أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
70501 69591

العودة   {منتديات كل السلفيين} > منابر الأخوات - للنساء فقط > منبر الأخوات العام - للنساء فقط

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-21-2009, 10:48 PM
أم أمامة الأثرية أم أمامة الأثرية غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 58
افتراضي حث العقلاء على التحلي بمكارم الأخلاق (1)

بسم الله الرحمن الرحيم


حث العقلاء على التحلي بمكارم الأخلاق


إنَّ الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ باللّه من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمداً – صلى الله عليه وسلم – عبده ورسوله ، أما بعد :

فإن مكارم الأخلاق صفة الأنبياء والصديقين والصالحين, بها تنال الدرجات، وترفع المقامات , وإن سيء الأخلاق هي الممحقات المهلكات التي تردي بصاحبها إلى أسفل الدرجات؛ لذلك بعث الله تعالى نبينا محمد-صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق وصالحها, فقال-صلى الله عليه وسلم-:« إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق»-صحيح الجامع-.

وقد ندب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أمته إلى حسن الخلق, وأمرهم به كما في حديث أبي ذر-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) الترمذي-حسن-

وأخبر- صلى الله عليه وسلم- أن الأخلاق الحسنة هي من تمام إيمان العبد وكماله, فقال-عليه الصلاة والسلام-:« أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقا » رواه أبو داود-حسن صحيح-, فلن يكمل إيمان العبد حتى يحسن خلقه.

فمن أراد الوصول إلى هذه الدرجة العالية وهي كمال الإيمان, فعليه أن يجتهد ويصرف همته إلى اكتساب كل خلق كريم, وأن يبعد عن كل خلق سيء مكروه؛ متبعا في ذلك مقتديا برسول الله-صلى الله عليه وسلم- فلقد كان من أحسن الناس خلقاً, وأتقاهم لله وأعلمهم به.

فقد منَّ الله تعالى على عبده ورسوله-صلى الله عليه وسلم-بتوفيقه إلى مكارم الأخلاق فقال-تعالى- مثنيا عليه مظهراً نعمته لديه (وإنك لعلى خلق عظيم) (القلم –4-)؛ وحاصل خلقه العظيم ، ما فسرته به أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمن سألها عنه وهو سعد بن هشام قال:«انطلقت إلى عائشة فقلت يا أم المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ألست تقرأ القرآن ؟ قلت بلى, قالت فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن» مشكاة المصابيح-صحيح-.
«وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه- صلى الله عليه وسلم- بمكارم الأخلاق ، والآيات الحاثات على كل خلق جميل فكان له منها ، أكملها وأجلها ، وهو في كل خصلة منها ، في الذروة العليا . فكان سهلا لينا ، قريبا من الناس, مجيبا لدعوة من دعاه ، قاضيا لحاجة من استقضاه ، جابرا لقلب من سأله ، لا يحرمه ، ولا يرده خائبا . وإذا أراد أصحابه منه أمرا وافقهم عليه ، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور ، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم ، بل يشاورهم ويؤامرهم وكان يقبل من محسنهم ، ويعفو عن مسيئهم ، ولم يكن يعاشر جليسا ، إلا أتم عشرة وأحسنها . فكان لا يعبس في وجهه, ولا يغلظ عليه في مقاله ، ولا يطوي عنه بشره ، ولا يمسك عليه فلتات لسانه ، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة ، بل يحسن إليه غاية الإحسان ويحتمله غاية الاحتمال»(تفسير السعدي).

فعلينا التأسي برسول الله-صلى الله عليه وسلم-ولزوم مكارم الأخلاق, ممتثلين قول-عز وجل-(لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) (الأحزاب-21). فالخير كل الخير والفلاح والسعادة في اتباعه والاقتداء به.

فمن لزم مكارم الأخلاق ومحاسنها, فإنه حريٌّ به أن يكون من أهل الجنة , سئل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال:«تقوى الله وحسن الخلق» وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار؟ فقال:«الفم والفرج»رواه الترمذي-حسن-.
" لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه, وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقِهِ؛ فتقوى الله توجب له محبة الله تعالى وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته "(الفوائد)

ولا يتوقف الأمر عند دخول الجنة بل يزيد على ذلك بأن ترفع منزلة العبد إلى درجة الصائم القائم, يقول النبي-صلى الله عليه وسلم-:« إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»رواه أبو داود-صحيح-.

فيا ترى ما هو السر في وصول من كانت أخلاقه حسنة إلى درجة قائم الليل وصائم النهار؟
فالسر يكمن في أن صاحب الخلق الحسن " أعطي هذا الفضل العظيم لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما , وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد . " لأن الصائم والمصلي في الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما , وأما من يحسن خلقه مع الناس مع تباين طبائعهم وأخلاقهم فكأنه يجاهد نفوسا كثيرة فأدرك ما أدركه الصائم القائم فاستويا في الدرجة بل ربما زاد . (عون المعبود شرح سنن أبي داود).

وأعلى من ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم -ضامن وكفيل بأن يفوز ببيت في أعلى الجنة, قال-صلى الله عليه وسلم-:«أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا, وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب مازحاً, وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه»رواه أبو داود-حسن-.

وحريٌّ به أيضا أن يكون من أحب عباد الله إلى الله –عز وجل, قال-صلى الله عليه وسلم-:«أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقا»-صحيح الجامع-.

وكما أنه يكون من أحب عباد الله إلى الله فإنه أيضا يكون من أحب الناس وأقربهم مجلساً من النبي-صلى الله عليه وسلم-يوم القيامة, قال-عليه الصلاة والسلام-:«إن من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا»رواه الترمذي-صحيح-.

وحريٌّ به أيضا أن يثقل ميزانه يوم القيامة, قال-عليه الصلاة والسلام-:«ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق وإن الله ليبغض الفاحش البذيء »رواه الترمذي-حسن صحيح-.

كما أن مكارم الأخلاق تزيد في الأعمار وتعمِّر الديار, قال-صلى الله عليه وسلم-:« حسن الخلق وحسن الجوار يعمِّران الدِّيار ويزيدان في الأعمار»أخرجه أحمد-صحيح-.

ويجدر التنبيه هنا إلى لفتة مهمة- قد تغفل قلوبنا عنها- ألا وهي أن حسن الخلق الذي رتبت عليه تلك الدرجات والأجور العظام إنما هو ما ابتغي به وجه الله ووافق فيه الظاهر الباطن فالله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم.

فإذا تجلى لنا هذا الفضل العظيم والأجر الكبير الذي يناله من حسنت أخلاقه, كان لزاماً علينا تزكية نفوسنا وتهذيب أخلاقنا, مصداقاً لقوله -تعالى-( قد أفلح من زكاها)؛ وإهمال تهذيبها هو المراد من قوله-تعالى-( وقد خاب من دساها)

وقبل أن نذكر كيفية ترويض النفس, وتهذيب أخلاقها, يحسن بنا أن نشير إلى سؤال مهم, وهو:

هل الأخلاق جبلِّية في الإنسان(أي غريزة وطبع فيه) أم أنها مكتسبة(يكتسبها بالتخلق والإقتداء بغيره)؟

-اختلف العلماء-رحمهم الله تعالى- في حقيقة الخلق, فذهب بعضهم إلى أنه غريزة, وذهب آخرون بأنه مكتسب.

- والقول الكاشف للغطاء عن ذلك-والله أعلم-: أن من الخلق ما يكون في بعض الناس غريزة وطبعا جبلياً, ومنه ما يكون مكتسب بالتخلق وترويض النفس على محاسن الأخلاق.

- ودليل ذلك: قول النبي-صلى الله عليه وسلم- لذاك الصحابي وهو-الأشج بن قيس-رضي الله عنه-:« إن فيك خلتين يحبهما الله, الحلم والأناة, قال: يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلني عليهما, قال: بل الله جبلك عليهما, قال: الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله»رواه أبو داود-حسن-.

- ففي هذا دليل على أن الأخلاق منها ما هو جبلة في الإنسان أي أن الله خلقه وفطره عليها.

- قال الحافظ-ابن حجر-رحمه الله-في " فتح الباري "(10/459): " فترديده السؤال وتقريره عليه يشعر بأن في الخلق ما هو جبلي وما هو مكتسب ".اهـ

-ومنها ما يكون كسبي يحصل بمجاهدة النفس وتهذيبها على الأخلاق الحسنة.

- ودليل ذلك: قول النبي-صلى الله عليه وسلم-:« إنما العلم بالتعلم وإنما الحلم بالتحلم ومن يتحر الخير يعطه, ومن يتق الشر يوقه»-صحيح الجامع-.

- ونقل النووي-رحمه الله- في " شرح صحيح مسلم " (15/79) عن القاضي عياض-رحمه الله- قوله: " والصحيح أن منه ما هو غريزة, ومنه ما يكتسب بالتخلق والإقتداء بغيره, والله أعلم ".اهـ

وحاصل القول أن الأخلاق قابلة للتغيير, فلو كانت لا تقبل التغيير لبطلت المواعظ والوصايا والتأديبات؛ وكيف لا تقبل التغيير ونرى خلق البهيمة يمكن تغييره, فالوحوش تستأنس, والفرس تروّض وتنقاد, وكلب الصيد يعلَّم, وكل ذلك تغيير للأخلاق؛ إلا أن بعض النفوس سريعة الانقياد للصلاح, وبعضها مستصعبة, لأن أصعب ما على الطبيعة الإنسانية تغيير الأخلاق التي طبعت النفوس عليها.


وكتبته أم أمامة الأثرية


(يتبع بإذن الله تعالى).
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 01-23-2009, 05:22 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,648
افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك أختي الفاضلة أم امامة الأثرية
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 01-23-2009, 09:23 PM
أم أمامة الأثرية أم أمامة الأثرية غير متواجد حالياً
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 58
افتراضي

وجزاك الله بمثله أختي الكريمة وبارك فيك ونفع بك.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.