عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-05-2013, 12:28 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي



لست من طلاب الحديث لكن حسبي أن أنقل ما وقفت عليه، لعل في ذلك تنشيطاً للأخوة الكرام .

القصة ذكرها عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه ، فقال: " 17077 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ أَبُو مِحْجَنٍ لَا يَزَالُ يُجْلَدُ فِي الْخَمْرِ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِمْ سَجَنُوهُ وَأَوْثَقُوهُ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْقَادِسِيَّةِ رَآهُمْ يَقْتَتِلُونَ، فَكَأَنَّهُ رَأَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَصَابُوا فِي الْمُسْلِمِينَ فَأَرْسَلَ إِلَى أُمِّ وَلَدِ سَعْدٍ أَوْ إِلَى امْرَأَةِ سَعْدٍ يَقُولُ لَهَا: إِنَّ أَبَا مِحْجَنٍ يَقُولُ لَكِ: «إِنْ خَلَّيْتِ سَبِيلَهُ وَحَمَلْتِيهِ عَلَى هَذَا الْفَرَسِ، وَدَفَعْتِ إِلَيْهِ سِلَاحًا لَيَكُونَنَّ أَوَّلَ مَنْ يَرْجِعُ إِلَّا أَنْ يَقْتُلَ»، وَقَالَ أَبُو مِحْجَنٍ يَتَمَثَّلَ:
[البحر الطويل]
كَفَى حُزْنًا إِنْ تَلْتَقِيَ الْخَيْلُ بِالْقِنَا ... وَأُتْرَكَ مَشْدُودًا عَلَيَّ وَثَاقِيَا
إِذَا شِئْتُ عَنَّانِي الْحَدِيدُ وَغُلِّقَتْ ... مَصَارِيعُ مَنْ دُونِي تُصَمَّ الْمُنَادِيَا،
فَذَهَبَتِ الْأُخْرَى فَقَالَتْ: ذَلِكَ لِامْرَأَةِ سَعْدٍ، فَحَلَّتْ عَنْهُ قُيُودَهُ، وَحُمِلَ عَلَى فَرَسٍ كَانَ فِي الدَّارِ وَأُعْطِيَ سِلَاحًا، ثُمَّ جَعَلَ يَرْكُضُ حَتَّى لَحِقَ بِالْقَوْمِ، فَجَعَلَ لَا يَزَالُ يَحْمِلُ عَلَى رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ، وَيَدُقُّ [ص:244] صُلْبَهُ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ سَعْدٌ، فَتَعَجَّبَ، وَقَالَ: «مَنْ هَذَا الْفَارِسُ؟» قَالَ: " فَلَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى هَزَمَهُمُ اللَّهُ فَرَجَعَ أَبُو مِحْجَنٍ وَرَدَّ السِّلَاحَ، وَجَعَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْقُيُودِ كَمَا كَانَ، فَجَاءَ سَعْدٌ، فَقَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ - أَوْ أُمُّ وَلَدِهِ: كَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ؟ فَجَعَلَ يُخْبِرُهَا وَيَقُولُ: لَقِينَا وَلَقِينَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ رَجُلًا عَلَى فَرَسٍ أَبْلَقَ، لَوْلَا أَنِّي تَرَكْتُ أَبَا مِحْجَنٍ فِي الْقُيُودِ لَظَنَنْتُ أَنَّهَا بَعْضُ شَمَائِلِ أَبِي مِحْجَنٍ، فَقَالَتْ: وَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَبُو مِحْجَنٍ، كَانَ مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا، فَقَصَّتْ عَلَيْهِ الْقِصَّةُ قَالَ: " فَدَعَا بِهِ وَحَلَّ عَنْهُ قُيُودَهُ، وَقَالَ: " لَا نَجْلِدُكَ فِي الْخَمْرِ أَبَدًا، قَالَ أَبُو مِحْجَنٍ: وَأَنَا وَاللَّهِ لَا تَدْخُلُ فِي رَأْسِي أَبَدًا، إِنَّمَا كُنْتُ آنَفُ أَنْ أَدَعَهَا مِنْ أَجْلِ جَلْدِكَ قَالَ: فَلَمْ يَشْرَبْهَا بَعْدَ ذَلِكَ
" (9/243) .

وجاء في خزانة الأدب (414 -8/407) : " وأبو محجن شاعر صحابي له سماعٌ ورواية . كذا في الاستيعاب كما يأتي .
وإنما أثبت له السيوطي في شرح أبيات المغني رواية ولم يذكر أن له سماعاً . ونفاها أيضاً الذهبي في تاريخ الإسلام . وقال في التجريد : أبو محجن الثقفي عمرو بن حبيب وقيل : مالك بن حبيب وقيل : عبد الله . كان فارساً شاعراً من الأبطال لكن جلده عمر رضي الله عنه في الخمر مرات ونفاه إلى جزيرة في البحر فهرب ولحق بسعد وهو يحارب الفرس فحبسه . وله أخبارٌ . روى عنه أبو سعدٍ البقال . انتهى .
ورواية أبي سعد البقال عن أبي محجن إنما هو بتدليس لأنه لم يدرك عصره . وقد ذكروه في الضعفاء .
وقيل إن اسمه أبو محجن وهي كنيته أيضاً . وهو بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم .
وهذه ترجمته من الاستيعاب تأليف أبي عمر يوسف الشهير بابن عبد البر قال : أبو محجن )
الثقفي اختلف في اسمه فقيل : مالك بن حبيب وقيل : عبد الله ابن حبيب بن عمرو بن عمير أسلم حين أسلمت ثقيف . وسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه . حدث عنه أبو سعدٍ البقال قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي ثلاث : إيمانٌ بالنجوم وتكذيبٌ بالقدر وحيف الأئمة .
وكان أبو محجن هذا من الشجعان الأبطال في الجاهلية والإسلام من أولي البأس والنجدة ومن الفرسان البهم . وكان شاعراً مطبوعاً كريماً إلا أنه كان منهمكاً بالشراب لا يكاد يقلع عنه ولا يردعه حدٌّ ولا لوم لائم . وكان أبو بكر الصديق يستعين به .
وجلده عمر بن الخطاب في الخمر مراراً ونفاه إلى جزيرة في البحر وبعث معه رجلاً فهرب منه ولحق بسعد بن أبي وقاص بالقادسية . وهو محاربٌ للفرس . وكان قد هم بقتل الرجل الذي بعثه عمر معه فأحس الرجل بذلك وخرج فاراً ولحق بعمر وأخبره خبره فكتب عمر إلى سعد بحبس أبي محجن فحبسه .
حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الرزاق عن ابن جريج قال : بلغني أن عمر بن الخطاب حد أبا محجن الثقفي سبع مرات . ذكر ذلك عبد الرزاق في باب من حد من الصحابة في الخمر .
قال : وأخبرنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين : قال : كان أبو محجن الثقفي لا يزال يجلد في الخمر فلما كثر عليهم سجنوه وأوثقوه فلما كان يوم القادسية رآهم يقتتلون فكأنه رأى أن المشركين قد أصابوا من المسلمين فأرسل إلى أم ولد سعد أو إلى امرأة سعد يقول لها : إن أبا محجن يقول لك : إن خليت سبيله وحملته على هذا الفرس ودفعت إليه سلاحاً ليكونن أول من يرجع إليك إلا أن يقتل .
وأنشد يقول : الطويل ( كفى حزناً أن تلتقي الخيل بالقنا ** وأترك مشدوداً علي وثاقيا ) ( إذا قمت غناني الحديد وغلقت ** مصارع دوني قد تصم المناديا ) ( وقد كنت ذا مالٍ كثير وإخوةٍ ** فقد تركوني واحداً لا أخا ليا ) ( وقد شف نفسي أنني كل شارقٍ ** أعالج كبلاً مصمتاً قد برانيا ) ( فلله دري يوم أترك موثقاً ** وتذهل عني أسرتي ورجاليا ) ) ( حبست عن الحرب العوان وقد بدت ** وإعمال غيري يوم ذاك العوالي )
( ولله عهدٌ لا أخيس بعهده ** لئن فرجت أن لا أزور الحوانيا ) فذهبت الأخرى فقالت ذلك لامرأة سعد فحلت عنه قيوده وحمل على فرس كان في الدار وأعطي سلاحاً ثم خرج يركض حتى لحق بالقوم فجعل لا يزال يحمل على رجل فيقتله ويدق فنظر إليه سعدٌ فجعل يتعجب ويقول : من ذلك الفارس قال : فلم يلبثوا إلا يسيراً حتى هزمهم الله ورجع أبو محجن ورد السلاح وجعل رجليه في القيود كما كان .
فجاء سعد فقالت له امرأته أو أم ولده : كيف كان قتالكم فجعل يخبرها ويقول : لقينا ولقينا حتى بعث الله رجلاً على فرسٍ أبلق لولا أني تركت أبا محجنٍ في القيود لظننت أنها بعض شمائل أبي محجن فقالت : والله لأبو محجن كان من أمره كذا وكذا . فقصت عليه قصته .
فدعا به وحل قيوده وقال : لا نجلدك على الخمر أبداً . قال أبو محجن : وأنا والله لا أشربها أبداً .
كنت آنف أن أدعها من أجل جلدكم . قال : فلم يشربها بعد ذلك .
وروى صاحب الاستيعاب بسنده إلى إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال : لما كان يوم القادسية أتي سعد بأبي محجن وهو سكران من الخمر فأمر به إلى القيد وكان سعدٌ به جراحة فلم يخرج يومئذ إلى الناس واستعمل على الخيل خالد بن عرفطة ورفع سعدٌ فوق العذيب لينظر إلى الناس فلما التقى الناس قال أبو محجن :
كفى حزناً أن تردي الخيل بالقنا . . . . . . . . . . الأبيات السابقة فقال لابنة خصفة امرأة سعد : ويحك خليني ولك علي إن سلمني الله أن أجيء حتى أضع رجلي في القيد وإن قتلت استرحتم مني .
فخلته فوثب على فرس لسعدٍ يقال لها : البلقاء ثم أخذ الرمح ثم انطلق حتى أتى الناس فجعل لا يحمل في ناحيةٍ إلا هزمهم فجعل الناس يقولون : هذا ملكٌ : وسعد ينظر فجعل سعد يقول : الضبر ضبر البلقاء والطعن طعن أبي محجن وأبو محجن في القيد فلما هزم العدو رجع أبو محجن حتى وضع رجله في القيد فأخبرت ابنة خصفة سعداً بالذي كان من أمره . فقال : لا والله ما أبلى أحدٌ من المسلمين ما أبلى في هذا اليوم لا أضرب رجلاً أبلى في المسلمين ما أبلى قال : فخلى سبيله .
وقال أبو محجن : كنت أشربها إذ يقام علي الحد وأطهر منها فأما إن بهرجتني فوالله لا أشربها )
أبداً " . إلى أن قال :

ونقل ابن حجر في الإصابة عن ابن فتحون فيما كتبه على أوهام الاستيعاب أنه عاب أبا عمر على ما ذكر في قصة أبي محجن أنه كان منهكماً في الشراب فقال : كان يكفيه ذكر حده عليه والسكوت عنه أليق .
والأولى في أمره ما أخرجه سيف في الفتوح : أن امرأة سعدٍ سألته فيما حبس فقال : والله ما حبست على حرام أكلته ولا شربته ولكني كنت صاحب شراب في الجاهلية فجرى كثيراً على لساني وصفها فحبسني بذلك فأعلمت بذلك سعداً فقال : اذهب فما أنا بمؤاخذك بشيء تقوله حتى تفعله .
قال ابن حجر : وسيفٌ ضعيف والروايات التي ذكروها أقوى وأشهر . وأنكر ابن فتحون قول من روى أن سعداً أبطل عنه الحد وقال : لا يظن هذا بسعد ثم قال : لكن له وجه حسن ولم يذكروه .
وكأنه أراد أن سعداً أراد بقوله لا يخلده في الخمر بشرطٍ أضمره وهو إن ثبت عليه أنه يشربها .
فوفقه الله أن تاب توبةً نصوحاً فلم يعد إليها كما في بقية القصة
".

قال ابن قتيبة الدينوري:
حدّثني يزيد بن عمرو قال: حدّثنا أشهل بن حاتم قال: حدّثنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال: كان سعد على ظهر بيت وهو شاكٍ والمشركون يفعلون بالمؤمنين ويفعلون. وأبو محجن في الوثاق عند أم ولد لسعد فأنشأ يقول:
كفى حزنا أن تلتقي الخيل بالقنا ... وأترك مشدوداً عليّ وثاقيا
إذا شئت غنّاني الحديد وغلّقت ... مغاليق من دوني تصمّ المناديا
فقالت له أم ولد سعد: أتجعل لي إن أنا أطلقتكن أن ترجع إليّ حتى أعيدك في الوثاق؟ قال: نعم. فأطلقته فركب فرساً بلقاء لسعد وحمل على المشركين، فجعل سعد يقول: لولا أن أبا محجن في الوثاق لظننت أنه أبو محجن وأنهم فرسي. فانكشف المشركون وجاء أبو محجن فأعادته في الوثاق وأتت سعدا فأخبرته، فأرسل إلى أبي محجن فأطلقه وقال: واللّه لا حبستكن فيهم أبدا. يعني الخمر، فقال أبو محجن: وأنا واللّه لا أشربهم بعد اليوم أبداً". (عيون الأخبار) .


رد مع اقتباس