أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
26370 88813

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-08-2011, 04:40 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي حكم الاحتفال بالمولد لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى -.

حكم الاحتفال بالمولد

لفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله تعالى -.

إن الحمد لله نحمده ونستعينة ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}. [سورة آل عمران: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}. [سورة النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}. [سورة الأحزاب: 70 – 71].

أما بعد، فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الامر محدثاتها ، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

وبعد فقد بدا لي أن أجعل كلمتي في هذه الليلة؛ بديل الدرس النظامي حول موضوع احتفال كثير المسلمين بالمولد النبوي؛ وليس ذلك مني إلّا قياما بواجب التذكير وتقديم النصح لعامة المسلمين فإنه واجب من الواجبات كما هو معلوم عند الجميع.جرى عُرف المسلمين من بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية على الاحتفال بولادة النبي- صلى الله عليه وسلم - وبدأ الاحتفال بطريقة وانتهى اليوم إلى طريقة، وليس يهمني في هذه الكلمة الناحية التاريخية من المولد وما جرى عليه من تطورات.

إنما المهم من كلمتي هذه أن نعرف موقفنا الشرعي من هذه الاحتفالات قديمها وحديثها، فنحن معشر أهل السنة لا نحتفل احتفال الناس هؤلاء بولادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولكننا نحتفل احتفالاً من نوع آخر.
ومن البدهي أنني لا أريد الدندنة حول احتفالنا نحن معشر أهل السنة، وإنما ستكون كلمتي هذه حول احتفال الآخرين، لأبين أن هذا الاحتفال وإن كان يأخذ بقلوب جماهير المسلمين، لأنهم يستسلمون لعواطفهم التي لا تعرف قيداً شرعياً مطلقا، وإنما هي عواطف جانحة، فنحن نعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء بالدين كاملا وافيا تاما، والدين هو كل شئ يتدين به المسلم، وأن يتقرب به إلى الله - عز وجل - ليس ثمة دين إلا هذا الدين؛ هو كل ما يتديّن به ويَتقرب به المسلم إلى الله - عز وجل -؛ ولا يمكن أن يكون شئ ما من الدين في شئ ما إلا إذا جاء به نبينا - صلوات الله وسلامه عليه -.

أما ما أحدثه الناس بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم- فلا سيما بعد القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية، فهي لاشكّ ولا ريبَ من محدثات الأمور، وقد علمتم جميعا حكم هذه المحدثات من افتتاحية دروسنا كلها حيث نقول فيها كما سمعتم آنفا : "خير الهدى هدى محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار".

ونحن وإياهم مجمعون على أن هذا الاحتفال أمر حادِث، لم يكن؛ ليس فقط في عهده - صلى الله عليه وسلم - بل ولا في عهد القرون الثلاثة كما ذكرنا آنفا.

ومن البدهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حياته لم يكن ليحتفل بولادته، ذلك لأن الاحتفال بولادة إنسان ما إنما هي طريقة نصرانية مسيحية، لا يعرفه الإسلام مطلقا في القرون المذكورة آنفا، فمن باب أولى ألا يعرف ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

ولأن عيسى نفسه الذي يحتفل بميلاده المُدّعونَ إتباعه، عيسى نفسَهُ لم يحتفل بولادته مع أنها ولادة خارقة للعادة، وإنما الاحتفال بولادة عيسى عليه السلام هو من البدع التي ابتدعها النصارى في دينهم، وهي كما قال - عز وجل- {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [سورة الحديد: 27].

هذه البدع التي اتخذها النصارى، ومنها الاحتفال بميلاد عيسى ما شرعها الله - عز وجل - وإنما هم ابتدعوها من عند أنفسهم، فلذلك إذا كان عيسى لم يحتفل بميلاده ومحمد - صلى الله عليه وسلم - أيضا كذلك لم يحتفل بميلاده والله - عز وجلّ - يقول {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [سورة الأنعام: 90].

فهذا من جملة الإقتداء، نبينا بعيسى - عليه الصلاة والسلام - وهو نبينا أيضا، ولكن نبوته نسخت ورفعت بنبوة خاتم الأنبياء والرسل - صلوات الله وسلامه عليهما -، ولذلك فعيسى حينما ينزل في آخر الزمان كما جاء في الأحاديث الصحيحة المتواترة إنما يحكم بشريعة محمد - صلى الله عليه وسلم -.

فإذاً محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يحتفل بميلاده، وهنا يقول بعض المبتلين بالاحتفال غير المشروع الذي نحن في صدد الكلام عليه، يقولون : "محمد - صلى الله عليه وسلم - ما راح يُحتفل بولادته ؟".
طيب سنقول لَمْ يحتفل بولادته - عليه السلام - بعد وفاته أحبّ الخلق من الرجال إليه، وأحبّ الخلق من النساء إليه، ذالكما أبو بكر وابنته عائشة - رضي الله عنهما - ما احتفلا بولادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كذلك الصحابة جميعا، كذلك التابعون، كذلك أتباعهم.

وهكذا إذًا لا يصح لإنسان يخشى الله ويقف عند حدود الله ويتعظ بقول الله - عز وجل -، {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [سورة الإسراء : 36].
فلا يقولنّ أحد الناس الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما احتفل لأنه هذا يتعلق بشخصه، لأنه يأتي بالجواب، لا أحد من أصحابه جميعا احتفل به - عليه السلام - فمن الذي أحدث هذا الاحتفال من بعد هؤلاء الرجال الذين هم أفضل الرجال، ولا أفضل من بعدهم أبدا ولن تلد النساء أمثالهم إطلاقا.

من هؤلاء الذين يستطيعون بعدَ مضي هذه السنين الطويلة ثلاثمائة سنة يَمضونَ لا يحتفلونَ هذا الاحتفال أو ذاك، وإنما احتفالهم من النوع الذي سأشير إليه إشارة سريعة كما فعلت آنفا، فهذا يكفي المسلم أن يعرف أن القضية ليست قضية عاطفة جانحة لا تعرف الحدود المشروعة، وإنما هو الاتباع والاستسلام لحكم الله - عز وجل - ومن ذلك: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة آل عمران : 31].
فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما احتفل، إذا نحن لا نحتفل، إن قالوا ما احتفل لشخصه، نقول ما احتفل أصحابه أيضا بشخصه من بعده فأين تذهبون؟.

كل الطرق مسدودة أمام الحجة البينة الواضحة التي لا تفسح مجالاً مطلقا للقول بِحُسْنِ هذه البدعة، وإن مما يبشر بالخير، أن بعض الخطباء والوعاظ بدأوا يضطرّون ليعترفوا بهذه الحقيقة وهي: أن الاحتفال هذا بالمولد بدعة وليس من السنة، ولكن يعوزهم ويحتاجون إلى شئ من الشجاعة العلمية التي تتطلب الوقوف أمام عواطف الناس الذين عاشوا هذه القرون الطويلة وهم يحتفلون، فهؤلاء كأنهم يجبنون أو يضعفون أن يصدَعوا بالحق الذي اقتنعوا به، ولذلك لا تجد يَروق، ولا أريد أن أقول : يُسَدّد ويُقارب فيقول: صحيح أن هذا الاحتفال ليس من السنة، ما احتفل الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا الصحابة، ولا السلف الصالح، ولكن الناس اعتادوا أن يحتفلوا، ويبدو أن الخلاف فقري، هكذا يُبرر القضية، ويقول: الخلاف شكلي، لكن الحقيقة أنهم انتبهوا أخيرا إلى أن هذا المولد خَرَجَ عن موضوع الاحتفال بولادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في كثير من الأحيان حيث يتطرق الخطباء أموراً ليس لها علاقة بالاحتفال بولادة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

أريد ألا أطيل في هذا، ولكني أذكر لأمر هام جدا طالما غفل عنه جماهير المسلمين حتى بعض إخواننا الذين يمشون معنا على الصراط المستقيم، وعلى الابتعاد من التعبد إلى الله عز وجل بأي بدعة، قد يخفى عليهم أن أي بدعة يُتعبد المسلم بها ربه عز وجل هي ليست من صغائر الأمور، ومن هنا نعتقد أن تقسيم البدعة إلى محرمة وإلى مكروهة يعني كراهه تنزيهيه.
هذا التقسيم لا أصل له في الشريعة الإسلامية كيف وهو مصادم مصادمة جلية للحديث الذي تسمعونه دائما وأبدا (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فليس هناك بدعة لا يستحق صاحبها النار.
ولو صح ذلك التقسيم لكان الجواب: ليس كل بدعة يستحق صاحبها دخول النار، لم؟ لأن ذاك التقسيم يجعل بدعة محرمة فهي التي تؤهل صاحبها النار، وبدعة مكروهة تنزيها لا تؤهل صاحبها للنار، وإنما الأوْلى تركُها والإعراض عنها.

والسِرّ وهنا الشاهد من إشارتي السابقة التي لا ينتبه لها الكثير، والسِّرّ في أن كل بدعة كما قال - عليه الصلاة والسلام – بحق، ضلالة، هو أنه من باب التشريع في الشرع الذي ليس له حق التشريع إلا رب العالمين - تبارك وتعالى - فإذا انتبهتم لهذه النقطة عرفتم حينذاك لماذا أطلق - عليه الصلاة والسلام - على كل بدعة أنها في النار، أي صاحبها ذلك لأن المبتدع حينما يشرع شيئا من نفسه، فكأنه جعل نفسه شريكا مع ربه- تبارك وتعالى - والله - عز وجل - يأمرنا أن نوحده في عبادته، وفي تشريعه فيقول مثلاً في كتابه: {فَلَا تَجْعَلُوا للَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [سورة البقرة: 22].
أندادا في كل شئ من ذلك في التشريع. - النِد: المِثْلُ والنظير؛ وجمعها أنداد-.

ومن هنا يظهر معشر الشباب المسلم الواعي المثقف الذي انفتح له الطريق إلى التعرف على الإسلام الصحيح من المفتاح لا إله إلا الله، وهذا التوحيد الذي يستلزم كما بَيّنَ ذلك بعض العلماء قديما، وشرحوا ذلك شرحا بيّنا، ثم تبعهم بعض الكتاب المعاصرين، أن هذا التوحيد يستلزم إفراد الله - عز وجل - بالتشريع يستلزم ألا يُشَرّعَ أحدٌ مع الله - عز وجل - أمراً ما، سواء كان صغيراً أم كبيراً، جليلاً أم حقيراً، لأن القضية ليست بالنظر إلى الحكم هو صغير أم كبير، وإنما إلى الدافِع إلى هذا التشريع، فإن كان هذا التشريع صَدَرَ من الله تقربنا به إلى الله، وإن كان صدر من غير الله - عز وجل - نبذناه وشرعته نبذ النواة.

ولم يُجِزْ للمسلم أن يتقرب إلى الله - عز وجل - بشيء من ذلك، وأوْلى وأوْلى ألاّ يَجوز للذي شَرَعَ ذلك أن يشرعه وأن يستمر على ذلك وأن يستحسنه.
هذا النوع من إفراد الله - عز وجل - بالتشريع هو الذي اصطلح عليه اليوم بعض الكتــّــاب الإسلاميين بتسمية بأن الحاكمية لله - عز وجل – وحده، لكن مع الأسف الشديد، أخذ شبابنا هذه الكلمة كلمة ليست مَبْيِنّة مُفَصّلَة، لا تشتمل كل شِرعَةٍ، أو كل أمر أدْخِلَ في الإسلام، وليس من الإسلام في شئ أن هذا الذي أدخل قد شارك الله - عز وجل - في هذه الخصوصية، ولم يُوَحّدِ الله - عز وجل - في تشريعه، ذلك لأن السبب فيما أعتقد في عدم وضوح هذا المعنى الواسع لجملة أن الحاكمية لله - عز وجل - هو أن الذين كتبوا حول هذا الموضوع، أقولها مع الأسف الشديد ما كتبوا ذلك إلاّ وهم قد نبّهوا بالضغوط الكافرة التي تَرِدُ بهذه التشريعات وهذه القوانين من بلاد الكفر وبلاد الضلال.

ولذلك فهم حينما دعوا المسلمين، وحاضروا وكتبوا دائماً وأبداً حول هذه الكلمة الحقــّـة، وهي أن الحاكمية لله - عز وجل - وحده كان كلامهم دائما يَنْصَبّ وَيَدورُ حول رَفْضِ هذه القوانين الأجنبية التي ترد إلينا من بلاد الكفر كما قلنا، لأن ذلك إدخال في الشرع ما لم يشرعه الله - عز وجل -.
هذا كلام حقٍ لا شكّ ولا ريب، ولكن قصدي أن ألفِتَ نظركم أن هذه القاعدة الهامـــّــة وهي: أن الحاكمية لله - عز وجل - لا تنحصر فقط برفض هذه القوانين التي ترد إلينا من بلاد الكفر، بل تشمل هذه الجملة، هذه الكلمة الحق كل شئ دخل في الإسلام، سواء كان وافداً إلينا أو نابعاً منا ما دامَ أنّهُ ليس من الإسلام في شئ، هذه النقطة بالذات هي التي يجب أن نتنبه لها، وأن لا نتحمّسْ فقط لجانبٍ هو هذه القوانين الأجنبية فقط، وَكُفرُها واضحٌ جدا، نتنبّه لهذا فقط بينما دخل الكفر في المسلمين منذ قرون طويلة وعديدة جداً والناس في غفلة من هذه الحقيقة، فضلاً عن هذه المسائل التي يعتبرونها طفيفة.

لذلك فهذا الاحتفال يكفي أن تعرفوا أنه مُحْدَثٌ ليس من الإسلام في شئ، ولكن يجب أن تتذكروا مع ذلك أن الإصرار على استحسان هذه البدعة، مع إجمالٍ جميلٍ كما ذكَرْتُ آنفا أنها محدثة، فالإصرار على ذلك أخشى ما أخشاه أن يُدْخِلَ المِصْرَّ على ذلك في جملة: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} [سورة التوبة: 31].
وأنتم تعلمون أن هذه الآية لما نزلت وتلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في المجلس عدي بن حاتم الطائي، وكان من العرب القليلين الذين قرأوا وكتبوا وبالتالي تنصروا، فكانَ نصرانيًا فلما نزلت هذه الآية لم يتبين له المَقصِدَ منها، فقال يا رسول الله ! كيف يعني ربنا يقول عنا نحن النصارى سابقا {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ} [سورة التوبة: 31].
ما اتخذناهم أحبارنا أربابًا من دون الله - عز وجل -؛ كأنه فَهِمَ أنهم اعتقدوا بأحبارهم ورُهبانهم أنهم يَخلُقون مع الله، يَرْزُقون مع الله وإلى غير ذلك من الصفات التي تفرد الله بها -عز وجل- دون سائر الخلق.
فبين له الرسول - عليه السلام - بأن هذا المعنى الذي خطر في بالك، ليس هو المقصود بهذه الآية، وإن كان هو معنى حقّ، يعني لا يجوز للمسلم أن يعتقد أن إنسانا ما، يَخلقُ وَيَرزُق.
لكن المعنى هنا أدق من ذلك فقال له: (ألستم كنتم إذا حرَّموا لكم حلالاً حرمتموه؟ وإذا حللوا لكم حراما حللتموه؟ قال: أمّا هذا فقد كان. فقال - عليه السلام -، فذاك اتخاذكم إياهم أربابا من دون الله).

لذلك فالأمر خطيرٌُ جداً استحسانُ بدْعَةِ المستحسنِ وَهُوَ يعلم أنه لم يكنْ من عمل السلف الصالح، وَلوْ كان خيراً لسبقونا إليه، قد حشرَ نفسهُ في زمرة الأحبار والرهبان الذين اتّخِذوا أرباباً من دون الله - عز وجل -، والذين أيضا يقلِّدونهم، فهم الذين نزل في صَدَدِهِم هذه الآية أو في أمثالهم {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
غرضي من هذا أنه لا يجوز للمسلم كما نسمع دائما، وكما سمعنا قريبًا قول: معليش الخلاف شكلي. الخلاف جذريّ وَعَميقٌ جداً، لأننا نحن ننظر إلى أن هذه البدعة وغيرها داخلة أولاً: في عموم الحديث السابق: (كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار).

وثانيا: ننظر إلى أن موضوع البدعة مربوط بالتشريع الذي لم يأذن به الله - عز وجل - كما قال - تعالى - {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ} [سورة الشورى : 21 ]. وهذا يقال كله إذا وقف الأمر فقط عند ما يسمى بالاحتفال، بولادته عليه السلام بمعنى قراءة قصة المولد أما إذا انضم إلى هذه القراءة أشياء وأشياء كثيرة جدًا؛ منها أنهم يقرءون من قصته - عليه الصلاة والسلام - قصة المولد.

أولاً: مالا يصح نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وثانيا: يذكرون من صفاته - عليه السلام - فيما يتعلق بولادته ما يشترك معه عامة البشر، بينما لو كان هناك يجب الاحتفال أو يجوز على الأقل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان الواجب أن تُذكر مناقبه - عليه الصلاة والسلام – وأخلاقه، وجهاده في سبيل الله، وقلبُهُ لجزيرة العرب من الإشراك بالله - عز وجل - إلى التوحيد، من الأخلاق الجاهلية الطالحة الفاسدة إلى الأخلاق الإسلامية؛ كان هذا هو الواجب أن يفعله، لكنهم جروا على نمط من قراءة الموالد لا سيما إلى عهد قريب عبارة عن أناشيد وعبارة عن كلمات مسجعة، وَيُقال في ذلك من جملة ما يُقال مثلا مما بَقى في ذاكرتي والعهد القديم "حملت به أمه تسعة أشهر قمرية" ما الفائدة من ذكر هذا الخبر؟ وكل إنسان منا تحمل به أمه تسعة أشهر قمرية، القصد هل أفضل البشر وسيد البشر - عليه الصلاة والسلام - يُذكر منه هذه الخصلة التي يشترك فيها حتى الكافر إذا خرج القصد من المولد خرج عن هدفه بمثل هذا الكلام الساقط الواهي.
بعضهم مثلا يذكرون بأنهُ ولُِدَ مختونا، مشروع وهذا من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، فهكذا يُمْدَح الرسول - عليه السلام -؟.

يعني نقول أن الاحتفال في أصله لو كان ليس فيه مخالفة سوى أنه مُحْدَثٌ لَكَفى وُجوبًا الابتعادُ عنه للأمرين السابقين: لأنه محدث، ولأنه تشريع، والله - عز رجل - لا يرضى من إنسانٍ أن يُشرّعَ للخلق ما يشاء فكيف وقد انضم إلى المولد على مرّ السنين أشياء وأشياء مما ذكرنا، ومما يطول الحديث فيما لو استعرضنا الكلام على ذلك، فحسب المسلم إذاً التذكير هنا والنصيحة:

أن يعلم أن أي شئٍ لم يكن في عهد الرسول - عليه السلام - وفي عهد السلف الصالح، فمهما زَخرَفَهُ الناس، ومهما زينوه، ومهما قالوا هذا في حبّ الرسول وأكثرهم كاذبون، فلا يحبون الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا باللفظ، وإلاّ بالغناء والتطريب، ونحو ذلك مهما زخرفوا هذه البدع، فعلينا نحن أن نظل مُتمَسّكين بما عليه سلفنا الصالح - رضي الله عنهم – أجمعين.
وتذكروا معنا بأن من طبيعة الإنسان المغالاة في تقدير الشخص الذي يحبه، لاسيما إذا كان هذا الشخص لا مثل له في الدنيا كلها، ألا وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمن طبيعة الناس الغلو في تعظيم هذا الإنسان، إلا الناس الذين يأتمرون بأوامر الله - عز وجل - ولا يَعتَدون، فهم يتذكرونَ دائماً وأبداً مثل قوله - تبارك وتعالى -: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [سورة الطلاق: 1].
فإذا كان الله - عز وجل - قد اتخذ محمدًا - صلى الله عليه وسلم - نبيا فهو قبل ذلك جعله بَشرًا سويًا لم يَجْعَلهُ مَلَكَاً خُلِقَ من نور مثلاً كما يزعمون.
وإنما هو بشر، وهو نفسه تأكيداً للقرآن الكريم: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [سورة الكهف 110]. هو نفسه أكد ذلك في غير ما مناسبة فقال: (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني).
وقال لهم مرة: (لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله فيها، وإنما ضعوني حيث وَضَعَني ربي - عز وجل - عبداً رسولاً).

لذلك في الحديث الصحيح في البخاري ومسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله) هذا الحديث تفسير للحديث السابق (لا ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله بها) فهو يقول لا تمدحوني كما فعلت النصارى في عيسى بن مريم، كأن قائلاً يقول: كيف نقول يا رسول الله ؟ كيف نمدحك؟ قال: (إنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله) ونحن حينما نقول في رسولنا - صلى الله عليه وسلم - عبدُ الله ورسولُه، فقد رفعناهُ ووضعناهُ في المرتبة التي وَضَعَهُ الله - عز وجل – فيها، لن ننزل به عنها، ولم نصعد به فوقها، هذا الذي يريدُهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم – منا.

ثم نجد النبي - صلوات الله وسلامه عليه - يطبّق هذه القواعد، ويجعلها حياةً يمشي عليها أصحابه رضوان الله عليهم معه، فقد ذكرت لكم غير ما مرة قصة معاذ بن جبل - رضي الله عنه - حينما جاء إلى الشام وهي يومئذ من بلاد الروم، بلاد النصارى، يعبدون القسيسين والرهبان، بقى في الشام ما بقى لتجارةٍ فيما يبدو، ولمّا عادَ إلى المدينة، فكان لمّا وقع بَصَرُهُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - هَمّ ليَسْجُدَ لمن؟ لِسَيّدِ الناس فقال له - عليه الصلاة والسلام - : (مَهْ يا مُعاذ - شو هذا - قال يا رسول الله إني أتيت الشام فرأيت النصارى يسجدون لقسّيسيهم وَعُظَمائِهم فرأيتكَ أنتَ أحَقّ بالسّجودِ منهم، فقال - عليه الصلاة والسلام: (لو كنت آمرًا أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها، لعظم حقه عليها).

وهذا الحديث جاء في مناسبات كثيرة لا أريد أن أستطرد إليها، وحسبنا هنا أن نلفت النظر إلى ما أراد معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أن يفعلَ من السجود للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما الذي دفعه على هذا السجود ؟ هل هو بغضه للرسول عليه السلام ؟ بطبيعة الحال لا، إنما هو العكس تماماً، هو حبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أنقذه من النار، لولا، هنا يقال الواسطة لا تنكر، لولا الرسول - عليه السلام - أرسله الله إلى الناس هداية لجميع العالم، لكان الناس اليوم يعيشون في الجاهلية السابقة وأضعاف مضاعفة عليها، فلذلك ليس غريبا أبداً لاسيما والتشريع بعد لم يكن قد كَمُلَ وَتَمّ.

ليس غريبا أبدًا أن يَهِمَّ معاذ بن جبل - رضي الله عنه - بالسجود للنبي - صلى الله عليه وسلم - كإظهار لتبجيلِهِ واحترامِهِ وتعظيمِهِ، لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي كان قرر في عقولهم وطبعهم على ذلك يريد أن يثبت عمليا بأنه بشر، وأن هذا السجود لا يصلح إلا لرب البشر، ويقول: (لو كنت آمراً أحداً أن يَسْجُدَ لأحدٍ لأمرْتُ الزوجة أن تسجُدَ لزوجها لعظم حقه عليها).
في بعض روايات الحديث: (ولكن لا يصلح السجود إلا لله عز وجل). إذاً، نحن لو استسلمنا لعواطِفنا لسَجَدنا لنبينا - صلى الله عليه وسلم - سواءً كان حياً أو ميتاً، لماذا؟ تعظيماً له، لأن القصْدَ تعظيمُهُ، وليس القصد عبادَتُهُ - عليه السلام - ولكن إذا كنا صادقين في حُبّهِ - عليه الصلاة والسلام - فيجب أن نأتمر بأمره، وأن ننتهي بنهيه، وألا نضربَ بالأمر والنهي عرض الحائط، بزعم أنهُ نحن نفعل ذلك حباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف هذا؟ .
هذا أولاً عكسٌ للنص القرآني ثم عكسٌ للمنطقِ العقليّ السليم ربنا - عز وجل - يقول: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} [سورة آل عمران: 31]... فإذاً اتباع الرسول - عليه السلام - هو الدليل الحق الصادق الذي لا دليل سواه على أن هذا المتبع للرسولِ - عليه السلام - هو المحبّ لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - ومن هنا قال الشاعر قوله المشهور:

تعصى الإله وأنت تظهر حبه *** هذا لعمرك في القياس بديع
لو كان حبك صادقاً لاطعـــته *** إن المحب لمن يحب مطـيع

هناك مثالٌ دون هذا ومع ذلك فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ربّى أصحابه عليه، ذلك أن الناس في الجاهلية كانوا يعيشون على عاداتٍ جاهلية وزيادةٍ أخرى عاداتٍ فارسيةٍ أعجمية، ومن ذلك أنه يقوم بعضُهُم لبعضٍ كما نحن نفعل اليوم تماماً، لأننا لا نتبع الرسول - عليه السلام-، ولا نصدّق أنفسنا بأعمالنا أننا نحبه - عليه الصلاة والسلام - وإنما بأقوالنا فقط، ذلك أن الناس كان يقوم بعضهم لبعض.
أما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقد كان أصحابُهُ معه كما لو كان فرداً منهم لا أحَدٌ يُظهر له من ذلك التبجيل الوثني الفارسي الأعجمي شيئاً إطلاقاً، وهذا نفهمهُ صراحةً من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : (ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا لا يقومون، لما يعلمونَ من كراهيته لذلك).

أنظروا، هذا الصحابي الجليل الذي تفضل الله عليه فأوْلاه خدمة نبيه - صلى الله عليه وسلم - عشرة سنين، أنس بن مالك كيف يجمع في هذا الحديث بين الحقيقة الواقعة بينه - عليه السلام - وبين أصحابه من حبهم إياه، وبين هذا الذي يدندنُ حوله أن هذا الحبّ يجب أن يُقيّدَ بالإتباع، وأن لا ينصاعَ، وأن لا يخضعَ صاحِبُهُ من هوى، وَحُبّكَ الشيء يعمي ويصم، فهو يقول حقاً.
ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه حقيقةٌ لا جدال فيها، لكنه يعطِفُ على ذلك فيقول: وكانوا لا يقومون لما يعلمون من كراهيته لذلك، إذاً لماذا كان أصحاب الرسول - عليه السلام - لا يقومون له؟ إتباعاً له تحقيقاً للآية السابقة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ} .
فاتباع الرسول هو دليل حبّ الله حباً صحيحاً ما استسلموا لعواطفهم كما وقع من الخلف الطال، نحن نقرأ في بعض الرسائل التي ألفَتْ حول هذا المولد الذي نحن في صدد بيان أنه محدث، جرت مناقشاتٌ كثيرةٌ مع الأسف، والأمر كالصّبحِ أبْلَجٍ واضِحٍ جداً، فناس ألفوا في بيان ما نحن في صدده أن هذا ليس من عمل السلف الصالح، وليس عبادة وليس طاعة، وناس تحمسوا واستسلموا لعواطفهم، وأخذوا يتكلمون كلاماً لا يقوله إلا إنسان ممكن أن يقال في مثله: إن الله - عز وجل - إذا أخذ ما وهب أسقط ما أوجب. لماذا؟.
لأن في المولد حتى الطريقة القديمة ما أدري الآن لعلهم نسخوها أو عَدّلوها كانوا يَجلسونَ على الأرض فكانوا إذا جاء القارئ لقصة ولادةِ الرسول - عليه السلام - وَوَضْعِ أمّهِ إياه، قاموا جميعاً قياماً، وكانوا يبطشون بالإنسان إذا لم يتحرك وظل جالسا،ً فَجَرَتْ مناقشات حول هذا الموضوع، فألف بعضهم رسالة فقال هذا الإنسان الأحمق قال : لو استطعت أن أقوم لولادةِ الرسول - عليه السلام - على رأسي لفعلت، هذا يدري ما يقول ؟؟. الحق ما قال الشاعر:

فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة **** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.

ترى إذا عملنا مقابلة بين هذا الإنسان الأحمق، وبين صحابة الرسول الكرام حسبنا واحدٌ منهم مش الصحابة حتى ما نظلمهم، ترى من الذي يحترم ويوقر الرسول - عليه السلام – أكثر، أذاك الصحابي الذي إذا دخل الرسول - عليه السلام - لا يقوم له، أم هذا الخلف الأحمق يقول : لو تمكنت لقمت على رأسي؟ هذا كلام إنسان مثل ما قلنا آنفاً يعني هايم ما يدري ما يخرج من فمه، وإلا إذا كان يتذكر سيرة الرسول - عليه السلام – وأخلاقه، وتواضعه، وأمره للناس بأنه ما يرفعوه إلى آخر ما ذكرنا آنفاً، لما تجرأ أن يقول هذه الكلمة، لاسيما وهو يقول ذلك بعد وفاته - عليه السلام - حيث الشيطان يتخذ طريقاً واسعاً جداً لإضلال الناس وإشكال الناس لنبيهم - صلى الله عليه وسلم -، بعد وفاته أكثر منه في حياته - عليه السلام - لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حيّ يَرى فينْصَح وَيُذَكّر وَيُعَلّم، وهو سيد المعلمين، فلا يستطيع الشيطان أن يتقرّب إلى أحدٍ بمثل هذا التعظيم الذي هو من باب الشرك.

أما بعد وفاته - عليه السلام - فهنا ممكن أن الشيطان يتوغّل إلى قلوب الناس وإخراجهم عن الطريق الذي تركهم الرسول- صلوات الله وسلامه عليه - فإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم - في حياته ما يقوم له أحد وهو أحق الناس بالقيام لو كان سائغاً، فنحن نعلم من هذا الحديث، حديث أنس أن الصحابة كانوا يحبون الرسول - عليه السلام - حبا حقيقياً وأنهم لو تُرِكوا لأنفسهم لقاموا له دائما وأبداً، ولكنهم هم المجاهِدون حقاً، تركوا أهواءهم إتباعاً للرسول - عليه السلام - ورجاءَ مغفرة الله - عز وجل - ليُحفظوا بحب الله - عز وجل – لهم، فيغفر الله لهم.

هكذا يكون الإسلام، فالإسلام هو الاستسلام، هذه الحقيقة هي التي يجب دائما نستحضرها وأن نبتعد دائماً وأبداً عن العواطف التي تفتن الناس كثيراً وكثيراً جداً، فتخرجهم عن سواء السبيل.
لم يبق الآن من تعظيم الرسول - عليه السلام - في المجتمعات الإسلامية إلا قضايا شكلية، أما التعظيم من حق كما ذكرنا، وهو إتباعه فهذا أصبح محصوراً و محدوداً في أشخاص قليلين جداً، وماذا يقول الإنسان في الاحتفالات اليوم رفع الصوت والتطريب وغناء، لو رفع صوته هذا المغني واضطرب، وحرك رأسه ونحو ذلك أمام الرسول - صلى الله عليه وسلم - لكان ذلك لا أقول هل هو الكفر، وإنما هو إهانة للرسول - عليه السلام - لكان ذلك لا أقول هل هو الكفر، وإنما هو إهانة للرسول - عليه السلام - وليس تعظيماً له وليس حباً له، لأنه حينما تروْنه يرفع صوته، ويمدّ وَيَطلع، وينزل في أساليب موسيقية ما أعرفها، وهو يقول: يفعل ذلك حبا في رسول الله، إنه كذاب، ليس هذا هو الحب، الحب في اتباعه.

ولذلك الآن تجد الناس فريقين: فريق يقنعون لإثبات أنهم محبون للرسول عليه السلام على النص على الصمت، وهو العمل في أنفسهم في أزواجهم في ذرياتهم.
وناس آخرون يَدَعونَ هذا المجال فارغا في بيوتهم، في أزواجهم، في بناتهم، في أولادهم، لا يعلمونهم السنة ولا يربّونهم عليها، كيف وفاقد الشيء لا يعطيه؟.
وإنما لم يبق عندهم إلا هذه المظاهر، إلا الاحتفال بولادة الرسول - عليه السلام - ثم جاء الظغث على إبالة كما يُقال، فصار عندنا أعياد واحتفالات كثيرة، كما جاء الاحتفال بسيد البشر تقليداً للنصارى، كذلك جرينا نحن حتى في احتفالنا بمواليد أولادنا أيضاً على طريقة النصارى.

وإن تعجب فعجبٌ من بعض هؤلاء المنحرفين عن الجادة يقولون: النصارى يحتفلوا بعيساهم بنبّيهم نحن ما نحتفل بميلاد نبينا عليه الصلاة والسلام؟.

أقول: هذا يذكرنا بما حينما كان في طريق في سفر فمروا بشجرة ضخمة للمشركين كانوا يعلقون عليها اسلحتهم فقالوا كلمة بريئة جدا، ولكنها في مشابهة لفظية، قالوا: (يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال - عليه السلام -: (الله أكبر !! هذه السنن، لقد قلتم كما قال قوم موسى لموسى، اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهة).

قد يستغرب الإنسان كيف الرسول - عليه السلام - يقتبس من هذه الآية، حجة على هؤلاء الذين ما قالوا: {اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة}. وإنما قالوا اجعل لنا شجرة نُعَلق عليها أسلحتنا، كما لهم شجرة، فقال له هذه السنن - يعني بدأتهم تسلكون سنن من قبلكم كما في الأحاديث الصحيحة -.

قلتم كما قال قوْمُ موسى لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة فكيف بمن يقول اليوم صراحة النصارى يحتفلوا بعيساهم نحن ما نحتفل بنبينا عليه السلام؟ الله أكبر هذه السنن وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى دخلوا جُحرَ ضبّ لدخلتموه، قالوا يا رسول الله ! اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟).

أخيرا أقول: «إن الشيطان قاعد للإنسان في المرصاد، فهو دائماً وأبدًا يجتهد لصرف المسلمين عن دينهم ولا يصرفهم معلنا». انتهى.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-08-2011, 04:47 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

وهذه مواضيع ذات صلة

لنـــــــــا عيدنـــــــــــا

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...=3438#post3438

مناظرة فضيلة الشيخ الألباني - رحمه الله - مع من يدّعي جواز الإحتفال بالمولد النبوي.

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=14696

نماذج من البدع المعاصرة.

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=24558

الإحتفال بالمولد النبوي بدعة مُحدثة ... لماذا ؟.

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...=9202#post9202
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-08-2011, 09:08 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

جزاك الله خيرًا -أيتها الفاضلة- وبارك فيك وفي جهودك، وجعله في موازين حسناتك.
ومن هنا للمزيد
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-08-2011, 09:37 PM
ام عباده ام عباده غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
الدولة: الاردن
المشاركات: 196
افتراضي

بوركتِ امي الفاضلة وجزاك الله خيرا وجزى الله خيرا اختي ام زيد وبارك فيها .......
__________________
تَفنى اللَذاذَةُ مِمَّن نالَ صَفوَتَها
مِنَ الحَرامِ وَيَبقى الإِثمُ وَالعارُ

تُبقي عَواقِبَ سوءٍ في مَغَبَّتِها
لا خَيرَ في لَذَةٍ مِن بَعدِها النارُ
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-03-2011, 07:52 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام عباده مشاهدة المشاركة
بوركتِ امي الفاضلة وجزاك الله خيرا وجزى الله خيرا اختي ام زيد وبارك فيها .......
وإياكما ولكما بمثل وزيادة ابنتيّ الغاليتين «أم زيد» و «أم عبادة»

شكر الله لكما المرور والدعاء؛ وبارك فيكمـــا وعليكمـــا وأحبتكمـــا.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-03-2011, 08:37 PM
أم عبدالله الأثرية أم عبدالله الأثرية غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
الدولة: العراق
المشاركات: 729
افتراضي

جزاك الله كل خير أم عبدالله نجلاء الصالح الفاضلة وزادك من فضله
الحمدلله أن أنار بصائرنا للحق , نسأل الله دوام العافية
__________________
وعظ الشافعي تلميذه المزني فقال له: اتق الله ومثل الآخرة في قلبك واجعل الموت نصب عينك ولا تنس موقفك بين يدي الله، وكن من الله على وجل، واجتنب محارمه وأد فرائضه وكن مع الحق حيث كان، ولا تستصغرن نعم الله عليك وإن قلت وقابلها بالشكر وليكن صمتك تفكراً، وكلامك ذكراً، ونظرك عبره، واستعذ بالله من النار بالتقوى .(مناقب الشافعي 2/294)
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-04-2011, 02:14 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم عبدالله الأثرية مشاهدة المشاركة
جزاك الله كل خير أم عبدالله نجلاء الصالح الفاضلة وزادك من فضله
الحمدلله أن أنار بصائرنا للحق , نسأل الله دوام العافية
وإياكم ولكم بمثل وزيادة ابنتي الغالية " أم عبدالله الأثرية " رؤية وجه الله الكريم في جنة عرضها كعرض السموات والأرض.

أحمد الله إليك يا الحبيبة على السلامة والعودة بعد طول غياب، أرجو أن تكوني والأهل الكرام في خير حال.

جمعنا الله وإياك والأخوات الفاضلات في هذه الحياة الدنيا على طاعته وفي الدار الآخرة في مستقرّ رحمته ودار كرامته.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:25 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.