الكُنّاشة البيروتية، ( فرائد ملتقطة، وفوائد متنوّعة، من بطون كتب السلف المتفننة )

[أبو معاوية البيروتي]

706 - ظاهرة التهاون بالمواعيد ..... بين "الوعد الشرقي" و "الوعد الغربي"
قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله : أليس عجيباً أن صار اسم "الوعد الشرقي" علماً على الوعود الكاذبة، واسم "الوعد الغربي" علماً على الوعد الصادق ؟
ومَن عَلَّمَ الغربيين هذه الفضائل إلاّ نحن ؟ من أين قبسوا هذه الأنوار التي سطعت بها حضارتهم ؟ ألم يأخذوها منّا ؟
من هنا أيام الحروب الصليبية، ومن هناك من الأندلس بعد ذلك، وهل في الدنيا دين إلاّ هذا الدين الذي يجعل للعبادات موعداً لا تصح العبادة إلاّ فيه، وإن أخلفه المتعبّد دقيقة واحدة بطلت العبادة ؟
إن الصوم شُرِع لتقوية البدن، وإذاقة الغني مرارة الجوع حتى يشفق على الفقير الجائع، وكل ذلك يتحقق في صوم اثنتي عشرة ساعة إلاّ خمس دقائق، فلماذا يبطل الصوم إن أفطر الصائم قبل المغرب بخمس دقائق ؟ أليس - والله أعلم - لتعليمه الدقة والضبط والوفاء بالوعد ؟ ولماذا تبطل الصلاة إن صُلِّيَت قبل الوقت بخمس دقائق ؟ لماذا يبطل الحج إن وصل الحاج إلى عرفات بعد فجر يوم النحر بخمس دقائق، أليس لأن الحاج قد أخلف الموعد ؟
أولم يجعل الإسلام إخلاف الوعد من علامات النفاق، وجعل المخالف ثلث منافق ؟ فكيف نرى بعد هذا كلّه كثيراً من المسلمين لا يكادون يفون بموعد، ولا يبالون بمن يخلف لهم وعداً أو يتأخّر عنه؛ حتى صار التقيُّد بالوعد والتدقيق فيه والحرص عليه، نادرة يتحدّث بها الناس، ويُعجبون بصاحبها ويَعجبون منه، وحتى صارت وعودنا مضطربة مترددة لا تعرف الضبط ولا التحديد .
وقال الشيخ الطنطاوي في مكانٍ آخر : صارت كلمة الوعد الشرقي رمزاً - مع الأسف - للوعد الذي لا يُوثَق به ولا يُطمأن إليه، وكلّما أوغلت في الشرق رأيت ذلك أظهر وأوضح .

قال الحافظ ابن عدي في "الكامل":
سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول: سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل يقول: حدثني
هارون بن سفيان المستملي قال:
قلت لابيك أحمد بن حنبل: كيف تعرف الكذابين ؟
قال: بمواعيدهم.

[أبو معاوية البيروتي]

739 – امرأة صالحة من سادات النساء، لم تخرج من بيتها إلا ثلاث مرات لضرورة !
ترجم ابن الجوزي في " المنتظم " لفاطمة بنت نصر بن العطار ( ت 573 هـ ) فقال : توفيت يوم الأربعاء سادس عشر رمضان، وأُخْرِجت جنازتها بكرة الخميس إلى جامع القصر ونحي شباك المقصورة لأجلها، وحضر جميع أرباب الدولة سوى الوزير، وصلّى عليها أخوها صاحب المخزن، وامتلأت الأسواق والشوارع بالناس أكثر من يوم العيد، وشيّعها إلى مقبرة أحمد بن حنبل خلق كثير من الأكابر، ودُفِنَت عند أبيها، وشاع عنها الذكر الجميل والزهد في الدنيا، وحدثني أخوها صاحب المخزن أنها كانت كثيرة التعبد شديدة الخوف، ما خرجت في عمرها من بيتها إلا ثلاث مرات لضرورة، وما كانت تلتفت الى زينة الدنيا.

وذكر ابن عقيل شيوخه من النساء فقال: ومن النساء الحرانية، وبنت الجنيد،
وبنت الغراد المنقطعة إلى قعر بيتها لم تصعد سطحاً قط، ولها كلام في الورع.

=============
"المنتظم" لابن الجوزي، ونقل الفائدة الشيخ عبد الرحمن الفقيه.

[أبو معاوية البيروتي]

النووي الشافعي يُقَدِّم الحديث على قول إمام مذهبه رحمهما الله

قال النووي ( ت 676 هـ ) في (( المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج )): قوله ( وأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرملوا ثلاثة أشواط ) هذا تصريح بجواز تسمية الرمل شوطاً، وقد نقل أصحابنا أن مجاهداً والشافعي كَرِهَا تسميته شوطاً أو دوراً بل يسمى طوفة، وهذا الحديث ظاهر في أنه لا كراهة في تسميته شوطاً، فالصحيح أنه لا كراهة فيه. اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي: رحم الله المؤلف، فإنه قَدَّم الحديث على قولِ إمام مذهبه، وهو بهذا ليس مخالفاً لقول إمامه الشافعي رحمه الله؛ بل متَّبِعاً له حقّ الاتباع، إذ يقول الشافعي: ( إذا وجدتم في كتابي خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقُولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودَعُوا ما قلت )، وقال: ( إذا صَحَّ الحديث فهو مذهبي ). وعلى هذا المنهج سار باقي أئمة المذاهب رحمهم الله، فانظر أقوالهم في مقدمة (( صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم )) ( ص 43 – 57 ) للألباني رحمه الله.
==============
الكناشة البيروتية ( المجموعة الثالثة )

[أبو معاوية البيروتي]

ماذا كان قول الحبر ابن عباس الأخير في نكاح المتعة؟ الإباحة أو التحريم ؟

قال محمد الرستاقي في بحثه عن انفرادات ابن عباس الفقهية عن جمهور الصحابة - بعد أن أورد الروايات عن ابن عباس في نكاح المتعة إباحة وتحريماً - :
( قال بعض أهل العلم: إن الآثار الواردة في رجوع ابن عباس عن قوله في المتعة ضعيفة، والآثار عنه بجوازها أصح، لكن المشهور بين أهل العلم رجوعه عن قوله في المتعة بالاستفاضة. فقد حكى رجوعه عن قوله جمع كثير من العلماء )
ثم ذكر الرستاقي عدداً منهم، وقال:
( الراجح هو رجوع ابن عباس إلى قول جمهور الصحابة، وصار إجماعاً منهم على تحريم المتعة، والله أعلم بالصواب ).
========
الكناشة البيروتية ( المجموعة الثالثة )

[أبو معاوية البيروتي]

177 – سقوط همزة الوصل من كلمة في مصحف المدينة النبوية الذي يصدره مجمع الملك فهد
كان أول إصدار للمجمع سنة 1405 هـ، وتمّت " مراجعة هذا المصحف الشريف على أمهات كتب القراءات والرسم والضبط والفواصل والوقف والتفسير " ليخرج على أتقن وجه بإذن الله، وخرج وطُبِع منه الملايين وانتشر في العالم الإسلامي، جزى الله كل من شارك في إخراجه خير الجزاء .
لكن، قدّر الله وما شاء فعل، سقطت في أوائل طبعاته همزة الوصل من كلمة ( وَاعْبُدُواْ ) في سورة الحج / الآية 77 ، وبقي السقط حتى تداركه القائمون على طباعة المصحف سنة 1413 هـ أو 1414 هـ ، وهذا السقط لاحظته بنفسي أثناء مراقبتي للمصاحف على فترة من السنين، فمن كان عنده ( مصحف المدينة النبوية ) في أوائل سنواته فليضِف همزة الوصل .

لا صحة للخبر في خطأ في مصحف من طبع مجمع الملك فهد

http://kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=59548

[أبو معاوية البيروتي]

511 – الذين يروون عن آبائهم عن أجدادهم يبلغ عددهم أكثر من أربع مئة من الرواة !
قال د . باسم الجوابرة في تحقيقه لكتاب " من روى عن أبيه عن جدِّه " ( ص 13 / ط . مكتبة المعلا ) : كثير من طلاّب العلم يظنون أن الذين يروون عن آبائهم عن أجدادهم هم عدد قليل لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، وهم في الحقيقة أكثر من أربع مئة من الرواة الذين رووا عن آبائهم عن أجدادهم كما سترى من خلال قراءة هذه الرسالة .

وصلني من الأخ بندر الثمالي - جزاه الله خيراً - الفائدة التالية:

كتابكم كناشة البيروتي ممتع جداً..
وقد ذكرت فائدة في من روى عن أبيه عن جدة.. وأن الدكتور الجوابرة ذكر أنهم أكثر من أربع مئة..

أقول: عدهم شيخنا الشيخ الأستاذ دكتور / يحيى بن عبدالله الثمالي استاذ الحديث بجامعة الطائف في كتاب سماه (كتاب فيه:من روى عن أبيه عن جده) فبلغ عددهم (1523) كما في مقدمة الكتاب أي بما يزيد عن الجوابرة (1076)
للفائدة فقط

[أبو معاوية البيروتي]

91 – مهندس يصنع مجسّماً كرويًّا للأرض في القرن السابع
ترجم ابن الفوطي في مجمع الآداب في معجم الألقاب ( 4 / 65 / ط . إيران ) لكريم الدين أبي بكر بن محمود المهندس فقال :
قَدِمَ علينا سنة أربع وستين وست مئة إلى حضرة مولانا نصير الدين بالرصد المحروس، وكان له معرفة بحلِّ الكاغذ إلى أن يصير كالعجين ويعمل منه الآلات كالطباق والزبادي والمقالم، وهو الذي صنع كرة الأرض من الكاغذ، وجاءت مجوّفة في غاية ما يكون، وخطّوا عليها صورة الأقاليم، وذكر لي نور الدين إسماعيل بن أحمد المحتسب بسلماس أنه توفي سنة إحدى وسبع مئة .

مَرَّ معي في (( تذكرة طاهر الجزائري )) :
675 – في محاسن القبة الزرقاء، صحيفة 9 :
محمد بن مؤيد الدين الأرضي العرضي ( ت 664 هـ ) صانع الكرة العربية المحفوظة في متحف درسدن قصبة سكسونيا في ألمانيا، حروفها كوفية. وهذه الكرة اصطنعت قبل ... ( فيه نظر ),
كرة قيصر ابن أبي القاسم الأبركي الحنفي ( ت 649 هـ )، في عصر الملك الكامل، أي نحو سنة 626 هـ ( فيه نظر )، وحروفها كوفية أيضاً، وهي كرة معدنية، قطرها ثمانية قراريط. اهـ.
وسبق في (( تذكرة طاهر الجزائري )) نقلٌ من تاريخ ابن الوردي:
530 – ( وفيات ) سنة 642 هـ : توفي تقي الدين المظفر صاحب حماة، كان يحب العلم وأهله، استخدم علمَ الدين قيصر المهندس فبنى له أراجاً بحماة وطاحوناً على العاصي، وعمل له كرة من الخشب مدهونة، رسم فيها جميع الكواكب المرصودة. قال ابن واصل: وساعدته في حملها.

[أبو معاوية البيروتي]

مـحرمات ومناهي يجهلها كثير من الناس!

* تحريم لبس اللون الأحمر الخالص
فعن البراء قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن المياثر الحُمُر. ( رواه البخاري ومسلم )

* تحريم افتراش جلود النمور والسِّباع وركوبها
فعن معاوية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (( لا تركبوا الخز ولا النِّمار )) ( والنِّمار هي جلود النمور ). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (( لا تصحب الملائكة رُفقة فيها جلد نمر )). وعن المقدام قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن لبس جلود السباع والركوب عليها. ( والأحاديث السابقة رواه أبو داود وغيره ).

* الزجر عن ترك التحدث بنعمة الله
فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (( التحدّث بنعمة الله شكر، وتركها كفر )). ( رواه أحمد ). وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (( من أبْليَ بلاءً ( أي أنعم الله عليه ) فذكره فقد شكره، وإنْ كتمه فقد كفره )). ( رواه أبو داود ).

* تحريم انتاج حيوان البغل
فعن علي رضي الله عنه قال : أُهْدِيَت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم بغلة فركبها، فقال عليٌّ: لو حملنا الحمير على الخيل، فكانت لنا مثل هذه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: (( إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون )) ( رواه أبو داود والنسائي ). وعن ابن عباس قال: أمرنا النبي صلى الله عليه وسلّم أن لا ننزي حماراً على فرس. ( رواه الترمذي والنسائي، وننزي من الإنزاء؛ وهو الوثوب ).

* النهي عن وضع الخاتم في الأصبع السبابة والوسطى
عن علي قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل الخاتم في هذه وهذه.وأشار لأصبعه السبابة والوسطى. ( رواه أحمد والنسائي ).

* زجر النساء عن المشي وسط الطريق
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ليس للنساء وسط الطريق )). ( رواه ابن حبان ). وعن أبي أسيد الأنصاري قال: اختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: (( استأخرن، فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق ، عليكن بحافات الطريق )). فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به .

* الزجر عن قول المرء لِما حرث: زَرَعتُ
فعن أبي هريرة , قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (( لا يَقُولنَّ أحدكم : زَرَعْتُ , ولكن لِيَقُلْ : حَرَثْتُ )). قال أبو هريرة : ألم تسمع إلى قول الله تبارك وتعالى: { أَفَرَأَيْتُم ما تحرثون * أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون }. ( رواه ابن حبان ).

==============
الكناشة البيروتية ( المجموعة الثالثة )

[أبو معاوية البيروتي]

يوم صلُّوا صلاة الغائب على العلامة ابن عقيل وهو حي!!

قال علامة الحنابلة عبد الله بن عبد العزيز ابن عقيل الحنبلي ( 1335 - 1432 هـ ) : كنتُ خرجتُ مع الهيئة التي تحدِّد الحدود بين المملكة العربية السعودية ومملكة اليمن في منطقة ( جازان )، نحن في منطقة جازان، وهؤلاء في منطقة ( مَيْدي وحَرَض ) وما حولها من بلاد اليمن، فاتفق الطرفان على أنْ تَخْـرُج هيئة تحدِّد الحدود، فانتُدِب لذلك عمّنا الشيخ عبد الرحمن بن عقيل قاضي جازان ، وأمير جيزان عبد الله بن عُقَيِّل بالتصغير، ومدير مالية جازان عبد الله قاضي، وخرجتُ معهم، وكانت الأمور تلك الأيام تعب ومشقة وكلفة، وهناك مرض الملاريا، أصابتني الملاريا ونحن في قرية يُقال لها ( الخَوْبة )؛ بلاد الحرث، مَكَثَت الهيئة مدّة طويلة في مناقشة بين لجنة الحدود اليمنية ولجنة الحدود السعودية، وأنا مرضتُ مرضاً شديداً، وكان معنا في المعسكر واحد من الخوبا يُقال له ( ابن عَقيل )، مرِضَ كذلك مرضاً شديداً وتوفي رحمه الله، فشاع الخبر أن ابن عقيل توفي، فظنُّوا أنّي الميّت!
وكان ذلك يوم الجمعة، فقام الخطيب بعدما صلى الجمعة، وقال: صلُّوا على أخيكم الشيخ عبد الله بن عقيل الذي توفي مع الهيئة!
وصلُّوا عليَّ صلاة الجنازة للغائب!
بعد ذلك تبيّن الواقع، فصاروا يتندّرون عليَّ ويقولون: خلاص أنت إذا متَّ ما نصلِّي عليك، قد صُلِّيَ عليك أول مرَّة!

[أبو معاوية البيروتي]

منع المفتي محمد بن إبراهيم آل الشيخ للشيخ محمد الأمين الشنقيطي من تدريس علم المنطق

قال علامة الحنابلة ابن عقيل رحمه الله:
طلبت من الشيخ الشنقيطي دروساً في المنطق، فقال: أنت لا تحتاج إلى دروس في المنطق، يكفيك جلستان أو ثلاثة أبيّن لك قواعده، ومستعد بذلك، لكن استأذن من الشيخ محمد بن إبراهيم، فإنه منعني من تدريس علم المنطق للطلاب، وأدباً مع سماحته أحتاج إلى إذنه.
قال الشيخ ابن عقيل: ولكن بحكم ارتباطي مع سماحته في دار الإفتاء لم أتجرّأ على الاستئذان منه خشية أن لا يأذن فتكون في النفس، فتوقفت لذلك.

أين نجد مثل زهد هذين الزوجين في زماننا ؟!

كان الإمام الورع ابن الكمال المقدسي ( ت 688 ) يحفر مكاناً بالصالحية لبعض شأنه،
فوجد جرة مملوءة ذهباً!
وكانت زوجته تعينه في الحفر ورأت الجرة، فطم الجرة ابن الكمال وقال لزوجته: هذا فتنة، ولهذا مستحقون لعلنا لا نعرفهم.
فوافقته، وساعدته بطمها بالتراب في مكانها، وتركاها .

==========
الكناشة البيروتية ( المجموعة الثالثة )