[أبو معاوية البيروتي]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيّنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .

وبعد، فقد وردت عدّة أحاديث في الشعر العربي ومنزلته، قال النبي صلى الله عليه وسلّم: " الشعر بمنزلة الكلام، فحسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام " (رواه البخاري في الأدب المفرد 125، وصححه لغيره الألباني في السلسلة الصحيحة 447)،
وقال صلى الله عليه وسلّم: " إن من الشعر حكمة " (رواه البخاري 6145)،
وقال صلى الله عليه وسلّم: "أصدقُ كلمةٍ قالها شاعر؛ كلمةُ لبيدٍ : ألا كلّ شيء ما خلا الله باطل " (رواه البخاري 3841 ومسلم 2256)،
فنستخلص من هذه الأحاديث أن الشعر العربي الحسن له منزلته في الإسلام، وليس كلّ الشعر مذموماً،
وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلّم على شاعر الإسلام حسّان بن ثابت وقال له : " اهجهم وجبريل معك " (رواه البخاري 6153 ومسلم 2486)،
واستنشد صلى الله عليه وسلّم الشريدَ بن سويد من شعر أمية بن أبي الصلت؛ فما زال ينشده والنبي صلى الله عليه وسلّم يستزيده حتى أنشده مئة بيتٍ (رواه مسلم 2255) .

وكم مرَّ عليّ من أبيات شعرٍ لها معانٍ حكيمةٍ وعميقةٍ أو لها قوة في موضوعها، فأردتُ أن أجمع ما تيسّر منها مع تسمية قائلها ومصدر البيت، وأحبّذ أن يشاركني الإخوة في إيراد ما أعجبهم من أبيات الشعر العربي لإثراء الموضوع مع تسمية قائلها ومصدر البيت :

قال زهير بن أبي سلمى المزني (توفي قبل الهجرة بثلاثة عشر عاماً) :

وكائن تَرَى من صامِتٍ لك مُعجِبٍ ............... زيادتُهُ أو نقصُهُ في التكلُّمِ

(من معلّقته المشهورة)


قال لبيد بن ربيعة العامري :

ذهب الذين يُعاشُ في أكنافهم ............... وبقيتُ في خلفٍ كجلدَ الأجربِ

( استشهدت به أمّنا عائشة رضي الله عنها فقالت : رحم الله لبيداً حين يقول : ... فذكرته، وقد ذكرتُ تخريج الأثر في مقالة لي في هذا الملتقى بعنوان "شكوى السلف من زمانهم" )


قال ابن نباتة السعدي (ت 405 هـ) :

ومن لم يَمُت بالسيفِ مات بغيره ............... تنوّعت الأسبابُ والدّاءُ واحدُ

(تاريخ الإسلام 401-420 هـ / ص 117، وذكر الذهبي قصة تفيد أن بيته هذا وصل إلى المشرق والمغرب في حياته)


قال الوزير يحيى بن هبيرة :

والوقتُ أنفس ما عُنيتَ بحفظه ............... وأراهُ أسهلَ ما عليك يضيعُ

(ذيل طبقات الحنابلة 1/182)


قال أبو الطيّب المتنبّي :

وليس يصحّ في الأذهانِ شيءٌ ............... إذا احتاج النهار إلى دليل

(ديوان المتنبي، ص 263/ ط . مكتبة مصر، من قصيدة مطلعها : أتيت بمنطق العرب الأصيل ... )


قال أبو عمرو بن العلاء (ت 154 هـ) :

شاتَمني عبدُ بني مِسمَعٍ ............... فصُنتُ عنه النفس والعِرضا

ولم أُجِبهُ لاحتقاري له .................... ومن يَعضّ الكلب إن عضّا

(انباه الرواة على أنباه النّحاة 1/175 لابن القفطي)


قال أبو نوّاس الحسن بن هانئ (توفي قريباً من المئتين هجرية) :

فقُل لمن يدّعي في العلمِ فلسفةً ............... حفظتَ شيئاً وغابت عنكَ أشياءُ

(من قصيدته المشهورة التي مطلعها : دع عنك لومي ...)