عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 09-13-2013, 06:55 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي

سيّد قطب كاتب أديب عنده حماسة لتطبيق الإسلام وغيرة على حدوده وعاش حياته من أجل قضية قيام دولة تطبّق الإسلام وتقيم الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية على أساسه لكنّ جهله بكثير من أحكام الشريعة وتحرّره من قواعدها وما أثارته البيئة التي عاش فيها من مؤثرات سلبية وضغوط نفسية قد أفسد تصوّره للأمور ولم يجد من رافد يمدّه بحلول معقولة لواقعه الأليم غير تلك الروافد التي كانت تعجّ بها الصحافة العالمية والمطابع المصرية فتلّقف فكرة الثورة وأشربها قلبه فصار ثوريا من طراز أوّل متمردّا على كلّ شيء إلاّ على قضيّته التي عرف مقاصدها وجهل وسائلها فصار كمن آمن بالجنّة ولم يعرف الطريق الموصلة إليها فهو يخبط في بيداء الفكر خبط عشواء يصيب تارة ويخطيء أخرى وقد أثّر الفشل عن تحقيق المراد ودخول السجن في نفسية سيّد وفكره تاثيرا شديدا حتى صار يتلمّس من بعيد أثر التربية الصحيحة في تكوين الجماعة وأثر الجماعة في قيام المجتمع واثر المجتمع في قيام الدولة ودور الدولة في صناعة التمكين لكنّها مصطلحات عامة بدلالات واسعة فقد فيها صاحبها أدوات الفهم السليم لإنقطاع سنده عن كتب التراث فهو هجين الفكر متقلّب المزاج لكنّه مؤمن الفكرة قوي العزيمة عظيم التأثير وقد إنتقل فكره إلى مرافقيه ومحبّيه وأتباعه وبدأت سلسلة من الصراع بين هؤلاء وبين من يسمّونهم بالتقليديين ورفعت رايات خادعة وشعارات زائفة وإلتفّ الشباب حول اللواء الجديد مفارقين بذلك جماعة المسلمين وهو يرون في أنفسهم الجماعة المسلمة القائمة بأمر الله في أرضه وباقي المسلمين ليسوا سوى جيوش للجاهلية الهادرة تلطمهم بأمواجها وتغريهم بمفاتنها وبدأ تطويع مصطلحات الشريحة لتوافق أفكار القوم وتقريراتهم ووجد دعاة الفكر الجديد في أفغانستان بيئة ملائمة لتجنيد الشباب وتدريبهم على القتال وشحذ عزائمهم للعودة إلى بلدانهم والقيام بثورات تهدّد نظم الحكم في العالم الإسلام ثمّ تطوّر الأمر لشنّ حرب عالمية بدعوى الدفاع عن الإسلام وحقّ المستضعفين في الحياة ولم تزل تلك المصانع تثير العجب من قدرتها على التأقلّم مع تحديات المحيط لتعلن أنّ سيّدا حيّ في ظمير اتباعه ووجدانهم وإن إستطاع أعداؤه قتل سيّد (الشخص) فإنّهم لم يقدروا على قتل سيّد (الفكرة) !
ختاما : لا يمكن أبدا الزعم بمحاربة سيّد (الفكرة) مع تمجيد سيّد (الشخص) ذلك أنّ (الفكرة) تستمدّ قداستها وهالتها من قداسة (الشخص) وهالته !
والقضاء على (الفكرة) يبدء - حتما - بالقضاء على قداسة وهالة (صاحبها) .

رحم الله سيّدا وهدى الله أتباعه
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس