أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
2694 | 94165 |
#1
|
|||
|
|||
شريط [ الجرح والتعديل : أصول وضوابط ] للشيخ علي الحلبي
على هذا الرابط !!
http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=351095 شريط (( الجرح والتعديل : أصول وضوابط )) للشيخ الفاضل علي بن حسن الحلبي الأثري - حفظه الله ورعاه ، ومن كل سوء وقاه - إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار . وبعد : فإننا نَذْكُرُ ونُذَكِّرُ ونكررُ – دائما – بقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث مروي من طرق ، والذي صححه جماعة من أهل العلم وهو قوله – عليه الصلاة والسلام - : يحمل هذا العلم من خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين (1) . فهذا الحديث – أيها الإخوة في الله – أصل من أصول المنهج العلمي الإسلامي ، وقاعدة من أجل قواعده ، وأس من أبين أسسه ؛ ذلكم أنه يبين مهمة لا تنقطع ، ووظيفة لا تنفد ، ومسؤولية جسيمة ملقاة على كواهل عدول الأمة : من العلماء والأئمة . هذه الوظيفة وهذه المهمة مبنية على ما ورد في الحديث ( ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ). كيف للمسلم أن يميز بين المبطل والمحق ؟ وكيف له أن يتميز له المدعي من صاحب الحق ؟ وكيف له أن يدري على وجه السداد والتمام : الجاهل من العالم . لن يكون له قدرة على ما هو أدنى من ذلك - فضلا عن الوقوف على حقيقة ذلك - إلا ضمن قواعد علم الجرح والتعديل . هذا العلم الذي بدأت بواكير قواعده تُبنى وتؤسس في عصر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم تبلورت ، وازدهرت ، وتقعدت في عصر الفتنة ، كما ورد عن بعض التابعين [[ لم يكونوا يسألون عن الإسناد ؛ فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ]] (2) . وكلمة ابن المبارك (3) – في ذلك – عالية غالية ( لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) . والإسناد - بطبيعة الحال – لا يكون قائما في الهواء ، ولا موجودا في الخيال ، وإنما الإسناد مبني على قواعد ( علم الجرح والتعديل ) . هذا العلم الذي تميزت به هذه الأمة عن غيرها من الأمم ؛ حتى لقبت – بحق – أمة الإسناد . ولقد كتب بعض كُتَّاب النصارى في كتاب له صنفه حول ( مصطلح التاريخ ) وبهذا الاسم ! قال – بتعبيره الذي لا ينبني على شرع ؛ وإنما هو مبني على عقل - وليس العقل دائما يوافق الشرعَ - وإن كان مقصود الكافر فيما قال معروفا وواضحا ، وظاهرا ولائحا – قال : يجب على الأمم كلها أن تنحني – إجلالا – للأمة الإسلامية لما قررته ، وقعدته من قواعد الجرح والتعديل التي حفظت بها سيرة نبيها ، وتاريخ أمتها . وهذا العلم – أيها الإخوة – كما أسلفت – يحمله الخالف عن السالف ، ويتلقاه الطلاب عن الشيوخ ، ويأخذه الأبناء عن الآباء ، ويتناوله الأحفاذ عن الأجداد : دائرة متاكلمة الأطراف ، ومنهجا متنامي الحقائق ؛ حتى يكتمل في هذه الأمة دورها ، وينتشر نورها . وليس – فقط – هذا العلم كما يتوهم المتوهمون هو علم فقط في الجيل الأول ، أو في العصر الأول ، أو أنه مقصور على كتب السنة، والحديث ، والأثر ! لا ! ولكنه ممتد – كما ورد في الحديث – ( يحمل هذا العلم من كل خلف ) أي من كل جيل ، فهذه إشارة إلى الاستمرار ، والعلو ، والوصول ، وليس إلى الانقطاع ، وليس إلى الانفصال ، وليس إلى البتر . ورحم الله من قال : [[ لولا حملة المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر ]] (4)! لماذا ؟ لأن أهل العلم هؤلاء يبينون وجه الحق ، ويحذرون مما خالفه فضلاء الخلق ، فهم قائمون بالهدى ، ممتلئون بمائه وهوائه ، منتعشة قلوبُهم وعقولُهم ببهائه وجلائه ، وليسوا هم – فيما يفعلون – على أهوائهم يرتكزون ؛ وإنما هم بقواعد العلم وأهله عالمون عاملون . وبالتالي – أيها الإخوة – فإنا كلامنا في هذا المجلس – الذي نرجو أن يكون مباركا – مؤصل حول بعض القواعد العلمية العملية ، والنظرية التطبقية في آن معا حتى تتضح الصورة ، وتظهر الحقيقة ، ونكون على ما يريد ربنا ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [الآية (142) من سورة البقرة ] . هذه المحاضرة ليست محاضرة فيما يتعلق بابن أبي حاتم ، أو ابن المديني ، أو أبي زرعة ، أو البخاري ، أو تلميذه الترمذي ، فضلا عن ابن حبان أو العقيلي ، أو ابن عدي ، وإن كان هؤلاء هم الذين أسسوا هذا العلم وقعدوه ، وتبثوه ورسخوه ، لكن كلامنا في هذه الأمسية الميمونة – إن شاء الله – متعلق بالتطبيق العلمي لهذه القواعد في العصر الحاضر ؛ سواء أكان هذا التطبيق : متعلقا بالأفكار بعيدة عن أعيانها . أو بالأعيان والدعاة إلى تلك الأفكار . أو بالمؤلفات ، والتصانيف ، وما أشبهها مما يتصل بتلكم الأفكار وبأصحابها ، والقائمين بها . وعليه – أيها الإخوة في الله – فثمة قواعد مهمة أبدأ بذكرها الواحدة تلو الأخرى ، وأذكر ما يتصل بها من حقائقها وشيء من أدلتها ؛ حتى يستنير العقل ؛ ليحيى من حي عن بينة ، ويهلك من هلك عن بينة - في علم يتجاذبه أقوام ولا يقيمونه على وجهه – إلا من رحم الله منهم - . [ القاعدة الأولى ] أما أول هذه القواعد أو أولاها - أيها الإخوة في الله – فهي ( أن المتكلمين في الرجال لهم شروط وصفات ) وليس كل ذي قلم ، أو أيُّ ذي لسان يحقّ له أن يتكلم في هذا العلم ، أو أن يكون منه بسبب ؛ وإنما لا يتكلم في هذا العلم – إذا نظرنا في كتب التاريخ ، وفي كتب الجرح والتعديل - التي أرختها تلكم التواريخ – نرى أنه في كل قرن ثمة أفراد قليلون ، وعلى الأصابع معدودون ، ومن أهل العلم معرفون : هم الذين – بهذا الأصل – يقومون . فليس الأمر مشاعا لكل أحد ؛ وإنما لا يقوم به إلا من اتصف بالصفات العالية ، وكانت فيه الشروط الغالية . ومن أجل هذا صنف الإمام الذهبي – وهو من أكابر علماء الجرح والتعديل المتأخرين – كتابا سماه [[ ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ]] (5). إذن هم أفراد ، ومذكورون ، ومنصص عليهم ، ومعروفة أسماؤهم ، ليس كل من قال : هأنذا يكون حقا هو ( ذا ) وإنما هم فئات – التزكية فيهم واضحة ، والبينة من أمرهم جلية ، ويتكلمون بالأمانة ، والحق ، والحجة ، والبينة . والعلامة الحافظ السَّخَاوي الذي جاء بعد الإمام الذهبي بنحو قرنين إلا قليلا له رسالة بعنوان ( المتكلمون في الرجال ) (6) – أيضا – تكلم فيها في القاعدة نفسها . إذن : أول صفات المتكلم في الرجال في هذا العلم أن يكون : خليا عن الأهواء . أن يكون ذا أمانة . أن يكون ذا علم . أن يكون ذا تأنٍ . أن يكون ذا بصيرة . أن يكون ذا نظر دقيق ، وفهم عميق ؛ وإلا فإن كل نقص في هذه الصفات يكون نقصا في : أحكامه ، في أقواله . [ القاعدة الثانية ] أما القاعدة الثانية فهي من القواعد العلمية المقررة في كل العلوم وهي قولهم ( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) فلا يستطيع المتكلم في الجرح والتعديل أن يحكم بالحق على أحد من الخلق ، إلا إذا أحاط بالأمر المطروح – على الأقل – من جوانبه كافةً ، لا أن يتناول شيئا ويغيب عن أشياء ، أو أن تُغيَّبَ عنه أشياء ، وإنما عليه بالإحاطة ، كما أسلفت – على الأقل – فيما هو يسأل عنه ، أو يبحث فيه ، حتى يدفع الشبهة ، ويدرأ كل إشكال ، ويضم النظير إلى النظير ؛ حتى يكون عاملا حكمه ، أمينا في بيناته ، وهكذا كان طريق أهل العلم في الحديث ، فإنهم كان عندهم من حكم على أحاديث قاعدة الاعتبار وهي : النظر في الطرق والشواهد والمتابعات ؛ حتى يكون الحكم على هذا النص صحيحا . وكذلك يكون النظر في الجرح والتعديل بأن لا يؤخذ قول وتترك أقوال ، وإنما يعمل بهذه الأقوال ضمن القواعد ؛ مثلا : إن الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم . أن هنالك من المجرحين من هو متعنت . أن هنالك من المعدلين من هو متساهل . أن التعديل المبهم يقبل إذا لم يقابل بجرح ، وهكذا في قواعد دقيقة لابد أن تطبق هذه القواعد ؛ حتى يكون الحكم صحيحا على قاعدة ( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) . وكذلك – قد – يكون هنالك راوٍ لا يعرف فيه جرح ولا تعديل فنرى من طرائق أهل العلم وأساليبهم أنهم كانوا يعتمدون السبرَ ، والاستقراءَ ، والتتبعَ في النظر في روايات هذا الراوي ؛ حتى يحكموا عليه من خلال رواياته ، فإذا وجدوها موافقة لروايات الثقات ، فإنهم يأتمنونه ، ويقبلونه ، فإذا لم يجدوها كذلك فإنهم يردونه ويجرحونه ، ويطعنونه ، لكل حسبه ، ولكل سببه ، ولكل طريقته ، فليس الأمر هكذا ملقى على عواهنه في أمور هي من أهم أمور الدين ، ومن أعلاها ، وأولاها ، وأغلاها . [ القاعدة الثالثة ] كذلك أيها الإخوة قاعدة ثالثة ( أن منهج الجرح والتعديل مبني على الأصالة العلمية وليس هو من التقليد في شيء ، ولا إلى التقليد في شيء ) من أجل هذا فإننا نرى الحفاظ – متقدميهم ومتأخيرهم – يختلفون فيما بينهم حول أو في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، فكم من حديث صححه مسلم ضعفه البخاري ، مع أن البخاري شيخ مسلم ، ومع ذلك لم يروِ عنه مسلم في صحيحه ! كم من حديث صححه البخاري وضعفه أبو حاتم أم ولده ، وهكذا . فلو كان التقليد مبنيا عليه هذا المنهجُ العلمي لقلد بعضهم بعضا ، وأخذ بعضهم من بعض ، ونقل بعضهم عن بعض ، لكن الأمر لم يكن كذلك ألبتة ؛ وإنما كان لكل نظره ، ولكل اعتباره ، ولكل اجتهاده – والاحترام ، والتقدير ، والتبجيل هو الأصل بينهم حتى ولو اختلفوا ! لماذا ؟ لأن اختلافهم في التطبيق ، وليس في التأصيل . فاتفاقهم في التأصيل هو القاعدة ، ثم اختلافهم في التطبيق ، فيما كان أهلا للاجتهاد في هذا التطبيق فهو منه مقبول ، وعنه غير مرذول ! أما أن يقرأ البعض ورقات منتوفةً من هنا وهنالك ، ومشقوقة بعد التي واللَّتي ، ثم يتصدر : يجرح ويعدل ، فإن أولى قالات التجريح يجب أن تكون موجهة فيه ، ومهدفة إليه وعليه ! هذا العلم له قواعده المبنية على الأصالة ، والقائمة على الاستقلالية ، ليست على التقليد ولا إلى إليه ، ولكن هذا بمقابل لا ينفي أن يأتمن بعضُ أهل العلم بعضَهم في قليل من الأمور التي تخفى ، وهذا أمر طبيعي ؛ ولذلك كم من مرة سمعنا مشايخنا يقولون : لابد للعالم – ولو كان كبيرا – أن يقلد في بعض الشيء ؛ لأنه ليس كاملا ، وليس بكل شيء محيطا . وها هنا نقطة في هذا المقام تَـبِـين وتظهر وهي ( العمل بخبر الثقة ) فقد فرق علماء الجرح والتعديل بين ( التقليد ) وبين ( العمل بخبر الثقة ) فجعلوا أخذ المبتدئ - أو قليل العلم - لتصحيح العالم أو تضعيفه ، وجرحه أو تعديله - أقول : جعلوا ذلك من باب ( العمل بخبر الثقة ) وليس من باب ( التقليد ) ؛ لأن باب التقليد مبني على التعصب ، بينما باب ( العمل بخبر الثقة ) قائم على الثقة بأمانة هذا المتكلم ، وبنصحه ، وصدقه ، وعلمه ، وفهمه ، فمن ها هنا هذا التفريق الدقيق . وعليه أيها الإخوة : فإن أهل الحق ممن عندهم سوية من العلم عالية لا يجعلون مجرد الكلمة تقال في رجل سبيلا يجرحه ، ولا مجرد القول في عالم سني ، أو طالب علم نبوي ، أنه يكون ساقطا ، أو مسقَطاً إلا وافق ذلك حجة ، وبينة ، ودليلا ، أما أن يكون مجرد التوقيع ، أو الختم ، أو البصمة : مسقطة أو رافعة فليس هذا من الحق ولا إلى الحق . وأختم هذه النقطة - وهي الأصل الثالث – بذكر أمر مهم وهو : أن فتح باب التقليد فتح لباب التعصب ؛ وبالتالي فإن التعصب ليس بعلم ، كما أن التقليد ليس بعلم ، فالمتعصب الذي يتعصب لزيد اليوم فإنه قد يتعصب عليه في الغد ! لماذا ؟ لأنه ليس ذا أهلية ؛ ولأن هذا الذي يقنعه بسطوته ، أو بإرهابه ، أو بصولجانه قد يردعه غيرُه في الغد ، فيصبح هذا المتعصب له اليوم متعصبا عليه في الغد ، لكن إذا كان العالم يأتمن طلبة العلم ، ويقربهم ، وينصحهم ، ويسددهم ، ويقومهم ، فإن هذا يكون كالطُّـنُبِ للبيت تثبتُه ، وترسخُه ، وتجدرُه أما أولئك المتعصبون لمجرد الأسماء ، أو الأعيان ، أو الجاه فإنهم سرعان ما ينقلبون ، ويرتكسون ، وينتكسون ، فوالله لا يُتَكَـثَّرُ بهم ، ولا ترفع الرؤوس إليهم . [ القاعدة الرابعة ] أما النقطة الرابعة ، فإن اختلاف علماء الجرح والتعديل في : الرواة . والفرق . وفي المنتسبين إليها ، أمر لاينكر ، فلو نظرت في كتاب ( الميزان ) ، في كتاب ( التهذيب ) ، في غيرها من الكتب سترى من الرواة من يوصف بأنه مجروح ، وفي الوقت نفسه يوصف - من غير هذا الجارح - بأنه عدل ، أو يوصف من ثالث بأنه لا يعرفه . وقد ترى آخر يوصف بأنه رافضي ، أو ناصبي ، وترى بعضا من أهل العلم يدافعون عن هذا ، ويذبون عن ذاك . ابن جرير الطبري اتهم بالتشيع من أقوام ، ودافع عنه أقوام (7) . أبو إسحاق الجوزجاني اتهم بالنصب - النصب أنه ناصبي ، ليس النصب أنه نصاب - ودافع عنه أقوام من أهل العلم (8) . ، فلو كان مجرد القول مسقطا ؛ لما وجد للدفاع مكان ، ولا للقول الآخر موضع ، ولكن هكذا أهل العلم يختلف بعضهم مع بعض ، لكن أكرر انطلاقا من قواعد صحيحة متفقة عليها ، ثم يكون اختلافهم في التطبيق ، وتنزيل هذه الحقائق ، والأصول النظرية على الواقع وعلى الأعيان . فهم لا يختلفون أن الرفض والتشيع بدعة ، وأن النصب والنواصب مبتدَعة ومبتدِعة ، ولكنهم قد يختلفون في عبارة حكيت عن زيد ، أو مقولة نقلت عن عمرو ، فمن ثبتت عنده هذه المقولة فإنه يجرح ، ومن لا فلا ، فلنتأمل هذه النقطة أيها الإخوة في الله ، والاحترام قائم ، والاعتبار السني قائم ، فلم يبدع بعضهم بعضا ، ولم يضلل بعضهم بعضا ، نعم قد يخطئ بعضهم بعضا ، فهذا أمر محتمل ، وهذا أمر مقبول ، لكن من غير أن يصل الحال إلى الأوحال – عياذا بالله – هذه تكون قاصمة الظهر – نسأل الله العافية - . انتهى الوجه الأول من الشريط . وهذا بداية الوجه الثاني منه : .... واختلافهم في ابن صياد أهو الدجال الأكبر ، أم لا معروف ، ومع ذلك لم يكن منهم هجر ، ولا زجر ، وإنما كان بينهم ، وفيهم ، ومنهم ، وإليهم : التقدير ، التوقير . ونقطة متعلقة بهذا الأمر – أيها الإخوة في الله – أيضا – وهي : أن اختلافنا في غيرنا من : مبتدع . من حزبي . من حركي . من تكفيري . من صوفي . من غير ذلك ممن ليس بنقي ، لا يجوز أن يكون سببا نختلف فيه فيما بيننا ، فإن اختلفنا ، فليكن الاختلاف موصولا بوجهات النظر ؛ حتى ينصح بعضُنا بعضا ، ويوصل بعضنا حقه لأخيه ، أما أن نختلف فيما بيننا ؛ لأننا اختلفنا في هذا المبتدع ، أو في ذاك ، فنتدابر ، ونتقاطع ، ونتهاجر ، ونتصارم ؛ فإننا سنفتت بعضنا بعضا ، ولو بعد حين ! ومن سيكون الفرح ؟ ومن سيكون المسرور ؟ ومن سيكون ذا الحبور ؟ إلا هذا المبتدع الهالك المغرور ! لماذا ؟ لأنه أصبح ينظر وينتظر ، ينظر إلى الخصام ، وينتظر النتيجة (9) ؛ ليكون واحدٌ من هؤلاء المختلفين ساقطا ، فيرتاح منه ، وينأى بنفسه عنه . فهذا الاختلاف الذي – قد – ينشأ بين أهل السنة ؛ لأنهم اختلفوا في غيرهم ، لم يختلفوا في غيرهم بسبب اختلافهم في الأصول ، أو في القواعد ، أو في التأصيل المنهجي ، وإنما اختلفوا في تطبيق هذه القواعد والأصول عليه . فما عرفتُه قد لا تعرفه ، وما وقفتَ عليه قد يكون غائبا عني ، ويكون حكمي بقدر علمي ، ويكون حكمك مبنيا على معرفتك ؛ فتكون النتيجة منك بحسبك علمك ، ومني بحسب جهلي . نعم ، هنالك خطأ ، لا يمكن أن يكون زيد أو عمرو سنيا ومبتدعا في آن ! لا بد أن يكون : إما سنيا ، وإما مبتدعا ، ولكن قد تختلف الأنظار ، كما اختلفت – من قبلُ – الأقوال . لا يمكن أن يكون ثقة ، ومتروكا في آنٍ ، وإنما هذا يكون باختلاف الأنظار في الحكم على هذه الأفكار . وكذلك – أيها الإخوة – لا يلزم من هذا الأمر – الذي أسلفته وذكرته من أن اختلفنا في غيرنا لا يجوز أن يكون اختلافا بيننا – أقول : لا يلزم من هذا أن نسكت عن الحق ، أو أن نغمض عيوننا عن الحق ، أو نغلق باب التواصي بالحق ، والتواصي بالصبر . باب البيان ، باب النقد ، باب الراد ، فهذه أبواب مشْرَعة ، ولكن لمن هو أهل لها ، وبقواعدها المنضبطة ، وأصولها الأمنية . [ القاعدة الخامسة ] أما الأمر الخامس أو القاعدة الخامسة فهي ( قاعدة النصيحة ) والنصيحة أيها الإخوة هي الدين كما قال سيد المرسلين – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – ( الدين النصيحة ) (10) - مبتدأ وخبر ، كما قال عليه الصلاة والسلام ( الحج عرفة ) (11) ، هو الحج ليس عرفة فقط ! الحج : عرفة ، وطواف ، وسعي ، وغير ذلك من الأركان ، وإحرام ، وإهلال ، وتلبية ، لكن لما كان عرفة ، والوقوف فيها : أجلَّ المواقف ، وأعظمَ الأركان ، كان مثل هذا التخصيص ، ومثل هذا الحصر ، وبمثله ورد هذا الحديث النبوي ( الدين النصيحة ) ، ولم يكتفِ عليه السلام والسلام بأن يقول ذلك ( مرة ) بل قاله ( ثلاث مرات ) ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة ) ثم مع هذا كثير منا – وللأسف – يهمل النصيحة ولا يعملها ، يتركها ولا يتمسك بها ، يجتنبها ولا يكون بجنبها ؛ مما أدى إلى : تقاطع المودات . وتصارم القلوب . وإفساد النفوس – عياذا بالله تبارك وتعالى - . والمنصحون – في جملتهم – ثلاثة أصناف : أما الصنف الأول – والأَوْلَى – فهو السني الذي يبذر منه الخطأ والخطيئة ، فهذا السني هو أولى الناس بالنصح . لا أن نقف عن نصحه ، وأن نبتره ، وأن نقطعه ؛ لأنه أخطأ – ولو مرة أو مرتين - . فلننظر إلى : قواعده . وإلى أصوله . هل هي قواعدُ سنيةٌ ، وأصول سنية أم لا ؟ كما ورد عن بعض السلف ( أهل السنة مرفوعون عالون ولو قعدت بهم أعمالهم ) ؛ لأن قواعدهم صحيحة . وأهل البدع مقهورون مخذلون ، ولو كثرت منهم أعمالهم ؛ ولذلك شيخ الإسلام ابن تَـيْـمِـيَّـة يقول – رحمه الله – : صحة التوحيد مع كثرة الذنوب خير من قلة الذنبوب مع فساد التوحيد (12) . فجعل الأصل ماذا ؟ جعل الأصل : القاعدة ، والأساس ، والجذر ، والبنية ، ولم يجعل القاعدة والأساس : مجرد الفعل ، ولو كان خطأ أو خطأين . إذن هذا السني الذي يصدر منه الخطأ والخطآن ، هذا يجب أن يُـتعاهَـد بالنصح ، وأن يُـتعاهَـد بالتذكير ، وأن يُـتعاهَـد بالبيان . ثم الثاني : المنحرف الأصلي ، إنسان بعكس الأول : قواعده مبتدَعة ، وأصوله منحرفة ، ومع هذا فلا ننقطع عن نصحه ، ومن القائمون بنصحه ؟ أهل العلم الكبراء ، المأمنون الأوفياء ، وليس كل من هبَّ ودَرَج ، فإن الذي هب ودرج قد يصنح ، فإذا به هو المنصوح ، يريد أن يؤثِّر فإذا به المتأثر ؛ لذلك كان من أقوال السلف ( لا تمكن أذنيك من صاحب بدعة لئلا يورث في قلبك فتنة ) (13). [[ دخل رجلان من أصحاب الأهواء على بن سيرين فقالا : يا أبا بكر نحدثك بحديث . قال : لا . قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله . قال : لا ؛ لتقومان عني ، أو لأقومن . قال : فخرجا . فقال بعض القوم : يا أبا بكر ! وما كان عليك أن يقرآ عليك آية من كتاب الله تعالى ؟ قال : إني خشيت أن يقرآ علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي ]] (14) . ويقول الحسن البصري [[ إذا رأيت مبتدعا في طريق ، فخذ في طريق آخر ]] (15) . يقول الذهبي : نعم ؛ فإن القلوب ضعيفة ، والشبه خطّافة (16) . نسأل الله العافية . فهذا ينصحه الكبراء المأمنون – كما قلتُ – ليس العامةَ من الناس - فضلا عن الرَّعاع منهم - . وهذا لو نصح في هذا الخطأ ، أو تلك الخطيئة ، فإنه أصلا مبتدِع ، فقد يرجع عن خطأ أو اثنين ، ولكنَّ أصوله المنحرفة لا تزال فيه ، ولا يزال غارق فيها ، فلنتامل هذه النقطةَ ، فإنها عكس الأولى سواء بسواء . ثم الثالث المبهم ، مجهول الحال ، المستور ، الذي لا يعرف فهذا أيضا ينصح ؛ لأنك لا تعرفه ، ونصحك له يكون في أعلى درجات الأمانة ؛ لأنك تقدم النصيحة خالصة ، من غير خلفيات تجعلك توجه النصيحة بصورة سلبية ؛ إذا كان منحرفا ، أو بصورة إيجابية ؛ إذا كان سنيا صادقا ، فأنت تقدمها من غير مؤثرات ؛ لعل الله يهديه . ولو تأملنا – أيها الإخوة في الله – في أنفسنا – نحن الحاضرون – ها هنا لَمَاذا رأينا ؟ يقينا ! كان منا فاسق !! بل قد يكون كان منا كافر !!! فنحن نعرف بعض الإخوة المهتدين الذين كانوا على غير دين الإسلام ، ثم وفقهم الله ، ونوَّر بصائرهم إلى هذا الدين . ونعرف أناسا كانوا حزبيين غارقين ، فصاروا سنيين موحدين . ونعرف أناسا كانوا مبتدعين منحرفين ، فصاروا دعاة إلى منهج السنة والحق واليقين ، ( كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ) [ الآية (93) من سورة ( النساء ) ] . نعم . ثم أيها الإخوة في الله – هؤلاء النفر الثلاث ، أو الأقسام الثلاثة ، لا يخرج ردُّ فعلهم عن النصيحة عن وجهين : الوجه الأول : أن يكابروا فيها ، ويعاندوا بها ؛ حتى لو كان هذا المنصوح سنيا ! فإذا كابر وعاند ؛ فإن ذلك – قد – يكون سببا في إسقاطه ، وبُعْده ، وابتداعه ؛ لأنه كابر الحق ، فإذا رجع فحيَّ هلا به ، مع التحذير من هذا الغلط ، أو ذلك الخطأ . أو أن يكون مجتهدا ، أو متأولا هذه النصيحة على وجه من وجوه الحق ، كمثل مسائل الخلاف العلمي ، أنا أعطيك حجتي ، وأنت تعطيني حجتك ، وأنا أسمع ما تقول ، وأنت تسمع ما أقول ، قد اقتنع ، وقد لا اقتنع ، قد تقتنع ، وقد لا تقتنع ، قد نخرج متفقين ، وقد نخرج مفترقين ، وهكذا . فإذن هذه الصورة – صورة الاجتهاد في عدم قبول هذه النصيحة – تختلف عن صورة الإنكار ، والمكابرة ، والعناد – والعياذ بالله - . ومع ذلك ! حتى عند العناد فأنا لا انصح أن يُصدر الواحدُ منا ( فرامانا ) لإخراج فلان من السنة ، أو تبديعه ، أو قمعه ، دون أن يكون منه رجوع إلى أهل السنة ، وإلى علماء السنة ، وإلى القائمين بهذا المنهج من أهل الأمانة والعدالة الشرعية . وها هنا نقطة مهمة جدا في باب النصيحة – أيها الإخوة في الله – وهي : أنه ليس من شرط النصيحة أن تكون صحيحة ، فقد أنصحك نصيحة لا تقنع مني – أصلا – أن تكون نصيحتُـك هذه صحيحةً ، هذه نقطة . وبالتالي فإننا نعلم من ها هنا خطأ بعض الناس الذين ينصحون إخوانهم ، ثم لا يستجيب لهم هذا الأخ ؛ لاجتهاد ، أو تأول ، أو لعدم قناعة : فإذا بهم يقولون : نصحناه فلم ينتصح ! سبحان الله ! السلف كانوا يتهمون أنفسهم ، كانوا يلتمسون العذرَ لأغيارهم . لماذا لا تقول : نصحته ولم أقنعه بحجتي ؟! فتجعل التهمة راجعةً إليك ، صادرةً منك ، لا أن تقول : لم ينتصح ، كأنه معاند أو مكابر ، وقد تكون أنت المقصرَ في نصحك ، أو غير القائم في بيانك . إذن ليس من شرط كل نصيحة أن تُقبل ؛ لأن الناصح قد يقصر ، والمنصوح قد لا يقتنع ، نعم . [ القاعدة السادسة ] أيضا من النقاط المهمة : باب المعذرة ؛ وأعني بالمعذرة ها هنا المعذرةَ الشرعيةَ ، وأعني بذلك : فتحَ الباب للمخالف حتى يرجع ، فقد تزول شبهته ، ويصبح أخاً لك في الله ، وكما قلت : كم وكم من مبتدع صار سنيا . ومن حزبي صار داعية حق . ومن تكفيري صار مهتديا ، وهكذا . إذن – كما يقول أهل العلم - : المؤمنون عذراون ، والمنافقون عثارون (17) . والرسول صلى الله عليهم وسلم – قال في بعض الصحابة الذين كانوا يُحَدُّون في بعض الكبائر – وقد سمع من ها هنا وهنالك كلماتٍ خارجةً عن الحد الذي ينبغي أن يكون عليه أهل الحق . النبي - عليه الصلاة والسلام - يقول لأصحابة الكرام – وهم خير من وطئ الحصى – بعد الأنبياء والرسل – يقول : لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم (18). فلماذا نحن نكونوا أعوانا للشيطان على أناس كانوا بالأمس القريب معنا ، ومنا ، وفينا ، فأخطأوا ، لماذا لا نفسح لهم المجال ؛ حتى يرجعوا ، ويعودوا ؟! لا نقبل أن يرجعوا ويعودوا هكذا ( صلحة عرب ) كما يقال ، ولكننا نقبل ونرضى ونذل إذا رجعوا بالحق إلى الحق في دائرة الحق . فبالله ليعمل كل منا اختبارا لنفسه ، وينظر ، ويتأمل إذا عرف أن سنيا ما صار ( مبتدعا ) أو صار ( منحرفا ) ، أو خُتِمَ عليه بمخالفة الحق ، والمنهج ، والدين ، هل ذلك يفرحه ، أم يحزنه ؟ أنا أقول : يحزنه ؛ لأنه خسر أخاً له في الله . ونحن لماذا ندعو إلى الله ؟ إلا لنهدي الضالين ، ونجلب المنحرفين ، ونرشد التائهين . نعم ، قد يقول قائل : نحن نفرح ؛ لأننا طبقا الشرع في فلان ! سبحان الله ! هذا ليس في الباب الذي أريد ، وإلا تطبيق الشرع يكون في أي شيء ، لكن طالما أنك داعٍ إلى الله فأنت - الآن - في دعوتك : للكافر ، أو الفاسق ، أو المبتدع ، وهم الأصناف الثلاثة المعروفة ؛ فأنت بذلك تفعل : لتفرح به إذا اهتدى . وينتعش به قلبك إذا رجع . وتتقوى به إذا أصاب . فإذا ضل السني ، أو انحرف المهتدي ؛ فإن ذلك يجب أن يكون بالعكس : يزعجه . وتأسف منه . وتسخط له . ثم ترجع الكرة من جديد ، هذا الحد الأدنى ، أن تدعوه من جديد ، اعتبره مبتدعا من المبتدعة ، وفاسقا من الفساق ، وكافرا من الكفار ، أفيكون هذا في مأمنٍ من أن تدعوه إلى الله من جديد ، ولو بفتح باب للمعذرة ؛ ليرجع منه ، ويعود إليه ، ويستقيم عليه ، نعم . فهذه – أيها الإخوة – نقطة مهمة وينبغي أن نعذر ، ونكرر النصح ؛ حتى نشعر بأن لا فائدة ، ولقد رأينا عمل عدد كبير من مشايخنا بذلك أنهم : صبروا . وصابروا . واحتملوا . وتأنوا ، والمرة تلو المرة تلو المرة ، فإذا آيسوا من العود كان منهم ذلك النقد ، وذلك الرد ، وذلك القمع الذي به نحقق شرع الله في ( الولاء والبراء ) على وجهه الحق ، وبصورته الحق . وإلا لو لم نفتح باب المعذرة – أيها الإخوة – فإن هذا الذي يتكلم بين أيديكم معرض للخطأ ؛ لأنه بشر كالبشر ، فقد يغلط الغلط أو الغلطين ، فإذا بمن هم في سن أبنائه ، أو في مرحلة طلابه ، أو أقرانه ، إذا بهم يبدعونه ، وإذا بهم من السنة يخرجونه ، وإذا بهم يطعنونه ، ويرمونه !! لماذا ؟ لأنه أخطأ ! ومن ذا لا يخطئ - كما يقول الإمام الذهبي - : أمالك ؟ أشعبة ؟!(19) من ذا لا يخطئ ؟ لكن هذا الخطأ قد يكون طبيعة بشرية ، إذا كان في إطاره ، دون الإصرار عليه ، ودون المكابرة فيه ، ودون أن يكون مبنيا على شعبةِ بدعة ، أو باب فتنة ؛ وحتى ولو كان !! فيجب النصح ، والمعذرة ، والتكرار له ، فإن رجع وإلا : إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم (20) . فلنذكر هذه الأمور على وجهها الحق ، قبل أن ننظر إلى أنفسنا فلا نرى إلا خيالاتٍ ، وأشباحا ، وصورا كرتونية : ليس فيها علم . وليس فيها حق . وليس فيها هدى . وليس فيها استقامة على دين الله ، ولا ثبات على منهج الكتاب والسنة بمنهج سلف الأمة . فالمعذرة التي نريدها هي المعذرة الشريعة بضوابطها المعروفة المرعية . [ القاعدة السابعة ] ومن القواعد – أيضا – وهي القاعدة السابعة ( معرفة الأصول العلمية التي نميز من خلالها السني والخارجَ عن منهج السنة ) وإلا من الممكن ( كلمة غير واضحة وهي عند (20:29) ) أن أرى رجلا لا يحرك أصبعه في الصلاة ، فأقول : أنت مبتدع ! وهذا جهل . ممكن أن أرى إنسانا يضع ركبتيه إذا هوى السجود قبل يديه ، فنقول : أنت خارج عن السنة وأهل السنة !! هذا باطل أيها الإخوة . لابد أن نعرف المسائل والأصول التي إذا خولفت منا ، أو عنا يكون صاحبها مبتدعا ، وخارجا عن السنة وأهلها . من ذلك - مثلا – تزكية أهل البدع ، والثناء عليهم . ولما كان من قواعد السلف أن الرجل يعرف بمخرجه ، ومدخله ، وبمجالسه (21)، وكان قولهم [[ من استتر عنا ببدعته لم تخف ألفته (22) ]] (23) كان ذلك من أسباب سقوط هذا الذي يظن أنه منتسب إلى السنة وليس منتسبا إلى السنة ، فحينئذ قد يكون هذا الإنسان : جاهلا ، أو غير عالم ، أو متوهما في هذا المبتدع أنه سني – ولا يكون سنيا – فينصح ، ويعذر ، وتقدم له المعذرة على وفق النقاط السابقة التي ذكرناها ضمن ضوابطها الشرعية ، وأصولها المرعية . ومن ذلك – أيضا – التكفير بدرجاته ومراحله ! فمن الناس من يكفر الناس كلهم – وقد رأينا بعض أولئك - . ومنهم من قال : لا أعرف مسلما على وجه الأرض إلا أنا ورجلا في شرق باكستان !! فقط اثنان !!! ومن الناس من ناقشناه في التكفير ، وأن الظلم ظلمان ، والكفر كفران ، وأن الظلم قد يكون غير الكفر ، وهو مصر أن الظلم هو الكفر ، والكفر هو الظلم ، وأن الظلم – كله – مخرج من الملة ، وأن الكفر – كله – مخرج من الملة ! فلما قلنا له : فماذا تقول بقول الله - تعالى – على لسان يونس - ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ؟ [ الآية (86) من سورة ( الأنبياء ) ] قال : كان كافرا يومئذ !! . والعياذ بالله تعالى . وكم من الناس كَـفَّـر : أباه ، وزوجه ، وولده ؛ لأنه لم يقنع بقوله ! فهؤلاء عايشنا بعضا منهم . المكفرة الموجودون اليوم هؤلاء ( تقليد التقليد ) ليسوا هم الأصليين !! هؤلاء ( تقليد التقليد ) أيها الإخوة ، وهم في الحقيقة أهون من غيرهم بكثير وكثير جدا ، لكن هنالك فرق : أن بعضا من أولئك كان عنده علم ، وأن معظم هؤلاء جهلة . كذلك من ضمن الأمور التي يجب أن تعلم كأصول يميز منها السني من المبتدع – مثلا – الخروج على الحكام المسلمين ، فذكر أهل العلم في عقائدهم ، وفي مصنفاتهم الاعتقادية : أن الخروج على الحكام المسلمين ، وأولياء الأمور هو باب خارجية مضلة – والعياذ بالله تبارك وتعالى - . وأن هذا إذا كان ووقع فإن له شروطا ، معتبرة منها : ظهور الكفر البواح . ومنها أن لا يكون ذلك إلا من أهل العلم الأثبات الأقحاح . ومنها أن تكون المظنة في المفسدة بإذهابها أكثر من التوهم بوجود مصلحة تترتب عليها مفسدة أكبر . وهكذا في شروط ، وشروط ، وشروط ، لا يكاد يحسن سماعها ، فضلا عن فهمها الكثرة الكاثرة من الناس ، فضلا عن تطبيقها ، أو القيام بها . وهكذا فهذه أمور مهمة . لكن أنبه أن بعض أهل السنة قد تظهر منهم كلمة يتوهم أنها مبنية على هذا القول أو راجعة إلى ذاك القول ، أو قائمة على ذلك القول من الأقوال المنحرفة المخرجة عن منهج السلف فابتداء نخطئ الكلمة ، ابتداء نخطئ الكلمة ، ونقول : هذا غلط يجب الرجوع عنه ، لكن بالمقابل لا نتهم صاحبها بالاعتقاد ؛ لأننا نعلم تاريخه أنه على السنة السَّـنية ، وأنه على المناهج السُّـنية ، فإذا أصرَّ فنرجع إلى القاعدة التي ذكرناها : من النصح ، والمعذرة ، فإذا عاند فأيضا يلحق بأم قشعم ! [ القاعدة الثامنة ] وأما القاعدة الثامنة فهي ( استعمال الأسلوب النبوي في النقد ) فاللين في موضعه حكمة ، والشدة في موضعه حكمة ، ولكن حتى في اللين والشدة فنحن نحرص على هداية الناس : كافرهم . وفاسقهم . ومبتدعهم . ولا نحرص أن نخرج المسلم إلى أن يصير كافرا ، أو الطائع لئن يغدو فاسقا ، أو السني لئن يضحي مبتدعا ، وإلا فلماذا ألف شيخ الإسلام ابن تَـيْـمِـيَّـة كتاب ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ) في ستة مجلدات ، ولماذا ألف الإمام ابن القيم - تلميذه - كتاب ( هداية الحيارى من اليهود والنصارى ) إلا لهداية الضال ، وإرجاع التائه ، نسأل الله الهداية لنا ولكم ولهم . فاللينُ في موضعه حكمة ، والشدةُ في موضعها حكمة ، فالمغفلُ للينِ المتلبسُ بالشدةِ في كل أمر مخالف للحق ، والعكس بالعكس : المتلبس باللين ظانا أنه الهدى بقين مغفلا الشدة التي يجب أن تكون في موضعها ، وأن تركن في موقعها فهذا – أيضا - غالط بيقين ، والحق أن تكون القاعدة العلمية الشرعية المنضبطة هي التي تميز موقفك هذا ليكون : لينا أو ترفعك وتدفعك ليكون موقفك ذاك موقف شدة ، وموقف عُـرُش يليق بقمع هذا الذي يظن نفسه على شيء ، وليس هو على شيء . [ القاعدة التاسعة ] أما النقطة التاسعة فهي التنبيه على منهج غزانا ، ودخل عقولنا ، إلا من رحم الله ، وهو منهج وضعه المبتدعون ، وأرسى قواعده المنحرفون وهو ( منهج الموازنات بين السيئات والحسنات ) (25) كما يفعله كثير من الحزبيين ، وغيرهم . فإذا انتقدت مبتدعا قالوا لك : هذا المبتدع عنده كذا وكذا من الخير ، وعنده كذا وكذا من الشر !! وهذا المنهج غير معلوم !! هذا المنهج معلوم إذا كان هذا المنتقَد من أهل السنة ، أو إذا كنت تكتب عن حياته ، وتؤرخ لسيرته ، أمَـا وأنت تحذر منه في موضع الجرح ، وفي موضع النقد والنقض فينبغي أن تهمل حسناته ، وإنما تذكر سيئاته ، فلحسناته أهلُها ، الذاكرُوها ، والرافعُوها ، والمشيدُوها ، والمحتفلون بها ، المحتفون بذكرها ، فإذا ذكرت الحسنات في هذا المقام – وهو النقد والنقض – فإن هؤلاء سريعا ما يتركون النقدَ ، ويتمسكون بهذه الحسنات المزعومة ، وحصل هذا في امتحان فعلته أمام بعض الناس كنت جالسا في مجلس فيه بعض من هؤلاء النفر فقلت لهم : أنا سأطبق اليوم أمامكم هذا المنهج الذي تتدعون ( منهج الحسنات والسيئات ) فماذا أنتم فاعلون ؟ قلت لهم : فلان الداعية رجل ما شاء الله ! رجل يصلي ، ورجل يجاهد ، ويزكي وفي سبيل الله ، ويصلي ، لكنه بالمقابل : يؤول الأسماء الصفات . ويسب الصحابة . ويطعن في موسى - عليه الصلاة والسلام - . وينكر حجية الآحاد في العقيدة . وينكر علو الله على خلقه . فماذا أنتم قائلون ؟ فسكتوا !! هم يريدون من منهج الموازنات هذا أن نسكت عن إبداء الحق ، وألا نذكر الحق ؛ لذك نحن نقطع الطريق عليهم ابتداء ، فلو ذكرنا الحسنات هم لن يقبلوا ، فكيف إذا لم نذكرها ؟! [ القاعدة العاشرة ] ومع هذا فإننا نسأل الله التوسط الشرعي في هذا المنهج وهي النقطة العاشرة هو الأصل بلا غلو ولا إفراط ، ولا قصور ولا تفريط ، وبخاصة أننا رأينا أناسا اليوم يميعون علم الجرح والتعديل ، ولا يقبلونه ، ويزهدون فيه ، ويردون على أهله ، فإذا بهم يقومون بعين ما هم ينهون الناس عنهم . فنحن ضد هذه الميوعة ، ونحن لسنا مع هذا التمييع ، وإنما نحن مع الوسطية الشرعية التي تنأى بنفسها ... انتهت مادة الشريط التي عندي ! |
#2
|
|||
|
|||
بارك الله فيك شيخنا الكريم
واصل جهود في تصفية الصف السلفي من الداخل |
#3
|
|||
|
|||
جميل جدا أن ترجع الأذهان إلى التاريخ؛ ليتأكد من كان في قلبه هوى أنه لا زال يتخبط في أوحال التعصب والتقليد... فما الفرق بين هذا الكلام الذي قاله شيخنا -قبل الكتاب- فحُمد عليه وبين ما جاء في كتابِه ... والجوابُ ... ؟!
|
#4
|
|||
|
|||
للرفع والبيان زادكم الله تقوى وايمان
|
#5
|
||||
|
||||
اقتباس:
انا سأجيبك عنهم يا شيخنا الحبيب لكن بسؤال؟؟؟؟
ما الفرق بين الاعمى و البصير؟؟؟؟ فأنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!!!!!!!!!!!!!
__________________
|
|
|