أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
28937 123455

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-26-2018, 08:59 PM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي ظاهرة التهريج في الوعظ (الشيخ أبو أويس رشيد الإدريسي حفظه الله)

بسم الله الرحمن الرحيم



** ظاهرة ( التهريج )! في الوعظ ..




الوعظ أسلوب دعوي له أهميته البالغة في إصلاح القلوب ، وتهذيب النفوس ، وهو من المسالك النبوية حيث كان عليه الصلاة والسلام يتعهد أصحابه - رضي الله عنهم - بالمواعظ ، ويهذب نفوسهم بما يرقق قلوبهم ، قال سبحانه في حقه : { مبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله } ..

والموعظة كما قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - : " الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب " التفسير القيم ص: 34 4.

ومما يجب مراعاته في هذا المقام : لزوم الجادة في الوعظ وفق الهدي النبوي ، والمنهج السلفي ، فاتخاذ مسلك معين في ذلك على خلاف ما كان في الزمن الأول من ( البدع)! ..

فلا بد - إذن - من آداب عند الوعظ ، وشروط وضوابط تُذكر عند المتشرعة تحت عنوان ( فقه الوعظ)! ، وبسط الكلام في هذا طويل ، وليس هو المقصود بهذا المرقوم ، وعموما فالوعظ كغيره يحتاج إلى أهلية ومعرفة وملكة تخصه..

قال العلامة جمال الدين القاسمي - رحمه الله - : " موعظة العامة والتصدي لإرشادهم في الدروس العامة ، من الأمور المهمة المنوطة بخاصة الأمة ، إذ هم أمناء الشرع ، ونور سراجه ، ومصابيح علومه ، وحفاظ سياجه " موعظة المؤمنين ص: 3 .

ومن الظواهر التي ابتليت بها الساحة الدعوية من بعضهم فيما نحن بصدده : التوجه لوعظ الناس ونصحهم ب ( أسلوب التهريج 1 )! ، وهذا من المسالك المبتدعة المنكرة القبيحة.. ، ولا يُسعف في ذلك صحة نية فاعلة ، لأن " النيات الصحيحة لا تٌجَوز المسالك المخالفة للجادة المليحة"!.. ، كما لا يُسعف انتفاع بعض الناس بذلك ، لأن " حصول الغرض ببعض الأمور لا يستلزم إباحته " كما قال الإمام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوي 1/ 264 ، ف ( الغاية لا تُسَوغ الوسيلة)!..

ولذا وجدنا السلف الصالح قد بدعوا طريقة القصاص 2 الذين انتهجوا طريقة في وعظ الناس وإرشادهم على خلاف ما دلت عليه الشريعة مع أن ( قصدهم نفع الناس وتوجيههم للخير)! ..، بل ( قد يتذكر بصنيعهم الغافل ، ويرتدع الفاسق)! ..، فتذكر..

قال الحافظ زين الدين العراقي - رحمه الله - في كتابه : ( الباعث على الخلاص من حوادث القصاص) ص: 68 بتحقيق محمد الصباغ ، بعد أن ساق حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - : " فكان مما ( أُحدث) بعده - عليه الصلاة والسلام - ما أحدثه القصاص بعده ، مما أنكره جماعة من الصحابة عليهم .. " .

وقال الدكتور محمد الصباغ في كتابه ( تاريخ القصاص) نقلا عن محقق كتاب ( المذكرة والتذكير والذكر ) ص : 30 بتصرف : " وقد يظن ظان أن موضوع إفساد القصاص لم يعد موجودا الآن ، وإنما هو أمر تاريخي بحت لا يتصل اليوم بواقع الحياة والناس ، وهذا ظن خاطئ بعيد عن الصواب ، ذلك لأن هؤلاء القصاص ما زالوا مع الأسف موجودين بأسماء أخرى يعيثون في الأرض فسادا ، ولئن كان المخادعون الدجالون يظهرون تحت عنوان (القصاص) فيما مضى ، فإنهم يظهرون في أيامنا هذه تحت عنوان (الداعية)، و (الموجه)، و (المربي)، و ( الأستاذ) ، و (الكاتب)، و ( المفكر) ...، وما إلى ذلك من الألقاب الرنانة ، ويبدو أن المجاملة التي ليست في محلها أسهمت في تأخير كشف حقيقة هذا النفر... ، فما يزال كثير من الناس لا يعرفون هؤلاء القوم على حقيقتهم ، ويخلطون بين هؤلاء الجهال وبين الدعاة إلى الله الواعين الصادقين " انتهى.

والذي يؤكد ( بِدْعية) أسلوب التهريج في الوعظ ، مخالفته للحقيقة الشرعية لمفهوم الموعظة في القرآن ..

قال تعالى : { وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا } ، ومثله ما جاء في حديث العرباض - رضي الله عنه : " وعظنا رسول الله - عليه الصلاة والسلام - موعظة (بليغة)! ".

وقال تعالى : { يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدرر وهدى ورحمة للمؤمنين }.

فتأمل لفظة : ( بليغا) ، ( بليغة)، ( شفاء) ، (هدى) ، (رحمة)

فمعاني هذه الألفاظ تباين كل المباينة أسلوب التهريج في الموعظة (!!) ...


وجماع مفهوم الحقيقة الشرعية للوعظ في القرآن : ( الموعظة الحسنة) ..

قال تعالى : { أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن }.

قال البيضاوي - رحمه الله في تفسير الآية : " ..( بالحكمة): بالمقالة المحكمة ، وهو الدليل الموضح للحق ، المزيح للشبهة ، ( والموعظة الحسنة) : الخطابات المقنعة ، والعبر النافعة ، فالأولى : لدعوة خواص الأمة الطالبين للحقائق ، والثانية : لدعوة عامتهم. ( وجادلهم) : وجادل معانديهم ، ( بالتي هي أحسن) : بالطريقة التي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين وإيثار الوجه الأيسر، والمقدمات التي هي أشهر، فإن ذلك أنفع في تسكين لهبهم ، وتبيين شغبهم " تفسير البيضاوي.

وعليه ؛ فلابد أن يكون الواعظ في وعظه على منهج صحيح ، وأسلوب مليح بعيدا عن ( التهريج والفكاهة)!! ..، ولا تستهن - يا رعاك الله - بمغزى هذه المقالة ، فإن أهميتها تكمن في ضرورة إصلاح الواسطة أي : من يعظ الناس وينصحهم ويوجههم فإنه واسطة بين الله وعباده فتنبه.

قال ابن الجوزي - رحمه الله - :" كان الوعاظ من قديم الزمان من العلماء والفقهاء ... حتى إذا خست هذه الصناعة تعرض لها الجهال فأعرض عن الحضور المميزون من الناس ، وتعلق بهم العوام والنساء ، فلم يتشاغلوا بالعلم ، وأقبلوا على القصص ، وما يعجب الجهلة ، و(تنوعت البدع في هذا الفن)!! " تلبيس إبليس ص : 123 .

قلت : هذا قوله - رحمه الله - في زمانه ، فما الذي سيقوله لو أدرك زماننا ؟!

والله المستعان ..

.................................

1. إذا كانت " الدُّعابة بشرطها " عارضة وأحيانا في ثنايا الموعظة كالملح في الطعام.. ، فلا بأس في ذلك..

2. ورد عن بعض السلف والعلماء الحث على "القصص" ، والدعوة إلى سلوك مسلك "القص"، لكن المقصود بذلك : الوعظ والتذكير وفق ما جاء في الكتاب والسنة ، وأنصح في خصوص موضوع القصاص بقراءة كتاب : ( منهج القصاص في الدعوة إلى الله) للدكتور عبد الله بن إبراهيم الطويل.


كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني - عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي -
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:16 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.