أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
66036 74378

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 08-13-2015, 01:00 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي


أهلا بالأخ أحمد البكاري ؛ فقد طال غيابك ولعله فيما ينفع - إن شاء الله - ، وأشكرك على قولك - بكل وضوح - عن عبد الحميد : [ وكلام الشيخ عبد الحميد –هداه الله- ليس بحاجة إلى أمثاله ليبين عيبه وشينه فمجرد النظر فيه ترى ذلك صريحا واضحا فليت الشيخ عبد الحميد يكف عن أسلوب العوام الذي يترفع صغار طلبة العلم عنه فضلا عن المشايخ أو فلينته عن الكتابة في المنتدى ويلزم الصمت فهو خير له ] .

وأود الوقوف على نصيحتك الهجومية التي أسعد بها لما فيها من تسديد بحسب نظرتك حيث قلت - في آخرها - : [ ماذا لو اطلع الشيخان الفاضلان أكرم زيادة ومشهور حسن على هذه الردود التي يكتبها تلميذهما الصرفندي لفجعا بها وما سرهما أن ولدهما يضيع وقته فيما لا ينفع وكان الأولى بالتلميذ البار أن يقتدي بمشايخه الذين يحرصون على اغتنام الوقت في العلم والتعليم فترى جل مجالسهم في الفقه والحديث والتوحيد ... وكم نصحوا الطلاب أن يبتعدوا عن هذه الردود فإن كان ولابد فمقال أو اثنان يبين فيه الحق سواء أصمت المردود عليه أم عقب برد آخر ، وعن وظيفة الشيخ محمود التي رآها لنفسه وهي الذب عن إخوانه في المنتدى فهي وظيفة ما كلفناه إياها ]

قلت : أتذكر أخي أحمد البكاري حينما قلت لي بأن مقالاتي يقل فيها الاستدلال بالكتاب والسنة وآثار السلف وأكثر ما تحتويه الدلائل العقلية ؟!
فأحصيتها لك ؛ فإذا أكثرها أدلة شرعية من الكتاب والسنة وآثار الأئمة ، ولم يوجد فيها أي دليل عقلي غير واحد ، فأقبلت علي بحسن أخلاقك وطيب معدنك وجمال روحك واعتذرت بكونك من العوام - تواضعا منك - .. الخ
فهأنذا أجدد لك - بكل انشراح - قولي : أنا فرح بنصيحتك دون أسلوبك ؛ فلابد العمل بما ذكرته وترك ما عيبته ، والله المعين على هذا .

ولا يمنع أن استدرك عليك بعض ما كتبته لأبين عدم إصابتك فيه ؛ فأقول :
قولك لي [ وعن وظيفة الشيخ محمود التي رآها لنفسه وهي الذب عن إخوانه في المنتدى فهي وظيفة ما كلفناه إياها ] فيه التالي :
أولا : الذب عن المسلمين من أعظم العبادات المقربة ، والوسائل المنجية عند الملك الديان ؛ فمن ذب عن أعراض المسلمين حجب الله عنه النار - نعوذ بالله منها - ، وهذه وظيفتي ستبقى ما دمت حيا ؛ فكيف إن كان المدافع عن حماه هم نقاوة أهل السنة من السلفيين طلابا وأساتذة علم ؟!
ثم : كيف - وأكثر المقام - من ذب الإنسان عن نفسه بالحق المشروع فيما اتهم به من عبد الحميد !!

وأكتفي بقول الأمير الصنعاني - رحمه الله - في مقارنته بين نوعين من الطلاب تجاه إخوانهم وأشياخهم ، فقال في كتابه " التنوير " ( 9 / 528 ) : [ كذلك هذا الذي يسمع خير الحديث وربما سمع شيئاً يعاب نادراً كندرة الكلب بين الغنم فإنه عمد إلى أخبث ما سمعه فأشاعه فكتم خيره، وهذا هو لئيم الطلبة وخبيث الحضَّار عند العالم متتبع العثرات وكاشف العورات ودافن الحسنات وما أكثر هذا النوع -لا كثرهم الله- فإنهم الذين أفسدوا معالم العلم وملأوا المواقف على العلماء أحاديث كاذبة كما صنعه المعري في الأقدمين حيث عمد إلى نوادر مسائل العلماء فنظمها كالتطليخ عليهم بقوله:
الشافعي من الأئمة واحد ... ولديهم الشطرنج غير حرام

والأبيات السائرة التي يلهج بها من كان متتبعا لمواضع العلل، وبئس الجزاء أن يجازي التلميذ شيوخه بإشاعة هفواتهم وزلاتهم فإنه لا بد لكل جواد من كبوة ولكل صارم من نبوة:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها ... كفى المرء نبلا أن تعد معايبه
فخير الناس من أشاع الخير عن العلماء وأذاعه ودافع عنهم إن سمع قادحاً فيهم فإنه جازر الكلب ومستمعوه هم أكلة لحم الكلب ] .

فاستمع - يرعاك الله - : فخير الناس من أشاع الخير ..
والدلائل الشرعية ، والحقوق المرعية متضافرة على حفظ حقوق المسلمين عامة ، والإخوان خاصة فيما إذا استطال عليهم صائل واندفع تجاه القدح فيهم جاهل ، فلا حاجة لذكرها ، فحكمها الوجوب قدر الإمكان ، وإن خالف نوعا ما ابن حزم في تفاصيل معينة ضمن تقريره مسألة الذب عن الأعراض .

ثانيا : لا ينبغي من أمثالك في الفضل خروج قوله هذا : [فهي وظيفة ما كلفناه إياها ] ؛ فعمن تنوب (؟!) ، ومن أنابك (؟!) ، وباسم من تتكلم (؟!) ؛ فإن كنت تتكلم عن كل الأعضاء فهذا مخالف للواقع ويحال حصوله !
وإن كنت تتكلم بالنيابة عن فئام من المتابعين ؛ فالخلاف يرفع الإلزام ، فما تلزمني بنظرتك ، مع وجود جمع يؤيد الموضوع ، فليس قولك بحجة على من خالفك ، والخروج يتسع من لم يتوافق ، فلكل إنسان درب يسلكه ، ويعرف معالمه .
ثم : أرأيت تصريحا لي أزعم فيه التكليف من أحد - غير ما سأذكره بعد قليل -(؟!) كيف وأنا لا أحتاج إلى موافقة مخالف ولا مخالفة موافق مادام فعلي صناعة واجبة ، تجاه ذاتي حيث أدفع عنها شين عبد الحميد واتهامه ، وتجاه إخواني ممن هتك أعراضهم بالقبائح !


أما قولك - أيها الفاضل - : [ ماذا لو اطلع الشيخان الفاضلان أكرم زيادة ومشهور حسن على هذه الردود التي يكتبها تلميذهما الصرفندي لفجعا بها وما سرهما أن ولدهما يضيع وقته فيما لا ينفع ، وكان الأولى بالتلميذ البار أن يقتدي بمشايخه الذين يحرصون على اغتنام الوقت في العلم والتعليم فترى جل مجالسهم في الفقه والحديث والتوحيد .. ] فيه التالي :

أولا : لا أخفيك - للمرة الأولى - اطلع عليها بعض أهل العلم وطلابه، ففرحوا بما فيها ، وأحد أشياخنا الكبار - دون ذكر اسمه دفعا للإحراج - بعد امتناعي عن إتمام إنزال الردود على عبد الحميد ، وابتعادي عن المنتدايات بما يقارب الشهر ، طالبني بإنزال هذه الردود وإجابته على شبهاته ؛ فالحمد لله - أبشرك - على تواصل دائم مع جماعة من أولي العلم وطلابه الكبار قبل وضع القدم في المسير ، وجريان اليراع على الأوراق ، ولولا طلب شيخنا المذكور ما أنزلت هذه الحلقات الأخيرة ، لأنني كتبتها كاملة بتمامها ثم قررت الإعراض عن عبد الحميد .

ثانيا : سأقول شيئا - واستغفر الله من ذكره ولا تظن بسرده إرادة التسميع ولا الإعجاب ولولا حاجة المقام ما قيدته - لك بإجمال : لقد اطلع من سميتهم من أشياخي - وغيرهم - على العديد من الكتابات العلمية والمؤلفات منذ سنوات وفرحوا بها - وقدم لي بعض المختصين نثرا وشعرا - ، غير أنني التزم بوصية الألباني بعدم النشر ؛ فلا تحسب أن كل شغلي بالردود - على حسنها في مظانها - دون العلم وتسطيره !

ثالثا : عبارتك منطوقها [ لفجعا بها وما سرهما أن ولدهما يضيع وقته فيما لا ينفع ] فيها مغالطات ، حيث أنك حكمت - مجددا كسابق ما حصل في الدلائل ضمن مقالاتي - علي بتضييع الأوقات بهذا الشأن (!) ولا علم لدي هل تعرف حياتي لتحكم بهذا (؟!) وهل تعرف مجال أعمالي لتقارنها كما وقدرا بما كتبته من الردود (؟!) وهل قمت باستقراء أوقاتي فوجدتها فيما لا نفع فيه (؟!) وهل أذكر لك البرنامج العلمي - وسأكون مجنونا حينها إن فعلت ! - السائر عليه في تلقي العلوم على الأشياخ حتى تتأرجح كفة ميزانك فتحكم علي بعدم ضياع الأوقات فيما لا نفع فيه (؟!) وهل .. وهل .. وهل .. !!

أيها الفاضل الحبيب لا تحكم بما ليس لك فيه أدنى علم ولا معرفة واقع ؛ فإنك لا تعرف شيئا عن قضاء أوقاتي لتحكم بالمقارنة عليها مع الردود بالمدح أو الذم ؛ فانتبه من إطلاق الأحكام من غير عناية ولا دراية !
ثم : الرد على المخالف - الموافق والمفارق - من أصول ديننا الحنيف ، ولولا الردود ما قام للحق قائمة ، ولا اندفع الباطل ، ففيها العلم المحكم والمنهج القويم ، وغالب كتب ابن تيمية - رحمه الله - من الردود العلمية ، والمطارحات الشرعية ، فليست كل الردود من تضيع الأوقات ولا قتل الأعمار ؛ فانتبه لهذا (!) ثم لو صنعت أدنى مقارنة بين الردود التي كتبتها على عبد الحميد ، والمقالات والرسائل العلمية المخطوطة أو المبثوثة لخجلت من حكمك هذا ، فلا تستعجل !
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 08-13-2015, 02:57 PM
أبو المعالي بن الخريف أبو المعالي بن الخريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 1,032
افتراضي

قد كنتُ عزمتُ تحريرَ جوابٍ عمَّا أدلى به الأخُ أحمدُ البكاري، وما استَشكلَه؛ لكن الشيخَ أبا حيانَ كفاني ذلك بجوابٍ قاطعٍ، وبيانٍ ناصِع.
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 08-13-2015, 07:18 PM
أحمد البكاري أحمد البكاري غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 100
افتراضي

غفر الله لي ولك يا شيخ محمود
فيعلم الله أني ما أردت بقولي السابق تنقيصا من علمك وفضلك ولا حطا من مكانتك وقدرك فأرجو أن تكون أكثر من ذلك وأكبر وكل ما عنيته هو هذه الردود لا غير فمن وجهة نظري القاصرة وعن تجربة سابقة أن الردود كلما كثرت أضرت أكثر مما نفعت فهي تشغل الطلبة وتصدهم عن طلب العلم ولاسيما أن النفس تهواها والقلب يتمناها ولا زلت أتذكر أيام بداية فتنة التجريح كيف كنا نتتبع الردود ونرتقب ورودها على أحر من الجمر فغدا العلم آنذاك ماذا قال فلان؟ وكيف رد علان؟ ولولا فضل الله ثم العلماء الذين نصحونا بترك هذه الأمور لأهلها والانشغال بالعلم النافع والعمل الصالح لأصابنا التيه كما أصاب إخواننا ولنالنا المسخ كما نال غيرنا.
ثم أي نفع جنيناه من ردودك يا شيخ على الشيخ عبد الحميد سوى أن الشرخ الذي كان بينكم وبينه ضيقا زاد اتساعا والأمل في اقترابه منكم قد ضاع ضياعا ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 08-15-2015, 02:54 AM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي


لا بأس عليك أيها الخلوق الفاضل
سأكمل السلسلة ثم أعرض عن عبد الحميد - بإذن الله - ، وخلاف عبد الحميد ليس مقتصرا علي ؛ بل مع العشرات من الإخوان ، وإذا سكت أنا وسكت أنت فمن يتكلم بالحق !
ثم : سكوت الإخوان عليه تقوية لباطله ، وتشجيعا له على ما فيه من سوء !
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 08-15-2015, 10:44 AM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

اليد البسطى والقدح المعلى
في إلحاق عبد الحميد العربي بالطبقة الوسطى

- [ الحلقة الرابعة ] -


الوقفة الثالثة :
( آثار القول بالتفريق بين السلوك والأخلاق )

[ المعلم الأول ] : وقول صاحبنا عبد الحميد العربي : [ وحين لم يهتد كثير من الكتاب إلى التفريق بين السلوك والأخلاق ] السابق إبطال مفاده من التفريق المطلق بينهما فيه غياب عن مسائل عظيمة في مقاصد التشريع التعبدي ، وتقوية لجانب المدرسة الفلسفية بحكمتها المدنية ، وبعض الفرق الباطنية كالإسماعلية ، ومذاهب بعض المتكلمين من الجهمية وملاحدة الصوفية ، وما سواهم ممن انحرف في ضبط العلاقة بين السلوك باعتباره عبادة ، وتهذيب الأخلاق والعناية بها بين قيد الوسائل والغايات (!) ، مع القطع بأن الأخ لا يدرك هذا التأييد لــ [ كما قال عن إخوانه ] : ( لأنه/م في الحقيقة لا ضبط له/م لمسائل العلم بمنظور علماء السلف، وما يعدونه علما عنده/م هي نتوف، ومفردات أخذ/و/ها من مصادر مختلفة فيها دخن في الغالب ) ، واليقين في أمثاله تعظيم العبادات ومقاصدها ، ولا يلزم بما وضحته مالم يلتزمه في هذا النوع من التفريق بين السلوك والأخلاق .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الرد على الشاذلي في حزبيه وما صنفه في آداب الطريق " ( 58 ) : [ وهذا من حماقات الجهال الذين يسلكون مسلك المتفلسفة في العبادات ويقولون إن المقصود منها إصلاح أخلاق النفس لتستعد للعلم فيجعلون غاية الإنسان هو العلم ] .

مما يبين غياب عبد الحميد العربي عن الضبط العلمي فيما يكتبه ، فمنطوق شاهدنا من لفظه المكتوب التفريق بين العلمين : علم السلوك والأخلاق دون مراعاة النسبة وذكرها ، وللإطلاق اعتباره في مقام التفصيل ، فكما أن الأخلاق في الاستعمال العلمي تنقسم إلى محمود ومذموم ، فحال إطلاقها دون قيد تحمل على الحسن المحمود دون القبيح المذموم ، فكذلك إطلاق القول بالتفريق على محمل تعقيبه على من لم يفرق بينهما يحمل على ما لفظه ، ويؤكده تمام قول صاحبنا : [ وقعوا في اضطراب في الاسوة ] لعدم التفريق بين العلمين السلوك والأخلاق !

وقد مضى أن السلوك يشمل العبادات كما يستغرق الأخلاق والاعتقادات - كما قال ابن تيمية - ، فالدعوة إلى التفريق بين السلوك بمفاده للعبادة تأكيد على وسيلة العبادة وإدراجها في إصلاح الأخلاق عند المتفلسفة والإسماعلية وبعض الشيعة والصوفية الملحدين ، وأكد الأخ المذكور ذلك بكون السلوك من التوقيف نظرا لإطلاقه على العبادة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الجواب الصحيح " ( 6 / 23 - 24 ) : [ المقصود بها تهذيب أخلاق النفوس، وتعديلها؛ لتستعد بذلك للعلم، وليست هي مقصودة في نفسها، ويجعلونها من قسم الأخلاق، وهذا قول متفلسفة اليونان، وقول من اتبعهم من الملاحدة والإسماعيلية وغيرهم من المتفلسفة الإسلاميين كالفارابي، وابن سينا، وغيرهما، ومن سلك طريقهم من متكلم، ومتصوف، ومتفقه، كما يوجد مثل ذلك في كتب أبي حامد، والسهروردي المقتول، وابن رشد الحفيد، وابن عربي، وابن سبعين، لكن أبو حامد يختلف كلامه؛ تارة يوافقهم، وتارة يخالفهم. وهذا القدر فعله ابن سينا وأمثاله ممن رام الجمع بين ما جاءت به الأنبياء، وبين فلسفة المشائين - أرسطو، وأمثاله ] .

[ المعلم الثاني ] : وقد تنازع الناس في القديم والحديث في مقاصد الشرع من العبادات والمطالبة بها على مذاهب شتى ؛ فمنها المنسوب إلى الإسلاميين من المتكلمين والمتفلسفة الجامعين بين الحكمة والشريعة ، وأرباب الطرق والكشف من أهل التصوف ، وأصل المسألة عائد إلى مقالات الفرق في التعليل والأفعال ، فالجبرية من الجهمية والأشعرية وبعض الصوفية جعلوها لمحض المشيئة نافين للتعليل والحكمة ، فلا يفعل الله تعالى لغرض ولا عرض ، مقابلة بمن قال بالحكمة من العدلية المعتزليين ، فالقدرية عندهم المقصود الإثابة بعد الموت وعليه قولهم في الوعد والوعيد وفعل الأصلح والإيجاب ، ومذهب أئمة أهل السنة أنها مقصودة لذاتها ، محبة وتعظيما ، وأفعال الله تعالى معللة بالحكم ، ومن لم يفعل مراعيا للحكم كان عبثيا غير مريد ، فلابد من قصد المراد وتعيينه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الجواب الصحيح " ( 6 / 41 ) : [ قول سلف الأمة وأئمتها، وهو أن نفس معرفة الله تعالى ومحبته مقصودة لذاتها، وأن الله سبحانه محبوب مستحق للعبادة لذاته لا إله إلا هو، ولا يجوز أن يكون غيره محبوبا معبودا لذاته، وأنه سبحانه يحب عباده الذين يحبونه، ويرضى عنهم، ويفرح بتوبة التائب، ويبغض الكافرين ويمقتهم، ويغضب عليهم ويذمهم، وأن في ذلك من الحكم البالغة ] .

[ المعلم الثالث ] : في حين أن المدارس المتفلسفة المشهورة تجعل المقصود من العبادات : الأخلاق ؛ فلابد عندهم من التفريق بين السلوك الشامل للعبادات والأخلاق ، فالعبادة لا تخرج عن كونها وسيلة محضة غير مقصودة لذاتها ، لأمرين :

( الأمر الأول ) : لتهذيبها وإصلاح غلطها من جهة الذات البشرية ، وتقويم المجتمع المدني ، وتسديد الأركان العليا المتمثلة بالسياسة الملكية ، وهذه الحكمة العملية عندهم قسيمة الحكمة النظرية في التعاليم الثلاثية من علم العبارة والمقولات المنطقية ، وعلم الطبيعيات الفيزيقا ، وعلم ما وراء الطبيعة ميتافيزيقا - الحكمة العليا - ، فهذا مجموع حكمة هؤلاء ، مع ما فيها من إصابة من جوانب ، وانحراف عظيم وفساد عريض .

( الأمر الثاني ) : استعدادا للعلم ؛ فكمال النفس يكون برياضة العبادة لتجويد الأخلاق لتقبل العلم بالوجود المطلق - بشرط الإطلاق ! - وهذا لا يمكن في غير الأذهان ، فليس هناك بهذا الاعتبار ما يتحقق في الخارج ، فذهب بعض هؤلاء إلى العلم بالموجودات القديمة من الأفلاك والنفوس والعقول .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الرد على المنطقيين " ( 145 ) : [ وهؤلاء يجعلون العبادات التي أمرت بها الرسل مقصودها أصلاح أخلاق النفس لتستعد للعلم الذي زعموا أنه كمال النفس أو مقصودها أصلاح المنزل والمدينة وهو الحكمة العملية فيجعلون العبادات وسائل محضة إلى ما يدعونه من العلم ] .

[ المعلم الرابع ] : فخلاصة المقام : أن السلوك غير الأخلاق عند المتفلسفة من جهة تفسيره بالعبادة ، وهي وسيلة محضة لتقويم الأخلاق غير مرادة لذاتها ، فمتى تحصل الفرد والمجتمع المدني على مضامين الأخلاق تسقط العبادة لوجود غايتها من غيرها ، كما صرح بهذا الفلاسفة ، والفرق الباطنية كالإسماعلية وملاحدة الصوفية ، ممن تسقط عنه الواجبات التعبدية لبلوغ الكمال بالولاية أو الفيض السماوي أو العلم بالوجود المطلق ونحوها من الكماليات ، فكمال النفس عند هذه الملل والنحل يختلف بحسب أصولها ومعاييرها النظرية ، فليس الكمال النفسي عند أصحاب الإرادة والتصرف من السحرة والملوك وعباد النجوم والكواكب ، عين الكمال المراد عند البقية في وصول المرتبة العلمية لها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " مجموع الفتاوى " ( 2 / 95 ) : [ وبالجملة : فكمال النفس ليس في مجرد العلم بل لا بد مع العلم بالله من محبته وعبادته والإنابة إليه فهذا عمل النفس وإرادتها ودال علمها ومعرفتها.
الوجه الثاني: أنهم ظنوا أن العلم الذي تكمل به النفس هو علمهم وكثير منه جهل لا علم. الثالث: أنهم لم يعرفوا العلم الإلهي الذي جاءت به الرسل وهو العلم الأعلى؛ الذي تكمل به النفس مع العمل بموجبه.
الرابع: أنهم يرون أنه إذا حصل لهم ذاك العلم: سقطت عنهم واجبات الشرع وأبيحت لهم محرماته وهذه طريقة الباطنية من الإسماعيلية وغيرهم؛ مثل أبي يعقوب السجستاني صاحب الأقاليد الملكوتية وأتباعه وطريقة من وافقهم من ملاحدة الصوفية الذين يتأولون قوله: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} أنك تعمل حتى يحصل لك العلم فإذا حصل العلم سقط عنك العمل
] .

ذيل - فيه فائدة - : دخل هذا الانفصام النكد في ملاحظة جماعة من الأصوليين ممن خاض في المقاصد الشرعية من الأوامر والنواهي معرضين عن قصد العبادة بذاتها وأثرها على القلوب ، فكل محل نظرهم على المصالح البدنية والمالية من التشريع فحسب !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في " الفتاوى الكبرى " ( 4 / 468 - 470 ) : [ وكثير من الناس يقصر نظره عن معرفة ما يحبه الله ورسوله من مصالح القلوب والنفوس ومفاسدها، وما ينفعها من حقائق الإيمان وما يضرها من الغفلة والشهوة ... فتجد كثيرا من هؤلاء في كثير من الأحكام لا يرى من المصالح والمفاسد إلا ما عاد لمصلحة المال والبدن ...
وقوم من الخائضين في أصول الفقه، وتعليل الأحكام الشرعية بالأوصاف المناسبة إذا تكلموا في المناسبة، وأن ترتيب الشارع للأحكام على الأوصاف المناسبة يتضمن تحصيل مصالح العباد، ودفع مضارهم، ورأوا أن المصلحة نوعان: أخروية ودنيوية، جعلوا الأخروية ما في سياسة النفس وتهذيب الأخلاق من الحكم.

وجعلوا الدنيوية ما تضمن حفظ الدماء، والأموال، والفروج، والعقول، والدين الظاهر، وأعرضوا عما في العبادات الباطنة والظاهرة من أنواع المعارف بالله تعالى، وملائكته، وكتبه، ورسله، وأحوال القلوب وأعمالها كمحبة الله وخشيته وإخلاص الدين له، والتوكل عليه والرجاء لرحمته ودعائه وغير ذلك من أنواع المصالح في الدنيا والآخرة ..
فهكذا من جعل تحريم الخمر والميسر لمجرد أكل المال بالباطل، والنفع الذي كان فيهما بمجرد أخذ المال يشبه هذا أن هذه المغالبات تصد عن ذكر الله وعن الصلاة من جهة كونها عملا لا من جهة أخذ المال بها لا تصد عن ذكر الله ولا عن الصلاة إلا كما يصد سائر أنواع أخذ المال. ومعلوم أن الأموال التي يكتسب بها المال لا ينهى عنها مطلقا لكونها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة، بل ينهى منها عما يصد عن الواجب .. فما كان ملهيا وشاغلا عما أمر الله تعالى به من ذكره والصلاة له فهو منهي عنه إن لم يكن جنسه محرما كالبيع والعمل في التجارة وغير ذلك ] .



يتبع .. [ الحلقة الخامسة ] وفيها : ( السلوك توقيفي ؟! )


وكتب : أبو حيان محمود بن غازي الصرفندي
بتاريخ : 15 / 10 / 1436 هـ
الموافق : 31 / 7 / 2015 م
- المدينة النبوية المنورة -
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 08-15-2015, 11:17 AM
أبو عمر السلامني أبو عمر السلامني غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 412
افتراضي

أحسنت ياشيخ محمود ،فقد أتحفتنا بفوائد لم نكن نعلمها ،زادك الله علما وتوفيقا
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 08-15-2015, 02:13 PM
محمد أمين السطائفي محمد أمين السطائفي غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: May 2015
المشاركات: 20
افتراضي

السلام عليكم
لست طالب علم ولا طويلب علم لكن المتتبع لما يحدث في هذا المنتدى يرى انه لا فرق بين (بعض الإخوة) وبين ما يحدث في سحاب والتصفية منتديات الغلاة كما تصفونهم فتشنيعكم على اخيكم الشيخ عبد الحميد العربي لا مبرر له هل تريدون ان يتوب اليكم او يتوب الى الله ان كان الثاني فامره الى الله اما انكم والحال هذه فالله المستعان
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 08-15-2015, 08:06 PM
أبو عبيدة يوسف أبو عبيدة يوسف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 1,344
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد أمين السطائفي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
لست طالب علم ولا طويلب علم لكن المتتبع لما يحدث في هذا المنتدى يرى انه لا فرق بين (بعض الإخوة) وبين ما يحدث في سحاب والتصفية منتديات الغلاة كما تصفونهم فتشنيعكم على اخيكم الشيخ عبد الحميد العربي لا مبرر له هل تريدون ان يتوب اليكم او يتوب الى الله ان كان الثاني فامره الى الله اما انكم والحال هذه فالله المستعان
سامحك الله هذه شهادتك وستكتب فأعد للسؤال جوابا .. .
__________________
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
" إذا أصبح العبدُ وأمسى - وليس همُّهُ إلاّ اللهَ وحدَه - تحمَّلَ اللهُ سبحانه حوائجَه كلَّها ، وحَمَلَ عنه كلَّ ما أهمَّهُ ، وفرَّغَ قلبَه لمحبّتِهِ ، ولسانهِ لذكرِهِ ، وجوارحَهُ لطاعتِهِ ، وإنْ أَصبحَ وأَمسى - والدُّنيا همُّهُ - حمَّلَه اللهُ همومَها وغمومَها وأَنكادَها ، ووكلَه إِلى نفسِهِ ، فشغلَ قلبَه عن محبَّتِهِ بمحبّةِ الخلقِ ، ولسانَه عن ذكرِهِ بذكرِهم ، وجوارحَه عن طاعتِهِ بخدمتِهم وأَشغالِهم ، فهو يكدحُ كدحَ الوحشِ في خدمةِ غيرِهِ ، كالكيرِ ينفخُ بطنَه ويعصرُ أَضلاعَه في نفعِ غيرِهِ !
فكلُّ مَنْ أَعرضَ عن عبوديّةِ اللهِ وطاعتِهِ ومحبّتِهِ بُلِيَ بعبوديّةِ المخلوقِ ومحبّتِهِ وخدمتِه ، قال تعالى : { ومنْ يَعْشُ عن ذِكْرِ الرَّحمنِ نُقَيِّضْ له شيطاناً فهو له قرين } [الزخرف :36 ] "
فوائد الفوائد ( ص 310 )
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 08-15-2015, 09:31 PM
أبو المعالي بن الخريف أبو المعالي بن الخريف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 1,032
افتراضي

قد كنتُ أوردتُ تزكياتِ جمعٍ من أهلِ العلمِ في حقِّ تلميذِهم أخي الشيخِ أبي حيانَ الصرفندِي لمسيسِ الحاجةِ إليها في وضعِ الأمورِ في نِصابِها، ولتصحيحِ بعضِ المفاهيمِ في أذهانِ جمعٍ من إخواننا، وأرجو أن يكونَ ذلك قد وَضَح؛ ولم أكُن عازمًا على حذفِها؛ فلمَّا اتصلَ بي الشيخُ أبو حيَّان نزلتُ عندَ رغبتِه في محوِها، والإضرابِ عن ذكرِها.
رد مع اقتباس
  #40  
قديم 08-18-2015, 02:35 PM
محمود الصرفندي محمود الصرفندي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2013
الدولة: الأردن - السعودية - مصر
المشاركات: 511
افتراضي

كنت مسافرا لمكة منشغلا مما أدى إلى عدم الإكمال والمتابعة ، ويأتي بعد : تمام الحلقات - إن شاء الله - ذيل عليها حول موقف الإمام أحمد من السلوك الذي عند الحارث المحاسبي وغيره كما فهم أهل السنة لا بحسب استدلال الأخ عبد الحميد العربي .
وأيضا في الحلقة القادمة - الخامسة - [ هل كل السلوك من التوقيف ؟! ]
__________________
{ اللهم إني أعوذ بك من خليلٍ ماكر، عينُه تراني، وقلبُه يرعاني؛ إن رأى حسنة دفنها، وإذا رأى سيّئةً أذاعها }

***

{ ابتسم ... فظهور الأسنان ليس بعورة على اتفاق }
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:38 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.