أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
88793 92142

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-23-2023, 03:38 PM
ابو اميمة محمد74 ابو اميمة محمد74 غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: المغرب
المشاركات: 13,664
Arrow سلسلة مقالات بعنوان "حقيقة الإخوان الجدد" الحلقة14/ الدكتور محمد بن الحبيب ابو الفتح

حقيقة الإخوان الجدد (14)
الانتكاسة الخامسة: موقفهم من الثورات (2)
تقدم بيان موقف شيوخ الدعوة السلفية من الثورات، وهو موقف واضح لا لَبْسَ فيه، فلا خلاف بينهم في التحذير من الثورات على الحكام، وذلك لأمور:
1. النصوص الآمرة بطاعة ولاة الأمر من المسلمين، والصبر على جورهم وإن منعوا الحقوق، وهي كثيرة منها:
عموم قوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: "...طاعة ولاة الأمور تبعٌ لطاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما يشير إلى ذلك قوله :"يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" ، ولم يقل: )وأطيعوا أولي الأمر منكم)، بل قال "وأولي الأمر" وهذا يدل على أن طاعة ولاة الأمور تابعة لطاعة الله ورسوله، وعليه؛ فإذا أمر ولاة الأمر بأمر فيه معصية لله ورسوله فإنهم لا يطاعون، وإذا أمروا بأمر فيه طاعة الله ورسوله فإنهم يطاعون من وجهين:
- أولا أن هذا من طاعة الله ورسوله
- والثاني أنه من طاعة ولاة الأمور.
وإذا أمروا بأمر ليس فيه طاعة و لا معصية؛ وجبت طاعتهم. وهذه هي النقطة التي يجب أن نركز عليها، وإلا لو قلنا إنهم لا يطاعون إلا فيما هو طاعة؛ لكانوا كغيرهم من الناس، حتى الواحد من الناس إذا أمرك بطاعة الله كان أمره مطاعا، لا لأمره ولكن لأنه طاعة لله؛ ولهذا يجب علينا أن نطيع ولاة الأمور فيما نظموه لمصلحة الأمة وإن لم يكن طاعة لله ورسوله في ذاته إلا إذا كان معصية، وأما قول بعض الجهال نحن لا نطيعهم إلا إذا كان هذا مما أمر الله به؛ فهذا مصادرة للنص، مصادرة لدلالته، ومصادمة له أيضا، الله أمر بطاعة ولاة الأمور إلا في معصية... وظاهر قوله: "وأولي الأمر"، أنه ما دامت إمرتهم باقية فلهم الطاعة، ولا يشترط في ذلك أن يكون عدولا، بل حتى لو رأينا من بعضهم ما هو معصية، فإنه تجب طاعتهم، ما نقول: ما نطيعه إلا إذا أطاع الله هو...أطعه وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك ما لم يأمر بمعصية الله ولهذا تجد هؤلاء الذين نعتبرهم سفهاء خرجوا على ولاة الأمور بمجرد أنهم رأوهم فسقة، ماذا حصل؟ حصل من الشر والفساد ما هو أعظم مما كان عليه هؤلاء الولاة...".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ" متفق عليه.
ومن أصرحها دلالة أن سَلَمَة بْن يَزِيدَ الْجُعْفِيّ سأل رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ، يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ، وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثَّالِثَةِ، فَجَذَبَهُ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا! فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا، وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ" رواه مسلم في صحيحه، وبوب عليه النووي بقوله: بَابٌ فِي طَاعَةِ الْأُمَرَاءِ وَإِنْ مَنَعُوا الْحُقُوقَ.
2. إجماع السلف على ما سطروه في كتب الاعتقاد من وجوب الصبر على جور الأئمة ووجوب طاعتهم في المعروف، وتحريم الخروج عليهم، ومستند هذا الإجماع هو النصوص السابقة من الكتاب والسنة.
ومن ذلك مثلا قول الإمام أحمد: "...والسمع وَالطَّاعَة للأئمة وأمير الْمُؤمنِينَ الْبر والفاجر وَمن ولي الْخلَافَة وَاجْتمعَ النَّاس عَلَيْهِ وَرَضوا بِهِ وَمن عَلِيَهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَار خَليفَة وَسمي أَمِير الْمُؤمنِينَ... وَمن خرج على إِمَام من أَئِمَّة الْمُسلمين وَقد كَانُوا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ وأقروا بالخلافة بِأَيّ وَجه كَانَ بِالرِّضَا أَو الْغَلَبَة فقد شقّ هَذَا الْخَارِج عَصا الْمُسلمين وَخَالف الْآثَار عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن مَاتَ الْخَارِج عَلَيْهِ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة وَلَا يحل قتال السُّلْطَان وَلَا الْخُرُوج عَلَيْهِ لأحد من النَّاس فَمن فعل ذَلِك فَهُوَ مُبْتَدع على غير السّنة وَالطَّرِيق" (أًصول السنة ص42 فما يعدها).
وقد حكى الإجماع على ذلك الإمامان النووي وابن حجر:
قال النووى -رحمه الله : "... وَأَمَّا الْخُرُوجُ عَلَيْهِمْ وَقِتَالُهُمْ؛ فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانُوا فَسَقَةً ظَالِمِينَ، وَقَدْ تَظَاهَرَتِ الْأَحَادِيثُ بِمَعْنَى مَا ذَكَرْتُهُ، وَأَجْمَعَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ السُّلْطَانُ بِالْفِسْقِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَنْعَزِلُ، وَحُكِيَ عَنِ الْمُعْتَزِلَةِ أَيْضًا؛ فَغَلَطٌ مِنْ قَائِلِهِ، مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ. قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَسَبَبُ عَدَمِ انْعِزَالِهِ، وَتَحْرِيمِ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ، مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الْفِتَنِ، وَإِرَاقَةِ الدِّمَاءِ، وَفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَتَكُونُ الْمَفْسَدَةُ فِي عَزْلِهِ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي بَقَائِه" (شرح مسلم12/229).
وقال ابن حجر - رحمه الله تعالى: " قَالَ بن بَطَّالٍ: فِي الْحَدِيثِ حُجَّةٌ فِي تَرْكِ الْخُرُوجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَلَوْ جَارَ. وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى وُجُوبِ طَاعَةِ السُّلْطَانِ الْمُتَغَلِّبِ وَالْجِهَادِ مَعَهُ، وَأَنَّ طَاعَتَهُ خَيْرٌ مِنَ الْخُرُوجِ عَلَيْهِ؛ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ حَقْنِ الدِّمَاءِ وَتَسْكِينِ الدَّهْمَاءِ... وَلَمْ يَسْتَثْنُوا مِنْ ذَلِكَ إِلَّا إِذَا وَقَعَ مِنَ السُّلْطَانِ الْكُفْرُ الصَّرِيحُ فَلَا تَجُوزُ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ تَجِبُ مُجَاهَدَتُهُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهَا" ) الفتح (13/ 7.
3. ما يترتب على تلك الثورات من مفاسد عظيمة: وقد جاءت الشريعة بدرء المفاسد وتقليلها، لا بجلبها وتكثيرها، فلو لم تأت النصوص السابقة الآمرة بالصبر على جور الحكام والناهية عن الخروج عليهم؛ لنهى الراسخون في العلم عن هذه الثورات نظرا لما يترتب عليها غالبا من سفك للدماء المعصومة، وانتهاك للأعراض المصونة، واستباحة للأموال المحرمة؛ فإن التاريخ أكبر شاهد على أن هذه الثورات لم يأت المسلمين منها إلا الشر، ويؤكد التاريخَ الواقعُ الذي تعيشه الشعوب اليوم بعد ما سمي ب"الربيع العربي"، ومن أوضح ذلك ما آلت إليه الثورة السورية فإن القتلى تجاوزوا 300.000 على أقل التقديرات، ولا زال شلال الدماء منهمرا، ولا تسأل عن انتهاك الأعراض، والخراب والدمار، وتشرد الملايين في الديار. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ولهذا فإن أهل العلم حذروا من هذه الثورات أشد التحذير، ولم يجيزوا الخروج على الحاكم وإن جار إلا بشرطين اثنين:
1. ظهور الكفر البواح من السلطان؛ وهذا شرط دل عليه حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: دَعَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ، فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا: «أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا، وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا، وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا، وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ»، قَالَ: «إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللهِ فِيهِ بُرْهَانٌ» متفق عليه. والمرجع في معرفة الكفر البواح من غيره هم أهل العلم الراسخين، وليس ذلك للعوام ولا لصغار الطلبة.
2. أن يغلب على الظن إمكان خلعه من غير مفسدة راجحة، وهذا شرط دلت عليه قواعد الشريعة العامة، فإن الشريعة لا تأمر بما يفضي إلى الفساد، ولا بما يزيده. وتقدير المصالح والمفاسد والترجيح بينها؛ يُرجع فيه كذلك إلى أهل الاجتهاد في النوازل من الراسخين في العلم، الذين يقدرون الأمور قدرها، ويضعونها في نصابها.
ومن المهم التأكيد على أن التحذير من الثورات على الحكام ليس تأييدا لهم على ظلمهم، ولا إقرارا لهم عل فسادهم، وإنما هو لتفادي ظلم أعظم، ودفع فساد أطم، من باب تحمل المفسدة الصغرى دفعا للمفسدة الكبرى. ويجب في المقابل على المستطيع بذل النصح لهم بالطرق الشرعية، والوسائل المرعية.
وأما الإخوان الجدد فهم تابعون للإخوان القدماء في تأييد ثورات الشعوب على حكامها، غير ملتفتين إلى ما جنته تلك الثورات من نتائج كارثية، مخالفين بذلك منهج السلف الأولين، موافقين للخوارج والمعتزلة في هذه الجزئية وإن خالفوهم في غيرها. ومن أعجب العجب أنهم ما زالوا مصرين على منهجهم مع ما عاينوه من الفساد العظيم الذي نتج عن هذه الثورات، ولهم في ذلك شبهات يتعلقون بها سيأتي الجواب عن بعضها في المقال الآتي إن شاء الله.
يتبع بإذن الله.
__________________
زيارة صفحتي محاضرات ودروس قناة الأثر الفضائية
https://www.youtube.com/channel/UCjde0TI908CgIdptAC8cJog
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.