أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
2694 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منبر الموسوعات العلمية > قسم الأشرطة المفرغة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-26-2009, 01:07 AM
ساهر عيسى ساهر عيسى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 257
افتراضي شريط [ الجرح والتعديل : أصول وضوابط ] للشيخ علي الحلبي

على هذا الرابط !!

http://www.sahab.net/forums/showthread.php?t=351095

شريط (( الجرح والتعديل : أصول وضوابط ))
للشيخ الفاضل علي بن حسن الحلبي الأثري
- حفظه الله ورعاه ، ومن كل سوء وقاه -
إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا .
من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له .
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد : فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
وبعد : فإننا نَذْكُرُ ونُذَكِّرُ ونكررُ – دائما – بقول النبي – صلى الله عليه وسلم – في حديث مروي من طرق ، والذي صححه جماعة من أهل العلم وهو قوله – عليه الصلاة والسلام - : يحمل هذا العلم من خلف عدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين (1) .
فهذا الحديث – أيها الإخوة في الله – أصل من أصول المنهج العلمي الإسلامي ، وقاعدة من أجل قواعده ، وأس من أبين أسسه ؛ ذلكم أنه يبين مهمة لا تنقطع ، ووظيفة لا تنفد ، ومسؤولية جسيمة ملقاة على كواهل عدول الأمة : من العلماء والأئمة .
هذه الوظيفة وهذه المهمة مبنية على ما ورد في الحديث ( ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ).
كيف للمسلم أن يميز بين المبطل والمحق ؟
وكيف له أن يتميز له المدعي من صاحب الحق ؟
وكيف له أن يدري على وجه السداد والتمام : الجاهل من العالم . لن يكون له قدرة على ما هو أدنى من ذلك - فضلا عن الوقوف على حقيقة ذلك - إلا ضمن قواعد علم الجرح والتعديل .
هذا العلم الذي بدأت بواكير قواعده تُبنى وتؤسس في عصر أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم تبلورت ، وازدهرت ، وتقعدت في عصر الفتنة ، كما ورد عن بعض التابعين [[ لم يكونوا يسألون عن الإسناد ؛ فلما وقعت الفتنة قالوا : سموا لنا رجالكم ، فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم ]] (2) .
وكلمة ابن المبارك (3) – في ذلك – عالية غالية ( لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) .
والإسناد - بطبيعة الحال – لا يكون قائما في الهواء ، ولا موجودا في الخيال ، وإنما الإسناد مبني على قواعد ( علم الجرح والتعديل ) .
هذا العلم الذي تميزت به هذه الأمة عن غيرها من الأمم ؛ حتى لقبت – بحق – أمة الإسناد .
ولقد كتب بعض كُتَّاب النصارى في كتاب له صنفه حول ( مصطلح التاريخ ) وبهذا الاسم ! قال – بتعبيره الذي لا ينبني على شرع ؛ وإنما هو مبني على عقل - وليس العقل دائما يوافق الشرعَ - وإن كان مقصود الكافر فيما قال معروفا وواضحا ، وظاهرا ولائحا – قال : يجب على الأمم كلها أن تنحني – إجلالا – للأمة الإسلامية لما قررته ، وقعدته من قواعد الجرح والتعديل التي حفظت بها سيرة نبيها ، وتاريخ أمتها .
وهذا العلم – أيها الإخوة – كما أسلفت – يحمله الخالف عن السالف ، ويتلقاه الطلاب عن الشيوخ ، ويأخذه الأبناء عن الآباء ، ويتناوله الأحفاذ عن الأجداد : دائرة متاكلمة الأطراف ، ومنهجا متنامي الحقائق ؛ حتى يكتمل في هذه الأمة دورها ، وينتشر نورها . وليس – فقط – هذا العلم كما يتوهم المتوهمون هو علم فقط في الجيل الأول ، أو في العصر الأول ، أو أنه مقصور على كتب السنة، والحديث ، والأثر ! لا !
ولكنه ممتد – كما ورد في الحديث – ( يحمل هذا العلم من كل خلف ) أي من كل جيل ، فهذه إشارة إلى الاستمرار ، والعلو ، والوصول ، وليس إلى الانقطاع ، وليس إلى الانفصال ، وليس إلى البتر .
ورحم الله من قال : [[ لولا حملة المحابر لخطبت الزنادقة على المنابر ]] (4)!
لماذا ؟
لأن أهل العلم هؤلاء يبينون وجه الحق ، ويحذرون مما خالفه فضلاء الخلق ، فهم قائمون بالهدى ، ممتلئون بمائه وهوائه ، منتعشة قلوبُهم وعقولُهم ببهائه وجلائه ، وليسوا هم – فيما يفعلون – على أهوائهم يرتكزون ؛ وإنما هم بقواعد العلم وأهله عالمون عاملون .
وبالتالي – أيها الإخوة – فإنا كلامنا في هذا المجلس – الذي نرجو أن يكون مباركا – مؤصل حول بعض القواعد العلمية العملية ، والنظرية التطبقية في آن معا حتى تتضح الصورة ، وتظهر الحقيقة ، ونكون على ما يريد ربنا ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [الآية (142) من سورة البقرة ] .
هذه المحاضرة ليست محاضرة فيما يتعلق بابن أبي حاتم ، أو ابن المديني ، أو أبي زرعة ، أو البخاري ، أو تلميذه الترمذي ، فضلا عن ابن حبان أو العقيلي ، أو ابن عدي ، وإن كان هؤلاء هم الذين أسسوا هذا العلم وقعدوه ، وتبثوه ورسخوه ، لكن كلامنا في هذه الأمسية الميمونة – إن شاء الله – متعلق بالتطبيق العلمي لهذه القواعد في العصر الحاضر ؛ سواء أكان هذا التطبيق :
متعلقا بالأفكار بعيدة عن أعيانها .
أو بالأعيان والدعاة إلى تلك الأفكار .
أو بالمؤلفات ، والتصانيف ، وما أشبهها مما يتصل بتلكم الأفكار وبأصحابها ، والقائمين بها .
وعليه – أيها الإخوة في الله – فثمة قواعد مهمة أبدأ بذكرها الواحدة تلو الأخرى ، وأذكر ما يتصل بها من حقائقها وشيء من أدلتها ؛ حتى يستنير العقل ؛ ليحيى من حي عن بينة ، ويهلك من هلك عن بينة - في علم يتجاذبه أقوام ولا يقيمونه على وجهه – إلا من رحم الله منهم - .



[ القاعدة الأولى ]




أما أول هذه القواعد أو أولاها - أيها الإخوة في الله – فهي ( أن المتكلمين في الرجال لهم شروط وصفات ) وليس كل ذي قلم ، أو أيُّ ذي لسان يحقّ له أن يتكلم في هذا العلم ، أو أن يكون منه بسبب ؛ وإنما لا يتكلم في هذا العلم – إذا نظرنا في كتب التاريخ ، وفي كتب الجرح والتعديل - التي أرختها تلكم التواريخ – نرى أنه في كل قرن ثمة أفراد قليلون ، وعلى الأصابع معدودون ، ومن أهل العلم معرفون : هم الذين – بهذا الأصل – يقومون . فليس الأمر مشاعا لكل أحد ؛ وإنما لا يقوم به إلا من اتصف بالصفات العالية ، وكانت فيه الشروط الغالية .
ومن أجل هذا صنف الإمام الذهبي – وهو من أكابر علماء الجرح والتعديل المتأخرين – كتابا سماه [[ ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل ]] (5).
إذن هم أفراد ، ومذكورون ، ومنصص عليهم ، ومعروفة أسماؤهم ، ليس كل من قال : هأنذا يكون حقا هو ( ذا ) وإنما هم فئات – التزكية فيهم واضحة ، والبينة من أمرهم جلية ، ويتكلمون بالأمانة ، والحق ، والحجة ، والبينة .
والعلامة الحافظ السَّخَاوي الذي جاء بعد الإمام الذهبي بنحو قرنين إلا قليلا له رسالة بعنوان ( المتكلمون في الرجال ) (6) – أيضا – تكلم فيها في القاعدة نفسها .
إذن : أول صفات المتكلم في الرجال في هذا العلم أن يكون :
خليا عن الأهواء .
أن يكون ذا أمانة .
أن يكون ذا علم .
أن يكون ذا تأنٍ .
أن يكون ذا بصيرة .
أن يكون ذا نظر دقيق ، وفهم عميق ؛ وإلا فإن كل نقص في هذه الصفات يكون نقصا في : أحكامه ، في أقواله .



[ القاعدة الثانية ]




أما القاعدة الثانية فهي من القواعد العلمية المقررة في كل العلوم وهي قولهم ( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) فلا يستطيع المتكلم في الجرح والتعديل أن يحكم بالحق على أحد من الخلق ، إلا إذا أحاط بالأمر المطروح – على الأقل – من جوانبه كافةً ، لا أن يتناول شيئا ويغيب عن أشياء ، أو أن تُغيَّبَ عنه أشياء ، وإنما عليه بالإحاطة ، كما أسلفت – على الأقل – فيما هو يسأل عنه ، أو يبحث فيه ، حتى يدفع الشبهة ، ويدرأ كل إشكال ، ويضم النظير إلى النظير ؛ حتى يكون عاملا حكمه ، أمينا في بيناته ، وهكذا كان طريق أهل العلم في الحديث ، فإنهم كان عندهم من حكم على أحاديث قاعدة الاعتبار وهي : النظر في الطرق والشواهد والمتابعات ؛ حتى يكون الحكم على هذا النص صحيحا .
وكذلك يكون النظر في الجرح والتعديل بأن لا يؤخذ قول وتترك أقوال ، وإنما يعمل بهذه الأقوال ضمن القواعد ؛ مثلا :
إن الجرح المفسر مقدم على التعديل المبهم .
أن هنالك من المجرحين من هو متعنت .
أن هنالك من المعدلين من هو متساهل .
أن التعديل المبهم يقبل إذا لم يقابل بجرح ، وهكذا في قواعد دقيقة لابد أن تطبق هذه القواعد ؛ حتى يكون الحكم صحيحا على قاعدة ( الحكم على الشيء فرع عن تصوره ) .
وكذلك – قد – يكون هنالك راوٍ لا يعرف فيه جرح ولا تعديل فنرى من طرائق أهل العلم وأساليبهم أنهم كانوا يعتمدون السبرَ ، والاستقراءَ ، والتتبعَ في النظر في روايات هذا الراوي ؛ حتى يحكموا عليه من خلال رواياته ، فإذا وجدوها موافقة لروايات الثقات ، فإنهم يأتمنونه ، ويقبلونه ، فإذا لم يجدوها كذلك فإنهم يردونه ويجرحونه ، ويطعنونه ، لكل حسبه ، ولكل سببه ، ولكل طريقته ، فليس الأمر هكذا ملقى على عواهنه في أمور هي من أهم أمور الدين ، ومن أعلاها ، وأولاها ، وأغلاها .

[ القاعدة الثالثة ]

كذلك أيها الإخوة قاعدة ثالثة
( أن منهج الجرح والتعديل مبني على الأصالة العلمية وليس هو من التقليد في شيء ، ولا إلى التقليد في شيء )
من أجل هذا فإننا نرى الحفاظ – متقدميهم ومتأخيرهم – يختلفون فيما بينهم حول أو في تصحيح الأحاديث وتضعيفها ، فكم من حديث صححه مسلم ضعفه البخاري ، مع أن البخاري شيخ مسلم ، ومع ذلك لم يروِ عنه مسلم في صحيحه !
كم من حديث صححه البخاري وضعفه أبو حاتم أم ولده ، وهكذا .
فلو كان التقليد مبنيا عليه هذا المنهجُ العلمي لقلد بعضهم بعضا ، وأخذ بعضهم من بعض ، ونقل بعضهم عن بعض ، لكن الأمر لم يكن كذلك ألبتة ؛ وإنما كان لكل نظره ، ولكل اعتباره ، ولكل اجتهاده – والاحترام ، والتقدير ، والتبجيل هو الأصل بينهم حتى ولو اختلفوا !
لماذا ؟
لأن اختلافهم في التطبيق ، وليس في التأصيل .
فاتفاقهم في التأصيل هو القاعدة ، ثم اختلافهم في التطبيق ، فيما كان أهلا للاجتهاد في هذا التطبيق فهو منه مقبول ، وعنه غير مرذول !
أما أن يقرأ البعض ورقات منتوفةً من هنا وهنالك ، ومشقوقة بعد التي واللَّتي ، ثم يتصدر : يجرح ويعدل ، فإن أولى قالات التجريح يجب أن تكون موجهة فيه ، ومهدفة إليه وعليه !
هذا العلم له قواعده المبنية على الأصالة ، والقائمة على الاستقلالية ، ليست على التقليد ولا إلى إليه ، ولكن هذا بمقابل لا ينفي أن يأتمن بعضُ أهل العلم بعضَهم في قليل من الأمور التي تخفى ، وهذا أمر طبيعي ؛ ولذلك كم من مرة سمعنا مشايخنا يقولون : لابد للعالم – ولو كان كبيرا – أن يقلد في بعض الشيء ؛ لأنه ليس كاملا ، وليس بكل شيء محيطا .
وها هنا نقطة في هذا المقام تَـبِـين وتظهر وهي ( العمل بخبر الثقة ) فقد فرق علماء الجرح والتعديل بين ( التقليد ) وبين ( العمل بخبر الثقة ) فجعلوا أخذ المبتدئ - أو قليل العلم - لتصحيح العالم أو تضعيفه ، وجرحه أو تعديله - أقول : جعلوا ذلك من باب ( العمل بخبر الثقة ) وليس من باب ( التقليد ) ؛ لأن باب التقليد مبني على التعصب ، بينما باب ( العمل بخبر الثقة ) قائم على الثقة بأمانة هذا المتكلم ، وبنصحه ، وصدقه ، وعلمه ، وفهمه ، فمن ها هنا هذا التفريق الدقيق .
وعليه أيها الإخوة : فإن أهل الحق ممن عندهم سوية من العلم عالية لا يجعلون مجرد الكلمة تقال في رجل سبيلا يجرحه ، ولا مجرد القول في عالم سني ، أو طالب علم نبوي ، أنه يكون ساقطا ، أو مسقَطاً إلا وافق ذلك حجة ، وبينة ، ودليلا ، أما أن يكون مجرد التوقيع ، أو الختم ، أو البصمة : مسقطة أو رافعة فليس هذا من الحق ولا إلى الحق .
وأختم هذه النقطة - وهي الأصل الثالث – بذكر أمر مهم وهو : أن فتح باب التقليد فتح لباب التعصب ؛ وبالتالي فإن التعصب ليس بعلم ، كما أن التقليد ليس بعلم ، فالمتعصب الذي يتعصب لزيد اليوم فإنه قد يتعصب عليه في الغد !
لماذا ؟
لأنه ليس ذا أهلية ؛ ولأن هذا الذي يقنعه بسطوته ، أو بإرهابه ، أو بصولجانه قد يردعه غيرُه في الغد ، فيصبح هذا المتعصب له اليوم متعصبا عليه في الغد ، لكن إذا كان العالم يأتمن طلبة العلم ، ويقربهم ، وينصحهم ، ويسددهم ، ويقومهم ، فإن هذا يكون كالطُّـنُبِ للبيت تثبتُه ، وترسخُه ، وتجدرُه أما أولئك المتعصبون لمجرد الأسماء ، أو الأعيان ، أو الجاه فإنهم سرعان ما ينقلبون ، ويرتكسون ، وينتكسون ، فوالله لا يُتَكَـثَّرُ بهم ، ولا ترفع الرؤوس إليهم .

[ القاعدة الرابعة ]

أما النقطة الرابعة ، فإن اختلاف علماء الجرح والتعديل في :
الرواة .
والفرق .
وفي المنتسبين إليها ، أمر لاينكر ، فلو نظرت في كتاب ( الميزان ) ، في كتاب ( التهذيب ) ، في غيرها من الكتب سترى من الرواة من يوصف بأنه مجروح ، وفي الوقت نفسه يوصف - من غير هذا الجارح - بأنه عدل ، أو يوصف من ثالث بأنه لا يعرفه .
وقد ترى آخر يوصف بأنه رافضي ، أو ناصبي ، وترى بعضا من أهل العلم يدافعون عن هذا ، ويذبون عن ذاك .
ابن جرير الطبري اتهم بالتشيع من أقوام ، ودافع عنه أقوام (7) .
أبو إسحاق الجوزجاني اتهم بالنصب - النصب أنه ناصبي ، ليس النصب أنه نصاب - ودافع عنه أقوام من أهل العلم (8) .
، فلو كان مجرد القول مسقطا ؛ لما وجد للدفاع مكان ، ولا للقول الآخر موضع ، ولكن هكذا أهل العلم يختلف بعضهم مع بعض ، لكن أكرر انطلاقا من قواعد صحيحة متفقة عليها ، ثم يكون اختلافهم في التطبيق ، وتنزيل هذه الحقائق ، والأصول النظرية على الواقع وعلى الأعيان .
فهم لا يختلفون أن الرفض والتشيع بدعة ، وأن النصب والنواصب مبتدَعة ومبتدِعة ، ولكنهم قد يختلفون في عبارة حكيت عن زيد ، أو مقولة نقلت عن عمرو ، فمن ثبتت عنده هذه المقولة فإنه يجرح ، ومن لا فلا ، فلنتأمل هذه النقطة أيها الإخوة في الله ، والاحترام قائم ، والاعتبار السني قائم ، فلم يبدع بعضهم بعضا ، ولم يضلل بعضهم بعضا ، نعم قد يخطئ بعضهم بعضا ، فهذا أمر محتمل ، وهذا أمر مقبول ، لكن من غير أن يصل الحال إلى الأوحال – عياذا بالله – هذه تكون قاصمة الظهر – نسأل الله العافية - .
انتهى الوجه الأول من الشريط .


وهذا بداية الوجه الثاني منه :

.... واختلافهم في ابن صياد أهو الدجال الأكبر ، أم لا معروف ، ومع ذلك لم يكن منهم هجر ، ولا زجر ، وإنما كان بينهم ، وفيهم ، ومنهم ، وإليهم : التقدير ، التوقير .
ونقطة متعلقة بهذا الأمر – أيها الإخوة في الله – أيضا – وهي : أن اختلافنا في غيرنا من :
مبتدع .
من حزبي .
من حركي .
من تكفيري .
من صوفي .
من غير ذلك ممن ليس بنقي ، لا يجوز أن يكون سببا نختلف فيه فيما بيننا ، فإن اختلفنا ، فليكن الاختلاف موصولا بوجهات النظر ؛ حتى ينصح بعضُنا بعضا ، ويوصل بعضنا حقه لأخيه ، أما أن نختلف فيما بيننا ؛ لأننا اختلفنا في هذا المبتدع ، أو في ذاك ، فنتدابر ، ونتقاطع ، ونتهاجر ، ونتصارم ؛ فإننا سنفتت بعضنا بعضا ، ولو بعد حين !
ومن سيكون الفرح ؟
ومن سيكون المسرور ؟
ومن سيكون ذا الحبور ؟
إلا هذا المبتدع الهالك المغرور !
لماذا ؟
لأنه أصبح ينظر وينتظر ، ينظر إلى الخصام ، وينتظر النتيجة (9) ؛ ليكون واحدٌ من هؤلاء المختلفين ساقطا ، فيرتاح منه ، وينأى بنفسه عنه .
فهذا الاختلاف الذي – قد – ينشأ بين أهل السنة ؛ لأنهم اختلفوا في غيرهم ، لم يختلفوا في غيرهم بسبب اختلافهم في الأصول ، أو في القواعد ، أو في التأصيل المنهجي ، وإنما اختلفوا في تطبيق هذه القواعد والأصول عليه .
فما عرفتُه قد لا تعرفه ، وما وقفتَ عليه قد يكون غائبا عني ، ويكون حكمي بقدر علمي ، ويكون حكمك مبنيا على معرفتك ؛ فتكون النتيجة منك بحسبك علمك ، ومني بحسب جهلي .
نعم ، هنالك خطأ ، لا يمكن أن يكون زيد أو عمرو سنيا ومبتدعا في آن ! لا بد أن يكون : إما سنيا ، وإما مبتدعا ، ولكن قد تختلف الأنظار ، كما اختلفت – من قبلُ – الأقوال .
لا يمكن أن يكون ثقة ، ومتروكا في آنٍ ، وإنما هذا يكون باختلاف الأنظار في الحكم على هذه الأفكار .
وكذلك – أيها الإخوة – لا يلزم من هذا الأمر – الذي أسلفته وذكرته من أن اختلفنا في غيرنا لا يجوز أن يكون اختلافا بيننا – أقول : لا يلزم من هذا أن نسكت عن الحق ، أو أن نغمض عيوننا عن الحق ، أو نغلق باب التواصي بالحق ، والتواصي بالصبر .
باب البيان ، باب النقد ، باب الراد ، فهذه أبواب مشْرَعة ، ولكن لمن هو أهل لها ، وبقواعدها المنضبطة ، وأصولها الأمنية .

[ القاعدة الخامسة ]

أما الأمر الخامس أو القاعدة الخامسة فهي ( قاعدة النصيحة ) والنصيحة أيها الإخوة هي الدين كما قال سيد المرسلين – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – ( الدين النصيحة ) (10) - مبتدأ وخبر ، كما قال عليه الصلاة والسلام ( الحج عرفة ) (11) ، هو الحج ليس عرفة فقط ! الحج : عرفة ، وطواف ، وسعي ، وغير ذلك من الأركان ، وإحرام ، وإهلال ، وتلبية ، لكن لما كان عرفة ، والوقوف فيها : أجلَّ المواقف ، وأعظمَ الأركان ، كان مثل هذا التخصيص ، ومثل هذا الحصر ، وبمثله ورد هذا الحديث النبوي ( الدين النصيحة ) ، ولم يكتفِ عليه السلام والسلام بأن يقول ذلك ( مرة ) بل قاله ( ثلاث مرات ) ( الدين النصيحة ، الدين النصيحة ، الدين النصيحة ) ثم مع هذا كثير منا – وللأسف – يهمل النصيحة ولا يعملها ، يتركها ولا يتمسك بها ، يجتنبها ولا يكون بجنبها ؛ مما أدى إلى :
تقاطع المودات .
وتصارم القلوب .
وإفساد النفوس – عياذا بالله تبارك وتعالى - .
والمنصحون – في جملتهم – ثلاثة أصناف :
أما الصنف الأول – والأَوْلَى – فهو السني الذي يبذر منه الخطأ والخطيئة ، فهذا السني هو أولى الناس بالنصح . لا أن نقف عن نصحه ، وأن نبتره ، وأن نقطعه ؛ لأنه أخطأ – ولو مرة أو مرتين - .

فلننظر إلى :

قواعده .
وإلى أصوله .
هل هي قواعدُ سنيةٌ ، وأصول سنية أم لا ؟ كما ورد عن بعض السلف ( أهل السنة مرفوعون عالون ولو قعدت بهم أعمالهم ) ؛ لأن قواعدهم صحيحة .
وأهل البدع مقهورون مخذلون ، ولو كثرت منهم أعمالهم ؛ ولذلك شيخ الإسلام ابن تَـيْـمِـيَّـة يقول – رحمه الله – : صحة التوحيد مع كثرة الذنوب خير من قلة الذنبوب مع فساد التوحيد (12) .
فجعل الأصل ماذا ؟
جعل الأصل : القاعدة ، والأساس ، والجذر ، والبنية ، ولم يجعل القاعدة والأساس : مجرد الفعل ، ولو كان خطأ أو خطأين .
إذن هذا السني الذي يصدر منه الخطأ والخطآن ، هذا يجب أن يُـتعاهَـد بالنصح ، وأن يُـتعاهَـد بالتذكير ، وأن يُـتعاهَـد بالبيان .
ثم الثاني : المنحرف الأصلي ، إنسان بعكس الأول : قواعده مبتدَعة ، وأصوله منحرفة ، ومع هذا فلا ننقطع عن نصحه ، ومن القائمون بنصحه ؟ أهل العلم الكبراء ، المأمنون الأوفياء ، وليس كل من هبَّ ودَرَج ، فإن الذي هب ودرج قد يصنح ، فإذا به هو المنصوح ، يريد أن يؤثِّر فإذا به المتأثر ؛ لذلك كان من أقوال السلف ( لا تمكن أذنيك من صاحب بدعة لئلا يورث في قلبك فتنة ) (13).
[[ دخل رجلان من أصحاب الأهواء على بن سيرين فقالا : يا أبا بكر نحدثك بحديث .
قال : لا .
قالا : فنقرأ عليك آية من كتاب الله .
قال : لا ؛ لتقومان عني ، أو لأقومن .
قال : فخرجا .
فقال بعض القوم : يا أبا بكر ! وما كان عليك أن يقرآ عليك آية من كتاب الله تعالى ؟
قال : إني خشيت أن يقرآ علي آية فيحرفانها فيقر ذلك في قلبي ]] (14) .
ويقول الحسن البصري [[ إذا رأيت مبتدعا في طريق ، فخذ في طريق آخر ]] (15) .
يقول الذهبي : نعم ؛ فإن القلوب ضعيفة ، والشبه خطّافة (16) .
نسأل الله العافية .
فهذا ينصحه الكبراء المأمنون – كما قلتُ – ليس العامةَ من الناس - فضلا عن الرَّعاع منهم - .
وهذا لو نصح في هذا الخطأ ، أو تلك الخطيئة ، فإنه أصلا مبتدِع ، فقد يرجع عن خطأ أو اثنين ، ولكنَّ أصوله المنحرفة لا تزال فيه ، ولا يزال غارق فيها ، فلنتامل هذه النقطةَ ، فإنها عكس الأولى سواء بسواء .
ثم الثالث
المبهم ، مجهول الحال ، المستور ، الذي لا يعرف فهذا أيضا ينصح ؛ لأنك لا تعرفه ، ونصحك له يكون في أعلى درجات الأمانة ؛ لأنك تقدم النصيحة خالصة ، من غير خلفيات تجعلك توجه النصيحة بصورة سلبية ؛ إذا كان منحرفا ، أو بصورة إيجابية ؛ إذا كان سنيا صادقا ، فأنت تقدمها من غير مؤثرات ؛ لعل الله يهديه .
ولو تأملنا – أيها الإخوة في الله – في أنفسنا – نحن الحاضرون – ها هنا لَمَاذا رأينا ؟
يقينا ! كان منا فاسق !! بل قد يكون كان منا كافر !!!
فنحن نعرف بعض الإخوة المهتدين الذين كانوا على غير دين الإسلام ، ثم وفقهم الله ، ونوَّر بصائرهم إلى هذا الدين .
ونعرف أناسا كانوا حزبيين غارقين ، فصاروا سنيين موحدين .
ونعرف أناسا كانوا مبتدعين منحرفين ، فصاروا دعاة إلى منهج السنة والحق واليقين ، ( كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ) [ الآية (93) من سورة ( النساء ) ] . نعم .
ثم أيها الإخوة في الله – هؤلاء النفر الثلاث ، أو الأقسام الثلاثة ، لا يخرج ردُّ فعلهم عن النصيحة عن وجهين :


الوجه الأول : أن يكابروا فيها ، ويعاندوا بها ؛ حتى لو كان هذا المنصوح سنيا ! فإذا كابر وعاند ؛ فإن ذلك – قد – يكون سببا في إسقاطه ، وبُعْده ، وابتداعه ؛ لأنه كابر الحق ، فإذا رجع فحيَّ هلا به ، مع التحذير من هذا الغلط ، أو ذلك الخطأ .
أو أن يكون مجتهدا ، أو متأولا هذه النصيحة على وجه من وجوه الحق ، كمثل مسائل الخلاف العلمي ، أنا أعطيك حجتي ، وأنت تعطيني حجتك ، وأنا أسمع ما تقول ، وأنت تسمع ما أقول ، قد اقتنع ، وقد لا اقتنع ، قد تقتنع ، وقد لا تقتنع ، قد نخرج متفقين ، وقد نخرج مفترقين ، وهكذا .
فإذن هذه الصورة – صورة الاجتهاد في عدم قبول هذه النصيحة – تختلف عن صورة الإنكار ، والمكابرة ، والعناد – والعياذ بالله - .
ومع ذلك ! حتى عند العناد فأنا لا انصح أن يُصدر الواحدُ منا ( فرامانا ) لإخراج فلان من السنة ، أو تبديعه ، أو قمعه ، دون أن يكون منه رجوع إلى أهل السنة ، وإلى علماء السنة ، وإلى القائمين بهذا المنهج من أهل الأمانة والعدالة الشرعية .
وها هنا نقطة مهمة جدا في باب النصيحة – أيها الإخوة في الله – وهي : أنه ليس من شرط النصيحة أن تكون صحيحة ، فقد أنصحك نصيحة لا تقنع مني – أصلا – أن تكون نصيحتُـك هذه صحيحةً ، هذه نقطة .
وبالتالي فإننا نعلم من ها هنا خطأ بعض الناس الذين ينصحون إخوانهم ، ثم لا يستجيب لهم هذا الأخ ؛ لاجتهاد ، أو تأول ، أو لعدم قناعة : فإذا بهم يقولون : نصحناه فلم ينتصح ! سبحان الله ! السلف كانوا يتهمون أنفسهم ، كانوا يلتمسون العذرَ لأغيارهم .
لماذا لا تقول : نصحته ولم أقنعه بحجتي ؟! فتجعل التهمة راجعةً إليك ، صادرةً منك ، لا أن تقول : لم ينتصح ، كأنه معاند أو مكابر ، وقد تكون أنت المقصرَ في نصحك ، أو غير القائم في بيانك .
إذن ليس من شرط كل نصيحة أن تُقبل ؛ لأن الناصح قد يقصر ، والمنصوح قد لا يقتنع ، نعم .

[ القاعدة السادسة ]

أيضا من النقاط المهمة : باب المعذرة ؛ وأعني بالمعذرة ها هنا المعذرةَ الشرعيةَ ، وأعني بذلك : فتحَ الباب للمخالف حتى يرجع ، فقد تزول شبهته ، ويصبح أخاً لك في الله ، وكما قلت :
كم وكم من مبتدع صار سنيا .
ومن حزبي صار داعية حق .
ومن تكفيري صار مهتديا ، وهكذا .
إذن – كما يقول أهل العلم - : المؤمنون عذراون ، والمنافقون عثارون (17) .
والرسول صلى الله عليهم وسلم – قال في بعض الصحابة الذين كانوا يُحَدُّون في بعض الكبائر – وقد سمع من ها هنا وهنالك كلماتٍ خارجةً عن الحد الذي ينبغي أن يكون عليه أهل الحق .
النبي - عليه الصلاة والسلام - يقول لأصحابة الكرام – وهم خير من وطئ الحصى – بعد الأنبياء والرسل – يقول : لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم (18).
فلماذا نحن نكونوا أعوانا للشيطان على أناس كانوا بالأمس القريب معنا ، ومنا ، وفينا ، فأخطأوا ، لماذا لا نفسح لهم المجال ؛ حتى يرجعوا ، ويعودوا ؟! لا نقبل أن يرجعوا ويعودوا هكذا ( صلحة عرب ) كما يقال ، ولكننا نقبل ونرضى ونذل إذا رجعوا بالحق إلى الحق في دائرة الحق .
فبالله ليعمل كل منا اختبارا لنفسه ، وينظر ، ويتأمل إذا عرف أن سنيا ما صار ( مبتدعا ) أو صار ( منحرفا ) ، أو خُتِمَ عليه بمخالفة الحق ، والمنهج ، والدين ، هل ذلك يفرحه ، أم يحزنه ؟
أنا أقول : يحزنه ؛ لأنه خسر أخاً له في الله .
ونحن لماذا ندعو إلى الله ؟ إلا لنهدي الضالين ، ونجلب المنحرفين ، ونرشد التائهين .
نعم ، قد يقول قائل : نحن نفرح ؛ لأننا طبقا الشرع في فلان ! سبحان الله ! هذا ليس في الباب الذي أريد ، وإلا تطبيق الشرع يكون في أي شيء ، لكن طالما أنك داعٍ إلى الله فأنت - الآن - في دعوتك : للكافر ، أو الفاسق ، أو المبتدع ، وهم الأصناف الثلاثة المعروفة ؛ فأنت بذلك تفعل :
لتفرح به إذا اهتدى .
وينتعش به قلبك إذا رجع .
وتتقوى به إذا أصاب .
فإذا ضل السني ، أو انحرف المهتدي ؛ فإن ذلك يجب أن يكون بالعكس :
يزعجه .
وتأسف منه .
وتسخط له .
ثم ترجع الكرة من جديد ، هذا الحد الأدنى ، أن تدعوه من جديد ، اعتبره مبتدعا من المبتدعة ، وفاسقا من الفساق ، وكافرا من الكفار ، أفيكون هذا في مأمنٍ من أن تدعوه إلى الله من جديد ، ولو بفتح باب للمعذرة ؛ ليرجع منه ، ويعود إليه ، ويستقيم عليه ، نعم .
فهذه – أيها الإخوة – نقطة مهمة وينبغي أن نعذر ، ونكرر النصح ؛ حتى نشعر بأن لا فائدة ، ولقد رأينا عمل عدد كبير من مشايخنا بذلك أنهم :
صبروا .
وصابروا .
واحتملوا .
وتأنوا ، والمرة تلو المرة تلو المرة ، فإذا آيسوا من العود كان منهم ذلك النقد ، وذلك الرد ، وذلك القمع الذي به نحقق شرع الله في ( الولاء والبراء ) على وجهه الحق ، وبصورته الحق .
وإلا لو لم نفتح باب المعذرة – أيها الإخوة – فإن هذا الذي يتكلم بين أيديكم معرض للخطأ ؛ لأنه بشر كالبشر ، فقد يغلط الغلط أو الغلطين ، فإذا بمن هم في سن أبنائه ، أو في مرحلة طلابه ، أو أقرانه ، إذا بهم يبدعونه ، وإذا بهم من السنة يخرجونه ، وإذا بهم يطعنونه ، ويرمونه !!
لماذا ؟
لأنه أخطأ ! ومن ذا لا يخطئ - كما يقول الإمام الذهبي - : أمالك ؟ أشعبة ؟!(19)
من ذا لا يخطئ ؟ لكن هذا الخطأ قد يكون طبيعة بشرية ، إذا كان في إطاره ، دون الإصرار عليه ، ودون المكابرة فيه ، ودون أن يكون مبنيا على شعبةِ بدعة ، أو باب فتنة ؛ وحتى ولو كان !! فيجب النصح ، والمعذرة ، والتكرار له ، فإن رجع وإلا : إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم (20) .
فلنذكر هذه الأمور على وجهها الحق ، قبل أن ننظر إلى أنفسنا فلا نرى إلا خيالاتٍ ، وأشباحا ، وصورا كرتونية :
ليس فيها علم .
وليس فيها حق .
وليس فيها هدى .
وليس فيها استقامة على دين الله ، ولا ثبات على منهج الكتاب والسنة بمنهج سلف الأمة .
فالمعذرة التي نريدها هي المعذرة الشريعة بضوابطها المعروفة المرعية .

[ القاعدة السابعة ]

ومن القواعد – أيضا – وهي القاعدة السابعة ( معرفة الأصول العلمية التي نميز من خلالها السني والخارجَ عن منهج السنة ) وإلا من الممكن ( كلمة غير واضحة وهي عند (20:29) ) أن أرى رجلا لا يحرك أصبعه في الصلاة ، فأقول : أنت مبتدع ! وهذا جهل .
ممكن أن أرى إنسانا يضع ركبتيه إذا هوى السجود قبل يديه ، فنقول : أنت خارج عن السنة وأهل السنة !! هذا باطل أيها الإخوة .
لابد أن نعرف المسائل والأصول التي إذا خولفت منا ، أو عنا يكون صاحبها مبتدعا ، وخارجا عن السنة وأهلها .
من ذلك - مثلا – تزكية أهل البدع ، والثناء عليهم .
ولما كان من قواعد السلف أن الرجل يعرف بمخرجه ، ومدخله ، وبمجالسه (21)، وكان قولهم [[ من استتر عنا ببدعته لم تخف ألفته (22) ]] (23) كان ذلك من أسباب سقوط هذا الذي يظن أنه منتسب إلى السنة وليس منتسبا إلى السنة ، فحينئذ قد يكون هذا الإنسان : جاهلا ، أو غير عالم ، أو متوهما في هذا المبتدع أنه سني – ولا يكون سنيا – فينصح ، ويعذر ، وتقدم له المعذرة على وفق النقاط السابقة التي ذكرناها ضمن ضوابطها الشرعية ، وأصولها المرعية .
ومن ذلك – أيضا – التكفير بدرجاته ومراحله !
فمن الناس من يكفر الناس كلهم – وقد رأينا بعض أولئك - .
ومنهم من قال : لا أعرف مسلما على وجه الأرض إلا أنا ورجلا في شرق باكستان !!
فقط اثنان !!!
ومن الناس من ناقشناه في التكفير ، وأن الظلم ظلمان ، والكفر كفران ، وأن الظلم قد يكون غير الكفر ، وهو مصر أن الظلم هو الكفر ، والكفر هو الظلم ، وأن الظلم – كله – مخرج من الملة ، وأن الكفر – كله – مخرج من الملة ! فلما قلنا له : فماذا تقول بقول الله - تعالى – على لسان يونس - ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ؟ [ الآية (86) من سورة ( الأنبياء ) ]
قال : كان كافرا يومئذ !! . والعياذ بالله تعالى .
وكم من الناس كَـفَّـر : أباه ، وزوجه ، وولده ؛ لأنه لم يقنع بقوله ! فهؤلاء عايشنا بعضا منهم .
المكفرة الموجودون اليوم هؤلاء ( تقليد التقليد ) ليسوا هم الأصليين !! هؤلاء ( تقليد التقليد ) أيها الإخوة ، وهم في الحقيقة أهون من غيرهم بكثير وكثير جدا ، لكن هنالك فرق : أن بعضا من أولئك كان عنده علم ، وأن معظم هؤلاء جهلة .
كذلك من ضمن الأمور التي يجب أن تعلم كأصول يميز منها السني من المبتدع – مثلا – الخروج على الحكام المسلمين ، فذكر أهل العلم في عقائدهم ، وفي مصنفاتهم الاعتقادية : أن الخروج على الحكام المسلمين ، وأولياء الأمور هو باب خارجية مضلة – والعياذ بالله تبارك وتعالى - .
وأن هذا إذا كان ووقع فإن له شروطا ، معتبرة منها :
ظهور الكفر البواح .
ومنها أن لا يكون ذلك إلا من أهل العلم الأثبات الأقحاح .
ومنها أن تكون المظنة في المفسدة بإذهابها أكثر من التوهم بوجود مصلحة تترتب عليها مفسدة أكبر .
وهكذا في شروط ، وشروط ، وشروط ، لا يكاد يحسن سماعها ، فضلا عن فهمها الكثرة الكاثرة من الناس ، فضلا عن تطبيقها ، أو القيام بها .
وهكذا فهذه أمور مهمة .
لكن أنبه أن بعض أهل السنة قد تظهر منهم كلمة يتوهم أنها مبنية على هذا القول أو راجعة إلى ذاك القول ، أو قائمة على ذلك القول من الأقوال المنحرفة المخرجة عن منهج السلف فابتداء نخطئ الكلمة ، ابتداء نخطئ الكلمة ، ونقول : هذا غلط يجب الرجوع عنه ، لكن بالمقابل لا نتهم صاحبها بالاعتقاد ؛ لأننا نعلم تاريخه أنه على السنة السَّـنية ، وأنه على المناهج السُّـنية ، فإذا أصرَّ فنرجع إلى القاعدة التي ذكرناها : من النصح ، والمعذرة ، فإذا عاند فأيضا يلحق بأم قشعم !

[ القاعدة الثامنة ]

وأما القاعدة الثامنة فهي ( استعمال الأسلوب النبوي في النقد ) فاللين في موضعه حكمة ، والشدة في موضعه حكمة ، ولكن حتى في اللين والشدة فنحن نحرص على هداية الناس :
كافرهم .
وفاسقهم .
ومبتدعهم .
ولا نحرص أن نخرج المسلم إلى أن يصير كافرا ، أو الطائع لئن يغدو فاسقا ، أو السني لئن يضحي مبتدعا ، وإلا فلماذا ألف شيخ الإسلام ابن تَـيْـمِـيَّـة كتاب ( الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ) في ستة مجلدات ، ولماذا ألف الإمام ابن القيم - تلميذه - كتاب ( هداية الحيارى من اليهود والنصارى ) إلا لهداية الضال ، وإرجاع التائه ، نسأل الله الهداية لنا ولكم ولهم .
فاللينُ في موضعه حكمة ، والشدةُ في موضعها حكمة ، فالمغفلُ للينِ المتلبسُ بالشدةِ في كل أمر مخالف للحق ، والعكس بالعكس : المتلبس باللين ظانا أنه الهدى بقين مغفلا الشدة التي يجب أن تكون في موضعها ، وأن تركن في موقعها فهذا – أيضا - غالط بيقين ، والحق أن تكون القاعدة العلمية الشرعية المنضبطة هي التي تميز موقفك هذا ليكون : لينا أو ترفعك وتدفعك ليكون موقفك ذاك موقف شدة ، وموقف عُـرُش يليق بقمع هذا الذي يظن نفسه على شيء ، وليس هو على شيء .

[ القاعدة التاسعة ]

أما النقطة التاسعة فهي التنبيه على منهج غزانا ، ودخل عقولنا ، إلا من رحم الله ، وهو منهج وضعه المبتدعون ، وأرسى قواعده المنحرفون وهو ( منهج الموازنات بين السيئات والحسنات ) (25) كما يفعله كثير من الحزبيين ، وغيرهم .
فإذا انتقدت مبتدعا قالوا لك : هذا المبتدع عنده كذا وكذا من الخير ، وعنده كذا وكذا من الشر !! وهذا المنهج غير معلوم !! هذا المنهج معلوم إذا كان هذا المنتقَد من أهل السنة ، أو إذا كنت تكتب عن حياته ، وتؤرخ لسيرته ، أمَـا وأنت تحذر منه في موضع الجرح ، وفي موضع النقد والنقض فينبغي أن تهمل حسناته ، وإنما تذكر سيئاته ، فلحسناته أهلُها ، الذاكرُوها ، والرافعُوها ، والمشيدُوها ، والمحتفلون بها ، المحتفون بذكرها ، فإذا ذكرت الحسنات في هذا المقام – وهو النقد والنقض – فإن هؤلاء سريعا ما يتركون النقدَ ، ويتمسكون بهذه الحسنات المزعومة ، وحصل هذا في امتحان فعلته أمام بعض الناس كنت جالسا في مجلس فيه بعض من هؤلاء النفر فقلت لهم : أنا سأطبق اليوم أمامكم هذا المنهج الذي تتدعون ( منهج الحسنات والسيئات ) فماذا أنتم فاعلون ؟
قلت لهم : فلان الداعية رجل ما شاء الله ! رجل يصلي ، ورجل يجاهد ، ويزكي وفي سبيل الله ، ويصلي ، لكنه بالمقابل :
يؤول الأسماء الصفات .
ويسب الصحابة .
ويطعن في موسى - عليه الصلاة والسلام - .
وينكر حجية الآحاد في العقيدة .
وينكر علو الله على خلقه .
فماذا أنتم قائلون ؟
فسكتوا !!
هم يريدون من منهج الموازنات هذا أن نسكت عن إبداء الحق ، وألا نذكر الحق ؛ لذك نحن نقطع الطريق عليهم ابتداء ، فلو ذكرنا الحسنات هم لن يقبلوا ، فكيف إذا لم نذكرها ؟!

[ القاعدة العاشرة ]

ومع هذا فإننا نسأل الله التوسط الشرعي في هذا المنهج وهي النقطة العاشرة هو الأصل بلا غلو ولا إفراط ، ولا قصور ولا تفريط ، وبخاصة أننا رأينا أناسا اليوم يميعون علم الجرح والتعديل ، ولا يقبلونه ، ويزهدون فيه ، ويردون على أهله ، فإذا بهم يقومون بعين ما هم ينهون الناس عنهم .
فنحن ضد هذه الميوعة ، ونحن لسنا مع هذا التمييع ، وإنما نحن مع الوسطية الشرعية التي تنأى بنفسها ...

انتهت مادة الشريط التي عندي !
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-24-2009, 11:55 PM
سيف بلعيد سيف بلعيد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 177
افتراضي

بارك الله فيك شيخنا الكريم

واصل جهود في تصفية الصف السلفي من الداخل
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-08-2009, 08:58 AM
ياسين نزال
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

جميل جدا أن ترجع الأذهان إلى التاريخ؛ ليتأكد من كان في قلبه هوى أنه لا زال يتخبط في أوحال التعصب والتقليد...

فما الفرق بين هذا الكلام الذي قاله شيخنا -قبل الكتاب- فحُمد عليه وبين ما جاء في كتابِه ...

والجوابُ ... ؟!
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-18-2010, 03:05 AM
ساهر عيسى ساهر عيسى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 257
افتراضي

للرفع والبيان زادكم الله تقوى وايمان
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-29-2010, 11:35 PM
الصورة الرمزية أبو مسلم السلفي
أبو مسلم السلفي أبو مسلم السلفي غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 3,420
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين نزال مشاهدة المشاركة
جميل جدا أن ترجع الأذهان إلى التاريخ؛ ليتأكد من كان في قلبه هوى أنه لا زال يتخبط في أوحال التعصب والتقليد...

فما الفرق بين هذا الكلام الذي قاله شيخنا -قبل الكتاب- فحُمد عليه وبين ما جاء في كتابِه ...

والجوابُ ... ؟!
انا سأجيبك عنهم يا شيخنا الحبيب لكن بسؤال؟؟؟؟

ما الفرق بين الاعمى و البصير؟؟؟؟

فأنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور!!!!!!!!!!!!!
__________________






رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:30 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.