الرد السديد على إفتراءات وجهل وسام العنيد

[الدكتور أبو سهيل الحلبي]

الرد السديد على إفتراءات وجهل وسام العنيد

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد: فقد اطلعت على مكالمة صوتيه لوسام مذيع قناة الحكمة الفضائية مع محمد الكردي وتعجبت من كلامه الذي يدل على جهله وعناده وجحوده لمنهج السلف رحم الله الجميع،

فبدى لي أن أكتب كلمة لعلها تصل إليه ويتوب إلى الله من تلكم الكلمات التي قالها في اتصاله هذا. وهذا رد على كل من ينتهج هذا الفكر المخالف للسلف. وهذا ليس دفاعًا عن الشيخ محمد سعيد رسلان فهو من علماء المسلمين والقاصي والداني يعلم فضله وعلمه والله تعالى يدافع عن الذين أمنوا، فلا يحتاج لمثلي أن يدافع عنه؛ ولكن كان لابد من الرد على هؤلاء أشباه الرجال.

أولًا: قال المدعوا وسام: الأدلة المغلوطة عند طائفة المداخلة؟!

أقول: من أين لك بهذا اللفظ الذي ما أنزل الله به من سلطان، أليس التنابز بالألقاب منهي عنه في كتاب الله، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الحجرات: 11]. فاتق الله وتب إليه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الفَاحِشِ وَلَا البَذِيءِ» أخرجه الترمذي وصححه الألباني. فاعلم أن ما تفعله أنت ومن شايعك من التلفظ بهذه المسميات هو التفريق للأمة بعينه. فأهل السنة لا يتسمون بمثل هذه الألقاب. وقد ذَّكرتني بفعل الأتراك لما اطلقوا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومن تبعه الوهابية؛ ففعلك هو فعلهم فوافَقتَهم في ذلك. ولو تظن أن لفظ المداخلة يطلق على من يتبع الشيخ ربيع؛ فأقول إن الشيخ ربيع يحذر من التعصب له وينهى عن اي تعصب لاي كائن من كان؛ فالتعصب مذموم. ووالله رأيته فيكم لما تتعصبون للباطل بمجرد أن قاله شيوخكم. فنحن لو أخطأ الشيخ ربيع أو غيره راجعناه في خطأه ولم نتبعه في هذا الخطأ. فالتعصب عندنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثانيا: قال المدعو وسام: أحد المشايخ في هذه المرحلة العصيبة؟!

فأقول: هذه المرحلة العصيبة من جعلها كذلك؟! أليس أنتم وشيوخكم بفتاويكم الضالة المحرضة على الإفاسد والضلال والخراب في مصر، فجوزتم المظاهرات والخروج ونزول النساء وسط الرجال في المظاهرات، وأدى ذلك إلى ما نحن فيه الأن من ضياع الأمن والآمان وإنتشار القتل والسرقة وغير ذلك. فاتق الله واعرف ما يخرج من رأسك قبل كلامك. فلتقل خيرًا أو لتصمت، والأحسن لك الصمت.

ثالثًا: قال المدعو: ليس لهم هم إلا مهاجمة شيوخ أهل الدعوة الذين وقفوا مع الثوار ونصروهم...؟! أقول: أهل السنة دائما يذبون عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويدافعون عنها بالأدلة الثابتة الصحيحة من نصوص الكتاب والسنة وأقول السلف الصالح، فهل راجعتم أنفسكم في الردود التي نرد بها عليكم هل لها أصل في الكتاب أو السنة أو كلام السلف؟ أم أنتم لا تقرءون؟ وإذا قرأتم لا تفهمون؟ وإذا فهمتم تُنكرون؟! فالله المستعان. فأتوا بالأدلة ونحن نسلم لها.

وقولك وقفوا مع الثوار: هذا باطل وجهل، فهؤلاء الخوارج الذين خالفوا النبي صلى الله عليه وسلم في النصوص الصريحة الصحيحة نسميهم ثوار؟! بل الطامة الكبرى أن نسميهم شهداء الثورة؟! فمالكم كيف تحكمون؟! أصبح الدين كل من هب ودب يتكلم فيه ويفتي فيه ويقول هذا شهيد وهذا كافر وهذا مسلم وغير ذلك. فالله المستعان. فأقول أين دليل على أن هؤلاء الثوار على حق. هل خرجوا لإعلاء كلمة الله؟ هل خرجوا من أجل الدين؟ هل الأن المساجد تمتلئ بالمصلين؟ هل الأن لا تجد فجور ونساء كاسيات عاريات في الشوارع؟ هل الأن ظللتم على قولك بحرمة الأحزاب والديمقراطية والقوانين الوضعية التي ارتضيتم بحكمها لما أنشأتم الأحزاب السياسية وأقحمتم الناس في السياسة؟ هل الأن قلة السرقة والرشوة؟ هل الأن كل الناس أصبحوا أغنياء؟ هل قلة الأسعار؟ هل الأن كل الناس أصبحوا غير مرضي واختفى المرض والسرطان من مصر؟!! فعجبا لكم ولجهلكم. فاتقوا الله وتوبوا إليه.

رابعًا: قال المدعوا على الرئيس السابق "الطاغية".

فأقول: قولك هذا فيه مسألتين.

1- الطاغية معناه مجاوزة الحد. وعرفه ابن القيم رحمه الله: هو ما تجاوز العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع، والطواغيت كثيرة، ورؤوسهم خمسة، إبليس لعنه الله، ومن عبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئًا من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله. فكلهم كفرة إلا الأخير فيه تفصيل بين الكفر والفسق والظلم. فإذا ظننت هذا المعنى وأن الرئيس السابق كان كافر والنظام كافر فأنت في دولة كافرة كما قال ذلك سيد قطب من قبل وكفر المجتمعات الإسلامية كلها في مصر وقالها بعده ياسر برهامي إن مصر دولة غير إسلامة وهذا مسجل بصوته على الإنترنت؛ فلا يجوز لك إذا العيش في دولة كافرة وعليك بالهجرة منها إلى بلاد الإسلام.

2- وإذا لم تقصد بها أن الرئيس كافر فإذًا لا يجوز لك الخروج على مسلم مثلك. والأدلة ثابتة في أحاديث النبي وكتب السلف رحمهم الله ومن كذبها فقد كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، فأنتم تخروج على الحاكم المسلم الذي بيده الحكم في البلاد وتحت يده الشرطة والجيش وأنتم عزل، ولا تقبلون منا كلام في شيوخكم وزعمتكم العصمة لهم من الخطأ والله والمستعان. فتعلم العلم يا وسام أنت ومن معك من شيوخ الضلال الذين أضلوا الناس على علم.

خامسًا: يقول المدعوا: ما هو شعورهم بهذه الأزمنة الطويلة التي غاب فيها شرع الله، وماذا قدموا للأمة من تعليم وتحكيم شرع الله؟!فأقول هذا من جهلك وغيابك عن معنى السلفية الحق، فأنت تبكي على ما مضى من عمرك ولم يطبق عليك شرع الله من الدولة فهل أنت أقمته على نفسك أولا حتى تنتظر يطبق عليك من غيرك؟! وهل الأن بعد ما خرجتم على الحاكم طبقتم شرع الله أم هو هوى مُتبع وتناقضون أنفسكم وتنشئون الأحزاب السياسية وتتحاكمون للقوانين الوضعية داخل الأحزاب والدعوى للديمقراطية والإنتخابات والتصويت على الدستور وموقعة غزوة الصناديق كما زعم يعقوب. فهل هذا تطبيق شرع الله الذي تريدونه يا وسام. فكما تكونوا يولى عليكم. وقال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129]. فلن يطبق شرع الله إلا إذا طبقناه في أنفسنا وعلى أهلينا. فاتق الله.

وتظن أننا لا نعلم الناس العلم وتحكيم شرع الله، فأين أنتم من شروحات المشايخ الفضلاء في العقيدة والمنهج وغيرها من علوم الشريعة: من أمثال مشايخنا وهم كُثر:

أشرطة الشيخ الألباني وابن باز وابن عثيمين ومقبل الوادعي وبكر أبو زيد والجامي والنجمي وغيرهم رحمهم الله، ومشايخنا الأفاضل الشيخ الفوزان والعباد والمدخلي والخضير والحجوري واللحيدان وآل الشيخ ورسلان والبيلي وغيرهم الكثير نفع الله بعلمهم.

فأين أنت ومشايخك من شروح شيخنا رسلان ومنهجه وتأصيلاته العلمية، أليس لك نظر وسمع فتنظر إلى موقع الشيخ وتسمع لما فيه وتعرف الحق بالألة أم هو هوى؟! فلماذا لا يشرح مشايخكم كتب السنة للأئمة أحمد وابنه واللالكائي والبربهاري والمرزوي والخلال وابن زمنين والشريعة للآجري وعقيدة السلف للصابوني وعقيدة أهل الحديث للإسماعيلي والصابوني والطحاوية والواسطية وغير هذه الكتب التي تقر بمنهج السلف الصالح، فأين أنتم من هذه الكتب وغيرها، أم هو جهل وقلة إطلاع.

وسؤالي ماذا قدمتم أنتم للأمة غير الوعظ والقصص والتهييج على المنابر؟! وما معنى نقدم لدين الله في وجهة نظركم.

سادسًا: يقول المدعوا: أننا متفرغين للتطاول على فضيلة الدكتور محمد عبد المقصود وغيره من أمثاله.

فأقول: أليس قد علمت أن محمد بن عبد المقصود طلب العلم أول ما طلب بالقراءة في كتاب المغني للمقدسي وحفظ منه وأفتي من هذا الحفظ دون فهم الأدلة. إن هو إلا خريج زراعة يصلح لري الأرض وليس لدراسة العلم الشرعي، فعن من أخذ العلم هو ومن يسير معه، اذكر لنا اسم واحد فقط ممن تتلمذ علي يديه من أهل السنة، ما هو رصيدهم العلمي. محمد ابن عبد المقصود الذي كفر الممثلين في مسلسل بمعصية فخالف أهل السنة في ذلك ووافق الخوارج في التكفير بالمعصية. هؤلاء تتفاخر بهم. فهذا زمان قل العلماء فيه وظهر الرويبضة. وقد حدثني الشيخ الدكتور أيمن سامي أنه سال العلامة ابن عثيمين عن ابن عبد المقصود فجرحه والحمد لله، وهذا مسجل عند الدكتور أيمن بصوت الشيخ العلامة ابن عثيمين. فالحمد لله. فهل غفلت عن طعن ابن عبد المقصود في الشيخ الألباني وغيره من مشايخ السلف في المملكة السعودية ومصر؟!! فإلى الله المشتكى.

سابعًا: يقول المدعوا: ينتقدوني في أني أخطأ في النحو وأنا أتكلم؟! كلام فارغ يعني؟!!فأقوال: هل أصبح علم اللغة كلام فارغ في وجهة نظرك, هل أعمت العامية الحقيرة عينك وأصبحت ترى أن اللغة العربية وهي لغة القرآن ولغة العلم كلام فارغ؟!!! فالله المستعان، فيا هذا اتق الله.

نعم قد أصابت العجمة لسانك بل وأصابتك كلك، فالشيخ رسلان من أفضل العلماء الان ممن يتكلم باللغة العربية وفي اللغة العربية وقد شهد له العلماء بعلو كعبة في هذا الفن. وهذا لان فهم الدين لا يأتي إلا بتعلم لغته، لذلك قد ضللتم إذا لما ظننتم أن اللغة العربية من علوم الآلة وليست مهمة لطالب العلم. قال الله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِياًّ لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [يوسف: 2]. وقال ابن تيمية رحمه الله: "إن اللغة العربية من الدين، ومعرفتها فرض واجب، فإن فهم الكتاب و السنة فرضٌ، و لا يفهم إلا باللغة العربية، ومالا يتم الواجب إلا به، فهو واجب"، ويقول الإمام الشافعي في معرض حديثه عن الابتداع في الدين: "ما جهل الناس، ولا اختلفوا إلا لتركهم لسان العرب "، وقال الحسن البصري رحمه الله في المبتدعة: "أهلكتهم العجمة". فاتق الله وتعلم العلم يا وسام ولا تناطح الكبار.

ثامنًا: يقول المدعوا: نحاول التقريب بين الإخوان والسلفيين والجماعة الإسلامية؟!

فأقول: هذا مما يجعل الشحص يضحك ويبكي على هذا الفهم السقيم. هل يُعقل أن الحق والباطل يتقاربان، وهل أهل السنة جماعة واحدة أما كل من يريد أن يقيم جماعة لها الولاء والبراء والبيعة داخلها نعدها من أهل السنة، فمن الذي خرج عن الجماعة؟ أهل السنة الذين هم قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ما أنا عليه اليوم وأصحابي وقال: لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة وهم على ذلك.

فلا ولن يتم التقريب بين أهل السنة وغيرهم من أهل البدع. فشتان بين الإثنين، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} [الرعد: 16]. وانظر إلى كلام العلامة الألباني لما سأل عن التقريب بين أهل السنة والإخوان: قال هذا تقريب بين الحق والباطل. فخالفتم أهل العلم وخالفتم السلف وضيعتم الأمة فعليكم من الله ما تستحقون.

فالله المستعان

يا خفافيش الظلام أغثيتم نفوسنا -أغثى الله نفوسكم القليلة-, إن لم تكفوا عن أهل السنة؛ فلا هوادة بعد اليوم، السوط في اليد, وجلودكم لهذا السوط قد خُلقت

وكتب

أبو حفص المسندي الأثري

عفا الله عنه وعن والديه

الجمعة / 18 / شوال / 1432هـ