية فإنها شعار الحج فلذلك شُرع فيها الإعلان. «المنتقى شرح الموطا 2 / 354»

الأذكار المشروعة بين الصفا والمروة

روى مسلم عن جابر رضي الله عنه في وصف حجة النبي صلى الله عليه وسلم: «ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ ﴿إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّه﴾[36] أبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده، أنجز وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بذلك ثلاث مرات».

وعند مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو يحكي فتح مكة وطواف النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يدعو ويحمد الله بما شاء أن يدعو».

فالمرأة يشرع لها هذا الذكر وغيره وتدعو بهذا الدعاء وغيره ولكن لا ترفع صوتها وتدعو بمفردها.

ولا يجوز للمسلم والمسلمة أن يشغل نفسه بالأذكار والأدعية المبتدعة حال الطواف والسعي لما في ذلك من المخالفة العظيمة للشرع، وقد أغنى الله المسلمين بالأذكار والأدعية المشروعة.

تنبيه: قال الباجي في «المنتقى شرح الموطا 2 / 376»: أما النساء فمن سعت منهن في سَعةٍ وقتَ خلوة فقد قال ابن القاسم: تقف على أعلى الصفا والمروة، ومن سعت بين الرجال فلتقف في أصل الصفا والمروة ولا ترقى إلى أعلاه؛ لأن التأخر عن الرجال والاعتزال لموضعهم مشروع لهنّ متعين عليهن، أصل ذلك الطواف والصلاة.

ليس على النساء حلق في العمرة والحج

قال القرطبي في «تفسيره 2 / 381»: لم تدخل النساء في الحلق، وسنتهن التقصير، لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير»[37].

ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك كما في المغني، ونقله أيضا ابن حجر في فتح الباري.

- وأما مقدار ما تأخذ المرأة من شعرها فقد رُوي عن ابن عمر [38]رضي الله عنه أنه قال: «تجمع المحرمة شعرَها ثم تأخذ قدر أنملة» (أي رأس الأصبع)، وقد روى ابن حبيب عن مالك: قدرَ الأنملة أو فوق ذلك بقليل أو دونه بقليل. وروي عن عائشة: يَجزُّها قدرَ التَطريف. قال مالك: ليس لذلك عندنا حد معلوم وما أخذت منه أجزأها ولا بد من أن تعم بالتقصير الشعر كله طويله وقصيره. والدليل على [ذلك] أنها عبادة تتعلق بالرأس فكان حكمها فيه الاستيعاب كالمسح في الوضوء. انظر «المنتقى شرح الموطأ 3 / 29»

ومن الخطأ أن تتوجه المرأة بعد انتهاء السعي إلى من يقص شعرها من الرجال الأجانب وعلى مرأى من الناس.

تقديم النساء من مزدلفة إلى منى بليل

لقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة والنساء أن يتعجلوا بليل من مزدلفة إلى منى، وهاك الأحاديث الواردة في ذلك:

روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للضعفة من مزدلفة إلى منى بليل». وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمع بليل». وفي لفظ: «أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة مزدلفة في ضعفة أهله»[39].

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «استأذنت سودة النبي صلى الله عليه وسلم ليلة جمع وكانت ثقيلة ثبطة فأذن لها».

قال المهلب: إنما قدم النبي عليه السلام ضعفة أهله خشية تزاحم الناس عليهم عند الدفع من المزدلفة إلى منى... «شرح ابن بطال - 7 / 415».

قال ابن عبد البر في الاستذكار (4 / 293): (أجمعوا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رمى يوم النحر في حجته جمرة العقبة بمنى يوم النحر بعد طلوع الشمس، وأجمعوا على أن من رماها ذلك اليوم بعد طلوع الشمس إلى زوالها فقد رماها في وقتها... واختلفوا فمن رماها قبل طلوع الفجر: [ثم ذكر الخلاف[40] وقال]: (وقال سفيان الثوري: لا يجوز لأحد أن يرمي قبل طلوع الشمس. وهو قول إبراهيم النخعي...)

ثم قال: (أما قول الثوري ومن تابعه فحجته: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رمى الجمرة بعد طلوع الشمس، وقال: «خذوا عني مناسككم». وروى الحسن العرني وعطاء ومقسم كلهم عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم أغيلمة بني عبد المطلب وضعفتهم وقال لهم: أبني! «لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس»...)اﻫ

ورجّح الألباني هذا المذهب فقال في (حجة النبي r ص 78): لا يجوز الرمي يوم النحر قبل طلوع الشمس ولو من الضعفة والنساء الذين يرخص لهم أن يرتحلوا من المزدلفة بعد نصف الليل، فلا بد لهم من الانتظار حتى تطلع الشمس ثم يرمون لحديث ابن عباس رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قدَّم أهله وأمرهم أن لا يرموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس» وهو حديث صحيح بمجموع طرقه وصححه الترمذي وابن حبان وحسنه الحافظ في " الفتح " ( 3 / 422 )، ولا يصلح أن يعارض بما في البخاري أن أسماء بنت أبي بكر رمت الجمرة ثم صلّت الصبح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليس صريحا أنها فعلت ذلك بإذن منه صلى الله عليه وسلم بخلاف ارتحالها بعد نصف الليل فقد صرحت بأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن بذلك للظعن فمن الجائز أنها فهمت من هذا الإذن الإذن أيضا بالرمي بليل ولم يبلغها نهيه صلى الله عليه وسلم الذي حفظه ابن عباس رضي الله عنه. [وانظر أيضا إرواء الغليل 1076]

- وبرمي المرأة لجمرة العقبة يحل لها كل شيء حرِّم عليها إلا جماع زوجها إياها.

النيابة عن النساء في رمي الجمرات

لا ينبغي التوسع في النيابة عن النساء في الرمي لأن النيابة إنما تكون عند عجزهن عن ذلك, وأما عند القدرة على الوصول إلى محل الرمي فالنيابة هنا غير اضطرارية، ومن الخطأ أن يذهب المسلم مع امرأته الضعيفة ليرموا وقت الزحام الشديد. وهناك أوقات ليس فيها زحام شديد فليتحروا الرمي فيها. وأما الاستدلال بحديث جابر قال: «حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا ورمينا عنهم» الذي أخرجه الترمذي وأحمد وغيرهما: فهو ضعيف لأن في سنده أشعث بن سوار وهو ضعيف، وفيه عنعنة أبي الزبير.والحديث.

فلتحرص المرأة على أداء المناسك على أكمل وجه ما وجدت إلى ذلك سبيلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة رضي الله عنها: «إنما أجرك على قدر نصبك ونفقتك»[41].

أعمال المرأة الحائض يوم التروية

الواجب على المرأة أن تحرم بالحج يوم التروية ولو كانت حائضاً أو نفساء لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت»[42].

فتذهب المرأة إلى منى ثم إلى عرفة ثم إلى مزدلفة وترمي يوم النحر وأيام التشريق وتمتنع عن الطواف.

قال ابن المنذر: قوله عليه السلام لعائشة: «افعلى ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» يبين أن ذلك جائز؛ لأنه أباح لها السعي بين الصفا والمروة بعرفة وجميع المناسك على غير طهارة، غير الطواف بالبيت خاصة. «شرح ابن بطال 7/380».



إذا جامع الرجل زوجته قبل أن تطوف طواف الإفاضة فماذا عليها؟

الجماع بعد التحلل الأول:

اتفقوا على أن الجماع بعد التحلل الأول لا يفسد الحج. وألحق المالكية به الجماعَ بعد طواف الإفاضة ولو قبل الرمي , والجماعَ بعد يوم النحر قبل الرمي والإفاضة. ووقع الخلاف في الجزاء الواجب: فذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أنه يجب عليه شاة. قالوا في الاستدلال: "لخفة الجناية , لوجود التحلل في حق غير النساء". وقال مالك , وهو قول عند الشافعية والحنابلة: يجب عليه بدنة. وعلله الباجي بأنه لعظم الجناية على الإحرام. وأوجب مالك والحنابلة على من فعل هذه الجناية بعد التحلل الأول قبل الإفاضة أن يخرج إلى الحل , ويأتي بعمرة , فعَنْ عِكْرِمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لاَ أَظُنُّهُ إِلاَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «الذي يُصِيبُ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ: يَعْتَمِرُ وَيُهْدِي» [موطأ مالك] قال الباجي في المنتقى: "وذلك لأنه لما أدخل النقص على طوافه للإفاضة بما أصاب من الوطء كان عليه أن يقضيه بطواف سالمٍ إحرامُه من ذلك النقص , ولا يصلح أن يكون الطواف في إحرام إلا في حج أو عمرة". ولم يوجب الحنفية والشافعية ذلك. (انظر الموسوعة الفقهية 2/192)

قال الشيخ محمد بن إبراهيم:...وعلى زوجته فدية شاة أخرى إن كانت مطاوعة له، فإن كانت مكرهة فلا شيء عليها. اﻫ من كتاب "فتاوى ورسائل / الشيخ محمد بن إبراهيم" «5/228».

امرأة جامعها زوجها بعد طواف الإفاضة وقبل السعي

لا يجوز للمرأة أن تمكن زوجها من مجامعتها قبل أن تسعى، ولا يجوز للرجل طلب ذلك منها لأنها ما تزال في الإحرام ما دام السعي عليها، وقد جاء من حديث عبد الله بن دينار قال: سألت ابن عمر عن رجل طاف بالبيت في عمرة ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتي امرأته؟ فقال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعاً وصلى خلف المقام ركعتين فطاف بين الصفا والمروة سبعا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» وسألنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقال: «لا يقربنَّها حتى يطوف بين الصفا والمروة»[43] فالمرأة يفسد إحرامها إن جامعها زوجها قبل سعيها، والرجل كذلك إن كان قبل سعيه، وعليهما أن يذهبا إلى الحل ويحرما من هناك ويأتيا بالسعي الذي عليهما، وعلى كل واحد منهما فدية، وهذا إذا كانت الزوجة مطاوعة لزوجها على ما صنع، وأما إذا كانت مكرهة فلا فدية عليها.

امرأة قبَّلها زوجها وأنزل قبل طواف الإفاضة

سئلت اللجنة الدائمة بما لفظه: شخص حاج وقع في محذور وهو تقبيل زوجته وإنزاله خارج القبل بشهوة بعد رمي جمرة العقبة والحلق وقبل طواف الإفاضة وهي غير حاجة فماذا يجب عليه؟

الجواب: لا يجوز لمسلم أحرم لحج أو عمرة أو بهما أن يتعرض لما يفسد إحرامه أو ينقص عمله. والقبلة حرام على من أحرم بالحج حتى يتحلل التحلل الكامل، وذلك برمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة، والسعي إن كان عليه سعي لأنه لا يزال في حكم الإحرام الذي يحرم عليه النساء. ولا يفسد حج من قبَّل امرأته وأنزل بعد التحلل الأول، وعليه أن يستغفر الله، ولا يعود لمثل هذا العمل ويجبر ذلك برأس من الغنم يجزئ في الأضحية يوزعه على فقراء الحرم المكي، والواجب المبادرة إلى ذلك حسب الإمكان» اﻫ من فتاوى اللجنة الدائمة «11/188» فتوى رقم «1610».

امرأة حاضت ورجعت إلى بلادها قبل أن تطوف طواف الإفاضة فماذا عليها؟

الجواب: يحرم عليها ما يحرم على من تحلل التحلل الأول وبقي عليها التحلل الثاني فيحرم عليها النكاح ودواعيه طالما بقي طواف الإفاضة عليها. وعليها المجيء فورا إلى مكة وتُحرم من الميقات بعمرة، فإذا أدت أعمال العمرة طافت طواف الإفاضة، ولا يتم حجها إلا بطواف الإفاضة، والسعي إن كان عليها سعي. اﻫ من "فتاوى العلامة / محمد بن إبراهيم" «6/62-63».

إذا استمرت المرأة حائضاً أو نفساء حتى جاء الرحيل ولم تطف طواف الإفاضة فماذا تعمل؟

اعلمي أيتها المسلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها لما حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» متفق عليه من حديث عائشة.

وقد صرح الرسول صلى الله عليه وسلم أن المرأة الحائض تحبِس رُفقتَها، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: «حَاضَتْ صَفِيَّةُ بعد ما أفَاضَتْ، قالت عائشةُ: فذَكرتُ حِيضَتها لرسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: أحابستُنا هي؟ قلتُ: يا رسولَ اللَّه، إنَّا قَد كاَنتْ أَفَاضَتْ وطَافَتْ بالْبيْتِ، ثم حاضَتْ بعد الإفاضَةِ، فقال رسولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم-: فَلتَنْفِرُ»

فقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن صفية حبستهم فإذا حصل أن انحبست الرفقة انتظارا لطهر المرأة وطوافها فهذا أمر مطلوب، وهذا هو الذي ينبغي أن يلتزم به كل مسلم ومسلمة في الحج الحابس والمحبوس. وإليك بعض التفاصيل لهذه المسالة:

* إذا جاء وقت الرحيل والمرأة ما تزال حائضا فالمطلوب أمور:

أ- أن تنتظر حتى تطهر وتحتبس رفقتها معها، وهذا هو المطلوب كما تقدم.

ب- إذا كانت رفقتها تريد أن تذهب إلى جهة من المملكة ثم تعود إلى الحرم كأن تذهب إلى المدينة أو جدة أو الرياض فلتذهب معهم وتؤخر الطواف حتى ترجع إلى الحرم فتطوف.

ج- أن تكون الرفقة من المملكة والرفقة لا توافق على الانتظار لها حتى تطوف فلها أن تذهب إلى بيتها في أي أنحاء المملكة ومتى طهرت رجعت إلى الحرم وطافت طواف الإفاضة، وهذا سهل عليها.

د- أن تصر رفقتها على الذهاب وهي من خارج المملكة ويكون عند المرأة قدرة على الرجوع إلى الحرم إما لأداء عمرة أو عمل فهنا تؤخر الطواف حتى ترجع.

وفي الأحوال الأربعة المذكورة لا يجوز للمرأة أن تطوف بالبيت حتى تطهر فإن فعلت فقد وقعت في الخطأ الذي نهيت عنه، ونعوذ بالله أن يهون على مسلم أو مسلمة خصوصاً حجاج بيت الله الحرام ارتكاب نهي واحد، فكيف إذا كان النهي متعلقاً بانتهاك حرمة البيت العتيق.

وفي هذه الأحوال الأربع ما تزال المرأة محرمة، فلا يجوز لزوجها إذا طهرت في بلادها أن يجامعها حتى تطوف.

هـ - إذا لم تقدر المرأة أن تحقق شيئاً مما سبق ذكره فهنا تأتي مسألة وهي هل تطوف بالبيت وهي حائض للضرورة الموجودة أم لا؟ العلماء قديما وحديثا يسدون هذا الباب تعظيما لبيت الله فلا يجيزون للمرأة أن تطوف بالبيت وهي حائض، وقليل من العلماء جعلوها من المسائل التي تصل إلى حد الضرورة، فقالوا: يجوز للمرأة الحائض أن تطوف بالبيت إذا اضطرت إلى ذلك وتشد على فرجها بشيء حتى لا توسخ الحرم عند نزول الدم، وتطوف. ومن هؤلاء العلماء شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، ومن المعاصرين الشيخ ابن عثيمين رحم الله الجميع.


قائمة المراجع:

1- الأخطاء المتعددة في حج المرأة المتبرجة: لمحمد بن عبد الله الإمام.

2- مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل: للحطاب.

3- الجامع لأحكام القرآن (تفسير القرطبي): لأبي عبد الله القرطبي.

4- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لأبي عمر ابن عبد البر.

5- تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي: للمباركفوري.

6- المنتقى شرح الموطأ: لأبي الوليد الباجي:

7- شرح ابن بطال على صحيح البخاري.

8- المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم: لأبي العباس القرطبي.

9- الاستذكار: لأبي عمر ابن عبد البر.

10- مجموع الفتاوى: لابن تيمية.

11- منح الجليل شرح مختصر خليل: لخَلِيلُ بْنُ إِسْحَاق.

12- شرح مختصر خليل: للخرشي.

13- المغني: لابن قدامة.

14- شرح صحيح مسلم: للنووي.

15- المجموع شرح المهذب: لمحيى الدين النووي.

16- مناسك الحج والعمرة: للألباني.

17- المحلى: لابن حزم.

18- فتح الباري: لابن حجر.

19- حجة النبي صلى الله عليه وسلم: للألباني.

20- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: للألباني.

21- فتاوى ورسائل: الشيخ محمد بن إبراهيم.

22- فتاوى اللجنة الدائمة.

23- تقريب التهذيب: لابن حجر.

24- صحيح مسلم.

25- سنن الترمذي.

26- السلسلة الصحيحة.

27- صحيح البخاري.

28- ضعيف أبي داود: للألباني.

29- المصنف: لابن أبي شيبة.

30- سنن أبي داود.

31- الأعلام: لخيرالدين الزركلي.

32- صحيح أبي داود: للألباني.

33- صحيح الترغيب والترهيب للألباني.

34- مسند أحمد بن حنبل.

35- سنن النسائي.

36- سنن الترمذي.

37- سنن ابن ماجة.


--------------------------------------------------------------------------

[1] - الأخطاء المتعددة في حج المرأة المتبرجة: محمد بن عبد الله الإمام

[2] - قال الألباني في إرواء الغليل 1023: إسناد صحيح

[3] - وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وهو كما قالا

[4] - رواه أبو داود والبيهقي وأحمد وابن ماجه وابن الجارود والدارقطني, وقال الألباني: (حسن في الشواهد) جلباب المرأة المسلمة [ 107 ].

[5] - مناسك الحج و العمرة 1 / 7

[6] - رواه مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه.

[7] - متفق عليه

[8] - متفق عليه

[9] - متفق عليه

[10] - متفق عليه.

[11] - رواه البخاري

[12] - رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد. وانظر السلسلة الصحيحة 529

[13] - رواه أحمد والنسائي عن أبي موسى حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 2019

[14] - رواه مسلم

[15] - رواه أبي داود وقال الألباني في صحيح أبي داود (1 / 113): حسن صحيح

[16] - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى، أبو عبد الله، المعروف بالحطاب (902 - 954 ه = 1497 - 1547 م): فقيه مالكي، من علماء المتصوفين.

أصله من المغرب. ولد واشتهر بمكة، ومات في طرابلس الغرب. الأعلام للزركلي - (7 / 58)

[17] - متفق عليه عن علي بن أبي طالب t

[18] - أخرجه مالك في الحج.

[19] - رواه أبو داود وصححه الألباني

[20] - رواه البخاري ومسلم.

[21] - متفق عليه

[22] - الوَرْس: نبات باليمن صبغه بين الحمرة والصفرة ورائحته طيبة.

[23] - السك: بضم السين المهملة وتشديد الكاف نوع من الطيب معروف عندهم.

[24] - متفق عليه

[25] - التمهيد «17 / 242»

[26] - رواه ابن أبي شيبة تحت باب: المرأة ترفع صوتها بالتلبية

[27] - بل قال فيه الحافظ ابن حجر في التقريب: متروك.

[28] - قال عنه ابن حجر: ضعيف وقال الذهبي: قال الدارقطنى و غيره: متروك

[29] - متفق عليه

[30] - متفق عليه

[31] - أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه وهو صحيح

[32] - رواه مسلم

[33] - قال محمد الإمام: رواه ابن أبي شيبة بسند حسن. اﻫ لكن الصواب أنه ضعيف فيه عبيد الله بن أبى زياد القداح، أبو الحصين المكي قال فيه الحافظ: ليس بالقوي. وروي أيضا مرفوعا وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود 410.

[34] - رواه الترمذي وغيره وفي رواية للطبراني: " فأقلوا فيه الكلام" وصححه الألباني مرفوعا انظر إرواء الغليل (121)

[35] - مناسك الحج والعمرة «1 / 22»

[36] - [البقرة: 158]

[37] - رواه أبو داود في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا وانظر السلسلة الصحيحة: 605

[38] - رواه ابن أبي شيبة وفيه ليث بن أبي سليم قال فيه الحافظ: صدوق اختلط جدا و لم يتميز حديثه فترك.

[39] - متفق عليه

[40] - انظر تفصيل المسألة أيضا في شرح ابن بطال - (7 / 415)

[41] - رواه البخاري وغيره.

[42] - متفق عليه

[43] - رواه البخاري
__________________
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه :

كونوا ينابيع العلم ، مصابيح الهدى ، احلاس البيوت ، سرج الليل ، خلقان الثياب ، جدد القلوب ، تعرفون في السماء وتخفون على أهل الأرض .
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:25 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.