عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 05-30-2011, 03:15 PM
مختار طيباوي مختار طيباوي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
المشاركات: 182
افتراضي حقيقة طريقة اهل الستة في الاستدلال


الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد..
أولا: أقول لأخي الفاضل "أبو سارية ": إحصر المواضع الغامضة في المقال و يسرني أن اشرحها و أبسطها قدر استطاعتي.
ثانيا:المقصود، طريقة أهل السنة اعتماد النص كمصدر للمعرفة الشرعية و ما يتعلق بها، لا الاستدلال بالإنشاء و الخطابة و الكلام المرسل،أو حصر طرق الاستدلال في طريقة واحدة.
و الأدلة العقلية الصحيحة منهج قرآني، و كما قال شيخ الإسلام في( المنهاج){110/2}: (( الكتاب و السنة يدل بالإخبار تارة، ويدل بالتنبيه تارة، و الإرشاد و البيان للأدلة العقلية تارة))
ومن لا يعرف المنطق يحكم عليه حكم جاهل أو مقلد، فإن في المنطق قضايا صحيحة أخذوها من الاستدلال الفطري نستدرك عليهم عندما يعتبرونها من اختراعهم، و تطويلها بما لا يجدي، أو تضييق ضروب المعرفة و الاستدلال.
وقد كتبت في المنطق نقضا له عشرات المقالات ،ولكني بخلاف غيري أفرق بين مسائله الباطلة، وبين المسائل التي ليست من خصائصه، فمصطلح" مقدمة"، و "نتيجة"، و "تلازم"،و "المقدمة تتبع أضعف المقدمات"، ليس من خصائص علم المنطق،بل هذا كلام هو في نفسه حق،الفارق كيف تستعمله أي التفريق بين مادة الدليل و صورة الدليل،فاستعمال هذه العبارات ما هو إلا صورة الدليل.
أما مادة الدليل فهي النصوص و الإجماع، و ما تدل عليه النصوص بمختلف الطرق الاستدلالية، و النقل عن أئمة السنة.
والأحوال الحاصلة مع عدم العقل ناقصة ، والأقوال المخالفة للعقل باطلة ، والرسل جاءت بما يعجز العقل عن دركه ، لم تأت بما يعلم بالعقل امتناعه.
ومن أهل الحديث من يقترب إلى المتكلمة فيعارض به السنن الثابتة ، ومنهم من يقترب إلى المتصوفة فيعزل العقل عن محل الولاية ، ومثل ماهم في العقل هم في الوجد سواء بسواء. (انظر المجموع:210/3).
وحتى تستخرج التلازم من كلام المخالف يجب أن تقسمه إلى مقدمات، و تنظر في وجه الربط بينها هل هو تلازم أو طفرة النظام؟!
والدليل هو المرشد إلى المطلوب، وهو الموصل إلى المقصود، وهو ما يكون العلم به مستلزما للعلم بالمطلوب.
أو ما يكون النظر الصحيح فيه موصلا إلى المطلوب، وهو ما يكون النظر الصحيح فيه موصلا إلى علم أو إلى اعتقاد راجح.
ضوابط الدليل:
ثم الضابط في الدليل أن يكون مسستلزما للمدلول، فكل ما كان مستلزما لغيره أمكن أن يستدل به عليه أن كان التلازم من الطرفين أمكن أن يستدل بكل منهما على الآخر فيستدل المستدل مما علمه منهما على الآخر الذي لم يعلمه.
ثم إن كان اللزوم قطعيا كان الدليل قطعيا، وإن كان ظاهرا وقد يتخلف كان الدليل ظنيا.
فالأول كدلالة المخلوقات على خالقها سبحانه وتعالى وعلمه وقدرته ومشيئته ورحمته وحكمته، فان وجودها مستلزم لوجود ذلك، ووجودها بدون ذلك ممتنع، فلا توجد إلا دالة على ذلك.الرد على المنطقيين
و المقصود أن التلازم شرط في جميع أنواع الأدلة ،فوجود الملزوم يقتضي وجود اللازم، وانتفاء اللازم يقتضى انتفاء الملزوم.
وهذا يشمل جميع أنواع الأدلة سواء سميت براهين أو أقيسة أو غير ذلك فان كل ما يستدل به على غيره فانه مستلزم له فيلزم من تحقق الملزوم الذي هو الدليل تحقق اللازم الذي هو المطلوب المدلول عليه، ويلزم من انتفاء اللازم الذي هو المدلول عليه انتفاء الملزوم الذي هو الدليل.
و الاختلاف بينها لا يكون إلا في التأليف للألفاظ و المعاني من غير أن نحصر الناس في عبارة واحدة كما يفعل المناطقة، لأنه كما يقال: إذا اتسعت العقول و تصوراتها اتسعت عباراتها،و إذا ضاقت العقول والتصورات بقي صاحبها كأنه محبوس العقل و اللسان.
فقد يكون الاستدلال بالتراجع ،ومقالي المستدرك عليه من قبل بعض الإخوة مبني على طريقة الاستنباط المباشر، وهو الاستنباط الذي يتم بدون الحاجة إلى حد ثالث، فأنا أستنبط قضية من قضية أخرى عن طريق التقابل و العكس ،و عكس النقيض، فمن اعتبر هذا ليس من طريقة أهل السنة فقد قال بما يعلم.
لكن أهل العلم يعرفون أن أهل السنة يستدلون بالأدلة على المدلولات وإن لم يسلكوا اصطلاح طائفة معينة من أهل الكلام، ولا المنطق، ولا غيرهم، فالعلم بذلك الملزوم لا بد أن يكون بيّنا بنفسه، أو بدليل آخر.
وعندما ننظر في كتاب (الرد على الجهمية) للإمام أحمد،كما في دليله عن تعدد الصفات لا يستلزم تعدد الموصوف ،و المثال الذي ضربه بالنخلة ، نعلم انه استدل بدليل عقلي رتبه من نفسه ،و إن كان هذا الطريق في الاستدلال له اسم عند المناطقة.
وعليه،يجب دائما الاحتراس من الخلط بين القدر المميز والقدر المشترك في جميع المسائل.
هذه توضيحات احببت ألحاقها تباعا دفعا للشبهات وتقوية للإخواني من طلبة العلم،اما صلب الموضوع فسيأتي بإذن الله في مقال مستقل.
رد مع اقتباس