عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 01-01-2014, 07:46 PM
رمزي برهوم رمزي برهوم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 237
افتراضي موت أبي رحمه الله عظات وعبر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد انقطعت عن هذا المنتدى المبارك لانشغالي بمرض أبي رحمه الله ثم موته , إنا لله وإنا إليه راجعون
فأحببت من باب وعظ نفسي وإياكم إخوتي ومشايخي الاعزاء أن أذكر لكم بعض ما استفدت من أبي رحمه الله في حياته معافا ومريضا ومن موته رحمه الله
فقد كان أبي رحمه الله أحسبه والله حسيبه من أحلم الناس الذين عرفتهم , إذ لم أره غاضبا ساخطا طوال حياته مع ما عانى من الاذى من أقرب الناس إليه إلا مرة واحدة عندما باع أحد أعمامي قطعة أرض ورثها عن جدي فحزن أبي حزنا شديدا وكنت أراه غاضبا وكان هذا شيء نادر بالنسبة له , ولكنه سرعان ما عفا وسامح , لم أسمعه في حياتي كلها يشتم أو يتكلم بفحش القول ولا يرفع سوطه , وكان رحمه الله مبتسم حامد شاكر ولم أره متسخط وكان دائم التفاؤل والاستبشار وكان مدبر لأموره وأمور العائلة بشكل عجيب حيث إستطاع بدخل زهيد مما بارك الله له فيه أن يبني لنا بيتا كبيرا من ثلاث طبقات وأن يبني لاثنين من أعمامي وأن يبني لأخي الاكبر ولأصغر وأن يزوجنا بشكل يسير وميسر وبتفاؤل وتوكل على الله عجيب
كانت له دكان بقالة صغيرة وكان بعض الناس يستدينون منه ثم لا يسددوا ما عليهم ثم يغيبوا مدة ثم يعودوا ويستدينوا ويعطيهم ! فعندما كنا ننبه على ذلك يقول ويحسن الظن في الناس أنهم لو كانوا يملكوا السداد لسددوا
كان يحب الخير أحسبه والله حسيبه حيث كان كريما واصلا لرحمه وللمحتاجين من قريتنا وكان يعطف حتى على الحيوان والطيور حيث كان يجمع لهم الخبز ويضعه في أنيه كي تأكل خاصة في الشتاء وكان يحب ويعطف على القطط حيث كان يأتي باللبن والنقانق من دكانه ويطعمهن
وكان رحمه الله محافظا على الصلاة ومحافظا على صيام النافلة ومحافظا على ورد من قراءة القران يوميا , فعند بداية مرضه في بداية رمضان الاخير كان عنده علاج إشعاع صعب , فوعظني وقال لي " اسمع إني أصوم رمضان منذ الصغر وأصوم النافلة من سنين عديدة ولي ورد من القران يوميا حيث أني أختم أكثر من ختمة شهريا , وألان وقد مرضت ونحن في شهر الصيام والقران فكل الناس تصوم وأنا مفطر وكلهم يقرأ القران وانا لا استطيع قراءة إلا القليل !! فإغتنم وقتك إغتنم وقتك " فذكرني بقول الرسول صلى الله عليه وسلم "إعتنم خمسا قبل خمس"
وقد إشتد به المرض حيث تفشى السرطان من رأسه الى أخمص قدميه فما رأيته إلا حامدا شاكرا صابرا راضيا محتسبا مثبتا لأمي حفظها الله ويقول لها أنا بخير لا تقلقي حتى أخر ساعاته
كنت عنده في المشفى في أخر أيامه وطلب مني أن أحمله للخلاء وكان كبده ينزف من دبره فنظر الى الدماء وحمد الله وشكره وقال لي" يا بني قد إقترب الاجل كثير واني منذ أيام أحاول أن أتذكر إذا ظلمت أحد أن أتحلل منه قبل فوات الاوان , فالحمد لله لم أجد أني ظلمت أحدا طوال هذه السنين"
* وقد إشتد به النزع فكان يغمى عليه ويفيق فيحمد الله ثم ينطق بالشهادة ولا يتكلم بشيء أخر ساعات وساعات , حتى انفجر كبده ولقي من الام ما لقي فبقي صابرا حتى لقي الله عشر دقائق قبل أذان الجمعة , وبعد خروج روحه تغيرت ملامح وجهه من الكرب والالم الى الراحة والابتسام وصفاء الوجه وأغلق فمه حتى إني لم أستطع نزع طقم أسنانه الذي كان لا يغادر فمه في حياته , فغسلته وجهزته رحمه الله ودفن بعد ساعتين من موته بعد صلاة العصر وحضر الصلاة عليه ودفنه جمع غفير من الناس
فإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لله وإنا إليه راجعون
أسأل الله العظيم أن يغفر لأبي ولجميع موتى المسلمين وأن يجمعنا معهم ومع نبينا وصحابته في جنات النعيم وأن يتوفانا شهداء مقبلين غير مدبرين إنه على كل شيء قدير
رد مع اقتباس