الكُنّاشة البيروتية، ( فرائد ملتقطة، وفوائد متنوّعة، من بطون كتب السلف المتفننة )

[أبو معاوية البيروتي]

اقتراح إلغاء المرحلة الثانوية في الدراسة

مما جال في الخاطر بعد زيارة بيروت أن منهاج التعليم الابتدائي والثانوي يستغرق وقتا طويلا من العمر، بحيث لا ينتهي الطالب من الصفوف الثانوية إلا وهو في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمره، فإذا أراد أن يتخصص في الطب أو الحقوق أو غير ذلك لا يخرج إلى العالم قبل الثلاثين من عمره، وهذا إسراف لا ضرورة له، فخطر لي أنه لابد من تقصير أمد التعليم ليبكر الطالب في الخروج إلى العالم في العشرين من عمره على الأكثر، ولا سبيل لذلك إلا بإلغاء الدروس الثانوية والاكتفاء بالابتدائية مع التوسع قليلا فيها والاقتصار على ما تقتضيه الحاجة، وأما التوسع والتقصي في العلوم مثل التاريخ والجغرافيا والرياضيات وسائر المعلومات فهذا يترك امره إلى مطالعات الطالب بعد خروجه من المدرسة، لا إلى دروس يتلقاها في المدرسة، وسأعيد النظر في هذا الموضوع.

# الأديب ‏خليل سكاكيني
الأربعاء 8/ 10/ 1941

[أبو معاوية البيروتي]

عبادلة البحرين الثلاثة


هم ثلاثة قضاة توافق وقت قضائهم في المحكمة الشرعية في البحرين، وهم:

1 - عبد اللطيف بن محمود آل محمود الشافعي ( ت 1364 هـ).

2 - عبد اللطيف بن علي آل جودر المالكي ( 1296 - 1366 هـ).

3 - عبد اللطيف بن محمد آل سعد المالكي ( 1305 - 1387 هـ).

* أفاده عبد الله الحسيني.

[أبو معاوية البيروتي]

منزلة الشيخ زهير الشاويش في الرواية الحديثية

قال الشيخ محمد زياد التكلة حفظه الله:
دخل شيخنا العلامة أبو بكر محمد زهير بن مصطفى الشاويش رحمه الله في شرط الإمام الحافظ الذهبي في "جزئه" ((أسماء من عاش ثمانين بعد شيخه أو سماعه))، فبين سماعه من علامة الشام البدر الحسني وإسماعه فوق ثمانين سنة.
وقد تنبّه الناس لعلو سند شيخنا، رغم عدم تصدّيه لهذا الأمر كغيره، وتشدّده فيه إلى أن دخل العقد الأخير من حياته. فالحمد لله الذي ادخر فيه هذا الجانب للناس؛ مع الجوانب الأخرى التي في شخصيته الموسوعية الفريدة.
... تشرفتُ بزيارته مرات في المكتب الإسلامي العامر في الحازمية ظاهر بيروت، حيث استقر به المطاف الآن، أولها يوم الخميس 18 شعبان 1423 هـ، ورحلت له رحلات متكررة، في سنوات متعددة، آخرها يوم السبت 24 شعبان 1433 هـ مصطحباً ولدَي عمر وعلي وابنَي أختي عمار وأسامة ابنَي ياسر الملاح...
قال أبو معاوية البيروتي: وقد استمتعت بقراءة ذكريات الشيخ التكلة مع شيخه زهير الشاويش رحمه الله في تقديمه لكتاب ((فوح الياسمين من الأحاديث المسلسلة بالشاميين)) (ص 5 - 18 / ط. المكتب الإسلامي/ 1437 هـ)، رحم الله الشيخ السلفي زهير الشاويش وأسكنه فسيح جناته

[أبو معاوية البيروتي]

((منزلة كبار السن ... بين الغرب والشرق!))

قال الأديب اللبناني أنيس فريحة (1903-1993 م):
وأنا في جامعة شيكاغو/أميركا قال لي د. جون وِلْسون: أنيس، أريدك أن تفكّر بالأمر جدّيًّا، أنا مستعد لتجديد عقدك بالجامعة، لكن هل فكّرت بالشيخوخة؟ بالزواج؟
هل تعلم أن الرجل هنا بعد التقاعد في سن الشيخوخة يُهْمَل ويختفي من المجتمع؟! في لبنان يحترمون الشيخوخة، وفي الأمثال ((اللي ما عنده اختيار فليشترِ اختيار)). لاحظ العجائز في المِدواي (Midway)، وهو شارع عريض يمر بأرض الجامعة ...

في عصر اليوم التالي رُحت أتمشى في المِدواي، وفيه عشرات، لا بل مئات من المقاعد الخشبية، ورُحتُ أتفرّس في وجوه العجائز، كما كان طلب إليّ وِلسن:
كآبة، سُقم، ضَجر، نظرات تائهة، وصمت رهيب.
أين أهلهم؟ أين أولادهم؟ أين مستقبلهم؟ هل سأكون يوماً مثلهم أجلس وحيداً على مقعد في المِدواي؟! لا يا أنيس .. ارجع إلى لبنان!
قال أبو معاوية البيروتي: وهذه باختصار نهاية البشر في حياة الغرب المادية! بعد كل التعب والشقاء يُهمَل ويختفي كبار السن!! بينما نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يقول: ((ليس منّا مَن لم يُوَقّر كبيرنا ...)).
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

النهي عن تشبيه صلاة الوتر بصلاة المغرب!

عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس أو بسبع،
ولا تشبّهوا بصلاة المغرب )*.
رواه الطحاوي الحنفي وابن حبان؛ وصححه الألباني في ((صلاة التراويح)).

فلا يجوز أن تُصَلّى الوتر بثلاث ركعات، فيجلس المرء للتحيات بالركعة الثانية ثم يقوم للركعة الثالثة بدون تسليم فيشبّهها بصلاة المغرب، هذا هو النهي.

والصواب إما تُصلّي ركعتي الشفع ثم تُسَلّم، وتكبر وتصلي ركعة ثالثة.
أو تصلي الوتر ثلاث ركعات لا تجلس للتحيات إلا في الركعة الثالثة.

وجمع الحافظ ابن حجر بين هذا الحديث وحديث (كان يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن) بحمل أحاديث النهي على الإيتار بثلاث بتشهدين لمشابهة ذلك لصلاة المغرب وأحاديث الإيتار بثلاث على أنها متصلة بتشهد في آخرها، وَرُوِيَ فعل ذلك عن جماعة من السلف.
* انظر فتح الباري ( كتاب الوتر/باب ما جاء في الوتر ).
✍🏻
ومن الاتفاقات:
أن المسجد الذي صليت فيه التراويح اليوم، بعد أن صلى الإمام ثمانية، صلى الوتر ثلاثاً وشبّهها بصلاة المغرب ! فجلس للتحيات في الثانية ثم كَبّر وقام للثالثة من دون أن يسلّم!
فسلّمت عند الركعتين وقمت للركعة الثالثة.
وبعد الصلاة تقدمت إليه ناصحاً ومبيّناً النهي، فتقبّله بصدر رحب، وتشكرني، ووعدني بمراجعة رسالتي هذه لئلا يقع في النهي.
والحمد لله رب العالمين.

[أبو معاوية البيروتي]

629 – حكم التسمية بـ " قاضي القضاة " أو " أقضى القضاة "
قال ابن قيّم الجوزية في " زاد المعاد في هدي خير العباد " - في هَدْيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الأسماء والكُنى - : وقد ألحقَ بعض أهل العلم بهذا: "قاضي القضاة" وقال: ليس قاضي القضاة إلا مَن يقضي الحقّ وهو خيرُ الفاصلين، الذي إذا قضى أمراً فإنما يقول له: كن فيكون.
وقال في " تحفة المودود بأحكام المولود " : ومن المحرم التسمية بملك الملوك وسلطان السلاطين وشاهنشاه ... وقال بعض العلماء : وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاء وحاكم الحكام، فان حاكم الحكام في الحقيقة هو الله، وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياساً على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس .
وقال الشيخ بكر أبو زيد في " معجم المناهي اللفظية " :

أول من لُقب به : الماوردي الشافعي علي بن محمد .
لُقِّبَ به سنة 429 هـ . على ما في ترجمته في (( معجم الأُدباء )) ، قال ياقوت : ( وجرى من الفقهاء كأبي الطيب الطبري ، والصيمري ، إنكار لهذه التسمية ، وقالوا : لا يجوز أن يُسمى به أحد )) هذا بعد أن كتبوا خطوطهم بجواز تلقيب : جلال الدولة ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ، بـ : ملك الملوك الأعظم . فلم يلتفت إليهم . واستمر له هذا اللقب إلى أن مات . ثم تلقَّب به القضاة إلى أيامنا هذه ، وشرط المُلقب بهذا اللقب أن يكون دون منزلة من تلقب بقاضي القضاة إلى أيامنا هذه ، على سبيل الاصطلاح ، وإلا فالأولى : أن يكون أقضى القضاة أعلى منزلة ) ا هـ

وقال ابن حجر في الفتح:
من النوادر أن القاضي عز الدين ابن جماعة قال إنه رأى أباه في المنام فسأله عن حاله فقال: ما كان علي أضر من هذا الاسم، فأمر الموقعين أن لا يكتبوا له في السجلات قاضي القضاة بل قاضي المسلمين، وفهم من قول أبيه أنه أشار إلى هذه التسمية مع احتمال أنه أشار إلى الوظيفة، بل هو الذي يترجح عندي، فإن التسمية بقاضي القضاة وجدت في العصر القديم من عهد أبي يوسف صاحب أبي حنيفة، وقد منع الماوردي من جواز تلقيب الملك الذي كان في عصره بملك الملوك مع أن الماوردي كان يقال له أقضى القضاة، وكأن وجه التفرقة بينهما الوقوف مع الخبر وظهور إرادة العهد الزماني في القضاة. وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: يلتحق بملك الأملاك قاضي القضاة وإن كان اشتهر في بلاد الشرق من قديم الزمان إطلاق ذلك على كبير القضاة، وقد سلم أهل المغرب من ذلك فاسم كبير القضاة عندهم قاضي الجماعة.

[أبو معاوية البيروتي]

زيارة الداعية الأمريكي مالكوم أكس للبنان منذ خمسين سنة، ولقاء جماعة عباد الرحمن به

شاهدتُ مالكوم أكس (1925 – 1965 م) رحمه الله يذكر – في لقاء تلفزيوني - أنه زار بيروت أثناء رحلته إلى الحج عام 1964 م.
وفي ((سيرته الذاتية)) ذكر نزوله في فندق (بالم بيتش/ Palm Beach ) وأنه تعجب من اختلاط الحضارتين الشرقية والغربية في المرأة اللبنانية، ورأى بوضوح تأثير الحضارة الغربية السلبي في اللبنانيات وتحرّرهن وجرأتهن (؟!!)، وتحدث عن محاضرته في الجامعة الأميركية في بيروت وما كان لها من أثر.

وللفائدة، وقفتُ على قول عبد السلام الهراس في كتابه ((الإسلام دين الوسطية والفضائل والقيم الخالدة)):
قال لي أحد أقطاب جماعة عباد الرحمن ببيروت آخر الستينيات: إنهم احتفلوا بالحاج مالك شباز ورسخوا في ذهنه فكرة أن التفاضل بين الناس ليس على أساس العرق أو اللون أو المال وإنما أكرمكم عند الله أتقاكم . اهـ.
* وكتبه أبو معاوية البيروتي، 22 رمضان 1437 هـ.

طرفة: كنت أبحث في الشاملة، فوقع لي في ((المنتقى شرح الموطأ)): عن ابن القاسم عن مالكولم يبلغني أنه ...!!
وصوابها: عن ابن القاسم عن مالك ولم يبلغني أنه ...

[أبو معاوية البيروتي]

التقصار في جِيد زمن علّامة الأقاليم والأمصار

ألفه القاضي محمد بن حسن الشجني الذماري - أبرز تلاميذ العلامة الشوكاني -، ويقصد به شيخه الشوكاني (١١٧٣ - ١٢٥٠ هـ) رحمه الله.
والكتاب طبعته مكتبة الجيل الجديد/ صنعاء بتحقيق محمد بن علي الأكوع، وفيه جملة طيبة من قصص وسيرة العلامة الشوكاني، ومن قصصه في القضاء:
(( أنه وقع بين الشوكاني وبين الإمام المنصور بالله (ت 1224 هـ) في مظلمة، فتوجّع من ذلك شيخ الإسلام، وكتب إليه أنه لا يمكنه البقاء على مثل ذلك، فأجابه المنصور بعد إزالته للمظلمة - وإنما أنا منفذ لما قلته -.
ومثل هذه الواقعة وقعت بينه وبين الإمام المتوكل (ت 1231 هـ)، فأجاب عليه الشوكاني جواباً طويلاً يقول فيه: وإنْ (في الأصل: وإني) رأيت من يقوم بهذا الأمر غيري، فأنا خالعٌ نفسي منه، وجاعلها سيفاً من سيوفه. ونحو هذه العبارة)).
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

من جميل برّ الأولاد بأبيهم بعد موته

نَسَخ محمد بن عبد الله بن فنتوخ كتاب ((الفواكه العديدة)) للمنقور عام 1294 هـ، وقيّد تاريخ نسخه للكتاب على ورقة العنوان، بالإضافة إلى بعض الفوائد.

وجاء في آخر المخطوطة:
- توفي والدنا الفقير إلى رحمة ربه الصمد، محمد بن عبد الله بن فنتوخ، رابع وعشرين من المحرّم يوم الاثنين سنة 1322 هـ. اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي: وهذا من جميل بر الابن بأبيه؛ أن يقيّد وفاته على كتابٍ نسخه، وإن لم يكن من أهل العلم، وقد قيل:
((من أرّخ مؤمناً فكأنما أحياه)).
اللهم اجعل أولادنا بارين بنا، حافظين لإرثنا العلمي، سائرين على الصراط المستقيم.
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)

[أبو معاوية البيروتي]

رَيّا وسكينة القرن السابع الهجري!!

قال أحد أمراء المماليك في القرن السابع الهجري:
شكا إليَّ تاجر من أهل المحلّة (من مدن مصر) عجوزاً وَجَد معها شيئاً من ثياب أخيه، وكان قد غاب مدّةَ وانقطع خبره. فأنكَرَتْ ما قال، ففَتّشتُها، فإذا معها مصاغ فيه خواتيم رجاليّة! فادَّعَت أنّه من حلي بناتها، فعاقَبتُها ثلاثة أيام فلم تقرَّ ولا عَرَّفتني اسم بلدها، حتى ذكر لي بعض الرقّاصين أنها من ناحية بطشة بالقرب من المحلّة. فركبتُ وهَجمتُ بيتها، فوجدتُ فيها كثيراً من ملابس الرجال والنساء، ووجدتُ لها ابنتين، فعاقبتُ الثلاثةَ عقوبة الموت، فلم يعترف أحدٌ منهنَّ! فسَمّرتهنّ، فكانت العجوز تئنُّ من ألم المسامير، فقالت لها ابنتها الصغرى وهي مسمّرة: يا أمّاه، إيّاكِ أن يعيب علينا باعة المحلّة! مُوتي وأنتِ ساكتة! اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي: وقد تكرّرت عدة حوادث مشابهة في العصر المملوكي الذي كثر فيه جرائم القتل والانحلال الخلقي، أما رَيَّا وسكينة فهما الأختان (ريا وسكينة علي همام)، شَكَّلَتا عصابة لخطف النساء وقتلهنّ بالاشتراك مع محمد عبد العال زوج سكينة والتي بدأت حياتها بائعة هوى، وحسب سعيد مرعي زوج ريَّا، واثنين آخرين هما عرابي حسان وعبد الرازق يوسف، وتَـمَّ القبض عليهما وإعدامها في 21 و22 كانون الأول 1921 م، وكانت جرائمها تنفذ قرب ميدان المنشية، وكانتا تجذبان أغلب الضحايا من سوق زنقة الستات القريب من ميدان المنشية، وبلغت ضحايا رَيَّا وسكينة 17 امرأة.
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)
===============