أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
62549 107599

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر العقيدة والمنهج - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #161  
قديم 07-22-2016, 03:34 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي خير قتلى مَن قتلوه ... وله أجر شهيد. تتمـــَّــــة.

وأما ما ذهب إليه أبو أمامة - رضي الله عنه – من الحكم عليهم، - والله أعلم – مدرج من تأويله للآية : {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ} [1] : أنهم كفار.

أو كما هو حال الخطاب النبوي "العام" للمسلمين في إطلاق الحكم على المعصية – وهو كفرٌ دون كفر-، ويؤيدهُ تقرير الخليفة الراشد عليّ بن أبي طالب بقوله : "هم من الكفر فروا"، وهو الصواب؛ فينبغي التمسك به لأنه من السنة الوارد ذكرها في الحديث – آنف الذكر – بقوله (عضوا عليها بالنواجذ)، فدلَّ على أنها عزيزة بقوله : (إنه مَن يعِش منكم فسيرى اختلافً كثيرًا ...)، فبيّنَ أنه سيكثُر حولها التأويل والأقاويل والاختلاف، وقد حام حول تأويلهم كثير مِن أهل العلم، وخصوصًا أهل الحديث – رحمهم الله -.

قال ابن قدامة : [وأكثر أحكام الفقهاء على الخوارج بأنهم بغاة، وتكفيرهم]. ا هـ. [2].

قال شيخ الإسلام – رحمه الله – :
[ومما يدل على أن الصحابة لم يكفروا الخوارج، أنهم كانوا يصلون خلفهم، وكان عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما – وغيره مِنَ الصحابة، يصلون خلف نجدة الحروري !.
وكانوا - أيضًا – يحدثونهم ويفتونهم ويخاطبونهم، كما يخاطب المسلم المسلم، كما كان عبدالله بن عباس يجيب نجدة الحروري، لما أرسل إليه يسأله عن مسائل، وحديثه في البخاري، وكما أجاب نافع بن الأزرق عن مسائل مشهورة، وكان نافع يناظر في أشياء بالقرآن كما يتناظر المسلمان !.
وما زالت سيرة المسلمين على هذا؛ ما جعلوهم مرتدين كالذين قاتلهم الصديق - رضي الله عنه –، هذا مع أمر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم – بقتالهم في الأحاديث الصحيحة.
وما رُويَ مِن أنهم "شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتيلٍ من قتلوه" في الحديث الذي رواهُ أبو أمامة، أي : أنهم شرٌّ على المسلمين مِن غيرهم، فإنهم لم يكن أحدٌ شرًا على المسلمسن منهم – لا اليهود ولا النصارى -، فإنهم كانوا مُجتهدين في قتل كل مسلمٍ لم يوافقهم، مستحلّين لدماء المسلمينَ وأموالهم، وقتل أولادهم، مكفِّرينَ لهم، وكانوا متديّنينَ بذلك لعظَمِ جهلهم وبدعتهم المضِلَّة !!.
ومع هذا فإنَّ الصحابة - رضي الله عنهم – والتابعونَ لهم بإحسانٍ لم يكفروهم، ولا جعلوهم مرتدين، ولا اعتدوا عليهم بقولٍ ولا بفعل، بل اتقوا الله فيهم، وساروا فيهم السيرة العادلة، وهكذا فعلهم مع سائر فرق أهل البدع والأهواء، مِنَ الشيعة والمُعتزلة ...]. ا هـ.
[3]

يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
ـــــــــــــــــــــ
[1] [سورة آل عمران 106].
[2] [المغني جـ 9].
[3] [منهاج السنة النبوية 5/ 247].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #162  
قديم 07-22-2016, 02:15 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي خير قتلى مَن قتلوه ... وله أجر شهيد. تتمـــَّــــة.

وأما قتالهم فقد أجمع عليه أهل العلم من فقهاء الصحابة إلى أئمة القرون إذا بغوْا على المسلمين.

قال النووي :
[قوله - صلى الله عليه وآله وسلم – : (فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا). هذا تصريح بوجوب قتال الخوارج والبغاة، وهو إجماع العلماء، قال القاضي : أجمع العلماء على أن الخوارج وأشباههم مِن أهل البدع والبغي متى خرجوا على الإمام وخالفوا رأي الجماعة، وشقوا العصا؛ وجب قتالهم بعد إنذارهم، والاعتذار إليهم، قال الله - تعالى - : ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ [سورة الحجرات 9].]. (1).
بل إن قتالهم أولى مِن قتال المشركين في جهاد الطلب.

قال ابن هبيرة : [وفي الحديث أنَّ قتال الخوارج أولى مِن قتال المشركين، والحكمة فيه أن في قتالهم حفظ رأس مال الإسلام ، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح، وحفظ رأس المال أولى ...]. (2).

وقوله – عليه الصلاة والسلام - : (لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد). أي : قتل عامًّا مستأصلا.

قال ابن حجر : [أي: قتلًا لا يبقي منهم أحدا، إشارةً إلى قوله – تعالى - : ﴿فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ [سورة الحاقة 8]. ولم يُرِدْ أنه يقتلهم بالآلة التي قتلت بها عاد بعينها، ويحتمل أن يكون مِن الإضافة إلى الفاعل، ويراد به القتل الشديد القويّ، إشارةً إلى أنهم موصوفون بالشدَّة والقوَّة ...]. ا هـ. (3).

والقنوت سنة راشدة ! إذا رأى ولاة الأمر ذلك، كما فعل علي - رضي الله عنه – في القنوت على الخوارج، فيستحبُّ القنوت عليهم في المسجد الحرام، والمسجد النبوي، ومن ورائهم أئمة المساجد في المدائن والقرى]. انتهى.
(4).
_______

[1] [شرح صحيح مسلم 7/ 170].
[2] [فتح الباري 12/ 301].
[3] [فتح الباري 6/ 378].
[4] المرجع : كتاب "الدامِغة لمقالات المارقة دعاة التكفير والتفجير" (ص119 - 127). بقلم : موسى بن عبدالله آل عبد العزيز. جزاه الله خيرا.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #163  
قديم 08-05-2016, 12:58 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي حفظ الأنفس المعصومة من مسلمين ومعاهدين ومستأمنين من مقاصد هذا الدين العظيم

حفظ الأنفس المعصومة من مسلمين ومعاهدين ومستأمنين من مقاصد هذا الدين العظيم
في بيان أصدره مفتي المملكة عن خطر منهج التكفير وما يجره من الاعتداء على الأرواح

الرياض – واس.
استباحة الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال والتفجير والتخريب منهج تكفيري

أصدر سماحة المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ بياناً عن خطر منهج التكفير وما يجره من الاعتداء على الأنفس المعصومة.

وقال سماحة مفتي عام المملكة: [من عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، إلى من يراه من عموم المسلمين وفقهم الله لطاعته واتباع سنة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه لا يخفى أن الأمة الإسلامية تمرُّ بمرحلة خطرة في تاريخها، نسأل الله تعالى أن يفرج عنها ويخرجها من هذه الفتن إلى اجتماع الكلمة ووحدة الصف على هدي من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
ونظرًا لهذه الأحداث المتسارعة الخطرة في العالم الإسلامي، وما قد ينشأ في غِمارها من شُبَهٍ تُجيز أو تُهَوِّنُ من إهراق دماء المسلمين والآمنين في بلدانهم، وما قد يذكيه بعضهم من نعرات جاهلية أو طائفية لا يستفيد منها إلا الطامع والحاقد والحاسد، فإننا نحب أن نًنَبِّهَ على خطورة الاعتداء على الأنفس المعصومة من مسلمين أو معاهدين أو مستأمنين، والأدلة في ذلك كثيرة جدًا، وذلك مما أجمع عليه المسلمون وهو من مقاصِدِ هذا الدين العظيم، قال الله – تعالى - : ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً [سورة النساء 93].

وقال - سبحانه - : ﴿مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [سورة المائدة 32].

وأضاف الشيخ آل الشيخ: [قال مجاهد - رحمه الله -: «في الإثم»، وهذا يدل على عظم قتل النفس بغير حق.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم). (أخرجه النسائي)، وقال - صلى الله عليه وسلم - : (لا يحلُّ دم امرئٍ مسلمٍ يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة). (متفق عليه). (وهذا لفظ البخاري). مؤكدًا في الوقت نفسه أن إقامة الحدودِ منوطة بِوَلِيِّ الأمر كما قرر ذلك أهل العلم، ومُسْتَدْرِكًا : ونظر ابن عمر - رضي الله عنهما - يومًا إلى الكعبة فقال: (ما أعظمكِ وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمةً عند الله منك).

إذا كانت الحدود تُدرأ بالشبهات.. فالتكفير أولى : ولفت إلى أن من أعظم ما يدل على خطورة التعرض للدماء والحذر الشديد تجاهها ما ثبت في الصحيحين واللفظ للبخاري من حديث أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال : (بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة، فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم فلما غشيناه، قال: لا إله إلا الله، فكف الأنصاري، فطعنته برمحي حتى قتلته، فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أسامة أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله؟ فقلت: كان متعوذاً، فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم).

وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا)، مشيرًا إلى أن من الأنفس المعصومة في الإسلام : أنفس المعاهدين وأهل الذمة والمستأمنين؛ فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما). (أخرجه البخاري).


فمن أدخله ولي أمر المسلمين بعقد أمان وعهد فإن نفسه وماله معصوم لا يجوز التعرض له ومن قتله فإنه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (لم يرح رائحة الجنة).


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #164  
قديم 08-05-2016, 01:08 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي حفظ الأنفس المعصومة من مسلمين ومعاهدين ومستأمنين من مقاصد هذا الدين العظيم

تتمــــَّــــــة

وزاد مفتي المملكة :
[ولما كانت حرمة دم المسلم وغيره ممن قررت الشريعة الإسلامية حرمتهُ معلومة من الدين بالضرورة، فإن أهل الغلو والتطرف ابتدعوا منهج التكفير الذي يُهَوِّنُ قتل المسلمين وغيرهم من المعصومين.

ونشأ عن هذا المنهج التكفيري المبني على الشبه والتأويلات الباطلة؛ استباحة الدماء وانتهاك الأعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة وتفجير المساكن والمركبات وتخريب المنشآت».

مشددًا على أن التكفير حكم شرعي مرده إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، فكما أن التحليل والتحريم والإيجاب إلى الله ورسوله، فكذلك التكفير، وليس كل ما وصف بالكفر من قول أو فعل يكون كفرًا أكبر مخرجًا عن الملة].

واستطرد : [ولما كان مرد حكم التكفير إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن نكفر إلا من دلَّ الكتاب والسنة على كفره دلالة واضحة، فلا يكفي في ذلك مجرد الشبهة والظن، لما يترتب على ذلك من الأحكام الخطرة، وإذا كانت الحدود تدرأ بالشبهات مع أن ما يترتب عليها أقل مما يترتب على التكفير، فالتكفير أولى أن يدرأ بالشبهات، ولذلك حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحكم بالتكفير على شخص ليس بكافر، فقال: (أيما أمرئ قال لأخيه: يا كافر، فقد باءَ بها أحدهما إن كان؛ كما قال، وإلا رجعت عليه)، مضيفًا «وقد يرد في الكتاب والسنة ما يُفهَم منه أن هذا القول أو العمل أو الاعتقاد كفر، ولا يكفر من اتصف به لوجود مانع يمنع من كفره، وكل هذه التفصيلات تؤكد خطورة حكم التكفير من جهة، ومن جهة أخرى تؤكد على أهمية الرجوع في هذه الأحكام الخطرة إلى كبار العلماء الذين يتدارسون في هيئاتهم الشرعية المعتبرة هذه القضايا ذات الآثارة الخطرة على بلدان العالم الإسلامي وجماعتهم].

التكفير حكم شرعي مردُّهُ إلى الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

وقال الشيخ آل الشيخ:
«لِيَتَّهِمْ كل إنسان رأيه وليقدِّر ما تراه الهيئات العلمية المعتبرة التي يتوافر لها الاجتهاد الجماعي، كما ثبت عن سهل بن حنيف - رضي الله عنه - أنه قال : [يا أيها الناس اتهموا رأيكم على دينكم، فلقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أردُّ أمرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رددته، وما وضعنا سيوفنا على عواتقنا لأمر يفظعنا إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه غير هذا الأمر].

وأخرج عبد الرازق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن عبيدة السلماني سمعت عليًا - رضي الله عنه - يقول : (اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الأولاد ألا يُبَعن، ثم رأيت أن يبعن، قال عبيدة : فقلت له : فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب إليَّ من رأيك وحدك في الفرقة). قال الحافظ ابن حجر : وهذا الإسناد معدود في أصح الأسانيد، وثبت عن علي - رضي الله - عنه أنه رجع عن ذلك».

وطالب سماحة مفتي المملكة المسلمين بالحذر من الانتساب إلى الجماعات التي تتبنى المنهج التكفيري، وقال : [فإن علماء المسلمين لا يوجد بينهم خلاف على تحريم مسلكهم وشناعته وخطورته، ويخشى على من انتسب إليهم خاتمة السوء نعوذ بالله من الخذلان أو أن نرد على أعقابنا بعد إذ هدانا الله.

ونسأل الله - تعالى - أن يهدينا الصراط المستقيم وأن يرزقنا التمسك بكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - على وفق فهم سلف هذه الأمة الذين شهد لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخيرية، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق وأن يتولانا وإياهم بحفظه ورعايته إنه - سبحانه - خير مسؤول.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته]. ا هـ.


المفتي العام للمملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء.


__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #165  
قديم 08-24-2016, 12:59 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي هل يجوز أكل أموال غير المسلمين، أم هي محرمة كحرمة أموال المسلمين؟

هل يجوز أكل أموال غير المسلمين، أم هي محرمة كحرمة أموال المسلمين؟

السؤال 16.
أيضاً يقول في رسالته هل يجوز أكل أموال غير المسلمين، أم هي محرمة كحرمة أموال المسلمين؟.

الجواب لفضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - تعالى - : أموال غير المسلمين إذا كانوا معصومين فإنه لا يجوز للمسلم أن يخونهم في أموالهم وأعراضهم والمعصوم من الكفار ثلاثة أصناف الذميون والمعاهدون والمستأمِنُون هؤلاء الثلاثة معصومون لا يجوز الاعتداء عليهم في أموالهم ودمائهم وأعراضهم.

وأما الكفار الذين ليس بيننا وبينهم عهد ولا أمان ولا ذمة، وإنما هم حربيون فهؤلاء ليسوا معصومين فأموالهم ودماؤهم أيضاً وذرياتهم ونساؤهم حلالٌ للمسلمين.

ولهذا هم يعلنون الحرب علينا، ونحن نعلن الحرب عليهم.

ثم إن المعاهدات تنقسم إلى قسمين معاهدات ثنائية، ومعاهداتٌ جماعية عامة ويجب مراعاة شروط هذه وهذه حسبما يتفق عليه الطرفان.

مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الحج والجهاد.



السؤال : هل يجوز للحاكم المسلم أن يسوّي بين المسلم والكتابي يهودياً كان أو نصرانياً دون أن يأخذ منهم الجزية، وكيف تكون معاملتنا معهم؟

جواب فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - تعالى - : الواجب على الحاكم المسلم أن يعدل بين المسلم والذمي والعدل إعطاء كلٍ منهما ما يستحق فالمسلم له حقوق، والكافر له حقوق، والكافر أيضاً حقوقه تختلف، فالذمي له حقوق، والمعاهد له حقوق، والمستأمن له حقوق والحربي ليس له حقوق والحاصل أنه يجب على الحاكم المسلم أن يعدل بين المسلمين وغير المسلمين فيما يجب من حقوقهم، وأما بالنسبة للحاكم إن أراد به الحاكم القاضي، فإنه يجب عليه أن يعدل أيضاً بينهم بحيث لا يفضل المسلم على الكافر في دخوله عليه مثلاً، أو في جلوسه معه، أو في تلقينه الحجة، أو ما أشبه ذلك، بل يجب عليه العدل في ذلك كله، وقد أمر الله تبارك وتعالى بالعدل، وأخبر أنه من خصال المؤمنين، {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.



قال ابن القيِّم – رحمه الله تعالى – (1) : [أحكام المستأمن والحربي مختلفة، لأن المستأمن يحرم قتله، وتضمن نفسه، ويقطع بسرقة ماله، والحربيُّ بخلافه، ولأنَّ اختلاف الدارين لا يوجب العصمة.

وقال أيضًا : فإنَّ الأمان يجوز عَقدُهُ لكل كافر، ويعقدُهُ كل مسلم، ولا يشترط على المستأمن شيء من الشروط، والذمَّة لا يعقدها إلا الإمام ونائبه، ولا يعقد إلا بشروط كثيرة تشرط على أهل الذمة من التزام الصَّغار ونحوه ....]. ا هـ.

______
(1) انظر : [أحكام أهل الذمَّـــة 2/ 737].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #166  
قديم 08-26-2016, 01:56 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الإذن هو الفيصل في إخراج المشرك والمستأمن

الإذن هو الفيصل في إخراج المشرك والمستأمن (1)

ترديد الرويبضة لحديثين صحيحين : (أَخرجوا المُشركين مِن جزيرة العرب) و (لا يجتمع دينان في جزيرة العرب) فنصُّ الحديثين ليس فيهما دلالة لقتل المستأمن !.
فالفرق بين إخراج المشركين بالإكراه من جزيرة العرب، وبين تحريم قتل المستأمنين أو المُعاهَدين ... هو إذن وليِّ الأمر.

فهذان الحديثان فقه الدراية فيهما يُقرِّر نصَّهما على الذين يدخلون مِن دون إذن، أي عنوَةً دون عهدٍ ولا عقد !! فيدخلونها ويسكنون فيها، ويُتاجرون ويُمارسون شعائرهم ويُقيمون هياكلهم ومعابدهم، هؤلاء هم الذين ينطبق عليهم نصُّ الحديثين، ولكنَّ الخوارج "الجدد!!" لا يفقهون الدين كأسلافهم !.

وهذا ما دندنَ حوله كثيرٌ ممن تزعَّمَ الجهالات "الحزبية" ووافقوا على فقه الرُّوَيبضَة، بأنه لا يدخلها مُشركٌ مستأمن أو غير مستأمن ..!.

هذا مذهب من لا يفقهون ويمرقون من النصوص كما يمرق السهم من الرمية، فإذا كان المشرك المستأمن وردت في وعيد قتله أحاديث جميع نصوصها صريحة، منها ما رواه البخاري عن عبدالله بن عمرو – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قتل معاهدًا لم يرِح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا).(2)

قال ابن حجر : [من قتل معاهدًا - كما هو ظاهر الخبر والمراد به مَن له عهد مع المسلمين، سواءً كان بعقد جزيةٍ أو هدنة مِن سلطانٍ أو أمانٍ مِن مسلم ...]. ا هـ. (3).

فلماذا لا يُفرِّقُ بين هذين الحديثيْن، وبينَ هذا الحديث ؟! وهل هناك تعارض بين النصوص ؟!.

أقول : إن أتباع النصوص المجملة قد ضلّوا - قديمًا وحديثًا – خصوصًا إذا وافقت عقولًا مُتخبِّطة، ونفوسًا يرتعُ فيها الهوى والتعصُّب والتحزُّب - نسأل الله العافية والسلامة !!.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
_________

(1) المرجع : [كتاب الدمغة لمقالات المارقة دعاة التكفير والتفجير. ص 103 - 104].
(2) انظر : [صحيح البخاري 3/ 1155].
(3) انظر : [فتح الباري 12 / 259].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #167  
قديم 08-26-2016, 02:09 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الإذن هو الفيصل في إخراج المشرك والمستأمن. - تتمـــَّــــــة -.

فالحديثان وما يقرب منهما من ألفاظ، استقرأهما أهل العالم على غير ما علق في ذهن الرويبضة وجميع من معه من دعاة التكفير ونوابت التفجير، الذين يُعينونه على بغيِهِ باسم العلم والإيمان والجهاد !!.

فهما لا يتعارضان على الظاهر من النص، ولكنهما يختلطان في ذهن من هو مفتون، بل من ضل السبيل !، وهذا التاويل منه الذي استباح به دماء المسلمين، وقتل المعاهدين والمستأمنين باطل ... ولا يدل إلا على جهله وضلاله ! ولقد ظن وأمثاله أنها عثرات تصلح لجرح الولاة، وسلَّمًا لتأليب العامة عليهم، فهذه من سنن الخوارج والمعتزلة ـ قديمًا - وسنن الإخوان المسلمين وأفراخهم - حديثًا -.

قال ابن القيِّم – رحمه الله تعالى – (1) : [أحكام المستأمن والحربي مختلفة، لأن المستأمن يحرم قتله، وتضمن نفسه، ويقطع بسرقة ماله، والحربيُّ بخلافه، ولأنَّ اختلاف الدارين لا يوجب العصمة.

وقال أيضًا : فإنَّ الأمان يجوز عَقدُهُ لكل كافر، ويعقدُهُ كل مسلم، ولا يشترط على المستأمن شيء من الشروط، والذمَّة لا يعقدها إلا الإمام أو نائبه، ولا يعقد إلا بشروط كثيرة تشرط على أهل الذمة من التزام الصَّغار ونحوه ....]. ا هـ.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
_______
المرجع : [كتاب الدمغة لمقالات المارقة دعاة التكفير والتفجير. ص [104 – 105].
(1) انظر : [أحكام أهل الذمة 2/ 737].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #168  
قديم 08-26-2016, 07:41 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الإذن هو الفيصل في إخراج المشرك والمستأمن. - تتمـــَّــــــة -.

وقال – رحمه الله تعالى – (1) : [فصل : أقسام أهل العهد من الكفار؛ الكفار إما أهل حربٍ، وإما أهل عهد.

وأهل العهد ثلاثة أصناف :

1. أهل ذمـّـة.
2. وأهل هدنة.
3. وأهل أمان.

وقد عقد الفقهاء لكل صنفٍ بابًا فقالوا : باب الهدنه، باب الأمان، باب عقد الذمَّة، ولفظ الذمة، والعهد يتناول كلهم في الأصل.

وكذلك لفظ الصلح؛ فإن الذمـَّـة من جنس لفظ العهد والعقد، وقولهم : هذا في ذمة فلان : أصله من هذا.
أي : في عهده وعقده، أي : فألزمه بالعقد والميثاق، ثم صار يُستعمل في كل ما يمكن أخذ الحق من جهته، سواءً وجب بعقدهِ أو بغير عقده.

وهكذا لفظ : الصلح؛ عامٌّ في كل صلح، وهو يتناول صلح المسلمين بعضهم مع بعض، وصلحهم مع الكفار، ولكن صار في اصطلاح كثير من الفقهاء أهل الذمة، عبارة عمن يؤدي الجزية، وهؤلاء لهم ذمـَّـة مؤبدة.

وهؤلاء قد عاهدوا المسلمين على أن يجري عليهم حكم الله ورسوله، إذ هم مقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله، بخلاف أهل الهدنة، فإنهم صالحوا المسلمين على أن يكونوا في دارهم سواءً كان الصلح على مالٍ أوعلى غير مال، لا تجري عليهم أحكام الإسلام، كما تجري على أهل الذمة، لكن عليهم الكف عن محاربة المسلمين، وهؤلاء يسمون أهل العهد وأهل الصلح، وأهل الهدنة.

وأما المستأمن فهو الذي يقدم بلاد المسلمين من غير استيطان لها، وهؤلاء أربعة أقسام :
1. رسل.
2. وتجار.
3. ومستجيرون، حتى يعرض عليهم الإسلام والقرآن، فإن شاؤوا دخلوا فيه، وإن شاؤوا رجعوا إلى بلادهم.
4. وطالبوا حاجة من زيارة أوغيرها، وحكم هؤلاء ألا يهاجروا ولا يقتَّلوا، ولا تؤخذ منهم الجزية، وأن يُعرَضَ على المُستجير منهم الإسلام والقرآن، فإن دخل فيه فذاك، وإن أحب اللحاق بمأمنه ألحِقَ به، ولم يعرض له قبل وصوله إليه، فإذا وصل مأمنه عاد حربيًا كما كان]. ا هـ.

__________
المرجع : [كتاب الدمغة لمقالات المارقة دعاة التكفير والتفجير. ص [105 – 106].
(1) انظر : [أحكام أهل الذمة 2/ 873].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #169  
قديم 08-26-2016, 11:57 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الإذن هو الفيصل في إخراج المشرك والمستأمن. - تتمـــَّــــــة -.

ففي تقريره – رحمه الله تعالى – عدة فوائد :

منها :
تفريق الأحكام بينهم، ووجوب الوفاء لهم ما أوفوا.
ومنها : جواز دخول التجار والرسل، والمستجير "اللاجئ السياسي" !.
ومنها : أن الشرع يُطبق على أهل الذمة إذا كانوا يقيمون في الدار التي يجري فيها حكم الله ورسوله.
ومنها : أنه لا تطبق أحكام الإسلام على أهل الهدنة إذا كانوا يقيمون في ديارهم.
ومنها : إعطاء المستأمن الرخصة لزيارة أو حاجة، علمًا بأنه لا يوجد في عصرنا – هذا – إلا صنف المستأمن، كما ذهب إليه العلامة ابن عثيمين – رحمه الله -.

فالمسلمون قد يحتاجون إلى غيرهم في الصناعة والتجارة ونحو ذلك – كالعلوم اللازمة لتقوية الشوكة، من الدفاع، أو في شؤون الزراعة أو الاقتصاد – فليس هناك حرج من دخول غير المسلمين في دار الإسلام من أجل هذه المقاصد بعقد وعهد.

قال شيخ الإسلام (1) : ولهذا ذهب طائفة من العلماء – كمحمد بن جرير الطبري – إلا أن الكفار لا يقرون في بلاد المسلمين بالجزية، إلا إذا كان المسلمون محتاجين إليهم، فإذا استغنوا عنهم أجلوهم، كأهل خيبر، وفي هذه المسألة نزاع ليس هذا موضعه، والمقصود – هنا : أن الناس إذا احتاجوا إلى الطحانين والخبازين، فهذا على وجهين :

أحدهما : أن يحتاجوا إلى صناعتهم – كالذين يطحنون ويخبزون لأهل البيوت – فهؤلاء يستحقون الأجرة، وليس لهم عند الحاجة إليهم أن يطالبوا إلا بأجرة المثل، كغيرهم من الصناع.

والثاني : أن يحتاجوا إلى الصنعة والبيع، فيحتاجون إلى من يشتري الحنطة ويطحنها، وإلى من يخبزها ويبيعها خبزا لحاجة ...]. اهـ.

فهؤلاء ومن على شاكلتهم مستأمنون لا يجوز قتالهم... قال الإمام ابن باز – رحمه الله - (2) : [... لا يجوز قتل الكافر المستأمن الذي أدخلته الدولة آمنا، ولا قتل العصاة، ولا التعدي عليهم، بل يحالون للحكم الشرعي، هذه مسائل يحكم فيها بالحكم الشرعي ...]. ا هـ.


يُتبع إن شاء - تعالى -
_________
(1) [مجموع الفتاوى 28/ 89].
(2) [مراجعات في في فقه الواقع السياسي].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
  #170  
قديم 08-27-2016, 12:55 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي الإذن هو الفيصل في إخراج المشرك والمستأمن. - تتمـــَّــــــة -.

قال ابن حجر (1) : [قوله : باب إخراج اليهود من جزيرة العرب ...

ولفظه : (أخرجوا المشركين) ... اقتصر على ذكر اليهود لأنهم يوحدون الله تعالى – إلا القليل منهم -، ومع ذلك أمر بإخراجهم، فيكون إخراج غيرهم من الكفار بطريق الأولى.

قوله : وقال عمر عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : (أقركم ما أقركم الله) ... والظاهر أنهم بقايا من اليهود تأخروا بالمدينة بعد إجلاء بن قينقاع وقريظة والنضير والفراغ من أمرهم ...

وقد أقر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – يهود خيبر على أن يعملوا في الأرض، واستمروا إلى أن أجلاهم عمر، ويحتمل – والله أعلم – أن يكون النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – بعد أن فتح ما بقيَ مِن خيبر همَّ بإجلاء من بقيَ ممَّن صالحَ مِن اليهود، ثم سألوه أن يبقيهم ليعملوا في الأرض فأبقاهم، أو كان قد بقي بالمدينة من اليهود المذكوين طائفة استمرّوا فيها معتمدين على الرضا ببقائهم للعمل في أرض خيبر، ثم منعهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم – من سكنى المدينة أصلا، والله أعلم.

وقوله : (أسلموا تسلموا)، من الجناس الحسن لسهولة لفظه وعدم تكلُّفه ...

قال الطبري : فيه أن على الإمام إخراج كل من دان بغير دين الإسلام من كل بلد غلب عليها المسلمون عنوة، إذا لم يكن بالمسلمين ضرورة إليهم، كعمل الأرض ونحو ذلك، وعلى ذلك أقرَّ عمر من أقرّ بالسواد والشام، وزعم ان ذلك لا يختصّ بجزيرة العرب، بل يلتحق بها ما كان على حكمها]. ا هـ.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
_______

(1) [فتح الباري 6/ 271].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.