عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 12-24-2017, 07:39 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

4. المصالح المرسلة :

المصالح المرسلة :
هي المصالح التي لم يشرع الشارع أحكامًا لتحقيقها، ولم يقم دليل مُعَيَّنٌ على اعتبارها أو إلغائها، والمقصود بتشريع الأحكام تحقيق المصالح للناس بجلب المنافع لهم، ودرء المفاسد عنهم.

ومصالح الناس ثلاثة أنواع من حيث اعتبار الشارع لها :

1.
النوع الأول : مصالح اعتبرها الشارع وشرع الأحكام لتحقيقها، مثل مصلحة حفظ النفس، فقد شرع لها القصاص، ومصلحة حفظ المال شرع لها عقوبة قطع يد السارق، ومصلحة حفظ العقل شرع لها عقوبة شرب الخمر.

2. النوع الثاني : مصالح ألغاها الشارع الحكيم ولم يعتبرها لأنها تفوِّت مصلحة أكبر، مثل الاستسلام للعدو، لم يعتبره الشارع وإن كان فيه مصلحة حفظ نفوس المحاربين، لأن رعاية هذه المصلحة يفوِّت مصلحة أعظم هي حفظ البلاد من استعمار العدوِّ لها وإهدار كرامة أبنائها، ولهذا شرع القتال لدفعه وصدِّه.

3. النوع الثالث : مصالح لم يقم دليل من الشارع على اعتبارها أو إلغائها بنصٍّ أو إجماعٍ قياسٍ أو استحسان، قال الجمهور يجوز للمجتهد إيجاد الحكم المناسب لتحقيق هذه المصلحة للناس.

ومثاله : جمع القرآن في مصحف واحد من قِبَلِ أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -، وتدوين الدواوين من قِبَلِ عمر – رضي الله عنه -، واتخاذ الصحابة السجون، وقتل الجماعة بالواحد، وتضمين الصناع ما يهلك بأيديهم من أموال الناس، وحق وليِّ الأمر في فرض الضرائب على الأغنياء عند الضرورة، ونحو ذلك.
5. سد الذرائع :

الذرائع معناها :
الوسائل والطرق والأفعال التي تؤدي نتائجها إلى تحقيق غرض معين، تفتح إذا كانت تفضي إلى الخير. وإن كانت تفضي إلى الحرام والفساد وجب سدها ومنعها.

ولكن غلب عليها استعمال الوسائل المؤدية إلى الشر والمفاسد، ولهذا قيل سد الذرائع، ويُراد به منع الأفعال وسد الطرق المؤدية إلى الشر والفساد، حسمًا لهذه الوسائل؛ فهو أصل فقهي معتبر تستقى منه الأحكام، وقد أخذ به الأئمة المجتهدون، وكان أكثرهم أخذًا بهذا المصدرالأمام مالك والإمام أحمد بن حنبل - رحمهم الله تعالى -.
والذرائع منها :

1.
ذريعة فاسدة بذاتها وتؤدي إلى نتيجة فاسدة، كالزنا، ولذلك حرمه الشارع، ومثله الربا، وأكل مال الناس بالباطل، وغيره مثله فهو حرام.

2. وسيلة حلال بذاتها، قد تؤدي إلى حرام وجب منعها؛ فبيع السلاح وشراؤه للدفاع عن الوطن والنفس والعرض والمال حلال؛ ولكن قد يترتب مفسدة أكبر إذا ساء استخدامه، أو بيع بلا ضوابط في زمن الفتن.

ومثله العنب هو حلال مباح قد يتخذ فاكهة تؤكل، فلا يمنع زراعته لاحتمال المصلحة، فإن زُرِع ليبيعه لمن يعلم عنه أنه يصنِّعْهُ خمرًا، صار حرامًا وجب تركه؛ حتى لا يعينه على عمله، أو يبوء بإثمه، لأن الإنسان مسؤول عن فعله، قال الله – تعالى - : ﴿كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [سورة المدثر 38].

وعليه أن يوازن بين المصالح والمفاسد؛ فإن وجد احتمالا لمفسدة "درء المفاسد أولى من جلب المنافع".

3. وسائل مباحة بذاتها أحلها الشارع الحكيم كالزواج، فإن تزوج من مطلقة ثلاثًا مُضمرًا تحليلها فقط ثم طلاقها كوسيلة لتعود إلى زوجها، فيمنع من ذلك لأنه لم يتزوج بنية بناء أسرة، إنما تزوج لأجل أن يُحِلَّها لزوجها الأول فنكاحه باطل، ولا تحل للأول وهي وسيلة فاسدة حذر منها الشارع الحكيم ولعن االله المحلل والمحلل له، ويمنع إطلاق البصر للأجنبي والأجنبية من غير المحارم، بغض النظر عن قصد صاحبه، لأن الناظر والمنظور إليه لا يأمن الفتنة، فإن كان المآل فسادًا، كان الفعل المؤدي إليه ممنوعًا سدًا لذريعة الفساد، وإن لم يقصد الفاعل بفعله الفساد. [نقلا عن المدخل إلى الشريعة (ص 171) باختصار].


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس