عرض مشاركة واحدة
  #46  
قديم 02-20-2010, 11:30 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي هل عَـقّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه بعد النبوة ؟؟

هل عَـقّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه بعد النبوة ؟؟

قال فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في رسالته " التحفة الكريمة في بيان بعض الأحاديث الموضوعة والسقيمة " :

حديث: (( أن النبي صلى الله عليه وسلم عقّ عن نفسه بعد النبوة )) ضعيف أو موضوع.


قال النووي - رحمه الله - في شرح المهذب جـ 8 ص330 ما نصه : وأما الحديث الذي ذكره في عقِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه فرواه البيهقي بإسناده عن عبد الله بن محرر بالحاء المهملة والراء المكررة عن قتادة عن أنس بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - عَـقّ عن نفسه بعد النبوة وهذا حديث باطل.

قال البيهقي: هو حديث منكر. وروى البيهقي بإسناده عن عبد الرزاق، قال: إنما تركوا عبد الله بن محرر بسبب هذا الحديث.

وقال البيهقي : وقد رُوِيَ هذا الحديث من وجه آخر عن قتادة، ومن وجه آخر عن أنس ليس بشيء فهو حديث باطل، وعبد الله بن محرر ضعيف متفق على ضعفه.

قال الحافظ : هو متروك، والله تعالى أعلم.

وقال ابن قدامة في المغني جـ 8 ص 646 ما نصه : وإن لم يُعَقّ عنه أصلاً فبلغ الغلام وكسب فلا عقيقة عليه.

وسئل أحمد عن هذه المسألة، فقال : ذلك على الوالد؛ يعني لا يَعِقّ عن نفسه؛ لأن السّنة في حق غيره.

وقال عطاء والحسن : يَعقّ عن نفسه؛ لأنها مشروعة عنه ولأنه مُرْتَهَنٌ بها، فينبغي أن يشرع له فكاك نفسه.
ولنا أنها مشروعة في حق الوالد فلا يفعلها غيره، كالأجنبي كصدقة الفطر.. أ.هـ.

وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله - في (تُحفة المودود في أحكام المولود) ما نصه : الفصل التاسع عشر: حكم من لم يعق عنه أبواه هل يعق عن نفسه إذا بلغ ؟.

قال الخلال : باب ما يستحب لمن يعق عنه صغيراً أن يعق عن نفسه كبيراً، ثم ذكر من مسائل إسماعيل بن سعد الشالنجي قال : سألت أحمد عن الرجل يخبره والده أنه لم يعق عنه، هل يعق عن نفسه؟ قال : ذلك على الأب.

ومن مسائل الميموني قال : قلت لأبي عبد الله : إن لم يُعَقّ عنه هل يعق عنه كبيراً ؟ فذكر شيئاً يُرْوى عن الكبير ضعّفه ورأيته يستحسن إن لم يعق عنه صغيراً أن يعق عنه كبيراً.
وقال : إن فعله إنسان لم أكرهه، قال : وأخبرني عبد الملك في موضع آخر أنه قال لأبي عبد الله : فيعق عنه كبيراً، قال : لم أسمع في الكبير شيئاً.

قلت : أبوه معسرٌ ثم أيسر، فأرادَ ألاّ يَدَعَ ابنه حتى عق عنه، قال : لا أدري ولم أسمع في الكبير شيئاً، ثم قال لي : ومن فعله فحسن ومن الناس من يوجبه.

والقول الأول أظهر وهو أنه يُستحب أن يَعقَ عن نفسه؛ لأن العقيقة سنة مؤكدة، وقد تركها والده فشرع له أن يقوم بها إذا استطاع؛ ذلك لعموم الأحاديث ومنها : قوله صلى الله عليه وسلم : ((كل غلام مرتهنٌ بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ويحلق ويسمى))
[1] أخرجه الإمام أحمد، وأصحاب السنن عن سمرة ابن جندب - رضي الله عنه - بإسناد صحيح.
ومنها : حديث أم كرز الكعبية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أنه أمر أن يعق عن الغلام بشاتين وعن الأنثى بشاة))[2] أخرجه الخمسة، وخرج الترمذي وصحح مثله عن عائشة، وهذا لم يوجه إلى الأب فيعم الوالد والأم وغيرهما من أقارب المولود.

قال الحافظ في التقريب : بمهملات الجزري: القاضي متروك الحديث من السابعة.

ويتلخص من ذلك أقوال ثلاثة :

أحدها : أنه يستحب أن يعق عن نفسه لأن العقيقة مؤكدة وهو مرتهن بها.

الثاني : لا عقيقة علية ولا يشرع له العق عن نفسه؛ لأنها سُـنة في حق أبيه فقط.

الثالث : لا حرج عليه أن يَعِقّ عن نفسه وليس ذلك بمستحب؛ لأن الأحاديث إنما جاءت موجهة إلى الوالد.
ولكن لا مانع من أن يعق عن نفسه؛ أخذاً بالحيطة، ولأنها قربة إلى الله - سبحانه -، وإحسانه إلى المولود، وفك لرهانه، فكانت مشروعة في حقه، وحق أمه عنه وغيرهما من أقاربه، والله وليّ التوفيق ] انتهى كلام فضيلة الشيخ ابن باز - رحمه الله -.


**********************

[1] أخرجه أحمد في أول مسند البصريين، ومن حديث سمرة بن جندب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - برقم [19676].
والترمذي في كتاب الأضاحي، باب العقيقة بشاة برقم [1522].
وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب العقيقة برقم [3165].

[2] أخرجه أحمد في باقي مسند الأنصار، باقي المسند السابق برقم [25603] .
والترمذي في كتاب الأضاحي، باب ما جاء في العقيقة برقم [1516].
وأبو داود في كتاب الضحايا، باب في العقيقة برقم [2834].
وابن ماجه في كتاب الذبائح، باب في العقيقة برقم [3163].

انظر : إملاءات الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - في رسالته " التحفة الكريمة في بيان بعض الأحاديث الموضوعة والسقيمة ".

رحم الله أئمتنا أئمة السلف الصالح ... منارات الهدى ... وجزاهم الله ومشايخنا عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء ونفع بهم.

http://www.binbaz.org.sa/mat/8738
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس