عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 03-13-2010, 04:21 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم

فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم

عن أبي داود - رحمه الله - قال : [ حدثنا محمد بن كثير قال : ثنا سفيان قال : كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر ح وثنا الربيع بن سليمان المؤذن قال : ثنا أسد بن موسى قال : ثنا حماد بن دليل قال : سمعت سفيان الثوري يحدثنا عن النضر ح وثنا هناد بن السري عن قبيصة قال : ثنا أبو رجاء عن أبي الصلت وهذا لفظ حديث بن كثير ومعناهم، قال : كتب رجل إلى عمر بن عبد العزيز يسأله عن القدر.

فكتب أما بعد :


[ أوصيك بتقوى الله، والاقتصاد في أمره، واتباع سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وترك ما أحدث المحدثون بعد ما جرت به سنته، وكفوا مؤنته، فعليك بلزوم السنة، فإنها لك - بإذن الله – عصمة، ثم اعلم أنه لم يبتدع الناس بدعة إلا قد مضى قبلها ما هو دليل عليها، أو عبرة فيها، فإن السنة إنما سَنّها مَن قد علم ما في خلافها، - ولم يقل ابن كثير : من قد علم من الخطأ والزلل والحمق والتعمق -. فارض لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، فإنهم على علم وقفوا، وببصر نافذ كُـفوا، ولهم على كَشف الأمور كانوا أقوى، وبفضل ما كانوا فيه أولى، فإن كان الهدى ما أنتم عليه، لقد سبقتموهم إليه.
ولئن قلتم :
إنما حدث بعدهم، ما أحدثه إلا من اتبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم، فإنهم هم السابقون فقد تكلموا فيه بما يكفي، ووصفوا منه ما يشفي، فما دونهم من مُقصّر، وما فوقهم من مُحسّر . وقد قصر قوم دونهم فجَفوْا، وطمح عنهم أقوام فغَلوْا، وإنهم بَينَ ذلك لعلى هدى مستقيم.
كتبت تسأل عن الإقرار بالقدر، فعلى الخبير - بإذن الله - وقعت، ما أعلم ما أحدث الناس من مُحدَثه ولا ابتدعوا من بدعة هي أبيَنُ أثرا، ولا أثبتُ أمرا من الإقرار بالقدر.
لقد كان ذِكرُهُ في الجاهليةِ الجهلاء، يتكلمونَ به في كلامِهم، وفي شعرهم، يُعَزّون بهِ أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يَزدْهُ الإسلام بعدُ إلا شدة.
ولقد ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غير حديث ولا حديثين، وقد سَمِعهُ منه المسلمونَ فتكلموا به في حياته وبعد وفاته يقينا وتسليما لربهم، وتضعيفا لأنفسهم أن يَكونَ شيء لم يُحِط به علمه، ولم يُحصهِ كتابه، ولم يمضِ فيه قدره.
وإنه مع ذلك لفي مُحكَمِ كتابه، منه اقتبسوه، ومنه تعلموه، ولئن قلتم لِمَ أنزل الله آية كذا، ولم قال كذا، لقد قرأوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك كله بكتاب وقدر، وكتبت الشقاوة، وما يُقدّرْ يكن، وما شاء اللهُ كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا. ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا ]. قال الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - : ( أثر صحيح مقطوع ). انظر : [ سنن أبي داود. كتاب السنة . 4/202 رقم 4612].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس