عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 02-02-2017, 05:58 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

أما شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الآخرة فلها صورتان :

1. ‌‌شفاعته - صلى الله عليه وسلم - فيمن استحق النار من عصاة المؤمنين أن لا يدخلها، وهي شفاعة عامة لكافة الأنبياء.
انظر : [شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين رحمه الله - تعالى - 395 - 397].

2. ‌ و‌‌شفاعته - صلى الله عليه وسلم - فيمن دخل النار أن يخرج منها كشفاعته - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته : (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي) (صحيح) رواه (أحمد وأبو داود النسائي وابن حبان والحاكم) عن جابر. و (الطبراني في الكبير) عن ابن عباس. و (الخطيب) عن ابن عمر وكعب بن عجرة - رضي الله عنهم أجمعين -. انظر : [صحيح الجامع 3714].

وقد أنكر هذه الشفاعة الخوارج والمعتزلة ونفوا شفاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأهل الكبائر من أمته يوم القيامة، لأن مذهبهما في فاعل الكبيرة أنه مخلد في نار جهنم، فيرَوْن أن من زنى كمن أشرك بالله - تعالى -. لا تنفعه الشفاعة، وأن الله لا يأذن لأحد بالشفاعة له.

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في رحمه الله عَنْ الشَّفَاعَةِ فِي أَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَلْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ أَمْ لَا ؟.

فَأَجَابَ: "إنَّ أَحَادِيثَ الشَّفَاعَةِ فِي "أَهْلِ الْكَبَائِرِ" ثَابِتَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقَدْ اتَّفَقَ عَلَيْهَا السَّلَفُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانِ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ.

وَإِنَّمَا نَازَعَ فِي ذَلِكَ أَهْلُ الْبِدَعِ مِنْ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ. وَلَا يَبْقَى فِي النَّارِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ بَلْ كُلُّهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَيَبْقَى فِي الْجَنَّةِ فَضْلٌ. فَيُنْشِئُ اللهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ يُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -]. [مجموع الفتاوى (4/ 309)].

وقال رحمه الله: "وَقَدْ تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ {يَخْرُجُ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ}" . [مجموع الفتاوى" (13/ 56)].

وقال رحمه الله : [وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَ اتِّفَاقِ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا مُتَطَابِقَةٌ عَلَى أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ مَنْ يُعَذَّبُ وَأَنَّهُ لَا يَبْقَى فِي النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إيمَانٍ]. [مجموع الفتاوى (18/ 191- 192)].

ويشفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيمن يدخل الجنة بغير حساب : فعن أبي هريرة – رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (فأنطلق ، فآتي تحت العرش، فأقع ساجدًا لربي، ثم يفتح الله عليَّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه لأحد قبلي، ثم يقال : يا محمد ! ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول : يا رب أمتي أمتي، فيقال : يا محمد ! أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفسي بيده إن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى). (أحمد والبخاري ومسلم والترمذي). (صحيح) انظر : [صحيح الجامع 1466].‌

وعن سهل بن سعد – رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا أو سبعمائة ألف متماسكون آخذ بعضهم بيد بعض لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم وجوههم على صورة القمر ليلة البدر). (متفق عليه). (صحيح) انظر : [صحيح الجامع 5365].‌

وعن ثوبان– رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا). (صحيح) رواه : (أحمد ومسلم) انظر : [صحيح الجامع 5366].‌

أسأل الله العظيم رب العرش العظيم ان يجعلني وإياكم منهم.


يُتبَع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس