عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 07-04-2016, 10:06 PM
أبو عبد الله عادل السلفي أبو عبد الله عادل السلفي غير متواجد حالياً
مشرف منبر المقالات المترجمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الولايات المتحدة الأمريكية
المشاركات: 4,043
افتراضي

بسم الله ..


** رسائل رمضانية (27) ..


ما نراه من تعلق المسلمين بشهر رمضان وإقبالهم فيه - عامة - على طاعة الرحمن مع اختلاف أجناسهم .. ، وتبابن ألوانهم .. ، وتباعد ديارهم .. ، وتفاوت أعمارهم ..، يدل على لفت النظر إلى مقصد عظيم من مقاصد الشريعة ألا وهو ( الاجتماع )؟! ..، ف " من القواعد العظيمة التي هي جماع الدين : تأليف القلوب واجتماع الكلمة ، وصلاح ذات البين ..، وأهل هذا الأصل هم أهل الجماعة ، كما أن الخارجين عنه هم أهل الفرقة " الفتاوي للإمام ابن تيمية - رحمه الله - 28/51.

لكن ( مفهوم الاجتماع ) عند الكثيرين - بل وعند بعض النخبة (!!) - قد شابه ما شابه من " المظهرية الجوفاء "!! ..، حيث تجد الحرص على مجرد الدعوة إلى الاجتماع دون مراعاة ( ماهيته )؟! ..، والنتيجة : اجتماع الأشباح وتنافر الأرواح (!!) ..، فحصل من جرائه - خاصة في الميدان الدعوي (!) - : تصدع داخلي تحت لباس الدين .. ، و تبدى الترنح بين ضجيج الشعارات ، واضطراب الخطوات ..، إلا من رحم رب الأرض والسماوات ..

فمن الضروري - إذن - الوقوف (عند/مع) الحقيقة في هذا الباب المتمثلة في (نهج الاجتماع )؟! ..الذي نشهد به " مشهد الاعتصام بحبل الله تعالى " مصداقا لقوله جل وعلا : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ..
قال العلامة أبو السعود - رحمه الله - عند تفسير قوله تعالى : ( ولا تفرقوا ) : " لا تحدثوا ما يوجب التفرق ، ويزيل الألفة " إرشاد العقل السليم 1/526 .

وعليه ؛ فمما هو معيب في مقامنا هذا : الاستغراق في ( الحكم التكليفي للاجتماع = الإيجاب )!! ..مع أنه ليس محلا للنزاع ..، وبالمقابل : ( إهمال الحكم الوضعي له = مراعاة الحقوق وزوال الموانع ) ..مع أنه الأساس في الموضوع ..، فالأمر بالاجتماع من جملة الأوامر التي لا تتحقق فينا - على وفق مراد الله تعالى (!) - إلا بتوفير الشروط والحرص على إزالة الموانع ..، ف " الأمر بالشيء أمر به وبما لا يتم إلا به " !! ..

قال الشيخ رشيد رضا - رحمه الله - في معرض كلامه عن الاجتماع : " ..لا أدعوكم إلى اجتماع مبهم أو خيالي ، ولا إلى تعاون مطلق أو إجمالي ، بل أدعوكم إلى الاجتماع لإزالة ( موانع الاجتماع )!! " مقالات الشيخ رشيد الرضا السياسية 2/687.

فالحذر الحذر من ( صناعة الغثائية )!! ولو على صعيد الخطاب ، فإن التنادي للاجتماع بمبعدة عن ( نهجه وحقيقته = شروط الاجتماع ، والحرص على إبعاد موانعه ) التي يقوم عليها شرعا : " نزعة حركية "! ..، و " لوثة حزبية "! ..

فالله الله في شهود ( مشهد الاعتصام بحبل الله )؟! ..ف " الاعتصام ب ( حبل الله ) يحمي من البدعة وآفات العمل " المدارج للإمام ابن القيم - رحمه الله - 2/53.

فإذا كان شهودنا لصيام رمضان وفق شروط وزوال موانع ..، فيجب - أيضا - أن نعتبر ذلك - دون مصانعة ولا مجاملة (!!) - عند شهودنا لأمر الاجتماع الذي نلمسه معنا وحسا في هذا الشهر المبارك ..

قال الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي - رحمه الله - : " ( المصانعة والمجاملة ) في الدين ليست سبيل الاتحاد والاتفاق كما يظن الذين يصانعون ويجاملون ، وما هي إلا الخداع والغش ، وما علمنا أن أمة أسعدها الغش أو رفعها الخداع " النظرات ص : 68 - 69 .

والله المستعان ...، وعليه التكلان ..

كتبه :
أبو أويس رشيد بن أحمد الإدريسي الحسني عامله الله بلطفه الخفي وكرمه الوفي .
__________________
قال أيوب السختياني: إنك لا تُبْصِرُ خطأَ معلِّمِكَ حتى تجالسَ غيرَه، جالِسِ الناسَ. (الحلية 3/9).

قال أبو الحسن الأشعري في كتاب (( مقالات الإسلاميين)):
"ويرون [يعني أهل السنة و الجماعة ].مجانبة كل داع إلى بدعة، و التشاغل بقراءة القرآن وكتابة الآثار، و النظر في الفقه مع التواضع و الإستكانة وحسن الخلق، وبذل المعروف، وكف الأذى، وترك الغيبة و النميمة والسعادة، وتفقد المآكل و المشارب."


عادل بن رحو بن علال القُطْبي المغربي
رد مع اقتباس