أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
137462 92655

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-06-2010, 09:57 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي وقفــات مــع التربيـــة الإيمانيـــة للـحــج

وقفــــات مــــع التربيـــــة الإيمانيـــــة للـحــــج

الجزء الأول

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

أخبرنا الله - تبارك تعالى - في كتابه العزيزعن نداء سيدنا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ۞ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۞ رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ۞ رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ۞ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ ۞ رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ [سورة إبراهيم: 35 ــ 40].

وتقبّل الله الدعاء، قال - تعالى -: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ [سورة الحج: 26].

وجاء الأمر من الله - تبارك وتعالى - بقوله - سبحانه -: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ۞ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ۞ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [سورة الحج: 27 - 29].
وقوله - تعالى -: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ۞ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [سورة آل عمران: 96 ــ 97].

وقوله - تعالى -: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ [سورة البقرة: 196].

وتهفو القلوب وتشتاق ! وتشد الرحال، ويهون الفراق، فراق الأهل والأحبة، ها هم حجاج بيت الله، وفد الرحمن، قد لبوا النداء، دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم، خرجوا في سبيل الله، لأداء شعيرة من شعائر الله تزكو بها النفوس وتطهر، لتكون أهلاً لكرامة الله - تبارك وتعالى - في جنةٍ عرضها كعرض السموات والأرض.

فعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ: (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) (متفق عليه). فهل تدرك هذه الجموع العظيمة أن الحج ليس فقط أعمالا تؤدَى وأموالا تنفق، إنما هو ركن من أركان الإسلام، وعبادة عظيمة، جمعت شعائر كثيرة، تعبدنا الله – تعالى - بها، ما أجمل أن يستشعر العبد ما فيها من فقه، وحكم بالغة، وأجور عظيمة ؟.

ما أجمل أن يستشعر أثرها في مسار حياته، ليس في سفره من مكانه إلى الحرم ... إلى الكعبة ... ثم العودة فقط، إنما يجب أن يستشعر أنه ترك الأهل والمال والولد، فارّاً بنفسه ودينه إلى الله - تبارك وتعالى - ﴿فَفِرّوا إِلَى اللهِ [سورة الذاريات 50]، ليرجع بحج مبرور وسعيٍ مشكور وذنب مغفور - إن شاء الله تعالى - ويستأنف العمل.

ولِيَكونَ الحَجّ مبرورًا لا إثم فيه، يجب على الحاج أن يستشعرَ التميز الإيماني بتلبية النداء الرباني له، محافظًا على حُسن الإتباع في أداء الشعائر، كما علمنا رسولنا ﷺ.
وأن يكون لديه الهمّة القويّة والعزيمَةَ الجادّة على التغيير ... التغيير إلى الأفضل، أثناء حجِّهِ وبعد عودته من سفره، وذلك بتواضعه للحق باتباعه، وللخلق بحسن الخلق معهم؛ لقوله – جلّ وعلا -: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوامَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [سورة الرعد: 11] .

إن للحج المبرور تأثير عظيم في تهذيب النفوس، وتقويم الأخلاق والسلوك، وتربيتها التربية الإيمانيـــة إذا راعى الحـــــاج ما يلي:

1. مراعاة فقه الأولويات:
وذلك بالمسارعة إلى الطاعات والمسابقة إلى الخيرات، بدءًا بالأهمَ فالمهم من قبل: ﴿أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ۞ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ۞ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [سورة الزمر: 56 – 58].

ولقول رسول الله ﷺ في الحديث الصحيح الذي رواه عبدالله ابن عباس - رضي الله عنهما: (إغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك) انظر: [صحيح الجامع 1078].

إن لشعائر الإسلام والعبادات والتكاليف التي كلفنا الله - تعالى - بها مراتب، تتفاضل وتتباين في أهمَيتها، وفضلها، ومكانها، وزمانها، وبترتيب هذه الأوْلويات تنمو لدى المسلم روح النظام والإنضباط، فينبغي أن يراعي أوْلاها لإقامة أركان الإسلام والإيمان على أساس قويّ متين، وليبلغ بدينه درجة الإحسان، مستعينًا بالله - تعالى -.

نقف الوقفة الأولى مع أهم الأمور وأوْلاها : إخلاص العبادة لله - تعالى - وحده لا شريك له : إن الله - تبارك وتعالى - ربط فريضة الحج بأول بيت وضع للناس، لرفع راية التوحيد فيه، وإخلاص العبادة لله – تعالى - وحده لا شريك له.

إذ ليس من البر أن يُشركَ أحد بالله - تبارك وتعالى -، سواءً بدعاء، أو باستغاثة، أو استعانة، أو تبرك، أورياء، أو أن يَحُجّ بمال حرام، أو مطعم ومشرب حرام، أو بشهادة زور، أو ظلم، أو بدعة، أومعصية، ظانـًّا أنها قربة يتقرب بها إلى الله - تبارك وتعالى -، كما يفعل كثير من الحجيج - هداهم الله تعالى -.

فعن أبي المنتـفق - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ: (إعبد الله لا تشرك به شيئا، وأقم الصلاة المكتوبه، وأدَ الزكاة المفروضة، وحج واعتمر، وصم رمضان، وانظر ما تحب للناس أن يأتوه إليك فافعله بهم، وما تكره أن يأتوك فذرهم منه) [صحيح الجامع: 1039] و [الصحيحة: 474].

إذ ليس من البرّ أن ُتوَلـّى الوجوهُ قِبَلَ مَشْرقٍ وَمَغْرب، وَتُعدّ حِجَجٌ وَعُمْرات، ولكن أول البر: «الإيمان بالله - تبارك وتعالى - وحده لا شريك له».

قال الله - تعالى -: ﴿لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [سورة البقرة: 177].

وقال الله - تعالى -: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ۞ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [سورة آل عمران: 96 – 97].

وعن ماعز - رضي الله عنه - قال: سُئِلَ رسول الله ﷺ أي الأعمال أفضل ؟ فقال: (أفضل الأعمال إيمانٌ بالله ورسوله، وجهادٌ في سبيله، ثم حِجةٌ مبرورَةٌ تفضل على سائر الأعمال كما بين مطلع الشمس إلى مغربها) [صحيح الجامع 1092].

ومن بِرّ الحَجّ: إطعامُ الطعام، وطيبُ الكلام، رَفعُ الأصْواتِ بالتلبية، إراقةُ دمِ الهَدْيِ تقرباً إلى الله - تعالى -: فعن جابر - رضي الله عنه - قال: قال ﷺ: (بِرّ الحج إطعام الطعام، وطيب الكلام) (حديث حسن). انظر: [الصحيحة 1264].
وعن ابن عمر وأبي بكر وعن ابن مسعود - رضي الله عنهم - قالوا: قال ﷺ: (أفضل الحج العجّ الثجّ) (حديث حسن). انظر: [الصحيحة 1500].

العج : رفع الأصوات بالتلبية.
الثج : إراقة دم الهدي تقرباً إلى الله – تعالى -.
وعن الفضل - رضي الله عنهما - قال: قال: (من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة، وتعرض الحاجة) [صحيح الجامع 6004]. فالبدار ... البدار - .

الوقفة الثانية: حسن الإتباع: ما أروع أن نحُثّ إلى الخيرات المسير !، ولكن على الجادة نسير، وأن نقف حيث وقف الرعيل الأول، خير الناس، جزاهم الله عنا خير الجزاء، ورضي الله عنهم وأرضاهم، وحشرنا في زمرتهم، فقد كانوا أحرص الناس على الخير.
لأن العمل لا يُقبَل إلا إذا كان خالصا، صوابا على منهج النبوة ، وفهم سلفنا الصالح - رحمهم الله -، فيجب علينا الإقتداء بهديهم في أفعال الحج والعمرة وغيرهما، فإن فيه الخير والبركة والقبول - بإذن الله تعالى -.
ورضي الله عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه إذ قال: (... وكم من مريد للخير لن يصيبه ...) جزء من حديث طويل، أخرجه الدارمي في سننه (1/ 68 - 69) بإسناد صحيح عن عمرو بن يحيى بن عمرو بن سلمه).

إن للحج والعمرة أحكامًا تفصيلية مُقيَّدة ومطلقة، اعتنى الشارع الحكيم بذكرها، وبيان أهميتها. فقد ذكرها الله - تبارك وتعالى - في كتابه العزيز، وبيَن تفاصيلها رسولنا ﷺ، وذلك لتؤدَى بانتظام، وعلى وجهها الأكمل بأركانها وواجباتها وسننها وآدابها، ووجوب مراعاة الزمان فيها، والمكان، والعدد، والكيفية، والأذكار.

فلا ينبغي للحاج أن يُخالف الشارع الحكيم عالمًا عامدا، ولا أن يزيد فيها أو ينقص إذا كانت مقيدة. ولا أن يَقدُمَ على عملٍ أو عبادة إلاَ وهو على بصيرة، وعلى دليلٍ ثابتٍ عن النبي ﷺ، لقوله في الحديث الذي رواه عنه جابر - رضي الله عنهما -: (لتأخذوا عني مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحجَََِ بعد حجتي هذه) [صحيح الجامع 5061] و [مختصر مسلم 724].

قال شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - في التعليق على هذا الحديث في كتابه القيِّم - حجة النبي ﷺ [الحاشية صفحة 82] -: (هذه اللام لام الأمر، أي خذوا مناسككم، كما وقع في رواية غير مسلم .

وتقديره: هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال، والأفعال، والهيئات، هي أمور الحج وصفته، وهي مناسككم، فخذوها عني، واقبلوها، واحفظوها، واعملوا بها، وعلموها الناس، وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج، وهو نحو قوله ﷺ: (صلوا كما رأيتموني أصلي) انتهى كلامه رحمه الله - تعالى-.

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله ﷺ: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه البخاري - رحمه الله -.

وهذا يدل على أنه يجب على المسلم أن يقتدي بالرعيل الأول خير الناس سلفنا الصالح. وأن يعلم أن عمل الأمة وعباداتها مرتبط قبوله باتباعهم - رحمهم الله تعالى -، مُستشعرًا مراقبة الله - تعالى - في أدائه، متذوقا حلاوة الطاعة، وحسن الإتباع، ولذة الإقتداء، بضبط النفس والوقت على مراد الله - تبارك وتعالى -.

وذلك مما يعين على أداء هذه العبادات والتكاليف والأحكام بيسر وسهولة وانتظام، سواء كان ذلك في الحج أو في سائر شؤون الحياة، طاعة لله - تبارك تعالى -، وطاعة لرسوله ﷺ.
قال الله تعالى: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ۞ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ۞ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ۞ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ۞ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۞ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ۞ أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ۞ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [سورة البقرة: 196 – 203] .

يتبيَن لنا من هذه الآيات الكريمة أهمية الإتباع، والترتيب في أداء الشعائر، ولقد ربط رسول الله ﷺ مناسك الأمة، أفعال الحج «كالإحرام، والتلبية، والطواف، والسعي، والحلق أو التقصير، والهدي، والرمي» بميراث النبوة توحيداً واتباعا، ولنا فيهم تذكرةً وعبرة، جزاهم الله عنا خير الجزاء.

قال الله - تعالى -: ﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ۞ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [سورة الحج 26 – 27].

وعن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - أن رسول الله ﷺ مرَ بوادي الأزرق - وهو ما كان بين مكة والمدينة - فقال أيّ وادٍ هذا ؟ قالوا: وادي الأزرق، قال كأنَي أنظر إلى موسى هابطا من الثنية وله جؤار إلى الله بالتلبية، مارا بهذا الوادي، ثمَ أتى على ثنيَة هرشى، فقال أيّ ثنيَةٍ هذه ؟ قالوا: ثنيَة هرشى، أو لفت، فقال: لكأنّي أنظر إلى يونس بن متََى على ناقةٍ حمراءَ جعدة، عليه جُبة من صوف، خطامُ ناقته خُلبة، مارّاً بهذا الوادي يُلبي) [أخرجه مسلم: 166] .

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله ﷺ قال: (ليَهِلَّنَّ ابن مريم بفجّ الرَّوْحاء حاجّا أو مُعتمِرًا أو ليثنيهما) [أخرجه مسلم: 1252].

وعن ابن مربع الأنصاري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ في حجة الوداع: (قفوا على مشاعركم هذه ، فإنكم على إرث من إرث أبيكم إبراهيم) [صحيح الجامع 4394].

وصح عن ابن عباس - رضي الله عنهما ﷺ قال: (لمَا أتى إبراهيم خليل الله المناسك، عرض له الشيطان عند جمرة العقبة، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية، فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض)؛ قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: الشيطان ترجمون، وملَة أبيكم تتَّبعون) [صحيح الترغيب والترهيب 1156].

روى البخاري - رحمه الله تعالى - في صحيحه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أيضا قال: (أول ما اتخذ النساء المنطق من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقًا تعفَي اثرها عن سارة، ثم جاء بها إبراهيم وإبنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء. ثم قفَى إبراهيم منطلقا، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم ! أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟!. فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتفت إليها. فقالت له آلله الذي أمرك بهذا ؟ قال: نعم. قالت: إذا لا يضيعنا. ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يَرَوْنَه استقبل بوجهه البيت، ثمَ دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [سورة إبراهيم: 37].
وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى ـ أو قال: يتلبَط ـ فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فقامت عليه، ثمَ استقبلت الوادي، تنظر هل ترى أحدا ؟ فلمْ ترَ أحدا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت الوادي، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت، هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النبي ﷺ (فلذلك سعى الناس بينهما). فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت صَهْ ! ـ تريد نفسها ـ ثمَ تسمعت، فسمت أيضا، فقالت: أسْمَعْتَ إن كانَ عِنْدَكَ غواث. فإذا هي بالمَلَك عند موضع زمزم، فبحثَ بعقبه ـ أو قال: بجناحه ـ حتى ظهرَ الماء، فجعلتْ تحوضُهُ وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها، وهو يفور بعدما تغرف).
قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: قال النبي ﷺ: (يَرْحَمُ الله أمّ إسماعيل ! لو تركت زمزمَ ـ أو قال: لو لم تَغرف من الماء ـ لكانت زمزمَ عينا معينا). قال: (فشربت وأرضعت ولدها، فقال لها المَلَك: لا تخافوا الضّيْعَة، فإنّ ها هنا بيتُ الله؛ يبني هذا الغلام وأبوه، فإن الله لا يُضيَع أهله) [صحيح السيرة النبوية لشيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - ص (40 – 41].

نعم والله ... إن الله لا يضيع أهله - الحمد لله رب العالمين - هذا من فضل الله – جلَّ في علاه - على المؤمن الذي يحسن الظن بالله - تبارك وتعالى -، فهو يعيش في راحة وطمأنينة وأمان، ولا يخشى على رزق، ولا على أجل، قلبه مطمئن لما عند الله تعالى، ولسانه يلهج بذكر الله ودعائه سبحانه.

يؤمن بأنّ بعد العسر يسرا، وأنّ الفرج يأتي مع الصبر، وأنّ من يتوكل على الله فهو حسبه، ناصره، ومؤيده، وكافيه، فهو حيٌّ لا يموت، والإنس والجن يموتون.
قال - تعالى -: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا [سورة الفرقان - 58].


من محاضرات « ملتقى الحج » في اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله - تعالى -

بقلم وتقديم: أم عبد الله نجلاء الصالح


يُتبع - إن شاء الله تعالى - الجزء الثاني
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-06-2010, 11:39 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي وقفـــــات مـــــع التربيــــــة الإيمانيــــــة للـحــــــج - الجزء الثاني

وقفـــــات مـــــع التربيــــــة الإيمانيــــــة للحــــــج

الجزء الثاني

الوقفة الثالثة: تمام التسليم والرضى بقضاء الله - تعالى - وقدره، والثبات على الحق وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله - تعالى-، واليقين بما عند الله، وحسن التوكل على الله - عز وجل -، بعد بذل الجهد بالدعاء، والسَعي للأخذ بالأسباب المشروعة.

قد يبلغ الإنسان مراده وما يتمناه من شهوات الدنيا وما فيها من زينةٍ ومتاعٍ ومنصبٍ ومالٍ وجمالٍ وولد، ولكن حبذا لو خلى بنفسه وتفكر، هل هذا كل ما يصبو إليه ؟ هل يشعر برضا وارتياح ؟ هل يشعر بهدوء نفسي بداخله ؟.

إن الطمأنينــــة والرضا، نفحـــــة إيمانيـــــة، ولذة روحيـــــة، لا يستشعرها إلاَ من كان قلبه متصلاً بالله، متعلقًا باللـــــه، مطمئنًا بذكر اللـــــه، وما عند اللــــه، نابضًا بالحركة والحيـــــاة، تشعّ روحُه نورًا ينبئ عن تميز إيماني، وتهذيب نفسي، متجها بمشاعره إلى حب الله - تعالى -، وحب رسوله ﷺ، ملتزما بالمنهج الرباني الذي أنزله الله - تبارك وتعالى - على رسوله ﷺ، لا يَحيدُ عنهُ قيْدَ أُنمُلة - قدر اٍستطاعته -.

إن صدق المحبة لله - تعالى - يتجلَى عند الإمتحان، عند الإبتلاء. فإذا اشتد على العبد الكرب فليتذكر الأنبياء، وليستشعر فضل الدعاء، ولذة المناجاة والقرب من الرب - تبارك وتعالى-، فهو – سبحانه - السميع العليم المجيب الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه.

لقد خرج رسول الله ﷺ من مكة، من أحب البلاد إليه، صابرًا محتسبًا، بعدما أوذي في سبيل الله من أهله وأقرب الناس إليه، ثبت، لم يتراجع عن دعوة الحق التي دعا إليها، فعاد بفضل الله - تعالى - إليها فاتحًا منتصرًا بعد أن أرسى قواعد دولة الإسلام في طيبة الطيبة «المدينة المنوّرة».

ولنا أيضا في قصة إبراهيم مع ابنه إسماعيل - عليهما الصلاة والسلام -، أسوة حسنة في سرعة الإجابة، وحسن اليقين، وتمام التسليم والرضا بأمر الله - تبارك وتعالى -.

قال الله - تعالى -: ﴿فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ ۞ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ۞ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ۞ فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيم ۞ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ الله مِنَ الصَّابِرِينَ ۞ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ۞ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ۞ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ۞ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ۞ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيم ۞ وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ ۞ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ۞ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ۞ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ۞ وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ۞ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ [سورة الصافات: 98 - 113].

كان هذا اختبار الرب - تبارك وتعالى - لخليله إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -، وامتحانه إياه، امتثل للأمر طاعة لله سبحانه، فآثر مرضاته، ولم يقدم مَحَبّةَ فَلذَةِ كَبِدِه على محبّة ربه - تبارك وتعالى -، وامتثل إسماعيل - عليه الصلاة والسلام - رغم صغر سِنه - طاعةً لأمر ربه - سبحانه -، ثم طاعةً لوالده، فأقرّ اللهُ العَيْنَ بِإبقاءِ الإبْنِ على سلامته، وفداهُ الله - سبحانه - بِذِبْحٍ عظيم، ليكونَ سُنّةً باقيةً في أمّته، فها هي (ذبح الأضاحي) سُنةَ أبينا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - تُحيَى في كل أضحىً من كل عام.

ثمّ أمتن عليه بفضله وكرمه بإسحق إبنا آخرَ مباركاً له، وأتمّ عليه نِعَمَه، بأن جعل النبوّة في ذريته، ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [سورة الصافات: 105] .

ولنا كذلك في السيدة هاجر أسوة حسنة، ومثال رائع في الطاعة، وتمام التسليم، والرضى، وحسن التوكل على الله - سبحانه وتعالى - مع بذل الأسباب المشروعة، وعدم القنوط والإستسلام لليأس في أحلكِ الظروف، فقد قالت لزوجها إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - عندما تركها ورضيعها في مكة: (يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا في هذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟! فقالت له ذلك مرارا، وجعل لا يلتفت إليها. فقالت له: آللهُ أمرك بهذا ؟ قال: نعم . قالت: (إذاً لا يُضَيّعُنا الله، ثم رجعت).

طمأنينة ! هدوء نفسي ! وتسليم ، بلا تسخط، ولا تذمر، ولا اعتراض. أين منها الكثيرات من النساء في زماننا ؟ فلنراجـــــع أنفســـــنا !!.

3. الوقفة الثالثة: الترغيب والترهيب: وذلك بشحذ الهمَة من خلال تحفيز الطاقات ودوافع الخير الكامنة في النفوس، والتحذير من الشر، وبيان المصالح وميزاتها، والمفاسد وما يترتب عليها، وربط عمل الدنيا بالآخرة، والإقتداء بهدي النبوة في تعاملنا مع غيرنا، كل من موقعه.

ولنا في رسولنا ﷺ أيضا أسوة حسنة:

أ - ففي الترغيب في الحج: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله ﷺ: (أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب السماء يباهي بكم الملائكة، يقول انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم ينظرون أخرى) [صحيح الجامع 36].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ: (ما أهلَ مهلَ قط، ولا كبَر مكبَر قط، إلاَ بشَر بالجنة) [صحيح الجامع 5569] و [الصحيحة 1621].

وعن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ﷺ: (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة) [صحيح الجامع 2901].

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله ﷺ: (أما خروجك من بيتك تؤم البيت الحرام، فإن لك بكل وطأة تطؤها راحلتك، يكتب الله لك بها حسنة، ويمحو عنك بها سيئه، وأما وقوفك بعرفة فإن الله عز وجل ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة، فيقول: هؤلاء عبادي جاؤوني شعثاً غبراً من كل فج عميق، يرجون رحمتي ويخافون عذابي ولم يروني، فكيف لو رأوني ؟ فلو كان عليك مثل رملٍ عالج، أو مثل أيام الدنيا، أو مثل قطر السماء ذنوباً غسلها الله عنك، وأما رميك الجمار فإنه مدخور لك، وأما حلقك رأسك فإن لك بكل شعرةٍ تسقط حسنة، فإذا طفت بالبيتِ خرجت من ذنوبكَ كيومِ ولدتكَ أمّك) [صحيح الجامع 1360].

وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله ﷺ: (من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلاَ حطّ الله عنه بها خطيئة وكتب له بها حسنة) [صحيح الجامع 6380].

وعنه - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله ﷺ: (من طاف بالبيت سبعًا وصلى ركعتين كان كعتق رقبة) [صحيح الجامع 7379].

وعن أم معقل - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله ﷺ: (إن الحج والعمرة لمن سبيل الله، وإن عمرة في رمضان تعدل حجة) [صحيح الجامع 1599].

وفي رواية أخرى عن أم معقل، وعن عدد من الصحابة - رضي الله عنهم - قالت: قال رسول الله ﷺ: (عمرة في رمضان كحجة معي) [صحيح الجامع 4098].

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قلت: يا رسول الله ! ألا نغزو ونجاهد معك ؟ فقال: (لكن أحسن الجهاد وأجمله حج مبرور) [صحيح الجامع 5160].

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله ﷺ: (إن لكِ من الأجر على قدر نصبكِ ونفقتكِ) [صحيح الجامع 2160].

ب. وأما الترهيب: فذلك لأن العبد قد يعتريه أحيانا الفتور، والغفلة، والنسيان، الضعف، وعدم القدرة، ثم الفناء، ثم البعث والجزاء .. ثم ينتظر مصيره إما إلى جنة وإما إلى نار. فعليه باغتنام الفرص في هذه الدار، فإنها ليست بدار قرار.
فعن الفضل ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله ﷺ: (من أراد الحج فليتعجل، فإنه قد يمرض المريض، وتضل الضالة وتعرض الحاجة) [صحيح الجامع 6004].

وقال رسول الله ﷺ: (إن عبدا أصححت له جسمه ووسعت عليه في المعيشة، يمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم) [ترتيب صحيح الجامع 1/ 415].

وأخبَرَ - صلى الله عليه وسلم - أن الكعبة سَتُهدم، وحث على المبادرة بالإستمتاع بالتقرب إلى الله – تعالى - في بيته الحرام قبل فوات الأوان .
فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: (استمتعوا من هذا البيت، فإنهُ قد هُدِمَ مرتين ويرفع في الثالثة) [صحيح الجامع 955].
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله ﷺ: (يخرب الكعبة ذوالسويقتين من الحبشة) [مختصر مسلم 2032].

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: (كأنّي انظرُ إليهِ أسودَ أفحَجَ ينقُضُها حجراً حجرا – يعني الكعبة -) [صحيح الجامع 4469].

الوقفة الرابعة: مراقبة الله - تبارك وتعالى - في السر والعلانية :وذلك بأن (تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). بها يبلغ العبد بإسلامه وإيمانه أعلى المراتب : مرتبة الإحسان؛ قال الله - تعالى -: ﴿جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [سورة المائدة: 97].

أ. فينبغي على الحاج أن يراجع نفسه، وأن يتخلق بخلق الإسلام ويلتزم بآدابه، وذلك مراعاةً لشرفِ الزمان والمكان، وتعظيماً لشعائر اللهِ في بيت الله، وحرم الله، وتواضعاً للحق باتباعه، وللخَلقِ بِحُسْنِ الخُلق، وحفظِ الجوارح. فلا يفعلُ ما لا يليقُ بطهارة المكان وقدسيته، وليجعل ذلك ديدنًا له بقية حياته، متمسكا به حتى بعد عودته.
قال – تعالى -: ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [سورة الحج: 25].

ب. ليستشعر أهمية الأخوة الإيمانية، وفضل الصبر عليها على تقوى من الله، فلا ينطلق لسانٌ بسوء، أو يُرفع سلاح، أو تمتدّ يدٌ إلا بحق: فالربّ واحد، والقبلةُ واحدة، والمناسك واحدة، تؤدَى بوقت واحد على صعيد واحد، والكل في ذلك سواء، لا فضل لعربيٍ على أعجميٍ إلاّ بالتقوى.
قال الله - تعالى -:﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [سورة البقرة: 197].

ت. وليستشعر المؤمن وهو يجأر بالتلبية: الإقبال على الله - تبارك وتعالى -، والتواضع له بالتخلي عن لباسه واستبداله بلباس الإحرام، وتجرد الرجال من المخيط فترة الإحرام، ولبسهم البياض؛ لباس النقاء والصفاء.

وليتفكـّر في التجرد من متاع الدنيا وزخرفها، وليستشعر الخضوع بكشف الرؤوس أثناء الحج، وانحناءها بتقصير الشعر أو حلقه طاعةً وعبوديةً لله - تبارك وتعالى - فلا ينبغي أن تنحني لسواه.

ث. وليستشعر بهيبة اللقاء، أمام هذه الحشود العظيمة، يوم العرض الأكبر - يوم القيامة -: يوم الوقوف بين يدي الله سبحانه، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، فيعقد العزم على ألاَ يعود إلى ما كان عليه من غفلة، وسهو، ولهو، وَبُعدٍ عن سبيل الله، وذلك بفعل الخيرات، وترك المنكرات، والتصميم على هَجْر البدع والمعاصي، وعدم التهاون في اقترافها، وكبح جماح شهوات النفس وحظوظها، وَحُسْنِ الخُلق، وذلك رغبةً عن المظاهر البراقة، وإيثارًا لما عند الله - تبارك وتعالى -، وحرصًا على نقاءِ الظاهر والباطن، فإنّ المؤمن يَربَأ بنفسِهِ حياءً من ربه - تبارك وتعالى - أن يطّلعَ عليهِ وهو يعصيه بعد أن آوى إليه في بيته، وفي أحبّ البقاع إليه.

جـ. وليستشعر أمانة التكليف، فيكون ذلك دافعًا له على تأدية المناسك على أكمل وجه قدر استطاعته، رغبة فيما عند الله – تبارك وتعالى -، ونيلًا لرضاه .

5. الوقفة الخامسة: تقوى الله - عز وجل -؛ إذ أنها وصية الأولين والآخرين، وجماع الأمر، وخيرُ زاد ينتفع به أولو الألباب الذين يخافون عقاب الله - تعالى - وعذابه، قال - سبحانه -: ﴿وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ [سورة البقرة: 197].
اختص الله - تبارك وتعالى - أُولِي الْأَلْبَابِ بهذا النداء الرباني ، لعلمه – سبحانه - بصدق محبتهم وعبوديتهم له سبحانه، فأمرنا بالتزود لما يُحيي هذه الأجساد، وقرَنَهُ بالتزوَد بخير زاد، - زاد التقوى، الزاد الروحي المعنوي - وذلك لما فيه من حياة للقلوب والأرواح.

افتتح الله - تبارك وتعالى - سورة الحج بالحثَ على التقوى فقال - جلَّ شأنه - ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [سورة الحج: 1]. وذكَّرَ بها في عدة آياتٍ كريماتٍ بَعد أن بيّنَ فيها أحكام الحج، مما يزيد اهتمام الحاج بالإقبال عليها وتحقيقها بإخلاص، خوفًا من أن يعتريه نسيان أو يُرَدّ عليه عمل. لقوله - تعالى -: ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [سورة الحج: 32].

وقال تعالى: ﴿لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [سورة الحج: 37] .

الوقفة السادسة: التيسير: من فضل الله تعالى على المسلمين أن سهل لهم أداء شعائرهم ولم يشق عليهم، ولم يكلفهم ما لا يستطيعون: قال - تعالى -: ﴿يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [سورة البقرة: 185].

ومن التيسير: أ. الأمر بالحج في حدود الإستطاعة؛ لقول الله - تعالى -: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ ۞ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [سورة آل عمران: 97].

على أن تراعي الإستطاعة الجسدية والمادية، وألاَ يتركَ من يعول، عالةً على من خَلفَهُ.

ومن الإستطاعة وجوب وجود المحرم للمرأة.

ب. ومن التيسير: شرع المتعة في الحج، والإشتراط، والهدي، والجمع والقصر، والإنابة والتوكيل، والطواف والسعي راجلا وراكبا. وشُرعَ للحاج أخذُ قسطٍ من الراحة بعد بذل الجهدِ في أداء الشعيرة، لينشط لما بعدها.

ت. ولمن ضعفت قدرته على الجهاد قال رسول الله ﷺ: (هَلُمَّ إلى جهادٍ لا شوكة فيه: الحج) رواه الطبراني في الكبير عن الحسين - رضي الله عنهما - [صحيح الجامع 7044].

ث. وللنساء، قال رسول الله ﷺ: (جهادكن الحج) رواه البخاري - رحمه الله تعالى - عن عائشة - رضي الله عنها -.

جـ. وفي يوم النحر، جلس رسول الله ﷺ للناس فما سئل عن شيء قُدّمَ قبلَ شيءٍ إلاَ قال: لا حرج، لا حرج، وكل ذلك من التيسير.

هــا نحن نرى جموعاً غفيرة ... أعداداً هائلة ملايين تتواجد لأداء شعيرة العمرة والحج بوقت وجيز في آن واحد، وعلى صعيد واحد يؤدون شعائرهم وصلواتهم بأوقاتها بانتظام، بيسر وسهوله خلال أيام.
لقاء رباني عظيم يتكرر في العمرة على مدار العام، وفي الحج مرةً في كل عام، ملتقى يلتقي به الملسمون من شتى بقاع الأرض يتعارفون بينهم، ويشهدون منافع دينية ودنيوية لهم؛ يعجز عن تنظيم مثل هذا اللقاء والإستعداد له أعظم المؤسسات في غير هذه البقعة المباركة من الأرض، فإنهم يستنفرون طاقاتهم ويعدّون العدّة والأموال، ويتهيئون قبل سنوات للقاءٍ قد يدومُ أياماً أو ساعات ثم ينتهي، وقد يكون على مستوى ضئيل من الأهمية لجماعات قليلة، أو أفراد - فشتان ... شتان !! -.

الوقفة السابعة: شُـكر الله - تبارك وتعالى -: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ [سورة إبراهيم: 37].

الحمد لله على عموم نعمه، الحمد لله على نعمة الإسلام؛ الإيمان؛ الهداية، العافية، الرزق، استجابة الدعاء، بلوغ المراد؛ ونعمة التوفيق للشكر، قال الله - تعالى -: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [سورة النحل 53].

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، أسأل الله - عز وجل - أن يتمَ علينا وإياكم نعمَهُ ظاهرة وباطنه، وأن يمنّ علينا بعمرة وحجة خالصة ابتغاء مرضاته وابتغاء وجهه الكريم، وأن يعيننا على ذكره، وشكره، وحسن عبادته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.


من محاضرات «ملتقى الحج» في اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني رحمه الله – تعالى -.

بقلم وتقديم : أم عبد الله نجلاء الصالح
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10-02-2013, 07:37 AM
سلاف الخير سلاف الخير غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: المملكة الأردنيّة الهاشميّة
المشاركات: 251
افتراضي بارك الله فيكِ

للرفع...رفع الله قدركم
__________________
"ليس بين المخلوق والخالق نسب إلا محض العبودية والافتقار من العبد ، ومحض الجود والإحسان من الرب عز وجل".

(ج الرسائل 15/ 56 )
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10-02-2013, 08:22 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلفية وافتخر مشاهدة المشاركة
للرفع...رفع الله قدركم
رفع الله قدركم، ويسر أمركم، وغفر ذنبكم، وفرج كربكم، وبارك فيكم وعليكم.

أسعدني مرورك ابنتي الحبيبة " سلفيــــــــة وافتـــــــــخر" والدعاء، جعلك الله وأحبتك من السعداء في الدنيا والآخرة.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 09-10-2016, 03:56 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

لمزيد من الفائدة فضلا لا أمرا، انظر :

فضل مكة المكرمة

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=11260

أسماء مكة المكرمة

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=11317

ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=21657

تفسير آية : ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ، وفوائــــد منها

:http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=31725

الحث على وجوب أداء فريضة الحج وشروطه

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=53461

هل يُقَــــدَّم الحـــج على الزواج ؟؟

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=12265

أيهما أفضل : العشر الأوائل من ذي الحجة أم رمضان

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=32749

تنبيهات مهمة للحاج عند الوصول إلى الميقات

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...151#post367151

خطب ومواعظ من حجة الوداع

http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=32501

أحاديث ضعيفـــة وموضوعـــة في يوم عرفــة وفضله.


http://www.kulalsalafiyeen.com/vb/sh...ad.php?t=53443
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:40 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.