عرض مشاركة واحدة
  #25  
قديم 03-06-2014, 08:03 PM
طارق دامي المغربي طارق دامي المغربي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
الدولة: المغرب/الدار البيضاء/سطات
المشاركات: 827
افتراضي


و لاتكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون

فلما نسوا ربهم سبحانه نسيهم وأنساهم أنفسهم كما قال تعالى:( نسوا الله فنسيهم )

فعاقب سبحانه من نسيه عقوبتين:
أحدهما أنه سبحانه نسيه
و الثانية أنه أنساه نفسه

ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخليه عنه وإضاعته فالهلاك أدنى اليه من اليد للفم

و أما إنساؤه نفسه فهو إنساؤه لحظوظها العالية وأسباب سعادتها وفلاحها وإصلاحها وما يكملها ينسيه ذلك كله جميعه
فلا يخطر بباله ولا يجعله على ذكره و لا يصرف اليه همته فيرغب فيه ,فانه لا يمر بباله حتي يقصده ويؤثره

و أيضا ينسيه أمراض نفسه وقلبه وآلامها فلا يخطر بقلبه مداواتها ولا السعى في إزالة عللها وأمراضها التي تؤول بها الى الفساد والهلاك

فهو مريض مثخن بالمرض ومرضه مترام به إلى التلف ولا يشعر بمرضه ولا يخطر بباله مداواته

وهذا من أعظم العقوبة للعامة والخاصة فاي عقوبة أعظم من عقوبة من أهمل نفسه وضيعها ونسي مصالحها و داءها و دواءها وأسباب سعادتها وصلاحها وفلاحها وحياتها الابدية في النعيم المقيم

ومن تأمل هذا الموضع تبين له أن أكثر هذا الخلق قد نسوا أنفسهم حقيقة وضيعوها وأضاعوا حظها من الله وباعوها رخيصة بثمن بخس بيع الغبن
و إنما يظهر لهم هذا عند الموت ويظهر كل الظهور يوم التغابن يوم يظهر للعبد أنه غبن في العقد الذي عقده لنفسه في هذه الدار و التجارة التى أتجر فيها لمعاده

الجواب الكافي / ابن قيم الجوزية
__________________
يا نائما طول الليل: سارت الرفقة، طلعت شمس الشيب وما انتهت الرقدة، لو قمت وقت السحر رأيت طريق العباد قد غص بالزحام،
ولو وردت ماء مدين وجدت عليه أمة من الناس يسقون.
رد مع اقتباس