عرض مشاركة واحدة
  #188  
قديم 11-14-2017, 06:56 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي رفع اليدين في الصلاة عند كل خفض ورفع، وتقديم التكبير على الرفع.

رفع اليدين في الصلاة عند كل خفض ورفع، وتقديم التكبير على الرفع.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :

عن أبِي هُرَيْرَةَ –رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى, كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا, وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ, كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ, لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أوزارهم شَيْئًا) (أخرجه مسلم).

الحمد لله الذي حفظ هذا الدين بأئمة أعلام عاملين، نصروا السنن وقمعوا البدع، فأجرى الله على أيديهم خيرًا كثيرا، وأحيا سننًا مهجورة، لا يعلمها كثير من الناس، فكان لهم مثل أجرها، وأجر من يعمل بها إلى يوم القيامة، دون أن ينقص من أجورهم شيئا، إنها التجارة الرابحـــــة مع رب سميع عليم رحيم كريم، وجزاهم الله خيرًا عن الإسلام والمسلمين، وأثقل لهم بها الموازين في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ومنها :

رفع اليدين في الصلاة عند كل خفض ورفع

فعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (يكتب في كل إشارة يشير الرجل بيده في صلاته عشر حسنات كل إصبع حسنة) (صحيح) [السلسلة الصحيحة 3286].

قال شيخنا الألباني رحمه الله - تعالى – في التعليق على الحديث:

[تنبيه :
لقد توهَّم بعض الفضلاء أن الحديث يعني الإشاره ة بإصبعه السبابة ووتحريكها في تشهد الصلاة، وأن له بكل تحريك عشر حسنات وهذا وهم محض، ويؤكده زيادة بيده، ولم بقل بإصبعه، ولذلك أورده البيهقي في الصلاة.

أقول هذا مع العلم، بل والانتصار لثبوت التحريك في حديث وائل بن حجر، وقد صححه جمع من الأئمة دون أيَّ مخالف، وعمل به الإمام أحمد وإسحق وغيرهما، ولا عبرة بمن ضعفه من المعاصرين بحجة الشذوذ والمخالفة فإنها حجة داحضة لجهلهم وظنهم أن التحريك يُنافي الإشارة، وليس كذلك كما حققته في تمام المنة (218 – 222) تحقيقًا قد لا تراه في غيره] ا هـ. [السلسلة الصحيحة 7/ 848 – 849 رقم 3286].

روى أبو داود في سننه قال : حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة الجشمي ثنا عبد الوارث بن سعيد قال ثنا محمد بن جحادة حدثني عبد الجبار بن وائل بن حجر قال : "كنت غلامًا لا أعقل صلاةَ أبي، قال : فحدثني وائل بن علقمة عن أبي وائل بن حجر قال : "صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان إذا كبر رفع يديه، قال : ثم التحف ثم أخذ شماله بيمينه وأدخل يديه في ثوبه، قال : فإذا أراد أن يركع أخرج يديه ثم رفعهما، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع رفع يديه ثم سجد ووضع وجهه بين كفيه، وإذا رفع رأسه من السجود أيضًا رفع يديه حتى فرغ من صلاته، قال محمد : فذكرت ذلك للحسن بن أبي الحسن فقال : (هي صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَعَلَهُ مَنْ فَعَلَهُ وَتَرَكَهُ مَنْ تَرَكَه). قال أبو داود : [روى هذا الحديث همام عن بن جحادة، لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود]. قال الشيخ الألباني : (صحيح) انظر : [سنن أبي داود 1/192 رقم 723].

وفي كتاب "تمام المنَّة في التعليق على فقه السنة" قال شيخنا الألباني رحمه الله - تعالى - :

[ومن (سنن الصلاة) قوله – سيد سابق - : " يستحب أن يرفع يديه في أربع حالات : الأولى : عند تكبيرة الإحرام .. الثانية والثالثة : عند الركوع والرفع منه .. الرابعة : عند القيام إلى الركعة الثالثة ".

قلت – والقول لشيخنا الألباني رحمه الله – تعالى – في الردِّ عليه :

[قد ثبت الرفع في التكبيرات الأخرى أيضا، أما الرفع عند الهوي إلى السجود والرفع منه، ففيه أحاديث كثيرة عن عشرة من الصحابة قد خرجتها في " التعليقات الجياد " منها عن مالك بن الحويرث أنه : (رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رفع يديه في صلاته إذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع، وإذا سجد، وإذا رفع رأسه من السجود، حتى يحاذي بهما فروع أذنيه). [أخرجه النسائي وأحمد وابن حزم بسند صحيح على شرط مسلم وأخرجه أبو عوانة في " صحيحه " كما في " الفتح " للحافظ ثم قال : "وهو أصح ما وقفت عليه من الأحاديث في الرفع في السجود".

وأما الرفع من التكبيرات الأخرى ففيه عدة أحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرفع يديه عند كل تكبيرة. ولا تعارض بين هذه الأحاديث وبين حديث ابن عمر المتقدم في الكتاب بلفظ : (... ولا يرفعهما بين السجدتين) لأنه نافٍ وهذه مثبة، والمثبت مقدم على النافي كما تقرر في علم الأصول.
وقد ثبت الرفع بين السجدتين عن جماعة من السلف منهم أنس - رضي الله عنه -، بل منهم ابن عمر نفسه، فقد روى ابن حزم من طريق نافع عنه أنه كان يرفع يديه إذا سجد وبين الركعتين. (وإسناده قوي).

وروى البخاري في جزء "رفع اليدين" (ص 7) من طريق سالم بن عبد الله (أن أباه كان إذا رفع رأسه من السجود، وإذا أراد أن يقوم رفع يديه). (وسنده صحيح على شرط البخاري في الصحيح). وعمل بهذه السنة الإمام أحمد بن حنبل كما رواه الأثرم، وروي عن الإمام الشافعي القول به، وهو مذهب ابن حزم فراجع "المحلى".

قوله – سيد سابق - : "وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث بلفظ : كبر ثم رفع يديه. (رواه مسلم). وهذا يفيد تقديم التكبيرة على رفع اليدين. ولكن الحافظ قال : لم أر من قال بتقديم التكبير على الرفع".

قلت – والقول لشيخنا الألباني رحمه الله – تعالى - : بلى هو قولٌ في مذهب الحنفية، وبعد صحة الحديث فلا عذر لأحدٍ في التوقف عن العمل به، ولا سيما وللحديث شاهد من رواية أنس عند الدارقطني (ص 113)، فالحق العمل بهذه الهيئات الثلاثة تارة بهذه، وتارة بهذه، وتارة بهذه، لأنه أتم في إتباعه عليه السلام]. ا هـ. انظر : [كتاب تمام المنَّة في التعليق على فقه السنة ص 172 – 173 الطبعة الثالثة دار الراية للنشر والتوزيع – الرياض].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس