أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
13295 97777

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-19-2015, 03:42 PM
مصباح الحنون مصباح الحنون غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 151
افتراضي مصباح الحنون : إشراقة الشُرعة في الرد على من زعم أن صيام ست من شوال : بدعة !!

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛ وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :
فلا تزال تتتابع جحافل التضليل ؛ لتفرز لنا مُسوخاً همُّهم الشاغل : الطعن في التنزيل ؛ ليُسقطوا مكانته عند العامة ؛ فيشغِّبون ويلعبون وللأقوال يزخرفون !
ولقد انطلى باطلهم على بعض من عنده بعض الثقافة الشرعية ؛ لما يُظهرون من تلبيس وتدليس ؛ يلَمْلِمُون السقطات ؛ ويُشمشمون اللقطات ؛ ويعمدون إلى المتشابهات من الآيات ؛ ويضربون بعامِّها ما خُصَّ منها سواءً كان المُخصص قرءاناً أو سنة ؛ زعماً منهم أنهم يتّبعون الدليل ؛ ويُشفعون ذلك بأقوال لأهل العلم ؛ يستعملونها على قواعدهم الهشة معرضين عن مراد العلماء من أقوالهم ؛ حشْواً منهم لإثراء(!)بحوثهم ؛ حتى ينظر من لا نظر له إلى ما يقولون فيظن أنهم على شيء!
وليسوا هم على شيء ؛ إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ؛ ولكن هيهات أن يروج باطلهم وفي المعمورة مدافعون سلفيون أثريون ؛ يحفظ الله بهم الدين ؛ لِما ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ؛ فيصدوا هؤلاء وشغبهم ويبينوا زيفهم ويكشفوا شناعة زخرف أقوالهم ؛ حفظاً للدين ؛ ونصحاً لله ولرسوله ، ولكتابه وللمؤمنين ؛ وهم في ذلك على ربهم متوكلون ولوجهه عاملون ؛ والله أسأل أن أكون حسنة في كفّة أولئك الذابين عن دين رب العالمين فأنال حظاً مما نالوه من إكرام أكرم الأكرمين ؛ فهو حسبي ونعم الوكيل ؛ وهو عند ظن عبده ؛ فأرجو بحسن ظني به محاسن الرجاء ؛ ولم أك مع حسن ظني به شقياً ؛ ربّ هب لي من لدنك حكماً وعلماً وافتح لي أبواب رحمتك ..
وها قد آن الشروع في المقصود والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل
زعم زاعمٌ متهوك اسمه سليمان المحمدي ؛ وهو- كما يعرف عن نفسه - أنه :(دكتور) وما أكثر المُتَدَكْتِرين بمثل هذا الطراز!
وقد ابتُليت بأكثر من مُتَدَكْتر ؛ بين مُقِلٍّ ومُسْتكثر ؛ من الضلال والتحريف والترقيع والكبر ! فأن يصيرَ دكتوراً فلا يحق لأحدٍ نقده فهو دكتور وأنت من؟! كأن الهدى المحمدي والعلم النبوي لا يُنالُ إلا بالدكترة !
وقد فات الخلفاء الأربع المهديين المبشرين والصحابة المكرمين والأئمة الربانيين والأعلام العاملين ، وفات التابعين من خير الدكترة ما حصّله المتدكترون!
وهؤلاء المتدكترون المتهوكون لا تخلو بياناتهم وكتاباتهم من طعن بالسلف ومن اتبع سبيلهم مع التسفيه بعلمائنا الأفاضل ؛ ومما يؤسف له أنك تجدهم في تخصصاتهم الدنيوية يحرصون على القوانين العلمية الموضوعة من قبل أهلها لكونهم أولى بها!
وإذا دخلوا المجال الشرعي فيجعل كل واحد منهم −وهو دكتور(!)−لنفسه قانوناً يعرض فيه عن قوانين الأوّلين وقواعد المتقدمين؛
تارة بدعوى الحداثة والتطوير ؛ وتارة بدعوى التجديد والتنوير ؛ وتارة بدعوى طرح الجمود ونبذ التقليد...( زعموا )!!!
وغير ذلك من الأباطيل التي يزينها لهم الشيطان ويركبهم فيها مراكب فهمهم على وجه الاستقلال والتفرد !
فتجد منهم من يذكر لك أقوال الفطاحل الجبال الرواسخ
ثم يزدري كل ذلك بدعوى أنه:(رأى)و(تبين له)و(مواكبة العصر)و(الحداثة)و(نبذ التخلف والرجعية)و(تجديد الخطاب الديني)و(احترام العقول)و(نحن نريد أن نفهم)!
وغير ذلك من أقاويل بعضها ممزوجة بوجه حقٍّ أُريدَ بها الكثير من الباطل ؛ مما لا يكاد يميزه إلا الحُذّاق والنقاد وأهل البصيرة والنظر فالحمد لله على وجودهم بيننا لنقتبس من مصابيحهم وننهل من معين نبعهم العذب الأصيل الذي لا ينضب
زعم سليمان المحمدي (الدكتور) أن صيام الست من شوال بدعة !
واستدل على تبديعه للصائمين بأدلة سنبين بطلانها ؛ والعجيب العاجب أنه قد مضى على ظهور الإسلام خمسة عشر قرناً ولم ينتبه لهذا الابتداع في الدين إلا فضيلة الدكتور التنويري سليمان المحمدي!
والأمة غافلة ومبتدعة طيلة ألف وخمسمئة عام حتى ابتُعِث الإمام التنويري لينير بصيرة الأمة ويبين لها ضلالها !
وإن كان للأمة من عتبٍ على هذه الغفلة والابتداع فهو لجميع السابقين من الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان والأئمة من السلف والخلف بما فيهم أئمة المذاهب وغيرهم من المجددين وممن أجمعت الأمة على إمامتهم ؛ فكل هؤلاء غافلون ؛ وللبدع محللون ؛ وللأمة مضَلِّلون ؛ ولولا إمام عصره وجهبذ زمانه لكانوا من الهالكين(!) ذاك الرجل الدكتور!!
حيث لا دكترة في جيل الأوائل ترقى في سلم المعارف كرقي دكتورنا !
الذي كشف للأمة ما غُيِّبَ عنها من الابتداع في الدين !
فأفاق الأمة من غفلتها ونصحها أن لا تتعب نفسها في صوم بدعي!
فكيف يكافأ مثله؟!
الأدلة التنويرية الدكتورية : قال الدكتور الحاذق(!) أن صيام الست من شوال:بدعة−ولا غرو فقد تخرّص من قبل وقال أن الحائض يجب ان تصوم إن كانت قادرة !
−...ثم شرع يذكر الأسباب...وليت شعري هل السُنّة عنده هي تلك الصور التي صدّر بها صفحته في حفلة التخرج بجانب المتبرجات المبديات لعاهاتهن؟!
أم أن العلم الذي يحكم به بالابتداع هو ذاك الذي تعلمه من جامعات لندن من مادة(الفلسفة المقارنة)! فيبدو أن دكتورنا فيلسوف كبير ؛ أفرزته لكشف البدع الجامعات في لندن التي تغار على الدين الإسلامي!
ولعل فيلسوفنا اكتسب المعارف من شيخه الأستاذ اليهودي الذي أخذ عنه الفلسفة أم لعله تفقه في تنويره وجثا في ظلماته بين يدي عبد الصليب الذي علمه الأصول ؟!
وقبل ذكر الأسباب لا بد من مناقشته في الحكم على صيام الست من شوال أنه :بدعة!!!
أقول : أن الحكم على فعلٍ أنه ابتداع لا بدّ وأن تتحقق فيه المعاني اللغوية والشرعية التي ضبطها العلماء للحكم بالابتداع على أقوال وأفعال ومعتقدات !
وخلاصة القول أن البدعة إحداث أمر تعبدي في الدين على غير مثال سابق أصلاً أو وصفاً ..
فإذا كانت الأمة تمارس طيلة القرون بدعة عليه أولاً −لطالما أنه يحترم العلماء! والدليل أنه يستدل بأقوالهم−أن يأتي بسلفٍ له منهم يقول أن صيام الست من شوال هو ابتداع في الدين ؛ وعليه أيضاً أن يتجنب الحكم بالابتداع إذا كان الخصم يتعبد بما يتعبد به وعنده شبهة تأويل . فكيف إذا كان التعبد بنص صحيح فمن أولى إذا بالابتداع ؟!
فمن استند إلى حديث صريح الدلالة على عبادته لا يُقال أنه ابتدع بل يُبيّن له خطؤه ؛ ويُقَوَّم له فهمُه ؛ إذا كان غالطاً ؛ فأنت يا دكتور وأنت المفتوح عليك(!)حكمت على فعلٍ تمارسه الأمة منذ عصور غابرة بالابتداع بدعاوى لا يثبت لك منها إلا الوهم!
فكيف تلقى الله وأنت تصد عباد الله عن خيرٍ دلّهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
أما تفكر بالعواقب؟!
أما أمكنك قبل أن تدخل معامع التخرص والتهوك أن توسع دائرة إطلاعك قليلاً قبل أن تثير القلاقل والبلابل أم أنك تريد الأمة أن تحرم من خيراتها وأجورها؟! أم تريد أن تخالف لتعرف !!
أم أن دكترتك لا تشتهر إلا بتقديم قربان تشكيكيّ بدين النبي صلى الله عليه وسلم؟!
وإليك مناقشة أدلتك :
قال فيلسوفنا المحقق أن السبب الأول :
من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر .
قال : وهو حديث ضعيف السند وضعيف المتن . وهو من الأحاديث الضعيفة التي رواها الإمام مسلم في صحيح ، لأن أحد رواته وهو سعد بن سعيد بن قيس ، قال عنه علماء الجرح والتعديل : ضعيف سيء الحفظ لا يقبل حديثه ، وقال عنه أحمد : سعد بن سعيد ضعيف جدا .
تركه مالك وأنكر عليه الحديث .
وقال عنه ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد بن سعيد فحديثه هذا شاذ لا يحتج به .هـ.
قال مصباح عفا الله عنه :
مع نكارتي لهذا الكلام −كما سيتبين من ردي عليه−إلا أنه قد برد قلبي قليلاً ؛ لأن الكلام يوهم أن الفيلسوف الدكتور خريج لندن ليس كافراً بالسنة ورواياتها كما زعم في كتاباته التي أصّل فيها نكرانه للسُنة ومنها قوله :
الروايات للتاريخ وليست للتشريع..
ومنها قوله : الأمة الإسلامية يجمعها القرآن وتفرقها الروايات...
وظاهر تلك المقالتين الكفر بالسنة ؛ ففي الأولى أن السنة تاريخ يقرأ ولا تصلح للتشريع اليوم ؛ وفي الثانية أن السنة مصدر تفريقي وليست مصدرا توحيدياً لأمتنا ...
وكلا المقالين يفهم منها الكفر بالسنة والاعتراض عليها وعدم قبولها ...
ولكنه هنا دخل بتفصيلات جزئية أقرّ فيها من غير أن يشعر أن للسنة قانوناً علمياً ؛ لا بد منه لثبوتها ؛ وقد ردّ هذا الحديث لمخالفته −في نظره!−هذه القوانين العلمية ؛ فأقر بإمامة الإمام مسلم− ، وسمى كتابه :( صحيح ) ! وأقر بوجود روايات ضعيفة سندا ومتناً ؛ واعترف بإمامة علماء الجرح والتعديل ؛ والذين بهم يضبط قانون علم الحديث ؛ وقبِل نقدهم ليردّ الحديث !! ويكأنه سلفي أثري (!!)
فهذه خطوة جميلة وتحوُّلٌ مقبول وجريء وإن كان بفهمٍ سقيم ؛ فأن يعترف الدكتور الفيلسوف بتراثنا وقانوننا ؛ فهي خطوة جديرة بالعناية والتشجيع ؛ فإن اعترف الدكتور هاهنا بكل هذه الاعترافات فليسمع منا تسديد فهمه الناقص السقيم ونقده العليل في استدلالاته ....
لن أتهم نواياك يا دكتور وزيغك وتلبيسك ! بل سأبين لك باعتبارك متأولاً هاهنا وفق الأدلة العلمية والقوانين الحديثية .
فأقول وبالله التوفيق :
الدكتور حَكم بالضعف على رواية الإمام(!)مسلم لوجود راوٍ إسمه(سعد بن سعيد بن قيس)مستدلاً بأقوال علماء(!)الجرح والتعديل−والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات−على ضعف سعد التي حكم من خلالها بالضعف على الحديث .
وبين لنا بالدليل(!)العليل:ضعف السند وقال أن المتن أيضاً ضعيف ! ولكنه لم يبين هاهنا ، لعله قصد أن ضعف المتن مبيَّنٌ في الأدلة العقلية الفلسفية التي تلتها !
فالسؤال : هل حقاً رواه مسلم وهل حقاً الحديث ضعيف؟!
لننظر !
قال مصباح عفا الله عنه :
الحديث رواه مسلم حقاً وهذا هو :
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر جميعا عن إسمعيل قال ابن أيوب حدثنا إسمعيل بن جعفر أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)
وفيه كما قال أن في السند سعد بن سعيد بن قيس وهو أخو يحي بن سعيد الأنصاري ؛ وهو وإن تُكُلِّمَ فيه إلا أن من تكلم تكلم من جهة حفظه ؛ فلا يترك من كان كذلك كل حديثه ؛
أقوال أهل العلم فيه:
قال المزي : قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : ضعيف .
و كذلك قال يحيى بن معين في رواية ، و قال في رواية أخرى قال أنه : صالح . و قال محمد بن سعد : كان ثقة ، قليل الحديث . و قال النسائي : ليس بالقوي . قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت أبى يقول : سعد بن سعيد الأنصارى مؤدي ـ يعنى أنه : كان لا يحفظ و يؤدي ما سمع ـ . تهذيب التهذيب4/302
و قال أبو أحمد بن عدي (الجرجاني) : له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ، و لا أرى بحديثه بأسا بمقدار ما يرويه .
ووثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان واختلف قول ابن معين فيه فمرة ضعفه وقال مرة صالح ...
وقال الحافظ : صدوق سيء الحفظ .
وقال الشيخ الألباني : حسن الحديث .
والذي يُستفاد من خلاصة أقوال أهل العلم أن الرجل مقبول ؛ وحديثه لا يرد ، وإلا لم يروِ له مسلم في صحيحه وكفى به شرفا أن يروي له مسلم!
ثم هب أن الحديث ضعيف فإنه يصحح بالمتابعات والشواهد لا سيما وأن الراوي الذي فيه مقبولا ؛ وقد قال الجرجاني عن رواية صيام الست من شوال التي رواها سعد بن سعيد بن قيس : فهو مشهور ومدار هذا الحديث عليه ، وقد حدّث به عن يحيى بن سعيد أخوه وشعبة والثوري وابن عيينة وغيرهم من ثقات الناس .هـ3/352 الكامل في ضعفاء الرجال .
وإليك أقوال أهل العلم في الحديث والشواهد التي يتقوى بها−نقول ذلك تنزّلاً− ثم تتمة مناقشة شبهاتك :
أ : الحديث لم يتفرد به مسلم إنما أخرجه غيره بنفس طريق مسلم وتوبع عند غير مسلم ؛ قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لزاد المعاد لابن القيم رحمه الله : أخرجه مسلم ، والإمام أحمد 419،417 /5 ؛ وأبو داوود برقم 2433 ؛ والترمذي برقم 759 ؛ وابن ماجه برقم 1716 ؛ من حديث سعد بن سعيد بن قيس وهو ضعيف لسوء حفظه ؛ لكن تابعه صفوان بن سليم عند أبي داوود ، والدارمي21/2 بإسناد قوي .هـ 63/2 زاد المعاد . والألباني في الإرواء توسع في تخريجه أكثر فليراجع .106/4 ، وكذا في الترغيب والترهيب434/1فليراجع.
وقال ابن القيم رحمه الله في شرحه لسنن أبي داوود بعد حكايته عن علل الحديث : وهذه العلل −وإن منعته أن يكون في أعلى درجات الصحيح − فإنها لا توجب وهنه ، وقد تابعه سعداً ويحيى وعبد ربه عن عمر عن ثابت : عثمان بن عمرو الخزاعي عن عمر ، لكن قال عن محمد بن المنكدر عن أبي أيوب . ورواه أيضاً صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت ذكره ابن حبان في صحيحه ، وأبو داوود والنسائي ، فهؤلاء خمسة : يحيى وسعيد وعبد ربه بنو سعيد وصفوان بن سليم وعثمان بن عمرو الخزاعي ، كلهم رووه عن عمرو .
فالحديث صحيح .هـ 70/7.
ثم تابع ابن القيم رحمه الله عرض مقالات المخالفين ورد عليها كلها وانتصر أيما انتصار لتصحيح الحديث فليراجع في موضعه ولله الحمد .
قلتُ : ثم نقل الدكتور قول ابن حبان وهو : قال عنه ابن حبان(والصحيح أن يقول قال ابن حبان ولكنه زاد (عنه) !!
نتابع نقل الدكتور : قال عنه ابن حبان لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد فحديثه (هذا)−أيضاً(هذا)من زيادة الدكتور−شاذٌ لا يحتج به !
قال مصباح عفا الله عنه : قد نقل ابن القيم قول ابن حبان وليس فيه ما نقله الدكتور ولا (أصل الكلام بتمامه،من دون الموهمات!) قبل زيادات الدكتور التي أشرتُ إليها ! إنما قال ابن القيم : وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد بن سعيد ..هـ.(فقط)ولم يزد على ذلك من الموهمات التي تدل على أن ابن حبان يعني هذا الحديث عيناً !!
ثم هب أن الدكتور زعم أن ابن حبان حكم بالضعف أو الشذوذ على هذا الحديث فنقول أن هذه دعوى يكذبها ابن حبان نفسه ! لأنه على فرض صحة عدم قبوله الرواية عن سعد بن سعيد بن قيس فليس هذا بملزم أن الحديث عنده ضعيف أو شاذ إنما حكمه على تلك (الرواية) فحسب !
والدليل (القاصم) لشنشات الدكتور أن ابن حبان صحح في مسألة صيام الست من شوال روايتان ؛ وهي الرواية من طريق صفوان ، ثم أتبعها بالرد على المشككين برواية صفوان لتفرد عمر بن ثابت عن أبي أيوب−والتي أطال النفس في بيان هشاشتها ابن القيم رحمه الله−فقال ابن حبان عقب ذكره رواية صفوان مصححاً : ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب . هـ : راجع الإحسان في تقريب ابن حبان ص1000−1001.دار المعرفة.
ومن عجبٍ أن يفتات من تربى بحضن طوني وجوني على الإمام (مسلم)!
الذي يهابه فطاحلة العلم ؛ وإن من سنن العلماء وطرائقهم تلقي ما مال لتصحيحه جهابذة النقاد من أهل الفن في الصنعة الحديثية ؛ كحال احترام الدكتور لجوني وطوني من فطاحلة الفلاسفة والزنادقة!
فانظر إلى الطحاوي رحمه الله وأدبه فيما نقله عنه الألباني رحمه الله في الإرواء : هذا الحديث لم يكن بالقوي في قلوبنا من سعد بن سعيد ؛ ورغبة أهل الحديث عنه ، حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة في الرواية والتثبت ؛ ووجدناه قد حدّث به عن عمر بن ثابت صفوان بن سليم ؛ وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبد ربه بن سعيد الأنصاري . هـ 106/4 إرواء الغليل .
وقد صحح الحديث الشيخ الالباني في الإرواء برقم 950 وصححه أيضاً في الترغيب والترهيب 434/1 .
قال ابن الملقن في البدر المنير 5/752: "هذا الحديث صحيح حفيل جليل.. وقد روى هذا الحديث عن سعد بن سعيد تسعة وعشرون رجلا أكثرهم ثقات حفاظ إثبات، وقد ذكرت كل ذلك عنهم موضحا في تخريجي لأحاديث المهذب مع الجواب عمن طعن في سعد بن سعيد وأنه لم ينفرد به وتوبع عليه وذكرت له ثمانية شواهد".
قال الشيخ ناصر الشثري حفظه الله :
ومشروعية صيام ستة أيام من شوال ورد فيها أحاديث أخرى غير حديث أبي أيوب، منها حديث جابر أخرجه أحمد 3/308 والبيهقي 4/292 وحديث ثوبان أخرجه ابن ماجة (1715) وابن حبان
(3635) وابن خزيمة (2115) والنسائي في الكبرى (2860) والطبراني (1451). وحديث ابن عمر أخرجه الطبراني في الأوسط (8622). هـ
بهذا يتبين أن الرواية إن كانت في بعض طرقها ضعيفة لوجود راوٍ ضعيف إلا أن تعدد الطرق عن طريق الثقات يجعل الحديث قويٌ جداً وليس من شرط ثبوته أن يكون بأعلى درجات الصحة.
ثم قال الدكتور الفيلسوف : تركه مالك وأنكر عليه الحديث .
والجواب على هذه الشبهة :
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكًا ، يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ : إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ . هـ الموطأ ص292.
قلتُ : وهذا الكلام ظاهره مخالف لصريح النص النبوي الصحيح−كما تقدم−ولكنهم اعتذروا له بمعاذير عدة ؛ ثم هب أن مالكاً كره صيام الست من شوال بالكلية !
أكان المقلدة من أتباع مذهبه يُجمعون على ترك ما فهمه الدكتور من ظاهر قول إمامهم الذي هم في الفقه له مُتبعون؟!
بالطبع لا لذلك وجدناهم بين معتذر له ، وبين من لم يكترث بالكلام البتة ..
قال المعتذرون له والمعللون لكلامه أن النهي معلل باستتباعها −أي الست من شوال−رمضان خشية إلحاق النفل بالفرض فتحصل البدع في الدين ، ومنهم من قال أن الحديث لم يصل لأهل المدينة وقتها ، وهذه أقوالهم:
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (المالكي) في أضواء البيان 7/361 : "ولا شك أن مذهب مالك المدون فيه فروع تخالف بعض نصوص الوحي، والظاهر أن بعضها لم يبلغه رحمه الله ولو بلغه لعمل به، وأن بعضها بلغه وترك العمل به لشيء آخر يعتقده دليلا أقوى منه، ومن أمثلة ما لم يبلغه النص فيه: صيام ست من شوال بعد صوم رمضان، قال رحمه الله في الموطأ ما نصه : " إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف "، وفيه تصريح مالك بأنه لم يبلغه صيام ستة من شوال عن أحد من السلف، وهو صريح في أنه لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه لو بلغه الترغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان يصومها ويأمر بصومها فضلا عن أن يقول بكراهتها ".هـ
قال ابن عبد البر (المالكي)في الاستذكار 3/380: " لم يبلغ مالكا حديث أبي أيوب .. ولو علمه لقال به"، وقال : " وأما صيام الستة الأيام من شوال على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان رضي الله عنه فإن مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله، لأن الصوم جنة وفضله معلوم لمن رد طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى، وهو عمل بر وخير، وقد قال الله عز وجل "وافعلوا الخير" ومالك لا يجهل شيئا من هذا ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك وخشي أن يعدوه من فرائض الصيام مضافا إلى رمضان ".
قلتُ : وإن عدم بلوغ مالك بعض الأحاديث لا يُنقص من قدره رحمه الله ، فقد فات من السنة من هو خير منه : أبو بكر وعمر رضي الله عنهم وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، راجع : رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، لشيخ الاسلام ابن تيمية الحراني رحمه الله .
قال ابن العربي (المالكي) مشعراً حدوث الفهم المغلوط عند البعض من استتباع الست لرمضان على التوالي بحيث لا يفطرون يوم الفطر : .... فهذا صوم الدهر كان من شوال أو من غيره وربما كان من غيره أفضل ؛ أو من أوسطه أفضل من أوله ؛ وهذا بيِّنٌ وهو أحوى للشريعة وأذهب للبدعة ؛ ورأى ابن المبارك والشافعي أنها في أول الشهر ، ولستُ أراه ، ولو علمتُ من يصومها أول الشهر ، وملكتُ الأمر أدبتُهُ وشرّدتُ به لأن أهل الكتاب وبمثل هذه الفعلة غيّروا دينهم وأبدلوا رهبانيتهم .هـ.عارضة الأحوذي 3 / 292.
وقال القرطبي (المالكي) في التفسير 2/331: "يستحب له أن يصوم من شوال ستة أيام".
وأما النهي عن صوم ست شوال خشية اختلاطها برمضان، فهذا تعليل فاسد الاعتبار لمخالفته الخبر، والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم منا بالشرع، فلا نترك قوله لمثل هذه التوهمات.
وقال الشيخ الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني(المالكي) في مدونة الفقه المالكي وأدلته : ..ويندب صيام هذه الأيام عند علمائنا متفرقة ، وكذلك يندب إخفاؤها ؛ مخافة أن يُلحِقَها الجاهل برمضان ويعتقد وجوبها...هـ604/1.
وبعد هذه البينات أفيحل تركها لقول مالك −رحمه الله−المجمل ؟!
قال النووي رحمه الله : إذا ثبتت السنة لا تُترك لقول بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها .هـ 313/4 شرح مسلم.
وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي : قول من قال بكراهة صوم هذه الستة باطلٌ مخالف لأحاديث الباب..هـ 213/3.
وخلاصة القول كما قرر العلماء أن صومهم مستحب وفيه خير عظيم دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلا نتركه لمتدكتر متهوك والله المستعان.
وإن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم!ا
قال العلامة ابن حزم الظاهري ـ رحمه الله ـ في مداواة النفوس ص67:
لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها ، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

كتبه : مصباح بن نزيه الحنون.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-20-2015, 10:55 AM
مصباح الحنون مصباح الحنون غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2012
المشاركات: 151
افتراضي

مصباح الحنون : إشراقة الشُرعة في الرد على من زعم أن صيام ست من شوال : بدعة !!
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ؛ وسلم تسليماً كثيراً أما بعد :
فلا تزال تتتابع جحافل التضليل ؛ لتفرز لنا مُسوخاً همُّهم الشاغل : الطعن في التنزيل ؛ ليُسقطوا مكانته عند العامة ؛ فيشغِّبون ويلعبون وللأقوال يزخرفون !
ولقد انطلى باطلهم على بعض من عنده بعض الثقافة الشرعية ؛ لما يُظهرون من تلبيس وتدليس ؛ يلَمْلِمُون السقطات ؛ ويُشمشمون اللقطات ؛ ويعمدون إلى المتشابهات من الآيات ؛ ويضربون بعامِّها ما خُصَّ منها سواءً كان المُخصص قرءاناً أو سنة ؛ زعماً منهم أنهم يتّبعون الدليل ؛ ويُشفعون ذلك بأقوال لأهل العلم ؛ يستعملونها على قواعدهم الهشة معرضين عن مراد العلماء من أقوالهم ؛ حشْواً منهم لإثراء(!)بحوثهم ؛ حتى ينظر من لا نظر له إلى ما يقولون فيظن أنهم على شيء!
وليسوا هم على شيء ؛ إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ؛ ولكن هيهات أن يروج باطلهم وفي المعمورة مدافعون سلفيون أثريون ؛ يحفظ الله بهم الدين ؛ لِما ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ؛ فيصدوا هؤلاء وشغبهم ويبينوا زيفهم ويكشفوا شناعة زخرف أقوالهم ؛ حفظاً للدين ؛ ونصحاً لله ولرسوله ، ولكتابه وللمؤمنين ؛ وهم في ذلك على ربهم متوكلون ولوجهه عاملون ؛ والله أسأل أن أكون حسنة في كفّة أولئك الذابين عن دين رب العالمين فأنال حظاً مما نالوه من إكرام أكرم الأكرمين ؛ فهو حسبي ونعم الوكيل ؛ وهو عند ظن عبده ؛ فأرجو بحسن ظني به محاسن الرجاء ؛ ولم أك مع حسن ظني به شقياً ؛ ربّ هب لي من لدنك حكماً وعلماً وافتح لي أبواب رحمتك ..
وها قد آن الشروع في المقصود والله المستعان وعليه التكلان وهو حسبنا ونعم الوكيل
زعم زاعمٌ متهوك اسمه سليمان المحمدي ؛ وهو- كما يعرف عن نفسه - أنه :(دكتور) وما أكثر المُتَدَكْتِرين بمثل هذا الطراز!
وقد ابتُليت بأكثر من مُتَدَكْتر ؛ بين مُقِلٍّ ومُسْتكثر ؛ من الضلال والتحريف والترقيع والكبر ! فأن يصيرَ دكتوراً فلا يحق لأحدٍ نقده فهو دكتور وأنت من؟! كأن الهدى المحمدي والعلم النبوي لا يُنالُ إلا بالدكترة !
وقد فات الخلفاء الأربع المهديين المبشرين والصحابة المكرمين والأئمة الربانيين والأعلام العاملين ، وفات التابعين من خير الدكترة ما حصّله المتدكترون!
وهؤلاء المتدكترون المتهوكون لا تخلو بياناتهم وكتاباتهم من طعن بالسلف ومن اتبع سبيلهم مع التسفيه بعلمائنا الأفاضل ؛ ومما يؤسف له أنك تجدهم في تخصصاتهم الدنيوية يحرصون على القوانين العلمية الموضوعة من قبل أهلها لكونهم أولى بها!
وإذا دخلوا المجال الشرعي فيجعل كل واحد منهم −وهو دكتور(!)−لنفسه قانوناً يعرض فيه عن قوانين الأوّلين وقواعد المتقدمين؛
تارة بدعوى الحداثة والتطوير ؛ وتارة بدعوى التجديد والتنوير ؛ وتارة بدعوى طرح الجمود ونبذ التقليد...( زعموا )!!!
وغير ذلك من الأباطيل التي يزينها لهم الشيطان ويركبهم فيها مراكب فهمهم على وجه الاستقلال والتفرد !
فتجد منهم من يذكر لك أقوال الفطاحل الجبال الرواسخ
ثم يزدري كل ذلك بدعوى أنه:(رأى)و(تبين له)و(مواكبة العصر)و(الحداثة)و(نبذ التخلف والرجعية)و(تجديد الخطاب الديني)و(احترام العقول)و(نحن نريد أن نفهم)!
وغير ذلك من أقاويل بعضها ممزوجة بوجه حقٍّ أُريدَ بها الكثير من الباطل ؛ مما لا يكاد يميزه إلا الحُذّاق والنقاد وأهل البصيرة والنظر فالحمد لله على وجودهم بيننا لنقتبس من مصابيحهم وننهل من معين نبعهم العذب الأصيل الذي لا ينضب
زعم سليمان المحمدي (الدكتور) أن صيام الست من شوال بدعة !
واستدل على تبديعه للصائمين بأدلة سنبين بطلانها ؛ والعجيب العاجب أنه قد مضى على ظهور الإسلام خمسة عشر قرناً ولم ينتبه لهذا الابتداع في الدين إلا فضيلة الدكتور التنويري سليمان المحمدي!
والأمة غافلة ومبتدعة طيلة ألف وخمسمئة عام حتى ابتُعِث الإمام التنويري لينير بصيرة الأمة ويبين لها ضلالها !
وإن كان للأمة من عتبٍ على هذه الغفلة والابتداع فهو لجميع السابقين من الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان والأئمة من السلف والخلف بما فيهم أئمة المذاهب وغيرهم من المجددين وممن أجمعت الأمة على إمامتهم ؛ فكل هؤلاء غافلون ؛ وللبدع محللون ؛ وللأمة مضَلِّلون ؛ ولولا إمام عصره وجهبذ زمانه لكانوا من الهالكين(!) ذاك الرجل الدكتور!!
حيث لا دكترة في جيل الأوائل ترقى في سلم المعارف كرقي دكتورنا !
الذي كشف للأمة ما غُيِّبَ عنها من الابتداع في الدين !
فأفاق الأمة من غفلتها ونصحها أن لا تتعب نفسها في صوم بدعي!
فكيف يكافأ مثله؟!
الأدلة التنويرية الدكتورية : قال الدكتور الحاذق(!) أن صيام الست من شوال:بدعة−ولا غرو فقد تخرّص من قبل وقال أن الحائض يجب ان تصوم إن كانت قادرة !
−...ثم شرع يذكر الأسباب...وليت شعري هل السُنّة عنده هي تلك الصور التي صدّر بها صفحته في حفلة التخرج بجانب المتبرجات المبديات لعاهاتهن؟!
أم أن العلم الذي يحكم به بالابتداع هو ذاك الذي تعلمه من جامعات لندن من مادة(الفلسفة المقارنة)! فيبدو أن دكتورنا فيلسوف كبير ؛ أفرزته لكشف البدع الجامعات في لندن التي تغار على الدين الإسلامي!
ولعل فيلسوفنا اكتسب المعارف من شيخه الأستاذ اليهودي الذي أخذ عنه الفلسفة أم لعله تفقه في تنويره وجثا في ظلماته بين يدي عبد الصليب الذي علمه الأصول ؟!
وقبل ذكر الأسباب لا بد من مناقشته في الحكم على صيام الست من شوال أنه :بدعة!!!
أقول : أن الحكم على فعلٍ أنه ابتداع لا بدّ وأن تتحقق فيه المعاني اللغوية والشرعية التي ضبطها العلماء للحكم بالابتداع على أقوال وأفعال ومعتقدات !
وخلاصة القول أن البدعة إحداث أمر تعبدي في الدين على غير مثال سابق أصلاً أو وصفاً ..
فإذا كانت الأمة تمارس طيلة القرون بدعة عليه أولاً −لطالما أنه يحترم العلماء! والدليل أنه يستدل بأقوالهم−أن يأتي بسلفٍ له منهم يقول أن صيام الست من شوال هو ابتداع في الدين ؛ وعليه أيضاً أن يتجنب الحكم بالابتداع إذا كان الخصم يتعبد بما يتعبد به وعنده شبهة تأويل . فكيف إذا كان التعبد بنص صحيح فمن أولى إذا بالابتداع ؟!
فمن استند إلى حديث صريح الدلالة على عبادته لا يُقال أنه ابتدع بل يُبيّن له خطؤه ؛ ويُقَوَّم له فهمُه ؛ إذا كان غالطاً ؛ فأنت يا دكتور وأنت المفتوح عليك(!)حكمت على فعلٍ تمارسه الأمة منذ عصور غابرة بالابتداع بدعاوى لا يثبت لك منها إلا الوهم!
فكيف تلقى الله وأنت تصد عباد الله عن خيرٍ دلّهم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!
أما تفكر بالعواقب؟!
أما أمكنك قبل أن تدخل معامع التخرص والتهوك أن توسع دائرة إطلاعك قليلاً قبل أن تثير القلاقل والبلابل أم أنك تريد الأمة أن تحرم من خيراتها وأجورها؟! أم تريد أن تخالف لتعرف !!
أم أن دكترتك لا تشتهر إلا بتقديم قربان تشكيكيّ بدين النبي صلى الله عليه وسلم؟!
وإليك مناقشة أدلتك :
قال فيلسوفنا المحقق أن السبب الأول :
من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر .
قال : وهو حديث ضعيف السند وضعيف المتن . وهو من الأحاديث الضعيفة التي رواها الإمام مسلم في صحيح ، لأن أحد رواته وهو سعد بن سعيد بن قيس ، قال عنه علماء الجرح والتعديل : ضعيف سيء الحفظ لا يقبل حديثه ، وقال عنه أحمد : سعد بن سعيد ضعيف جدا .
تركه مالك وأنكر عليه الحديث .
وقال عنه ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد بن سعيد فحديثه هذا شاذ لا يحتج به .هـ.
قال مصباح عفا الله عنه :
مع نكارتي لهذا الكلام −كما سيتبين من ردي عليه−إلا أنه قد برد قلبي قليلاً ؛ لأن الكلام يوهم أن الفيلسوف الدكتور خريج لندن ليس كافراً بالسنة ورواياتها كما زعم في كتاباته التي أصّل فيها نكرانه للسُنة ومنها قوله :
الروايات للتاريخ وليست للتشريع..
ومنها قوله : الأمة الإسلامية يجمعها القرآن وتفرقها الروايات...
وظاهر تلك المقالتين الكفر بالسنة ؛ ففي الأولى أن السنة تاريخ يقرأ ولا تصلح للتشريع اليوم ؛ وفي الثانية أن السنة مصدر تفريقي وليست مصدرا توحيدياً لأمتنا ...
وكلا المقالين يفهم منها الكفر بالسنة والاعتراض عليها وعدم قبولها ...
ولكنه هنا دخل بتفصيلات جزئية أقرّ فيها من غير أن يشعر أن للسنة قانوناً علمياً ؛ لا بد منه لثبوتها ؛ وقد ردّ هذا الحديث لمخالفته −في نظره!−هذه القوانين العلمية ؛ فأقر بإمامة الإمام مسلم− ، وسمى كتابه :( صحيح ) ! وأقر بوجود روايات ضعيفة سندا ومتناً ؛ واعترف بإمامة علماء الجرح والتعديل ؛ والذين بهم يضبط قانون علم الحديث ؛ وقبِل نقدهم ليردّ الحديث !! ويكأنه سلفي أثري (!!)
فهذه خطوة جميلة وتحوُّلٌ مقبول وجريء وإن كان بفهمٍ سقيم ؛ فأن يعترف الدكتور الفيلسوف بتراثنا وقانوننا ؛ فهي خطوة جديرة بالعناية والتشجيع ؛ فإن اعترف الدكتور هاهنا بكل هذه الاعترافات فليسمع منا تسديد فهمه الناقص السقيم ونقده العليل في استدلالاته ....
لن أتهم نواياك يا دكتور وزيغك وتلبيسك ! بل سأبين لك باعتبارك متأولاً هاهنا وفق الأدلة العلمية والقوانين الحديثية .
فأقول وبالله التوفيق :
الدكتور حَكم بالضعف على رواية الإمام(!)مسلم لوجود راوٍ إسمه(سعد بن سعيد بن قيس)مستدلاً بأقوال علماء(!)الجرح والتعديل−والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات−على ضعف سعد التي حكم من خلالها بالضعف على الحديث .
وبين لنا بالدليل(!)العليل:ضعف السند وقال أن المتن أيضاً ضعيف ! ولكنه لم يبين هاهنا ، لعله قصد أن ضعف المتن مبيَّنٌ في الأدلة العقلية الفلسفية التي تلتها !
فالسؤال : هل حقاً رواه مسلم وهل حقاً الحديث ضعيف؟!
لننظر !
قال مصباح عفا الله عنه :
الحديث رواه مسلم حقاً وهذا هو :
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد وعلي بن حجر جميعا عن إسمعيل قال ابن أيوب حدثنا إسمعيل بن جعفر أخبرني سعد بن سعيد بن قيس عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
(من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر)
وفيه كما قال أن في السند سعد بن سعيد بن قيس وهو أخو يحي بن سعيد الأنصاري ؛ وهو وإن تُكُلِّمَ فيه إلا أن من تكلم تكلم من جهة حفظه ؛ فلا يترك من كان كذلك كل حديثه ؛
أقوال أهل العلم فيه:
قال المزي : قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : ضعيف .
و كذلك قال يحيى بن معين في رواية ، و قال في رواية أخرى قال أنه : صالح . و قال محمد بن سعد : كان ثقة ، قليل الحديث . و قال النسائي : ليس بالقوي . قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : سمعت أبى يقول : سعد بن سعيد الأنصارى مؤدي ـ يعنى أنه : كان لا يحفظ و يؤدي ما سمع ـ . تهذيب التهذيب4/302
و قال أبو أحمد بن عدي (الجرجاني) : له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ، و لا أرى بحديثه بأسا بمقدار ما يرويه .
ووثقه ابن سعد والعجلي وابن حبان واختلف قول ابن معين فيه فمرة ضعفه وقال مرة صالح ...
وقال الحافظ : صدوق سيء الحفظ .
وقال الشيخ الألباني : حسن الحديث .
والذي يُستفاد من خلاصة أقوال أهل العلم أن الرجل مقبول ؛ وحديثه لا يرد ، وإلا لم يروِ له مسلم في صحيحه وكفى به شرفا أن يروي له مسلم!
ثم هب أن الحديث ضعيف فإنه يصحح بالمتابعات والشواهد لا سيما وأن الراوي الذي فيه مقبولا ؛ وقد قال الجرجاني عن رواية صيام الست من شوال التي رواها سعد بن سعيد بن قيس : فهو مشهور ومدار هذا الحديث عليه ، وقد حدّث به عن يحيى بن سعيد أخوه وشعبة والثوري وابن عيينة وغيرهم من ثقات الناس .هـ3/352 الكامل في ضعفاء الرجال .
وإليك أقوال أهل العلم في الحديث والشواهد التي يتقوى بها−نقول ذلك تنزّلاً− ثم تتمة مناقشة شبهاتك :
أ : الحديث لم يتفرد به مسلم إنما أخرجه غيره بنفس طريق مسلم وتوبع عند غير مسلم ؛ قال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لزاد المعاد لابن القيم رحمه الله : أخرجه مسلم ، والإمام أحمد 419،417 /5 ؛ وأبو داوود برقم 2433 ؛ والترمذي برقم 759 ؛ وابن ماجه برقم 1716 ؛ من حديث سعد بن سعيد بن قيس وهو ضعيف لسوء حفظه ؛ لكن تابعه صفوان بن سليم عند أبي داوود ، والدارمي21/2 بإسناد قوي .هـ 63/2 زاد المعاد . والألباني في الإرواء توسع في تخريجه أكثر فليراجع .106/4 ، وكذا في الترغيب والترهيب434/1فليراجع.
وقال ابن القيم رحمه الله في شرحه لسنن أبي داوود بعد حكايته عن علل الحديث : وهذه العلل −وإن منعته أن يكون في أعلى درجات الصحيح − فإنها لا توجب وهنه ، وقد تابعه سعداً ويحيى وعبد ربه عن عمر عن ثابت : عثمان بن عمرو الخزاعي عن عمر ، لكن قال عن محمد بن المنكدر عن أبي أيوب . ورواه أيضاً صفوان بن سليم عن عمر بن ثابت ذكره ابن حبان في صحيحه ، وأبو داوود والنسائي ، فهؤلاء خمسة : يحيى وسعيد وعبد ربه بنو سعيد وصفوان بن سليم وعثمان بن عمرو الخزاعي ، كلهم رووه عن عمرو .
فالحديث صحيح .هـ 70/7.
ثم تابع ابن القيم رحمه الله عرض مقالات المخالفين ورد عليها كلها وانتصر أيما انتصار لتصحيح الحديث فليراجع في موضعه ولله الحمد .
قلتُ : ثم نقل الدكتور قول ابن حبان وهو : قال عنه ابن حبان(والصحيح أن يقول قال ابن حبان ولكنه زاد (عنه) !!
نتابع نقل الدكتور : قال عنه ابن حبان لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد فحديثه (هذا)−أيضاً(هذا)من زيادة الدكتور−شاذٌ لا يحتج به !
قال مصباح عفا الله عنه : قد نقل ابن القيم قول ابن حبان وليس فيه ما نقله الدكتور ولا (أصل الكلام بتمامه،من دون الموهمات!) قبل زيادات الدكتور التي أشرتُ إليها ! إنما قال ابن القيم : وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بحديث سعد بن سعيد ..هـ.(فقط)ولم يزد على ذلك من الموهمات التي تدل على أن ابن حبان يعني هذا الحديث عيناً !!
ثم هب أن الدكتور زعم أن ابن حبان حكم بالضعف أو الشذوذ على هذا الحديث فنقول أن هذه دعوى يكذبها ابن حبان نفسه ! لأنه على فرض صحة عدم قبوله الرواية عن سعد بن سعيد بن قيس فليس هذا بملزم أن الحديث عنده ضعيف أو شاذ إنما حكمه على تلك (الرواية) فحسب !
والدليل (القاصم) لشنشات الدكتور أن ابن حبان صحح في مسألة صيام الست من شوال روايتان ؛ وهي الرواية من طريق صفوان ، ثم أتبعها بالرد على المشككين برواية صفوان لتفرد عمر بن ثابت عن أبي أيوب−والتي أطال النفس في بيان هشاشتها ابن القيم رحمه الله−فقال ابن حبان عقب ذكره رواية صفوان مصححاً : ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمر بن ثابت عن أبي أيوب . هـ : راجع الإحسان في تقريب ابن حبان ص1000−1001.دار المعرفة.
ومن عجبٍ أن يفتات من تربى بحضن طوني وجوني على الإمام (مسلم)!
الذي يهابه فطاحلة العلم ؛ وإن من سنن العلماء وطرائقهم تلقي ما مال لتصحيحه جهابذة النقاد من أهل الفن في الصنعة الحديثية ؛ كحال احترام الدكتور لجوني وطوني من فطاحلة الفلاسفة والزنادقة!
فانظر إلى الطحاوي رحمه الله وأدبه فيما نقله عنه الألباني رحمه الله في الإرواء : هذا الحديث لم يكن بالقوي في قلوبنا من سعد بن سعيد ؛ ورغبة أهل الحديث عنه ، حتى وجدناه قد أخذه عنه من ذكرنا من أهل الجلالة في الرواية والتثبت ؛ ووجدناه قد حدّث به عن عمر بن ثابت صفوان بن سليم ؛ وزيد بن أسلم ويحيى بن سعيد الأنصاري وعبد ربه بن سعيد الأنصاري . هـ 106/4 إرواء الغليل .
وقد صحح الحديث الشيخ الالباني في الإرواء برقم 950 وصححه أيضاً في الترغيب والترهيب 434/1 .
قال ابن الملقن في البدر المنير 5/752: "هذا الحديث صحيح حفيل جليل.. وقد روى هذا الحديث عن سعد بن سعيد تسعة وعشرون رجلا أكثرهم ثقات حفاظ إثبات، وقد ذكرت كل ذلك عنهم موضحا في تخريجي لأحاديث المهذب مع الجواب عمن طعن في سعد بن سعيد وأنه لم ينفرد به وتوبع عليه وذكرت له ثمانية شواهد".
قال الشيخ ناصر الشثري حفظه الله :
ومشروعية صيام ستة أيام من شوال ورد فيها أحاديث أخرى غير حديث أبي أيوب، منها حديث جابر أخرجه أحمد 3/308 والبيهقي 4/292 وحديث ثوبان أخرجه ابن ماجة (1715) وابن حبان
(3635) وابن خزيمة (2115) والنسائي في الكبرى (2860) والطبراني (1451). وحديث ابن عمر أخرجه الطبراني في الأوسط (8622). هـ
بهذا يتبين أن الرواية إن كانت في بعض طرقها ضعيفة لوجود راوٍ ضعيف إلا أن تعدد الطرق عن طريق الثقات يجعل الحديث قويٌ جداً وليس من شرط ثبوته أن يكون بأعلى درجات الصحة.
ثم قال الدكتور الفيلسوف : تركه مالك وأنكر عليه الحديث .
والجواب على هذه الشبهة :
قَالَ يَحْيَى : وَسَمِعْتُ مَالِكًا ، يَقُولُ فِي صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ : إِنَّهُ لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ يَصُومُهَا ، وَلَمْ يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ يَكْرَهُونَ ذَلِكَ وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ لَوْ رَأَوْا فِي ذَلِكَ رُخْصَةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَرَأَوْهُمْ يَعْمَلُونَ ذَلِكَ . هـ الموطأ ص292.
قلتُ : وهذا الكلام ظاهره مخالف لصريح النص النبوي الصحيح−كما تقدم−ولكنهم اعتذروا له بمعاذير عدة ؛ ثم هب أن مالكاً كره صيام الست من شوال بالكلية !
أكان المقلدة من أتباع مذهبه يُجمعون على ترك ما فهمه الدكتور من ظاهر قول إمامهم الذي هم في الفقه له مُتبعون؟!
بالطبع لا لذلك وجدناهم بين معتذر له ، وبين من لم يكترث بالكلام البتة ..
قال المعتذرون له والمعللون لكلامه أن النهي معلل باستتباعها −أي الست من شوال−رمضان خشية إلحاق النفل بالفرض فتحصل البدع في الدين ، ومنهم من قال أن الحديث لم يصل لأهل المدينة وقتها ، وهذه أقوالهم:
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي (المالكي) في أضواء البيان 7/361 : "ولا شك أن مذهب مالك المدون فيه فروع تخالف بعض نصوص الوحي، والظاهر أن بعضها لم يبلغه رحمه الله ولو بلغه لعمل به، وأن بعضها بلغه وترك العمل به لشيء آخر يعتقده دليلا أقوى منه، ومن أمثلة ما لم يبلغه النص فيه: صيام ست من شوال بعد صوم رمضان، قال رحمه الله في الموطأ ما نصه : " إني لم أر أحدا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغني ذلك عن أحد من السلف "، وفيه تصريح مالك بأنه لم يبلغه صيام ستة من شوال عن أحد من السلف، وهو صريح في أنه لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه لو بلغه الترغيب عن النبي صلى الله عليه وسلم لكان يصومها ويأمر بصومها فضلا عن أن يقول بكراهتها ".هـ
قال ابن عبد البر (المالكي)في الاستذكار 3/380: " لم يبلغ مالكا حديث أبي أيوب .. ولو علمه لقال به"، وقال : " وأما صيام الستة الأيام من شوال على طلب الفضل وعلى التأويل الذي جاء به ثوبان رضي الله عنه فإن مالكا لا يكره ذلك إن شاء الله، لأن الصوم جنة وفضله معلوم لمن رد طعامه وشرابه وشهوته لله تعالى، وهو عمل بر وخير، وقد قال الله عز وجل "وافعلوا الخير" ومالك لا يجهل شيئا من هذا ولم يكره من ذلك إلا ما خافه على أهل الجهالة والجفاء إذا استمر ذلك وخشي أن يعدوه من فرائض الصيام مضافا إلى رمضان ".
قلتُ : وإن عدم بلوغ مالك بعض الأحاديث لا يُنقص من قدره رحمه الله ، فقد فات من السنة من هو خير منه : أبو بكر وعمر رضي الله عنهم وغيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، راجع : رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، لشيخ الاسلام ابن تيمية الحراني رحمه الله .
قال ابن العربي (المالكي) مشعراً حدوث الفهم المغلوط عند البعض من استتباع الست لرمضان على التوالي بحيث لا يفطرون يوم الفطر : .... فهذا صوم الدهر كان من شوال أو من غيره وربما كان من غيره أفضل ؛ أو من أوسطه أفضل من أوله ؛ وهذا بيِّنٌ وهو أحوى للشريعة وأذهب للبدعة ؛ ورأى ابن المبارك والشافعي أنها في أول الشهر ، ولستُ أراه ، ولو علمتُ من يصومها أول الشهر ، وملكتُ الأمر أدبتُهُ وشرّدتُ به لأن أهل الكتاب وبمثل هذه الفعلة غيّروا دينهم وأبدلوا رهبانيتهم .هـ.عارضة الأحوذي 3 / 292.
وقال القرطبي (المالكي) في التفسير 2/331: "يستحب له أن يصوم من شوال ستة أيام".
وأما النهي عن صوم ست شوال خشية اختلاطها برمضان، فهذا تعليل فاسد الاعتبار لمخالفته الخبر، والرسول صلى الله عليه وسلم أعلم منا بالشرع، فلا نترك قوله لمثل هذه التوهمات.
وقال الشيخ الدكتور الصادق عبد الرحمن الغرياني(المالكي) في مدونة الفقه المالكي وأدلته : ..ويندب صيام هذه الأيام عند علمائنا متفرقة ، وكذلك يندب إخفاؤها ؛ مخافة أن يُلحِقَها الجاهل برمضان ويعتقد وجوبها...هـ604/1.
وبعد هذه البينات أفيحل تركها لقول مالك −رحمه الله−المجمل ؟!
قال النووي رحمه الله : إذا ثبتت السنة لا تُترك لقول بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها .هـ 313/4 شرح مسلم.
وقال المباركفوري رحمه الله في تحفة الأحوذي : قول من قال بكراهة صوم هذه الستة باطلٌ مخالف لأحاديث الباب..هـ 213/3.
وخلاصة القول كما قرر العلماء أن صومهم مستحب وفيه خير عظيم دلنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلا نتركه لمتدكتر متهوك والله المستعان.
وإن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم!ا
قال العلامة ابن حزم الظاهري ـ رحمه الله ـ في مداواة النفوس ص67:
لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها ، فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ، ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون.
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين

كتبه : مصباح بن نزيه الحنون.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:21 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.