تذكير بكلام العلي القدير { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ }

[مروان السلفي الجزائري]

بسم الله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد :

تذكير بكلام العلي القدير { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } .

قال الله تعالى : { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} . هدا ما نغفل عنه كثيرا و دائما - إلا ما رحم الله - عندما ندخل إلى منتدانا المبارك إن شاء الله - كل السلفيين - و لا نلحظ قول الله تعالى الآية الكريمة التي وضعها شيخنا على رأس المنتدى تذكيراً لنا بأن لا نتكلم إلا بما يرضي ربنا مراقبين حال قلوبنا من جهة الإخلاص فيما نقول و ما نذر . و هذا منه - جزاه الله خيرا - إلا تربيةً سلفيةً كما كان النبي صلى الله عليه و سلم يحرص دائما على أن يعلم أصحابه الكرام كيف يصونون ألسنتهم كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاريُ , عن أبي هريرة -رضي اللّه عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت).

أي : يسكت عن الشر فلا يتكلم به .

قال ابن عبد البر رحمه الله في التمهيد ( 35/21) :

(وفي هذا الحديث آداب وسنن، منها التأكيد في لزوم الصمت، وقولُ الخيرِ أفضلُ منَ الصَمتِ؛ لأن قولَ الخيرِ غنيمة، والسكوت سلامة، والغنيمة أفضل من السلامة ).

و قال النووي في شرح مسلم ( 2/18) :

(وأما قوله صلى الله عليه وسلم: " فليقل خيرًا أو ليصمت". فمعناه: أنه إذا أراد أن يتكلم, فإن كان ما يتكلم به خيرًا محققًا يثاب عليه واجبًا أو مندوبًا فليتكلم, وإن لم يظهر له أنه خير يثاب عليه فليمسك عن الكلام, سواء ظهر له أنه حرام أو مكروه أو مباح مستوي الطرفين. فعلى هذا يكون الكلام المباح مأمورًا بتركه , مندوبًا إلى الإمساك عنه , مخافةً من انجراره إلى المحرم أو المكروه , وهذا يقع في العادة كثيرًا أو غالبًا) انتهى .

نسأل الله العافية و السلامة.

قوله تعالى : { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}.

قال ابن كثير رحمه الله :

" ( ما يلفظ ) أي : ابن آدم ( من قول ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إلا لديه رقيب عتيد ) أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون ) الانفطار: 10-12 .

وقد اختلف العلماء : هل يكتب الملك كل شيء من الكلام ؟. وهو قول الحسن وقتادة ، أو إنما يكتب ما فيه ثواب وعقاب كما هو قول ابن عباس ، على قولين ، وظاهر الآية الأول ، لعموم قوله : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )" انتهى.

قال الجوهري : العتيد الشيء الحاضر المهيأ , فهو عتيد مُعَدُّ للكتابة .

و كان علقمة يقول : كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحارث . أي حديث النبي صلوات ربي و سلامه عليه حين قال : (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله له بها رضوانه إلى يوم يلقاه . وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت ، يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ) رواه أحمد و مالك في الموطأ و و ابن ماجه و الترمذي و قال :حديث حسن صحيح .

فلنراقب الله فيما نتكلم و نكتب حتى نسلم لأن السلامة لا تعدلها شيء.

فأستغفر الله و أتوب إليه من كل ذنب .

أحاديث فيها موعظة لنا جميعا:

عن أبي موسى الأشعري قال: قلتُ يا رسولُ اللّه، أيُّ المسلمين أفضلُ؟ قال: (مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسانِهِ وَيَدِهِ) البخاري و مسلم .

عن سهل بن سعد رضي اللّه عنه،عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (مَنْ يَضْمَنْ لي ما بينَ لَحْيَيْهِ وَما بينَ رِجْلَيْهِ، أضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ) البخاري .

عن أبي هريرة، أنه سمع النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إِنَّ العَبْدَ يَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيها يَزِلُّ بِهَا إِلَى النَّارِ أبْعَد مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ) البخاري ومسلم . وفي رواية البخاري: (أبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ) .

عن عقبة بن عامر رضي اللّه عنه قال:قلتُ يا رسولَ اللّه، ما النجاة؟. قال: (أمْسِكْ عَلَيْكَ لِسانَكَ وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ وَابْكِ على خَطِيئَتِكَ) رواه الترمذي و قال : حديث حسن .

و صلى الله على نبينا و سلم .

[عمربن محمد بدير]

بارك الله فيك

[أبو المعالي بن الخريف]

جزاكَ اللهُ خيرًا أن ذكَّرتنا.

[مروان السلفي الجزائري]

تدكير من جديد حتى ينفع الله بها .