عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 09-26-2010, 03:25 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

[ القراءةُ عند العوامِّ بِالقِراءاتِ ]
واعلمْ: أنَّ القراءةَ التي ليست في المصحف الذي بين أيدي النَّاس؛ لا تنبغي القراءةُ بها عند العوامِّ؛ لوُجوهٍ ثلاثةٍ:
الوجه الأول: أن العامَّة إذا رَأَوا هذا القرآن العظيمَ الذي قد ملَأ قلوبَهم تعظيمُه واحترامُه، إذا رأوه مرةً كذا ومرةً كذا؛ تَنزل منزلتُه عندهم؛ لأنَّهم عوام لا يُفرِّقُون.
الوجه الثَّاني: أنَّ القارئ يُتَّهم بأنَّه لا يَعرف؛ لأنه قرأ عند العامَّة بما لا يَعرِفونه؛ فيَبقَى هذا القارئُ حديثَ العوامِّ في مجالسِهم.
الوجه الثَّالث: أنَّه إذا أحسن العامِّيُّ الظنَّ بهذا القارئ وأن عنده علمًا بما قَرأ فذهبَ يُقلِّده؛ فربما يُخطئ ثم يَقرأ القرآن لا على قراءةِ المصحف ولا على قراءة التَّالي الذي قرأها! وهذه مفسدة.
ولهذا قال عليٌّ: «حدِّثوا النَّاس بما يَعرفون؛ أتحبُّون أن يُكذَّب الله، ورسوله»، وقال ابن مسعود: «إنَّك لا تُحدِّث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولُهم إلا كان لبعضهم فتنةً».
وعمر بن الخطَّاب لما سمع هشام بنَ الحكم يقرأ آيةً لم يسمعها عمرُ على الوجه الذي قرأها هشامٌ؛ خاصمه إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لهشام: «اقرأ»، فلما قرأ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هكذا أُنزلت»، ثم قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعُمر: «اقرأ»، فلما قرأ؛ قال النَّبي -صلى الله عليه وسلَّم-: «هكذا أُنزلت»؛ لأنَّ القرآن أنزل على سبعةِ أحرفٍ، فكان النَّاس يقرؤون بها حتى جمعها عثمان -رضي الله عنه- على حرف واحد -حين تَنازع الناس في هذه الأحرف-، فخاف -رضي الله عنه- أن يشتدَّ الخلاف؛ فجمعها في حرف واحد -وهو حرف قريش؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن بُعث منهم-؛ ونُسيَت الأحرف الأخرى.
فإذا كان عمر -رضي الله عنه- فعل ما فعل بِصحابي؛ فما بالُك بعاميٍّ يَسمعك تقرأ غير قراءة المصحف المعروف عنده؟!
والحمدُ لله: ما دام العلماء متَّفقين على أنه لا يجب أن يقرأ الإنسان بكل قراءة، وأنَّه لو اقتصر على واحدة من القراءات فلا بأس؛ فدَع الفتنة، وأسبابها. (1 /17-19)
رد مع اقتباس