عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 11-24-2009, 02:50 AM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
Thumbs up *******القراء السبعة ( 2 )*******

مصطلحات لا بد منها



1- الروايات


***الروايات أو الروايا في اللغة ( كما في لسان العرب مادة ( روي )): جمع رواية, وهي كلمة مشتقة من مادة ( روي ) وهذا اللفظ يستعمل للدلالة على:

أ‌- حمل الشيء: تقول العرب, وان فلانا لراوية الديات: أي حاملها, ويروي الماء أي يحمله, وهم رواة الأحاديث أي: حاملوها.

ب‌- النقل: رويت على أهلي: نقلت لهم الماء, يطلق الرواية: على البعير أو البغل الذي يسقى عليه.

***وفي الاصطلاح ( كما في سراج القارئ لابن القاصح: 13, وغيره ): هي كل خلاف مختار ينسب للراوي عن الامام مما اجتمع عليه الرواة.


ومصدر الروايات هو الوحي, فليس للقراء في الروايات الا النقل.




2- الطرق



***الطرق في اللغة ( كما في معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة ( ط ر ق ), وغيره): جمع طريق, وهي كلمة مشتقة من مادة ( ط ر ق ), وهذا اللفظ يستعمل للدلالة على السبيل الواسع الذي يمر عليه الناس.

***وفي الصطلاح ( كما في النشر في القراءات العشر لابن الجزري 2/199, وغيره): كل خلاف ينسب للآخذ عن الراوي.

ومصدر الطرق هو الوحي أيضا.



3- الأوجه


***الأوجه في اللغة ( كما في معجم مقاييس اللغة مادة ( وج ه ), وغيره ): جمع وجه, وهو لفظ مشتق من مادة ( و ج ه ), وهو يستعمل للدلالة على الظهور والبدور, أو الجهة والناحية, أو النوع والقسم.

***وفي الاصطلاح ( كما في الاتقان في علوم القرآن للسيوطي 1/ 209, وغيره ): هو كل خلاف ينسب لاختيار القارئ.


قال البنا الدمياطي في اتحاف فضلاء البشر (1/ 102), في توضيح هذه المصطلحات:


" واعلم أن الخلاف اما أن يكون للشيخ كنافع, أو للراوي عنه كقالون, أو للراوي عن الراوي وان سفل, كأبي نشيط عن قالون, والقزاز عن أبي نشيط, أو لم يكن كذلك.
فان كان للشيخ بكماله, أي مما اجتمعت عليه الروايات, والطرق عنه فقراءة. وان كان للراوي عن الشيخ فرواية. وان كان لمن بعد الرواة وان سفل فطريق. وما كان على غير هذه الصفة, مما هو راجع الى تخيير القارئ فيه فهو وجه
".



4- الاختيار


***الاختيار في اللغة ( كما في مختار الصحاح للرازي مادة ( خ ي ر ), وغيره ): لفظ مشتق من من مادة ( خ ي ر ), وهو يستعمل للدلالة على الاصطفاء والانتقاء والتفضيل.

***وفي الصطلاح ( كما في القراءات القرآنية لعبدالهادي الفضلي ص 105, وغيره ): الحرف الذي يختاره القارئ من بين مروياته مجتهدا في اختياراته .


وحقيقة الاختيار أن القراء أو الرواة أو الآخذين عنهم كانوا يختارون من مجموع مروياتهم التي سمعوها.


*ذكر ابن الجزري في غاية النهاية (1/ 426) أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقرأ القرآن على قراءة زيد بن ثابت رضي الله عنه الا ثمانية عشر حرفا أخذها من قراءة ابن مسعود رضي الله عنه.


*وكان نافع بن أبي نعيم ( كما في معرفة القراء الكبار للذهبي (1/ 109 )يقول: قرأت على سبعين من التابعين, فنظرت الى ما اجتمع عليه اثنان منهم أخذته, وما شذ فيه واحد تركته, حتى ألفت هذه القراءة من هذه الحروف, وقال: تركت من قراءة أبي جعفر ( من شيوخه, وأحد العشرة ) سبعين حرفا.

*وذكر مكي في الابانة (ص 55) أن الكسائي قرأ على حمزة وهو يخالفه في نحو ثلاث مائة حرف, لأنه كان يتخير القراءات, فأخذ من قراءة حمزة بعضا وترك بعضا.

*وكذلك كان أبو عمرو بن العلاء, وأبو عبيد, وأبو حاتم السجستاني, وغيرهم, وكان لكثير من القراء اختياران أو أكثر.




أقسام القراءات


تنقسم القراءات من حيث القبول والرد الى قسمين:

أولا: القراءة المقبولة: هي كل قراءة صح سندها, ووافقت رسم أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا, ووافقت أحد أوجه العربية.

قال ابن الجزري في طيبة النشر:

فَـكُـلُّ مَـا وَافَــقَ وَجْــهَ نَـحْـوِ *** وَكَــانَ لِلـرَّسْـمِ احْتِـمَـالاً يَـحْـوِي
وَصَــحَّ إسْـنَـادًا هُــوَ الْـقُــرْآنُ *** فَـهَــذِهِ الـثَّـلاثَــةُ الأَرْكَــــانُ
وَحَيثُـمَـا يَخْـتَـلُّ رُكْــنٌ أَثْـبِــتِ *** شُـذُوذَهُ لَــوْ أنَّــهُ فِــي السَّبْـعَـةِ



**أما ضوابطها فهي:


1- ضابط السند: اشترط علماء القراءات لقبول القراءة أن تكون ثابتة مع صحة الاسناد, وهو أهم ما علق عليه العلماء صحة القراءة, فلا بد أولا من ثبوت النقل ثم ينظر في توافر الشروط الأخرى.

2- ضابط الرسم: اشترط علماء القراءات أيضا لقبول القراءة أن تكون موافقة لرسم أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا, لأن موافقة القراءة للرسم قد تكون موافقة له موافقة صريحة أو ظاهرة, أو موافقة محتملة أي مقدرة.

** ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)))فكلمة ( ملك ) قرئت بغير ألف, وهذه القراءة موافقة لخط المصحفموافقة صريحة ظاهرة, وقرئت بالألف, وهذه القراءة موافقة لخط المصحف موافقة محتملة مقدرة ( النشر 1/ 11).


3- ضابط العربية: اشترط علماء القراءات كذلك لقبول القراءة أن تكون موافقة لأحد الأوجه العربية, سواء أكان هذا الوجه فصيحا أم أفصح مجمعا عليه أم مختلف فيه.

ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: (( فتوبوا الى بارئكم )) فكلمة ( بارئكم ) قرئت بكسر الهمز, وهي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم, وابن عامر وحمزة والكسائي, وهذا الوجه هو المشهور في العربية, وقرئت ( بارئكم ) باسكان الهمزة, أو باختلاس الحركة فيها وهي قراءة أبي عمرو, من رواية الدوري عنه وقيل من رواية السوسي ( النشر 2/ 212 ).

وهذا الوجه أقل شهرة من الأول وبناء على هذا الضابط فكلا القرائتين صحيحة ومقبولة. وليس قولنا موافقة العربية بوجه من الأوجه أن نجعل قواعد اللغة العربية هي الحاكمة على القرآن, لكن القرآن, انما نزل بلغة العرب ومحال أن يكون فيه ما يخالف قواعدها الأصلية المجمع عليها, وليس معنى هذا أن نجعل أقول النحاة هي الحاكمة على القرآن بل العكس, لكنا ان وجدنا قراءة وافقت العربية والرسم فانه لا ضير أن نبحث لها عن اسناد أصح وأقوى من الاسناد الذي وصلت به الينا, حيث ان الاسناد كما هو معلوم على مراتب, فمنه الصحيح لنفسه أو لغيره أو الحسن لذاته ولغيره وهكذا...


*وقد تولى حجة المحققين وامام المدققين شيخ القراء ابن الجزري ( كما في النشر 1/ 13-14 ) الرد بنفسه على هذا القول فقال:

" وقد شرط بعض المتأخرين التواتر في هذا الركن ولم يكتف بصحة السند, وزعم أن القرآن لا يثبت الا بالتواتر وأن ما جاء مجيء الآحاد لا يتبت به قرآن, وهذا مما لا يخفى ما فيه, فان التواتر اذا ثبت لا يحتاج فيه الى الركنين الأخيرين من الرسم وغيره, اذ ما ثبت من أحرف الخلاف متواترا عن النبي صلى الله عليه وسلم وجب قبوله, وقطع بكونه قرآنا, سواء وافق الرسم أم خالفه.
واذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابت عن هؤلاء السبعة وغيرهم.
ولقد كنت قبل أجنح الى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف كأبي شامة والجعبري ومكي وغيرهم
".





ثانيا: القراءة المردودة: هي كل قراءة اختل فيها أحد ضوابط القراءة المقبولة التي سبق الحديث عنها.





مصدر القراءات



**بعد تتبع أقوال العلماء, والباحثين في هذه المسألة, يمكن أن نصنف ما قالوه في هذه المسألة على مذهبين:


المذهب الأول: ويرى أصحاب هذا المذهب أن مصدر القراءات هو التوقيف أو الوحي, فالقراءات في الواقع هي جزء من القرآن, وقد ثبت بالأدلة القطعية التي لا تحتمل الشك بأن القرآن الكريم بلفظه ومعناه هو من عند الله عز وجل, ولا دخل لجبريل عليه السلام ولا للرسول صلى الله عليه وسلم في تبديل أي حرف منه مكان الآخر, وبما أن القراءات هي جزء من القرآن اذا فهي من عند الله كذلك, ولا دخل لأحد سواء أكان ملكا أو رسولا أو غيرهما أن يغير فيها شيئا بزيادة أو نقصان أو ابدال.

**وأدلة هذا المذهب من القرآن والسنة كثيرة منها:

1- من الأدلة القرآنية التي تدل دلالة صريحة على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يبدل حرفا بحرف, أو كلمة بكلمة, قوله تعالى: ((وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ)) سورة يونس آية 15.
2- قوله تعالى: ((وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً)) الإسراء آية 106.
وقوله تعالى: ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) )) الحاقة.

**واذا كان القرآن صريحا بأن مصدر القراءات هو الوحي فالسنة النبوية صريحة وواضحة في ذلك أيضا.
ومن أدلتها:

1- ما رواه البخاري (( الصحيح 6/ 100 باب أنزل القرآن على سبعة أحرف )) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ )).

المذهب الثاني: ويرى أصحابه أن مصدر القراءات غير توقيفي, ولكنهم اختلفوا في تحديد هذا المصدر على ثلاثة أقوال:

القول الأول: منهم من يرى أن مصدر القراءات هو لهجات العرب ولغاتهم, يقول الدكتور طه حسين في عرضه لهذا المذهب: (( وهنا وقفة لا بد منها, ذلك أن قوما من رجال الدين فهموا أن هذه القراءات السبع متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بها جبريل على قلبه, فمنكرها كافر من غير شك ولا ريبة. ولم يوفقوا لدليل يستدلون به على ما يقولون سوى ما روي في الصحيح من قوله عليه السلام: (( أنزل القرآن على سبعة أحرف )) والحق أن ليست هذه القراءات السبع من الوحي في قليل, ولا كثير, وليس منكرها كافرا, ولا فاسقا, ولا مغتمزا في دينه, وإنما هي قراءات مصدرها اللهجات واختلافها... فإنك ترى أن هذه القراءات التي عرضنا لها, إنما هي مظهر من مظاهر اختلاف اللهجات )).( كما في الأدب الجاهلي لطه حسين ص 95-96 )

وهذا المذهب كما نرى ليس له دليل صريح يعتمد عليه ويصادم – ما سبق – من الأدلة الواضحة من الكتاب والسنة والتي تفيد أن القراءات من الوحي المنزل.



القول الثاني: ومنهم من يرى أن مصدر القراءات إنما هو اجتهاد من القراء, وهذا مخالف لما عليه المسلمون عامة علما وعملا.
وأصحاب هذا المذهب ليس لهم أي دليل يفيد القطع, وإنما هي بعض الأحاديث يوهم ظاهرها ما ذهبوا إليه, وإن كان حقيقة أمرها خلاف ذلك ( كما في القراءات القرآنية ص 82 ).

**وممن ذهب هذا المذهب قوم من المتكلمين, وابن مقسم ( ويحكى أنه تاب عنه ورجع كما في معرفة القراء الكبار 1/ 306 ), وأبو القاسم الخوئي( من أشهر علماء الشيعة ).


القول الثالث: ومنهم من يرى أن مصدر القراءات رسم المصحف, الذي كان خاليا من النقط والشكل.
وهذا القول رأي خاطئ, وزعم باطل, وفرية منكرة تتنافى مع قضايا العقل, وقوانين المنطق السليم والواقع التاريخي المعتمد.

**وممن ذهب هذا المذهب المستشرق جولد زيهر, وصلاح الدين المنجد وغيرهم, وتراجع عن هذا الرأي الدكتور علي عبدالواحد وافي ( كما في رسم المصحف لعبد الفتاح شلبي ص 20, ومذاهب التفسير الاسلامي لجولد زيهر ص 8, والقراءات القرآنية ص 82 ).

وبعد عرضنا لهذه القضية – بما يناسب هذا المقام- يظهر لنا بشكل واضح وجلي أن المذهب الأول الذي يذهب أصحابه إلى أن مصدر القراءات هو توقيفي من الوحي الإلهي هو المذهب الصحيح, الذي تؤيده الأدلة الصحيحة الصريحة التي سبق عرضها, ويوافق العقل السليم, والإعجاز القرآني, ولم تعرف البشرية كتابا حظي بالعناية والاهتمام على مدى الأجيال مثل القرآن الكريم, سواء من حيث كتابته ورسم حروفه, أم من حيث تلاوته وتحقيق قراءته, أم معرفة أحكامه وبيان معانيه.



يتبع بعون الله
رد مع اقتباس