عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 07-03-2010, 12:56 PM
أم سلمة السلفية أم سلمة السلفية غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2009
المشاركات: 1,772
افتراضي

الجمع بين قوله تعالى: {يحاسبكم به الله}
وقوله في الحديث: " إن الله تجاوز .. "


سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

كيف نجمع بين قوله تعالى (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) وبين معنى الحديث الشريف الذي هو (أن الله تجاوز بأمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم ما حدثت به أنفسها ما لم تفعله أو تتكلم به)؟

[الجواب]

الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الذي أشرت إليه هو في قوله تعالى: {لا يكلف الله نفساً إلى وسعها} فما كان بوسع الإنسان فإنه مؤاخذٌ به وما كان ليس بوسعه فهو غير مؤاخذٌ به.

فقوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله} جاءت الآية بعده {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} فالخواطر التي ترد على المرء ولا يركن إليها ولا يطمئن لها وإنما هو حديث نفسٍ عابر لا يركن إليه ولا يأخذ به هذا لا يؤاخذ به لأنه من غير طاقة المرء أو لأنه فوق طاقة المرء.

أما إذا كانت الهواجس التي ترد عن القلب يطمئن إليها الإنسان ويأخذ بها فإنه عمل يؤاخذ به العبد ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى "، وأخبر عليه الصلاة والسلام عن الرجل يقاتل أخاه المسلم فقال عليه الصلاة والسلام: " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار "، قالوا: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: "لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه" .

فالمهم أن ما يرد على القلب إذا اطمأن إليه الإنسان وأخذ به واعتبره فإنه يؤاخذ عليه أما الهواجس التي تطرأ ويحدث الإنسان نفسه فيها ولكنه لا يركن إليها فلا يؤاخذ بها مثل لو كان يحدث الإنسان نفسه هل يطلق زوجته أو لا نقول إن الزوجة لا تطلق حتى لو نوى أن يطلقها فإنها لا تطلق لأن الطلاق لا يكون إلا بالقول أو بما يدل عليه من الفعل كالكتابة ولا يؤاخذ بهذا وكذلك لو نوى أن يتصدق بهذه الدراهم وعزم ولكنه ما دفعها إلى الآن فإنه لا يلزمه التصدق بها سواءٌ نواها لشخصٍ معين أو نواها صدقةً ولم يعين من يتصدق بها عليه فإنه لا تلزمه الصدقة.

سلسلة فتاوى نور على الدرب للعثيمين.
__________________
أمُّ سَلَمَةَ السَّلَفِيَّةُ
زَوْجَـةُ
أَبِـي الأَشْبَـالِ الْجُنَيْـدِيِّ الأَثَـرِيِّ
رد مع اقتباس