عرض مشاركة واحدة
  #22  
قديم 07-16-2010, 07:09 PM
عبد الله بن مسلم عبد الله بن مسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 5,131
افتراضي

هذا سؤال موجة إلى الاخوة الذين يقولون بكفر تارك أعمال الجوارح بالكلية، لو اتفقنا جميعاً أن هذا هو الصواب، فكيف نقوم بتنزيل هذا الحكم على الأعيان ؟ فكيف نعلم من عمل خيراً قط في حياته، و من لم يعمل خيراً قط ؟ و أيضاً ما هي الأعمال التي تدخل تحت ما هو "خير" ؟ فهل مثلاً إتيان الرجل أهله (و هو صدقة كما في الحديث) يعتبر خير يثاب فاعله، أم لا يدخل هذا تحت مسمى خير ؟ و إنفاق الرجل على أولاده أو أبويه، فهل هذا يدخل تحت خير أم لا ؟ فما هي الضوابط لتنزيل هذا الحكم الشرعي على الأعيان و كيف نحكم على أحد أنه لم يعمل خيراً قط ؟ فهذا أمر مهم لأنه قد يفتح الباب لتكفير عامة المسلمين بحجة أنهم تركوا جميع أعمال الجوارح. كما أن التطبيق العملي للحكم الشرعي مهم جداً و يجب ضبطه، و في هذه الحالة لا نستطيع ضبط الأمر بسهولة، فكيف نحكم على أحد ما بعينه أنه لم يعمل خيراً قط في حياته ؟

و أضيف للفائدة، الكلام هنا عن المسلم الذي قال لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه (و الاخلاص في القلب لا يعلمه إلا الله)، و في هذا الحديث إشارة لطيفة لمن تدبره:

(عن أبو موسى الأشعري) أتيت النبي صلى الله عليه و سلم ومعي نفر من قومي فقال : أبشروا و بشروا من وراءكم أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقا دخل الجنة فخرجنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم نبشر الناس فاستقبلنا عمر بن الخطاب فرجع بنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من ردكم ؟ قالوا : عمر قال : لم رددتهم يا عمر ؟ فقال عمر إذا يتكل الناس قال فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم.

و فائدة أخرى هي أن من قال لا إله إلا الله فهذا عمل خير. ففي الحديث ( إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها قال : قلت يا رسول الله ! أمن الحسنات لا إله إلا الله ! قال : هي أفضل الحسنات ). مما يشير إلى أن من يقول لا إله إلا الله مخلصاً من قلبه فقد أتى بعمل خير، و أن قول الشهادة يدخل تحت مسمى العمل.

و في صحيح البخاري: أن عتبان بن مالك ، وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ممن شهد بدرا من الأنصار : أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، قد أنكرت بصري ، وأنا أصلي لقومي ، فإذا كانت الأمطار ، سال الوادي الذي بيني وبينهم ، لم أستطع أن آتي مسجدهم فأصلي بهم ، ووددت يا رسول الله ، أنك تأتيني فتصلي في بيتي ، فأتخذه مصلى ، قال : فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : سأفعل إن شاء الله . قال عتبان : فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حين ارتفع النهار ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنت له ، فلم يجلس حتى دخل البيت ، ثم قال : أين تحب أن أصلي من بيتك . قال : فأشرت إلى ناحية من البيت ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر ، فقمنا فصففنا ، فصلى ركعتين ثم سلم ، قال : وحبسناه على خزيرة صنعناها له ، قال : فثاب في البيت رجال من أهل الدار ذوو عدد ، فاجتمعوا ، فقال قائل منهم : أين مالك بن الدخيشن أو ابن الدخشن ؟ فقال بعضهم : ذلك منافق لا يحب الله ورسوله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تقل ذلك ، ألا تراه قد قال لا إله إلا الله ، يريد بذلك وجه الله . قال : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنا نرى وجهه ونصحيته إلى المنافقين ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله ، يبتغي بذلك وجه الله .
__________________
قال سفيان الثوري (ت161هـ): "استوصوا بأهل السنة خيرًا؛ فإنهم غرباء"
رد مع اقتباس