عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 10-13-2012, 07:26 PM
عبد الله السلفي الجزائري عبد الله السلفي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 1,039
افتراضي سلسلة " الأجوبة الألبانية على التوجهات المدخلية"

بسم الله الرحمن الرحيم

سأذكر في هذه المشاركة المباحث التالية
:
- يترك التوظيف مع أصحاب المناهج المنحرفة والجواب عليه ص 58
- كلام الإمام أحمد في هجر الجهمية والرافضة وتوجيهه ص60
- المصلحة في الهجر وتوجيهها ص 61
- الولاء للإيمان والبراء من البدعة من مقالة أصحاب
- الموازنات والجواب عليه ص63 .
- منهج الموازنات والجواب عليه ص 67 .
- الحسنات لها أثر في الآخرة أما الدنيا فلا ، والجواب عليه ص 74
- إهدار حسنات كل من رمي ببدعة أصل مجمع عليه . والجواب عليه ص 79.



وإليكم نص كلام المؤلف :



[يترك التوظيف مع أصحاب المناهج المنحرفة]

سئل الشيخ ربيع: أنا رجل أعمل في إحدى الوظائف وزملائي كلهم من أصحاب المناهج المنحرفة، فما نصيحتكم لي في الحذر من مجالستهم؟
الجواب: ابحث لك عن مجال آخر، إن وجدت فيهم من يقبل دعوتك
فالحمد لله، وإن لم تجد فابحث عن مجال آخر([1]). الفتاوى(1/345)


الشيخ الألباني:
السؤال: هل يجوز هجر أهل الجبهة ؟
الجواب: لا نقول أهجر، لكن أريد أن أتمّ الجواب عن السؤال السابق أنتم تظلّون تعملون في الدعوة في الكتاب والسنة، وبالرفق واللّين وبالتي هي أحسن، وهؤلاء لا تعادونهم، وإنّما تُناصرونهم فيما هم عليه من الحق.
وسئلت أنا كثيرا أن الانتخابات البلدية التي جرت عندكم، فأنا كان جوابي كما أقول لكم لا تكونوا منهم، واختاروهم إذا كانوا هم خير من الآخرين من الأحزاب الأخرى.سلسلة الهدى والنور شريط (رقم 402)


[ كلام الإمام أحمد في هجر الجهمية والرافضة]
الشيخ ربيع:
قال في الحاشية رقم (130):قال ابن مفلح في الآداب الشرعية (01/229): "قال أحمد في رواية الفضل: وقيل له ينبغي لأحد أن لا يكلم أحدا فقال نعم إذا عرفت من أحد نفاقا فلا تكلمه لأن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ خاف على الثلاثة الذين خلفوا فأمر الناس أن لا يكلموهم، قلت: يا أبا عبد الله كيف يصنع بأهل الأهواء؟ قال: أما الجهمية والرافضة فلا، قيل له: فالمرجئة؟ قال هؤلاء أسهل إلا المخاصم منهم فلا تكلمه"... الفتاوى(1/356)



[ أي غير المخاصم كلِّمه، حتى وإن كان من حزب المرجئة، أما الشيخ ربيع فكل حزبي يعتبر داعية عنده !! كما تقدم في الحاشية رقم(1).]




الشيخ الألباني:
السائل: إن مذهب إمام من أئمة السلف أو قولا له لا يُعد دينا للأمة، ولا مذهبا لها فضلا عن أن يكون عالما و معاصرا، إلا أن يقوم عليه دليل قطعي الثبوت واضح الدلالة أو إجماع ( متيقن ).
وحكاية رواية عن إمام في مبتدع لا تعدُو أن تكون حكما عينيا، لا يطرد ذلك الحكم على كل مبتدع، كذا قال قامع المبتدعين والغالين شيخ الإسلام
رحمه الله في الفتاوى.
الشيح مقاطعا:(ما شاء الله).
السائل: وكثير من أجوبة الإمام أحمد وغيره من الأئمة، خرج على سؤال سائل، قد علم المسؤول حاله، وأخرج خطابا لمعيَّن قد عُلِم حاله، فإن أقواما جعلوا هذا عامّا فاستعملوا من الهجر والإنكار ما لم يؤمروا به([2]).
الشيخ مقاطعا: الله أكبر، ما شاء الله، إمام.
السائل: لكنه قال لهم المبدِّعون -وهي طائفة جديدة - قالوا تتركون الإمام أحمد وتأتون إلى ابن تيمية.
الشيخ مقاطعا: ضحك ثم قال(مسكين)الله يهديهم.
سلسلة الهدى والنور شريط(رقم 795)


[ المصلحة في الهجر]

قال الشيخ ربيع: وأنا أنبهكم كيف يستغل الناس كلام ابن تيمية هذا، هل ابن تيمية لما يذكر مراعاة المصالح والمفاسد هل يهمل مصلحتك أنت المسكين الذي يمكن أن ترتمي في أحضان أهل البدع؟ كلا، هؤلاء يتعلقون بكلام ابن تيمية في مراعاة المصالح والمفاسد وينزلونه في غير منازله،
ويهملون مصلحة الشباب الذين وقع كثير منهم في أحضان أهل البدع...
وابن تيمية رأى مراعاة المصالح والمفاسد لا على منهج من يريد أن يجر شباب الأمة الذين ينفع الله بهم الإسلام ويرفع بهم رايته، فيجرهم إلى أهل البدع فاستخدم هذه القاعدة أسوأ استخدام واستغلها أسوأ استغلال.
الفتاوى(1/304،305)


الشيخ الألباني:
السائل: يظهر مما سمعتُ أنكم تُراعون مصلحة المبتدع نفسه، ولا تنكرون أصل الهجر.
الشيخ مقاطعا: هذا واجب.
السائل:ما تُلاحظ، راعينا في القول بعدم الجواز في هجر المبتدع، راعينا فيها مصلحته هو، هذا المبتدع، ما راعينا مصلحة العامة الذين قد يضِلُّ باتصال هذا العالم السلفي الإمام، بهذا المبتدع ومخالطته فيتأثّرون ويظنون بأنّه ليس على بدعة ويضلّون تأثُّرًا.
الشيخ:هذه المسائل في الحقيقة يا أخي من حيث التطبيق العملي تحتاج إلى علم دقيق وتطبيق عملي دقيق.
فالآن أنت ضربت مثلا بالعالم الذي يُخالط المبتدع فيراه العامّة، فيظنون بهذا المبتدع خيرًا، هل أنت تصوّرت أن هذا العالم مُداهن؟
السائل: نعم.
الشيخ: إن تصوّرت خلاف ذلك، كما أرجو، أستطيع أن أقول تصوّرت إنه يُنكر عليه بدعته، إنّه ينصحه إنه يعظه، فإن كان كذلك فمن أين يأتي الخطر على عامة النّاس وهم يسمعونه ينصحه، و يذكِّره، و و..الخ.
فإذًا الخطر الذي أنت تلُمح وتُشير إليه هو بالنسبة لمن يُداهن، وليس بالنسبة لمن يُنكر، وبالتي هي أحسن، فإذا فيه فرق بين عالمٍ وآخر، أي بمعنى آخر من يقول إنه يُسَايرهم و يسكت عن بدعهم وظلالهم وهذا هو التسامح، نحن ننكر هذا، ولا بدّ من البيان. سلسة الهدى والنور شريط(رقم 611)


[ الولاء للإيمان والبراء من البدعة من مقالة أصحاب الموازنات]
سئل الشيخ ربيع:هل يعامل المبتدع معاملة الفاسق في الولاء والبراء أي يوالى على ما فيه من إيمان، ويُعادى على ما فيه من بدع؟ الفتاوى(1/155)
فقال في جوابه: فالسلف قرروا هجرانهم وبغضهم ومقاطعتهم، وهذا الذي يسأل لا أدري إن كان سلفيًّا أو هو مخدوع بمنهج الموازنات، يعني يحبه على ما فيه من إسلام، ويبغضه على ما عنده من بدع، هذا منهج الموازنات وينسب هذا الكلام إلى ابن تيمية لكن لا يقصد شيخ الإسلام هذا الذي يقصده هؤلاء!!
شيخ الإسلام: يقصد الرد على الخوارج، لأن الخوارج إذا وقع إنسان في معصية أو وقع في بدعة أخرجوه من الإسلام، كفروه، وشيخ الإسلام يقول: لا يكفر، هذا قصده.
وليس قصده أنك كلما ذكرت مبتدعًا ضالاًّ تذهب تعدد حسناته، وتقول: أحبه لإيمانه وأبغضه لفسوقه، هذا كلام فارغ، وإلا هناك إجماعات قبل ابن تيمية على بغضهم وهجرانهم وإهانتهم ومقاطعتهم، عدد كبير من الأئمة البارزين الكبار ممن هو أكبر من ابن تيمية حكوا الإجماع على هذا([3]).
الفتاوى(1/ 157)
وقال جوابا عن سؤال آخر: أهل البدع نتقرب ببغضهم إلى الله عز وجل، لكن ندعوهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونعاملهم بالأخلاق الطيبة لعلهم يهتدون على أيدينا، وإذا عجزنا نهجرهم. وأما حبهم، لا، حبهم على إيش([4])؟! الفتاوى(1/158)


الشيخ الألباني:
السؤال: ما مدى استقامة قول القائل إنّ الجماعات الإسلامية المعاصرة غير الجماعة السلفية .. أشد خطرا على الإسلام من اليهود والنصارى كجماعة الإخوان المسلمين قياسا على قول هذه الكلمة من ابن تيمية حول الرافضة؟
الجواب: ما أعتقد إلا أنّ هذا نوعٌ جديد من الغُلو، ونوع جديد من التحزّب، والتباغض والتدابر.
في كل الجماعات الإسلامية فيها خير، فيها شر، الحكم على الجماعات يا إخواننا كالحكم على الأفراد.
فلا يُوجد هناك فرد مسلم جمع خصال الكمال كلُهِّا وإنّما بعضها دون بعض، صلاحه أكثر من طلاحه أو طلاحه أكثر من صلاحه، فحتى في هذه الصورة الأخرى طلاحه أكثر من صلاحه، ما ينبغي أن ننكر الصلاح الذي يصدُر منه.
الإخوان المسلمون وحزب التحرير وجماعة التبليغ فيهم خير، لكن فيهم أيضا بُعد عن الإسلام إما جهلا وإمّا تجاهلا، ولذلك هذه القَوْلة فيها خُطورة متناهية جدا، لا يجوز أن نطلق هذا الكلام، بل لا يجوز أن نضلِّلهم.
نحن قلنا في بعض جلساتنا أنا لا أرى أن نقول كل شيعي هو كافر، لكن أيَّ شيعي يقول أن قرآننا هذا هو ربع المصحف،..ونحو ذلك من الكلمات المكفرة وهو يعتقدها ويدين الله بها، هذا الذي نقول إنّه كافر.
أما نقول الشيعة كلهم كفار، لا هذا عبارة عن غلُّو في الدين، فأولى ثم أولى أن يطلق هذا الكلام بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين أو غيرهم من الجماعات التي تجمعها كلُّهم دائرة الإسلام، لكن بعضهم أقرب من بعض إلى الإسلام، وبعضهم أبعد عن الإسلام من بعض.
إذًا في كلِّ الجماعات فيهم خير، وفيهم دخن كما جاء في الحديث الصحيح([5]).
فنحن في الواقع نرى أن الدّعوة السلفية هي الدعوة الوحيدة التي تجمع بين المسلمين، لأنها دعوة الحق التي كان عليها السلف الصالح، أمّا الجماعة الأخرى ففيها وفيها.
ولذلك لا يجوز إطلاق مثل هذا الكلام، فإنّ فيه ظلم وفيه مخالفة لقوله
تبارك وتعالى: " وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" [المائدة:8].
سلسلة الهدى والنور شريط (رقم 752)



[ منهج الموازنات ]

الشيخ ربيع:
وسُئل: عن منهج الموازنات والاستدلال بما فعله الذهبي في سير أعلام النبلاء.
الجواب:.. هذا المنهج المبتدع الضال الذي أعتبره من أخبث البدع وأفجرها وأخطرها، وأن هذا المنهج لو أخذوا به فعلا لهدموا القرآن والسنة والعلوم الشرعية كلها، بل العلوم البشرية كلها والعياذ بالله([6])... ثم تعلقوا بالذهبي المؤرخ، كمؤرخ قد يتساهل أحيانا، ولا ينطلق أبدا من هذا المنهج الذي
يقولونه..فإذا ذكروا أهل السنة وكلهم حسنات- لا يذكرون شيئا من حسناتهم،.. وعليكم بالكتب التي أشرت إليها، وقد أيده العلماء-والحمد لله-ومنهم ابن باز والألباني والعثيمين وغيرهم وغيرهم.
الفتاوى(1/477،478،479)
وسُئل: متى يكون غمر حسنات العلماء في سيئاتهم؟
الجواب: إذا كان مبتدعا فلا كرامة لهم، يحذر منهم، وينتقدون، ويطعن فيهم، وتباح أعراضهم. الفتاوى(1/482)
وقال:...قال الشيخ الألباني رحمه الله وقال غيرنا إن منهج الموازنات بدعة، وأنا أضيف فأقول: بدعة لا أخطر منها، لا أخطر من هذه البدعة، لأن مؤداها-وإن كان أهلها لا يدركون ما تؤدي إليه- أنها تهدم الإسلام..فالشاهد أن هذا باطل، وأهدافه خسيسة، ومن أحطها، لأنه وضع لحماية البدع وحماية الضلال، وحماية أهل الباطل. الفتاوى (1/483،484)



الشيخ الألباني:
السؤال: بودِّي أن تقدِّم نصيحة إلى بعض الإخوان من طلبةِ العلم هنالك في الكويت، لا يخفى عن حضرة الشيخ .. الفتن الموجودة التي تترى على شباب الصّحوة، ومن ضمنها فتنة الإخوان التي في المملكة العربية السعودية،..ومن يؤيِّد ما هم عليه في بعض القضايا التي يدندنون حولها، هذا الأمر وصل إلينا، ثم أصبح هنالك كل حزب بما لديهم فرحون.
الشيخ مقاطعا: الله أكبر.
السائل:..ثم أصبحت الآن في النفوس بين الإخوان،..، بسبب هذه القضايا، ولا لنا شيء إلاّ هذه المسألة، تركنا طلب العلم، وتركنا قضية حفظ كتاب الله تبارك وتعالى، وتركنا أمورا كثيرة،..
وكثير من إخواننا الشباب ليس لهم هَمّ إلاّ هذه المسألة، يتكلّمون بعرض ذلك الرجل وذلك الإنسان، وهذا جعلوه مطيّة الدعوة السلفية و الدِّفاع عن السنة ..
فالشباب الآن في مقتبل العمر عندما يأتي وأضرب لك مثالا واحدا، الذي نعرفه عن الإخوان المسلمين عندما يلتزم الشباب،..، يُحذِّرونه من السّلفيين، الآن أول ما يأتي هذا الشاب لكي يتدين، أول ما يُحذِّرونه من أشرطة فلان وأشرطة فلان، وهذا ديدن كثير من الشباب ..
سُئلت مرة: ما تقول في سيد قطب، قلت يا أخانا أحبُّه في الله، هذا مسلم، وأبغض ما عنده من أخطاء، هذا مسلم أحبّه المحبة العامّة، وأبغض ما عنده من أخطاء.
الشيخ مقاطعا: طيب.
السائل: ثم أخذوا هذا يمدح أهل البدع، ويقول فيهم كذا وكذا، ويجب أن يُحذّر من هؤلاء،.. الشيخ نصيحة لهؤلاء الشباب بارك الله فيك.
الشيخ: والله يا أخي أنا رأيي عدم التعرُّض للأشخاص الذين يُمدحون أو يُقدحون اليوم، وحقيقةً تأتيني في كثير من الليالي أسئلة من الكويت، ومن الإمارات ومن غيرها شُو رأيك في فلان، مما هو يبدو أنه يميل إليه أو عليه.
وأنا أصدُّه عن مثل هذا السؤال، وأقول له اسأل يا أخي عما ينفعك إما يتعلق بإصلاح عقيدتك وعبادتك، وتحسين خلقك، لا تسأل عن زيد وبكر وعمرو، لأنه في هذا السؤال زيادة تشعيل النار نارَا، وهو أيضا قد يكون السائل مع هؤلاء على أولئك أو مع أولئك على هؤلاء، فإن مدحت في هذا، طعنت في ذاك، أو مدحت ذاك طعنت في هذا، هذا يزيد النار كما قلنا إضراما واشتعالا.
لهذا نحن ننصح بكلمة مجملة، تُذكِّرني بكلمة أبو بكر الصديق في مناسبة وفاة الرسول عليه السلام، وهو الشخص الوحيد الذي يُجمِع المسلمون كلُّهم على حبِّه وإلاّ من عدل عن هذا الحبّ كفر، بخلاف اختلافهم في حبِّ كثير من الصحابة والطعن في بعضهم، فهذا في الغالب يكون فسقًا ولا يكون كفرًا.
أريد أن أقول: مع أن الرسول عليه السلام هو سيِّد البشر، وحبيب كُلِّ مسلم، بادرهم أبو بكر الصِّديق، حينما وقف عمر متحمسًا ضد من نقل الخبر بأنّ الرسول مات،.. الشاهد أن أبا بكر قال: من كان يعبُد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي باق لا يموت([7]).
فأنا لا أرى لكلِّ طائفة من هذه الطوائف أن يتحزّبوا لفلان على فلان، أو العكس تماما، وإنما أقول بقول ربِّ العالمين:"وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ " [التوبة:119].
وأولئك الشباب الذين أشرتَ إليهم هم أحق الناس بهذه الكلمة، على هؤلاء الذين يتحمّسون لزيد على بكر أو لبكر على زيد، أن يهتمُّوا بأن يصحِّحُوا عقيدتهم وعبادتهم وسلوكهم وأن لا يتعصّبُوا لشخص من هؤلاء الأشخاص أوعليهم. لأن مثل هذا التعصّب، أولا: هو أشبه ما يكون بعبادة الأشخاص، هذه العبادة التي حذّر منها أبو بكر الصديق في كلمته السّابقة، من كان يعبُد محمدا فإنّ محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
فالتحمُّس لهؤلاء الأشخاص هو تحمُّس لغير العصمة، والأمرُ كما قال الإمام مالك، إمام دار الهجرة رحمه الله: ما منّا من أحد إلا ردّ ورُدّ عليه إلا صاحب هذا القبر، وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فأي إنسان يتعصّب لشخصٍ، لعالمٍ، لداعيةٍ، فسوف يجدُ فيه أخطاءً، أو يتعصّب على آخر فسوف يجدُ فيه صوابا، وسوف يجد فيه خيرا، ولذلك نحن قبل كلِّ شيء، ننصح هؤلاء الذين اختلفوا وكانوا سببَ تفرّق الشباب من حولهم إلى طائفتين أو أكثر.
ننصح هؤلاء المختلفين بعضهم مع بعض في بعض المسائل وأنا أحمدُ الله أنّ هذا الاختلاف ليس في اعتقادي اختلافَ عقيدة، وإنما هو اختلاف في بعض المسائل التي يُمكن أن نُسمِّيها في اصطلاح المتأخِّرين مسائل فرعية ليست أصولية أو جوهرية.
فإذا اختلف العلماء فما ينبغي أن يتفرق من حولهم بتفرق علمائهم لأن الأمر كما قال عليه الصلاة والسلام: "إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد"([8]).
فننصح هؤلاء العلماء أو الدُّعاة المختلفين أن لا يتحامل بعضهم على بعض، وأن يتعاملوا على أساس قوله عليه السلام:"إيّاكم والظن فإن الظن أكذب الحديث([9])"
فإذا ما أخطأ زيدٌ من الناس فعلينا أن نُبيِّن له خطأه بالتي هي أحسن وليس بالتي هي أسوأ، وكلّ من المتخالفين يَسلك هذا السَّبيل، لأننا ندَّعي جميعًا أنّنا سلفيون أي أنّنا نتبع السلف الصالح فيما كانوا عليه من هديٍ ومنهج وسلوك.
ونحن نعلم أنّهم قد اختلفوا في كثير من المسائل لكنّ ما كان هذا
الاختلاف سببًا لأن يتفرّقوا، ولأن يُعادِيَ بعضهم بعضًا([10])، هناك بعض الأقوال التي صحّت عن بعض السلف الصالح، لو تبنّاها شخص اليوم خطأً، لأنه لا وجه له من الصواب، لقامت القيامة ضدّه، لكن لم تَقُم القيامة ضدّ ذلك الصحابي الذي شذّ في رأيٍّ ما، في حكم ما، عن الحكم الذي يتبناه الآخرون،..(ثم ذكر بعض الأمثلة ).
المهم كل هذا الخلاف وأكثر بكثير جدًّا، ما كان سببا لتفريق الأمّة المسلمة، لأن العلم يأخذ مجراه، والأمة تبقى وراء علمائها، من اقتنع بهذا الرّأي فهو على هُدى، ومن اقتنع بذاك الرأي فهو على هُدى..
سلسلة الهدى والنور شريط (رقم 799)


[ الحسنات لها أثر في الآخرة أما الدنيا فلا ]

سُئلالشيخ ربيع: ذكر محاسن أهل البدع لا دليل عليه، نرجو توضيح ذلك؟
فأجاب: ليس هناك دليل على ذكر محاسن أهل البدع..
الفتاوى(1/485)
وسئل: نرجو توضيح كلام شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله تعالى- حيث قال في مجموع الفتاوى([11]): "وكثير من الناس إذا علم من الرجل ما يحبه، أحب الرجل مطلقًا، وأعرض عن سيئاته، وإذا علم منه ما يبغضه أبغضه مطلقًا، وأعرض عن حسناته" ثم قال: "وهذا من أقوال أهل البدع والخوارج والمعتزلة والمرجئة"؟
الجواب: هذا مما يحتج به أهل الأهواء على منهج الموازنات وأظن هذا كأنه حصل له تشويش.
فرق بين المحبة وبين الموازنات، يعني تحب إنسان وقع في معصية، يعني تحذره من معصيته ولا تذهب تسرد حسناته، لا يجب عليك، لا يجب عليك أن تذكر حسناته.
فشيخ الإسلام يقول: إن بعض الناس إذا أحب شخصا، ورأى فيه خيرا أحبه حبا مطلقا ومعاصيه يدفنها، هذا ليس إلا للصحابة-نستغفر الله العظيم-.
الصحابة نذكر حسناتهم ولا نذكر شيئا من مثالبهم، وأما أهل البدع والضلال فنذكر بدعهم ونحذر منها، أما أئمة الهدى فإنهم إن أخطئوا نبين أن هذا خطأ مع احترامنا وتقديرنا لهم، حبنا لهم لا يجيز لنا أن نروج لأخطائهم ونقول: إنها حسنات، ولو كان المخطئ من الصحابة، لا يجوز أن نزين خطأه، بل نقول: خطأ مع احترامنا وتقديرنا وحبنا له، لكن النصح لله يقتضي منا أن نبين خطأ هذا المسلم الذي نحبه ونجله.
أما إذا كان مبتدعا ولاسيما الدعاة إلى الضلال، فهؤلاء نذكر بدعهم ولا يلزمنا أن نذكر من محاسنهم شيئا، أبدا، أما الصحابة فلا يجوز أن نبحث في مساوئهم، نذكر حسناتهم فقط ويكفي، إذا كان عنده خطأ أن نبينه مع الاحترام والتقدير..
لأن شيخ الإسلام يقصد أن: بعض الناس إذا أبغض إنسانا لا يحبه بل يعاديه وهكذا وإن كان فيه خير! ويكون مرجعه هو هواه! هذا الحب راجع إلى هواه، أحب شخصا مدحه مدحا مطلقاو إذا أبغض شخصا لا ينظر إلى حسناته مثلا يهدرها تماما.
نحن لا نهدر حسنات الناس، نقول: حسناته الله يثيبه عليها([12])، نحن ليس قصدنا إهدار حسناته إذا نحن حذرنا منه، قصدنا التحذير من الشر الذي وقع فيه. الفتاوى(1/486،487،488)
وقال في "مجموع الكتب والرسائل(11/162)": "مع أن الشيخين قد اختلفت وجهة نظرهما، فابن باز لا يرى الموازنات ([13]والألباني صرح بأن منهج الموازنات بدعة وكرر ذلك، لكنه يرى أنه في حال الترجمة تُذكر الحسنات والسيئات، والصواب مع ابن باز والأدلة وكتب الجرح تؤيده".


الشيخ الألباني:
قال رحمه الله: أنا كثيرا ما أسأل شو رأيك بفلان؟ فأفهم أنه متحيِّز له أو عليه، وقد يكون اللِّي بيسأل عنه من إخواننا، وقد يكون من إخواننا القدماء اللِّي بقول إنه انحرف، أنا أنصح السائل يا أخي شو بِدّك بزيد وبكر وعمرو، استقم كما أُمرت، تعلّم العلم، هذا العلم سيُميِّز لك الصالح من الطالح، والمخطئ من المصيب الخ.
ثم لا تحقد على أخيك المسلم لمجرّد أنه يعني ما أقول أخطأ، بل أقول لمجرد أنه انحرف، لكن هو انحرف في مسألة، ثنتين، ثلاثة، والمسائل الأخرى ما انحرف فيها، فنحن نجد في أئمة الحديث من يتقبّلون حديثه ويقولوا عنه في ترجمته أنه مرجئ، وإنه خارجي، وإنه ناصبي، و، و، إلخ، هذه كلها عيوب، وكلها ضلالات.
لكن فيه عندهم ميزان يتمسكون به ولا يُرجحون كفّة سيئة على الحسنات أو سيئتين أو ثلاثة على جملة حسنات ومن أعظمها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله.
أنا بقول مثلا في سلمان وأمثاله، بعض إخوانا السلفيين يتهمونهم بأنهم من الإخوان المسلمين، أنا أقول: لا أعلم أنهم من الإخوان المسلمين، لكن ليت الإخوان المسلمين مثله، الإخوان يحاربون دعوة التوحيد، ويقولوا إنها تفرِّق الأمة، وتمزِّق الكلمة، أما هؤلاء فيما أعتقد وأهل مكة أدرى بشعابها،..، فهم يَدعون ضلالاتهم ويبيِّنوا حسناتهم، وهذا من معاني قوله تعالى: "وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ" [المائدة:8].
فهؤلاء إذا كان عندهم انحراف، لا نعتقد أنه انحراف في العقيدة، إنما هو انحراف في الأسلوب، وعلى كلِّ حال نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من الأمة الوسط التي لا تقع لا في الإفراط ولا التفريط.
سلسلة الهدى والنور شريط (رقم 784)



[إهدار حسنات كل من رمي ببدعة أصل مجمع عليه]
الشيخ ربيع:
يقول عبد الرحمن عبد الخالق: "إلا أن بعض من تكلم في هذا الباب بدّع من لا يستحقُّ التبديع، وأخرج من السنّة من لا يبلغ إلى هذا الحد، وأصّل أصولا فاسدة نسبها إلى أهل السنة، وما هي من أصول أهل السنة والجماعة، بل لو طُبّقت هذه الأصول فإنه لا يبقى معها مسلم إلا ويُثلبولا يقام عمل للإسلام إلا وينهار.
ومن هذه الأصول: إهدار حسنات كل من رمي ببدعة من أهل الإسلام، والوقوف عند مثالب كل من له خطأ، أو زلة لسان، وجعل الدين الذي يُدان به ذكر وترديد ما أخطأ فيه أهل الإسلام، والإيمان والإحسان فإن لله وإنا إليه راجعون".
فتعقبه الشيخ ربيع بقوله: "بل الذي ذكرته هو أصل أصيل من أصول أهل السنة والجماعة، بل أجمعوا عليه". مجموع الكتب والرسائل (10/133)


الشيخ الألباني:
السؤال:إن المبتدع مهما كانت بدعته ما لم يأتِ بما يُخرجه من الإسلام، فهو مسلم له حقُّ الإسلام: الأخوة والموالاة وغيرها من حقوق الإسلام لأنّه ما يزال مسلمًا، داخلا في عموم النصوص كقوله تعالى :"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ "[الحجرات:10]،"وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ "[سورة التوبة 71].
وهذه الموالاة ومنها النصرة مقيدة بشروط شرعية معروفة، منها: أن لا يتقوى بهذه الموالاة على أهل السنة، وأن لا تكون سببا في إعانته على بدعته إلى غير ذلك مما هو مفصّل في مظانه.
الجواب:الحقيقة أن هذا السؤال لَهُوَ جيد، ولا يشك أي عالم في صحته، لكن لعله ينبغي أن يضاف إلى القيود المذكورة آنفا:
أن لا يكون هذا المبتدع من نشأته الابتداع في الدين أولا.
وثانيا: أن لا يكون داعيا لبدعته.
سلسلة الهدى والنور شريط (رقم 795)


ويليها في المشاركة القادمة - إن شاء الله - :

-الجهل هل هو عذر أم لا ؟ ص81.
- طالب العلم و إقامة الحجة ص85 .
-القديم في المنهج إذا لم يستجب لنصح من هو أصغر منه يحذر منه والجواب عليه ص88 .
- أتباع من بدّعهم الشيخ ربيع والجواب عليه ص90.
- المسلم يكفيه تبديع الشيخ ربيع أما صاحب الهوى فلا يكفيه شيء والجواب عليه ص93.
- كلام الإمام أحمد في من يتردد على مبتدع وتوجيهه ص 100 .
- الاهتمام بالسياسة ص101 .



([1]) سئل الشيخ عبيد الجابري: إذا كان صاحب سنة يعمل مع أهل البدع ويطعنون في أهل السنة. فأجاب الشيخ: هذا له حالان:
الحال الأولى: أن يكون عنده حكمة وقدرة في التعامل معهم والاحتجاج عليهم حتى يوصِل الحق وظهر له الطمع في هدايتهم فإنّا نوصيه بالصبر فإن هذا أسلوب من أساليب الدعوة الناجحة، فكم من مبتدع ليس رأسا في البدعة طرأت عليه طروء وجاهل، وقد نفع النّصح في هؤلاء، في خلق لا يحصون.
والحال الثانية: أنه لا يقدر، ليس عنده قوة ولا قدرة، أو نفذ صبره، فهذا نوصيه أولا بالانتقال من هذا العمل إلى عمل آخر حتى يسلم من شرِّ هؤلاء، أو يفاصلهم فلا يجالسهم أبدا، وأن تكون علاقته معهم علاقة عمل، قد يجلس جنبا إلى جنب مع هذا المبتدع الكاشر لكن العلاقة علاقة عمل، وليتمثل بقول الشاعر:
ولقد أمُرّ على اللئيم يَسبُّني ومضيت ثمّةَ قلت لا يعنيني من شريط لقاء مفتوح.


([2]) مجموع الفتاوى (28/213)

([3]) في الآداب الشرعية لابن مفلح(1/256): " قال المروذي ذُكر الطوسي، فقال صاحب صلاة وخير، فقيل له: تُكلِّمه؟ فنفض يده، وقال: إنما أنكرت عليه كلامه في ذلك الرجل، يعني بشر بن الحارث". فأحب الإمام أحمد الطوسي في ما يقوم به من الخير، وأنكر عليه ما وقع فيه من منكر، وفي هذا من الفوائد: عدم تبديع الطوسي لأجل كلامه في بشر بن الحارث، وفيه أيضا عدم الإلزام بالهجر.

([4]) قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (28/209): "وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر وفجور وطاعة ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر. =
= فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة فيجتمع له من هذا وهذا كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة".

([5]) أنظر صحيح البخاري (3411) ومسلم (1847) من حديث حذيفة بن اليمان.

([6]) قال ابن القيم في مدارج السالكين ( 2/39،40) بعد حمله لكلام للهروي على أحسن المحامل: "فيقال هذا ونحوه من الشطحات التي ترجى مغفرتها بكثرة الحسنات ويستغرقها كمال الصدق وصحة المعاملة وقوة الإخلاص، وتجريد التوحيد، ولم تضمن العصمة لبشر بعد رسول الله.
وهذه الشطحات أوجبت فتنة على طائفتين من الناس: إحداهما: حجبت بها عن محاسن هذه الطائفة ولطف نفوسهم وصدق معاملتهم فأهدروها لأجل هذه الشطحات، وأنكروها غاية الإنكار، وأساءوا الظن بهم مطلقا، وهذا عدوان وإسراف فلو كان كل من أخطأ أو غلط ترك جملة وأهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمهالو كان كل من أخطأ أو غلط تُرك جملة، وأُهدرت محاسنه لفسدت العلوم والصناعات والحكم وتعطلت معالمها"!!!
والطائفة الثانية: حجبوا بما رأوه من محاسن القوم وصفاء قلوبهم وصحة عزائمهم وحسن معاملاتهم عن رؤية عيوب شطحاتهم ونقصانها فسحبوا عليها ذيل المحاسن وأجروا عليها حكم القبول والانتصار لها واستظهروا بها في سلوكهم وهؤلاء أيضا معتدون مفرطون.
والطائفة الثالثة: وهم أهل العدل والإنصاف الذين أعطوا كل ذي حق حقه وأنزلوا كل ذي منزلة منزلته فلم يحكموا للصحيح بحكم السقيم المعلول ولا للمعلول السقيم بحكم الصحيح، بل قبلوا ما يقبل وردوا ما يرد ".

([7]) أنظر صحيح البخاري(3467)

([8]) تقدم تخريجه.

([9] ) أخرجه البخاري(5717) ومسلم(2563) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

([10]) سئل الشيخ ربيع: من المعلوم أن الخلاف في الفروع سائغ بشرطه، فما هي الضوابط التي يكون فيها الخلاف في بعض مسائل العقيدة سائغا؟
فأجاب: لا أرى هناك مسوغاً للخلاف في العقيدة، وما يتعلقون به مما ينسبونه إلى الصحابة أنهم مختلفون في العقيدة، فهم لم يختلفوا في شيء. الفتاوى له(2/85)، أما شيخ الإسلام فيقول في مجموع الفتاوى (24/172،173): "وربما اختلف قولهم في المسألة العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين نعم من خالف الكتاب المستبين والسنة المستفيضة أو ما أجمع عليه سلف الأمة خلافا لا يعذر فيه فهذا يعامل بما يعامل به أهل البدع.
فعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قد خالفت ابن عباس وغيره من الصحابة في أن محمدا رأى ربه وقالت: من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله تعالى الفرية وجمهور الأمة على قول ابن عباس مع أنهم لا يبدعون المانعين الذين وافقوا أم المؤمنين رضي الله عنها وكذلك أنكرت أن يكون الأموات يسمعون دعاء الحي لما قيل لها أن النبي قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، فقالت إنما قال أنهم ليعلمون الآن أن ما قلت لهم حق ومع هذا فلا ريب أن الموتى يسمعون خفق النعال كما ثبت عن رسول الله: وما من رجل يمر بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام، صح ذلك عن النبي إلى غير ذلك من الأحاديث وأم المؤمنين تأولت والله يرضى عنها.
وكذلك معاوية نقل عنه في أمر المعراج أنه قال إنما كان بروحه والناس على خلاف معاوية رضي الله عنه ومثل هذا كثير".
ويقول في درء التعارض (1/272،273): "ولهذا كان أصحاب رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ــ والتابعون لهم بإحسان وإن تنازعوا فيما تنازعوا فيه من الأحكام فالعصمة بينهم ثابتة، وهم يردون ما تنازعوا فيه إلى الله والرسول فبعضهم يصيب الحق فيعظم الله أجره ويرفع درجته وبعضهم يخطئ بعد اجتهاده في طلب الحق فيغفر الله له خطأه تحقيقا لقوله تعالى (رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)= =[البقرة:286] سواء كان خطؤهم في حكم علمي أو حكم خبري نظري كتنازعهم في الميت هل يعذب ببكاء أهله عليه وهل يسمع الميت قرع نعالهم وهل رأى محمد ربه.
وأبلغ من ذلك أن شريحا أنكر قراءة من قرأ (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) [الصافات:12] وقال إن الله لا يعجب فبلغ ذلك إبراهيم النخعي فقال: إنما شريح شاعر يعجبه علمه كان عبد الله أعلم منه أو قال أفقه منه، وكان يقرأ بل عجبت، فأنكر على شريح إنكاره مع أن شريحا من أعظم الناس قدرا عند المسلمين ونظائر هذا متعددة".

([11]) مجموع الفتاوى(11/15) وقال قبل ذلك: " فمن جعل طريق أحد من العلماء والفقهاء أو طريق أحد من العباد والنساك أفضل من طريق الصحابة فهو مخطئ ضال مبتدع، ومن جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا فهو مخطئ ضال مبتدع، ثم الناس في الحب والبغض والموالاة والمعاداة هم أيضا مجتهدون يصيبون تارة ويخطئون تارة".

([12]) الشيخ ربيع يرى أن الحسنات لا عبرة بها في الدنيا، أما في الآخرة فالله هو المثيب، وإليك أخي القارئ كلام شيخ الإسلام الموضِّح لمقصده كما في الفتاوى الكبرى (5/343): "فإن الصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة أنه قد يجتمع في الشخص الواحد والطائفة الواحدة ما يحمد به من الحسنات وما يذم به من السيئاتوما لا يحمد به ولا يذم من المباحث والعفو عنه من الخطأ والنسيان بحيث يستحق الثواب على حسناته ويستحق العقاب على سيئاته بحيث لا يكون محمودا ولا مذموما على المباحات والمعفوات وهذا مذهب أهل السنة في فساق أهل القبلة ونحوهم وإنما يخالف هذا الوعيدية من الخوارج والمعتزلة ونحوهم الذين يقولون من استحق المدح لم يستحق الثواب.. [ثم قال رحمه الله ما يُبيِّن من أنه يتكلم عن الدنيا] ولهذا يكثر في الأمة من أئمة الأمراء وغيرهم من يجتمع فيه الأمران فبعض الناس يقتصر على ذكر محاسنه ومدحه غلوا وهوى وبعضهم يقتصر على ذكر مساويه غلوا وهوى [وهذا في الدنيا], ودين الله بين الغالي فيه والجافي عنه وخيار الأمور أوسطها.
ولا ريب أن للأشعري في الرد على أهل البدع كلاما حسنا هو من الكلام المقبول الذي يحمد قائله إذا أخلص فيه النية وله أيضا كلام خالف به بعض السنة هو من الكلام المردود الذي يذم به قائله إذا أصر عليه بعد قيام الحجة وإن كان الكلام الحسن لم يخلص فيه النية والكلام السيئ كان صاحبه مجتهدا مخطئا مغفورا له خطأه لم يكن في واحد منهما مدح ولا ذم بل يحمد نفس الكلام المقبول الموافق للسنة ويذم الكلام المخالف للسنة.
وإنما المقصود أن الأئمة المرجوع إليهم في الدين مخالفون للأشعري في مسألة الكلام وإن كانوا مع ذلك معظمين له في أمور أخرى وناهين عن لعنه وتكفيره ومادحين له بماله من المحاسن".

([13]) الشيخ ابن باز سُئل: عندما ننكر الأخطاء والبدع التي يقع فيها من له تأثير على الناس وتنتشر بدعته خصوصا العقيدة ويغالي فيها. عندما ننكر بدعة يتصدى لها البعض بدعوى أن الحق يتطلب ذكر الحسنات والعيوب. وأن جهاده في الدعوة وقدمه يحول دون نقده علنا. نرجوا بيان المنهج الحق. هل يلزم ذكر الحسنات, وهل السابقة في الدعوة تعفي من ذكر أخطائه المشتهرة والمترددة بين الناس؟
فأجاب رحمه الله: الواجب على أهل العلم إنكار البدع والمعاصي الظاهرة بالأدلة الشرعية, وبالترغيب والترهيب والأسلوب الحسن, ولا يلزم عند ذلك ذكر حسنات المبتدع, ولكن متى ذكرها الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لمن وقعت البدعة أو المنكر منه, تذكيرا له بأعماله الطيبة, وترغيبا له في التوبة فذلك حسن, ومن أسباب قبول الدعوة والرجوع إلى التوبة. وفق الله الجميع. مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله(9/352)، فابن باز رحمه الله لا يرى عدم الذكر بإطلاق.





__________________
قال بعض المشايخ الأفاضل :
إن من سنن الله الشرعية والكونية ما يكون بين الحق والباطل من نزاع ، وبين الهدى والضلال من صراع ، ولكل أنصار وأتباع ، وَذادَة وأشياع .
وكلما سمق الحق وازداد تلألؤاً واتضاحاً ، إزداد الباطل ضراوة وافتضاحاً
رد مع اقتباس