أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
100653 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 05-29-2011, 09:43 PM
مختار طيباوي مختار طيباوي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 182
افتراضي الأدلة النقلية و العقلية على شرعية الدعوة السلفية


الأدلة النقلية و العقلية على شرعية الدعوة السلفية
ملخص عن كتاب (( الربوبية)) لشخ الإسلام ابن تيمية

هدية لأخينا عمر عبد الهادي الكرخي:هكذا نرى السلفية ...........



بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين.
أما بعد، فقد اختلف الناس منذ الزمان القديم و إلى يومنا هذا، ومعهم المسلمون في أقوم الطرق التي يجب أن يسلكها الإنسان في العلوم الإلهية ليعرف الحقيقة، ومن ثم يدرك السعادة بمعرفتها، و السعادة باتباعها.
فمنهم من سلك طريق النظر و القياس و العقل ظنا منه أن العقل يفضي دائما إلى النتائج البرهانية، ولما وصل إلى حقائق الغيب توقف و عاد أدراجه بالمنهج التجريبي عندما أدرك أن الغيب طور آخر للمعرفة لا مطمع للعقل أن يدركه أو يتجاوزه، فأحس الناس بالخيبة إذ أسمى الغايات، وهي معرفة الخالق، و أسرار هذا الخلق عجز عنه العقل، و لما عجز هذا النوع من العقل عن إدراك هذه المطالب العالية زعم أن الغاية من وجود الإنسان هو إن يتحرر هذا الإنسان و يترفه و يزدهر.
فتبرير الهزائم فطرة مغروسة في عقل الإنسان جبل على طلب الأسباب ومعرفة العلل ليعلم أنه حين لا يقدر على معرفة الأسباب و ربط العلل بالمعلولات يستخلص أن هناك عالما و علما و معرفة يقصر دونها فعليه أن يلتمس إليه طريقا أخرى.
ولما كان العقل لا يعرف من طرق العلم المزدوجة معه إلا طريق المعرفة القلبية، فإنه أدرك منذ القدم أن جميع نظرياته مبنية على المعارف الضرورية التي يمده بها القلب، و انه بدونها ينتهي إلى مرضه العضال، وهو السفسطة، ثم الوساوس.
فإذا كانت البديهيات مغروسة في فطرة الإنسان فيعني أن أحدا قد غرسها، و حرص على أن يكون للقلب دورا في مسالك العلوم.
إلا أن من أدرك هذه الحقيقة ظن أن المعرفة القلبية طورا أعلى من المعرفة العقلية، و لذلك أراد أن يستقل بها مهملا المعرفة العقلية، فانتهى به هو الآخر الأمر إلى تعظيم الوله، و الحيرة، و الجنون!
إذ المعرفة القلبية معرفة وجدانية شعورية تقود غالبا إلى تعظيم المطلق و الكلي ، والقلب أعجز المسلكين عن تبرير العلل الفرعية، و معرفة الأسباب العقلية التي لابد للإنسان منها لأعمار الأرض، وتحقيق جانبه المادي.
فانتهى الأمر إلى الروحانية المفرطة التي أهملت الحياة ، و بإهمالها الحياة أهملت البناء الأساسي الذي تقوم عليه الروحانية .
و عند المسلمين لم يختلف الأمر عن غيرهم، فإما الفلسفة ،و الكلام، و العقلانية، و إما الوجد، و التجرد، و الروحانية.
فما موقف أهل السنة و الجماعة من كل هذا، و أية طريق سلكوا وما حجتهم ؟
إن الذي يلاحظه الباحث في هذا المجال لأول وهلة هو أن المسلمين كلهم أي من الطرق الثالثة يقرون ببعثة الأنبياء، و لكنهم يتعاملون مع مقام النبوة معاملة مختلفة، فأهل الكلام يعتبرون علم النبوة علما سمعيا نقليا لا يحمل في طياته الأدلة العقلية، و البراهين المنطقية، و لذلك لابد عند توضيحه من الاستعانة بالطرق العقلية، و الحجاج عنه ببراهين العقل، و طرق الجدال!
فدخلوا هذا المضمار، وانتهوا على ما يعرفه كثير من الناس إلى التناقض، و الحيرة، أو تكافؤ الأدلة، و ضياع الحق و الحقيقة بين ذلك.
أما الآخرون، وهم أهل التجرد والوجد فظنوا كاهل الكلام أن الأنبياء جاؤوا بعلوم لتنظيم العامة، و أن النبوة طور معرفي من أطوار المعرفة القلبية، ولذلك فإن ما يمكن أن يأخذ من النبي يمكن أن يأخذ بواسطة الرياضة و التجرد .
طريقة أهل السنة و حججهم:
إن المقدمة التي تنطلق منها دعوة أهل السنة و الجماعة في طرق العلم المختلفة مقدمة إيمانية، ليست مقدمة وجدية صوفية بحتة، ولا مقدمة عقلية كلامية صرفة، بل تجمع بين مخاطبة العقل الفطري الصحيح الخالي من الشبهات، و القلب السليم من الشهوات، أو بالأحرى تقود إلى ذلك.
توطئة:
لقد سلك المسلمون في أصل العلم طريقين: طريق العقليات، ويضم: القياس، والمنطق والنظر المحض، والرأي، وطريق العمل والوجد، ويضم: الإلهام، والإشراق النفسي أو الفيض وغير ذلك.
ومنهم من جمع بين الطريقين، أو سلك تارة هذا وتارة هذا، وأكثر هؤلاء لا يعلم أن لله طريق ثالث غير هذين، كما هو حاصل للغزالي، وابن رشد، والرازي، وابن سينا والآمدي، و أكثر الأصوليين من المتكلمة والقياسية ، حصروا طرق العلم في الكلام والفلسفة الذي هو النظر والقياس ،أو في التصوف والعبادة الذي هو العمل والوجد.
فأهل النظر والقياس استنبطوا أصول الفقه من هذا الأصل، أما أهل العبادة والزهد فينفرون من كل ماهو عقلي، وبينهم أصناف من الناس.
فعمدة المتكلمين في أصل علمهم الذي يضم جميع علومهم، أو العلوم التي خاضوا فيها، هو القضايا التي يسمنوها العقليات، وقد بنوها على مقاييس تستلزم رد كثير مما جاءت به السنة، فأصابهم الخلل من جهة ضعف قياسا تهم التي بنوا عليها، ومن جهة ردهم السنة، وهم قسمان:
قسم بنوا على هذه العقليات القياسية الأصول العلمية دون العملية كالأشعرية، وقسم بنوا عليها الأصول العلمية والعملية كالمعتزلة، حتى إن هؤلاء يأخذون القدر المشترك في الأفعال بين الله وبين العباد، فما حسن من الله حسن من العبد، وما قبح من العبد قبح من الله، ولهذا سماهم الناس مشبهة الأفعال.
وهؤلاء الأشاعرة الذين فرقوا بين الأصول العلمية والأصول العملية هم قدماء الأشعرية كابن فورك، ومجاهد، والجويني، فهذا الأخير كتب ( البرهان) على طريقة فقهاء الشافعية، ولم يكتبه على طريقة المتكلمين.
بينما الأشاعرة المتأخرون كالرازي، والآمدي ،ومن جاء بعدهم، ففي كتبهم مادة قوية من الاعتزال خاصة مادة القاضي عبد الجبار التي أخذوها عن أبي الحسين البصري، فكتب متأخري الأشاعرة من مصادر أصول الفقه على طريقة المعتزلة، تجد ذلك واضحا في كتبهم ومصطلحا تهم وتقاسيمهم .
وهذا الوضع الذي أخبر به ابن خلدون في (المقدمة) وهو خلط مباحث الكلام بالفلسفة الذي قام به متأخرو المتكلمين لم يقتصر على علم الكلام وحده ، بل تعداه إلى أصول الفقه ، فلا تجد كتابا من كتبهم إلا وقد أشبع بمباحث المنطق ، وليس المنطق مجرد قياسات وحدود رسمية، بل هو طريقة في التفكير تعتمد الميتافيزيقا اليونانية، أو أصول الإلهيات عند اليونان .
سنذكر خطورته، وخطورة التعامل به في أصول الفقه لاحقا.
لقد انحرف المتكلمون والصوفيون عن أصل العلم عند أهل السنة، ذلك أن طريقي النظر والوجد كل منهما واجب، ولا بد منه، ولا تتم السعادة إلا به، لكن النظر النافع أن يكون في دليل ،فإن النظر في غير دليل لا يفيد العلم بالمدلول عليه ، والدليل هو الموصل إلى المطلوب، والمرشد إلى المقصود.
والدليل التام هو الرسالة ، وكذلك العبادة التامة فعل ما أمر به العبد، وما جاءت به الرسل ، فالقرآن ذكر القوة النظرية العلمية ، والقوة الإرادية العملية ، كقوله تعالى:{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} فالهدى كمال العلم، ودين الحق كمال العمل ، ويتوضح هذا الأمر بذكر مكانة العقل عند المتكلمة والمتصوفة ،وأهل السنة ، ثم ذكر كيف يكون النظر في الدليل الهادي.
موقف الطرق العلمية من العقل:
المتكلمون:
جعل المتكلمون العقل وحده أصل علمهم ، ويفردونه دون كل الطرق الأخرى ، ويجعلون القرآن والإيمان تابعين له ، فالمعقولات عندهم هي الأصول الكلية الأولية المستغنية بنفسها عن الإيمان والقرآن.
وليس في أصول الفقه نعرف أصل العلم عند المتكلمين أو غيرهم ، وعليه ليست أصول الفقه هي أساس العلوم الذي تتفرع عنه كما يظنه بعض الفضلاء ، وإنما أصل العلوم العلم الإلهي ، أو أصول الدين أو التوحيد.
المتصوفة:
أما المتصوفة فيذمون العقل، ويعيبونه، ويرون أن الأحوال العالية، والمقامات الرفيعة لا تحصل إلا مع عدمه ، ويقرون من الأمور بما يكذب به صريح العقل، ويمدحون السكر، والجنون، والوله، وأمورا من المعارف، و الأحوال التي لا تكون إلا مع زوال العقل والتمييز ، كما يصدقون بأمور يعلم بالعقل الصريح بطلانها ، ممن لم يعلم صدقه ،وكلا الطرفين مذموم.
أهل السنة :
العقل عند أهل السنة شرط في معرفة العلوم، وكمال وصلاح الأعمال ، وبه يكمل العلم والعمل ، لكنه لا يستقل بذلك، لأنه غريزة في النفس ، وقوة فيها، بمنزلة قوة البصر التي في العين ، فان اتصل به نور القرآن والإيمان كان كنور العين إذا اتصل به نور الشمس ، وإن انفرد بنفسه لم يبصر الأمور التي يعجز وحده عن دركها ، و إن عزل بالكلية كانت الأقوال والأفعال مع عدمه أمورا حيوانية ، كما يحصل للبهيمة .
فالأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة ، والأقوال المخالفة للعقل باطلة ، والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه ، لم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه ، لكن المسرفين فيه قضوا بوجوب أشياء وجوازها وامتناعها لحجج عقلية بزعمهم اعتقدوها حقا وهي باطل، وعارضوا بها النبوات، وما جاءت به.
والمعرضون عنه صدقوا بأشياء باطلة، ودخلوا في أحوال و أعمال فاسدة ، وخرجوا عن التمييز الذي فضل الله به بني آدم على غيرهم.
ومن أهل الحديث من يقترب إلى المتكلمة فيعارض به السنن الثابتة ، ومنهم من يقترب إلى المتصوفة فيعزل العقل عن محل الولاية ، ومثل ماهم في العقل هم في الوجد سواء بسواء. (انظر المجموع:210/3).
لوازم النظر في المسائل العلمية:
الناظر في المسائل العلمية يحتاج إلى شيئين:
1ـ أن يظفر بالدليل الهادي ، وإلى أن يظفر به وينتفع منه فقد أمره الشرع بما يوجب أن ينزل على قلبه الأسباب الهادية، ويصرف عنه الأسباب المعوقة، وهو ذكر الله تعالى وعدم الغفلة عنه ، فإن الشيطان وسواس خناس ، فإذا ذكر العبد ربه خنس ، وإذا غفل عن ذكر الله وسوس، ولذلك قلنا :
أخطأ المتكلمون والصوفيون في سلوك طرقهم ابتداء مجردة عن الإيمان بالله وبرسوله ، مقتصرين على مجرد ما يحصله نظر القلب والعقل الموافق لما جاءت به الرسل تارة، والمخالف له تارة أخرى.
فمجرد النظر العقلي ، ومجرد التجرد السلوكي مجرد تعبد عقلي دون النظر الشرعي والعمل الشرعي.
فذكر الله يعطي الإيمان، وهو أصل الإيمان ، والله سبحانه هو رب كل شيء ومليكه ، وهو معلم كل علم وواهبه، فكما أن نفسه أصل لكل شيء موجود ، فذكره والعلم به أصل لكل علم .
والقرآن يعطي العلم المفصل فيزيد الإيمان ، كما قال جندب بن عبد الله البجلي وغيره من الصحابة : ((تعلمنا الإيمان ثم تعلمنا القرآن فازددنا إيمانا))
ولهذا كان أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم :{ اقرأ باسم ربك الذي خلق} العلق، فأمره أن يقرأ باسم الله ، فتضمن هذا الأمر بذكر الله ، وما نزل من الحق ، وقال :{ خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم}.
فذكر سبحانه أنه خلق أكرم الأعيان الموجودة عموما وخصوصا وهو الإنسان ، وأنه المعلم للعلم عموما وخصوصا للإنسان ، وذكر التعليم بالقلم ، الذي هو آخر المراتب ليستلزم تعليم القول ،وتعليم العلم الذي في القلب.
وحقيقة الأمر أن العبد مفتقر إلى من يسأله من العلم والهدى ، طالب سائل فبذكر الله والافتقار إليه يهديه الله ويدله ، كما قال : ((يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم )) رواه مسلم في البر.
ومما يوضح ذلك : أن الطالب للعلم بالنظر والاستدلال والتفكر والتدبر لا يحصل له ذلك إن لم ينظر في دليل يفيده العلم بالمدلول عليه ، ومتى كان العلم مستفادا بالنظر فلابد أن يكون عند الناظر من العلم المذكور الثابت في قلبه مالا يحتاج حصوله إلى نظر ، فيكون ذلك المعلوم أصلا وسببا للتذكير الذي يطلب به معلوما آخر ، أي: إن طالب العلم ولا بد له أن يبدأ مشواره العلمي بمقدمات مسلمة لا برهان له عليها، إذ لو كان له برهان عليها لما احتاج إلى طلب العلم.
ولكن السلفي المقدمات المسلمة التي ينطلق منها هي: المقدمات الإيمانية المبنية على الطاعة والتسليم ،والذكر المستوجب للعلم والمعرفة.
بينما المتكلم والصوفي يسلم بمقدمات يبني عليها مشواره العلمي هي في الأخير ضلالات وجهليات .
وعليه نقول: أن ينطلق المسلم في طلب العلم باستيعاب العقائد السلفية والآثار السنية تسليما بصدق المخبر بها، و أنها الوحي الذي لا يأتيه الباطل من أي جهة، هو الكفيل له بدرك ما يتفرع عن ذلك من علوم أخرى كأصول الفقه والفقه والسلوك وغير ها ، غير أن يبدأ بهذه العلوم التي أساسها عقلي مجرد ،أو وجدي مجرد عن المقدمة الإيمانية .
العلم بمعاني ما أخبر به الله تعالى ، وأخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم يدخل فيه التفكير والتقدير كما جاء به الكتاب والسنة .
2ـ النظر الصحيح يكون في دليل حق ليتنزه عن الباطل ، فالنظر إن كان في دليل هاد كالقرآن والسنة وسلم من معارضات الشيطان من شبهات وشهوات تضمن العلم والهدى ،ولذلك أمر الله بالاستعاذة عند القراءة ، أما إذا كان في دليل مضل ، والناظر يعتقد صحته كمن ينظر في أصول المتكلمين معتقدا صحتها غير مميز بينها وبين أصول أهل السنة ، أو قد تكون المقدمات صحيحة لكن التأليف بينها غير مستقيم ، وفي الحالتين يدخل قلبه بعض الاعتقاد الفاسد .
فإذا كان الناظر لا بد له من منظور فيه ، والنظر في نفس المتصور المطلوب حكمه لا يفيد علما ، بل ربما خطر له بسبب ذلك النظر أنواع من الشبهات يحسبها أدلة لفرط تعطش القلب إلى معرفة حكم تلك المسألة، وتصديق ذلك التصور ، وهذا ما قد حصل بالفعل لبعض المنتسبين للسنة عند ما نظروا في المنطق، وهو نظر في دليل غير هاد بل مضل ،ولم يكن معهم من العلم بطرق النظر القرآنية ،والسنية السلفية الإيمانية نصيب كبير، استوجب لهم نوع اعتقاد فاسد، وشبهات تشابكت خيوطها فجاؤا بعلم خليط من أصول سنية وأخرى كلامية.
إن النظر المفيد للعلم هو ما كان في دليل هاد ، والدليل الهادي على العموم والإطلاق كتاب الله وسنة نبيه، فبذكر الله وما نزل الحق يحصل النفع والهدى في العلم .
بيان تفوق الطريقة الإيمانية على طريقتي النظر والوجد:
من المعلوم عند كافة المسلمين الذي في دينهم نصيب صحيح من العلم أن الأنبياء والمرسلين عرفوا الله بالوحي المعرفة التي هي حقيقة المعرفة الموافقة للحقيقة المطابقة لها ، وعبدوه العبادة التي هي حق له بحسب ما منحهم ، وعرفوا من خصوص الربوبية مالا يقوم به مجرد القياس النظري ، ولا يناله مجرد الذوق الإرادي ، فهذه أم المقدمات العلمية و أساسها أي انحراف عنها يستلزم الباطل لا محالة.
فمن اعتقد أن في النظر أو الوجد علما لم يعرفه الأنبياء فقد ضل سواء السبيل، وهو إلى الضرب والحبس أحوج منه إلى المجادلة والمناظرة.
المقدمة الثانية وهي صنو الأولى ولا تقل عنها أهمية :أنهم قد أخبروا بالمقدمة الأولى وبلغوها البلاغ الكامل التام الذي ليس بعده بلاغ.
فإذا عرف الأنبياء الحق في العقائد و الأحكام ،وبلغوه كما عرفوه لزم أن معرفة هذا الحق متوقفة بالدرجة الأولى على معرفة أخبارهم، ولا يكون ذلك إلا بالسند أقصد بعلم الحديث ، فبعلم الحديث نعرف الحق الذي عرفه الأنبياء و أخبروا به ، فلزم أن أول طرق العلم العلم بالسنة والآثار.
وعليه فما لا يتم معرفة الله ورسوله إلا به فهو مقدم في المعرفة.
وبهذا يتبين أن:
1 ـ الطريقة الحديثية النقلية الجامعة بين النظر في الدليل الهادي، والعبادة بالعمل الشرعي موصلة إلى عين المقصود.
والطريقة الكلامية القياسية لا توصل إلا إلى نوع المقصود لا إلى عينه ، فلم توافق الطريقة السلفية لا في الوسائل، ولا في المقاصد.
2ـ الطريقة السلفية بناء الفرع على الأصل ، وتقديم الأصل على الفرع ، وهذا هو الحق الموافق للكتاب والسنة ، وهذا أصلهم في العلم ، فإذا كان التأويل فرعا على التصحيح ، وكما يقول الناس : "اثبت العرش ثم انقش" لزم أن الأصل علوم الحديث، و أصول الفقه فرع عليه ، فالذين تكلموا ابتداء في أصول الفقه هم فقهاء الحديث، وليس العكس أي: لم يكن الأصوليون أول من تكلم في علم الحديث.
وعلوم المسلمين بدأت بنقل الأخبار ثم تأويلها ، وغالب المدونين لعلوم الحديث في كتب أصول الفقه هم من الفقهاء، وليسوا من المحدثين ، فابن سريج، والاسفرائيني، والجويني، والغزالي، والرازي، والآمدي، والقرافي، والأرموي، والسبكي، و الكرخي، والكعبي، وأبو الحسين البصري، والقاضي عبد الجبار، والقاضي أبو يعلى، وابن عقيل، والسرخسي، والزركشي، والدبوسي، وابن الهمام ، والإسنوي ، و أبو الخطاب الكلوذاني، و صدر الشريعة، وابن عابدين، وابن قدامة، والتستري،وشمس الدين الأصفهاني،والبزدوي،والنسفي،وابن الحاجب، والبهاري، والتلمساني ، والشاطبي، والسمعاني، و الشيرازي ، ليسوا من المحدثين .
أما ابن حزم فهو ممن يستحسن المنطق والفلسفة ،وخلط علمه بهما في العقائد والأحكام و إن كان من حفاظ الحديث ، و كانت له استقلالية في تقرير الأصول ،وفي كتابه مباحث جيدة موافقة لأهل الحديث .
أما الشوكاني فقد بينا لك أنه لم يكتب (الإرشاد) استنباطا من كتب فقهاء الحديث، وإنما من كتب الرازي، والآمدي عبر الوسائط ،فليس كتابه إلا امتدادا لكتب المتكلمين لا غير.
3ـ طريقة المتكلمين والقياسيين كثيرة المقدمات ، ومقدماتها في الغالب يقع النزاع فيها أو خفية لا يدركها إلا قلة من الناس ، ولذلك لا يتفق منهم اثنان على مقدمة واحدة، ولعلك لا تظفر في كتبهم على قاعدة أصولية واحدة اتفقوا عليها.
4 ـ إن وافقت قواعدهم النصوص فهو من باب إيضاح الواضح، ولم يستقلوا أبدا بمعرفة الحق أو جزءا من الحق.
قد يقول أصحاب النظر والقياس وأصحاب الوجد والتجرد: من أين لكم ابتداء صحة الإيمان بالله ورسوله ، حتى يصير ذلك أصلا يبنى عليه ، وينتقل معه إلى ما بعده؟
فإننا تعبنا التعب الطويل الشاق لتقرير هذا الأصل في أنفسنا ، فسمى أهل القياس ما يقرر الربوبية والنبوة: العقليات والنظريات .
وسماها أهل الوجد: الذوقيات والوجديات .
الإيمان أول الواجبات على المسلم علما وعملا:
كون الإيمان أول واجبات المسلم، هو كذلك أول واجبات الفرق، لا التحزب على السياسة، ، ولا السلوكيات .
وكونه أول الواجبات في العمل يقتضي أنه أول الواجبات في العلم ، وليس النظر العقلي كما تقوله المتكلمة: أشعرية ومعتزلة .
توضيح ذلك: سالك سبيل النظر والقياس لطلب معرفة العلم الإلهي من أين له ابتداء أن سلوك هذا الطريق يحصل له علما ومعرفة ، فإنه ليس معه ابتداء إلا مجرد إخبار مخبر بأنه سلك هذا الطريق فوصل ، أو خاطرة تقع في قلبه سلوك هذا الطريق إما مجوزا للوصول ، أو متحريا، أو سلوكا ابتداء بلا انتهاء .
فإن كل العلوم لا بد للسالك فيها في البداية مصادرات يأخذها مسلمة إلى أن تتبرهن فيما بعد.
إذ لو كان كل طالب علم حين يطلبه قد نال ذلك العلم لم يكن طالبا له ، ومن الذي أعلمه أن الطريق التي يسلكها أنها تفضي به إلى العلم؟
فالكلام في أول الأوائل ،ودليل الأدلة ،وأصل الأصول ، فإن طالب العلم لو كان حين ينظر فيه يعلم أنه دليل مفض لم يمكن ذلك حتى يعلم ارتباطه بالمدلول، فإن الدليل إن لم يستلزم المدلول لم يكن دليلا.
والعلم بالاستلزام موقوف على العلم بالملزوم واللازم ، فلا يعلم أنه دليل على المدلول المعين حتى يعلم ثبوت المدلول المعين ، ويعلم أنه ملزوم له ، وإذا علم ذلك استغنى عن الاستدلال به على ثبوته ،وإنما يفيده التذكير به ، لا ابتداء العلم به ، و إنما يقع الاشتباه هنا لأنه كثيرا ما يعرف الإنسان ثبوت شيء ثم يطلب الطريق إلى معرفة صفاته ومشاهدة ذاته ، إما بالحس، وإما بالقلب ،فيسلك طريقا يعلم أنها موصلة إلى ذلك المطلوب ، لأنه قدم أن تلك الطريق مستلزم لذلك المطلوب الذي علم ثبوته قبل ذلك.
وهذا الإشكال لازم لكل الطالبين بدون استثناء، وقد تحير الفلاسفة في إيجاد جواب له حتى جاء ديكارت الفيلسوف الفرنسي، وحله بما عرف فيما بعد "بالدور الديكارتي" ،فقال: لابد لكل علم أن يعتمد على علم آخر ،ولابد لكل علم أن يضمنه علم آخر ، وهذا يستلزم أن العلوم النظرية والكسبية لابد أن تعتمد على علوم ضرورية ،أي: لابد للعلوم النظرية الكسبية من أن تضمنها العلوم الضرورية، ولكن من يضمن العلوم الضرورية، وعلى أي شيء ترتكز فخرج لهم بقولته المشهورة :" الله هو الضامن للمعارف الضرورية".
وقد حاز ديكارت بذلك مكانة مرموقة في الفكر الأوروبي ،وكان رائدا من رواد المنهج الحسي أو التجريبي.
وهذه النتيجة التي ينتهي إليها الفلاسفة بعد عمر من البحث، والأخذ والرد، هي أول ما يبدأ به المسلم على الطريقة الإيمانية السلفية ،وقد عرف المسلمون حل هذا الإشكال منذ البداية، ولذلك قالوا : إن الله يعرف بالله ،والأشياء كلها تعرف بالله.
وقالوا: أول الواجبات :معرفة الله بالإيمان وليس بالنظر.
فمن الله بداية الإنسان خلقا و إيجادا ، تصويرا وتقويما ، هداية وتعليما ، وإليه المنتهى وجودا ومصيرا ،حسابا وجزاء ، قال:{ وأن إلى ربك المنتهى} (النجم).
وفي الدعاء المأثور الذي ذكره مالك في " الموطأ" :" حسبي الله وكفى ، سمع الله لمن دعا، ليس وراء الله مرمى، وفي رواية : ليس وراء الله منتهى".
يسلك أهل الحديث أصحاب الطريقة الإيمانية طريقهم بناء على دليل واضح هو: إن الأنبياء والمرسلين عرفوا الله بالوحي المعرفة الحقيقية المطابقة لها، مالا يقوم به مجرد قياس نظري، أو الذوق الإرادي،ثم أخبروا عن ذلك.
فدليل أهل الحديث في أصل علمهم وسلوكهم مبني على مقدمة صادقة ويقينية ، فلزم أن طريقهم موصل إلى اليقين بخلاف بقية الطرق،فأهل الكلام اعترفوا أن طريقة القرآن هي أصح الطرق، كما فعل الآمدي، والجويني ،والغزالي، والرازي، والشهرستاني، والأشعري سلكوا ابتداء طريق النظر، ورجعوا انتهاء إلى طريق أهل الحديث التي هي ابتداء عندهم.
أما الصوفية فمن أقر بالحق اعترف في الأخير أن الطريق لزوم الكتاب والسنة، ومن عاند منهم ظن أن أعلى المقامات في المعرفة: الحيرة؟
والشيء الذي لم يعلم العقل ثبوته أولا، إذا سلك طريقا يفضي إلى العلم به فلا يسلكها ابتداء إلا بطريق التقليد والمصادرة ، كسائر مبادئ العلوم ، فإذا كان لابد في الطريق القياسية والعملية من تقليد في الأول ، في سلوكه فيما لم يعلم أنه طريق ،وأنه مفض إلى المطلوب ، أو أن المطلوب موجود، فالطريقة الإيمانية إذا فرض أنها كذلك لم يقدح ذلك فيها ،بل تكون هي الحق.
فإذا لزم في جميع العلوم والصناعات أن تؤخذ أولا مسلمة بطريق التقليد، فلا شك أن تقليد النبي صلى الله عليه وسلم خير من تقليد غيره سواء كان متكلما أو صوفيا أو أصوليا أو متفلسفا .
فلا طريق إلا الطريق الإيمانية ،أو ما يفضي إليها،أو يقترن بها، فهي شرط قطعا في درك المطلوب ، وما سواها ليس بشرط ، بل يحصل المطلوب دونه ،وقد يضر بحصول المطلوب فلا يحصل، أو يحصل نقيضه ،وهو الضلال والشقاء .
فتلك الطريق مفضية قطعا، ولا فساد فيها ، وما سواها يعتريه الفساد كثيرا ،وهولا يوصل وحده، بل لا بد من الطريقة الإيمانية معه .
إن الطريقة القياسية والرياضية إذا سلكها رجل، و أفضت به إلى المعرفة إن أفضت، علم حينئذ أنه سلك طريقا صحيحا،وأن مطلوبه قد حصل.
و أما قبل ذلك فهو لا يعرف،فأدنى الأحوال الإيمانية ـ ولا دناءة فيهاـ أن تكون كذلك ، فإنه إذا أخذ الإيمان بالله ورسله مسلما، ونظر في موجبه، وعمل بمقتضاه، حصل له بأدنى سعي مطلوبه من معرفة الله، و أن الطريق التي سلكها صحيحة ، فإن نفس تصديق الرسول فيما أخبر به عن ربه، وطاعته يقرر عنده علما يقينيا بصحة ذلك أبلغ بكثير من الطرق الأخرى .
فالطريقة الإيمانية تمتاز بالبساطة والقوة معا، و أنفع الأدلة ما كان بسيطا غير معقد ينتهي إليه الإنسان بسرعة ،ولذلك يفترق المنهج الاستدلالي البرهاني في القرآن عما يعرفه البشر ، فالقرآن لا يستعمل الأقيسة كما هي في مفهوم النظار، ولكن يستعمل الآيات ، وبين الآيات والقياس فوارق عظيمة ليس هذا موضع ذكرها ، ككون الآيات تعتمد في كثير من الأحيان على مقدمة واحدة، بينما جميع النظار يشترطون في أقيستهم أن تتضمن مقدمتين فأكثر.
ولذلك كانت الطريقة الإيمانية أسرع الطرق إنتاجا للعلم، لسهولة مأخذها وموافقتها للفطرة ، ذلك أنها تعتمد على مقدمتين كما سبق وبينا :
الأولى : الحق في معرفة الله، والإقرار به، وهذا يكون فطري و إيماني ، فالفطري هو الاعتراف به الثابت في الفطرة فلا يحتاج إلى دليل ، بل هو أرسخ المعارف، و أثبت العلوم، وأصل الأصول، وهو مهد الضروريات.
الثاني : الإقرار بالرسول فبأدنى نظر فيما جاء به، أو في حاله، أو في آياته يحصل العلم بالنبوة ، ثم إذا قوي النظر في أحواله حصل من اليقين الضروري الذي لا يمكن دفعه ما يكون أصلا راسخا كما هو حاصل لأهل الحديث.
وبهذا يظهر فضل الطريقة السلفية في تحصيل العلوم واستمدادها على بقية الطرق، وأنها أحق الفرق بأن تكون الفرقة الناجية والطائفة المنصورة ، وهذا بحث كبير، و شأن عظيم قد لخصته من كتاب "توحيد الربوبية" لشيخ الإسلام ابن تيمية، وتركت جملة عظيمة من الفوائد والقواعد الأساسية في العلم لضيق هذا الموضوع المخصص بالمدخل سنوضحها في مباحث أخرى قادمة إن شاء الله ، ليتبين بها السلفي أن له سبيلا عظيما في الكتاب والسنة يغنيه عن أي سبيل آخر.
وكذلك لتكون له أصل جامع يلج به مادة أصول الفقه فيفرق بين النظر الأصولي القياسي ،وبين النظر القرآني السني، لأنه إذا كان النظر لا ريب في صحته مجملا، و انه إذا كان في دليل أفضى إلى العلم بالمدلول ،وإذا كان في آيات الله أفضى إلى الإيمان به الذي هو رأس العبادة .
كما أن العبادة والإرادة لا ريب في صحتها في الجملة ،و أنها إذا كانت على منهاج الأنبياء أفضت إلى رضوان الله ، لكن عليك أن تفرق بين الآيات وبين القياس ، وفي هذا علم كبير، ودقائق عزيزة أودعها الله كتابه، بينها شيخ الإسلام في المرجع المذكور، فمن شاء فليرجع إليها فإن فيها حد الفصل بين النظر الشرعي القرآني ،والنظر الكلامي المنطقي المبتدع.
وعندما نقول الإيمان نقصد الإيمان بالله ربا واحدا، وإلها واحدا، والإيمان بمحمد رسولا من عند الله علينا توقيره، وتصديقه في كل شيء، ثم اتباعه وعدم مخالفته .
إلى هنا انتهى هذا المقال أرجو أن يكون المسلمون الذي اطلعوا عليه قد استفادوا منه و عرفوا الخلفية العلمية لأهل السنة في مختلف القضايا العقلية و التجردية القلبية، و أن طريقتهم تتسم بالاعتدال، وموافقة الغاية من إرسال الرسل و إنزال الكتب.
فالحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده، و السلام عليكم، ورحمة الله و بركاته.
سيأتي مزيد من التفصيلات قريبا إن شاء الله تعالى.
الجزائر، أرزيو في2003-05-21
مختار الأخضر الطيـباوي
ــ يتناقض المتكلمون فما يلتزمون به في الفقه غير ما يلتزمون به في أصول الفقه، وغير ما يلتزمون به في أصول الدين، ففي الفقه يثبتون الأسباب و الحكم، و في أصول الفقه يسمون العلل الشرعية أمارات، وفي أصول الدين ينفون الحكمة و التعليل بالكلية.
وقليل منهم من يحقق الحكمة و يبين رجوعها إلى الفاعل الحكيم مع حصول موجبها في مخلوقاته.
ـ فالمتكلمون الأشاعرة يقولون: ليس في الوجود سبب له تأثير و حكمة يفعل لأجلها، بل محض مشيئة الرب قرنت بين الشيئين قرانا عاديا، فإن تقدم سمي سببا، و إن تأخر سمي حكمة من غير أن يكون للمتقدم تأثير في اقتضاء الفعل،و لا للفعل تأثير في اقتضاء الحكمة، وهذا عين قول جهم، و أصوليو المعتزلة: يثبتون حكمة منفصلة عن الرب يفعل لأجلها.
و أهل السنة يثبتون السبب و الحكمة.
وعليه يظهر سبب إنكار ابن حزم الحكمة في أفعال الله، و القياس في أصول الفقه مع انه يثبت العلة المنطقية التي هي أصلا العلة الأرسطية، فعند المناطقة قياس الفقهاء هو قياس التمثيل وهو لا يفيد اليقين و القياس البرهاني المعتمد عندهم هو قياس الشمول،فابن حزم يثبت قياس الشمول و لا يثبت قياس التمثيل و لم يظهر له التناقض لأنه ربما كان يعتقد مثل المناطقة أن القياس القرآني خطابي إقناعي و الكلامي جدلي و الفلسفي برهاني.
ولما التزم الجويني هذا المذهب في الحكمة و التعليل في أصول الدين التزم بموجبه في أصول الفقه أن جعل جميع العلوم ضرورية أي غير متولدة.
و لأجل هذا السبب لم يفرق القبوريون بين مشهد القيومية الكونية و مشهد القيومية الدينية، فاثبتوا جميع الأسباب حتى المحرمة منها شرعا كالتوسل البدعي و الاستغاثة و غيرها.
تجد هذا البحث في " المجموع"{210/3}، كما تجده في " السبعينية" وفي " الدرء"
رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:39 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.