أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
48710 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-24-2017, 11:02 AM
عبدالفتاح الرنتيسي عبدالفتاح الرنتيسي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: الاردن
المشاركات: 935
افتراضي صناعة الكاريزما

( صناعة الكريزما)
ليس بالقوة أو الجاه أوالمنصب أو الثراء أو جمال الصورة وحسن البزة أو الهياط ، يمكن أن يكون المرء جذاباً اومحبوباً، لابل ربما تكون هذه أو بعضها تجلب عليه النفرة والكراهية والحنق والحسد والعين من حيث لايعلم ، وثمة من يشعر ببغض الناس له ولايجد تأويلاً سوى التندر بفساد الزمان وعدم إدراك الآخرين لمناقبه وفضائله ويصب جام غضبه عليهم، ويعتقد أن من يمالئه ويجامله الخ إنما ينم عن محبة وإعجاب وتقدير لشخصيته الأسطورية،فتراه يعيش تحت تأثير مخدرات الوهم، حتى يأتي اليوم الذي يستيفظ فيه من غروره، وذلك حين يترجل من منصبه بالعزل أو التقاعد أو حين تتدهور صحته فينهش المرض العضال جسده، فيرغم أنفه صاغراً، بخلاف المتسم بالكريزما الأصيلة فلايزيده العزل والتقاعد إلا حباً وتقديراً واحتراماً، وذكريات جميلة تحلو بها المجالس ويطيب بها السمر، ولا مرضه وموته الا حزناً وبكاء ودعاء له بالرحمة والغفران الخ فلامندوحة من البحث عن عوامل أخرى أقل تكلفة وأيسر عملاً ، وأرضى لراحة الضمير بعيداً عن التكلف والرياء،وقداعتنى علماء النفس والأخلاق بالتنقيب والإحفاء عن تلك الوصفة التي تلج إلى القلوب والإفئدة بدون إستئذان من غير جلبة ولاضجيج والتي يُطلق عليها المعاصرون (الكريزما) وهي : مزيج من كيمياء الأخلاق الفاضلة مثل الشجاعة والتواضع والسخاء والتسامح وبشاشة الوجه وحب الخير والنفع للناس من غير اعتبار مادي يُذكر، مع تطبيق أرقى أساليب التعامل بروح العاطفة الصادقة واللهجة اللفظية الآسرة ولغة الجسد المحببة بديمومة واستمرار، بحيث يقيم علاقة ترابطية بكل من حوله تضفي على الجو المحيط به مغناطيسية نفسية لايمكن الفكاك منها طوعاً أو كرهاً، بمن في ذلك الخصوم كما تعالى عن موقف المشركين من حبيبنا وسيدنا نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم (فإنهم لايكذبونك ولكن الظالمين بإيات الله يجحدون) فالآية الكريمة تصف مايجوس في نفوس المشركين من إعجاب لشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن ضغط العادة وتحكيم الهوى وقوة تأثير الامتيازات والمصالح تأبى الا التكذيب والجحود وقال تعالى حكاية عن فرعون وقومه تجاه موسى عليه الصلاة السلام (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً) ومن حق كل مناأن يتسآل عن معالم الشخصية الكرزمية في نفسه ، هل يمتلكها أو بعضاًمنها أم لا؟؟ وقد حاول المعاصرون وضع اختبارات وأسئلة عديدة مقبولة ومعترفاً بها علمياً ونفسياً، ولكن مشكلتهم عدم تأصيلها شرعاً، فحصرها في لغة العيون ومهارات الاستماع والتكيف مع التحولات الزمانية والمكانية والمجتمعية، والقدرة على الإنجاز والدراية على قراءة مشاعر الآخرين وحسن التفاعل معها وقوة الفراسة، ورغم وجهات هذه السمات وصوابيتها إلا أنهاليست كل شيء ولاتزال ناقصة، فليس من شك أن الكريزما في حقيقتها رسالة نفسية بالغة التأثير في الأخرين دون سابق إنذار، ومنها ماهو وهبي صرف من العزيز الوهاب ومنها الكسبي، فكما قسّم سبحانه وتعالى الأرزاق قسّم الأخلاق، والذي يهمنا في هذا المقام كيفية الظفر بالكريزما الكسبية ، والتي اعتقد من وجهة نظري أنها تكليف شرعي وليس تشريفاً فحسب . فبالنظرإلى قائمة صفات الكريزما نلحظ أنها جميعا من بؤبؤ وصلب الشريعة السمحة وآدابها وروحها ومقاصدها، وإن الوصول لتحقيق سماتها يستلزم المجاهدة والتدريب والتعليم والمكابدة كما في قوله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) وفي الحديث (إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلم ) وأفاض علماء السلوك في الثقافة الإسلامية في هذا المنحى العلمي قديماً وحديثاً في بحوث عميقة ومضنية ودقيقة ومفصلة، فلاغنى عن الجمع بين الآصالة والمعاصرة في معرفة ماهية الكريزما وسبل تحقيقها في الفكر الإسلامي المعروف بآصالته وشموليته وانفتاحه واستنارته، والتي تنطلق أساًساً من طلب محبة الله تعالى كما ورد في الحديث الصحيح ( إن الله إذا أحب عبداً نادى جِبْرِيل إني أحب فلاناً فيحبه جِبْرِيل ، فينادى في السماء أن احبوا فلاناً فيحبه اهل السماء ، فيوضع له القبول في الأرض فلا يراه مؤمن إلا أحبه) فلايمكن أن تتحقق الكريزما بمعناها التأصيلي والعصري الإ بمراعاة البعد الإسلامي وترسيخه بمعطيات العلوم الحديثة، التي تُدرس في آكديميات ومراكز علمية متخصصة مثل: فنون الإنتكيت والإعلان والدعاية والبروتوكول والدبلوماسية ،وأولى الشرائح الاجتماعية بتحصيلها كل من له علاقة بالجمهور أياً كان موقعه،
للظفر بملكة هذه الثقافة الراقية،والسلوك الأنساني الرفيع.
وكتبه
أ. د غازي بن غزاي العارضي
الاستاذ بالجامعة الإسلامية
بالمدينة المنورة
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.