عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-25-2010, 11:29 AM
أحمد جمال أبوسيف أحمد جمال أبوسيف غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,209
افتراضي الخطر الأكبر في الأطماع الفارسية وليس في الدولة اليهودية د.عبد العزيز بن ندى العتيبي

بسم الله الرحمن الرحيم


الخطر الأكبر في الأطماع الفارسية وليس في الدولة اليهودية


تواجه الأمة العربية والإسلامية أخطاراً تهددها من كل اتجاه، ومنذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم، وقد أذن الأمر بالإخراج والإيذاء والمحاربة والعداء، قال تعالى:﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ[آل عمران: 195]، وكذلك جاء الإخبار بذلك العداء والإيذاء للإسلام وأهله لما رواه البخاري (4)، ومسلم (160) في صحيحيهما عند ذكر عائشة رضي الله عنها لقصة خبر بدء الوحي الطويلة ... وفيه أن خديجة ابنة خويلد رضي الله عنها أخبرت ورقة بن نوفل - وكان رجلاً نصرانياً - بما حدث من نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟! فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقاله له ورقة: هذا الناموس الذي نزله الله على موسى، يا ليتني فيها جذعاً، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أومخرجي هم ؟!»، قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يد ركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً . ويستفاد من الحديث:
أولا: الإخراج من الأرض والأوطان :1- قول ورقة بن نوفل: ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك.
2-قوله:«أومخرجي هم؟!»، قال: نعم. وحدث الإخراج لقولهتعالى:﴿إِلا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا[التوية:40].
ثانياً: المعاداة والحرب والإيذاء، لقول ورقة: لَم يأت رجل قط بمثل ما جئت به [إلا عودي] . والأبلغ قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلاَ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ [الأنعام: 34]، فما برح الأعداء يتربصون بهذه الأمة الدوائر، ويحيكون لها المؤامرات، ويهددون حصونها من كل جهة، كل حَسْب دوافعه؛ عقدية كانت أو قومية وعرقية، أو دوافع الحسد والحقد والكراهية، وذهاب المصالح الدنيوية .
عداوة اليهود للعرب والمسلمين
لا يشك عاقل بعداء اليهود للعرب والمسلمين من أيام المدينة وخيبر ممثلا ببني قريظة وبني قيناقع وبني النضير، حتى دولة اليهود المعاصرة [إسرائيل]، فهم أحد أعداء الأمة، والواجب اتخاذ الحذر والحيطة؛ حيال هذا العدو الذي يهدد الأمة .
عداوة الفرس أخطر من عداوة اليهود
لقد قامت الدولة الفارسية بارتكاب أبشع الجرائم في حق المسلمين، فقد سفكت الدماء، وهتكت الأعراض، ونُحر الناسُ كالخراف، وذلك عبر دويلات متعاقبة؛ كالدولة الصفوية المشؤومة، وغيرها التي تمارس الإرهاب والدمار والخراب في كل واد، ولا يزال الأمر مستمراً حتى يومنا هذا. ولقد سَلبت الحقوق، وصادرت الممتلكات، واحتلت من الأراضي أضعاف ما تحتله إسرائيل اليهودية .
خطاب موجه إلى العقل العربي المصادر
وإلى بعض الجماعات الإسلامية
[إسرائيل لم تسفك في تاريخها معشار العشر من الدماء التي سفكت بأيدٍ فارسية]
أيها الجماعات الإسلامية! ويا دعاة الحزبية! إن إسرائيل اليهودية؛ رغم أنها عدوٌ بالاتفاق؛ وقتلت وسفكت الدماء، لكنها لَم تسفك من الدماء جزءا من مِعشارٍ العُشرِ، مما فعله الفرس بالعرب والمسلمين، ولم تزهق عدداً هائلاً من أرواح ونفوس بريئة؛ ذهبت قرباناً للشعوبية، وبسيوفٍ فارسية تقطر دماءً زكية، فمن الأخطر ؟! عباد الله! هل قلوبكم من حجر ؟! ﴿أَفَلاَ تَعْقِلُونَ...
[ما احتلته إسرائيل لن يبلغ شبراً من المساحات والجزر التي صادرتها الجهات الفارسية]
أيها الجماعات الإسلامية! إن إسرائيل اليهودية تحتل أراضي عربية إسلامية، ولا ينكر ذلك إلا مكابر، ولكنها لن تستطيع أن تبلغ عشر العشر من المساحات والجزر والممتلكات التي تم الاستيلاء عليها، وصادرتها الجهات الفارسية، وابتلعها القرش الفارسي؛ فمن الأخطر؟! ﴿أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ...
[إسرائيل اليهودية لا تحارب حرية الاعتقاد والعبادة، بخلاف ما يحدث داخل الدولة الفارسية]
أيها الجماعات الإسلامية! ويا أيها العقول العربية! إن إسرائيل اليهودية لا تحارب حرية الاعتقاد والعبادة، وتسمح بممارسة العبادات، بخلاف ما يحدث داخل مقاطعات الإمبراطورية الفارسية، فإن المسلمين لا يستطيعون إعلان المعتقدات وممارسة العبادات، ولا يكون ذلك إلا سراً؛ فهم لا يدينون بالمجوسية، ولا يؤمنون بالثنوية والاعتقاد بالنور والظلمة . فمن الأخطر ؟ ﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ ...
لعبت دور القومية العربية وبعض الجماعات الإسلامية في خلط أوراق الأعداء
القومية العربية دوراً مشوهاً في تحديد العدو الأول والأشد خطراً بحسب ثقافة قادتها ومصالحها، وجعلت من الصراع العربي الإسرائيلي القضية الكبرى، فنشأت أجيال من هذه الأمة لا تعرف العدو الحقيقي الذي حدده الشرع وجعله الأخطر عداوة، والأشد ضراوة، وفُرِضَتْ على الأمة معاداةٌ مقلوبة أو معاداةُ من اتخذته القومية العربية عدواً، وأهملت، بل قرّبت بعض الأعداء وجعلتهم أصدقاء، من عبّاد الطبيعة والذين شابهوا في معتقداتهم غلاة الدهرية، كـ(الاتحاد السوفيتي)، لا يعرفون رباً ولا يؤمنون بالله الواحد القهار.
مصالح بعض الجماعات الإسلامية جعلت من إسرائيل العدو الأخطر
وممن شارك في خلط الأوراق وقدم وأخر، ومارس العبث في أمن الأمة الإسلامية والعربية، تلك الجماعات الإسلامية، التي جعلت العدو الأخطر محصوراً فيمن يهدد تواجدها الحزبي، لا من يهدد أمن ومصالح الأمة العربية والإسلامية، وأما من عُرفَ بعداوته للأمة والشعوب الإسلامية؛ ولكنه لا يمثل تهديداً لمصالحها الخاصة، فهو الأقل خطراً وضرراً، بل يبلغ الأمر أن لا يُعَدُّ عدواً !! وبذلك صادروا الأمن العام لهذه الأمة، من أجل استمرار وبقاء مصالح ضيقة لهذه الجماعة أو تلك الطائفة، فجعلوا الشعوب تعيش نوعاً من فقدان التركيز، مما جعلها لا تستطيع تمييز الحدود المهددة بالأخطار من غيرها، ولا تعرف الثغور التي تحتاج الحماية، وأصبحت تعاني التبلد وفقدان الحس اتجاه الأخطار التي تهدد مصالحها، وهكذا تسقط الأمم بأيدي زمرة من أبنائها .
مصالح الجماعات يجب أن تتوقف عن التلاعب بأمن الأمة
إن أفكار الجماعات الإسلامية لن تثنينا عن معرفة الحقيقة بميزان شرعي دقيق، ولن نستسلم لقلب الحقائق، ومصادرة العقول، وإننا على يقين تام أن بعض الجماعات تترس خلف استمرار الصراع العربي الإسرائيلي، وتحارب الصلح والمعاهدات التي تعقد مع اليهود، فإن تَوَقُّفَ ذلك الصراع؛ يعني إطلاق رصاصة النهاية على هذه الجماعات، بل العجب أن بعض الجماعات لا يتمنى مغادرة إسرائيل لفلسطين، فمبادئها وكيانها يدوران مع تأجيج العداء لإسرائيل وجودا وعدماً؛ ففي وجود صراع عربي إسرائيلي وجود لَها، وعدمه عدم ونهاية لَها، ويدفع ثمن ذلك الشعب الأعزل .

لماذا البوح بالصراع العربي الإسرائيلي، وكتمان الصراع العربي الفارسي؟
أولا: الجهل بالعلم الشرعي وعدم اتخاذ الكتاب والسنة مصدراً للسياسة الشرعية .
ثانياً: كثير من الجماعات والأحزاب تقتات على الصراع العربي الإسرائيلي
فإياك إياك أن تتصور في يومٍ ما أن هذه الأحزاب ستُفرط في هذا الأمر، وسيقاتلون دون هذه المكتسبات، ولذا فإنه لا غرابة عندما ترى هذه الجماعات والأحزاب تعمل جاهدة على استفزاز اليهود، وتأجيج الصراع وتذكيته؛ حتى لا تُلفت الأنظار إلى ممارسات العدو الفارسي، الذي ينهش في جسد الأمة، وكذا غيره من الأعداء، ولذلك قد تعجب عندما تعلم أن كثيراً من الجماعات والتكتلات والأحزاب؛ لا يريدون أن يَتَنَبَّه العرب والمسلمون للعداوة الفارسية، ويحاولون إهمالَها ولفت الأنظار عنها، والنفخ في القضية اليهودية؛ خشية فقدان لقمة العيش، وذهاب تلك الكيانات الرخيصة التي تعيش على أشلاء شعبها، والدماء الزكية لهذه الأمة.
ثالثاً: تآمر بعض الأحزاب بالإهمال العمد وتقليل شأن الخطر الفارسي
وهذا الدور تقوم به بعض لجهات من أجل أن يُمارس المد الفارسي دوره بِهدوء وغفلة، ويفتك بالأمة التي شغلوها بقضية صراع العدو الإسرائيلي، ولذلك يعملون على تضخيمه والنفخ في ناره، وجعله القضية الرئيسة، متناسين أن الأطماع من كل الأمم والملل تحيط بهذه الأمة؛ لما حباها الله من خيرات الدنيا والآخرة، ومتناسين أو متغافلين حنين الأعداء، والبحث عن فرصة الانقضاض على الأمة العربية والإسلامية من شرق الدنيا وغربها.
الخلاف الفارسي مع اليهود والنصارى
خلاف مصالح حول التركة والضحية
هناك وئام فارسي أمريكي إسرائيلي دائم، قد يتحول في لحظة ما إلى عداء عند اختلاف المصالح وتعارضها، فالأخوة يختلفون على التركة، و ما حروب هتلر وغاراته عنا ببعيد، فالزعيم الألماني اجتاح أوروبا طمعاً، ولاختلاف المصالح، وتعارضها مع جيرانه، ولَم تثنه عن ذلك أُخُوَّةٌ، أو وحدة الديانة، ولذلك لا تغتروا بالخلاف الفارسي الإسرائيلي المعلن، فهو خلاف حول قسمة المنطقة العربية والإسلامية، و من سيكون صاحب القسم الأكبر، ولا تفاجأ إن رأيت حرباً فارسية يهودية، فإنها لا تعني عداءً إسرائيلياً للفرس، ولا كرهاً وبغضاً فارسياً لإسرائيل من أجل العرب – المغرر بِهم- بل القوم يقتتلون لاختلاف المصالح حول الضحية ... أتعلم ما التركة؟! ومن الضحية؟! إنهم العرب والمسلمون .

الدكتـور/عبد العزيز بن ندَى العتيبي
__________________
{من خاصم في باطل وهو يعلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع}
رد مع اقتباس