عرض مشاركة واحدة
  #183  
قديم 09-14-2015, 02:17 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ما الفرق بين الغِلِّّّ والقيد ؟

ما الفرق بين الغِلّ والقيْد ؟.

لبيان الأحاديث المتقدمــــة أعلاه :

الفرق بين الغِلِّ والقَيْدِ :
أنّ الغِلِّ هو المربوط بالعنق، قال - تعالى - : {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا} (1)، واما القيد فيكون في الرِّجْل.

قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله – تعالى – في شرح الحديث : [قوله : (باب القيد في المنام) (2) : أي : من رأى في المنام أنه مُقَيَّدٌ ما يكون تعبيره ؟.

وظاهر إطلاق الخبر أنه يعبر بالثبات في الدين في جميع وجوهه، لكن أهل التعبير خصوا ذلك بما إذا لم يكن هناك قرينة أخرى، كما لو كان مسافرًا أو مريضًا، فإنه يدل على أن سفره أو مرضه يطول، وكذا لو رأى في القيد صفةً زائدةً كمن رأى في رجله قيدًا من فضةٍ فإنه يدل على أن يتزوج، وإن كان من ذهب، فإنه لأمر يكون بسبب مال يتطلبه، وإن كان من صُفر فإنه لأمر مكروه أو مال فات، وإن كان من رصاص، فإنه لأمر فيه وهن، وإن كان من حَبْلٍ فلأمر في الدين، وإن كان من خشَبٍ فلأمْرٍ فيه نفاق، وإن كان من حَطَبٍ فلتهمة، وإن كان من خِرْقَةٍ أو خَيْطٍ فلأمرٍ لا يدوم.

قال ابن العربي : [إنما أحبوا القيد لذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - له في قسم المحمود فقال : " قيد الإيمان الفتك، وأما الغل فقد كُرِهَ شرعًا في المفهوم كقوله : {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} (3) و {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ} (4) و {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} (5) و {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ} (6)، وإذا جعل القيد ثباتا في الدين، لأن المقيد لا يستطيع المشي فضرب مثلا للإيمان الذي يمنع عن المشي إلى الباطل].

قال النووي : [قال العلماء : إنما أحب القيد لأن محله الرِّجْل، وهو كفٌ عن المعاصي والشر والباطل ... وأبْغَضَ الغِلَّ لأن محله العنق، وهو صفة أهل النار].

وأما أهل التعبير فقالوا : [إن القيد ثباتٌ في الأمر الذي يراه الرائي بحسب من يرى ذلك له، وقالوا : إن انضم الغل إلى القيد دل على زيادة المكروه، وإذا جعل الغل في اليدين حُمِدَ لأنه كفٌّ لهما عن الشر، وقد يدل على البخل بحسب الحال. وقالوا أيضا : إن رأى أن يديه مغلولتان فهو بخيل، وإن رأى أنه قيدَ وغُلَّ فإنه يقع في سجن أو شدة].

قال القرطبي : [هذا الحديث وإن اختلف في رفعه ووقفه فإن معناه صحيح، لأن القيْدَ في الرجلين تثبيت للمقيَّدِ في مكانه، فإذا رآه من هو على حالةٍ كان ذلك دليلاً على ثبوته على تلك الحالة.
وأما كراهةُ الغل فلأن مَحَلَّهُ الأعناق نَكالًا وَعُقوبَةً وَقَهْرًا وَإِذلالا، وقد يُسحَبُ على وجههِ وَيَخِرّ على قفاه، فهو مذموم شرعًا وعادَة، فرؤيته في العنق، دليلٌ على وقوع حال سيئة للرائي تلازمه ولا ينفك عنها، وقد يكون ذلك في دينه كواجبات فرَّط فيها، أو معاصٍ ارتكبها، أو حقوقٍ لازمةٍ له لم يوفِّها أهلها مع قدرته، وقد تكون في دنياه كشدة تعتريه أو تلازمه ...]. اهـ.

____________
(1) [سورة يس 8] وذلك في قوله - تعالى - : {إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالًا فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ}.
(2) انظر : [فتح الباري شرح صحيح البخاري (6614). كتاب التعبير الحاشية رقم 1].
(3) [سورة الحاقة 30].
(4) [سورة غافر 71]. وقوله – تعالى - : {إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ}
(5) [سورة الإسراء 29]. وقوله – تعالى - : {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا}.
(6) [سورة المائدة 64]. وقوله – تعالى - : {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَل يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس